تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 28

الموضوع: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحدهن والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ ثم أما بعد..
    فلقد كنت قد فرَّقْت عدة مواضيع مختلفةٍ في هذا المنتدى المبارك وذلك من خلال قراءتي وتقييداتي في وعلى ثبت العلامة عبد الرحمن بن سليمان الأهدل ت 1250هـ (النفس اليماني في إجازة القضاة بني الشوكاني)؛ فأحببت ان أجمعها في مكان واحدٍ مضيفاً إليها غيرها مما وقفت عليه وقيدته من مطالعتي وقراءتي للكتاب.

    وعن هذا الكتاب قال الأخ الفاضل الكريم (أبو عبد الله الحضرمي):
    (صدر عن مركز الدراسات والبحوث اليمني سنة 1977م.
    وللعلم والتاريخ: فهذه الطبعة هي بعناية أستاذنا السيد عبدالله محمد الحبشي، ولكن المركز استكثر عليه أن ينشر الكتاب وعليه اسمه، فأخفوه .. ولكن التعليقات تفضح صنيعهم، وتظهر أنها من عمل السيد الحبشي، فقد تردد في الحواشي العزو الى كتاب (مصادر الفكر الإسلامي في اليمن)، بعبارة: (ينظر كتابنا مصادر ..)، الخ.. والكتاب معروف مشهور أنه من تأليف الأستاذ الحبشي.
    ثم صدرت منه طبعة عن مكتبة الإرشاد بصنعاء هذا العام _ وهي طبعتي التي اقتنيتها أنا _، وكتب على الغلاف الخارجي أنها بعناية شيخنا السيد سليمان بن محمد بن عبدالوهاب الأهدل، ولما طالعتها في معرض الكتاب بالرياض قبل أشهر، رأيتها هي هي الطبعة الأولى عينها بنصها وفصها وتعليقاتها، ولم يكلف الناشر الجديد نفسه أن يبحث عن كاتب التعليقات الأولى.
    وإنما وضع اسم السيد الأهدل للترويج، وأقسم يمينا بارة أنهم لم يقابلوها على أي أصل خطي .. _ أقول: صدق الأخ الحضرمي بقسمه؛ فلقد وقفت على تصحيفات وأخطاء ليس بالقليلة أبدا _.
    وللحقيقة: فأنا لا أمتدح عمل الأستاذ الحبشي في الكتاب، فالكتاب يحتاج خدمة أرقى، إنما أنا مدافع عن حقوق نسبة التعليقات للمركز وهي للحبشي .. فليعلم.
    وحَسْبُ الأستاذ الحبشي أنه مهد السبل للباحثين بأعماله الموسوعية الفهرسية العظيمة، ومن ذا الذي ترضي سجاياه كلها .. حفظه الله ونفعنا بعلمه، ورزقنا الأدب معه، فهو من أهل الصلاح والتقوى.
    ثم تبين لنا أمر مهم؛ وهو أن هذا الكتاب (النفس)، اختصره مؤلفه سيدنا الوجيه الأهدل من كتاب كبير اسمه (بركة الدنيا والأخرى في الإجازة الكبرى)، وله نحو أربع نسخ خطية توجد لدى أشخاص في اليمن .. وهو في حجم أربعة أضعاف النفس!!) انتهى
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص16)

    كنت أقرأ في ثبت العلامة عبد الرحمن بن سليمان الأهدل ت1250هـ (النفس اليماني)؛ فكان مما وقع ناظري عليه قوله منافحاً عن أوهام العلامة السيوطي في جامعه الصغير في مخالفته لما قدم به كتابه من قوله: (وصنته عما تفرد به وضّاع أو كذاب) وأنه فعلاً قد وقع في كتابه ما صانه عنه؛ قال:
    ( ... واغتنام فضيلة الانتظام في سلسلة الإسناد الوارد تعظيم شأنه عن أفضل الخليقة والعباد عليه الصلاة والسلام ما أخرجه الديلمي في مسنده الفردوس عن علي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده"، وقد أورد الحافظ الجلال السيوطي هذا الحديث في جامعه الصغير الذي قال في خطبته: (ونزهته عن كذابٍ أو وضاع)، والظن الغالب أن مثل الجلال لا يطلق هذا المقال تجوزاً أو تساهلاً أو تسامحاً أو استرواحاً؛ وإن أطال الانتقاد عليه بعض شرّاحه؛ فباب التأويل باب واسعٌ، وكلام العاقل فضلاً عن العالم عن المجتهد = يصان عن وصمة الإهمال ويعز بتوسيع دائرة الأعمال ما أمكن).

    أقول: كذا نافح ودافع رحمه الله عن بعض أوهام العلامة السيوطي الواضحة المعروفة المشهورة المحققة في كتابه الجامع الصغير!!
    ولعل هذا من الثقة الزائدة عن الحد، أو هو التقليد الأعمى بلا سبرٍ ولا تمييز. فالله المستعان

    قال العلامة الفهامة الإمام الصنعاني في شرحه لمقدمة العلامة السيوطي عند قوله هذا؛ قال:
    (واعلم أن المصنف رحمه الله قد صرّح أن كتابه هذا خلا عن أحاديث من ذكر من أهل الوضع والكذب، وهذه الشريطة ما تَمَّ مفاده بها، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى، ولأنه قال في خطبة الجامع الكبير: إنما كان من الأحاديث منسوبا للبيهقي في الضعفاء، ولابن عدي في الكامل، وللخطيب في تاريخه، ولابن عساكر في تاريخه، وللحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وللحاكم في تاريخه، ولابن الجارود في تاريخه، أو للديلمي في مسند الفردوس؛ فهو ضعيف وأنه سيغني بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه، هذا معنى كلامه.
    والضعيف يشمل الموضوع شمول الأعم للأخص). التنوير 1/159.

    أقول: هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فقد حصل وهمٌ آخر واضطرابٌ في نقل رمز الحديث في نسخ الجامع الصغير؛ فإنه في نسخةٍ رمز لضعفه، وفي أخرى رمز لصحته!!
    أما نسخة رمز الضعيف فهي نسخة المناوي، ونسخة رمز الصحيح هي نسخة الصنعاني.. ولا يخفى أن الإمام الصنعاني قد اجتهد اجتهاداً كبيراً في تحرير نص الجامع الصغير بكل ما استطاع إلى ذلك سبيلا؛ ولا يقارن عمله بعمل المناوي _ وإن سبقه _ ولا كرامة.. فكان الصواب هو اشارة المصنف إلى صحة الحديث عنده.
    قلت: ويؤيد هذا أن المصنف نفسه _ العلامة السيوطي _ قد أخرج هذا الحديث بسنده في كتابه بغية الوعاة 2/422؛فيما انتقاه من أحاديث من الطبقات الكبرى؛ فقال في أول الانتقاء: (وَهَذَا بَاب فِي أَحَادِيث منتقاة من [الطَّبَقَات الْكُبْرَى] عنَّ لنا أَن نختم بهَا هَذَا الْمُخْتَصر ليَكُون الْمسك ختامه، والكلم الطّيب تَمَامه). فتأمل
    وهذا يرد على المدعو الغماري في كتابه المداوي 1/459؛ لما أن قال بعد إيراده حكم الذهبي عليه بالوضع: (وهذا ظاهر؛ فما أدري كيف أدخله المصنف هنا؟!).

    أقول: وهيهات أن يصح هذا الحديث أو يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مما تفرد به مسعدة بن صدقة!!
    فلذلك أعقب الإمام الصنعاني إدخال هذا الحديث في جامعه الصغير بعد أن قدم المصنف تلك المقدمة؛ فقال: (وقد عرفت أن المصنف قال في الديباجة: أنه جرده عن حديث الكذابين والوضاعين).

    ومسعدة بن صدقة العبدي هذا لا يكاد يعرف؛ فقط اسمه يتردد وأنه من شيعة ورجال جعفر الصادق رحمه الله تعالى، وليس هو من أهل الرواية أصلاً؛ فهو على ما أفاده الإمام الدار قطني (متروك).
    وقال ابن عراق الكناني عنه: (مسْعدَة بن صَدَقَة عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن آبَائِهِ بِخَبَر كذب).
    وقال الحاكم عقيب روايته له: (وهذا غريب؛ لم نكتبه إلا عن ابن شقير).
    وقد حكم عليه شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله بأنه كذب، والذهبي بأنه موضوع.

    ويكاد يشتهر بهذا السند؛ أعني: عن جعفر بن محمد عن آبائه.. فكأنه آفته بلا جدال.
    صاحب غرائب ومناكير لا تخفى؛ قد نقد روايته الحافظ أبو نعيم رحمه الله لما أن روى خبراً هو آفته؛ فقال: (هذا حديث غريب من حديث الربيع ومن حديث الثوري لم يروه إلا سعدة بن صدقة وعبد الرحيم بن واقد).
    والعجيب أني قد وجدت هذا الشخص من رجال الشيعة في كتبهم؛ كما في كتاب كامل الزيارات لابن قولويه وغيره؛ طبعاً هو عندهم ثقة!!!!!

    طبعاً هذا فقط نقدٌ لرجلٍ واحدٍ من رجال السند المسلسل بالمجاهيل الذين لا يعرفون، والمتروكين. فتنبه


    · ومن ناحية أخرى: هذا الخبر عزاه السيوطي إلى:
    (1) الحاكم في [معرفة علوم الحديث].. وهذا وهمٌ آخر منه رحمه الله؛ فليس هو في المعرفة إطلاقاً؛ بل هو على الصواب مما أخرجه في كتابه المدخل؛ والذي للأسف لم أقف عليه فيه؛ فالنسخ المطبوع عليها الكتاب ناقصةٌ ولا تفي بالمطلوب، وقد قال الإمام الزركشي في النكت على كتاب ابن الصلاح: (وَقد روى الْحَاكِم فِي مدخله .. ) فساقه.
    وهو السند نفسه الذي أورده الإمام السمعاني في أدب الإملاء ص4، وابن عساكر في تاريخ دمشق 36/390، والسجزي في الأول من منتخب السبعيات رقم (7 مخطوط)، والسيوطي في البغية 2/421 من طريق الحاكم. فتأمل

    (2) أبو نعيم.. هكذا ولم يذكر أين، ولم أقف عليه في شيء من كتب أبو نعيم المطبوعة... لكنني وجدت أن العلامة السيوطي نفسه كما في التدريب قد عزا هذا الخبر إلى الدَّيْلَمِيُّ في مسنده.. ولم أقف عليه.
    ووجدت أن المدعو الغماري في المداوي قد قال: (رواه الديلمي من طريق أبي نعيم: ثنا عبد الرزاق بن محمد بن داود، ثنا محمد بن الحسن الخثعمي، ثنا عباد بن يعقوب، عن سعيد بن عمرو، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي به)!!
    ولا أدري من أين وقف على هذا؟!
    (3) ابن عساكر.. في تاريخه وقد مر آنفاً.

    (فائدة):
    قال الإمام الذهبي عن هذا الخبر: (وقع لنا في آخر الكنجروذيات).
    قلت: أورد هذا الخبر من طريق الكنجروذي؛ القزويني الرافعي في تاريخه 2/261؛ فقال:
    (أحمد بْن أبي المحاسن المعقلي الْقَزْوِينِيّ؛ أبو الفوارس: سمع ببر دشير كرمان [العوالي] الَّتِي جمعها الحافظ أَبُو الفتيان الدهستاني من أَحْمَد بْن الحسن بْن أَحْمَد الجرجاني سنة خمس وخمسين وخمسمائة بسماعه منه؛ وفيها:
    أنا أَبُو سعد الكنجروذى، أنبأ الحاكم أبو عبد الله الحافظ، أخبرني عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَعْقُوبَ بن شقير المقرئ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، ثنا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْعَنَزِيُّ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَتَبْتُمُ الْحَدِيثَ فَاكْتُبُوهُ بِإِسْنَادِهِ فإن يك حَقًّا كُنْتُمْ شُرَكَاءَ فِي الأَجْرِ، وَإِنْ يَكُ بَاطِلًا كَانَ وِزْرُهُ عليه").
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص49)

    ذكر العلامة الأهدل في ثبته (النفس اليماني ص49)؛ قال:
    (وأذكر مرة اظنها سنة واحد تسعين ومئة وألف خرج شيخنا الوالد وشيخنا السيد العلامة إبراهيم بن محمد الأمير رحمهما الله؛ وكان المذكور نازلاً عند شيخنا الوالد إلى قرية (التحيتا) مزاورين لشيخنا (أمر الله) المذكور، وقعدا أيام الضيافة، فما زلت أتذكر بهجة الأنس والسرور عند اجتماعهم، فمما اتفق أن شيخنا (أمر الله) قدّم إليهم _ وقد صليا الظهر _ رطبا؛ وكان أيام الرطب، فلما أخذوا في الأكل سألت شيخنا الوالد رحمه الله عن الرطب الذي تساقط على مريم؛ من أي أنواع التمر. فتبسم شيخنا الوالد؛ وقال: لا أدري؛ وإنما سل سيدي إبراهيم وسيدي أمر الله. فتبسما وقالا: ليس المسؤولون بأعلم من السائل.
    ثم إني بعد وفاتهم رحمهم الله تعالى أفادني بعض فضلاء الحضارم أنه اطلع على قراءة شاذة [تساقط عليك رطبا جنيا هجريا]؛ وذكر أنه نسب إلى رطب هجر؛ قرية من قرى حضرموت. هكذا أفادني!) انتهى

    وقد بحثت عن مثل هذه القراءة فلم أقف! فالله أعلم
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص56)

    قال العلامة الأهدل في ثبته (النفس اليماني ص56):
    (لما حججت سنة 1233هـ أطلعني بعض أحفاده _ أي أحفاد الشيخ حسن بن علي العجيمي المكي _ على مجموع إجازاته؛ فرأيت بخطه عدة فوائد نقلت منها ما صورته:
    (فائدة) قول المشايخ في إجازاتهم: [أجزت فلانا بشرطه المعتبر]؛ هو: تصحيح المتن، وضبط الغريب، وإعراب المشكل، والتحرر من التحريف والتصحيف وغير ذلك. انتهى

    ومن خطه أيضاً:
    (فائدة) رأيت بخط شيخنا علي بن محمد العقيبي _ ت 1101هـ _ أن والده وشيخه علي بن محمد مطير _ ت 1084هـ _ أجاز لمن أدرك حياته؛ وهو أدرك حياة ابن حجر الهيتمي المجيز لمن أدرك حياته، وهو قد أدرك ثلاث سنين من حياة السيوطي المجيز لمن أدرك حياته). انتهى
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص61)

    قال العلامة الأهدل واصفاً الشيخ العلامة الفهامة عبد الله بن سالم البصري المكي:
    (الشيخ العلامة المحدث عبد الله بن سالم البصري المكي؛ قارئ صحيح البخاري في جوف الكعبة المشرفة.
    له شرحٌ على صحيح البخاري عزَّ أن يلقى في الشروح له مثال؛ لكن ضاق به الوقت عن إكماله؛ سماه (ضياء الساري) وهذا الاسم كاد أن يكون من قبيل المعمى فإنه موافق لعام الشروع في تأليفه.
    ومن مناقبه تصحيحه للكتب الستة حتى صارت نسخته يرجع إليها من جميع الأقطار، ومن أعظمها صحيح البخاري الذي وُجد فيه ما في اليونانية وزيادة، أخذ في كتابته وتصحيحه نحوا من عشرين سنة، وجمع مسند الإمام أحمد بعد أن تفرق أيدي سبأ؛ وصححه وصارت نسخته أمّا).

    أقول: قف على هذا فهو عزيز نادر.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص80)

    من عجيب المسائل الفقهية:
    ما لو قال المصلي في سجوده: سبحان الله ثلاثاً؛ هل يقوم مقام سبحان الله سبحان الله سبحان الله؛ كما يقوم: أنت طالق ثلاثاً مقام أنت طالق أنت طالق أنت طالق؟!

    وهذه المسألة حصل الجدال فيها في اليمن السعيد بين عدة من العلماء؛ منهم العالم يوسف بن حسين البطاح؛ حيث كان يرى الإجزاء تمسكاً بما ذكره الجلال السيوطي في (المنحة في فضل السبحة) من حديث أم المؤمنين التي مر النبي صلى الله عليه وسلم وعنده حصى تعدُّ به التسبيح، وبغير ذلك من الشواهد التي ساقها.
    وكان غيره يرى عدم الإجزاء تمسكاً بما ذكره الذؤالي في (حديقة الأذهان في شرح الأحاديث الواردة في الأخلاق الحسان) فإنه ذكر ما حاصله: فرق بين أن يؤتى بالشيء ويكون الغرض منه التقرير، وبين أن يؤتى بالشيء والمراد به التعبير؛ فمن فروع ذلك: ما لو قال المصلي: سبحان الله ثلاثاً = لم يقم مقام سبحان الله سبحان الله سبحان الله؛ لأن هذا من باب التقرير الذي يراد بالتكرير فيه التأثر والتأثير، بخلاف: أنت طالق ثلاثة؛ فإنه من باب التعبير الذي لا يراد منه إلا مجرد إيصال المعنى.
    [ذكر هذه الفائدة العلامة الأهدل في ثبته النفس اليماني ص80]

    أقول: والصحيح الصواب في المسألة هو القول الثاني؛ وأنه لا يجزئ ذلك.
    وقد ذكر الإمام ابن القيم في (الزاد) و(الإغاثة) ما يؤيد هذا القول ويرجحه ويقويه؛ فقال:
    ( ... قوله: {نؤتها أجرها مرتين} وقوله: {يؤتون أجرهم مرتين} أي: ضعفين، فيؤتون أجرهم مضاعفا، وهذا يمكن اجتماع المرتين منه في زمان واحد. وأما المرتان من الفعل فمحال اجتماعهما في زمن واحد؛ فإنهما مثلان، واجتماع المثلين محال. وهو نظير اجتماع حرفين في آن واحد من متكلم واحد؛ وهذا مستحيل قطعا، فيستحيل أن يكون مرتا الطلاق في إيقاع واحد.
    ولهذا جعل مالك وجمهور العلماء من رمى الجمار بسبع حصيات جملة = أنه غير مؤدي للواجب عليه؛ وإنما يحتسب له رمي حصاة واحدة فهي رمية لا سبع رميات.
    واتفقوا كلهم على أنه لو قال في اللعان: أشهد بالله أربع شهادات أني صادق كانت شهادة واحدة، وفي الحديث الصحيح: "من قال في يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر"، فلو قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة هذا اللفظ = لم يستحق الثواب المذكور وكانت تسبيحة واحدة.
    وكذلك قوله: "تسبحون الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وتحمدون ثلاثا وثلاثين وتكبرون أربعا وثلاثين"؛ لو قال: سبحان الله ثلاثا وثلاثين لم يكن مسبحا هذا العدد حتى يأتي به واحدة بعد واحدة.
    ونظائر ذلك في الكتاب والسنة أكثر من أن تذكر).

    وقال رحمه الله تعالى في كتابه (زاد المعاد 5/56-57 باز):
    (ولا ينتقض هذا بقوله تعالى: {نؤتها أجرها مرتين}، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين»، فإن المرتين هنا هما الضعفان، وهما المثلان، وهما مثلان في القدر، كقوله تعالى: {يضاعف لها العذاب ضعفين}، وقوله: {فآتت أكلها ضعفين}، أي: ضعفي ما يعذب به غيرها، وضعفي ما كانت تؤتي.
    ومن هذا قول أنس: «انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، أي: شقتين وفرقتين»، كما قال في اللفظ الآخر: «انشق القمر فلقتين»، وهذا أمر معلوم قطعا أنه إنما انشق القمر مرة واحدة، والفرق معلوم بين ما يكون مرتين في الزمان، وبين ما يكون مثلين وجزأين ومرتين في المضاعفة؛ فالثاني: يتصور فيه اجتماع المرتين في آن واحد، والأول لا يتصور فيه ذلك).

    وقد أتى في أبحاث هيئة كبار العلماء في المملكة قولهم:
    (ومن طلق ثلاثا، أو طلقتين دفعة = لم يفعل ما أمر به، فكان مبتدعا في طلاقه، كما أن من قال: سبحان الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله أكبر ثلاثا وثلاثين عقب المكتوبات مكتفيا بذكر اسم العدد عن تكرار كل من التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة = لم يكن آتيا بما أمر به كما أمر، فكان مبتدعا).

    أقول: ناهيك عن مخالفته للهدي النبوي الوارد عنه عليه الصلاة والسلام في تعليم صحابته، أو نقلهم عنه كيفية الصلاة أفعالاً وأقوالا. فتأمل
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص95)

    قال رحمه الله:
    (فائدة: المودة الكتاب، وبه فسر قوله تعالى: {تلقون إليهم بالمودة} [قاموس]).

    أقول: قف على هذه الفائدة فهي عزيزة قد خفيت على كثيرٍ من أهل العلم فضلاً عن العامة من الناس.
    ومن عرف سبب نزولها عرف صدق هذه الفائدة.. بل ومن تمعن بالآية تمعناً ثاقباً في الموضع الأول والثاني للكلمة = عرف أنه لم يقصد سبحانه إلا الكتب.
    ومعلومٌ أن إرسال حاطبٍ للكتاب إلى قريش لم يكن مودةً لهم أبدا رضي الله عنه وأرضاه؛ وإنما كان لغرض آخر أفصح هو عنه كما في الصحيح وغيره. فتأمل
    فلذلك أصاب الزجاج والسمعاني في القسم الأول من كلامهما ولم يوفقا في القسم الثاني منه؛ حين قال الزجاج: (تلقون إليهم أخبار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسره، بالمودة التي بينكم وبينهم).. وحين قال السمعاني: (وَقيل: {تلقونَ إِلَيْهِم بالمودة} أَي: بِالْكتاب. وَسمي ذَلِك مَوَدَّة وَكَذَلِكَ الصَّحيفة _ تصحف في تفسير السمعاني إلى النصيحة _؛ لِأَن ذَلِك دَلِيل الْمَوَدَّة).. فأي مودة بينه وبينهم رضي الله عنه وقد فارق ظلامهم إلى نور الله ورسوله بلا رجعة، وبصدق يقين!! وما ذا بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه: "أما صاحبكم فقد صدق"!!

    قال ابن منظور: (الموَدَّةُ الكتاب قال الله تعالى تُلْقُون إِليهم بالموَدَّةِ أَي بالكُتُب).
    وقال ابن النحاس: (معناه: تخبرونهم بما يخبر به الرجل أهل مودته) أقول: وهذا الإخبار من أبوابه الكتابة. فتأمل
    وقد أتى في تفسير مقاتل بن سليمان: ({تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} يعني: الصحيفة).
    وقال أبو بكر الخوارزمي في مفيد العلوم: ({تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} يعني: بالكتاب والرسالة).
    قال العلامة الزبيدي في تاج العروس: (وعَن ابْن الأَعْرَابيّ: المَوَدَّةُ: الكِتَابُ. وَبِه فُسِّر قَوْله تَعَالَى: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أَي: بالكُتُبِ، وَهُوَ من غرائب التَّفْسِير).
    وتقرير هذا الأمر على هذا المعنى في الآية الكريمة هنا يطول.. وما ذكر فيه كفاية.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص43)



    "إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُدْخِلُ بِالْحَجَّةِ الْوَاحِدَةِ ثَلاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ: الْمَيِّتَ، وَالْحَاجَّ عَنْهُ، وَالْمُنَفِّذَ ذَلِكَ".


    هذا الحديث مما تفرد به (أبو مشعر نجيح بن عبد الرحمن) وإن كان صدوقاً في نفسه؛ إلا أنه ضعيفٌ لين الحديث، له مناكير، ترك الرواية عنه الأئمة الأعلام وهابوها، واختلط في أخرة وتغير تغيراً شديداً، عن (محمد بن المنكدر)، عن (جابر بن عبد الله رضي الله عنه) يرفعه.

    ثم هو يروى عن أبي مشعر من طريقين:
    (الطريق الأول): يرويه (إسحاق بن بشر البلخي) الكذاب الوضّاع.
    أخرج حديثه:
    - الحارث بن أسامة في مسنده كما في البغية رقم (352)، والمطالب رقم (1154).
    - ابن عدي في الكامل (1/557) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (2/219) عن (إسحاق بن إبراهيم السختياني) لم أعرفه.
    - أبو الشيخ في طبقاته رقم (489) عن (صالح بن سهل) مجهول الحال والعين.
    - الطبراني في مكارمه رقم (145) عن (عمر بن حفص السدوسي).
    وقد وهم في إسحاق هذا الإمام البيهقي رحمه الله؛ حيث جعله (إسحاق بن عيسى بن الطباع) وليس هو حديثه بالمره.
    أخرجه واهماً فيه رحمه الله في الكبرى (5/179) والشعب رقم (4123) عن (علي بن الحسن الدرابرجردي).
    إلا أنه في الشعب قد ألمح إلى أنه لم يتأكد من ذلك؛ كما فعل في الكبرى؛ فقال: (أظنه ابن عيسى).. وهذا أولى منه رحمه الله.
    وقد التقط هذا الوهم وفرح به السيوطي في (اللآلئ المصنوعة 2/110) وتعقب به حكم الإمام ابن الجوزي عليه بالوضع؛ وما علم أنه هو رحمه الله المتعقب؛ فقال:
    (أخرجه البيهقي في سننه واقتصر على تضعيفه، وفي شعب الإيمان قال: أنبأنا أبو طاهر الفقيه، أنبأنا أبو بكر القطان، حدثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى، حدثنا إسحاق أظنه ابن عيسى، حدثنا أبو معشر به.
    وأخرجه أيضا من طريق ابن عدي: حدثنا المفضل بن محمد الجندي، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا عبد الرزاق، عن أبي معشر به).
    فكأنه يشير إلى أنه من طريق البيهقي الموهوم، وطريق عبد الرزاق المنكر الشاذ = يتقوى وينجبر.. وهيهات هيهات هذا. وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله.

    (الطريق الثاني): يرويه (عبد الرزاق).
    أخرج حديثه:
    - ابن عدي في الكامل (8/318) ومن طريقه البيهقي في الشعب رقم (4123) بسندٍ فيه (الفضل بن محمد الجندي) يهم كثيراً في الأسانيد؛ يلقيها إلقاءً هكذا.. تفرد عن عبد الرزاق بهذا.. وهو والطريق قبله غير محفوظين كما أشار إلى ذلك ابن عدي رحمه الله.

    وقد وقفت على متابعة لهذا الحديث يرويها الحارث بن أسامة في مسنده كما في البغية رقم (353) والمطالب رقم (1154).. بسندٍ تالفٍ ليس بشيء.. قال:
    (حدثنا إسماعيل بن أبي إسماعيل، ثنا إسماعيل بن عياش، عن إبراهيم بن شعيث المدني يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم... )فذكره.

    قال ابن الجوزي: (هَذَا حديث لا يصح عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، والمتهم بِهِ: إِسْحَاق بْن بِشْر، وَهُوَ فِي عداد من يضع الحديث).. وأعله به الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام.
    وقال ابن القيسراني في [ذخيرة الحفاظ 5/2782]: (رواه إسحاق بن بشر الكاهلي، عن أبي معشر المديني، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وإسحاق هذا كذاب).

    فالخلاصة: أن هذا الحديث كذبٌ لا يصح ولا يثبت ولا يجوز الاحتجاج به.. ومن اقتصر على تضعيفه فقد تساهل.

    ثم وقفت على شاهدين له:
    (الأول): من حديث أنسٍ رضي الله عنه.
    أخرجه كلٌ من:
    - البيهقي في الكبرى (5/179) بسندٍ فيه (أحمد بن محمد الخسروجردي) ضعيفٌ ليس من أهل الرواية ولا كرامة؛ ذكره الحاكم رحمه الله في تاريخ نيسابور؛ وقال: (حدث عن جماعة من أئمة المسلمين أشهد بالله أنه لم يسمع منهم).
    - وابن شاهين في الترغيب رقم (329) بسندٍ فيه (محمد بن حسن الموصلي) كذابٌ وضاع.
    ناهيك عن المجهول الآخر الذي لا يعرف حالاً ولا عيناً والذي عليه مدار هذا الطريق (زياد بن سفيان)!!

    ووجدت أن السيوطي في (اللآلئ المصنوعة 2/110) قد نقل طريقاً آخر متابعاً لحديث أنس رضي الله عنه السابق مما يرويه الإمام الدار قطني _ ولم أقف عليه في شيء من كتبه أو في شيء من الكتب المسندة _ فقال:
    (قال الدارقطني: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن سليمان بن فارس، حدثنا الحسن بن العلاء البصري، حدثنا مسلمة بن إبراهيم، حدثنا هشام بن سعيد، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس قال قال رسول الله: "حجة للميت ثلاث: حجة للمحجوج عنه، وحجة للحاج، وحجة للوصي").
    وهذا سندٌ واهٍ مسلسلٌ بالمجاهيل الذين لا يعرفون وغيرهم؛ قال العلامة المعلمي:
    (في سنده (الحسن بن علاء البصري) لعله الحسن بن علاء بن القاسم المذكور في اللسان، وفوقه رجلان لم يتبين لي أمرهما، وفوقهما (سعيد، عن قتادة، عن أنس) والظاهر أن سعيداً هو ابن أبي عروبة وهو ثقة. لكنه اختلط قبل موته بمدة طويلة، وهو مع ذلك كثير التدليس كما في التقريب، وقتادة كثير التدليس).

    (الثاني): من حديث عليّ رضي الله عنه.
    ورد في مسند الإمام زيد ص (215).. ولا تعليق على هذا الشاهد!!!!!

    فالخلاصة: أن هذا الحديث بمتابعاته وشواهده = حديثٌ موضوع لا يصح ولا يثبت ولا يحتج به.


    مما علقته أثنا قراءتي لثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني ص43).
    هذه المشاركة كان حقها التقديم لكني ذهلت عنها
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص36)

    (مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ وَالْحَدِيثَ فَلَا ... يَضْجَرْ مِنْ خَمْسَةٍ يُقَاسِيهَا)
    (دَرَاهِمٌ لِلْعُلُومِ يَجْمَعُهَا ... وَعِنْدَ نَشْرِ الْحَدِيثِ يُفْنِيهَا)
    (يُضْجِرُهُ الضَّرْبُ فِي دَفَاتِرِهِ ... وَكَثْرَةُ اللَّحْقِ فِي حَوَاشِيهَا)
    (يَغْسِلُ أَثْوَابَهُ وَبَزَّتَهُ ... مِنْ أَثَرِ الحبر لَيْسَ ينقبها)

    أقول هذه الأبيات لا أعتقد أنها تصح نسبتها للإمام أحمد رحمه الله.. بل واقعاً جزماً أنها ليست له رضي الله عنه؛ وفيها من العلل ما يلي:
    1) تفرد القاضي عياض بذكرها دون غيره من العلماء؛ وخاصة الحنابلة منهم والذين تتبعوا حال إمامهم وحياته وترجموا له وألفوا في الكلام عن أحواله وفضائله ومحنته وغير ذلك.. فلم يذكر أحد منهم هذه الأبيات على أنها من شعره رحمه الله تعالى؛ بل لم يورد واحداً منهم هذه الأبيات في مصنفٍ من مصنفاته.. ولا أعتقد ان مثل هذا يخفى على مثل هؤلاء الأجلاء الجهابذة العارفين الناقدين المبصرين!!
    2) أنها لم ترو إلا من طريق المجهول الغير معروف (عبد السلام بن بندار القروي) ومثل هذا لا يقبل تفرده في أمرٍ لا يكاد يعرف عن الشخص الذي تفرد بخبره.. وسيأتي.
    وقد وجدت عند ابن بشكوال ترجمة لشخصٍ قريبٍ من هذا؛ فالله أعلم هل هو هو أم غيره؛ وأنه حصل تصحيف في الاسم!! فقد قال ابن بشكوال:
    (عبد السلام بن مسافر القروي: نزل المرية وكتب بها عن شيوخها. وكان معتنيا بالآثار. وتوفي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة ذكره ابن مدير).
    وسواءٌ هو أم غيره فيبقى الرجل مجهول الحال لا يعرف أمره ولا يقبل تفرده بأمر لم يعهد ممن تفرد بنقل خبره. فتأمل
    3) الانقطاع بين الشريف أبو علي الهاشمي وبين الإمام أحمد؛ وهذا بحد ذاته مما يضعف أن تكون هذه الأبيات مما قالها الإمام أحمد رحمه الله.
    4) عدم معرفة أن الإمام أحمد رحمه الله ممن يقرض الشعر؛ ولو قليل منه.. فلم ينقل عنه من مثل هذا الأمر رحمه الله شيئا.. وهذا بحد ذاته يعطينا غرابةً ونكارةً في نسب هذه الأبيات للإمام أحمد رضي الله عنه ورحمه. فتأمل
    5) أن الإمام العلامة العراقي لما أن أورد هذه الأبيات في كتابه شرح التبصرة شكك فيها رحمه الله وكأنه استغرب ورودها من الإمام أحمد؛ فقال في تصديره لها: (وقد وقعَ في شِعْرٍ نُسِبَ لأَحمدَ بنِ حنبلٍ).. وهذا أمرٌ لا يستهان به من قبل إمام ناقد بصير.

    مما علقته من فوائد أثناء مطالعتي لثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني)
    وهذا المشاركة أيضا حقها التقديم لكنني ذهلت عنها
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص107)


    حديث "ذَرُوا الْعَارِفِينَ الْمُحَدَّثِينَ مِنْ أُمَّتِي، لا تُنْزِلُوهُمُ الْجَنَّةَ وَلا النَّارَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ الَّذِي يَقْضِي فِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
    هكذا أتى عند الخطيب (المحدثين) وما أراه إلا تصحيف للكلمة، وصوابها ما عند ابن عدي (المذنبين).

    أقول: هذا الخبر مما تفرد به (أيوب بن سويد الرملي)، عن (سفيان الثوري)، عن (خالد بن أبي كريمة)، عن (عبد الله بن مسور)، عن (محمد بن علي ابن الحنفية)، عن (أبيه).
    وهيهات هيهات؛ ثم هيهات هيهات أن يكون هذا الخبر من حديث الثوري رحمه الله تعالى!!
    بل هو من طوام السارق الواهي المتروك كثير الخطأ (أيوب بن سويد الرملي).

    أخرجه كلٌ من:
    - ابن عدي في الكامل (5/193) من طريق (خالد بن نزار الغساني) وهو وإن كان ثقةً إلا أنه يغرب ويخطئ، ويروي عنه ابنه كثيراً من مثل هذه الغرائب والأفرادات.
    - الخطيب في التاريخ (9/225) من طريق (الربيع بن سليمان المرادي) وهو وإن كان ثقةً إلا أنه فيه غفلة.
    - الثقفي في " الفوائد العوالي المنتقاة " المعروفة بـ " الثقفيات " (ج 6 رقم 10 من منسوختي _ الألباني _)

    ناهيك عن الطامة الأخرى (عبد الله بن مسور القرشي) الوضاع الكذاب!!
    والمُتَلَوِّن الآخر (ابن أبي كريمة).
    فجعل الآفة في الخبر هو (عبد الله بن مسور) فقط غير مسلم. وقد بينت ذلك لك. فتنبه

    ولا يسلم أيضاً ما قاله ابن القسيراني في ذخيرة الحفاظ: (وهذا يعد في أفراد طاهر، وإن كان في الإسناد عبد الله بن المسور).. فقد مر بك أنه لم يتفرد به. فتأمل

    والخلاصة: أن هذا الحديث لا يصح ولا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولا يصح الاحتجاج به.
    وهذا مما يؤخذ على العلامة السيوطي إيراده في جامعه الصغير.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص110)


    قال رحمه الله يصف الوباء العظيم العام الذي حصل فيما بين عامي 1246 – 1247 هـ:
    (الوباء العام الواقع في سنة 1246هـ الذي مات منه خلائق لا يحصون من الحجاج بحيث انتهى الأمر إلى العجز عن دفن الأموات، حتى أن شريف مكة باشر الدفن هو وحاشيته وأكره الباقين من الأحياء على الدفن، وغُلِّقت بمكة وجدة عدة بيوت، وتركت عدة أموال لا يدرى مستحقها من الورثة.
    وكان ابتداء هذا الوباء من أرض الحبشة؛ فكان يموت كل يوم أكثر من ألف إنسان، وهلكت عدة قرى، لم يبق إلا الأموال والمواشي.
    ووقع مثل ذلك في مصر والشام والعراقين؛ فهلك أمم لا يحصون كما أخبر بذلك الثقات.
    ووقع تاريخ هذا العام {لنهلكن الظالمين}، وأينا لم يظلم نفسه نسأل الله العفو والمغفرة والرحمة الشاملة لنا ولجميع المسلمين) انتهى

    أقول: وهذا الوباء من أعظم الأوبئة التي شهدتها الكرة الأرضية؛ فقد امتد انتشاره من أرض الحبشة والسودان واستمر إلى أن وصل بلاد الهند على ما أفاده المؤرخون والشهود.
    وقع هذا الوباء الرهيب بين عامي 1246 هـ و 1247هـ، وعم أغلب البلاد، وكان من الشدة كما وصفه ابن بشر، فقال:
    (انقطع منه حمائل وقبائل، وخلت من أهلها المنازل ، وإذا دخل في بيت لم يخرج منه حتى لم يبق فيه عين تطرف ، وجثا الناس في بيوتهم لا يجدون من يدفنهم، وأموالهم عندهم ليس عندها حارس ولا والي، وأنتنت البلدان من جيف الإنسان ، وبقيت الدواب والأغنام تائهة في البلدان ليس عندها من يعلفها ويسقيها ).

    وقال دحلان: (وكانت تلك السنة هي أوّل السنين التي حدث فيها ذلك الوباء بمكة، ولم يعرفه الناس قبل تلك السنة، ثم بعد هذه السنة تكرر مجيئه بمكة مرات لكنه ما جاء في السنين التي بعد هذه السنة مثل هذه السنة؛ فإنه كان شديد الكثرة، مات فيه خلق كثير لا يمكن ضبطهم ولا إحصاؤهم، وكان ابتداؤه من شهر شوال من السنة المذكورة، وكان ابتداء وقوعه في التكرر والجبروت، فلم يكترث الناس به ولم ينزعجوا منه، ثم إنه في النصف من شهر ذي القعدة أصاب كثيرا من أهل مكة ومن الحجاج من كل صنف، ولم يزل يتزايد، واشتد أمره في أيام منى حتى صار الموتى مطروحين في الطرقات، ونزل الناس من منى والجمال محملة من الاموات، واشتد أيضا بمكة بعد النزول من منى، وامتلأت الاسواق والطرقات من الاموات، وعجز الناس عن تجهيزهم ودفنهم، فخرج مولانا الشريف محمد بن عون بنفسه راكبا ومعه بعض أتباعه وصار يمر على بعض الطرقات والاسواق ويأمر الناس بتجهيز الموتى ودفنهم، وأعطاهم ما يحتاجون اليه من الأكفان، وامتلأت القبور من الأموات فحفروا حفائر كثيرة وصاروا يضعون في كل حفرة جملة من الأموات، وقاسى الناس من ذلك الوباء هولا شديدا، واستمر ذلك الوباء الى عشرين من ذي الحجة ثم ارتفع شيئا فشيئا).

    وانظر للاستزادة:
    - تاريخ العلامة الفاخري.
    - تاريخ العلامة ابن ضويان.
    - تاريخ الشيخ ابن عيسى.
    - تاريخ الشيخ البسام.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص112)

    قال رحمه الله: (مدينة تريم المدينة المشهورة في الجهة الحضرمية؛ بل هي أكبر مدائنها، اختطها أبو بكر الصديق رضي الله عنه أيام خلافته كما أفاد ذلك الشيخ المحقق العلامة عبد الله العبادي في حواشيه على الفتاوى الحديثية للشيخ ابن حجر الهيتمي) انتهى

    أقول: هكذا نقل عن العبادي! ولا يصح هذا؛ فإن مدينة تريم كانت معروفةً قبل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وخلافته.. مشهورةٌ معروفة.
    وَهِي بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة فراء فتحتية وَآخِرهَا مِيم بِوَزْن عَظِيم سميت باسم الْملك الَّذِي اختطها وَهُوَ تريم بن حَضرمَوْت، وَقيل إِن الَّذِي اختطها الْكَامِل.
    وَمن أسمائها الْغناء بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالنُّون الْمُشَدّدَة؛ سميت بذلك لِكَثْرَة أشجارها وأنهارها، وَتسَمى مَدِينَة الصّديق رَضِي الله عَنهُ لِأَن عَامله زِيَاد بن لبيد الْأنْصَارِيّ لما عَاد لبيعة الصّديق أول من أَجَابَهُ أهل تريم وَلم يخْتَلف عَلَيْهِ أحد مِنْهُم وَبعث للصديق بذلك فَدَعَا الله بِثَلَاث دعوات أَن تكون معمورة وَأَن يُبَارك فِي مَائِهَا وَأَن يكثر فِيهَا الصالحون.

    فاعرف هذا ترشد.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  13. #13

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    بارك الله فيك على هذه التقييدات المفيدة

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    نسخة معدلة مصححة مزيدة
    (ص117)


    قال رحمه الله:
    (وقد أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله إني رجل حبب إلىّ الصوت الحسن، فهل في الجنة صوت حسن؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إن الله يوحي إلى شجرة في الجنة أن أسمعي عبادي الذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عن عزف البرابط والمزامير، فترفع بصوت لم يسمع في الخلائق بمثله من تسبيح الرب وتقديسه") انتهى

    أقول: هذا الخبر أخرجه الحكيم في النوادر في الأصل الثالث والعشرين رقم (149)؛ قال:
    حدثنا عبد الله بن أبي زياد، حدثنا سيار(1)، حدثني موسى بن سعيد الراسبي وعبد الله بن عرادة الشيباني؛ قالا(2): حدثنا القاسم العجلي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال.. فذكره باختلاف يسير في ألفاظه.

    (1) هو سيار بن حاتم العنزي. تصحف في الطبعة القديمة إلى (بشار).
    (2) تصحف في الطبعتين القديمة والجديدة إلى (قال).

    وهذا الخبر عند الحكيم هو القسم الثاني منه؛ فقد ذكر الخبر كاملاً من هذا الطريق الثعلبي في تفسيره 7/296؛ فقال:
    (وأخبرنا الحسين بن محمد الدينوري، عن أحمد بن الحسن بن ماجة القزويني، عن الحسن ابن أيّوب، عن عبد الله بن عراد الشيباني قال(3): أخبرنا القاسم بن مطيب العجلي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الجنّة مئة درجة، ما بين كلّ درجتين منها كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها سموّا وأوسطها محلّه، ومنها تنفجر أنهار الجنّة، وعليها يوضع العرش يوم القيامة». فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله إنّي رجل حبّب إليّ الصّوت، فهل في الجنّة صوت حسن؟ قال: "إي والذي نفسي بيده، إنّ الله سبحانه ليوحي إلى شجرة في الجنّة أن أسمعي عبادي الذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عن عزف البرابط والمزامير، فترفع صوتا لم يسمع الخلائق مثله قط من تسبيح الرّبّ وتقديسه").

    (3) تصحف في المطبوع إلى (قالا).

    بينما ذكره أبو نعيم في صفة الجنة رقم (230) (456) كاملاً إلا أنه خالف في الشطر الثاني مخالفةً واضحةً بيّنة؛ فقال:
    (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، ثنا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا مُوسَى بْنُ سَعِيدٍ الرَّاسِبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَرَادَةَ الشَّيْبَانِيُّ ؛ قَالا: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مُطَيَّبٍ الْعِجْلِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ _ وَذَكَرَ الْجَنَّةَ فَقَالَ _: "وَالْفِرْدَوْس أَعْلاهَا سُمُوًّا وَأَوْسَعُهَا مَحِلَّةً، وَمِنْهَا تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، وَعَلَيْهَا يُوضَعُ الْعَرْشُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ حُبِّبَ إِلَيَّ الْخَيْلُ، فَهَلْ فِي الْجَنَّةِ خَيْلٌ؟ قَالَ: "إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْلا، وَإِبِلا هَفَّافَةً تَزِفُّ بَيْنَ خِلالِ وَرَقِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ عَلَيْهَا حَيْثُ شَاءُوا"، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ حُبِّبَ إِلَيَّ الإِبِلُ...، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ).

    أقول: وهذا إسنادٌ هالك تالف لا يساوي شيئاً:
    [سيار بن حاتم العنزي] إمام أصحاب المناكير ورأسهم، لم يكن له عقلٌ فكثرت أوهامه.. لا يكاد يسلم حديثه.
    [موسى بن سعيد الراسبي] مجهول الحال والعين لا يعرف من هو.
    [عبد الله بن عرادة الشيباني] فيه جهالة؛ ضعيفٌ واهٍ ليس بشيء، حديثه منكر ومع ذلك فإنه يهم كثيرا، يخالف في حديثه فكان ممن يقلب الأخبار، ويخطئ في الآثار توهما، لا يجوز الاحتجاج بما رواه إلا فيما وافق الثقات، عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
    [القاسم بن مطيب العجلي] ضعيفٌ جداً؛ قد تركه بعض الأئمة. وهو قليل الرواية جداً ومع قلتها يخطئ فيها.
    و[الحسين بن محمد الدينوري] عند الثعلبي = وإن كان قد وثق إلا أنه ممن يروي المناكير؛ واشتهر عنه ذلك.
    و[أحمد بن الحسن القزويني] عند الثعلبي = لا يكاد يعرف؛ تفرد برواية تاريخ الإمام أحمد بن محمد بن حنبل!! ولا يكاد يصح ذلك، وحاله مجهولة.
    و[محمد بن حميد المخرمي] عند أبو نعيم = ضعيفٌ صاحب غرائب وتخليط، متساهل جدا في أخذ الحديث بلا تمييز.

    فهذا الخبر بهذا السند من هذا الوجه = وهمٌ فاضحٌ لا يصح ولا يثبت ولا يجوز الاحتجاج به.
    ثم وجدت البزار في المسند رقم (8711) قد روى متابعة أخرى عن زيد بن أسلم؛ من رواية (محمد بن مسلم الطائفي) وهو آفته؛ فإنه وإن وثق إلا أنه ليس بالقوي؛ وقد ضعفه عدة من الأئمة، يخطئ ويهم في حديثه كثيراً خاصةً إذا كان من حفظه، عن (ابن أبي حسين عبد الله بن عبد الرحمن القرشي).. فهذه المتابعة كعدمها. فتأمل

    ومع عدم صحة هذا الخبر أصلاً؛ وعدم ثبوته = إلا أنه قد ورد مضطرباً اضطراباً شديداً نسأل الله العافية!
    فقد رواه عن زيد بن أسلم (همام بن يحيى العوذي) وهو وإن كان ثقةً رحمه الله إلا أنه كان ردئ الحفظ فيقع في أوهام وأخطاء من هذا الباب.. وجعل الخبر من رواية الصحابي الجليل (عبادة بن الصامت).. أخرج روايته مقتصراً على الشطر الأول فقط بلا ذكرٍ للثاني:
    - الإمام أحمدفي المسند رقم (22186) (22229) ومن طريقه الضياء المختارة رقم (2820)، الترمذي السنن رقم (2530)، الحاكم المستدرك (1/80) ومن طريقه البيهقي بعث رقم (226)، الضياء المختارة رقم (2819) (2821)، الشاشي المسند رقم (1238) (1239) (1241)، ابن أبي شيبة مصنف رقم (35074)، ابن مندهالتوحيد رقم (610)، الطبري التفسير (15/432،433)، ابن أبي الدنياصفة الجنة رقم (18) (78)، عبد بن حميدمسند رقم (182)، عفان بن مسلمرقم (285)، الشماع ثبته رقم (10)، ابن خزيمةتوحيد رقم (153)، الواحدي الوسيط (3/171)، أبو نعيمصفة الجنة رقم (229،322).

    وخالف هماماً في الرواية عن زيد بن أسلم (عبد العزيز بن محمد الدراوردي) وهو وإن كان صدوقاً رحمه الله إلا أنه كان يخطئ كثيراً لسوء حفظه؛ فيقع في الأوهام حتى كثرت في حديثه، إلا ما حدث من كتابه وجوَّده.. فجعل الخبر من رواية الصحابي الجليل (معاذ بن جبل) وأتى بمتنٍ آخر جديد ملفق.. أخرج مخالفته هذه:
    - الإمام أحمد مسند رقم (21581)، الترمذي السنن رقم (2529)، الطبراني كبير (20/158)، الدارمي الرد على الجهمية رقم (43)، الطبري التفسير (15/434)، أبو نعيم صفة الجنة رقم (231)، أبو يعلى في الكبير كما في الاتحاف رقم (1107)، البزار المسند كما في الكشف رقم (26)؛ وقال: (لا نَعْلَمُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلا عَنْ مُعَاذٍ، وَلا نَعْلَمُ لِعَطَاءٍ مِنْهُ سَمَاعًا).
    قلت: وهذا يؤيد وهم هذا الوجه وخطأه.. وتساهل كثيراً وتسرع ولم يدقق من صحح أو حسن هذا الوجه أو سابقه أو عاقبه.
    وقد قال الترمذي عقيبه: (هَكَذَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ.. وَهَذَا عِنْدِي أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وَعَطَاءٌ لَمْ يُدْرِكْ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَمُعَاذٌ قَدِيمُ الْمَوْتِ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ).

    فقد تابع عبد العزيز الدراوردي على هذا الوجه (هشام بن سعد القرشي) وإن كان محله الصدق إلا أنه ليس بالقوي؛ لم يكن بالحافظ ولم يكن يحكم الحديث، كان ممن يقلب الأسانيد وهو لا يفهم ويسند الموقوفات من حيث لا يعلم؛ وإن اعتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا ضير.. وقد انتقى الشيخين من حديثه انتقاءً.. أخرج متابعته المروزي في صلاة الوتر رقم (16) مختصراً، والمقدسي في أخبار الصلاة رقم (13) (38) مطولاً، البيهقي البعث رقم (227) مختصرا.
    وكل هذا كما قدمت لك وهمٌ وخطأ لا يصح. فتنبه

    بينما خالف هماماً في الرواية عن زيد بن أسلم؛ موافقاً عبد العزيز بن محمد وهشام بن سعد في جعله من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه (حفص بن ميسرة العقيلي) لكنه خالف عبد العزيز وهشام في المتن؛ فقد اقتصر على متن همام ولم يخالفه في ذلك كما فعل عبد العزيز وهشام.. أخرج روايته:
    - ابن ماجةالسنن رقم (4331)،ابن أبي الدنيا صفة الجنة رقم (77) عن شيخهما [سويد بن سعيد الحدثاني] وقد قدمنا حاله باستفاضة في غير هذا الموضع، ابن مندهالتوحيد رقم (611) عن شيخه [عبد الله بن الحسين النيسابوري] مجهولٌ لا يعرف حاله.

    وكل هذا لا يصح ولا يثبت؛ بل هي أوهام تتابع بعضها على بعض، وأخطاء تراكم أحدها على الآخر. فتأمل وتنبه ولا تتعجل فتندفع فتزل

    * وبالمناسبة فقد وجدت طريقاً آخر عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم.. غريبٌ جداً؛ تفرد به ابن سمعون في أماليه رقم (2)؛ لكنه جعله من حديث عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري!! فذكر الخبر مطولاً غريباً يشبه متن أبو نعيم الغريب في أول التخريج.
    وقد تصحف عنده (ميسرة) إلى (عمر)!!
    وكلُّ هذا كما قدمت لك يؤيد ويبين ويوضح أن كل هذه الطرق السابقة أوهام وأخطاء قد رواها أئمة الأوهام والأخطاء والاضطراب في الأسانيد. فتأمل وتنبه لذلك


    بينما نجد الرواية المضبوطة للحديث _ على كلامٍ فيها سنحرره إن شاء الله تعالى _ هي ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نُنَبِّئُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِين َ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ".. على اختلافٍ في المتن سيأتي بيانه إن شاء الله وأيه أسلم وأضبط.

    رواه عطاء بن يسار، أو عبد الرحمن بن أبي عمرة _ على اختلافٍ في ذلك(4) _ عن أبي هريرة أو أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم _ على اختلاف في ذلك(4) _؛ وهو يروى من طريقين:
    الطريق الأول: طريق (فليح بن سليمان الأسلمي) صدوق ليس بالمتين، يغرب ويتفرد ويهم، قد ضعفه ووهاه أئمة كبار فرسان، وإن أخرج له الشيخان فإنما انتقيا له انتقاءً، عن (هلال بن علي القرشي).. عند:
    - البخاري الصحيح رقم (2790) (7423) مطولا، الإمام أحمد المسند(5) رقم (8214) (8269) ومن طريقه ابن بشران الأمالي (1/408) مطولا وأبو نعيم صفة الجنة رقم (470) مختصرا ومن طريق ابن بشران المقدسي فضائل رمضان رقم (1) مطولا، ابن حبان الصحيح رقم (4611) مختصرا، الحاكم المستدرك (1/80) مختصرا، البيهقي سنن (9/14، 157) وصفات رقم (845) مطولا وبعث رقم (225) واعتقاد (ص90) مختصرا، ابن عساكر أربعين الجهاد رقم (14) مختصرا، الشجري الأمالي رقم (1501) مطولا، ابن أبي عاصم السنة رقم (581) الجهاد رقم (171) مختصرا، ابن خزيمة التوحيد رقم( 147) ومن طريقه أبو نعيم صفة الجنة رقم (227) مختصرا، أبو الشيخ العظمة رقم (246) (575) مختصرا، ابن منده إيمان (1/284) توحيد رقم (609) مختصرا، البغوي شرح السنة رقم (2610) والتفسير مطولا، الطبري تفسير (15/433) مختصرا، ابن أبي حاتم تفسير رقم (5850) مختصرا، ابن المبارك الزهد رقم (1536) مطولا، أبو نعيم صفة الجنة رقم (321) مختصرا، ابن وهب المسند رقم (98) مطولا، الأصبهاني موجبات الجنة رقم (103) مطولا، قوام السنة الترغيب رقم (830) مختصرا، الجوزجاني الأباطيل والصحاح رقم (302) مطولا.

    (4) ولم يحصل هذا الاختلاف إلا من طريق فليح بن سليمان، وليس هو إلا حديث عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه. فتأمل ولا تتعجل
    (5) أتى في المسند مرة يقيناً عن (ابن أبي عمرة) ومرة أخرى عن (عطاء بن يسار) ومرة على الشك (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَوْ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ، قَالَ فُلَيْح: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَال: ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ فَلَمْ يَشُكَّ يَعْنِي فُلَيْحًا؛ قالَ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ).. فتأمل هذا الكلام وتجد أنه من أهم عوامل سقوط هذا الخبر من هذا الوجه؛ أعني: وجه فليح بن سليمان.. فقد اضطرب فيه جداً ووهم.. إنما ينظر فيه فيما وافق غيره وتابعه عليه؛ فلذلك أخرج له الإمام البخاري في صحيحه هذا الخبر انتقاءً حَذِراً مما سَلِمْ.. فكانت روايته للخبر من طريق عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه هي الجادة المحفوظة.. فيطرح أي طريقٍ غيرها.

    الطريق الثاني: طريق (شريك بن عبد الله النخعي) أُكثر الكلام عليه جداً وخلاصته: أنه صدوقٌ في نفسه، ثقةٌ فيما وافق الثقات؛ وضعيفٌ جداً فيما تفرد به وأغرب وخالف، عن (محمد بن جحادة الأودي).. ولعله هنا وافق غيره وإن لم يكن هذا الموافق ثقة؛ على الأقل في الرواية عن عطاء عن أبي هريرة.. لكنه خالفه في المتن فرواه مختصراً جدا.. روي عنه من وجهين [يزيد بن هارون] و[يحيى الحماني] ولا يخفى أمره؛ عند:
    - الإمام أحمدالمسند رقم (7863)، الترمذي السنن رقم (2528)، ابن أبي داودالبعث رقم (63) ومن طريقه قوام السنةالترغيب رقم (1008) والذهبي السير (ترجمة احمد بن سنان) وتذكرة الحفاظ (2/80)، الواحدي الوسيط (3/102)، ابن أبي الدنياصفة الجنة رقم (187)، أبو الشيخ العظمة رقم (575)، الواحدي وسيط (3/102) يزيد بن هارون.
    - الطبراني أوسط(6) رقم (5767)، ابن المقرئمعجم رقم (357) ومن طريقه أبو نعيمأخبار أصبهان (2/276)، أبو نعيمصفة الجنة رقم (228) يحيى بن عبد الحميد.

    (6) أتى عنده بدل (ابن يسار) (ابن أبي رباح) وهو خطأ.

    ثم وقفت على طريقٍ ثالثعن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه.. أخرجه أبو نعيمٍ في صفة الجنة رقم (232) من طريق (ميكائيل بن أبي الدهماء) مجهول الحال والعين لا يعرف من هو، عن (علقمة بن مرثد الخضرمي)، عن (يحيى بن إسحاق الأنصاري) ولا أظنه سمع من عطاء بل هو منقطع.. وهذه علة أخرى لهذا الطريق غير ميكائيل؛ فهو لا يروي عن عطاء إلا بواسطة (زيد بن أسلم).. إلا أنه تابع شريكاً على المتن فقط.

    لكن وجدت الإمام الدار قطني وقد سئل عن حديث عطاء بن أبي رباح _ هكذا _، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجنة مئة درجة، ما بين كل درجتين مسيرة خمس مئة عام".. فقال:
    (يرويه محمد بن جحادة، واختلف عنه:
    فرفعه يزيد بن هارون، عن شريك، عن ابن جحادة، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    ورواه مالك بن مغول، عن ابن جحادة، عن عطاء من قوله، وهو أصح).
    أقول: ولا أعلم لابن أبي رباح مدخلٌ في هذا الخبر من جميع طرقه!!

    فالخلاصة من هذا كله:
    أن أي رواية لهذا الخبر ليست عن فليحٍ و شريك، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه = غير صحيحة ولا تثبت ولا يصح الاحتجاج بها.. ووهم وأخطأ وتسرع ولم يدقق من حكم بغير هذا على هذه الطرق والأوجه غير ما استثنيت لك.
    فيبقى أمامنا فقط ما رواه فليحٌ وشريك، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه هو السند المحفوظ الذي على الجادة.. ويبقى الكلام بينهما على المتن فقط؛ فنقول:
    أمامنا متنين أحدهما طويل رواه (فليح الأسلمي) والآخر مختصر رواه (شريك النخعي)؛ ووجدنا أن كلا الراويين ليسا بذاك في القوة والثقة والمتانة؛ فحاولنا أن نرجح بينها؛ فوجدنا رواية (فليح) قد أتت على رواية (شريك) وزيادة، ولم نجد لزيادة (فليح) معارض أو مخالف؛ بل بالعكس وجدنا إمام الحديث في وقته البخاري رحمه الله قد قبلها وضمنها صحيحه؛ دون رواية (شريك) مع علمه جزما ويقينا بها.. فقبلناها كما قبلها.

    وعليه: فهذا الخبر من طريق فليحٌ، عن هلال، عن عطاء، عن أبي هريرة بالمتن المطول المزبور أعلاه = حسن.. ولا أظنه يرتقي بذاته أعلى من ذلك بل ولا يقدر. فتأمل
    فاظفر بما سطرت لك فلن تجده في غير هذا المكان؛ ولقد جهدت في تحقيقه لك. فالحمد لله أولا وآخرا.

    ثم وقفت للحديث من طريق (فليح الأسلمي) الذي رواه الإمام البخاري على شاهدٍ آخر يقوي كلامي السابق فيه؛ وما توصلت إليه؛ وأنه هو الطريق المحفوظ المجوّد للخبر؛ والذي يسقط غيره من الطرق والوجوه..
    هذا الشاهد أخرجه الإمام النسائي في الكبرى رقم (4325) والصغرى برقم (3132)، والطبراني في الشاميين رقم (1200)، وابن عساكر في التاريخ (52/135) بسندٍ حسنٍ لا بأس به؛ قال النسائي:
    (أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُمَيْعٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَمَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ هَاجِرًا وَمَاتَ فِي مَوْلِدِهِ". فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نُخْبِرُ بِهَا النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُو ا بِهَا؟ فَقَالَ: "إِنَّ لِلْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِين َ فِي سَبِيلِهِ وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ").

    ثم وقفت على شاهدٍ ثانٍ أخرجه الإمام البخاري في تاريخه الكبير (6/324)، وابن عساكر في التاريخ (40/477)؛ بسندٍ لا بأس به إلا أنه منقطع فلم يسمع ابن غنم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أدركه؛ قال:
    (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ مَوْلَى السَّلامِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَانِقٍ الأَشْعَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَقَامَ الصَّلاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَمَاتَ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عز وجل يَغْفِرُ لَهُ إِنْ هَاجَرَ، أَوْ مَاتَ فِي مَوْلِدِهِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا نُبَشِّرُ بِهَا أَصْحَابَكَ. قَالَ: "دَعُوا النَّاسَ، فَلْيَعْمَلُوا فَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِين َ فِي سَبِيلِهِ، وَلَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى النَّاسِ مَا تَخَلَّفْتُ، وَلَكِنْ لا يَجِدُونَ سَعَةً، وَلا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا، وَلا أَجِدُ مَا أُفَضِّلُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ، ثُمَّ أَحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أَحْيَا مَرَّتَيْنِ").

    وهناك شاهد للطريق المختصر من حديث أبي عبيدة بن الجراح يرويه (محمد بن عمر الواقدي) وليس بشيء.. أخرجه:
    - الشحامي في الأربعون رقم (10)، ابن بشران في الأمالي رقم (1627)، ابن عساكر في التاريخ (65/222)، ابن أبي الدنيا صفة الجنة رقم (82)، والذهبي والسبكي في معجميهما.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص122)

    قال رحمه الله وعفا عنه:
    (ومما يحكى أن رجلاً من المشتغلين به _ يعني كتاب إحياء علوم الدين _ اطلع على كتاب (تنبيه الأحياء على أغاليط الإحياء) فأقبل على مطالعته؛ فما أتمه إلا وقد ذهب بصره، فأكثر من البكاء والتضرع إلى الله عز وجل، وعرف من أين أُتي، فتاب إلى الله عز وجل فرد الله عليه بصره.
    قال الشيخ حسين بن عبد الله الحضرمي: (إحياء علوم الدين) يداوي من سموم الغفلة، ويوقظ علماء الظاهر، ويوسع للعلماء الراسخين علمهم) انتهى

    أقول: سبحان الله تجد الرجل عليه سمات العلم والرسوخ والفهم والعقل؛ فإذا انزلق في مزالق التصوف والشيطنة تجرد من كل هذا؛ وأشبه الأنعام إن لم يكن أضل!!
    ومتى كان كتاب (الإحياء) منزهاً ومرفوعاً عن المساس به حتى تكون قراءة انتقاده = ذنبٌ عظيمٌ يوجب العقوبة؟! أخشى أنه من الكتب المنزّلة وأنا لا أدري!
    ثم يأتي الآخر ويخبر بأنه شفاء لما في الصدور!! وموعظة للمتقين!! أعوذ بالله من عمى القلب قبل عمى البصر.. هكذا جعلوا كتاب (الإحياء) = قرآن كريم؛ حاشا كتاب ربنا عن هذيانهم وتفاهاتهم وترهاتهم.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص123)

    قال رحمه الله:
    (وغير خافٍ أن الجهر بالذكر ليس بحرامٍ ولا مكروه كما زعم زاعمون، وقد ألف في أدلة مشروعية الجهر بالذكر جماعة من العلماء؛ منهم: الجلال السيوطي، والعلامة الكتاني وأطالا الكلام في ذلك.
    ومنهم الشيخ ملا إبرهيم الكوراني؛ فله في أدلة الجهر رسالة عظيمة؛ ومما ذكر فيها ما نصه تبصرةً:
    [فإن قلت: قد قال الله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين}؛ وفُسِّرَ الاعتداء بالدعاء كما رواه ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم؛ فيكون الجهر مكروهاً.
    قلت: قد فسر أيضاً التضرع في الآية بالعلانية، والخفية بالسر كما رواه أبو الشيخ عن قتادة.
    فالاعتداء في الدعاء إذا فسر بالجهر = يراد به رفع الصوت الزائد على قدر الحاجة لا مطلق الجهر، جمعاً بين الأدلة، وبذلك فسره الحافظ في الفتح حيث قال: الاعتداء في الدعاء يقع بزيادة الرفع فوق الحاجة.
    إلى أن قال الشيخ إبراهيم المذكور:
    ويدل لذلك صريحاً حديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين وغيرهما واللفظ للبخاري؛ في الجهاد: قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا أشرفنا على وادٍ هللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم ..." الحديث.. قال الحافظ: [اربعوا] بهمزة وصلٍ مكسورة ثم موحدة مفتوحة؛ أي: ارفعوا ولا تجهدوا أنفسكم. انتهى
    فإنه صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بالرفق وهو إنما يقتضي ترك الصياح المفرط لا ترك أصل الجهر؛ جمعاً بين الأدلة.
    ومنه يظهر أن المراد بالجهر في قوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول} أيضاً هو الصياح البالغ لا مطلق الجهر؛ جمعاً بينه وبين الأحاديث الصحيحة الدالة على مشروعية الجهر بالقول في الذكر واستحبابه.. إلى آخر كلامه) انتهى

    أقول: المراد هنا مسألة الجهر بالذكر بالصوت المسموع، لا الذكر الجماعي. فتنبه ولا تخلط فتزل
    ومسألة الذكر الجماعي قد نوقشت في غير ما موضعٍ وبينت بدعيّتها وبطلانها.. فلا داعي للإعادة هنا.
    أما مسألة الجهر بالذكر؛ فلعل الأمر على ما أورده المؤلف رحمه الله.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص124)

    قال عفا الله عنه:
    (والشيخ محمد السمان _ ت 1189هـ _ كان من أكابر العلماء، وله مؤلفات غالبها في علم التصوف، وقد أفرد بعض تلامذته ترجمته بمؤلف حافل؛ ونقل فيها أن العارف عبد الوهاب الشعراني _ ت 973هـ _ ترجمه في الأولياء الذين سيأتون بعده؛ وساق عبارته.
    وهذا المؤلَّف للشعراني ذكر لي سيدي العلامة عبد الله بن سليمان الجرهزي أنه وقف عليه بمكة المشرفة وطالعه ووجد فيه عدة من الأولياء المتأخرين من بعد الشعراني من أهل اليمن وغيرهم، ترجم لهم في هذا الكتاب.
    قال _ أي: الجرهزي _: ومن عجيب الاتفاق أني لما فرغت من مطالعته خرجت للطواف فرأيت في المطاف رجلاً حليته حلية رجلٍ ترجم له الشعراني؛ وقال: إن اسمه عبد الغفار، فلما فرغنا من الطواف سلمت عليه وقلت له: مولانا ما اسمك؟ قال: عبد الغفار. فتعرفت أحواله فإذا هي الأحوال التي ذكرها الشعراوي سواء بسواء، فسبحان الفاتح المانح.
    وقد ألف الشيخ العارف بالله عبد الغني النابلسي رسالة سماها: [اللؤلؤ المكنون في الشواهد السمعية على الإخبار بما سيكون]) انتهى

    فصدر مني هذا التعليق _ ولا أعلم هل تقبله مني إدارة المنتدى الموقرة أم لا _: ههههههههههههههه ههههههههههههههه ههههههههههههههه ههههههههههههههه ههههههههههه.

    لا حول ولا قوة إلا بالله.. لم يبق إلا أن يقولوا: نبيٌ يوحى إليه!!
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  18. #18

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    قراءة مثمرة .. وفوائد يعزّ وجودها ..
    بورك فيك أن هززت إلينا بجذع هذه النخلة لنجني منها ثمرا جنيّا ...

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    نسأل الله السداد والتوفيق أخي العزيز.. وبارك الله فيك..

    (ص127)

    قال رحمه الله:
    (وكان _ أي: محمد بن حسين الأسلافي _ مبالغاً في التأدب مع الشيخ المذكور _ أي: أحمد الموقري _ حتى ذكر لي الثقة أن الشيخ محمد المذكور كان لا يبزق إلى جهة (زبيد) لكون شيخه أحمد فيها، وكان إذا جاء منه كتاب لا يمسه إلا وهو على طهارة، ولا يقرأ إلا وهو مستقبل القبلة.
    ولا خفاء أن الأدب باب كبير من أبواب التصوف؛ ولهم فيه مقال طويل) انتهى

    أقول: إن كان هذا أدباً فقل على الأدب السلام!!
    لا والله إلا قلة حياء مع الله ومع رسوله؛ من جهة الاتباع والاقتداء.. قلة حياء في جعل المرء من نفسه أضحوكة ومسخرة.. فنعوذ بالله من هذا الغلو الشنيع الذي يُجْعَل معه المخلوق قبلةً يهتدى إليها، وكلامه قرآنا لا يمسه إلا المطهرون!!
    هذا هو التصوف يا مدعين العبادة والذكر والهيام والبلوغ والوصول..
    هنيئاً لكم فقد بلغتم حقاً!! إلى جهنم وبئس المصير...
    ووصلتم صدقاً!! إلى حياض الشيطان الحقير..
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: قراءة في ثبت العلامة الأهدل (النفس اليماني).. من تقييداتي.

    (ص142)

    قال رحمه الله:
    (ورحم الله السيد العارف بالله حاتم الأهدل _ ت 1013هـ _ حيث يقول:
    تموت الخبايا في الزوايا وما لها *** من الناس بين الناس للناس ذاكر
    تفوت كمالات الرجال شوارداً *** إذا لم تقيدها علينا الدفاتر) انتهى
    أقول: صدق ورب البيت.. فكم من فائدة قرأناها وذكرناها فلما أتى وقت الاستشهاد بها ضربنا كفاً بكف.. وكم من مغمورٍ لو أقسم على الله لأبره لا يعلم بحاله وأمره أحد.. وهذه هي الحياة!!
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •