قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ”تجدون الناس معادن . فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا” [رواه مسلم]

و في رواية أخرى:

”الناس معادن كمعادن الفضة والذهب . خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا . والأرواح جنود مجندة . فما تعارف منها ائتلف . وما تناكر منها اختلف” [رواه مسلم]

و لا يتم التفريق بين المعادن إذا اختلطت إلا بعرضها على النار، و درجة الانصهار تختلف من معدن إلى معدن، و الذهب أشد مقاومة من غيره كالفضة و ما دون ذلك. فكلما اشتد فتنها كلما زاد صفاؤها وافتراقها عن بعضها البعض.

و التفاوت بين العباد يوم القيامة بتفاوت قيمة أعمالهم و صفاء قلوبهم.

يقول الله عز و جل:

( الم ( 1 ) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ( 2 ) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ( 3 ) أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ( 4 ) .

عن عطاء بن يسار ، أن أبا سعيد الخدري دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوك ، عليه قطيفة ، فوضع يده عليه فوجد حرارتها فوق القطيفة ، فقال أبو سعيد : ما أشد حر حماك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنا كذلك يشدد علينا البلاء ، ويضاعف لنا الأجر " ، ثم قال : يا رسول الله ، من أشد الناس بلاء ؟ ، قال : " الأنبياء " قال : ثم من ؟ قال : " ثم العلماء " ، قال : ثم من ؟ قال : " ثم الصالحون ، كان أحدهم يبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يلبسها ، ويبتلى بالقمل حتى يقتله ، ولأحدهم أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء " [السنن الكبرى للبيهقي] الحديث صححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب.

زيادة توضيح في معنى الفتنة:

فتن‬ ‫(لسان العرب)‬


‫الأَزهري وغيره: جِماعُ معنى الفِتْنة‬ الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ، وفي الصحاح: إِذا أَدخلته النار لتنظر ما جَوْدَتُه، ودينار مَفْتُون.

والفَتْنُ‫ الإِحْراقُ، ومن هذا قوله عز وجل: يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ؛ أَي يُحْرَقون بالنار.‬

‫ويسمى الصائغ الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، وقيل في قوله: يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ، قال: يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم.‬

‫ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة. ابن الأَعرابي: ‬الفِتْنة الاختبار، والفِتْنة المِحْنة، والفِتْنة المال، والفِتْنة الأَوْلادُ، والفِتْنة الكُفْرُ، والفِتْنةُ اختلافُ الناس بالآراء، والفِتْنةُ الإِحراق بالنار؛ وقيل: الفِتْنة في التأْويل الظُّلْم. يقال: فلان مَفْتُونٌ بطلب الدنيا قد غَلا في طلبها. ابن سيده: الفِتْنة الخِبْرَةُ.

‫وقوله عز وجل: إِنا جعلناها فِتْنةً للظالمين؛ أي خِبْرَةً، ومعناه أَنهم أُفْتِنوا بشجرة الزَّقُّوم وكذَّبوا بكونها، وذلك أَنهم لما سمعوا أَنها تخرج في أَصل الجحيم قالوا: الشجر يَحْتَرِقُ في النار فكيف يَنْبُت الشجرُ في النار؟ فصارت فتنة لهم. انتهى.

اللهم آتي نفسي تقواها و زكها أنت خير من زكاها أنت وليها و مولاها.

اللهم أعني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك.