قالت لي ماليزيا.... بوذا ولا طالبان لها....
أذّن مؤذن صلاة العشاء، فمَنَّ الله تعالى عليَّ وسارعت بالالتحاق، فكبَّر الإمام وكبَّرنا ، ثم استفتح فاستفتحنا، ثم استعاذ بالله من الشيطان الرجيم فاستعذنا، ثم قرأ الفاتحة فأمنَّا، ثم تلا قول الملك في عليائه: { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون }فاستوقفتني كلمة الإظهار وسبحت وأبحرت في معانيها، و والله تعالى لم يكمل الإمام الآية الكريمة، ولم يأت على التي تليها، إذا بالسماء من حولنا، زاهية الألوان، منتشرة فيها الأعلام، كانت المفرقعات سببا في ذلك المنظر الهيَّاب، إذا بالذاكرة تعود للوقت القريب، فتذكرت أن أخي محمود، أخبرني أن اليوم عطلة و إجازة، فلما بادرته بالسؤال أن لماذا؟ قال وليته ما قال: إنه عيد الهندوس الأنذال.
فجعلت أسائل نفسي وأنا أتصور الموقف بصورتين:
صورة مسلمٍ يتلقى خبر ربه بأن الإسلام دين حق، وأنه ظاهر على الأديان الزائفة كلها ولو كره الكافرون والمشركون. وفي نفس تلك اللحظة، صورة مفرقعات وألوان زاهية حول رأسه وهو في صلاته في بيت ربه، تعلوه وتعلو إمامه ومسجده ومن حوله، فرحا وطربا وكفرا بدينه، واحتفالا وبهجة بمن تقديس البقر والفئران والجرذان عقيدتهم وديانتهم.
فالقوم بهم ما بهم من الفرحة والنشوة بالنصر والشعور بالفوز، لأنَّ دينهم أصبحت له مكانة ومهابة، كيف لا وفي أعيادهم تتوقف مصالح العجم والعرب وتتعطل المدارس والجامعات والمؤسسات والمصالح العامة والخاصة، في بلدٍ الإسلام دينه، ومحمد رسوله ورب العرش إلهه، ثم يُحشر الناس في بيوتهم أو في المنتزهات مرددين أن اليوم إجازة لأجل دين آلهته بقر وجرذان.
أليس هذا انتصارا؟.......... بلى وربي.
خرجت من المسجد وبي من الهم والحزن ما الله به عليم، فقصدت المركز التجاري لأشتري حليب بثينة- أعزها الله -، فمررت على معبدهم الصغير بقارعة الطريق و جموع الناس حوله، ورائحة الكفر والخبث تنبعث ساطعة منه، فلمحتهم بقلبي لا بسمعي يتشمتون بي قائلين: قل موتوا بغيظكم.
فرفعت بصري إلى السماء، ودعوت الملك المتعال أن يجعلني لبنة من لبنات عودة الإسلام.
ثم سلَّمتُ نفسي للأوجاع، فتذكرت قصة محزنة كانت بطلتها قرة عيني ذات الأربع سنوات بثينة، حينما رأت إحدى نساء الصين - وهم كُثر يمثلون تقريبا نصف المجتمع الماليزي- وهي ترتدي ما لا يُرتدى، وتستر عورتها بما لا يصلح للستر فقالت لأمها مستنكرة غضبانة: أمي، الله المستعان هي لا ترتدي ملابس.
فقلت في نفسي: صدقت بنيَّتي، هذا دينهم، وهذا ما يريدون منك أن تتأسي بهم فيه، وقد نجحوا كثيرا و مشوا خطوات كبيرة ومتسارعة هنا في بلدهم الثاني ماليزيا.
فرفعت بصري إلى السماء، ودعوت الملك المتعال أن يجعلني لبنة من لبنات عودة الإسلام.
ثم حملتني الأوجاع إلى يوم شبيه بهذا اليوم، زرت فيها تلك المنطقة المشؤومة التي تسمى"بَاتُو كْيَافْ" لأجل أمر من أمور الدنيا يخصُّني، فبينا أنا أسير بالسيارة مع أحد الإخوة، إذا بتمثال بحجم العمارة الضخمة الكبيرة، مُذَهَّب الشكل، فاتحا ثغره باسما، سمات البراءة عليه بادية، والألوان حوله زاهية، والأسوار عليه دائرة، والمكبرات الضوئية إليه مصوبة، والقوم من بين يده ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله عابدين داعين، في غيِّهم وضلالهم مستمرين.
فصحت: الله أكبر، ما هذا ؟
فردت عليَّ ماليزيا بصوت فيه نبرة حزن واستنجاد:
بـــــــــوذا ولا طـــالبان لها
بـــــــــوذا ولا طـــالبان لها
بـــــــــوذا ولا طـــالبان لها
فدعوت الله تعالى حينها:
اللهم أجب دعوة ماليزيا
اللهم أجب دعوة ماليزيا
اللهم أجب دعوة ماليزيا
وكتبه حامدا ربه ومصليا على نبيهr:
أبو بثينة الجزائري
ماليزيا
-16جمادى الثانية-1432هـ
18- مايو- 2011 م