لا تحتقر عملا من الأعمال ولو كان جزءا من التمرة تتصدق بها فإن الله تعالى يأجرك على ذلك
الكلمة الطيبة والسلام والابتسامة والدعاء يحبهم الله تعالى وهي نوع من أنواع الأجور والحسنات والصدقات اليسيرة
إن كل هذه الفتن إنما تتمكن من المسلم حين يكون جاهلا بدينه غير ملم بأحكامه فالمسلم الجاهل هو أكبر عبء على الإسلام وعبء على نفسه وعلى وطنه وعلى دينه
قاعدة عظيمة من القواعد المهمة التي يحتاجها الإنسان في حياته وفي سيره إلى الله -تبارك وتعالى-، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحْقِرَنَّ من المعرُوفِ شيْئًا، ولوْ أنْ تلْقَى أخاكَ بوجْهٍ طلْقٍ».
قاعدة نبوية عظيمة، أن يحذر الإنسان من احتقار المعروف أيًا كان ذلك المعروف، أيا كانت تلك الحسنة، ولو كانت أمرا يسيرًا، ولو تصدق الإنسان بتمرة أو بجزء من التمرة، بل لو تبسم الإنسان في وجه أخيه فهذه صدقة، لا تحتقر هذا العمل؛ لأن هذا عمل يحبه الله -تعالى-، وقد يكون فيه نجاته بسبب هذه الحسنة أو ذلك العمل.
إنَّ اللهَ قد أوجَب لها الجنَّةَ
ومن المواقف التي حدثت في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ما روته أمنا عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءتني مسكينةٌ تحمِلُ ابنتينِ لها فأطعَمْتُها ثلاثَ تمراتٍ، فأعطتْ كلَّ واحدةٍ منهما تمرةً ورفَعت إلى فيها تمرةً لِتأكُلَها فاستطعَمَتاها ابنتاها، فشقَّتِ التَّمرةَ الَّتي كانت تُريدُ أنْ تأكُلَها بينَهما فأعجَبني حنانُها فذكَرْتُ الَّذي صنَعتْ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إنَّ اللهَ قد أوجَب لها الجنَّةَ وأعتَقها بها مِن النَّارِ». بيت النبي - صلى الله عليه وسلم
لم يكن في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الطعام الكثير أو أنواع الشراب، كان بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بسيطا جدا، لم يوقد في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - نار بالشهر والشهرين والثلاثة، بمعنى أنه لم يطبخ لقلة ذات يده، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستطيع أن تكون ملذات الدنيا بين يديه، لكنه ما أراد الدنيا، إنما أراد ما عند الله -تبارك و-تعالى--، فأكلت البنتان التمرتين بسرعة. لقد أوجب الله لهذه المرأة الجنة بفعلها ذلك، مع أن هذا في نظرنا أمر بسيط جدا، وهؤلاء بناتها وهي التي ترعاهن، وشيء طبيعي أنها تعطيهم الطعام وأن تقسم التمرة بين البنتين، لكن مع ذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله أوجب لها الجنة بهذا الفعل وبهذا العمل. وقال رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقوا النَّار ولو بشِقِّ تمرةٍ فإنْ لم تجِدوا فبكلمةٍ طيِّبةٍ»، أقل تقدير إذا ما وجد الإنسان أن يعمل معروفا ولو كان جزءا من التمرة، لم يقل تمرة كاملة! فما بالكم بمن ينفق شيئا أكثر من ذلك، لا شك أن أجره عظيم. قال ربنا -جل وعلا-: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} (الإنسان: 8-12) جزاهم الله بإطعامهم الطعام. لا تحتقر عملاً من الأعمال
لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين لنا هذه القاعدة العظيمة من خلال هذا الحديث الشريف، أنك لا تحتقر عملا من الأعمال، ولو كان جزءا من التمرة تتصدق بها فإن الله -تعالى- يأجرك على ذلك، قال- صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقوا النَّار ولو بشِقِّ تمرةٍ فإنْ لم تجِدوا فبكلمةٍ طيِّبةٍ»، الكلمة الطيبة أيضا يحبها الله -تعالى-، فهذه الكلمة لها أثر على النفس، وهي نوع من أنواع الصدقات. إطعام الإنسان لدابته
ومن الأعمال التي قد نراها صغيرة ونحتقرها، إطعام الإنسان لدابته أو بهيمته، فقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا في حديث عظيم في قصة حدثت في الأمم السابقة، قال رسول الله -[-: «إنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا في يَومٍ حارٍّ يُطِيفُ ببِئْرٍ، قدْ أدْلَعَ لِسانَهُ مِنَ العَطَشِ، فَنَزَعَتْ له بمُوقِها فَغُفِرَ لَها».
في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ
وفي رواية «بينما رجُلٌ يمشي بطريقٍ اشتَدَّ عليه العطشُ، فوجَد بئرًا فنزَل فيها فشرِب ثمَّ خرَج، فإذا كلبٌ يلهَثُ يأكُلُ الثَّرى مِن العطشِ؛ فقال الرَّجلُ: لقد بلَغ هذا الكلبَ مِن العطشِ مِثلُ الَّذي بلَغ بي فنزَل البئرَ فملأ خُفَّه ماءً ثمَّ أمسَكه بفيه حتَّى رقِي فسقى الكلبَ فشكَر اللهُ له فغفَر له» فقالوا: يا رسولَ اللهِ إنَّ لنا في البهائمِ لَأجرًا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ». ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق
لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وهذا أمر يسير، فالله -تعالى- يسر للإنسان أعمالا يسيرة وبسيطة، لكن يؤجر عليها أجورا عظيمة، من هذه الأعمال الكلمة الطيبة والابتسامة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ»، بعض الناس -سبحان الله! لا يبتسم لا في البيت ولا مع زملائه ولا في الشارع، دائما مكفهر وغضبان، الابتسامة أجر وثواب لك عند الله -تعالى-، وابتسامتك في وجه أخيك صدقة، نوع من أنواع الصدقات، إذًا الإنسان لا يحتقر أي عمل من الأعمال، كلمة طيبة، ابتسامة، إطعام طعام، إطعام دواب أو البهائم، هذه أعمال لا شك أنها يسيرة، لكنها عظيمة عند الله -تعالى. كثرة ذكر الله