إن الحمد لله نحمده، ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أعمالنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد.
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
نبدأ إن شاء الله في أولى الحلقات في كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة:
(بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتمَّ علينا النعمة، وجعل أمَّتنا -أمَّـة الإسلام- خيرَ أمَّة، وبعث فينا رسولًا منَّا يتلو علينا آياته ويزكينا، ويعلِّمنـا الكتاب والحكمة، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله للعالمين رحمة، نبيِّنـا محمد وعلى آله وصحبه.
أمـا بعد:
فإنَّ الحكمة من خلق الجن والإنس هي عبادة الله وحـده، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريـات: 56].
فالحكمة من خلق الجن والإنس هي عبادة الله U و الحكمة الشرعية المرداة هنا، هي الحكمة الشرعية، و الحكمة الشرعية، أي أن الله U أراد من خلقه هذا الأمر وأحبه، شرعه لهم على ألسنة رسله، وضمنه كتبه، لكن لا يلزم من الحكمة الشرعية أن تقع، إنما يقع فيها الاختبار والابتلاء، الله U يحبها ويرضاها، والخلق بعد ذلك إما يفعلونها بتوفيق الله لهم، وإما يعرضون عنها ففيها الاختبار والابتلاء، إذًا ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ فيه فكر الحكمة الشرعية، ولذا كان التوحيد العقيدة الصحيحة المأخوذة من منبعها الأصلي وموردها المبارك كتاب الله وسنة رسوله r هي الغاية لتحقيق تلك العبادات، قربا وهي الوسيلة لتحقيق تلك العبادات، وهو ينبه هنا على ما ذكرناه في المرة السابقة من أن مصادر العقيدة :كتاب اللهU، سنة نبيهr، وتكلمنا في أن هذه المصادر يمكن أن تختلف بين أهل السنة وبين غيرهم، لذلك مصدر التلقي أمر مهم جدا، حتى لما تتناقش مع إنسان أو يحدث مناظرة مع أحد لابد من ضبط الأصول التي ترجع لها أولا،فما هي الأصول التي سنرجع لها ؟، من أين سننطلق؟، ماهي الأصول التي اتفقنا عليها؟ ، فلو أن هناك إنسان لا يعظِّم القرآن والسنة، كيف نتناقش معه؟ إذًا في بادئ الأمر يُدعى إلى الإسلام، يُدعى أولاً: إلى أن هذا القرآن كلام الله، فبذلك نكون قد وصلنا لقناعة، وصلنا لهذه المرحلة أن القرآن كلام الله U إذًا هذا القرآن مقدس،فبذلك نأخذ نصوصه على أنها أمور قطيعة يلزمنا العمل بها، وهكذا في أحاديث النبي r.
يقول:(ولذا كان التوحيد والعقيدة الصحيحة المأخوذةُ من منبعها الأصلي وموردهـا المبارك كتاب الله وسنة رسولهr هي الغاية لتحقيق تلك العبـادة، فـهي الأساس لعمارة هذا الكون، وبفقدها) أي العقيدة (يكون فساده وخرابه واختلاله، كـمـا قال الله تعـالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ[الأنبياء: 22]، وقال سـبحانه:﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا[الطلاق: 12]، إلى غير ذلك من الآيات.
ولما كان غير ممكن للعقول أن تستقلَّ بمعرفة تفاصيل ذلك) إذا العقول لا تستقل بمعرفة التفاصيل، ولكن العقول تصل إلى الحقائق الإجمالية، فالعقل قد يصل بصاحبه إذا أعمله أن لهذا الكون خالقًا، والعقل قد يصل بصاحبه إذا أعمله وصفى عن المعارض أن لهذه الأجساد معادًا ومآبًا، أي أنها ترجع للبعث مرة أخرى للحساب، أما تفاصيل الشرائع وتفاصيل الأخبار عن الله U وتفاصيل أمور العقيدة فلا يستقل العقل بها.
يقول: ( ولما كان غير ممكن للعقول أن تستقلَّ بمعرفة تفاصيل ذلك بعـث الله رسلَه وأنـزل كتبَه؛ لإيضاحه وبيانه وتفصيله للناس حتى يقوموا بعبـادة الله على علم وبصيرة وأسسٍ واضحةٍ ودعائم قويمةٍ، فتتابع رسلُ الله على تبليغه، وتوالوا في بيانه كما قال سبحانه: ﴿ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ[فاطر: 24]، وقال سبحانه: ﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى﴾ [المؤمنون: 44]، تترى: أي يتبع بعضُهم بعضًا، إلى أن ختمهم بسيِّدهم وأفضلهم وإمامهم نبيِّنا محمدr فبَلّغ الرسالة وأدَّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وجاهد في الله حقَّ جهاده ودعا إلى الله سـرًّا وجهرًا، وقام بأعباء الرسالة أكملَ قيام، وأوذيَ في الله أشدَّ الأذى، فصـبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ولم يزل داعيًا إلى الله هاديـًا إلى صراطـه المستقيم حتى أظهر الله به الدِّين، وأتم به النِّعمة، ودخل الناس بسبب دعوتـه في دين الله أفواجًا، ولم يَمُتr حتى أكمل الله به الدِّين وأتمَّ به النِّعمـة، وأنـزل في ذلك سبحانه قولـه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]فبيَّن صلوات الله وسلامه عليه الدين كلَّه أصوله وفروعه، كما قال مالك إمام دار الهجرة_مالك بن أنس رحمه الله:«مُحال أن يُظنَّ بالنبيr أنه علَّم أمتـه الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد»).
مسألة في غاية الأهمية: النبي r بُعث بالدين، والدين كًمُلَ قبل موته r فما مات حتى أكمل الله به الملة، وأقام به الحجة، وأتم به النعمة r واستشهد أهل الإسلام في حجة الوداع، فاستشهد r المسلمين في حجة الوداع إذا سئلوا عنه فماذا هم قائلون؟ فقالوا نشهد أنك قد بلغت، فالنبي r ما ترك خيرا يقرِّب إلى الجنة ويقرب إلى الله إلا ودل الأمة عليه أتم بيان وأوضح بلاغ وما ترك شرًا وما ترك سبيلاً يباعد الأمة عن الله أو عن الجنة، إلا ووضحه لهم أتم بيان وأوضح بيان، ولذلك في الحديث النبي r يقول، تركتم على مثل البيضاء، أو على المحجة البيضاء،_المحجة : الطريق_ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ليلها كنهارها، الليل: وقت الظلام فالذي سيسير في طريق الإسلام قد يعتريه فترات فيها فتن، فترات أخرى فيها ظلام، فترات فيها اضطراب، فترات فيها اختلاط للأمور، لكن هل هذا مصوغ لأن أن ينحرف؟ لا، إنما الإنسان إذا تمسك بالحق واتبع الحق، كانت الحقائق أمامه واضحة جلية، ليلها كنهارها،من الذي سيزيغ؟ الهالك، هذا الكلام مهم جدا،أي أنك تسلك إلى الله U، بعض الناس وهم أعداء الإسلام يريدون أن يُبّغِضوا الناس في الدين، يقولون الدين كله افتراقات كله مذاهب وكله اختلافات، فما العمل؟ نقول له : قال U: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ولَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم﴾ [هود: 118] فهذا اختبار وابتلاء من الله U لخلقه، ولا يزال الناس يختلفون على أنبيائهم، والنبي r يملك الحق والحجة وهناك بعض الناس، لم يؤمنوا به، فالاختلاف هذا سنة كونية، أما أن يكون الاختلاف والتعدد مصوِغ لعدم إتباع الحق، ومبرر لعدم إتباع الحق، هذا كلام في غاية البطلان، لماذا؟ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فلا عذر لأحد أن يضل ولا عذر لأحد أن يزيغ، الإمام رحمه الله يقول (مُحال أن يُظنَّ بالنبيr أنه علَّم أمتـه الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد،) فنحن عندنا الأحكام الشرعية الفقهية، وردت لنا بالأسانيد عن الصحابة، نقلها عنهم التابعون ونقل عن التابعين تابعوهم إلى غير ذلك بالأسانيد المتصلة، وتقبلها الناس تقبلتها الفرق المخالفة لأهل السنة، لماذا لما نقل عن الصحابة وعن النبي r الكلام في التوحيد بالأسانيد رفضوها، ؟فهو يقول لهم مستحيل،أن يكون النبي r علم المسلمين كيف يستنجوا في الخلاء؟ وهذا أمر من العبادة وهذا أمر مهم بلا شك ولكن الأهم منه التوحيد، فمستحيل أن يكون علمهم الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد، وهذا كان السبب الذي جعل بعض الناس كتب عن قصة نصراني أسلم يذكر ما السبب في إسلامه، أنه سمع مرة القس زكريا بطرس وهو يتهكم علي الدين الإسلام وكيف أنه يعلم الناس أذكار الخلاء، وكيف أن المسلم يدخل بالرجل اليسرى ويخرج باليمنى، ففضل هذه الليلة يفكر كيف أن هذا الدين دين مخترع، وكيف يقولون أن النبي r اخترع هذا الدين، ولم يفته أنه يعلم أتباع هذا الدين، أذكار دخول الخلاء والخروج منه، فلو هذا الدين مخترع كيف يكون بهذا الإتقان؟ ، المهم ظل يفكر طوال الليل إلى أن ذهب واشترى أذكار اليوم والليلة، فأسلم بسبب هذا الأمر ، فهذا الأمر يدلك، أي أحد يقرأ في شرائع الإسلام، حتى أنه كان يوجد شخص اسمه محمد ساليم أسد، كان أصله يهوديا نمساويا، كان في أوائل القرن الماضي، ولد عام ألف وتسعمائة ،كان مشغولا بدراسات الأديان وغيره حتى،أسلم عام ألف وتسعمائة اثنان وعشرون أو ألف وتسعمائة ست وعشرون فلما سُئل عن سبب إسلامه ؟، قال: اكتمال جوانب هذا الدين لا أستطيع أن أقول جانب واحد فقط هو الذي جذبني،فحينما أنظر في الأخلاق أجد قمة السمو والرقي ، العقائد موافق الفطرة، موافق المعقول، وتجعل نفسه مطمئنة ومستقرة، في جانب التشريعات، كلها عدل، كلها حق وحكمة، مجمل الأمر يجعل الإنسان لابد أن يقر بأنه الدين الحق، وهذه مسألة في غاية الأهمية؛ لكي تعلم، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ﴾ [الحج: 6]، ودائما الآيات في القرآن الحق المبين، فالحق المبين هو الحق الواضح، وإلا لو لم يكن هذا الحق مبينًا ولو لم يكن واضحًا، كان من سيعذب سيكون مظلومًا، والله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئا.
يقول: (وقد كانr داعيةً إلى توحيد الله وإخلاص الدِّين لله ونبذ الشرك كـلِّه كبيرِه وصغيره شأن جميع المرسلين؛ إذ أنَّ الرسلَ كلَّهم متَّفقون على ذلـك، متضافرون على الدعوة إليه، بل هو منطلقُ دعوتهم وزبدة رسالتهم وأسـاس بعثتهم، يقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ[النحل: 36]، وقال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ[الأنبياء: 25]، وقال تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ[الزخرف:45]، وقال تعـالى: ﴿ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ولَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ[الشـورى: 13]، سنري الآن الدين المشترك بين كل الأنبياء ،(وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرةt عن رسول اللهr أَنه قال: «الأنبياء إخوة لعلَّات، أمَّهاتُهم شتَّى ودينُهم واحد» فـالدِّين واحـدٌ) وهنا تعلم بطلان القول بكلمة وعبارة الأديان السماوية، فهو دين سماوي واحد، هو الإسلام،
مفهوم الإسلام:والإسلام هو الدين الحق الذي كان يأتي به كل نبي إلى قومه، فما شرعه آدم لبنيه، كان هو الإسلام، وما أتى به نوحا إلى قومه بعد أن بدلوا، كان هو الإسلام، وهكذا، ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19] المعنى ( بإخوة لعلَّات )العلَّات: أي الضرائر، فإذا كان الأبناء من أب وأم واحده فاسمهم إخوة لأعيان، أما إذا كانوا الإخوة من أب فقط وأمهاتهم مختلفة فاسمهم إخوة لعلَّات ، وإذا كانوا الأبناء لأم واحدة وآباؤهم مختلفين فبنو أخيال.
ما لمقصود بأمَّهاتُهم شتَّى ؟
التفسير الأول: «أمَّهاتُهم شتَّى» أي الشرائع، وهذا مصداق قوله سبحانه وتعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48]، التفسير الثاني: «أمَّهاتُهم شتَّى»أي أزمانهم شتى، كل نبي أتى في زمن مختلف ويتفقون على الدعوة إلى الإسلام والدعوة إلى التوحيد،.
يقول ابن حجر في فتح الباري: في تفسير الحديث،أن أصل دينهم واحد، وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع، وقيل: أن المراد أن أزمانهم مختلفة،.
ويقول بدر العيني في عمدة القارئ: دينهم أي أصول دينهم وأصول الطاعات واحدة والكميات والكيفيات مختلفة، أصول الطاعات: ليس التوحيد فقط،كل أمة فيها صلاة،وكل أمة فيها صيام، التي هي أصول الطاعات الكبار، وكذلك النهي عن المفاسد والمنكرات الكبرى، اتفق عليها في كل الشرائع لحفظ الضرورات، القتل، الزنا، الخمر، السكر ، فهذا موجود في كل الشرائع، فالنصارى عندهم تحريم الخمر وتحريم الخنزير، ولكنهم بدلوا هذا الأمر.
إذًا إخوة لعَلاَّت: أمهاتهم شتى ودينهم واحد، فالدين واحد ، وعبارة الأديان السماوية ،عبارة خاطئة فهو دين واحد فقط. يقول: (والعقيدة واحدةٌ، وإنَّما حصل التنوُّعُ بينهم في الشرائع، كما قـال تعـالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48]. أي جعلنا لكل منكم سبيلا وسنة، سبيلا وسنة.
يقول:(ولذا ينبغي أن يكون متقرِّرا لدى كلِّ مسلم وواضحا لدى كلِّ مؤمـن أنَّ العقيدة لا مجال فيها للرأي والأخذ والعطاء).
مسألة الخمر، ليس متفق عليها كلمة غير واضحة لأن النبي r ورد بالشريعة وظلت الخمر لم تحرم فترة، إنما هو القتل والزنا والسرقة والكذب وغير ذلك.
(ولذا ينبغي أن يكون متقرِّرا لدى كلِّ مسلم وواضحا لدى كلِّ مؤمـن أنَّ العقيدة لا مجال فيها للرأي والأخذ والعطاء وإنَّما الواجب علـى كـلِّ مسلم في مشارق الأرض ومغاربها أن يعتقد عقيدة الأنبياء والمرسـلين، وأن يؤمن بالأصول التي آمنوا بها ودعوا إليها دون تشـكُّكٍ أو تـردُّدٍ، قال تعالى ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ[البقرة: 285].
فهذا شأنُ المؤمنين، وهذا سبيلهم: الإيمان والتسليم والإذعان والقبـول، وعندما يكون المؤمن كذلك ترافقه السلامة، ويتحقق له الأمـن والأمـان، وتزكو نفسُه، ويطمئنُّ قلبُه، ويكون بعيدًا تمام البعد عمَّا يقع فيه ضُلَّال النـاس بسبب عقائدهم الباطلة من تناقض واضطراب وشكوك وأوهام وحَيرة وتذبذب).
مسألة هامة: وهي مسألة (الحقيقة المطلقة) فكثيرًا ما نسمع في الجرائد والإعلام والتلفزيون بما يسمى بالحقيقة المطلقة، والذي يتكلم بهذا الكلام دعاة العلمانية ودعاة الليبرالية، يريدون أن يقولوا: أنه ليس هناك ما يُسمى بالحقيقة المطلقة، فهناك من أصحاب الديانات من يقول معي الحقيقة المطلقة فهذا كلام باطل، ولكن نحن نؤمن بما يسمى بالتعددية الدينية وقبول الآخر، أي أنهم يتعاملون مع العقائد على أنها اختيارات شخصية الرأي والرأي الآخر وهذا الكلام له تأصيل وله فلاسفة يتكلمون فيه يعني فأحد دعاة الليبرالية الكبار، والذي عليه مدار الأمر وأصلَّ هذا الكلام وله نظرية ( التعددية الدينية،) أحوجه إلى ذلك الباطل الموجود في النصرانية، لما عكف يبحث في الديانة النصرانية وجد أن كل ما كان يفعله الأحبار والرهبان، كلام باطل، فعلم من ذلك بأن الديانة هذه لم تكن حقائق، فلما نستورد هذا الكلام من الغرب ، يقولون لابد من عدم احتكار الصوائف لا تتعامل مع من يقول مثل كلامي الآن وهو (لابد من الإيمان دون تشكك أو تردد وهذا شأن المؤمنين هو الإيمان والتسليم والإذعان والقبول وأنه هو الحق وما عداه باطل). يقول أنت (فاشيست،) أي الفاشية الإسلامية، لأنك ليس عندك نوع من الليبرالية ولا نوع من قبول التعددية، فلذلك العبارات التي يقولونها والدعوات التي ينادون بها باطنها الكفر الصُراح، وهم يفرون من هذا لئلا يصطدموا بمشاعر الجماهير وإلا فإن مفهوم كلمة العلمانية:مثلا (العلمانية) لابد أي مصطلح يكون له علاقة بمضمونه، فما علاقة العلمانية بالعلم،؟ العلمانية :معناها فصل الدين عن الحياة، (وفي الكتب الغربية) وفي (دائرة المعارف البريطانية) ترجمة العلمانية الى (سيكروليزم) ترجمتها أي لا ديني، أما كلمة علمانية هذه لفظ يُصّدر للدول المسلمة لئلا يصطدم بمشاعر الناس، في الجرائد، لما قيل في مسجد النور بالعباسية أن العلمانية مروق من الملة، فزعوا من ذلك ماذا نقول ؟ هل نقول أن العلمانية هي التوحيد الصرف ، يقول أحدهم، أنه ليس من حق الله أن يحكم في كذا وفي كذا والتدين هذا علاقة شخصية بينك وبين ربنا، لا تخرج براك لخارج المجتمع، فماذا نقول له؟ فهذا أمر في غاية الخطورة، .
فالعقائد عندنا ثابتة فالهجوم الشرس الآن على السلفيين خصوصًا وعلى أبناء التيار الإسلامي عمومًا يقولون: كيف تدخل معي الآن في السياسة الساسة تنطلق من المتغير، التي يسمونها فن الممكن، أما الدين هذا ثوابت، فلا يمكن دخول الدين في السياسة، بدخولك ستحول وضع السياسة لأمور فيها أحكام، نقول لهم : هذا حكم ربنا سبحانه وتعالى وربنا حكم في السياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع وفي الحرب وفي السلم، وفي أمر الأسرة وفي كل شيء وهذا سؤال نسأله لأي إنسان غير واضح، هل من حق ، الله U أن يحكم مطلقا في كل المجالات أم لا؟
فعندما يجيب سيخرج خارج الإسلام ، مباشرة، لأنه يجحد حق الله U في الحكم، فهذا لب الموضوع، فالله U من حقه يحكم والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، هو لايريدك أن تتكلم عن حكم ربنا في السياسة يقول نجعلها نتاج البشر وأنت تقول له : لا أستطيع، لأن ربنا سبحانه وتعالى أنزل إلينا الهدى، أنزل إلينا الكتاب والميزان، وكل الأخذ والرد في هذا الباب، فننتبه لقضية أن العقيدة هذا أمر مقدس وأن الثوابت وهي هذه الحقيقة المطلقة عند كل الأنبياء، الدين، الذي هو الإسلام الذي أنزله الله تعالى على رسله وضمنه كتبه أما الذي يراد منا بمسألة التعددية الدينية فهذا في شأن بيئات عرفت الأديان المنحرفة التي لا توافق لا العقل ولا الفطرة، فكان عندهم بعض المبررات أنهم ينبذوا الدين، أما نحن فلا
يقول:(والعقيدة الإسلامية الصحيحة بأصولها الثابتة وأسسها السـليمة وقواعدهـا المتينة هي -دون غيرها- التي تحقِّق للناس سعادتهم ورفعتهم وفلاحهم في الدنيـا والآخرة)
لما تُعد العقيدة أساس السعادة في الدنيا والآخرة، ؟ (لوضوح معالمها، وصحَّة دلائلها) فليس هناك ما يثبت إنجيل ولا توراة ولا أن هناك نبي أو موسى أو عيسى عليهما السلام إلا القرآن، لأنه الوحيد المتصل بأسانيد والسنة الوحيدة المتصلة بالسند إلى الآن، أما الإنجيل فليس له أسانيد لا صحيحة ولا ضعيفة، لا العهد القديم ولا العهد الجديد له أسانيد تثبته الأسانيد الوحيدة الموجودة الآن هي للقرآن والقرآن هو الذي يحدث عن موسى وعيسى عليهما السلام فهذا الوحيد الذي يثبت على ميزان النقد العلمي والإثبات التاريخي أن هناك نبي اسمه موسى ونبي اسمه عيسى عليهما السلام، فيقول: (لوضوح معالمها) العقيدة الإسلامية سهلة أي إنسان يستطيع فهمها (وصحَّة دلائلها) دلائلها وأسانيدها صحيحة. (وصحَّة دلائلها وسـلامة براهينـها وحججـها) تسلم من المعارضة ومن التناقض (ولموافقتها للفطرة السليمة، والعقول الصحيحة، والقلوب السويَّة).-فليس هناك لا قلب ولا عقل ولا فطرة ينكر عقيدة واحدة من عقيدة الدين الإسلامي.
(ولهذا فإنّ العالَمَ الإسلامي كلّه في أشدِّ الحاجة إلى معرفة هذه العقيدة الصافيـة النقيَّة؛ إذ هي قطبُ سعادته الذي عليه تدور، ومستقر نجاته الذي عنه لا تحور).تحور أي ترجع.
(وفي هذا المؤلّف الوجيز يجد المسلم أصولَ العقيدة الإسلامية وأهـمَّ أسسـها وأبرزَ أصولها ومعالمها ممَّا لا غنى لمسلم عنه، ويجد ذلك كله مقرونا بدليله، مدعَّمًـا بشواهده، فهو كتاب مشتمل على أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة، وهي أصول عظيمة موروثة عن الرسل، ظاهرة غاية الظهور، يمكن لكل مميِّز من صغـير وكبير أن يُدركها بأقصر زمان وأوجز مدَّة، والتوفيق بيد الله وحده).
ذكر أسماء المؤلفين الذين ساهموا في إعداد الكتاب ، ثلاثة من المؤلفين، دكاترة أو أستاذة في قسم العقيدة الإسلامية في جامعة الملك سعود في المدينة المنورة، الدكتور صالح بـن سعد السحيم، والدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد، والدكتور إبراهيم بن عامر الرحيليالذي قامبالمراجعةأيض ا أستاذة أيضا في العقيدة الدكتور علي بن محمد ناصر الفقيهي والدكتور أحمد بن عطية ألغامدي، .
يقول:(لا يخفى على كل مسلم أهمية الإيمان، وعظم شأنه، وكـثرة عوائـده وفوائده على المؤمن في الدنيا والآخرة، بل إن كل خير في الدنيا والآخرة متوقف على تحقق الإيمان الصحيح، فهو أجل المطالب، وأهم المقاصد، وأنبل الأهداف، وبه يحيا العبد حياة طيبة سعيدة، وينجو من المكـاره والشـرور والشدائد، وينال ثواب الآخرة ونعيمها المقيم وخيرها الدائم المستمر الذي لا يحول ولا يزول.
قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنهُ مْ أَجْرَهُم بأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[النحل: 97].
مفهوم العمل الصالح: أن يكون موافقا الكتاب والسنة، و يبتغى فيه وجه الله U ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾﴿َوهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ أي قلبه مصدق بذلك ينفع عمله من الإيمان بالله ﴿ فَلَنُحْيِيَنهُ حَيَاةً طَيِّبَةًالمراد بالحياة الطيبة: قال أهل التفسير: الرزق الحلال، وقيل : القناعة وقيل السعادة، وقيل: الطاعة في الدنيا، يقول ابن كثير: ولا منافاة بين هذه الأقوال كلها، فإن الحياة الطيبة تشملها جميعا، ويشهد لها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي r أنه قال: «قد أفلح من أسلم ورُزق كفافا وقنعه الله بما آتاه» فغاية السعادة التي ينالها الإنسان أن يرزقه ربنا الإسلام، ورزق كفافا أي ولو كان أقل القليل، وقنعه الله بما آتاه، فالغنى غنى النفس، صح عن النبي r أنه قال: «ليس الغنى عن كثرة العرب ولكن الغنى غنى النفس»
(وقال تعالى: ﴿مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا سعى لها السعي الذي دعت إليه الكتب السماوية ودعا إليه الأنبياء-وَهُوَ مُؤْمِنٌ مصدق بذلك- فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا﴾ [الإسراء: 19].
وقال تعـالى: ﴿ وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا ﴾ [طه: 75]. وقـال تعـالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا[الكهف: 107، 108]. والآيات في هذا المعنى في القرآن الكريم كثيرة.
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الإيمان يقوم على الأصـول الستة) يستدل على منهج الكتاب، فمنهج الكتاب ثلاثة أبواب: الباب الأول : الإيمان بالله فقط، ويشتمل أنواع التوحيد الثلاثة، الباب الثاني: باقي أركان الإيمان، الباب الثالث: مسائل تتعلق بالعقيدة ، من أين أتينا بهذه التقسيمة ، اتفقنا هذا الكتاب يذكر مسائل العقيدة ويستدل عليها، إذا كل مسألة نمر بها ، رتب ذهنك على عنوان ودليل لها ، فمثلا مسالة أن أركان الإيمان ستة، أو أن أصول الإيمان،فهذه مسألة ، من أين أتينا بدليلها من القرآن ومن السنة، يقول الله U: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 136]، خمس أركان بقي ركن القدر ودليلة﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].
يقول الله U: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَة ِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ[البقرة: 177].الكتاب اسم جنس، أي كتاب أنزل من الكتب.
(وقوله تعالى:﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة: 285].
وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ[القمر: 49].
وثبت في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطـاب المشهور بحديث جبريل أن جبريل سأل النبيr فقال: أخبرني عن الإيمان، قـال:«أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خـيره وشره».