الأولوية الثانية بإيجاز لأن الأولويات عندي الآن كثيرة
أن يكون الخطاب الدعوي مطمئناً للمسلمين والأقباط
لأن الخطاب الإعلامي والدعوي الآن قد يقلق البعض وأنا أقولها لله قد يقلق البعض وينزعج وأنتم تتابعون الآن حملة إعلامية شرسة للتخويف من الإسلام وللتخويف من كل من ينتسب إلى الإسلام.
فأنا أرجوا من دعاتنا وإعلاميينا أن يكون خطابنا الدعوي والإعلامي مطمئناً للمسلمين ومطمئناً لغير المسلمين لأن إسلامنا ليس فيه ما يخوف وليس فيه ما يُفزع الآخرين فهو دين السماحة والعدل، دين الرحمة والرفق، دين اللين والهدى، دين الأمن والأمان فبتاريخ الإسلام يبدأ تاريخ التسامح على وجه الأرض
الإسلام دين الله جل جلاله دين الله الذي يتسم بالتكامل والشمول دين الذي يتسم بالتوازن والاعتدال دين الله الذي يتسم بالتميز والمفاصلة
دين اله الذي يتسم بالجمال والكمال {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(14)}الملك.
دين الله الذي أنزله ليُسعد به من خلق لا ليُسعد به العرب فحسب ولا ليُسعد به المسلمين فحسب بل أنزله ربنا جل وعلا ليُسعد به البشرية كلها في الدنيا قبل الآخرة.
فينبغي أن نُبين محاسن هذا الدين وأن نُبين عظمة هذا الدين وأن تُعلّم الجميع أن الإسلام حرم الظلم على المسلم للمسلم وحرم الظلم من المسلم لغير المسلم
بل إننا نعتقد أن الله جل وعلا يقيم دولة العدل وإن كانت كافرة ولا يُقيم دولة الظلم وإن كانت مسلمة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية .. قال الله جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(8)}المائدة
فلابد أن يعلم الجميع أن ديننا دين يملأ القلوب كلها بالأمن والأمان والطمأنينة ولا يجوز البتة أن نُحاكم الإسلام الدين الرباني والنبوي لمجرد خطأ وقع فيه داعية ينتسب إلى هذا الدين أو لمجرد إعلامي أخطأ على فضائية من الفضائيات ينتسب إلى هذا الإسلام العظيم ليس من العدل أن نُحاكم الإسلام لخطأ بعض المنتسبين إليه فالإسلام دين الله ليس من حق أي عالم مهما علا كعبه أن يقول أنا الإسلام
لا
ليس من حق أي أحد أن يقول هذا
أنا مسلم أقول قال الله وقال رسوله قد أخطئ في الفهم وقد أخطئ في التطبيق وقد أخطئ في الدعوة والسلوك فلا ينبغي أن يُحمل الإسلام خطأي أنا ولا ينبغي أن يُحمل المسلمون جميعاً خطأ فرد ينتسب إليهم ولو كان عالم من علماءهم أو داعية من دعاتهم.
فلابد أن نطمئن الجميع وأنا من هنا أطمئن الجميع أطمئن المسلمين من النخبة من المثقفين من الليبراليين الذين يتخوفون من الإسلام العظيم ويتصورون أن الإسلام وحش كاسر مستعد لقطع الأيدي وجلد الظهور ورجم الرجال والنساء وحرق وجوه النساء اللائي لم ينتقبن هذا خلل في الفهم وقصور في الطرح.
الإسلام دين الرحمة.. الإسلام دين الرفق واللين .. دين الأدب.. دين التواضع..
ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نُزع الرفق من شيء إلا شانه.
ربنا يعلم نبينا كيف يتحرك للدعوة {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ(159)}آل عمران
فإذا كان هذا منهج الدعوة يحدد لسيد الدعاة فليس من حق أي أحد على طريق الدعوة أن يحيد عن منهج سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم.
فينبغي أن نتحرك جميعاً أيها المسلمون لنُطمئن الدنيا كلها بأن إسلامنا دين رفق ولين وعدل ورحمة ووفاء وإخاء وسماح وعمل وبناء ورقي وإخلاص وطهر إلى غير ذلك من هذه المعاني والقيم الذي علمها لنا ربنا جل وعلا في قرآنه وعلمها لنا نبينا سيد الدعاة وإمام التقاة محمد صلى الله عليه وسلم
لا تخافوا الإسلام يا سادة لا تخافوا الإسلام أبداً
وأطمئن كذلك الأقباط في مصر وأقول لهم : لا تخافوا الإسلام ولا تخافوا شريعة محمد عليه الصلاة والسلام فالإسلام وشريعة الإسلام عدل كلها ومصالح كلها
وما عرف الأقباط معنى الأمن وحقيقة الأمان إلا في كنف الإسلام وفي ظلال الإسلام أولم يكفي أن أذكر بما ذكرنا به سابقاً من قول نبينا صلى الله عليه وسلم: [آلا من ظلم معاهداً أو انتقصه حق أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيء بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة] حتى قال الإمام ابن حزم في مراتب الإجماع أن الأمة قد أجمعت على أن حماية أهل الذمة أي على أن حماية الأقباط بين أظهر المسلمين أجمعت الأمة على وجوب حماية أهل الذمة من أي اعتداء خارجي
فأن أقول ليسُ في حاجة إلى استقواء بأمريكا ولا بأوروبا لأن حمايتهم واجبة علينا نحن المسلمين.
لا نقول ذلك سياسة وإنما نقول ذلك تدينا وطاعة منا لربنا ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم
الأولوية الثالثة بإيجاز أن يُركز الخطاب الدعوي والإعلامي الآن على التطهير والتغيير
الكل ينادي بالتغيير .
وما أجمل أن نغير الفساد إلى صلاح وما أجمل أن نُغير الظلم إلى عدل وما أجمل أن نُغير الضلال إلى الهدى وما أجمل أن نُغير البدعة إلى السُنة وما أجمل أن نُغير الشر إلى الخير وما أجمل أن نُغير الباطل إلى الحق وما أجمل أن نُغير الضلال إلى الهدى وما أجمل أن نُغير الكسل إلى العمل وما أجمل أن نُغير الانحراف إلى الاستقامة
ما أجمل هذه المعاني!!
لكن اعلموا أيها الأفاضل أن هذا التغيير لا يمكن على الإطلاق أن يتم بتعديل الدساتير وإنما يجب أن نعتقد جميعاً أن هذا التغيير لا يبدأ إلا بالتطهير من أعماقنا ومن دواخلنا. قال جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ (11)}الرعد بدليل أننا بعد الثورة إلى هذه الشهور لم نرى تغييراً حقيقياً في سلوكياتنا ولا في أخلاقنا أي تغيير هذا الذي ننشده
وأنت ترى رجلاً بسيارته الخاصة يمشي في عكس اتجاه السير وتيجي تقول له إيه اللي بتعمله؟ يقولك: أنا حر
بئس الحرية أي تغيير هذا الذي ننشده وأنت ترى رجُل يضع سيارته صف ثاني وصف ثالث وصف رابع في طريق عام لا تستطيع سيارة إسعاف أن تتحرك ولا سيارة رجل ركن إلى جانب الطريق لا يتمكن من أن يخرج لقضاء مصالحه أو إلى عمله
وتيجي تقول له : أنت راكن كدا غلط يقول لك : أنا حر
بئس الحرية
أي حرية وأي تغيير هذا الذي ننشده ونحن نرى هذه الفوضى
هل نحتاج إلى ضابط شرطة ليوجه سلوكنا وقيمنا وأخلاقنا في كل شارع وفي كل ناحية؟
المسلم يراقب الرب العلي الأعلى لا يراقب القانون الوضعي الأعمى بل يراقب العلي الأعلى
التطهير لابد أن يبدأ من الأعماق .. لابد أن أتطهر أنا من داخلي لابد أن أطهر قلبي من الشرك من الرياء من النفاق من الشك من الغل من الحقد من الحسد من الضغينة من الكبر من الهوى من حب الشهوات من حب الشبهات .
لابد أن أطهر لساني من الكذب من الغيبة من النميمة من قول الزور من شهادة الباطل من ترويج الإشاعات التي تصيب البدن بالشلل لابد أن أطهر لساني من كل ذلك لابد أن أطهر يدي من الرشاوى من الفساد من الظلم من الاستبداد لابد أن أطهر جوارحي من المعاصي.
نعم هذا هو التغيير أيها الأفاضل بالله عليكم ما التغيير الذي حدث وما التطهير الذي تم ونحن لا زلنا على أخلاقنا ولا زلنا على قيمنا
نحتاج إلى تعديل لمنظومة القيم
نحتاج إلى تعديل لسلوكياتنا
شاب من شبابنا جاء إلى هذا المسجد العامر بالليل وأخذ مكانه في الصف الأول بأي دين وبأي شرع يريد أخ من إخواننا جاء الساعة العاشرة اليوم صباحاً أن يقتحم المسجد بأي صورة من الصور ليجلس في الصف الأول ولو داس على أعناق إخوانه وتخطى الرقاب رقبة رقبة
أي دين هذا؟
أي خلق هذا؟
وأي شرع يسير به هذا؟
نحن نخالف بهذا السلوك منهج ربنا ونخالف بهذه الأخلاقيات منهج حبيبنا ونبينا وأسوتنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم
ينبغي إن قال أحد قال الله أن ينصت الجميع ويقولوا سمعنا وأطعنا
وإن وقف أخ وقال قال رسول الله ينبغي أن يُطأطأ الجميع رأسه لله ولرسوله وأن يقول سمعنا وأطعنا
التطهير أيها الأفاضل والتغيير الحقيقي لن يكون أبداً بتعديل الدستور ولن يكون أبداً بتعديل القوانين
إنما يكون التغيير بالتطهير الداخلي ولابد أن نركز الخطاب الدعوي والإعلامي على هذه الحقيقة لنرى بلدنا فعلا تتغير إلى ما نرضي به ربنا ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم
تدبروا معي يا سادة قول ربنا جل جلاله {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ (11)}الرعد
أنا أخشى إن لم نُشكر الله على النعمة الذي أنعم بها علينا أن يسلُبها اللهم لا تستبدل بنا ونعوذ بك من السلب بعد العطاء يا أرحم الراحمين
نحن الآن في نعمة من أجل النعم لكننا واقبلوها مني
لكننا إلى الآن إلى هذه اللحظة لم نشكر الله على هذه النعمة شكر يليق بكماله وجلاله
وشكر يليق بقدر النعمة لأننا لا زلنا على سلوكياتنا وأخطائنا لم نتغير إلا من رحم ربي جل وعلا
من منا عاهد الله على الحفاظ على صلاة الفجر كل يوم؟
من منا عاهد الله على صلاة الليل كل ليلة؟
من عاهد الله على كف لسانه عن الإشاعات وعن ترويج الإشاعات وعن الغيبة والنميمة والكذب
أنا لا أعلم عصرً ولا زمنً لوثت فيه الألسنة بالغيبة والنميمة كعصرنا هذا وكأيامنا هذه
والله الذي لا إله غيره لو كان الهواء يتلوث برائحة الغيبة لما استطعنا أن نتنفس هواءً نقياً طيلة الشهور الثلاثة الماضية
لانتشار الغيبة ولانتشار النميمة لا تجلس مجلسً قط إلا وترى فيه الغيبة إلا وتسمع فيه النميمة إلا من رحم ربي
اللهم أجعلنا ممن رحمت في الدنيا والآخرة
أصبحت الغيبة فاكهة المجالس
أنت ما سمعتش؟ دا بيقولوا..مين اللي بيقول؟ هم بيقولوا.. يا عم مين اللي بيقول؟ بيقولوا.. وهكذا
ولا تصل أبداً إلى مصدر لأي إشاعة تروج الآن ولا تقف على مستند ولا على وثيقة وربنا جل وتعالى يقول: { يَا أَيُّهَا الذِينَ آَمَنُوا } يا أخي رب العزة ينادي عليك اصغ بقلبك وسمعك وكيانك الله يقول : { يَا أَيُّهَا الذِينَ آَمَنُوا } هل أنت ممن وحدَّ الله؟ هل أنت ممن حققت الإيمان بالله؟ اصغ السمع والقلب لله ربك ربك ينادي عليك أيها المؤمن {يَا أَيُّهَا الذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا (6)}الحجرات وفي قراءة ثانية {فَتَثَبَّتُوا } وسأفرد لقاءً قريباً إن شاء الله تعالى بعنوان (فَتَبَيَّنُوا)
لأتحدث عن خطورة الكلمة التي أصبحت لا قيمة لها الآن ولا وزن لها وأصبح كل إنسان يتكلم بما يريد في أي وقت يريد ثم يمضي بعد ذلك آمنً مطمئناً وكأنه ما قال شيئاً ولا فعل شيئاً ويصبح الناس ويمسون وأعراضهم مجرحة وسمعتهم ملوثة وإذا بكل فرد فيهم متهم أو مهدد بالاتهام في المرحلة المقبلة وهذه حالة من القلق والفوضى والشك والريبة لا يمكن أن تُطاق بحال من الأحوال فضلاً أن يبدأ البناء في ظلالها المظلمة البائسة اليائسة الكاسدة المفسدة مستحيل.
فمن أهم الأولويات أن نركز على حقيقة التغيير الذي ننشده
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ (52)} الأنفال
يتبع بمشيئة الله