إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }[
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً
إن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل ضلالة في النار . أما بعد:

إن أجلَّ ما يميز الشريعة المحمدية ، والملة الحنيفية اتسامها بمنهج متوازن متين لحل القضايا والمشكلات التي تنتجها البشرية على مر العصور وكر الدهور ؛ وهذا قد جعل كثيرا من المستشرقين يقرون بعظمة هذه الشريعة وسر بقائها مع أن هدفهم هدم أحكامها والتشكيك في مواردها ، والفضل ما شهدت به الأعداء .

ومن أراد الوقوف على جادة أسرار الشريعة وطريقة عللها ومناسباتها فعليه أن يطلع على نظامها القضائي ومكوناتها الحكمية ، ومن ذلك ما يتعلق بالمنظومة الجنائية العادلة ، والغوص في مكنونات تفاصيلها وفروعها ، خاصة في زماننا الذي تنكب فيه كثير من المسلمين عن هذا النور الصافي ، واعتاضوا عن ذلك بما زينه الشيطان لهم وحسنه من أنظمة البشر وزبالة أذهانهم .
- خطة البحث
المبحث الأول : تمهيد ؛ وفيه مطلبان :
- المطلب الأول : تقسيمات العلماء للقتل .
- المطلب الثاني : ماهية القتل شبه العمد .
المبحث الثاني : القتل شبه العمد بين القبول والرد .
المبحث الثالث : القتل بالمثقل بين العمدية وشبهها .
المبحث الرابع : صفة تغليظ دية القتل شبه العمد .
خاتمة ؛ وتتضمن أهم النتائج .
لؤي محمود الشوربجي

المبحث الأول : تمهيد بين يدي البحث


درج فقهاء الإسلام في مصنفاتهم الفقهية على جعل القتل ذا شعب متعددة وأقسام متنوعة ؛ وذلك آيل إلى اختلاف أسباب وقوعه ، وكذا ورود السنن والآثار في مداخل هذا الموضوع وموارده .
وتقسيمات القتل لم تكن ناشئة من بيئة الأئمة الأربعة ، لكنها مستقرة لدى من سبقهم من فقهاء الصحابة والتابعين ، ولما ظهرت المذاهب الفقهية كان لكل فقيه اجتهاد ونظر بحسب ما يظهر له .
ولم تكن هذه التقسيمات بعيدة الشأو بحيث يحصل بها خلف كثير بينهم ، ولذلك رأينا جماهير العلماء يجعلون قسمة القتل ثلاثية خلافًا للإمام مالك – رحمه الله – فإنه اعتبر تقسيم القتل إلى عمد وشبه عمد وخطأ بدعة محدثة ، ومع ذلك رأيناه يذهب مذهب الجمهور في بعض القضايا والمسائل على ما سنبينه في هذا البحث بإذن الله تعالى .
وما نرمي إليه في هذا التمهيد هو إثبات تقاسيم العلماء للقتل وبيان عباراتهم في ذلك ، ثم إرداف تعريفاتهم للقتل شبه العمد الذي هو مورد البحث .



المطلب الأول : تقسيمات العلماء للقتل

· أولًا : الحنفية
قال محمد بن الحسن : " القتل على ثلاثة أوجه عمد وخطأ وشبه العمد فأما العمد فهو ما تعمدت ضربه بالسلاح ففيه القصاص إلا أن يعفوا الأولياء أو يصالحوا وأما شبه العمد فهو ما تعمدت ضربه بالعصا أو السوط أو الحجر أو البندقة ففيه الدية مغلظة على عاقلة القاتل وعلى القاتل الكفارة وأما الخطأ فهو ما أصبت مما كنت تعمدت غيره فأخطأت به فعلى القاتل الكفارة وعلى عاقلته الدية" [1]
وزاد العلامة المرغياني قسمين آخرين فقال : " القتل على خمسة أوجه عمد وشبه عمد وخطأ وما أجري مجرى الخطأ والقتل بسبب ........................وما أجري مجرى الخطأ مثل النائم ينقلب على رجل فيقتله فحكمه حكم الخطأ في الشرع وأما القتل بسبب كحافر البئر وواضع الحجر في غير ملكه "[2]
قلت : وعليه درج أكثر المتأخرين من أصحاب أبي حنيفة رحمه الله .

· ثانيًا : المالكية .
" قال سحنون: قلت لابن القاسم: هل كان يعرف مالك شبه العمد في الجراحات أو في قتل النفس؟ قال: قال مالك: شبه العمد باطل، وإنما هو عمد أو خطأ ولا أعرف شبه العمد. قلت: ففي أي شيء يرى مالك الدية مغلظة؟ قال: قال مالك: في مثل ما صنع المدلجي بابنه فقط، لا يراه إلا في الوالد في ولده إذا قتله فحذفه بحديدة أو بغير ذلك مما لو كان غير الوالد فعل ذلك به قتل به، فإن الوالد يدرأ عنه ذلك القود، وتغلظ عليه الدية "[3]

· ثالثًا : الشافعية .
قال الشافعي : "القتل ثلاثة وجوه قتل عمد وهو ما عمد المرء بالحديد الذي هو أوحى في الإتلاف وبما الأغلب أنه لا يعاش من مثله بكثرة الضرب وتتابعه أو عظم ما يضرب به مثل فضخ الرأس وما أشبهه فهذا كله عمد والخطأ كلما ضرب الرجل أو رمى يريد شيئا وأصاب غيره فسواء كان ذلك بحديد أو غيره وشبه العمد وهو ما عمد بالضرب الخفيف بغير الحديد مثل الضرب بالسوط أو العصا أو اليد فأتى على يد الضارب فهذا العمد في الفعل الخطأ في القتل وهو الذي تعرفه العامة بشبه العمد "[4]

· رابعًا : الحنابلة .
قال ابن قدامة : " والقتل على ثلاثة أضرب عمد وهو : أن يقصده بمحدد أو ما يقتل غالبا فيقتله ؛ والثاني : الخطأ وهو : أن لا يقصد إصابته فيصيبه فيقتله ؛ والثالث : خطأ العمد وهو أن يقصد إصابته بما لا يقتل غالبا فيقتله " .[5]



المطلب الثاني : ماهية القتل شبه العمد

تبين لنا من سياقات العلماء في تقسيمات القتل حقيقة شبه العمد عند من يعتبره نافذًا في الجنايات، وعليه فإننا في هذا المطلب لن نأتي بشي مستجد عما سبق ذكره إلا إفراد النوع المطلوب دراسته ، وبيان ذلك ما يلي :
1- يرى المالكية والظاهرية عدم اعتبار القتل شبه العمد مطلقًا ، وأن القتل ليس إلا نوعان عمد وخطأ ، واستثنى المالكية بعض الحالات كما إذا قتل والد ولده فإنه لا يقاد به وعليه الدية مغلظة .
2- وشبه العمد عند الحنفية : " أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح ولا ما أجري مجرى السلاح "
3- واتفق الشافعية والحنابلة على أن شبه العمد قصد الإصابة بما لا يقتل غالبًا كالسوط ونحوه .


المبحث الثاني : القتل شبه العمد بين القبول والرد .

· تحرير محل النزاع : [6]
- اتفق الفقهاء على تقسيم القتل إلى عمد وخطأ ؛ واختلفوا في هل بينهما وسط أم لا وهو الذي يسمونه شبه العمد على ثلاثة أقوال :
· أقوال الفقهاء:
القول الأول: القتل شبه العمد معتبر شرعًا ؛ وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة على خلاف بينهم في تعريفه . [7]
القول الثاني : القتل شبه العمد باطل غير معتبر ؛ وهو مذهب الظاهرية . [8]
القول الثالث : يعتبر شبه العمد في قتل الوالد لولده ، وما عداه باطل ، وهو مذهب المالكية . [9]

· أدلة القول الأول :
استدل الجمهور بالسنة والأثر والمعقول :
أولا : السنة :
1- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس فتكون دماء في غير ضغينة ولا حمل سلاح " [10]
2- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ :« أَلاَ إِنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِى بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا ».[11]
3- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« أَلاَ إِنَّ فِى قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَإِ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ مُغَلَّظَةً مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِى بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا ».[12]
وجه الدلالة :
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث القتل شبه العمد ، وهذا من أصرح الدلالة على إثباته .
ورد :
حديث عمرو بن شعيب حكم عليه ابن حزم بالإرسال[13] ؛ وفي إسْنَادِهِ محمد بن رَاشِدٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمَكْحُولِيُّ وقد تَكَلَّمَ فيه غَيْرُ وَاحِدٍ وَوَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ .[14]
وأما الحديث الثاني فضعيف أيضًا ؛ لأن في إسناده اختلافًا ذكره البخاري في التاريخ والدارقطني في سننه . [15]
وأجيب :
وهم ابن حزم في إعلال الحديث بالإرسال ؛ وسببه أنه أسقط أبا عمرو بن شعيب وجده عند روايته في محلاه ؛ وأما ابن راشد فالراجح أنه صدوق يهم كما ذكر ابن حجر في التقريب[16] ؛ ولكن له شواهد يتقوى بها .
وحديث عبدالله بن عمرو ثابت لا يضره الاختلاف كما قال ابن القطان[17] ،وقد صححه ابن حبان[18] والبيهقي[19] .

4- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ قُتِلَ فِى عِمِّيَّا أَوْ رِمِّيَّا تَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحَجَرٍ أَوْ بِعَصَا فَعَقْلُهُ عَقْلُ خَطَإٍ وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَقَوَدُ يَدَيْهِ فَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَة ِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ».[20]

وجه الدلالة :
قال البيهقي : " قَوْلُهُ فَعَقْلُهُ عَقْلُ خَطَإٍ يُرِيدُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ شِبْهَ الْخَطَإِ وَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ خَطَأٌ يُرِيدُ بِهِ شِبْهَ خَطَإٍ حَتَّى لاَ يَجِبَ بِهِ الْقَوَدُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْخَطَأَ الْمَحْضَ وَذَلِكَ أَنْ يَرْمِىَ شَيْئًا فَيُصِيبَ غَيْرَهُ فَيَكُونُ عَقْلُهُ عَقْلَ الْخَطَإِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ " . [21]

ورد :
بأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى من قتل في عمية بأنه قتل خطأ ، وتأويله بشبه العمد خروج عن الظاهر بدون دليل . [22]

ثانيًا : الآثار
وردت أثار كثيرة عن الصحابة رضي الله عنهم تثبت شبه العمد ، وممن روي عنه في هذا الباب :[23]
1- عمر بن الخطاب .
2- علي بن أبي طالب .
3- زيد بن ثابت .
4- عبد الله بن مسعود .
5- وغيرهم ، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة .
ورد :
بأنه لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم . [24]

· أدلة القول الثاني :
1- قال تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}[25]

وجه الدلالة:
ذكر الله في كتابه القتل على قسمين عمد وخطأ ، ولم يجعل قسمًا ثالثًا ؛ فدل هذا على بطلان هذا النوع وفساده . [26]
ورد :
بأنه قد جاء في السنة الصحيحة ما يثبت القتل شبه العمد ، والسنة شارحة للقرآن مبينة له ، وليس القول به خروجا عن مقتضى النص القرآني ، لأنه قد قال به كبار الصحابة الذين هم أعلم الناس بتأويل آي القرآن.[27]

· أدلة القول الثالث :
استدل مالك رحمه الله بقضاء عمر رضي الله عنه في حادثة قتادة المدلجي عندما قتل ابنه ؛ فإنه جعلها شبه عمد ، والقصة بتمامها أخرجها عبد الرزاق عن بن جريج عن عبد الكريم وذكر : " أن قتادة المدلجي كانت له جارية فجاءت برجلين فبلغا ثم تزوجا فقالت امرأته لا أرضى حتى تأمرها بسرح الغنم فأمرها فقال ابنها نحن نكفي ما كلفت أمنا فلم تسرح أمهما فأمرها الثانية فلم تفعل وسرح ابنها فغضب وأخذ السيف وأصاب ساق ابنه فنزف فمات فجاء سراقة عمر بن الخطاب في ذلك فقال وافني بقديد بعشرين ومئة بعير فإني نازل عليكم فأخذ أربعين خلفة ثنية إلى بازل عامها وثلاثين جذعة وثلاثين حقة ثم قال لأخيه هي لك وليس لأبيك منها شيء وذكروا أنهم عذروا قتادة عند عمر فقالوا لم يتعمده إنما أراد الحدب فأخطأته فغلظ عمر ديته فجعلها شبه العمد ".[28]

· الترجيح :
يظهر للباحث بعد ذكر أدلة كل فريق ومناقشاتهم ترجيح قول الجمهور في اعتبار واسطة بين قتل العمد والخطأ وهو شبه العمد وذلك لما يلي :
أ*. أَنَّ هَذَا هُوَ عَيْنُ الْوَاقِعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; لِأَنَّ مَنْ ضَرَبَ بِعَصًا صَغِيرَةٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا ، وَهُوَ قَاصِدٌ لِلضَّرْبِ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْمَضْرُوبَ لَا يَقْتُلُهُ ذَلِكَ الضَّرْبُ ، فَفِعْلُهُ هَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ مِنْ جِهَةِ قَصْدِهِ أَصْلَ الضَّرْبِ وَهُوَ خَطَأٌ فِي الْقَتْلِ ، لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَقْصِدُ الْقَتْلَ ، بَلْ وَقَعَ الْقَتْلُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ إِيَّاهُ .[29]
ب*. دلت السنة الصحيحة التي لا معارض لها على اعتبار هذا النوع ؛ وكذلك آثار الصحابة رضي الله عنهم وأقضيتهم ، وما أورده المخالفون على هذه الأدلة لا يقدح في سلامتها كما تبين لنا من خلال إجابة الجمهور عليها .
ت*. إن هذا القول تجتمع به الأدلة من الكتاب والسنة ، والاقتصار على الكتاب يلزم منه التعارض ، والتوفيق حاصل في بيان السنة لهذا القسم وهذا كثير شاع في الشريعة الإسلامية .



المبحث الثالث : القتل بالمثقل بين العمدية وشبهها .

· تحرير محل النزاع :[30]
- اتفق الفقهاء على أن من قتل بمحدد فإنه عمد ، واختلفوا في المثقل الذي يقتل
غالبًا كعمود الفسطاط والصخرة ونحوها على قولين :
· أقوال الفقهاء :
القول الأول : القتل بالمثقل شبه عمد ؛ وهو مذهب أبي حنيفة [31]
القول الثاني : القتل بالمثقل عمد ؛ وهو مذهب الصاحبين والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية [32]

· أدلة القول الأول :
استدل الحنفية بالسنة والمعقول :
أولا : السنة :
1- عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مَنْ بَنِي لَحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ . ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا ، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا» .[33]
2- وَفِي رِوَايَةٍ : «اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ ; فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا ; فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» . [34]
وجه الدلالة :
قَالُوا : فَهَذَا حَدِيثٌ مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ ، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِغَيْرِ الْمُحَدَّدِ ; لِأَنَّ رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ تَدُلُّ عَلَى الْقَتْلِ بِغَيْرِ مُحَدَّدٍ ; لِأَنَّ فِي بَعْضِهَا أَنَّهَا قَتَلَتْهَا بِعَمُودٍ ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهَا قَتَلَتْهَا بِحَجَرٍ . [35]
ورد من ثلاثة وجوه :
الوجه الأول : أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِالرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ ، وَالنَّسَائِيِّ ، وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ كَصَاحِبِ الْقِصَّةِ . لِأَنَّ الْقَاتِلَةَ وَالْمَقْتُولَة َ زَوْجَتَاهُ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيهَا بِالْقِصَاصِ لَا بِالدِّيَةِ . [36]
الثَّانِي : مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ ، قَالَ : " وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَجَرٍ صَغِيرٍ وَعَمُودٍ صَغِيرٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا ، فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَلَا يَجُبْ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ عَلَى الْجَانِي ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجَمَاهِيرِ "[37] .
وأجيب :
أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحِ : أَنَّهَا قُتِلَتْ بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ ، وَحِمْلُهُ عَلَى الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَقْتُلُ غَالِبًا بَعِيدٌ . [38]
الثَّالِثُ : هُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «فَتْحِ الْبَارِي» مِنْ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا تَقْصِدُ غَالِبًا قَتْلَ الْأُخْرَى ، قَالَ مَا نَصُّهُ :
"وَأَجَابَ مَنْ قَالَ بِهِ - يَعْنِي الْقِصَاصَ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ - بِأَنَّ عَمُودَ الْفُسْطَاطِ يَخْتَلِفُ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ ، بِحَيْثُ يَقْتُلُ بَعْضُهُ غَالِبًا وَلَا يَقْتُلُ بَعْضُهُ غَالِبًا ، وَطَرْدُ الْمُمَاثِلَةِ فِي الْقِصَاصِ إِنَّمَا يُشْرَعُ فِيمَا إِذَا وَقَعَتِ الْجِنَايَةُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا ؛ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ الْقَوْدُ لِأَنَّهَا لَمْ يَقْصِدْ مِثْلُهَا وَشَرْطُ الْقَوْدِ الْعَمْدُ ، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ وَلَا عَكْسِهِ "[39]
3- واستدلوا بما رُوِيَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَلِيٍّ ، وَأَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَرْفُوعًا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «لَا قَوْدَ إِلَّا بِحَدِيدَةٍ»[40] . وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ : «كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إِلَّا السَّيْفَ ، وَلِكُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ» . [41]
وجه الدلالة :
الحديث نص في حصر القصاص بالمحدد .
ورد :
بأنه حديث ضعيف لم يثبت من جميع طرقه فلا معول عليه .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : [42]
" وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إِسْنَادٌ فَعَلِيُّ بْنُ هِلَالٍ الطَّحَّانُ مَتْرُوكٌ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ ضَعِيفٌ ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ، وَجَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ مَطْعُونٌ فِيهِ " .
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: [43]
" وَخَالَفَ الْكُوفِيُّونَ فَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ «لَا قَوْدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ ، وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ ، وَذَكَرَ الْبَزَّارُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ مَعَ ضَعْفِ إِسْنَادِهِ : وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ : طُرُقُهُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَإِنَّهُ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِمْ فِي : أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَنْسَخُ الْكِتَابَ وَلَا تُخَصِّصُهُ .
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى غَيْرِ الْمُثْلَةِ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ " .
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْكَانِيُّ : [44]
" وَذَهَبَتِ الْعِتْرَةُ وَالْكُوفِيُّون َ ، وَمِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ الِاقْتِصَاصَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالسَّيْفِ ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ ، وَالْبَزَّارِ ، وَالطَّحَاوِيِّ ، وَالطَّبَرَانِي ِّ ، وَالْبَيْهَقِيّ ِ ، بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْهَا «لَا قَوْدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ» . وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا ، وَالْبَزَّارُ ، وَالْبَيْهَقِيّ ُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ ، وَالْبَيْهَقِيّ ُ ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ . وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ ، وَالطَّبَرَانِي ُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ . وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا .
وَهَذِهِ الطُّرُقُ كُلُّهَا لَا تَخْلُو وَاحِدَةٌ مِنْهَا مِنْ ضَعِيفٍ أَوْ مَتْرُوكٍ ، حَتَّى قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : حَدِيثٌ مُنْكَرٌ . وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ : طُرُقُهُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ . وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إِسْنَادٌ " .

ثانيا : المعقول :
1- إنَّ الْقِصَاصَ يُشْتَرَطُ لَهُ الْعَمْدُ ، وَالْعَمْدُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ ، وَلَا يُعْلَمُ إِلَّا بِالْقَرَائِنِ الْجَازِمَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ بِآلَةِ الْقَتْلِ كَالْمُحَدَّدِ ، عُلِمَ أَنَّهُ عَامِدُ قَتْلِهِ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُعْلَمْ عُمَدُهُ لِلْقَتْلِ ; لِاحْتِمَالِ قَصْدِهِ أَنْ يَشُجَّهُ أَوْ يُؤْلِمَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ قَتْلِهِ فَيُئَوَّلُ إِلَى شِبْهِ الْعَمْدِ . [45]
ورد :
" بِأَنَّ الْمُثْقَلَ كَالْعَمُودِ وَالصَّخْرَةِ الْكَبِيرَةِ مِنْ آلَاتِ الْقَتْلِ كَالسَّيْفِ ; لِأَنَّ الْمَشْدُوخَ رَأْسُهُ بِعَمُودٍ أَوْ صَخْرَةٍ كَبِيرَةٍ يَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ حَالًا عَادَةً كَمَا يَمُوتُ الْمَضْرُوبُ بِالسَّيْفِ ، وَذَلِكَ يَكْفِي مِنَ الْقَرِينَةِ عَلَى قَصْدِ الْقَتْلِ" .[46]


· أدلة القول الثاني :
استدل الجمهور بالكتاب والسنة والمعقول :
أولا : الكتاب :
1- قال تعالى : {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }[47]

وجه الدلالة :
يُفْهَمُ مِنْ إِطْلَاقِ قَوْلِهِ تَعَالَى : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا أَنَّ حُكْمَ الْآيَةِ يَسْتَوِي فِيهِ الْقَتْلُ بِمُحَدَّدٍ كَالسِّلَاحِ ، وَبِغَيْرِ مُحَدَّدٍ كَرَضْخِ الرَّأْسِ بِحَجَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقَتْلِ ظُلْمًا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ . [48]

2- قال العلامة الشنقيطي رحمه الله : " ظَوَاهِرُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَدُلُّ عَلَى الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِغَيْرِ الْمُحَدَّدِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }[49] ، وَقَوْلِهِ : {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ }[50] ، وَقَوْلِهِ : {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }[51] ، وَقَوْلِهِ : {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }[52] " .


ثانيًا : السنة
1- حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوَضَاحٍ لَهَا ، فَرَضَخَ رَأْسَهَا بِالْحِجَارَةِ ، فَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ، رَضَّ رَأْسَهُ بِهِمَا . [53]
وجه الدلالة :
هَذَا الْحَدِيثُ الْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ نَصٌّ صَرِيحٌ صَحِيحٌ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ ، تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِهِ : بِاسْتِوَاءِ دَمِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ الْمَعْصُومِ الدَّمُ كَالذِّمِّيِّ .[54]
ورد :
"يَحْتَمِلُ أَنَّ النبي عَلِمَ أَنَّ الْيَهُودِيَّ كان قَاطِعَ الطَّرِيقِ إذَا قَتَلَ بِسَوْطٍ أو عَصًا أو غَيْرِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ كان يُقْتَلُ بِهِ حَدًّا
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ جَعَلَهُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لِكَوْنِهِ سَاعِيًا في الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ فَقَتَلَهُ حَدًّا كما يُقْتَلُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ فإن ذلك جَائِزٌ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ على ما بَيَّنَّا في قَاطِعِ الطَّرِيقِ" .[55]
2- عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُ نَشَدَ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ : كُنْتُ بَيْنَ حُجْرَتِي امْرَأَتَيْنِ ، فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا ، فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةٍ ، وَأَنْ تُقْتَلَ بِهَا . [56]



وجه الدلالة :
"الْحَدِيثُ نَصٌّ قَوِيٌّ فِي الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِغَيْرِ الْمُحَدَّدِ ; لِأَنَّ الْمِسْطَحُ عَمُودٌ . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ : وَالْمِسْطَحُ أَيْضًا عَمُودُ الْخِبَاءِ . قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّصْرِيُّ :
تَعَرَّضُ ضَيْطَارُو خُزَاعَةَ دُونَنَا ... وَمَا خَيْرُ ضَيْطَارٍ يَقْلِبُ مِسْطَحَا
يَقُولُ : تَعَرَّضَ لَنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ لِيُقَاتِلُونَا وَلَيْسُوا بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُمْ لَا سِلَاحَ مَعَهُمْ سِوَى الْمِسْطَحِ وَالضَّيْطَارُ ، هُوَ الرَّجُلُ الضَّخْمُ الَّذِي لَا غِنَاءَ عِنْدَهُ ". [57]
ورد :
إن المشهور عن حمل بن مالك هي رواية الصحيح ، وهذه الرواية شاذة لا تصح [58]
وأجيب :
بأنه حديث صحيح ؛ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي «السُّنَنِ الْكُبْرَى»[59] فِي هَذَا الْحَدِيثِ : وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، وَفِيمَا ذَكَرَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ «الْعِلَلِ»[60] قَالَ : سَأَلْتُ مُحَمَّدًا (يَعْنِي الْبُخَارِيَّ) عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنُ جُرَيْجٍ حَافِظٌ .




· الترجيح :
يظهر للباحث ترجيح قول الجمهور في كون المثقل عمدًا ، وذلك لقوة الأدلة التي استندوا إليها ، وسلامتها من المعارض القادح ، كما أن قواعد الشريعة تؤيد هذا القول وتعضده ؛ فإنها لا تفرق بين متماثلين ، ولا تجمع بين مختلفين ، فمناط العمدية ما يحصل به القتل غاليًا ولو تعددت أسبابه والله أعلم .



المبحث الثالث : صفة الدية في القتل شبه العمد .

· تحرير محل النزاع :[61]
اتفق الفقهاء على تغليظ دية القتل شبه العمد ، وأنها تؤدى مؤجلة ، واختلفوا في صفتها على قولين :
· أقوال الفقهاء :
القول الأول : تجب أرباعًا ؛ وهو مذهب الحنفية والمشهور عند الحنابلة .[62]
القول الثاني : تجب أثلاثًا ؛ وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة . [63]

· أدلة القول الأول :
استدل الحنفية والحنابلة بالسنة والمعقول :
أولا : السنة
1- عن السائب بن يزيد قال كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل أربعة أسنان خمسة وعشرين حقة وخمسة وعشرين جذعة وخمسة وعشرين بنات لبون وخمسة وعشرين بنات مخاض حتى كان عمر رضي الله عنه ومصر الأمصار قال عمر ليس كل الناس يجدون الإبل فقوموا الإبل أوقية أوقية فكانت أربعة آلاف درهم ثم غلت الإبل فقال عمر رضي الله عنه قوموا الإبل فقومت الإبل وقية ونصف فكانت ستة آلاف درهم ثم غلت الإبل فقال عمر رضي الله عنه قوموا الإبل فقومت أوقيتين فكانت ثمانية آلاف درهم ثم غلت الإبل فقال عمر رضي الله عنه قوموا الإبل فقومت ثلاثة أواق فكانت اثنتي عشر ألفا فجعل على أهل الورق اثنتي عشر ألفا وعلى أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الحلل مئتي حلة قيمة كل حلة خمسة دنانير وعلى أهل الضأن ألف ضائنة وعلى أهل المعز ألف ماعزة وعلى البقر مئتي بقرة [64]
ورد :
بأنه حديث ضعيف ؛ فيه أبو معشر نجيح وصالح بن أبي الأخضر وكلاهما ضعيف كما ذكر ابن حجر رحمه الله .[65]

ثانيا : المعقول :
1- أنه حق يتعلق بجنس الحيوان فلا يعتبر فيه الحمل كالزكاة والأضحية .[66]

· أدلة القول الثاني :
1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ :« أَلاَ إِنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِى بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا ».[67]
2- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« أَلاَ إِنَّ فِى قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَإِ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ مُغَلَّظَةً مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِى بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا ».[68]



· الترجيح :
يرى الباحث رجحان القول الثاني الذي يعتبر الدية أثلاثًا: ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ، وهو الذي دلت عليه السنة الصحيحة ، ولا يرد على هذا أن الستين في حديث ابن عمر مبهمة ، فقد سَاقَ البيهقي بأَسَانِيدَهُ عَنْ عُمَرَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَعَلِيٍّ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ عَنْهُ أَنَّهَا ثَلَاثُونَ حِقَّةً ، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً [69].


خاتمة
وتشتمل على أهم النتائج التي توصل إليها الباحث :
1- جمهور العلماء على تقسيم القتل إلى عمد وشبه عمد وخطأ .
2- ذهب المالكية والظاهرية إلى حصر القتل في العمد والخطأ ، وقد تبين من خلال الدراسة ضعف هذا القول ، وصحة ما ذهب إيه الجماهير .
3- حقيقة شبه العمد استعمال آلة من العادة ألا تقتل كالسوط والعصا ونحوها .
4- الضرب بمثقل يقتل مثله غالبا كالصخرة ونحوها عمد على الراجح وهو مذهب جمهور العلماء خلافًا لأبي حنيفة فإنه من شبه العمد عنده ، وقد تبين من خلال دراستنا لهذه المسألة ضعف هذا القول .
5- لا خلاف بين أهل العلم في تأجيل دية شبه العمد ، وأنها على العاقلة .
6- دية شبه العمد مغلظة مائة من الإبل تقسم أثلاثًا على الراجح من أقوال أهل العلم ، وهو الذي دلت عليه السنة الصحيحة ، وقضايا الصحابة رضي الله عنهم .

والله أعلم .

------------------------------------------------------------

[1] الشيباني : محمد بن الحسن بن فرقد ؛ المبسوط (4/437 وما بعدها) ؛ تحقيق : أبو الوفا الأفغاني ؛ الناشر : إدارة القرآن والعلوم الإسلامية – كراتشي .

[2] المرغياني : أبي الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الرشداني ؛ الهداية شرح البداية (4/159 وما بعدها) ؛ الناشر : المكتبة الإسلامية .

[3] مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني ؛ المدونة (4/558) ؛ المحقق : زكريا عميرات ؛ الناشر : دار الكتب العلمية بيروت ـ لبنان

[4] الشافعي : محمد بن إدريس ؛ الأم (9/364) ؛ تحقيق : محمد إبراهيم الحفناوي ؛ الناشر : دار الحديث – القاهرة ط1429هـ

[5] ابن قدامة : عبد الله بن محمد ؛ الكافي في فقه الإمام أحمد (5/125) ؛ تحقيق : عبد الله التركي ؛ الناشر : دار هجر ط1.

[6] انظر : ابن رشد : أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي ؛ بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/98) ؛ الناشر : مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده- مصر ط4.

[7] انظر : المرغياني : أبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الرشداني ؛ الهداية شرح البداية (4/159) ؛ الناشر : المكتبة الإسلامية ؛ السرخسي : شمس الدين أبو بكر محمد بن أبي سهل ؛ المبسوط (26/115) ؛ تحقيق : خليل محي الدين الميس ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1 ؛ الكاساني : أبو بكر بن مسعود بن أحمد ؛ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/234) ؛ الناشر :دار الكتاب العربي ؛ الشربيني : محمد بن أحمد ؛ الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (2/496) ؛ تحقيق: مكتب البحوث والدراسات ؛ الناشر : دار الفكر ؛ الحصني : تقي الدين أبي بكر بن محمد الحسيني ؛ كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (455) ؛ تحقيق علي عبد الحميد بلطجي و محمد وهبي سليمان ؛ الناشر دار الخير ؛ ابن قدامة : عبد الله بن أحمد ؛ المغني (9/321) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1؛ ابن تيمية : عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد ؛ المحرر في الفقه (2/142) ؛ الناشر : مكتبة المعارف- الرياض ط2.

[8] انظر : ابن حزم :علي بن أحمد بن سعيد ؛ المحلى (7/343) ؛ تحقيق :أحمد محمد شاكر ؛ الناشر : مكتبة المعارف – الرياض ط1 .

[9] انظر : مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني ؛ المدونة (4/558) ؛ المحقق : زكريا عميرات ؛ الناشر : دار الكتب العلمية بيروت ـ لبنان ؛ القرافي : شهاب الدين أحمد بن إدريس ؛ الذخيرة (12/285) ؛ تحقيق محمد حجي ؛ الناشر : دار الغرب – بيروت .


[10] حسن: صحيح سنن أبي داود (4565) .

[11] حسن: صحيح سنن أبي داود (4588).

[12] صحيح : إرواء الغليل (2197) .

[13] انظر : ابن حزم :علي بن أحمد بن سعيد ؛ المحلى (7/380) ؛ تحقيق :أحمد محمد شاكر ؛ الناشر : مكتبة المعارف – الرياض ط1 .

[14] انظر : الشوكاني : محمد بن علي بن محمد ؛ نيل الأوطار ( 7/167) ؛ الناشر : دار الجيل - بيروت .

[15] انظر : الشوكاني : محمد بن علي بن محمد ؛ نيل الأوطار ( 7/167) ؛ الناشر : دار الجيل - بيروت .

[16] انظر : ابن حجر العسقلاني : أحمد بن علي ؛ تقريب التهذيب ( 478) ؛ تحقيق : محمد عوامة ؛ الناشر : دار الرشيد – سوريا .

[17] انظر : الشوكاني : محمد بن علي بن محمد ؛ نيل الأوطار ( 7/167) ؛ الناشر : دار الجيل - بيروت .

[18] انظر : ابن حبان : محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي ؛ صحيح ابن حبان بترتيب بن بلبان (13/364) ؛ تحقيق : شعيب الأرنؤوط ؛ الناشر : مؤسسة الرسالة – بيروت .

[19] انظر : البيهقي : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني ؛ السنن الكبرى ( 8/45) ؛ الناشر : مجلس دائرة المعارف ط1 .

[20] صحيح : صحيح الجامع (6450) .

[21] انظر : البيهقي : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني ؛ السنن الكبرى ( 8/45) ؛ الناشر : مجلس دائرة المعارف ط1 .

[22] انظر : ابن حزم :علي بن أحمد بن سعيد ؛ المحلى (7/380) ؛ تحقيق :أحمد محمد شاكر ؛ الناشر : مكتبة المعارف – الرياض ط1 .

[23] المرجع السابق .

[24] انظر : ابن حزم :علي بن أحمد بن سعيد ؛ المحلى (7/384) ؛ تحقيق :أحمد محمد شاكر ؛ الناشر : مكتبة المعارف – الرياض ط1 .

[25] النساء : 92- 93

[26] انظر : ابن حزم :علي بن أحمد بن سعيد ؛ المحلى (7/343) ؛ تحقيق :أحمد محمد شاكر ؛ الناشر : مكتبة المعارف – الرياض ط1 .

[27] انظر : القرطبي : أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين ؛ الجامع لأحكام القرآن ( 5/329) ؛ تحقيق : هشام البخاري ؛ الناشر : دار عالم الكتب – الرياض ط1423.

[28] عبد الرزاق : أبو بكر بن همام الصنعاني؛ المصنف (17780)؛ تحقيق : حبيب الرحن أعظمي؛ الناشر : المكتب الإسلامي – بيروت ط2

[29] الشنقيطي : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني ؛ أضواء البيان (3/100) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1415هـ

[30] انظر: ابن هبيرة : الوزير أبو المظفر يحيى بن محمد ؛ إجماع الأئمة العلماء واختلافهم (2/220) ؛ الناشر : دار الكتب العلمية –بيروت ط1.

[31] انظر : الكاساني : أبو بكر بن مسعود بن أحمد ؛ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/234) ؛ الناشر :دار الكتاب العربي ؛ السمرقندي : محمد بن أحمد بن أبي أحمد، أبو بكر علاء الدين ؛ تحفة الفقهاء (3/103) ؛ الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت ؛ زين الدين ابن نجيم الحنفي : البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/332) ؛ الناشر : دار المعرفة – بيروت .

[32] انظر : الشيباني : محمد بن الحسن بن فرقد ؛ المبسوط (4/437 وما بعدها) ؛ تحقيق : أبو الوفا الأفغاني ؛ الناشر : إدارة القرآن والعلوم الإسلامية – كراتشي ؛ الكاساني : أبو بكر بن مسعود بن أحمد ؛ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/234) ؛ الناشر :دار الكتاب العربي ؛ التسولي : أبو الحسن علي بن عبد السلام ؛ البهجة شرح التحفة (2/630) ؛ تحقيق : ضبطه وصححه: محمد عبد القادر شاهين ؛ دار النشر : دار الكتب العلمية – لبنان ط1؛ العبدري : محمد بن يوسف بن أبي القاسم ؛ التاج والإكليل لمختصر خليل (6/257) ؛ الناشر دار الفكر – بيروت ؛ الغزالي : محمد بن محمد بن محمد أبو حامد ؛ الوسيط في المذهب (6/259) ؛ تحقيق : أحمد محمود إبراهيم , محمد محمد تامر ؛ الناشر: دار السلام ؛ ابن قدامة : عبد الله بن محمد ؛ الكافي في فقه الإمام أحمد (5/125) ؛ تحقيق : عبد الله التركي ؛ الناشر : دار هجر ط1 ؛ ابن حزم :علي بن أحمد بن سعيد ؛ المحلى (7/343) ؛ تحقيق :أحمد محمد شاكر ؛ الناشر : مكتبة المعارف – الرياض ط1 ؛ القرطبي : أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين ؛ الجامع لأحكام القرآن ( 5/329) ؛ تحقيق : هشام البخاري ؛ الناشر : دار عالم الكتب – الرياض ط1423 ؛ الشنقيطي : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني ؛ أضواء البيان (3/93) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1415هـ

[33] البخاري : محمد بن إسماعيل ؛ الجامع الصحيح المختصر (6359) ؛ تحقيق : مصطفى ديب البغا ؛ الناشر : دار ابن كثير + اليمامة – بيروت ط3 ؛ مسلم بن الحجاج القشيري : صحيح مسلم (4484) ؛ الناشر : دار الجيل بيروت + دار الأفاق الجديدة ـ بيروت .

[34] البخاري : محمد بن إسماعيل ؛ الجامع الصحيح المختصر (6512) ؛ تحقيق : مصطفى ديب البغا ؛ الناشر : دار ابن كثير + اليمامة – بيروت ط3 ؛ مسلم بن الحجاج القشيري : صحيح مسلم (4485) ؛ الناشر : دار الجيل بيروت + دار الأفاق الجديدة ـ بيروت .

[35] انظر : زين الدين ابن نجيم الحنفي : البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/333) ؛ الناشر : دار المعرفة –
بيروت .

[36] الشنقيطي : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني ؛ أضواء البيان (3/94) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1415هـ

[37] النووي : أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف ؛ المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (11/177) ؛ الناشر : دار إحياء التراث – بيروت ط2 .

[38] الشنقيطي : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني ؛ أضواء البيان (3/94) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1415هـ

[39] ابن حجر العسقلاني : أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد ؛ فتح الباري ( 12/250) ؛ الناشر : دار المعرفة – بيروت .

[40] ضعيف : أخرجه الدارقطني (21) وغيره وضعفه ابن حجر كما في الدراية تخريج أحاديث الهداية (2/264) .

[41] ضعيف : الدراية تخريج أحاديث الهداية (2/264) .

[42] البيهقي : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني ؛ السنن الكبرى (8/62) ؛ الناشر : مجلس دائرة المعارف – حيدر آباد ط1

[43] ابن حجر العسقلاني : أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد ؛ فتح الباري ( 12/200) ؛ الناشر : دار المعرفة – بيروت .

[44] الشوكاني : محمد بن علي بن محمد ؛ نيل الأوطار ( 7/98) ؛ الناشر : دار الجيل - بيروت

[45] انظر : الكاساني : أبو بكر بن مسعود بن أحمد ؛ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/237) ؛ الناشر :دار الكتاب العربي .

[46] الشنقيطي : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني ؛ أضواء البيان (3/93) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1415هـ

[47] الإسراء33

[48] الشنقيطي : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني ؛ أضواء البيان (3/94) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1415هـ

[49] البقرة194

[50] النحل126

[51] الشورى40

[52] الحج60

[53] البخاري : محمد بن إسماعيل ؛ الجامع الصحيح المختصر (6485) ؛ تحقيق : مصطفى ديب البغا ؛ الناشر : دار ابن كثير + اليمامة – بيروت ط3 ؛ مسلم بن الحجاج القشيري : صحيح مسلم (4454) ؛ الناشر : دار الجيل بيروت + دار الأفاق الجديدة ـ بيروت .

[54] الشنقيطي : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني ؛ أضواء البيان (3/94) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1415هـ

[55] زين الدين ابن نجيم الحنفي : البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/332) ؛ الناشر : دار المعرفة – بيروت .

[56] صحيح : سنن أبي داود (4572) ؛ سنن النسائي ( 4811) ؛ سنن ابن ماجه (2641) بتحقيق الألباني .

[57] الشنقيطي : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني ؛ أضواء البيان (3/96) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1415هـ

[58] زين الدين ابن نجيم الحنفي : البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/332) ؛ الناشر : دار المعرفة – بيروت .

[59] البيهقي : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني ؛ السنن الكبرى (16848) ؛ الناشر : مجلس دائرة المعارف – حيدر آباد ط1

[60] الترمذي : العلل الكبير (222) ؛ الناشر : عالم الكتب ,‏مكتبة النهضة العربية – بيروت .

[61] انظر : ابن قدامة : عبد الله بن أحمد ؛ المغني (9/488) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1.

[62] انظر: الميداني : عبد الغني الغنيمي الدمشقي ؛ اللباب في شرح الكتاب (1/314) ؛ تحقيق : محمود أمين النواوي ؛ الناشر : دار الكتاب العربي ؛ ابن قدامة : عبد الله بن أحمد ؛ المغني (9/488) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1.

[63] انظر : الحصني : تقي الدين أبي بكر بن محمد الحسيني ؛ كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (455) ؛ تحقيق علي عبد الحميد بلطجي و محمد وهبي سليمان ؛ الناشر دار الخير ؛ ابن قدامة : عبد الله بن أحمد ؛ المغني (9/488) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1.

[64] ضعيف : معجم الطبراني الكبير (6664) ؛ وانظر : المطالب العالية (2/134) ؛ مجمع الزوائد (6/465).

[65] انظر : المطالب العالية (2/134)

[66] انظر : ابن قدامة : عبد الله بن أحمد ؛ المغني (9/488) ؛ الناشر : دار الفكر – بيروت ط1.

[67] حسن: صحيح سنن أبي داود (4588).

[68] صحيح : إرواء الغليل (2197) .

[69] البيهقي : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني ؛ السنن الكبرى (8/69) ؛ الناشر : مجلس دائرة المعارف – حيدر آباد ط1