هذا الطريق الوعر!!
إذا كان هناك طريق محفوف بالمخاطر، وسلكته ومشيت فيه، فإنك لن تسلمي من أشواكه، ومن الحفر التي تنتشر في كل جنباته ونواحيه! طريق كثرت فيه الحيوانات الضالة، وقطاع طرق ومجرمون، أكنتِ تسيرين في هذا الطريق؟! أكنتِ تسمحين لأحد ممن تحبين أن يسلكه ويمشي فيه؟! أما كنتِ تمنعينه وتحذرينه؟!
هكذا اللسان.. طريق محفوف بالمخاطر، الذي يمشي فيه يكون في غاية الحذر، يرفع رجله عن هذه الزجاجة المكسورة، ويبتعد عن تلك الحفرة العميقة، ويتجنب كلبًا شرسًا ويتحاشى آخر!
عن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به. قال: «قل ربي الله ثم استقم». قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف عليّ؟ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: «هذا». رواه الترمذي.
حاولي -أختي المؤمنة- حين تضطرين إلى الكلام أن تتصوري نفسك تمشين في طريق وعر، فلا تخطين خطوة إلاّ وأنتِ تنظرين أين تضعين قدمك.. تصوري الكلمة خطوة.. أين ستنزل؟ وماذا سينتج عنها؟ من تصيب؟ هل تأتي بخير؟ لو لم أتفوّه بها هل أخسر شيئاَ؟ جاء في الأثر: ينبغي للرجل أن يكون أحفظ للسانه منه لموضع قدمه. حين تكونين في مجلس جميع من فيه يخوض في أعراض الناس أو يسخر من بعضهم، أو يفتري على غيرهم... قولي لنفسك: إنّي أمشي في طريق خطر، علي أن أكون فيه حذرة! قال المهلب لبنيه: «اتقوا زلة اللسان؛ فإن الرجل تزل قدمه فينتعش، ويزل لسانه فيهلك».
عائشة عبد الباري
يحكى عن الوفاء
حُكي أن ملكاً من الملوك أمر قائد جنده بتجويع (10) كلاب لتقوم بمهمة واحدة.. حيث يُرمى بين يديها كل وزير يصدر قراراً غير صحيح أو يبدي رأياً لا يروق للملك لتأكله وتنهش جسده.. فكان أن اقترح أحد الوزراء رأياً حول شؤون المملكة.. فما راق للملك وما أعجبه.. فأمر به أن يرمى بين أفواه الكلاب الجائعة.. فأخذ الوزير يستعطف الملك ويذكّره بإخلاصه له وتفانيه في خدمته، قائلاً: خدمتك عشر سنين فما رأيت مني إلا الحسن من الرأي والكريم من الفعل.. فكيف تنسى كل هذا وتنهي حياتي لقمة سائغة بين كلاب جائعة؟! فما وجد من الملك إلا صدوداً ولم يلتفت لرجائه.. عندها قال الوزير: فهل لي بطلب أخير قبل أن تنهشني كلابك؟!
قال الملك: قل..!! قال الوزير: أمهلني عشرة أيام أخيرة من حياتي قبل تنفيذ الحكم لعلي أنهي فيها بعض شؤوني وشؤون أهلي.
قال الملك: لك ما أردت.
فمضى الوزير من ساعته إلى حارس الكلاب، فطلب إليه طلباً غريباً أن يقوم بخدمة الكلاب عشرة أيام فقط.
فرحب الحارس بطلبه ليخفف عنه ويستريح من متابعة الكلاب فترة محدودة، فبادر الوزير بالعناية بالكلاب وإطعامها وتنظيفها واللعب معها طوال العشرة أيام.
فانقضت الأيام العشرة وجاء وقت تنفيذ الحكم وزج الوزير في سجن الكلاب الجائعة.. واجتمع الملك مع أركان حكمه وحاشيته ليرقبوا المشهد عن قرب.. ورمي الوزير بين الكلاب أمام أنظار الجميع.. فأخذت الملك الدهشة والاستغراب.. وقام عن كرسيه.. فالكلاب أقبلت على الوزير تتودد له وتلصق جسدها بقدميه بكل حنان.
فصرخ الملك بالوزير: ماذا فعلت بالكلاب؟!
قال الوزير: ما فعلت كثير عمل.. كل ما في الأمر أنني خدمتها عشرة أيام فقط.. فكان منها هذا الوفاء ولم تنس إحساني لها.. وهناك من أحسنت له عشر سنين فنسي ما قدمت له..!!
نعم أيها الأفاضل.. ما أصعبه من واقع حينما نرى بعض الحيوانات أكثر وفاء من بعض البشر..!!
كتبت أم الفداء السلفية
العطاء كزجاجة العطر
يحكى أنه كان هناك أخوان يعيشان في مزرعة وكان أحدهما متزوجاً ولديه عائلة كبيرة أما الثاني فكان غير متزوج.. وكانا يتقاسمان اﻹنتاج والربح بالتساوي. وفي يوم من اﻷيام قال اﻷخ غير المتزوج لنفسه إن تقاسمنا أنا وأخي اﻹنتاج واﻷرباح ليس عدﻻً فأنا بمفردي واحتياجاتي بسيطة فـكان يأخذ كل ليلة من مخزنه كيساً من الحبوب ويزحف به عبر الحقل من بين منازلهم ويفرغ الكيس في مخزن أخيه، وفي الوقت نفسه قال اﻷخ المتزوج لنفسه إنه ليس عدﻻً أن نتقاسم اﻹنتاج واﻷرباح سوياً فأنا متزوج ولي زوجة وأطفال يرعونني في المستقبل وأخي وحيد ﻻ أحد يهتم بمستقبله . وعلى هذا اتخذ قراراً بأن يأخذ كيساً من الحبوب كل ليلة ويفرغه في مخزن أخيه.و ظل اﻷخوان على هذه الحال لسنين طويلة؛ ﻷن ما عندهم من حبوب لم يكن ينفذ أو يتناقص أبداً. وفي ليلة مظلمة قام كل منهما بـتفقد مخزنه وفجأة ظهر لهما ما كان يحدث فأسقطا أكياسهما وعانق كل منهما اﻵخر .
العطــاء : هو أن تكون في الحياة كزجاجة العطر تقدم للآخرين كل ما بداخلك وإن فرغت تبقى رائحتك طيبة
محمود عبد المحسن
منقول