السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لما ذكر الشيخ العلامة الالباني حديث ( ليس منا من لم يتغن بالقران ) عزاه إلى أبي داود .
فقال بعضهم : أبعد الالباني النجعة حين عزاه الى ابي داود . أشاروا إلى أنه ليس من صنيع أهل العلم أن يعزى الحديث إلى غير الصحيحين وقد أخرجه أحدهما . هذا الكلام صحيح لكن انظر من أبعد النجعة :
يقول الشيخ ردا عليهم :
((إني كنت على علم أن أحد رواته -وهو أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل وهو ثقة - أخطأ في روايته الحديث عن أبي هريرة ؛ فإنه رواه عن ابن جريج عن ابن شهاب عن أبي سلمة عنه مرفوعا به , وبيان ذلك : أن جماعة من الثقات قد رووه عن ابن جريج أيضا بالسند المذكور عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ (( ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقران ) وتابع ابن جريج على هذا اللفظ جمع أكثر من الثقات , كلهم رووه مثله عن الزهري به , وتابع الزهري عليه يحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو ومحمد بن إبراهيم التيمي وعمرو بن دينار - وكلهم ثقات أيضا - قالوا جميعا: عن أبي سلمة عن أبي هريرة به .
فاتفاق هؤلاء الثقات الأثبات بهذا الإسناد الواحد عن أبي هريرة على رواية الحديث عنه باللفظ الثاني لأكبر دليل على أن تفرد أبي عاصم بروايته باللفظ الأول إنما هو خطأ بين منه , وهذا هو (الحديث الشاذ) المعروف وصفه عند العلماء ؛ ولذلك جزم أبو بكر النيسابوري على أن أبا عاصم قد وهم في هذا اللفظ قال: (لكثرة من رواه عن ابن جريج باللفظ الثاني ).
قلت: ولكثرة من رواه عن الزهري به وكثرة من تابعه عليه عن أبي سلمة كما ذكرت ؛ ولذلك تابع الخطيب البغدادي أبا بكر النيسابوري على ما نقلته عنه , وأشار ابن الأثير في جامعه ثم الحافظ ابن حجر في الفتح إلى توهيم هذا اللفظ أيضا إشارة لطيفة قد لا ينتبه لها البعض ولو تنبه فلربما لم يكن عنده من الجرأة العلمية ما يشجعه على أن يخطئ راويا من رواة الصحيح )) آه كلامه رحمه الله