لقد بنا الحجاج بن يوسف الثقفي قصرًا، ودعا الناس للفرجة، فانبهر الناس، فاغتنم الحسن البصري الفرصة ليعظ الناس ويُذكِّرهم ويزهدهم بعرض الدنيا؛ فوقف فيهم خطيبًا، وقال: لقد نظرنا فيما ابتنى أخبث الأخبثين، فوجدنا أن فرعون شيَّد أعظم مما شيّد، وبنا أعلى مما بنا، ثم أهلك الله فرعون، وأتى على ما بنا وشيَّد.. ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه وأن أهل الأرض قد غرُّوه.(هل هناك حرية رأي أكثر من هذا لله دركم ياسلفنا الصالح السلف الصالح سبقوا الغرب بقرون من حيث حرية الرأي والتعبير واستقلالية الفتوى والخطبه دون تحكم من الحجاج )
وفي اليوم التالي دخل الحجاج إلى مجلسه، وهو يتميُّز من الغيظ، وقال لجلسائه تبًّا لكم وسحقًا.. يقوم عبد من عبيد أهل البصرة، ويقول فينا ما شاء أن يقول، ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه.. والله لأسقيكم من دمه يا معشر الجبناء.(انظر الى قمع حرية الرأي لدى الحجاج )
ثم أمر بالسيف والنطع ثم أمر بإحضار الحسن البصري.. فحضر الحسن؛ فلما رأى السيف والنطع والجلاد حرَّك شفتيه، ثم أقبل على الحجاج، وعليه جلال المؤمن، وعزة المسلم، ووقار الداعية إلى الله، فلما رآه الحجاج هابه أشد الهيبة وقال له:
هاهنا يا أبا سعيد.. هاهنا يا أبا سعيد.. والناس ينظرون في دهشةٍ واستغرابٍ حتى أجلسه على فراشه، وأخذ يسأله عن أمور الدين والحسن البصري يُجيبه.. فقال له الحجاج: أنت سيد العلماء يا أبا سعيد.. ثم دعا بطيبٍ وطيَّب لحيته وودَّعه.
ولما خرج الحسن من عنده.. تبعه حاجب الحجاج وقال له: يا أبا سعيد لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك.. وإني رأيتك قد حرَّكت شفتيك عندما أقبلت عليه فماذا قلت.. فقال الحسن لقد قلت: "يا وليَّ نعمتي وملاذي عند كربتي، اجعل نقمته بردًا وسلامًا عليَّ، كما جعلت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم عليه السلام".(لقد نجوت يااباسعيد وانجاك الله والا كان مصيرك مصير
سعيد ابن جبير وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر رضي الله عنهم اجمعين )