أعياد الميلاد.. هل هي بدعة حرام؟!
اطرح هذا النص المنقول من كتابة احدى الفاضلات للمناقشة الفقهية وجزى الله الجميع كل الخير
من الدكتورة --------
ظهر على هامش صفحتي في الفيس بوك تاريخ ميلادي، فأرسل لي كثير من الإخوة والأخوات رسائل تهنئة فيها تمنياتٌ بالعمر المديد والعيش السعيد والرزق الوفير والعمل الصالح وما شابه ذلك، ورددت عليهم شاكرة لعواطفهم النبيلة ومشاعرهم التي تنم عن حب في الله جل جلاله.
تساءل بعض الإخوة والأخوات في تعليقاتهم عن الاحتفال بأعياد الميلاد: هل هي بدعة أم لا؟ وقد رأيت من المناسب أن أوضّح بضع نقاط بهذه المناسبة.
أولاً أنا لم أحتفل بعيد ميلادي ولا أحبّذ هذا ولا أحبه، وإنما وصلتني رسائل لطيفة، ورددت عليها بما يليق بها.
ثانياً، الحلال والحرام لا يخترعهما الناس اختراعاً، وإنما يشرعهما الله عز وجل، ولم يرد معي في ما عرفت من شرع الله تحريماً للاحتفال والفرح بأية مناسبة، إذا كانت هذه المناسبة مشروعة (أي: ليست احتفالاً بمحرم)، وإذا جرى الاحتفال بطريقة موافقة للشرع (أي: إذا خلا الاحتفال من المعاصي التي تغضب الله تعالى ومن الإسراف والمباهاة والتفاخر)، فنحن نحتفل بليلة الزفاف وبولادة المولود وبالنجاح المتفوق في الدراسة وبالتخرج من الجامعة، وغير ذلك كثير..
وليس من الحكمة التضييق على الناس ومحاسبتهم على الفعل المباح الذي يفعلونه، فالدين أباح لهم الفرح في كل المناسبات السعيدة، فأين المشكلة الشرعية في هذا؟
أما الاعتماد على الحديث الشريف الذي يقول: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) فلا يكفي دليلاً على تحريم الاحتفال بيوم ميلاد الابن أو الزوج وما شابه، لأن الواضح منه أنه يعني البدع التي توصل إلى النار، وقد بيّن العلماء أن البدع المحرمة هي التي تبتدع أموراً جديدة في العبادات لم ترد في الشرع، ولذلك بينت مسبقاً على صفحتي أن صلاة الرغائب بدعة وصلاة مئة ركعة في ليلة النصف من شعبان بدعة، وتخصيص صيام يوم 27 من رجب بالصيام بدعة...
ثالثاً: أنا أفضّل لمن يريد الاحتفال بيوم ميلاده أو ميلاد أحبابه أن لا يسميه عيداً، نظراً لما في هذا المصطلح من حساسية، لأن العيد الذي تحتفل به الأمة الإسلامية حسب المصطلح الشرعي، هو فقط عيد الفطر وعيد الأضحى..
قد يتساءل البعض قائلاً: عندما نسمي يوم ولادة ابننا عيداً فإننا لا نقصد به أن نبتدع للأمة الإسلامية عيداً ثالثاً غير الأضحى والفطر، بل نقصد به عيداً شخصياً ومناسبة عائلية، وهذا يختلف عن ابتداع عيد جديد للمسلمين؟
أقول هذا صحيح، ولكن الأفضل أن نبتعد عن الشبهات، وأن نسمّي الاحتفال بولادة شخص عزيز على قلوبنا وتهنئته بذلك اليوم، بيوم والميلاد وليس عيد الميلاد، كما أفضّل أن نغتنم هذا اليوم لنذكّر من نحتفل بميلاده بما يقربه من الله تعالى ويصحح مسيرته..
ويحضرني هنا قول الحسن البصري رضي الله عنه: يا ابن آدم إنما انت أيام، فإن نقص منك يوم نقص بعضك..