تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ... .. عن الأسباب و التوكل ... .. بالتفصيل .

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    مسافر في بحار اليقين ... حتى يأتيني اليقين ؟!
    المشاركات
    1,121

    Question مع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ... .. عن الأسباب و التوكل ... .. بالتفصيل .

    منقول من استخراج أ. توفيق بن إبراهيم في ملتقى العقيدة :


    http://www.alagidah.com/vb/showpost....7&postcount=30


    وضعته هنا لئلّا نكرر الكلام العام و تفاصيله في مواضيع الأسباب و التوكل ..
    فنبقى في محل البحث الدقيق حسب ما يطرحه كل منا ؟

    لأن الكثير من الإخوة هداهم الله قد امتهنوا أدق الحيل للهروب من محل البحث و مقصد الباحث !؟! راجياً منهم الاستفادة من أسلوب أ. توفيق و طريقته في الحوار الإيجابي الراقي و التوقف عن المناقشة عند تبيّن قصد الباحث و محل بحثه ... حتى :
    نكون لله وحده !

    1- قال في شفاء العليل (ص 189) :

    ولو تتبعنا ما يفيد إثبات الأسباب من القرآن والسنة لزاد على عشرة آلاف موضع ، ولم نقل ذلك مبالغة بل حقيقة ، ويكفي شهادة الحس والعقل والفطر ، ولهذا قال من قال من أهل العلم: تكلم قوم في إنكار الأسباب ، فأضحكوا ذوي العقول على عقولهم ، وظنوا أنهم بذلك ينصرون التوحيد ، فشابهوا المعطلة الذين أنكروا صفات الرب ، ونعوت كماله ، وعلوه على خلقه واستواءه على عرشه ، وتكلمه بكتبه ، وتكليمه لملائكته وعباده .

    وظنوا أنهم بذلك ينصرون التوحيد فما أفادهم إلا تكذيب الله ورسله ، وتنزيهه عن كل كمال ، ووصفه بصفات المعدوم والمستحيل ، ونظير من نزه الله في أفعاله وأن يقوم به فعل البتة وظن أنه ينصر بذلك حدوث العالم ، وكونه مخلوقا بعد أن لم يكن ، وقد أنكر أصل الفعل والخلق جملة .

    ثم من أعظم الجناية على الشرائع والنبوات والتوحيد إيهام الناس أن التوحيد لا يتم إلا بإنكار الأسباب فإذا رأى العقلاء أنه لا يمكن إثبات توحيد الرب سبحانه إلا بإبطال الأسباب ، ساءت ظنونهم بالتوحيد ، وبمن جاء به .

    وأنت لا تجد كتابا من الكتب أعظم إثباتا للأسباب من القرآن ، ويا لله العجب إذا كان الله خالق السبب والمسبب ، وهو الذي جعل هذا سببا لهذا ، والأسباب والمسببات طوع مشيئته وقدرته منقادة لحكمه إن شاء أن يبطل سببيه الشيء أبطلها كما أبطل إحراق النار على خليله إبراهيم ، وإغراق الماء على كليمه وقومه ، وإن شاء أقام لتلك الأسباب موانع تمنع تأثيرها مع بقاء قواها ، وإن شاء خلى بينها وبين اقتضائه لآثارها فهو سبحانه يفعل هذا وهذا وهذا ، فأي قدح يوجب ذلك في التوحيد ، وأي شرك يترتب على ذلك بوجه من الوجوه .

    ولكن ضعفاء العقول إذا سمعوا أن النار لا تحرق ، والماء لا يغرق ، والخبر لا يشبع ، والسيف لا يقطع ، ولا تأثير لشيء من ذلك البتة ، ولا هو سبب لهذا الأثر ، وليس فيه قوة ، وإنما الخالق المختار يشاء حصول كل أثر من هذه الآثار عند ملاقاة كذا لكذا ، قالت هذا هو التوحيد وإفراد الرب بالخلق والتأثير ، ولم يدر هذا القائل أن هذا إساءة ظن بالتوحيد ، وتسليط لأعداء الرسل على ما جاؤوا به ، كما تراه عيانا في كتبهم ، ينفرون به الناس عن الإيمان ، ولا ريب أن الصديق الجاهل قد يضر مالا يضره العدو العاقل .

    قال تعالى عن ذي القرنين ( وآتيناه من كل شيء سببا )
    قال علي بن ابي طلحة ، عن ابن عباس :علما ،
    قال قتادة وابن زيد وابن جريج والضحاك: علما تسبب به إلى ما يريد .
    وكذلك قال إسحاق: علما يوصله إلى حيث يريد .
    وقال المبرد: وكل ما وصل شيئا بشيء فهو سبب .
    وقال كثير من المفسرين: آتيناه من كل ما بالخلق إليه حاجة علما ومعونة له .
    وقد سمى الله سبحانه الطريق سببا في قوله ( فأتبع سببا ) قال مجاهد: طريقا ، وقيل: السبب الثاني هو الأول أي أتبع سببا من تلك الأسباب التي أوتيها مما يوصله إلى مقصوده .
    وسمى سبحانه أبواب السماء: أسبابا إذ منها يدخل إلى السماء ، قال تعالى عن فرعون ( لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات) أي: أبوابها التي أدخل منها إليها .
    وقال زهير:
    ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ...... ولو رام أسباب السماء بسلم
    وسمى الحبل سببا لأيصاله إلى المقصود ، قال تعالى: ( فليمدد بسبب إلى السماء ) قال بعض أهل اللغة: السبب من الحبال القوي الطويل ، ولا يدعى الحبل سببا حتى يصعد به وينزل .

    ثم قيل لكل شيء وصلت به إلى موضع أو حاجة تريدها: سبب ، يقال: ما بيني وبين فلان سبب ، أي: أصرة رحم أو عاطفة مودة ، وقد سمى تعالى وصل الناس بينهم أسبابا وهي التي يتسببون بها إلى قضاء حوائجهم بعضهم من بعض ، قال تعالى: ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ) يعني الواصلات التي كانت بينهم في الدنيا .
    وقال ابن عباس وأصحابه: يعني أسباب المودة الواصلات التي كانت بينهم في الدنيا .
    وقال ابن زيد: هي الأعمال التي كانوا يؤملون أن يصلوا بها إلى ثواب الله ، وقيل: هي الأرحام التي كانوا يتعاطفون بها.

    وبالجملة فسمى الله سبحانه ذلك أسبابا ؛ لأنها كانت يتوصل بها إلى مسبباتها ، وهذا كله عند نفاة الأسباب مجاز لا حقيقة له وبالله التوفيق . اهـ

    2- يقول رحمه الله في مدارج السالكين (3/436) تعليقا وشرحا لقوله تعالى ( وما رميت إذ رميت ) :

    اعتقد جماعة أن المراد بالآية سلب فعل الرسول عنه ، وإضافته إلى الرب تعالى ، وجعلوا ذلك أصلا في الجبر ، وإبطال نسبة الأفعال إلى العباد ، وتحقيق نسبتها إلى الرب وحده .

    وهذا غلط منهم في فهم القرآن ، فلو صح ذلك لوجب طرده في جميع الأعمال ، فيقال: ما صليت إذ صليت ، وما صمت إذ صمت ، وما ضحيت إذ ضحيت ، ولا فعلت كل فعل إذ فعلته ولكن الله فعل ذلك ، فإن طردوا ذلك لزمهم في جميع أفعال العباد طاعتهم ومعاصيهم ، إذ لا فرق .

    فإن خصوه بالرسول وحده وأفعاله جميعها أو رميه وحده تناقضوا ، فهؤلاء لم يوفقوا لفهم ما أريد بالآية .

    وبعد فهذه الآية نزلت في شأن رميه المشركين يوم بدر بقبضة من الحصباء ، فلم تدع وجه أحد منهم إلا أصابته ، ومعلوم أن تلك الرمية من البشر لا تبلغ هذا المبلغ ، فكان منه مبدأ الرمي وهو الحذف ، ومن الله سبحانه وتعالى نهايته ، وهو الإيصال ، فأضاف إليه رمى الحذف الذي هو مبدؤه ، ونفى عنه رمي الإيصال الذي هو نهايته .

    ونظير هذا قوله في الآية نفسها (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ) ثم قال: ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) فأخبره أنه هو وحده هو الذي تفرد بقتلهم ، ولم يكن ذلك بكم أنتم كما تفرد بإيصال الحصى إلى أعينهم ، ولم يكن ذلك من رسوله ، ولكن وجه الإشارة بالآية أنه سبحانه أقام أسبابا ظاهرة كدفع المشركين ، وتولى دفعهم وإهلاكهم بأسباب باطنة غير الأسباب التي تظهر للناس ، فكان ما حصل من الهزيمة والقتل والنصرة مضافا إليه به وهو خير الناصرين . اهـ

    3- يقول رحمه في كتابه الفوائد (ص 163) ، وقد تكرر ذكرك لهذا الكتاب ، فهلا تمعنت في هذا الموضع هداك الله .

    قاعدة التوكل على الله نوعان:

    أحدهما: توكل عليه في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية ، أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية .

    والثاني: التوكل عليه في حصول ما يحبه هو ويرضاه من الايمان واليقين والجهاد والدعوة اليه .

    وبين النوعين من الفضل ما لا يحصيه الا الله ، فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حق توكله كفاه النوع الأول تمام الكفاية ، ومتي توكل عليه في النوع الأول دون الثاني كفاه أيضا ، لكن لا يكون له عاقبة المتوكل عليه فيما يحبه ويرضاه .

    فأعظم التوكل عليه التوكل في الهداية وتجريد التوحيد ومتابعة الرسول وجهاد أهل الباطل ، فهذا توكل الرسل وخاصة أتباعهم.

    التوكل: تارة يكون توكل اضطرار وإلجاء ، بحيث لا يجد العبد ملجأ ولا وزرا إلا التوكل كما إذا ضاقت عليه الأسباب ، وضاقت عليه نفسه ، وظن أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، وهذا لا يتخلف عنه الفرج والتيسير البتة .

    وتارة يكون توكل اختيار ، وذلك التوكل مع وجود السبب المفضي إلى المراد .

    فان كان السبب مأمورا به ذم على تركه ، وإن قام بالسبب وترك التوكل ، ذم على تركه أيضا ، فإنه واجب باتفاق الأمة ونص القرآن ، والواجب القيام بهما والجمع بينهما .

    وإن كان السبب محرما ، حرم عليه مباشرته ، وتوحد السبب في حقه في التوكل ، فلم يبق سبب سواه ، فان التوكل من أقوى الأسباب في حصول المراد ، ودفع المكروه بل هو أقوى الأسباب على الاطلاق .

    وان كان السبب مباحا نظرت هل يضعف قيامك به التوكل أو لا يضعفه ، فان أضعفه وفرق عليك قلبك وشتت همك فتركه أولى ، وإن لم يضعفه فمباشرته أولى ؛ لأن حكمه أحكم الحاكمين اقتضت ربط المسبب به ، فلا تعطل حكمته مهما أمكنك القيام بها ، ولا سيما إذا فعلته عبودية ، فتكون قد أتيت بعبودية القلب بالتوكل ، وعبودية الجوارح بالسبب المنوى به القربة .

    والذي يحقق التوكل القيام بالأسباب المأمور بها ، فمن عطلها لم يصح توكله كما أن القيام بالأسباب المفضية إلي حصول الخير يحقق رجاءه ، فمن لم يقم بها كان رجاؤه تمنيا ، كما أن من عطلها يكون توكله عجزا ، وعجزه توكلا .

    وسر التوكل وحقيقته: هو اعتماد القلب علي الله وحده فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها ، كما لا ينفعه قوله: توكلت علي الله ، مع اعتماده على غيره ، وركونه إليه ، وثقته به .

    فتوكل اللسان شيء ، وتوكل القلب شيء ، كما أن توبة اللسان مع إصرار القلب شيء ، وتوبة القلب وان لم ينطق اللسان شيء .
    فقول العبد: توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره ، مثل قوله: تبت إلي الله وهو مصر على معصيته مرتكب لها . اهـ

    هذه ثلاث مواضع من كتب ابن القيم رحمه الله ، وما لم أنقله في قضايا إثبات السببية والأخذ بالأسباب وعدم الاعتماد عليها ومسائل التوكل والإتيان بالأسباب فيه أكثر مما ذكرته ، والله الموفق . ا.ه.



    و حبّذا أن يكمل الإخوة والأخوات ما لم يكمله الأستاذ توفيق هنا . و بارك الله فيكم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    21

    افتراضي رد: مع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ... .. عن الأسباب و التوكل ... .. بالتفصيل .

    جزااااااااكم الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •