السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحليم
وهو اسم تكرر وروده في القرآن الكريم في عدة مواضع ،قال الله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } ،وقال تعالى :{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً }.
ومعناه:أي:الذي لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم ومعاصيهم ،يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه ،وهو يحلم عليهم فيؤخر وينظر ويؤجل ولا يعجل،ويوالي النعم عليهم مع معاصيهم وكثرة ذنوبهم وزلاتهم ،فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم ،ويمهلهم كي يتوبوا ،ولا يعاجلهم بالعقوبة كي يُنيبوا ويرجعوا.
وقد أخبر سبحانه عن حلمه بأهل المعاصي والذنوب وأنواع الظلم وأنه لو كان يؤاخذهم بذنوبهم أولًا بأول لما أبقى على ظهر الأرض من دابة ،كما قال سبحانه :{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }،وقال تعالى :{ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً}.
فمع ما يكون منهم من شرك به سبحانه ووقوع في مساخطه ،واجتهاد في مخالفته ومحاربة دينه ،ومعاداة لأوليائه يحلم عليهم ، ويسوق إليهم أنواع الطيّبات ،ويرزقهم ويعافيهم ،كما في (الصحيحين ) من حديث أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ليس أحدٌ أو ليس شيءٌ أصبر على أذى سمعه من الله ،إنّهم ليدّعون له ولدا ،وإنه ليعافيهم ويرزقهم )
ومن حلمه سبحانه بأصحاب الأخدود قوله تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }.
قال الحسن البصري –رحمه الله -: (انظروا إلى هذا الكرم والجود ،قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة ).
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر