رأيتُ كثيرًا من أهل العلم ممن أمضى كثيرًا من وقته في العلم والتعليم قد أغفلوا جانبًا مهمًا ألا وهو " التصنيف ".

ويحتج هؤلاء بأن الدروس والتحضير لها أخذت وقتهم - فضلاً عن الارتباطات الأسرية والوظيفية الأخرى.
وقد أوافقهم على وجود مثل هذه الأعذار، ولكني أقول: لابد من مجاوزة ذلك، والانطلاق لمشروع التصنيف، ولو على تدرّج وتمهّل؛ لأن الدروس الصوتية والكلمات والمحاضرات تذهب سريعًا من عالم الوجود، ولكن الكتاب يبقى أثره لفترة طويلة.

وتلك الأشرطة لا يتسنى الانتفاع بها إلا عبر وسائل مساعدة كالكهرباء أو المسجل ذا البطاريات، ولابد من مراعاة عدم إزعاج الآخرين بالصوت، وإن كنت في السيارة فقد تذهب بك الأفكار عن الاستماع إلى مراعاة السير والانتباه لحركة مرور الناس بسياراتهم.. إلى غير ذلك من منغصات الاستماع.

أما الكتاب فيقرأ في أي مكان، ولا يسبب إزعاجًا ويمكنك الاستفادة منه في مكتبك، وفي أوقات الانتظار وفي الطائرة.

والكتاب المعدّ إعدادًا جيدًا يساهم في إثراء المكتبة الإسلامية.
فيا أيها الشيخ الكريم: يجب أن تولي التصنيف عناية ورعاية.. وهذه بعض المقترحات:
1- إذا كانت لك دروس مستمرة أو زيارات دعوية أو لقاءات في القنوات؛ فاجعل من أيامك أيامًا للتصنيف.

2- إذا كانت دروسك فيها الإعداد الجيد؛ فألزم طلابك بالتسجيل، ثم بالتفريغ، ثم بعد ذلك تراجعها أنت.. وبهذه الطريقة تختصر كثيرًا من الوقت، وإن كان بعض المراجعة فيه نوع مشقة.

3- إن كنت تثق ببعض طلابك الذين يعرفون منهجك، ولهم فترة طويلة معك؛ فبالإمكان تفويضه في إخراج كتبك بدون أن تراجعها، كما هو منهج بعض العلماء الكبار.

4- اعلم أيها الشيخ الفاضل أنك ستواجه طلبات عديدة من الناس؛ فهذا يريد كلمة، وآخر يريد لقاءً، وثالث يريد زيارة في مدينة أخرى.. فوصيتي لك: لا يأخذك الحب للنفع المتعدي إلى إهمال " التصنيف ".