قصة قصيرة
(يعني هيّ من قلّة الكتب)
نزلَ زَيدٌ من داره قاصدا سوق الكتب القديمة؛ نزلَ سعيدا مسرورا يحدوه الرجاء أنْ يلتقيَ محبوبا جديدا يأنسُ به؛
نظرَ نظرةَ إجمالٍ آخذا طول السوق وعرضه؛ طاف سريعا على وجوه الكتب؛ ثم عاد بطئيا ناظرا نظرة فحصٍ؛
انكفأ -وعيناه ترقصان فرحًا- على أغلفة الكتب؛ فتّشَ وقلّب؛ جَرَدَ الصفوف المختارة صفّا صفّا؛
اختلطت الألوان والمعارف اختلاطا عجيبا؛ نَضَحَ كل كتابٍ بما فيه؛ وآية كل كتاب غِلافه؛
ما بين غِلافٍ متبرّج!؛ وآخر "ابن ناس" متحفّظ؛
الكتب النافعة كثيرة؛
ما بين بحث تنقضي صحبته بانقضاء الحاجة؛
وما بين مصدرٍ مورودٍ؛ ولكلِّ كتاب حاجة؛
عَقَدَ زيدٌ العزمَ على شراء كتاب كذا؛
بعد نظرٍ وطول مراجعة؛
مراجعة للأهميّة و"الماديّة"!
تمّ البيع؛ وقُضِيَ الأمر؛
تأبّطَ زَيدٌ كتابه؛ لم يصبر حتى يرجع إلى بيته؛
تصفّحه وقلّبه أثناء سيره؛
حذارٍ من الصِّدام أو الوقوع في حفرةٍ أو بئرٍ!؛
ركبَ السيّارة بعد انتظارٍ ومدافعة؛ وقليل من المشاكسة!؛
دفعَ الأجرة؛ جلس هنيئًا!؛ ثم عادَ إلى تصفّح الكتاب وَسْطَ ترقّب تارة وفضول تارة!؛
نزل من السيّارةِ متأبّطا كتابه؛
كانت رحلة قصيرة اكتنفتها بعض المعاناة!؛
رجع إلى بيته سعيدا كما نزل سعيدا؛
قال لزوجه مسرورا:
لقد غنمتُ اليوم غنيمة؛ انظري اشتريت كتاب كذا؛
فقلَّبَت الطّرف؛ مع ابتسامةٍ يعلم مغزاها:
"يعني هيّ من قلّة الكتب"!!!
فانكسرا حزينا! وعاد كئيبا!
عِندك حقّ؛ "ما الكتب مَالْيَهْ النّت"!!
شكرا!!