تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: هلَّا أنصفتم النساء !

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي هلَّا أنصفتم النساء !

    بسم الله الرحمن الرحيم


    هلَّا أنصفتم النساء !


    الحمد لله الهادي لما اُختلف فيه من الحق بإذنه والصلاة والسلام على محمد خليله وعبده وسلم تسليمًا.
    أما بعد :
    فقد كثُرت المطالبات بإشراك المرأة المسلمة في سوق العمل المختلط بالرجال في البلاد السعودية حرسها الله, كبائعات للملابس النسائية في الأسواق المختلطة ونحو ذلك, بزعم رفع الحرج الناشئ من تعامل النساء مع البائعين الرجال عند شراء مستلزماتهن الخاصة, والعجب لا يكاد ينقضي, وإلا كيف نمنع الحرج العارض, بإقرار الخطر الدائم المتمثل في مكوث المرأة من الجهة الأخرى - كبائعة - تحت سلطة الرجل وإدارته, فضلًا عن إقرار وجود النساء البائعات في الأسواق المفتوحة, متجاورات مع العاملين في المحلات الأخرى, فينطبق علينا المثل القائل: أراد أن يطبب زكامًا فأحدث جذامًا !!
    فشراء النساء مستلزماتهن الخاصة من الرجال, فيه حرج بلا شك, ولكنّ رفعه لا يعدو كونه من الحاجيات, وأما إقرار عمل المرأة مختلطة بالرجال وتحت سلطتهم المباشرة, فهذه مفسدة عظيمة, ومنعها من قبيل الضروريات المتعلقة بحفظ الدين والعرض.[1]

    وقد صدرت فتوى أهل العلم والفضل كهيئة كبار العلماء وغيرهم[2], بعدم جواز مثل هذه الأحوال لعمل المرأة, لما فيها من الإمتهان والإبتذال للمرأة المسلمة, وتسليط الرجال الأجانب عليها, ورفع الحجاب فيما بينها وبينهم, فالمرأة العاملة لابد لها في هذه الحال من التواصل مع مديرها المباشر, ولا شك أن كثرة المخالطة تذهب الحياء والإحساس, فضلًا عن قلة حيلة المرأة وضعف قدرتها واختلاف طبيعتها يجعلها عرضة للإستغلال من قبل أرباب هذه المحلات ممن قلت أمانته وضعفت ديانته, وأما الخيرون من أصحاب هذا النوع من المتاجر, فلن يرضوا بهذا الوضع المخالف لأمر الله تعالى, إلا أن يقوم بالضوابط الشرعية المتضمنة تخصيص أسواق أو محلات مغلقة خاصة بالنساء وتبيع فيها النساء, وتديرها النساء من محارم أصحاب هذه المتاجر, وبهذا تحصل المصلحة المتوخاة, وتُجتنب المفسدة المتيقنة, إن صلُح قصد المطالبين بتأنيث هذا النوع من المحلات, ولكن الواقع يقول غير ذلك ! .

    فلو تأمل أصحاب البصائر حقيقة الدعاوى المطالبة بإنصاف النساء وإعطاءهن حقوقهن زعموا, لعلم أن المطالبة تكاد تدور حول تسويغ إختلاطها بالرجال, وترك الحجاب, وخروجها بل وسفرها دون ضابط ولا رابط, فلما عجزوا عن تحقيقها بعد المطالبة بها بشكل صريح قبيح, ذهبوا يتوسلون لتحقيقها بدعاوى ظاهرها الرحمة كتأنيث محلات الملابس النسائية, وقيادة المرأة للسيارة وغير ذلك, والتي باطنها من قبلها العذاب, وهذه والله من خطوات الشيطان التي حذرنا منها ربنا جل في علاه بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [النور:21]

    والمتأمل لحال المرأة المسلمة قبل فرض الحجاب وحالها بعد فرض الحجاب, يتيقن بأن ترك الاختلاط بالرجال والتمسك بالحجاب الكامل, وترك الأعمال المؤدية للاختلاط الدائم بالرجال الأجانب, هو من واجبات المرأة المسلمة ومن أجلّ حقوق ربها عليها, ولا تتعارض هذه الواجبات مع حقوقها وواجبها تجاه المجتمع وواجب المجتمع نحوها, ومن زعم غير ذلك, فلا وربي لم يُنصف النساء, بل قد رد على الله تعالى أمره, وكذّب بكل النصوص التي نزلت ففرقت بين حال المرأة المسلمة أول الإسلام وبين حالها بعد نزول الأمر بالحجاب, وإلى أهل البصائر تفصيل ذلك :

    فإنّ تشريع الحجاب مرّ بأطوار مختلفة, تدرج فيها الشارع الحكيم مراعاة لحال المجتمع قبل الإسلام, وما فيه من الاختلاط وعدم الستر, فقد كانت النساء يخرجن سافرات عن زينتهن في درع وخمار, وكاشفات عن رؤوسهن ووجوههن ونحورهن في كل وقت وحال, ولا يمتنعن عن مخالطة الرجال. فلما فُرضت الصلاة في السنة الثانية للهجرة, وكان من شروطها في حق النساء ستر الجسد مع الشعر والنحر, فأصبح على المسلمة ستر جسدها كله في الصلاة إلا الوجه والكفين, وأُمرن بالتأخر عن صفوف الرجال في صلاة الجماعة, وكان ذلك كله قبل فرض الحجاب, وهو من التمهيد له .
    فبقيت النساء على هذه الحال من لزوم الستر والمباعدة عن الرجال في الصلاة لمدة ثلاث سنوات تقريبًا, وهن في غير الصلاة يتكشفن ويخالطن الرجال, إلى أن نزل الأمر بالحجاب في قوله تعالى {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ َ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ .. الآية } [الأحزاب:53]
    فقد جاء عند [البخاري في الصحيح (4514)] : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : "أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب, لما أهديت زينب بنت جحش رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, كانت معه في البيت, صنع طعامًا ودعا القوم فقعدوا يتحدثون, فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخرج ثم يرجع وهم قعود يتحدثون, فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه - إلى قوله - من وراء الحجاب}فضرب الحجاب وقام القوم".
    فبعد هذه الأية مُنع على الرجال والنساء مخالطة بعضهم بعضًا, يقول ابن عبد البر في تعليقه على بعض الأحاديث (التمهيد 3/461) : " في هذا الحديث دليل على أن احتجاب النساء من الرجال لم يكن في أول الإسلام, وأنهم كانوا يرون النساء, ولا يستتر نساؤهم عن رجالهم, إلا بمثل ما كان يستتر رجالهم عن رجالهم, حتى نزلت آيات الحجاب" . انتهى

    ولم يتوقف التنزيل في شأن فريضة الحجاب, فبعد هذه الأية استقر الأمر مجملًا, وأن الرجال غير المحارم لا يخالطون النساء غير المحارم, وأصبح النساء لا يخرجون لحاجتهن إلا ليلًا[3] بحيث لا يراهن الرجال, وفي ذلك مشقة عليهن, فلم يلبث أن نزل الوحي مرة أخرى بتفصيل أمر الحجاب وصفته عند الخروج للحاجة, وذلك في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِالْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب:59] .

    وقد كان من أسباب نزولها ما أخرجه [البخاري في الصحيح (4517)] : عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجتْ سودة بعد ما ضُرب الحجاب لحاجتها, وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها, فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين. قالت: فانكفأت راجعة, ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وإنه ليتعشى وفي يده عرق, فدخلت فقالت: يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا قالت: فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال : (إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن).
    فقول عائشة رضي الله عنها : (( خرجتْ سودة بعد ما ضُرب الحجاب )) نص في أن هذه الآية نزلت بعد الأمر المجمل في قوله تعالى {فَاسْأَلُوهُنّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}[الأحزاب:53] فلما كانت حاجة النساء الخروج لحاجاتهن, ولتعارض هذه الحاجة مع الأمر بالحجاب والبعد عن الاختلاط بالرجال, ومن قبله الأمر بالقرار في البيوت وعدم التبرج كما في قوله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33], أذن الله جل وعز لهن بالخروج لحاجتهن وبيّن لهن صفة الحجاب الشرعي بقوله تعالى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ }[الأحزاب:59].

    والأمر في قوله تعالى {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ }[الأحزاب:59] صريح في إفادته العموم, ولا سبيل لتخصيص أمهات المؤمنين بهذا التشريع الإلهي الصريح في عمومه, فالآية نزلت بسبب أم المؤمنين سودة رضي الله عنها, ومع ذلك دخل فيها {نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} ما يدل صراحة على عموم هذاالتشريع الآمر بالحجاب وترك مخالطة الرجال, وأن تغطية الوجه فرض داخل في إدناء الجلباب عليهن, ولاسيما أن هذا ما فهمنه نساء الصحابة ومدحوا به رضي الله عنهن كما أخرجه [أبو دواد في سننه (4102)] بإسناد صحيح عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " لَمَّا نَزَلَتْ {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ } خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانُ مِنَ الأَكْسِيَة ". وفيه دليل على دخول عموم النساء في فريضة الحجاب المتضمنة ترك مخالطة الرجال, وأخرج الحاكم بإسناد صحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نتمشط قبل ذلك في الإحرام .
    يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في [الفتح (12/245)] : ومن المعلوم أن العاقل يشتد عليه أن الأجنبي يرى وجه زوجته وابنته ونحو ذلك . انتهى

    ومن الأدلة على أن الحجاب ومنع الاختلاط فرض على جميع النساء ما أخرجه [البخاري في الصحيح (1539)] : عن عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال. قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟ قلت: أبعد الحجاب أو قبل ؟ قال: إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب . قلت: كيف يخالطن الرجال ؟ قال: لم يكن يخالطن كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة مع الرجال لا تخالطهم .. الحديث .
    وفيه أن عطاء احتج بجواز طواف عامة النساء في نفس الوقت مع الرجال دون اختلاط, وذلك بطواف أمهات المؤمنين مع الرجال في وقت واحد دون اختلاط, وكان بعد فرض الحجاب, فقوله (إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب) مما يعني أن الحجاب فرض عليهن جميعًا سواء بسواء بلا فرق.

    وفي السير الكبير مبحث إخراج الرجال لنساءهم معهم حال الغزو, يقول محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة رحمهما الله : " إن كان لابد من إخراجهن فالاماء دون الحرائر, لان حكم الاختلاط بالرجال في حق الاماء أخف, ألا ترى أن جميع الناس لهن بمنزلة المحرم في النظر والمس، وأنه لا بأس للامة أن تسافر بغير محرم، وليس للحرة ذلك إلا مع زوج أو محرم ".انتهى[4]

    ومن تتبع حال المرأة المسلمة في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد السنة الخامسة من الهجرة, علم أن الأمر استقر على تطبيق مقتضى فريضة الحجاب, المتضمنة ترك اختلاط النساء بالرجال غير المحارم في الأماكن الخاصة والمحصورة, كأماكن التعليم والصلاة والعمل, فمن زعم غير ذلك فقد نسب التناقض للشرع المطهر, وإلا كيف يطلب الشارع الحكيم من الجنسين حال سؤال الحاجات من بعضهم البعض التخاطب من وراء حجاب, ثم يسمح بالاختلاط في الأماكن المحصورة ولأوقات معلومة؟
    فقد أخرج [البخاري في الصحيح (2227)] : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" . ففي هذا الحديث دليل على أن الأصل هو عدم خروج النساء دون حاجة حتى للمساجد, إلا بإذن أولياهن, ولو أن الأصل هو خروج النساء كخروج الرجال سواء بسواء لما احتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا التوجيه, ولكن الأصل أن على النساء القرار في البيوت, وعدم الخروج إلا لحاجة كما مر في حديث البخاري قوله عليه الصلاة والسلام : "إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن" . وذلك عند نزول قوله تعالى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ } والأمر فيه لعموم نساء المسلمين, وقد أخرج [البخاري (99) وابن حبان (2941) في صحيحهما] : أَنَّ نِسْوَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ قُلْنَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيكَ مَعَ الرِّجَالِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَوْعِدُكُنَّ بَيْتُ فُلَانَةَ» فَجَاءَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُنَّ ... الحديث" واللفظ لابن حبان. وفيه دليل على عدم جواز الإختلاط في الأماكن المحصورة والأزمان المعلومة, كالتعليم والعمل ونحوهما .

    فالمرأة قبل فرض الحجاب كانت تكشف عن محاسنها, وتخالط الرجال, وتخرج كيفما شاءت ليلًا أو نهارًا وخصوصًا إلى المسجد, فما الداعي لكل ما مر من الآيات والأحاديث الدالة على اختلاف حال المرأة المسلمة بعد فرض الحجاب عن حالها قبل فرضه ؟!
    ولماذا يحتجن إلى الإنفراد بالنبي صلى الله عليه وسلم للتعليم, ويحتجن الإذن لهن بالخروج لحاجتهن, بل وللخروج للمسجد, وقد كان الحال قبل فرض الحجاب بخلاف ذلك قطعًا, ولم يكن في حاجة إلى كل ذلك ؟!

    فلا يعجب المرء إذا اشتبهت هذه الواضحات على العقول والفهوم غير المتيقنة بما أنزل الله, لقوله تعالى {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}[الأعراف:146] ولكنه يعجب أشد العجب عندما يرى الواضحات تشتبه على العقول والفهوم المؤمنة بما أنزل, وقد قال تعالى {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن:11] .

    فليعلم المؤمن أنه سوف يُصرف عن الهدى وتشتبه عليه البينات, عند تعاميه عن الحق وترك الإيمان به, فيحيد عن سبيل الرشد ويتخذ من طريق الغي سبيلًا, فيُقيض له قرينًا من الشياطين يزين له الباطل , ويُبغّض له الحق, كما قال تعالى {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ** وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُم ْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ}[الزخرف:36-37] عافاني الله ومن يقرأ .
    وسبيل الرشد في موضوع المرأة وحقوقها في الإسلام واضح بيّن, إذا تناولناه من منظور ما أنزل الله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, وأما إذا تناولته العقول من منظور الأمر الواقع, والمحيط العالمي, وضغوط نظرات الغرب لنا, كما يتفوه بهذا البعض بلسان الحال, ويتبجح به البعض الآخر بلسان المقال, فلا مناص لنا من الغفلة عن سبيل الرشد وألا نتخذه سبيلًا, ونصبح لا نرى إلا سبيل الغي فنتخذه سبيلًا كما هو حاصل الآن والدعوات تترا لسلوك هذا الطريق المظلم ولله الأمر من قبل ومن بعد.

    ولن أتعجب من هلاك الهلكى في هذا الباب, ولكني أُخاطب الصادقين من المتلمسين للحجة والبرهان, أصحاب القلوب السليمة, التي ليس بينها وبين الحق سوى إدراكه, فهذه صفة المؤمن الذي هو أحق الناس بالحكمة, فهذا وأمثاله من المؤمنين أصحاب غيرة على الدين والعرض, ولكن الخوف كل الخوف عليهم من الانصياع لشبهات الشيطان الرجيم, وتلبيس الملبسين, الذين يزينون الباطل ويقدمونه في صورة حق صراح, تارة باسم الضوابط الإسلامية زعموا, وتارة باسم استصحاب النيات الحسنة, وكل ذلك تضليل وحبائل شيطانية فهم {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}

    علمًا بأن الشريعة قد قطعت طريق هذا التضليل بأن أكدت على عدم اعتبار حُسن الظن في اجتماع النساء بالرجال غير المحارم, فانظر إلى حال المسلمين والمسلمات في صلاة الجماعة, وهم أطهر ما يكونون قلوبًا منهم خارج الصلاة, فباعدت الشريعة بينهم حال المصافة, وكان الرجال لا ينصرفون إلا بعد إنصراف النساء جميعهن[5], وعظّمت الشريعة من أجر صلاة المرأة في بيتها, لتحثها على ترك الخروج للمساجد ومخالطة الرجال في الذهاب والإياب, مع أن الأصل في هذا الموطن هو توفر حسن النية وطهارة القلب, فالصلاة أعظم فريضة عملية في الإسلام, وتتضمن الوقوف بين يدي الله جل وعز, ومع ذلك لم تعتبر الشريعة حُسن الظن وطهارة القلب, فباعدت بين الرجال والنساء في أشرف المواطن, فما دونه يكون أولى.
    ويؤكد عدم اعتبار حُسن الظن في العلاقة بين النساء والرجال غير المحارم, ما أخرجه [البخاري في الصحيح (4831)] : عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ" . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَار: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ: "الْحَمْوُ الْمَوْتُ" . فالحمو قريب الزوج من أخ وابن عم ونحوهما, وهم في العادة أغير الناس على عِرض أخيهم, ولا يُظن فيهم إلا الظن الحسن, ومع ذلك فالشريعة لم تعتبر ذلك كله, بل شدّدت فيهم أكثر من غيرهم من الأجانب.
    يقول السيوطي رحمه الله [الديباج 5/193] : (الحمو الموت) معناه إن الخوف منه أكثر من غيره ... فهو أولى بالمنع من الأجنبي ". انتهى

    وما أقوى ما ينقض دعوى أصحاب شبهة استصحاب حُسن الظن والثقة بالنفس لنقض أحكام الحجاب ومنها منع الاختلاط بين النساء والرجال غير المحارم, ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم تعليمًا وتشريعًا للأمة, وذلك في قصة الإفك بعد فرض الحجاب, عندما وقع القدر بما حصل للطاهرة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما, وذلك عندما خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى غزواته, وشاء الله تعالى أن تتاخر لحاجتها وفي البحث عن عقدها الضائع, والجيش يهم بالرحيل, فرحل الجيش وتركها بظنهم أنها في هودجها, وذلك لخفتها رضي الله عنها وأرضاها آنذاك, فتحكي وتقول: " فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ[6] فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِه ِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي[7] وَوَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ" ثم تكلم المنافقون بالإفك وتناقلته الألسن, فماذا كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم تجاه ذلك ؟
    تقول عائشة رضي الله عنها : " دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي قَالَتْ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لِأَبِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لِأُمِّي أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".[8]
    يقول الألوسي رحمه الله : " ولم يتمسك به - أي بحُسن الظن - صلى الله عليه وسلم لأنه لا يحسم القال والقيل ولا يُرد به شيء من الأباطيل". انتهى [تفسير روح المعاني أية 16:النور]

    فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم, لم يركن لحُسن الظن وزعم وجود الثقة بالأهل - وهو وأهله أشرف وأطهر من وطئ الحصى - , فكيف بالعاقل اليوم الذي يترك عِرضه في الاختلاط الفاحش مع الرجال, سواء في العمل أو الدراسة وليس لساعة ولا ساعتين ولا يوم ولا يومين بل يوميًا خلا الإجازات المعترضة, ومع ذلك يزعم بأنه يُحسن الظن ويثق في نفسه وأهله, ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للطاهرة الصديقة : " إِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذا اعْتَرَفَ بِذنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ" وذلك لمجرد اضطرارها للعودة إلى الجيش برفقة رجل صالح من غير محارمها وهي بكامل حشمتها, ولكنه العلم بالله وبما جاء عن الله جل في علاه, وتطبيق عملي منه صلى الله عليه وسلم فيه سد لكل باب يُعرّض الأعراض للوقوع في الشبهات, فهل يرعوي من يتعمد إدخال نفسه وأهله في الشبهات, فيسمح لعِرضه بالاختلاط الدائم في العمل أو الدارسة, أو بالسفر بدون محرم, أو بترك الحجاب الشرعي الكامل, زاعمًا استصحاب الثقة والظن الحسن, فإن لم يقل بلسانه : أنا أثق في أهلي أكثر من ثقة النبي صلى الله عليه وسلم في أهله ؟!! فهو يقولها بلسان حاله والله المستعان .

    فلا يجوز لمسلم أن يتجاهل الأوامر الشرعية المتعلقة بعلاقة النساء مع الرجال غير المحارم, بزعم أن النيات صافية, والثقة موجودة, والفتنة مأمونة, وفيما تقدم براهين ساطعة على أن حُسن النيات أو الثقة في النفس, غير معتبرة شرعًا وأنها أوصاف طردية لا تؤثر في مناط وجوب احتجاب النساء عن الرجال وما تقتضيه هذه الفريضة من وسائل لا يتم تحقيق الحكمة من هذا الحكم الشرعي إلا بها, ومنها منع الاختلاط الدائم, ومنع الدخول على النساء, وغض البصر من الجنسين, ومباعدة صفوف الجنسين في الصلاة وفي غيرها.

    ولست مكابرًا فأنفي توفر الطهارة وحُسن الظن في كثير من أهل الإسلام, بل وفي بعض بني الإنسان, ولكن الشريعة لم تعتبر ذلك, لأنها شريعة كاملة محكمة اُنزلت منذ حوالي الف وأربعمائة عامًا, لتحكم الدنيا منذ ذلك الوقت إلى قيام الساعة, فهذا الحكم - فرض الحجاب - أخذ في الاعتبار, اختلاف الأشخاص, بل واختلاف حال الشخص الواحد وإمكانية تعرّضه للنزوات التي تغيب عندها العقول, وأنت ترى وتسمع هذه الأيام, اغتصاب حتى القاصرات من قبل أحد معلمي الأجيال[9], وما خُفي أعظم,

    فقطعًا لدابر هذا الاحتمال, ألغت الشريعة وصف حُسن الظن والثقة بالنفس لعدم انضباطها, فمن حكمة الشريعة تعليقها الأحكام على أوصاف ظاهرة منضبطة, ليطّرد الحكم الشرعي ويشمل كافة الأزمان والأماكن والأعيان والأحوال, فلكل مفتون ومفتونة أن يدّعيان حُسن الظن والثقة بالنفس, ليرتفع عنهما التكليف بموجَب فريضة الحجاب, وعندئذ يكون هذا التكليف تحصيل حاصل, وحاشا حكم ربي المحكم من أن يكون عبثًا ووصفه في التنزيل {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42]

    فالشريعة قد حسمت أمر ما تقدم من شبهات عقلية, بأن قطعت بوجود الخطر "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"[10] وأرشدتنا أين المفر " فاتَّقوا الدنيا واتَّقوا النساء "[11] فشرعت لنا ولهن الحكم بوجوب الحجاب وترك الاختلاط في قوله تعالى {فَاسْأَلُوهُنّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}, وعُلل ذلك بقوله تعالى {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}, فالحجاب واجب على المرأة, وترك الاختلاط الدائم واجب على الرجل والمرأة, لتتحقق طهورية القلوب للجميع, ولن تتحقق بغير ذلك من الخيالات والأفكار العقلية كقوانين منع التحرش أو استصحاب وهم حُسن الظن والثقة بالنفس, فالحكيم الخبير خالق البشرقد حكم, وهو الذي يعلم ما يصلحهم ويعالج أدوائهم {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة:50] .

    فافهم يا عبد الله ويا أمة الله بأن خالق الجنس البشري جلت قدرته هو أعلم بما يصلح هذا الجنس, فهو الذي جعل النساء فتنة للرجال, والرجال فتنة للنساء, ولن يستطيع أحد التوقي من هذه الفتنة إلا بما شرعه الله تعالى, فدعاة الاختلاط يتوهمون القدرة على حل هذه المشكلة, بأفكارهم العقلية, ووضع الضوابط لذلك, وحاصل ضوابطهم طلب المستحيل, وهو أن تكون المراة رجلًا بان تخفي انوثتها عند مخالطة الرجال, وأن يؤنث الرجل بانتزاع الرجولة منه ؟!! وهذا محال .

    فاعلم رحمك الله بأنّ كون النساء فتنة للرجال ليس المقصود أن المرأة فتنة من باب الذم لها, حاشا شرع ربي وسنة نبيي, ولكن المقصود التباعد عنهن لأن الله تبارك وتعالى جعلهن محبوبات لأنفسكم وجعلكم محبوبين إلى أنفسهن, فالجنسان تميل قلوبهما إلى بعضهما فطرةً, بالإضافة إلى تزيين الشيطان لصورة المرأة عند النظر المحرم لها من قبل الرجل, مع وسوسة الشيطان للمرأة بأن تفعل ما يظهر إنجذاب الرجل لها لتشبع رغبتها الفطرية بلفت الانتباه وإن كانت لم تعجب بالرجل الناظر وغير ذلك مما جُبل عليه الجنسين, واعلم أن كون المرأة الفتنة هو وصف تنتفي عن علاقة الرجل بالمرأة, حال كونها أمً أو أختًا أو زوجً, بل والمرأة المطيعة لربها موصوفة بأنها خير متاع الدنيا وهذا تعظيم لشأنها وهي كذلك, فلله در هذه الشريعة المباركة الكاملة.
    الحاصل أن دعاة إفساد المجتمع, ليس لهم حجة شرعية في دعاواهم الفاسدة, إلا الانصياع للواقع وتقليد من لا خلاق لهم من الكفار والمنافقين, فمواكبة الحضارة والتطور العصري لا يستلزم إفساد المجتمع المسلم المحافظ على شريعة الحجاب, إلا في أذهان المتحللين من ربقة الشريعة, والمملوكين برق الشهوات, فتعميم القول بأن فريضة الحجاب وما تتضمنه من منع الاختلاط, يعطل نصف المجمتع أو هو سبب للتخلف وعدم مواكبة التطور العصري باطل.

    فالواجب على من ولاه الله أمر المسلمين كلًا بحسب مسئوليته, أن يتقي الله تعالى في هذا الأمر, وأن لا يسلك فيه سبيل الغي ويتخذه سبيلًا, وذلك بتقديم أمر الدنيا على أمر الدين في باب العلاقة بين الرجال والنساء, متغافلًا عن الحجج والبراهين الشرعية والعقلية والواقعية, وأن يعلم أن إنصاف النساء المسلمات بحق يكون بإعانتهن على تجنب المصير المحتوم لأكثرهن كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام بقوله : " أطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء"[12]. فلا بد أن يحذر من تهويل المهولين للأمور والتوهم بأن إنصاف النساء لا يكون إلا بمخالفة أمر الله جل في علاه, كما يزعم بعض ناقصي العقول, أو التوهم بأن إقامة أحكام الشريعة الخاصة بعلاقة النساء بالرجال, تؤدي إلى كساد أمر الاقتصاد ولن يقوم الاقتصاد إلا بمضادة شرع الله في ذلك كما يتبجح به بعض ناقصي الديانة, فهذه التوهمات ما هي والله إلا دسيسة شيطانية كما قال تعالى{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:175] .

    يقول ابن رشد الحفيد [الجامع من المقدمات ص233] : " فإذا كثرت المناكير في الطرقات ... كمشي الرجال مع النساء الشواب يحادثونهن, وما أشبه ذلك من المناكير الظاهرة, وجب على الإمام تغييره جهده, بأن يولي من يجعل إليه تفقد ذلك والقيام به " . انتهى

    ويقول ابن القيم رحمه الله [الطرق الحكمية 2/721-724] : " : أَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ اخْتِلَاطَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي الْأَسْوَاقِ، وَالْفُرَجِ ، وَمَجَامِعِ الرِّجَالِ .... والْإِمَامُ مَسْئُولٌ عَنْ ذَلِكَ، وَالْفِتْنَةُ بِهِ عَظِيمَةٌ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ " بَاعِدُوا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ " وفي حديث آخر أنه قال للنساء " لكنّ حافات الطريق "... ويجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ مُتَزَيِّنَاتٍ مُتَجَمِّلَاتٍ، وَمَنْعُهُنَّ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي يَكُنَّ بِهَا كَاسِيَاتٍ عَارِيَّاتٍ، كَالثِّيَابِ الْوَاسِعَةِ وَالرِّقَاقِ، وَمَنْعُهُنَّ مِنْ حَدِيثِ الرِّجَالِ، فِي الطُّرُقَاتِ، وَمَنْعُ الرِّجَالِ مِنْ ذَلِكَ, وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَرْأَةَ إذَا أَكْثَرَتْ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهَا، وَلَا سِيَّمَا إذَا خَرَجَتْ مُتَجَمِّلَةً، بَلْ إقْرَارُ النِّسَاءِ عَلَى ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهُنَّ عَلَى الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ ، وَاَللَّهُ سَائِلٌ وَلِيَّ الْأَمْرِ عَنْ ذَلِكَ, وَقَدْ مَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النِّسَاءَ مِنْ الْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الرِّجَالِ، وَالِاخْتِلَاطِ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ, فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ ... وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ : أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ، كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَاخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا، وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ ، وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ .انتهى باختصار

    ويقول الملك عبد العزيز آل سعود موحد المملكة العربية السعودية رحمه الله رحمة واسعة : " أقبح ما هنالك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية: من تدبير المنزل، وتربية الأطفال، وتوجيه الناشئة ـ الذين هم فلذات أكبادهن وأمل المستقبل ـ إلى ما فيه حب الدين والوطن ومكارم الأخلاق، ونسين واجباتهن الخُلُقية من حب العائلة التي عليها قوام الأمم، وإبدال ذلك بالتبرج والخلاعة، ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل، وادعاء أن ذلك من عمل التقدم والتمدن، فلا ـ والله! ـ ليس هذا (التمدن) في شرعنا وعرفنا وعادتنا، ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان وإسلام ومروءة أن يرى زوجته أو أحداً من عائلته أو من المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي.
    فالواجب على كل مسلم وعربي فخور بدينه، مُعتزٍّ بعربيته، ألاّ يخالف مبادئه الدينية، وما أمر به الله تعالى بالقيام به لتدبير المعاد والمعاش، والعمل على كل ما فيه الخير لبلاده ووطنه، فالرقي الحقيقي هو بصدق العزيمة، والعلم الصحيح، والسير على الأخلاق الكريمة، والانصراف عن الرذيلة وكل ما من شأنه أن يمس الدينَ والسمتَ العربي والمروءةَ، والتقليدِ الأعمى، وأن يتبع طرائق آبائه وأجداده، الذين أتوا بأعاظم الأمور باتباعهم أوامر الشريعة، التي تحث على عبادة الله وحده، وإخلاص النية في العمل، وأن يعرف حق المعرفة معنى ربه، ومعنى الإسلام وعظمته، وما جاء به نبينا: ذلك البطل الكريم والعظيم ، من التعاليم القيمة التي تسعد الإنسان في الدارين، وتُعَلِّمُه أن العزّة لله وللمؤمنين، وأن يقوم بأود عائلته، ويصلح من شأنها، ويتذوق ثمرة عمله الشريف، فإذا عمل فقد قام بواجبه وخدم وطنه وبلاده" .انتهى مختصرًا [المصحف والسيف ص322]

    فاللهم أبرم لبلاد التوحيد والسنة في هذا الأمر أمر رشد يُعز فيه أهل الطاعة والتقى, ويُذل فيه كل خصم لهم ممن تبين له الهدى, ويُبصّر به عبادك الغافلين بالحق ويُبعدهم وأهليهم عن الردئ, وصل اللهم وسلم على محمد والآل والصحب ومن اتقى.

    وكتبه حامدًا لربه الحمد كله / أبو طارق علي بن عمر النهدي
    9 شعبان 1432 للهجرة.

    _________________________

    [1] المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية خمس : حفظ الدين, وحفظ النفس, وحفظ العقل, وحفظ العرض, وحفظ المال, فأحكام الشريعة الإسلامية تدور على جلب المصالح ودفع المفاسد المحققة لحفظ هذه المقاصد الخمس, وجلب المصالح ودفع الفاسد ثلاثة أقسام: الأول: ضروري: لابد منه في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقد لم تجر مصالح الدين والدنيا على استقامة وتفوت بفواته سلامة الدنيا والأخرة. القسم الثاني: حاجي: يؤدي فواته لشيء من الحرج والمشقة, وتحصيله يدفع الحرج والمشقة في أمر الدين والدنيا, ولكن فواته لا يبلغ مبلغ فساد أمور الدين والدنيا. القسم الثالث: تحسيني (تكميلي): والأخذ بالمندوبات والفضائل ومكارم الأخلاق وترك المكروهات والتنزه عن الرذائل. [للمزيد انظر الموافقات للشاطبي وقواعد الأحكام للعز بن عبد السلام]
    فكل مقصد من المقاصد الخمس تدخله الثلاثة الأقسام, فيُحصّل الضروري ثم الحاجي ثم التكميلي, ولا يقول أحد بدفع المفسدة القبيحة من قسم الحاجيات, بفعل المفسدة الأقبح من قسم الضروريات, وهذا هو الواقع في هذه الدعوى والله المستعان .

    [2] نصت اللجنة الدائمة الموقرة بما نصه : " فيحرم الاختلاط بين الرجال والنساء فيما ذُكر سابقا سواءً كان ذلك بخلوة أو مندونها , ولا يجوز أن تعمل المرأة مع الرجال, كأن تكون سكرتيرة لمكتب الرجال, أو فيالاستقبال لمكان غير خاص بالنساء أو عاملة في خط إنتاج مختلط أو محاسبة في مركز أومحل تجاري أو صيدلية أو مطعم يختلط فيه العاملون من الرجال والنساء لما يترتب علىذلك من آثار سيئة على الأسرة والمجتمع ". انتهى المقصود

    [3] أخرج البخاري في الصحيح (848) : عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ". وله في الصحيح أيضًا (3481) عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت : فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ .

    [4] السير الكبير (1/204) وهذا النص فيه رد على من زعم خلو كتب فقهاء المسلمين من مصطلح الاختلاط بين النساء والرجال, وهذا الإمام محمد بن الحسن الشيباني هو صاحب الإمام أبي حنيفة النعمان ومن أقران الإمام مالك بن أنس رحمهم الله .

    [5] أخرج البخاري في الصحيح (803) : عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا .
    قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَنُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنْ النِّسَاءِ.
    قَالَ ابن شهاب: حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا قَالَتْ كَانَ – صلى الله عليه وسلم - يُسَلِّمُ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    [6] يقول العيني الحنفي في عمدة القاري: "والمراد حجاب النساء عن رؤية الرجال لهن وكن قبل ذلك لا يمنعن". انتهى

    [7] يعني غطت وجهها, وفيه دليل على وجوب تغطية الوجه بعد فرض الحجاب.

    [8] انظر صحيح البخاري - كتاب المغازي - باب حديث الإفك .

    [9] مهنة التعليم تدل على أن صاحبها من أسوياء المجمتع, فإن انضاف إلى ذلك أنه أبٌ لإبنين وبنتين, ومع ذلك انظر كيف ظهر هذا السوي بشكل أحقر من الحيوان البهيمي, فأمره أكثر من مجرد نزوة, بل هي ثلاث عشرة حالة اغتصاب على فترات متباعدة, والضحايا من 7 إلى 11 سنة, وجامعًا بين الدهاء والذكاء في تنفيذ جرائمه, علمًا بأنه يُطلقهن بعد قضاء شهوته, مما يدل على انتكاس الفطرة واختلال معيار الشهوة, وهذا إنموذج من نماذج اختلال الفطر, فربنا جل في علاه قد حكم على جنس البشر بأنه قد خلقهم في أحسن تقويم ثم عادوا إلى أسفل سافلين, ثم اسثنى جل وعز الذين آمنوا وعملوا الصالحات كما أخبرنا في سورة التين, وهؤلاء المستثنون إن وجدتهم فاعلم بأنهم يقولون: أننا نثق في أنفسنا من فتنة النساء, بل هم سوف ينصحون لك بقولهم : لا تخالط النساء ولو لأجل أن تقرأ عليهم القرآن, ومنهم من يقول: لو ائتمنت على بيت مال لكنت أمينًا, ولا آمن نفسي على إمرأة شوهاء !!

    [10] صحيح البخاري (4808) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه .

    [11] صحيح مسلم (7124) قطعة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .

    [12] صحيح البخاري (4902) .
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    519

    افتراضي رد: هلَّا أنصفتم النساء !

    المطالب لم ترفض الذي رفض هي الضوابط .. ولاأعلم اذا روعيت في قرارات وزارة العمل الأخيره.ثم النساء لايوجد عليهن حظر في ان يعملن القضيه المفتعله لفرط المجتمع من الضوابط الشرعيه لأهداف استعماريه ثقافيه واقتصاديه ولتفعيل استراتيجيات كثيره والله المستعان
    لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هلَّا أنصفتم النساء !

    بوركت .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: هلَّا أنصفتم النساء !

    الخلط كثير جداً - وعجيب ...........
    وآية يدنين عليهن من جلابيبهن ليست آية الحجاب ولم تسم كذلك أبداً - في عهد نزول القرآن بل إن آية الحجاب هي الخاصة بأمهات المؤمنين " وإذا سألتموهن متاعاً " وفي سبب نزولها وردت الأحاديث المذكورة أعلاه ولا يوجد حديث واحد يمكن اعتباره سببا لنزول آية يدنين عليهن من جلابيبهن .
    وأنصح من يدون شيئاً بيده عدم التكلف والتلبيس ، فلا أظن ذلك جائزاً حتى لو حسنت النية ..
    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    519

    افتراضي رد: هلَّا أنصفتم النساء !

    بمناسبة الحديث عن المرأه يوجد اشارات اعلاميه بخصوص النساء السعوديات

    قد تستغل العنوسه وكثرة المطلقات لأغراض ليبراليه والأصل ان تزويج النساء من أي مسلم جائزه

    ولكن ان حدث فتح الباب واسعا لتزويجهن من جنسيات عربيه قريبا فهذا خبث ليبرالي..فالشباب السعودي تم التضييق عليه وخاصة من سبق له الزواج اجتماعيا وحتى من قبل الجمعيات لمساعدة الراغبين في الزواج كما ان التصريح والدعوه الى ذلك مفتاح لاستراتيجيات عديده كالمعتاد الاصلاح فيها آخر المآرب

    علما ان هذا حاصل ويوجد سعوديات متزوجات من جنسيات عربيه وباكستانيه وأخرى وهذا محدود نسبيا
    لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هلَّا أنصفتم النساء !

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شريف شلبي مشاهدة المشاركة
    الخلط كثير جداً - وعجيب ...........
    وآية يدنين عليهن من جلابيبهن ليست آية الحجاب ولم تسم كذلك أبداً - في عهد نزول القرآن بل إن آية الحجاب هي الخاصة بأمهات المؤمنين " وإذا سألتموهن متاعاً " وفي سبب نزولها وردت الأحاديث المذكورة أعلاه ولا يوجد حديث واحد يمكن اعتباره سببا لنزول آية يدنين عليهن من جلابيبهن .
    وأنصح من يدون شيئاً بيده عدم التكلف والتلبيس ، فلا أظن ذلك جائزاً حتى لو حسنت النية ..
    يا أخي ليس لك أن تنفي بدون دليل, وما رسخ في ذهنك من تصور لا يرقى لئن يكون دليلًا.
    ولو أنك تأملت ترتيب آيات وأحاديث فريضة الحجاب بحسب نزولها لما تقحمت ما تقحمت من النفي بدون علم والله المستعان .
    فأول الأيات نزولًا هي قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ َ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ .. الأية }[ الأحزاب : 53 ].
    ودليل ذلك ما أخرجه البخاري (4871) في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قوله :(( توفي النبي صلى الله عليه و سلم وأنا ابن عشرين سنة فكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل وكان أول ما أنزل في مبتنى رسول الله صلى الله عليه و سلم بزينب بنت جحش )).
    وفي قوله (( وكان أول ما أنزل )) دليل على أن التنزيل تتالى وتوالى في شأن الحجاب , وأن أول ما نزل الأية 53 من سورة الأحزاب وسبب نزولها مبتنى النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها.
    وهذه الأية يسميها أهل العلم أية المساكن, يعني أن الحجاب المفروض هو في المساكن , حيث أنهم كانوا قبلُ لا يجتنبون النساء ويدخلون عليهن دون ساتر حتى نزلت هذه الأية .
    وأما ثاني الأيات نزولًا فكانت أية رقم (59) من سورة الأحزاب وهي قوله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }.
    ودليل ذلك قول عائشة رضي الله عنها في البخاري (4517) : " خرجت سودة بعد ما ضُرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها , فرآها عمر بن الخطاب فقال : يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين ".
    فقولها ((بعد ما ضُرب الحجاب)) واضح أنها تعني الأية الأولى أية المساكن والتي نص أنس رضي الله عنه أنها أول الأيات نزولًا, ومن المعلوم أنها نزلت بالأمر العام وعلة تنزيله وذلك في قوله تعالى {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ َ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} ولما لم يكن فيها تفصيل صفة الحجاب عند الحاجة للخروج, ووقع الحرج بإنكار عمر رضي الله عنه على أم المؤمنين رضي الله عنها , نزلت الأية الثانية رقم 59 أية إدناء الجلباب حال الخروج , فكان من حديث عائشة رضي الله عنها قولها : " قالت - أي سودة - فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه و سلم في بيتي وإنه ليتعشى وفي يده عرق فدخلت فقالت يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا قالت : فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال : ( إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن ).
    ومن الظاهر جدًا أن ما أنزل عليه صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن وقال على أثره (إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن ) لا يمكن أن يكون لغير الأية 59 من سورة الأحزاب والله الموفق.
    وقد نصت عائشة رضي الله عنها في رواية أخرى عند مسلم أنها من آيات الحجاب تجدها عند تبويب النووي بقوله (باب الإذن للنساء في الخروج لحاجتهن) وقد أورد السيوطي في الدر المنثور حديث عائشة رضي الله عنها في أسباب نزول أية 59 من سورة الأحزاب قوله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } وكذلك في اللباب , والحمد لله على توفيقه .
    ولمزيد فائدة الرجوع للبسط الكامل للمسألة على الرابط
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=70810
    والله تعالى أعلم .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: هلَّا أنصفتم النساء !

    * قولك أن النفي ليس عليه دليل من أعجب ما يمكن أن يقال ، حيث أن البينة على من ادعى فلو ادعيتَ أن آية إدناء الجلباب هي آية الحجاب - فلا بد من أن تأتي بالدليل وهيهات .

    * ثم قولك أن آية " لا تدخلوا بيوت النبي " هي آية المساكن أعجب ..فمن من المفسرين أو العلماء قال ذلك ؟؟؟؟؟؟؟... هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين .

    * آية الحجاب التي لم يعرف الصحابة فمن بعدهم غيرها هي آية " لا تدخلوا بيوت النبي .. وإذا سألتموهن متاعًا "
    قال البخاري في كتاب التفسير في قوله تعالى " وإذا سألتموهن متاعاً " قال :
    = قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ .
    = وفي نفس الباب عن أنس قال :
    أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ آيَةِ الْحِجَابِ لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ صَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا الْقَوْمَ فَقَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ وَهُمْ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ إِلَى قَوْلِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } فَضُرِبَ الْحِجَابُ وَقَامَ الْقَوْمُ .
    وقد عقد البخاري بابا خاصاً سماه " باب آية الحجاب " ذكر فيه حديث أنس السابق وذكر حديثاً آخر = عن عائشة زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ :
    كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْجُبْ نِسَاءَكَ قَالَتْ فَلَمْ يَفْعَلْ وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجْنَ لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ عَرَفْتُكِ يَا سَوْدَةُ حِرْصًا عَلَى أَنْ يُنْزَلَ الْحِجَابُ قَالَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ الْحِجَابِ .

    فهؤلاء أصحاب النبي فائتني بمثلهم يقول غير قولهم ، وتذكر قول الله عز وجل :
    "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ .

    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هلَّا أنصفتم النساء !

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شريف شلبي مشاهدة المشاركة
    عن عائشة زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْجُبْ نِسَاءَكَ قَالَتْ فَلَمْ يَفْعَلْ وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجْنَ لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ عَرَفْتُكِ يَا سَوْدَةُ حِرْصًا عَلَى أَنْ يُنْزَلَ الْحِجَابُ قَالَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ الْحِجَابِ .
    ولماذا أعرضت عن قوله عليه الصلاة والسلام : ( إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن ) وحاول أن تشرح علاقة هذه الرواية بالأية التي قصرت روايات نزول الحجاب عليها ؟؟؟
    فكيف يكون قوله ( إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن ) قيل عند نزول قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ إِلَى قَوْلِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } ؟؟؟

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هلَّا أنصفتم النساء !

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شريف شلبي مشاهدة المشاركة
    * ثم قولك أن آية " لا تدخلوا بيوت النبي " هي آية المساكن أعجب ..فمن من المفسرين أو العلماء قال ذلك ؟؟؟؟؟؟؟... هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (المجموع 15/448) : " فَآيَةُ الْجَلَابِيبِ فِي الْأَرْدِيَةِ عِنْدَ الْبُرُوزِ مِنْ الْمَسَاكِنِ وَآيَةُ الْحِجَابِ عِنْدَ الْمُخَاطَبَةِ فِي الْمَسَاكِنِ " . انتهى

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    القاهرة
    المشاركات
    525

    افتراضي رد: هلَّا أنصفتم النساء !

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو طارق النهدي مشاهدة المشاركة
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (المجموع 15/448) : " فَآيَةُ الْجَلَابِيبِ فِي الْأَرْدِيَةِ عِنْدَ الْبُرُوزِ مِنْ الْمَسَاكِنِ وَآيَةُ الْحِجَابِ عِنْدَ الْمُخَاطَبَةِ فِي الْمَسَاكِنِ " . انتهى
    نظراً لوضوح أدلتك وقوة براهينك !!!
    فقد قررت التنحي عن استكمال مجادلتك .
    وأترك للقراء الكرام تقييم مشاركاتينا .
    وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •