بسم الله الرحمن الرحيم:
عن ابي امامة -رضي الله عنه- قال: ((ذُكِرَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عالم والآخر عابد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته وأهل أرضيه يصلون على معلم الناس الخير" ))
- هذا الحديث رواه الوليد بن جميل بن قيس ابو الحجاج القرشي واخْتُلِفَ عليه فيه:
1- فرواه سلمة بن رجاء عنه عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابي أمامة مرفوعا، رواه عن سلمة جماعة على هذا الوجه، أخرجه من هذا الوجه الترمذي في سننه [4/347 ح:2685] والطبراني في معجمه الكبير [8/233 ح:7911] و[ح:7912] مختصرا.
ورواه كذلك: تمام الرازي في [الفوائد 1/28] و[2/98] وابن شاهين في [الترغيب ص73 ح:216] وابن الشجري في [الامالي الخميسية 1/76] وعبد الغني المقدسي في [نهاية المراد ص50] وابن عساكر في [تاريخ دمشق 63/116] والذهبي في السير [18/162] وتذكرة الحفاظ [3/1131] مختصرا.
2- ورواه بكر بن خلف عن سلمة واختلف عنه:
- فرواه أبو علي إسماعيل بن محمد بن قيراط فقال: حدثنا بكر بن خلف حدثنا سلمة بن رجاء عن الوليد بن جميل الدمشقي عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا . وفيه: (فضل العالم على الجاهل)
أخرجه من هذا الوجه: تمام الرازي في [الفوائد2/99 ح:1244] ومن طريقه ابن عساكر في [تاريخ دمشق 63/116]
- وخالفه محمد بن أحمد بن نصر الترمذي فقال: ثنا بكر بن خلف أبو بشر، ثنا سلمة بن رجاء، ثنا الوليد بن جميل الدمشقي، ثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي مرفوعا، فوافق رواية الجماعة عن سلمة بن رجاء. أخرجه من هذا الوجه ابن شاهين في [الترغيب ص73 ح:216] كما تقدم
سلمة بن رجاء التميمي الكوفي ابو عبد الرحمن:
قال ابن ابي حاتم: ((سئل أبي عن سلمة بن رجاء فقال: ما بحديثه بأس))وقال ايضا: ((سألت أبا زرعة عن سلمة بن رجاء فقال: كوفي صدوق)) [الجرح والتعديل 4/160 ر:705] وذكره ابن حبان في الثقات [8/286 ر:13473]
قال ابو زكريا يحيى بن معين: ((كوفي ليس بشيء)) [تاريخ الدوري ر:1632] و[الضعفاء لابن شاهين ر:269]
وقال الحافظ ابو عبد الرحمن النسائي: ((كوفي ضعيف)) [الضعفاء ر:242]
وذكره العقيلي في الضعفاء الكبير [2/561 ر:652] وذكر له حديثا وقال: ((لا يتابع عليه))
وقال ابن عدي: ((أحاديثه أفراد وغرائب ويحدث عن قوم بأحاديث لاَ يُتَابَعُ عَليها)) [الكامل 4/356]
وقال الدارقطني: ((ينفرد عن الثقات بأحاديث)) [سؤالات الحاكم ابن البيع ر:342]
وقال ابو الفضل المقدسي: ((ليس بشيئ)) [الذخيرة 2/889 ر:1800]
وضعفه ابن الجوزي [الموضوعات 3/210] وذكره في [الضعفاء والمتروكين 2/ص11 ر:1482]
وقال الحافظ في التقريب: ((صدوق يغرب)) [ر:2490]
قلت: لم يخرج له البخاري في صحيحه إلا حديثا واحدا ولم يتفرد سلمة به، أما مسلم فلم يخرج له شيئا، والذي يترجح لي فيه أنه [صدوق يهم لا يحتج به إذا انفرد]
3- ورواه يزيد بن هارون فقال: ثنا الوليد بن جميل الكناني ثنا مكحول مرسلا وزاد في متنه: ((...ثم تلا هذه الآية: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" ... )) أخرجه من هذا الوجه: الدارمي في سننه [1/100 ح:289] .
وقال الترمذي بعد أن أخرجه من طريق سلمة بن رجاء عن الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابي أمامة مرفوعا به قال: ((هذا حديثٌ غريب)) وفي نسخة ((حسن صحيح غريب)) ونقل النووي في (رياض الصالحين 1/402) عنه تحسينه، وصححه السيوطي (5859) وقال الشيخ الألباني : ( صحيح ) (ح: 4213 صحيح الجامع) وقد كان الشيخ -رحمه الله- قد رجح طريق يزيد بن هارون المرسلة في تخريج المشكاة (ص 74)
وقال ابن عساكر: ((هذا حديث غريب)) [تاريخه 46/327] وقال الذهبي بعد أن رواه في السير مختصرا: ((تفرد به الوليد، وليس بمعتمد)) وقال في التذكرة: ((هذا حديث غريب والوليد صاحب مناكير))
[ثبته الله وفرج عنه]: ((هذا خبر لا يصح فيه عدة علل، وقد قال الإمام أبو حاتم رحمه الله تعالى الوليد يروي مناكير عن القاسم، والقاسم مختلفٌ فيه)) [شرح تجريد التوحيد شريط:20]
قلت: والمحفوظ -والله أعلم- ما قاله يزيد بن هارون فإنه ثقة ثبت حافظ
قال ابو الحسن بن البراء:
((قال علي بن المديني: "الوليد بن جميل تشبه أحاديثه أحاديث القاسم أبي عبد الرحمن" ورضيه)) [الجرح والتعديل 9/3 حرف: "و" ر:7]
وقال البخاري: ((مقارب الحديث)) [العلل الكبير للترمذي ص270]
وقال أبو عبيد الآجري: ((سألت أبا داود عن الوليد بن جميل صاحب القاسم فقال: "دمشقي ليس به بأس" )) [تهذيب الكمال 31/ص8]
وقال ابن ابي حاتم: ((سألت أبي عن الوليد بن جميل فقال: شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة))
وقال ايضا: ((سئل أبو زرعة عن الوليد بن جميل فقال: شيخ لين الحديث)) [الجرح والتعديل 9/3 حرف: "و" ر:7]
وقال البرذعي: ((قلتُ: الوليد بن جميل؟ قال: شيخ لين ، حدث عنه سلمة بن رجاء ، وصدقة بن عَبد الله ، ويزيد ، وأبو النضر)) [سؤالاته ص250 ر:444]
وذكره ابن حبان في الثقات [ر:11413] وأدخله ابن عدي في الكامل [8/362 ر:2004]
وقال ابن منده: ((تُرِك حديثه)) [فتح الباب ص266 ر:2267] وفي هذا مبالغة
وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين [3/184 ر:3645]
وقال الحافظ الذهبي: ((صاحب مناكير)) [التذكرة 3/1131] وفي السير: ((ليس بمعتمد)) [السير 18/162] وذكره في المغني [6847] ونقل قول ابي حاتمٍ فيه
وقال الحافظ ابن حجر: ((صدوق يخطئ)) [التقريب ر:7419]
قلت: لم يُخرج له الشيخان في صحيحيهما شيئا وهو فيما أرى: [ضعيف في القاسم صالح في غيره] والحديث [ضعيف]
وللحديث شاهد (واهٍ) من حديث ابي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أخرجه:
الحارث في مسنده كما في [بغية الباحث للهيثمي 1/184] والمطالب لابن حجر [12/721] ومن طريقه أخرجه ابن الشجري في [الامالي الخميسية 1/71]
وأخرجه أيضا ابو القاسم البغوي في [جزء من حديثه ص50] ومن طريقه أخرجه ابن عبد البر في [الجامع 1/52] وابن المهتدي كما في [الجزء الاول من مشيخته ص5] والرافعي في [تاريخ قزوين 3/118]
كلاهما (يعني البغوي والحارث) عن عبد الله بن عون الخراز ثنا محمد بن الفضل -وهو العبسي- (ح)
وأخرجه ابن حبان في [المجروحين ت:سلام الطويل 1/340] ومن طريقه ابن الجوزي في [علله 1/68] من طريق سليمان بن سفيان الجهني المدائني عن سلام الطويل (ح)
كلاهما (يعني سلام الطويل ومحمد بن الفضل العبسي) عن زيد العمي عن جعفر العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضل العالم على العابد كفضلي على أمتي"
قال الهيثمي: ((قلت: رواه غير الحارث فقال كفضلي على ادناكم))
قلت: كل من رواه -غير الحارث- من طريق ابي سعيد قال كما قال الحارث، ولم أجد لفظة: ((أدناكم)) في شيئ من طرق حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-
وحديث ابي سعيد -رضي الله عنه- حديث [تالفٌ واهٍ مسلسل بالعلل] منها:
1- سلام الطويل متروك صاحب مناكير 2- محمد بن الفضل العبسي واهٍ مُكَذَّب 3- وزيد العمي ضعيف الحديث.
زاد الشيخ الالباني 4- والظاهر أنه (يعني جعفر العبدي) لم يسمع من أبي سعيد (السلسلة الضعيفة [4/98] )
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح، وسلام الطويل مجمع على تضعيفه)) [العلل 1/68] وقال ابن طاهر المقدسي: ((فيه سلام بن سلم الطويل لا شيء يضع الحديث)) [معرفة التذكرة لابن طاهر المقدسي ص169] وضعفه السيوطي في الجامع الصغير (5858) و قال الشيخ الألباني : ( موضوع ) [ح : 3968 ضعيف الجامع] وقال في السلسلة الضعيفة: ((واه بمرة)) [4/98]
وللحديث طريق ثالث أخرجه ابن الشجري في الامالي الخميسية [1/79] من طريق ابي نصر بن حمدويه المروزي الحافظ حدثنا حفص بن عمر حدثنا روح بن عبد الواحد حدثنا الليث بن ابي سليم عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ، وَمِلَاكُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أُمَّتِي)
قلت: فيه جماعة لم أعرفهم وليث بن ابي سليم ضعيف مضطرب الحديث وقد تفرد بهذا عن مجاهد وهذا تفرد منكر ، وأما الجزء الاول من المتن فحديث مستقل يُروى من حديث حذيفة وعبادة -رضي الله عنهما- وغيرهما وفيه اختلاف وكلام ليس هذا محله، والشاهد أن الحديث من هذه الطريق واهٍ ولعله من تخاليط ليث بن ابي سليم، والعلم عند الله .
وروى الخطيب البغدادي في تاريخه [8/680] قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن علي من لفظه قال حدثني أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ بانتقاء بن المظفر حدثني أبو طلحة الوساوسي حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سلمة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "فضل العالم على غيره كفضل النبي على أمته"
ورواه ابن الجوزي في العلل (1/69) من طريق الخطيب ثم قال:
((هذا حديث لا يصح ، قال يحيى بن معين: سليمان بن أبي سلمة "ليس بشيء" وقال النسائي: "متروك الحديث" وأما البزري: "فكذاب" قال أبو بكر الخطيب: قال لي أبو الفتح المصري: "لم أكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة منهم البزري" )) وقال الشيخ الالباني: "موضوع" [السلسلة الضعيفة 4/98]
والخلاصة أن الحديث [ضعيف]
((لكن لا ريب أن العالم أفضل من العابد، وهذا ليس لكل عالم، إنما هو للعالم العامل الذي جمع مع العلم العبادة)) [شرح تجريد التوحيد ش:20]