تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: نقلا عن كتاب البرق الوميض في الرد على البغيض المسمى بالنقيض لشهاب الدين المرجاني

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    2

    افتراضي نقلا عن كتاب البرق الوميض في الرد على البغيض المسمى بالنقيض لشهاب الدين المرجاني

    خاتمة الكتاب
    اعلم أن إثبات شرعية شيء من العبادات المخصوصة باسم أو هيئة أو عدد أو حالة أو وقت أو حادثة لا بد له من دليل خاص يدل على ذلك وحجة تفيدها بخصوصية لأن أوصاف العبادات كلها وأحوالها وأوقاتها تعبدية ومأخذها التوفيق ولا يمكن إدراجها تحت العمومات المقتضية لمشروعية العبادات وفعل الخيرات لعدم دلالاتها على ما فيها من الخصوص.
    وقد أخرج الطبراني رحمه الله عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه أنه ذكر لابن مسعود رضي الله عنه قاص يجلس بالليل ويقول للناس: قولوا كذا قولوا كذا. فقال: إذا رأيتموه فأخبروني. فأخبروه. قال: فجاء عبد الله متقنعا فقال: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني، فأنا عبد الله بن مسعود تعلمون إنكم لأهدى من محمد وأصحابه وإنكم لمتعلقين بذنب ضلالة. وفي رواية: لقد جئتم ببدعة ظلماء أو قد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علما. وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في صلاة الضحى وفي القنوت الذي يفعله الناس في عصره أنه بدعة. وروى الترمذي رحمه الله عن عبد الله بن المفضل رضي الله عنه أنه قال لابنه في الجهر بالبسملة: إياك والحدث! وحكى الشيخ نجم الدين عمر بن محمد النسفي رحمه الله في شرح الجامع الصغير عن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهما أنه رأى في الخلاء ذباناً كثيرة يقعن على النجاسة ثم على الثياب فأمر بثياب للخلاء ثم تركها واستغفر الله تعالى فسئل عنه فقال أحدثت ذنباً فأستغفر له. قيل: ماذا؟ قال: لأني فعلت شيئاً لم يفعله الصالحون ولا خير في البدعة. وحكى الشيخ تقي الدين رحمه الله في احكام الاحكام عن بعض العلماء أنه مر بقوم يصلون الرغائب وقوم يعكفون على محرم فحسن حالهم على حال الأولين وعلل بأنهم عالمون بارتكابهم المعصية فيرجى لهم الاستغفار والتوبة بخلاف أولئك. فانظر إلى هؤلاء الأكابر الصحابة وفضلاء السلف الصالحين وعلماء الأمة وأئمة الدين رضي الله عنمهم أجمعين كيف أنكروا العبادات المخصوصة المتعلقة بأوقات معينة وأوصاف متعينة وأحوال مخصوصة ولم يروا إدراجها تحت العمومات الدالة على مشروعية الصلوات والأذكار والدعوات والطهارات. وذلك لاحتياج الخصوصية المتعلقة باسم أو هيئة أو وقت أو حالة أو وصف أو عدد أو حادثة إلى دليل خاص شرعي. فلا يمكن إدراج مشروعية صلاة الرغائب والبراءة والقدر والهول تحت عمومات مشروعية الصلوات. ولا مشروعية صدقة القبر والضيافات في ثالث الميت وسابعه ونحو ذلك تحت عموم مشروعية الصدفات. ولا مشروعية تكرار الحمد لله في صدر الخطب ولا ما يتعاهده بعض مدعي الطريقة في الأزمنة المتأخرة من الأذكار والأوراد والدعوات التي يخصونها بأعداد وأسماء ووأوقات ويضيفونها إلى جماعة من شيوخهم ويسمونها الختمات. ولا ما شاع في بلادنا من التهليل للميت بعد غسله قبل أن يخرج أخذاً من كتاب يعرف بمجالس الشهور وأمثال ذلك مما لم يثبت بنقل صحيح تحت عموم مشروعية الأذكار والدعوات ولا قيامهم عن مكانهم أو أو تحركهم عند سماعهم الآذان أو الإقامة تحت مشروعية تعظيم اسم الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام. بل إنما يشرع السنن والنوافل المرسلة والفضائل على اختلاف مراتبها وتفاوت درجاتها وما يختص به من كم وكيف واسم ووصف على وزان الدليل الشرعي والوارد فيها من إطلاق وتقييد وعموم وخصوص. فإن كان هذا حديثا صحيحا دالا على تأكده إما بملازمته صلى الله عليه وسلم أو بكثرة فعله وإما لقوة دلالة اللفظ على تأكد الحكم فيه وإما بمعاضدة فقه الرواةأو علو الإسناد أو غير ذلك فيعلو رتبته في السنية والاستحباب وما نقص عن ذلك كان بعده في الرتبة على وزان نقصانه. وإن كان حديثا حسنا لا ينتهي إلى حد الصحة في ثبوته عمل به وكانت مرتبته ناقصة عن النوع الأول وهذا إذا لم يعارضه دليل أقوى منه. وأما الحديث الضعيف الوارد بحكم خاص داخل تحت العمومات فإن أحدث شعارا في الدين كآذان السنة الذي أحدثه الحجاج في يوم الجمعة والتعريف في غير مكة الذي أحدثه عبد الملك بن مروان وعيد الغدير ومأتم أهل البيت الذي أحدثه الراوفض فالعمل به بدعة. وإن لم يحدث ذلك فلا يثبت به الحكم بالاستحباب وإنما التردد في جواز العمل. ولو جاز فيشترط أن لا يقوم دليل على المنع أخص من تلك العمومات كصلاة الرغائب لصحة النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام. وبالجملة كل ما لم يقم عليه دليل شرعي يكون بدعة مردودا على صاحبه ممنوعا عنها في الشريعة. والمنع تارة يكون منع تحريم وتارة منع كراهة وأخرى منع تنزيه. وذلك التفاوت يعلم بحسب ما يفهم من تشديد الشارع وتخفيفه بالنسبة إلى ابتداع ذلك الجنس وباعتبار موارده ومحاله فإن البدع المتعلقة بالعادات لا تساوي البدع التي في أحكام العبادات وأحوالها وهي لا تكون مساوية لما يتعلق بالاعتقادات. ولكن لا يجوز تكفير أحد من المسلمين بسبب ما يدين به من البدع فإنمه إما مؤول او مبتدع لا منكر مكذب والكفر هو التكذيب ليس إلا. ومما يجب أن يعلم ان البدعة في الشريعة هي ما أحدث في الدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصدر الأول. وهي في العبادات والعقائد والحدود وغيرها لا تكون حسنة البتة. بل فيما دون ذلك بأن يكون ذلك الأمر في نفسه أمرا مستحسنا ولا يكون عبادة مقصودة بل وسيلة للخير ولم يأتي به الأوائل من الأمة إما لعدم الداعي له كجمع القرآن فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه وضع التاريخ واتخاذ الدواوين فعله عمر رضي الله عنه زالأذان في المنارة يوم الجمعة وتفويض زكاة الأموال الباطنة إلى أربابها فعله عثمان رضي الله عنه واتخاذ محبس وتعدد صلاة العيد في مصر واحد فعله علي رضي الله عنه لما قيل له إن بالبلد الضعفاء لا يستطيعون الخروج إلى المصلى فاستخلف عليهم رجلا يصلي بهم في المسجد كل في أيام خلافته ولم يكن قبله. ومثل إحداث الهجاء والبحث عن الأسانيد وأحوال الرجال بالجرح والتعديل في الرواة وتصنيف العلوم وبناء المدارس والرباطات. وإما لوجود المانع عنه كإسقاط المؤلفة قلوبهم عن الزكاة فعله أبو بكر رضي الله عنه وإخراج الكفار من جزيرة العرب والأذن في ركوب البحر ومطالعة كتب الأمم السالفة وسفر الواحد وصلاة التراويح بالجماعة والمنع عن المتعة فعله عمر رضي الله عنه. وإعادة بناء الكعبة إلى بناء الخليل عليه السلام بإظهار قواعده كما فعله عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وترك الإشعار في الهدي على رأي إمام أبي حنيفة وهو إشعار أهل زمانه فيما حمل الامام أبو جعفر الطحاوي والامام أبو منصور الماتريدي رحمهما الله تعالى وغير ذلك مما يكون وصلة لإعلاء الإسلام وذريعة لإقامة شعار الشريعة ومصلحة في أمر في أمر الدين ومنفعة المسلمين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ومن يستقم على حدود الشرع في عقائده واحواله الباطنة وأعماله الظاهرة آتاه الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.



    سنوح أنة وسبوح فرصة
    نحن بحمد الله سبحانه وفضله علينا ومنه، مؤمنون ومسلمون وعلى مذهب أهل السنة والجماعة وطريقة السلف الصالحين في عقائدنا وعباداتنا ومعاملاتنا وسائر حالاتنا. نرى ونرجو أن نفوز بذلك في الآخرة ونكون من المفلحين في العقبى وأشكو إلى الله التقصير في الأعمال وتشتت الأحوال. ومعنى ذلك أن نصدق حبيب الله ورسوله المصطفى أبا القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم العربي القريشي الهاشمي المكي ثم المدني صلى الله عليه وسلم في جميع ما جاء به من عند الله تعالى مما تضمنته آيات القرآن واشتملت عليه دواوين السنة والآثار. ولكن ذلك أمور كثيرة غير محصورة لا تفي الطاقة البشرية لاستحضار تفاصيلها جملة وتعجز عن الالتفات إليها دفعة، فاكتفى بالإجمال مع إعطاء حكم التفاصيل وحقها فيما جذبه جاذب إلى تعقلها وتذكر آحادها، لما ثبت على القطع واليقين رسالته ونبوته وظهر في جميع ما أخبر به صدقه وحقيته ثبوتاً لا مرد له وظهورا بيناً لا مرية فيه. والذي يقتضيه ذلك ويوجبه وما يكون فيه مصداقه أن نأخذ بجملة ذلك ونعض عليها بالنواجذ بأن نعتقد جميع ما يتعلق بالعقائد من أخباره ونتعبد بجميع مايتعلق بالعبادات الواردة عنه إلينا غير مختص بجنابه وغير ذلك مما ورد في المعاملات والحدود والكفارات كل في بابه بتنزيلها في منزلتها والتأسي بها على جهتها. ولا يسوغ لأحد أن يعدل عنه إلى غيره قط من عقيدة أو قول أو فعل ما كان وعمن كان ومن كان. ولأن عدل أحد إلى غيره أو أعرض عن العمل بموجبه على نهج عدم الإذعان به والتسليم له يصير رادًّا له وكافراً به لا محالة وهالكاً أبدياً بلا ريبة. ومعنى قولنا على نهج عدم الإذعان أنه لو عدل عنه إلى ما سواه أو لم يجوّز العمل به بناءً على وقوع الريبة في طريق إثباته أو تطرق التأويل في وجوه دلالاته لا يكون كافراً في مظان تحملاته ومحال تأويلاته ولو على بعد وعلى غير الصحة ما لم يكن محض عناد ومكابرة.
    فلا يستصح ذلك القدح في الحنفية في إنكارهم فرضية الفاتحة بقوله عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". ولا الشافعية في إنكارهم حرمة متروك التسمية عمداً بقوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ الأنعام: ١٢١. ولا مالك وأتباعه في إنكارهم تنجس ماء قليل لم يتغير أوصافه بوقوع النجاسة بقوله عليه السلام: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده". ولا أحمد وأصحابه في جحودهم الجمعة إذا اجتمعت مع العيد في يوم واحد وقد ورد في صحيح مسلم عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتيك حديث الغاشية وإذا اجتمعا في يوم يقرأ بهما في الصلاتين أيضاً أخرجه الأربعة. ولا تكفير الروافض في إنكارهم ما ورد في مناقب أبي بكر وعمر وعثمان وغيره من الصحابة رضي الله عنهم. ولا الخوارج في ردهم ما ورد في مناقب علي وسائر أهل البيت وجمهور الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وكثير من الأحاديث. ولا المعتزلة في إنكارهم ما ورد في خلق أفعال العباد ومسألة الرؤية وإيمان أصحاب الكبائر وأمثال ذلك. فإن كل واحد من هؤلاء غير خارجين عن الإيمان وإنما خلافهم في داخل الإسلام على التفاوت بين مقارب ومباعد، معتقدون للشريعة ومصدقون بخبر النبوة مذعنون له ومسلمون، لكنهم مؤولون لا مكذبون والكفر تكذيب خبر النبوة وردع أحكام الشريعة بالإضافة إلى جناب الرسالة صلى الله عليه وسلم ولا يكذب أحد منهم جناب الرسالة وأخبار النبوة أصلاً.وإنما يتوقف في أحكامها في مواقعه ويتردد في مواضعه لريبة وقعت في طريق ثبوتها أو شبهة تطرقت في إفادتها مع الإذعان بما صدر عنه والتسليم لما أراد منه. وأبعد من هؤلاء كلهم عن الحق وأضل عن السبيل وأخوف حالاً عند ربه الجليل من لا يرى التمسك بالأدلة والحجج البينات ويرد صحاح الأحاديث ونصوص الآيات ويزعم أن الاحتجاج بها إنما هو وظيفة المجتهد وقد انقضى عصره والدليل لغيره إنما هو قوله لا غيره. ويتعلل بأن الآيات والأحاديث لما فيها من الاحتمالات من ضعف ونكارة ومن تخصيص وتقييد ونسخ وتأويل لا يتمكن من معرفتها إلا الفقيه المجتهد. وأنت لا تشك أن كل احتمال يعترض الأحاديث بالنظر إلى إسناده وأحوال رواته أو بالنسبة إلى وجوه دلالاته يجري في أقوال الفقهاء مع أن غالبه خالٍ عن الإسناد إليه فضلاً عن رفعه واتصاله بطريق مقبول معتمد عليه. واحتمال الوضع في الحديث والنكارة والضعف يدفعه رفعه وصحة سنده بنقل الثقة عن الثقة أو بوجدانه في دواوين السنة المعروفة بأسانيده المعتبرة. وهو في أصله كلام الرسول النبي المعصوم عن الخطأ والكذب بخلاف قول آحاد الفقهاء. وتقديم قول الفقيه على الحديث الصحيح ونفي تجويز العمل به فيما تخالفا رد للنصوص صريح. والناسخ وموجب التخصيص والتقييد والتأويل إن ظهر فلا كلام في ثبوت مقتضاه من التفصيل. ولا يحوز تخصيص العمومات وتقييد المطلقات فيما كانت قطعية بخبر الواحد والقياس وهو أحد الأدلة الشرعية، فكيف يجوز تركها بالكليةبمجرد الاحتمال ومحض الوسوسة. والتقليد أمر ضروري يقدر بقدرالحاجة وعند وقوع الضرورة. ولو لم يثبت الحكم الشرعي عند غير المجتهد، كما يزعمه الزاعم، إلا بقول الفقيه - يلزم الدور والتسلسل على ذلك السفيه، فإن وجوب الأخذ بقول الفقيه لو لم ينته إلى قول الرسول أو فعله بماذا يثبت؟ فإن كان بقول آخر للفقيه فما الذي يوجب الأخذ به وهلم جراً على خلاف شأن خبر الرسول فإنه واجب الإذعان والقبول لظهور صدقه ونبوته وثبوت حقيته. ومن تردد فيه معاذ الله، فهو غير محصل لواجب الإيمان ولازم الدين ولا داخل في زمرة عباد الله المؤمنين. فإن قيل: يستحيل الجمع بالعمل بين جميع المرويات لوقوع الكثير منها على طرفي النفي والإثبات، وإنه يوجب تعطيل الفرعيات وردع جملة الفقهيات إذ لا يمكن الجمع بين حديثي التنزه عن البول والأمر بشرب أبوال الإبل وحديثي تحريم الضب وإباحته وتزوج ميمونة وهو محرم في رواية وحلال في أخرى وحديثي البينة على المدعي واليمين على من أنكر وقضى بشاهد ويمين المدعي وحديثي الإسفار بالفجر والتغليس إلى غير ذلك من أمثال كثيرة ، وإنه يستلزم طرح الأقوال المروية عن أرباب المذاهب وأئمة الفقه وجملة المراتب، فنقول: تعمل بالناسخ منها دون المنسوخ وتقدم الأقوى على ما دونه والراجح على المرجوح وتجري موجبات التخصيص في مواضعها والتقييد في مواقعها على مقتضى قواعد الفقه والأصول بعد مراعاة وظائف الأعمال والتحاشي عن مداحض الإهمال ما تمكنت من ذلك، وإلا فقد عاد ضرورة التقليد مقدراً بقدر الضرورة في موارد الحاجة. وفن الفقه نحصّله ليستحفظ به الفقه نفسه على شاكلة سائر الفنون المستحفظة والصنائع المستحسنة فإن حقيقة الفقه وسائر الفنون المستنبطة عبارة عن تلك الملكة والتمكن من استخراج أحكامها واستنباط أعمالها والمران في جملة فصولها والرسوخ في أصولها لا عن مجرد حفظ الأقوال المروية فيها والمسائل المبنية عليها. ويستفاد منه فوائد العمل وموائد المعرفة ويتعرف سلوك طريق الاستنباط والاستخراج ودخول مناهج الاستدلال والاحتجاج ويرجع إليه في الأخذ بما تضمنه من الأقوال والإفتاء به على مقتضى الأحوال فيما مست الحاجة ودعت إليه الضرورة.
    ومعنى كون من أهل السنة والجماعة التدين بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة جماعة الصحابة وعلماء التابعين وغيرهم من السلف الصالحين والجري على منهاجهم في اعتقاد حقيتها والإقرار بها والأخذ بموجبها بتنزيل كل منها في منزلته والتأسي به على جهته من الوجوب والحرمة والندب والكراهة والفساد والصحة والجواز والإباحة وغير ذلك على ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام نفسه ثم أصحابه المرضي عنهم وأهل بيته المشهود لهم والتابعون لهم بإحسان والأئمة السابقون الأعيان في اتباع ما أوحي إليه من آيات القرآن والأخذ بصحاح الأحاديث والسنن وملازمة سننهم في سلوك هذه الطريقة والجري على آثارهم في التقيد بما ورد عنه من تفاصيل أحكام الشريعة وتفاريق آداب السنة وتعاليمها. لا كالخوارج حادوا الأئمة الهداة وشاقوا الولاة وكفّروا أكثر المسلمين بكل ما صدر منهم من الزلات وفارقوهم ومارقوا من بينهم وانحرفوا عن اختلاطهم وتركوا التردد إلى العلماء ورواتهم فانسد عليهم كل الانسداد مناهج الروايات وأوقعهم في مداحض الضلالة والجهالات. وقد ألزمهم عمر بن عبد العزيز بما اعترفوا به من أعداد الركعات ومقادير الزكوة حين عابوا عليه بالرجم بأنه ليس في محكم الآيات. ولا كالروافض قدحوا في أكابر من شهد الله لهم ورسوله بخيرية قرنهم وفضلهم وأخبر برضائه عنهم فنالوا منهم وأسقطوهم من رتبة العدالة والوثوق في الرواية فضاقت عليهم برحبها مأخذ الدين ومدارك الحق اليقين وتعذر تلقي الشرع المبين والعمل بسنة سيد المرسلين وطرق طريقة الصحابة وعلماء التاربعين فتشبثوا بأذيال رجال عديدة من أهل البيت بادعاء عصمتهم وساقوا الإمامة في أفراد من جملتهم واحدا بعد واحد يجرها الأول لآخر يعلمونهم الشرائع ويفيدونهم الأحكام عابر الدهر ولا تخرج عنهم إلا بتقية منهم أو بحيفة من غيرهم. ولا كالمعتزلة ومن يحذوا حذوهم هجروا منقولهم وحكموا عقولهم واسترسلوا بأهوائهم وحاضوا في أوهامهم فيما قالوا إن العقل موجب لما استحسنه ومحرم لما استقبحه فوق ما يعطيه المنقولات. ولم يحتفل أهل الحق بهم ولا بمذاهبهم لا بهؤلاء ولا هؤلاء بل أوسعوه بالجرح والإنكار وإنما بقي منها آثار في مواطنهم وحيث كان قيام دولتهم ومحل سلطانهم. وإذا أتقنت هذا علمت أن من كان على الشريعة التي تلونا والطريقة التي أبلينا وهي مذهب أبي حنيفة الإمام ومالك والشافعي وأحمد وسائر الأئمة الأعلام، وليس مذهبهم عبارة عن مسائل الفروع المنسوبة إليهم والفتاوى المروية عنهم عوض فهو من أهل السنة والجماعة وعلى مذهب الأئمة وطريقة الحق على الحقيقة وبحسب المعنى ومواطأة الاسم المسمى. ومن شذ عنها ورأى أن الانتهاج إلى طريق الاستدلال بالآيات والاجتجاج بالآثار البينات مخصوص بأقوام مضوا وكان في قرون انقضوا وواجب رد النصوص بتقليد واحد منهم والتقيد بالأقوال المنسوبة إليهم والآراء الصادرة عنهم من غير رجوع إلى مأخذها وبحث عن مواثقها وشوش الحق لأهله وصدهم عم سبيله في عناده وضيق رحمة الله الواسعة لعبادة والله سبحانه أعلم بمراده وإن سمى نفسه به فليس هم منهم ولا على منهاجهم إلا بالإسم فقط دون المسمى وبحسب اللفظ المجرد الخالي عن المعنى. وغاية من الحق في العباد ومن يضلل الله فما له من هاد وهو سبحانه يهدي إلى سواء السبيل وهو حسبي ونعم الوكيل بيد أن الإفصاح عن كنه الحق لا يكاد يوافق ما جرى عليه الجماهير وففطام الخلق عن العادات ومألوفات المذاهب أمر غير يسير وجناب الحق جل عن أن يكون مشرعا لكا وارد أو يطلع عليه الأواحد بعد واحد ومن خالط الخلق جدير بأن يتحامى ومن أبصر الحق عسر عليه أن يتعامى والله يحكم لا معقب لحكمه وكل يجري إلى أجل مسمى!

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    2

    افتراضي رد: نقلا عن كتاب البرق الوميض في الرد على البغيض المسمى بالنقيض لشهاب الدين المرجاني

    صورة الكتاب
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    31

    Question رد: نقلا عن كتاب البرق الوميض في الرد على البغيض المسمى بالنقيض لشهاب الدين المرجاني

    أين أجد هذا الكتاب برفع pdf و كتبه الأخرى ؟
    وشكرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •