روى هذا الحديث ابن أبي شيبة في مسنده والبيهقي في سنن الإيمان والبخاري في التاريخ الأوسط والخطيب في تاريخ بغداد والهيثمي في كشف الأستار،
وروى ابن أبي شيبة وجميعهم من طريق مندل فقال ابن أبي شيبة:
[335] نا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مِنْدَلٍ [ضعيف الحديث]، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ، وَلا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعِيرَيْنِ ". اهـ. قال البخاري في الأوسط :
ذَكَرْنَا لِشَرِيكٍ حَدِيثَ مَنْدَلٍ، فَقَالَ: كَذَبَ، أَنَا أَخْبَرْتُ الْأَعْمَشَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ". اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: " أَخْطَأَ فِيهِ مَنْدَلٌ "، وقال الدارقطني : " وَقَدْ رَوَاهُ كَذَلِكَ أَبُو شِهَابٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ النَّبِيِّ مُرْسَلًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ أَبِي وَائِلٍ ". اهـ.
وتابعه على ذلك ما رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق مرسلًا في مصنفه [10469] عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
في لفظ ابن أبي شيبة: «إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ، وَلَا يَتَجَرَّدَانِ تَجَرُّدَ الْعَيرَيْنِ».". اهـ.
وقال الهيثمي في كشف الأستار :قَالَ الْبَزَّارُ:
لا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الأَعْمَشِ هَكَذَا إِلا مَنْدَلٌ، وَأَخْطَأَ فِيهِ، وَذَكَرَ شَرِيكٌ :
أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَمَنْدَلٌ عِنْدَ الأَعْمَشِ، وَعِنْدَهُ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، فَحَدَّثَ عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنِ النَّبِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مُرْسَلا ". اهـ.
وروى الخطيب البغدادي في تاريخ دمشق عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جَنْدَلٍ، قَالَ:
أَتَيْتُ شَرِيكًا أَنَا وَقُطْبَةُ، فَقَالَ لَهُ قُطْبَةُ، أَوْ قُلْتُ لَهُ: إِنَّ مِنْدلا حَدَّثَنَا عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ:" إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ، وَلا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعِيرِ "،
فَقَالَ شَرِيكٌ: كَذَبَ مِنْدَلٌ، فَقُلْتُ لَهُ: وَكَذَبَ بِمَرَّةٍ؟ فَقَالَ:
أَنَا حَدَّثْتُ بِهِ الأَعْمَشَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، فَاسْتَعَادَنِي هِ، أَوْ فَأَعْجَبَهُ،
فَأَتَيْتُ مِنْدلا فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ [مندل]: كَذَبَ بِمَرَّةٍ؟ ! لَعَلَّ الأَعْمَشَ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ فَوَصَلَ هَذَا فِيهِ فَتَوَهَمْتُهُ، وَرَجَعَ عَنْهُ ". اهـ.
وقال البوصيري في إتحاف الخيرة [ ج 4 : ص 503 ]:
وَقَالَ [البيهقي] : تَفَرَّدَ بِهِ مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَبْتًا، فَمَحْمُودٌ فِي الْأَخْلَاقِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
"وَأَكْرَهُ أَنْ يَطَأَهَا، وَالْأُخْرَى تَنْظُرُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ التَّسَتُّرِ، وَلَا مَحْمُودَ الْأَخْلَاقِ، وَلَا يُشْبِهُ الْعِشْرَةَ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يُعَاشِرَهَا بِالْمَعْرُوفِ ".
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يُجَامِعُ الْمَرْأَةَ، وَالْأُخْرَى تَسْمَعُ: قَالَ: " كَانُوا يَكْرَهُونَ الْوَجْسَ، وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ ".
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ فِي مِثْلِ هَذَا مِنَ الْكَرَاهَةِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ، وَهُوَ بَعْضُ الْحَدِيثِ، حَتَّى الصَّبِيِّ فِي الْمَهْدِ.
قُلْتُ [البوصيري]: وَلِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى زَوَائِدِ ابْنِ مَاجَهْ ". اهـ.
الشواهد من هذا الحديث :
- حديث عتبة بن عبد السلمي :
رواه ابن ماجه في سننه والطبراني في المعجم الكبير وابن قانع في معجم الصحابة فروى ابن ماجه فقال: [1921]
حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ [ضعيف الحديث]، عَنْ أَبِيهِ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، فَلْيَسْتَتِرْ، وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ ". اهـ. - حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي .
رواه الطبراني في مسند الشاميين وفي المعجم الكبير وهو أحسنهم فقال :
[7683] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ [ضعيف الحديث]، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتُرْ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَهْلِهِ "، قَالَ: " وَلا يَتَعَرَّيَانِ تَعَرِّي الْحَمِيرِ ". اهـ. وفي لفظ ءاخر: [7844]
قَالَ لَهَا: " إِنِّي لأَحْسِبُ إِحْدَاكُنَّ إِذَا أَتَاهَا زَوْجُهَا لَيَكْشِفَانِ عَنْهُمَا اللِّحَافَ، يَنْظُرُ أَحَدُهُمَا إِلَى عَوْرَةِ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُمَا حِمَارَانِ "،
قَالَتْ: إِي وَاللَّهِ، بِأَبِي وَأُمِّي، إِنَّا لَنَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ: " فَلا تَفْعَلُوا ذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ ". اهـ.
- حديث عبد الله بن سرجس المزني .
أخرجه النسائي في السنن الكبرى [8980]
وأبو الفتح في الفوائد المنتقاة فروى النسائي فقال:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [منكر الحديث]، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، [عن ابن جريج في الرواية الأخرى]عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ،
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ: " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، فَلْيَلْقِ عَلَى عَجُزِهِ وَعَجُزِهَا شَيْئًا، وَلا يَتَجَرَّدَا تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ ".
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ [النسائي]: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا أَخْرَجْتُهُ لِئَلا يُجْعَلَ عَمْرٌو عَنْ زُهَيْرٍ ". اهـ.
وقال الذهبي في «ميزانه» (2/ 311) : وزهير أيضاً ذو مناكير ". اهـ.
ـ قال الدارَقُطني «أطراف الغرائب والأفراد» (4097) :
غريب من حديث عبد الملك بن جُريج عن عاصم، تَفرَّد به زهير بن محمد عنه ولم يروه عنه غير صدقة بن عبد الله السمين، تَفرَّد به أَبو حفص عَمرو بن أَبي سلمة التِّنّيسي ". اهـ.
-حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والبزار في مسنده فروى الطبراني فقال: [176] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ زُغْبَةَ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: نا ابْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُنِيبِ [مجهول الحال]، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
قَالَ: " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَسْتَتِرِ اسْتَحْيَتِ الْمَلائِكَةُ وَخَرَجَتْ، وَحَضَرَهُ الشَّيْطَانُ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، كَانَ الشَّيْطَانُ فِيهِ شَرِيكٌ ".
قال [الطبراني]:لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، إِلا أَبُو الْمُنِيبِ الْجُرَشِيُّ، وَلا عَنْ أَبِي الْمُنِيبِ، إِلا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ". اهـ.
وقال البزار : وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، عن أبي هريرة عنه وإسناده ليس بالقوي ". اهـ.
قلتُ : ويشبهه ما رواه الأبو يعلى الخليلي في الفوائد بسنده :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
" إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلا يَنْظُرْ إِلَى الْفَرْجِ ؛ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى، وَإِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ فَلا يُكْثِرِ الْكَلامَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْخَرَسَ ".
قال الخليل: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مِسْعَرٍ إِلا مُحَمَّدٌ هَذَا، وَهُوَ شَامِيٌّ يَأْتِي بِالْمَنَاكِيرِ عَنْهُ، وَعَنْ غَيْرِهِ. اهـ.
- حديث زيد بن ثابت الأنصاري .
ويشبهه ما رواه ابن بشران في أماليه والبيهقي في شعب الإيمان :
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَلَمْ أَنْهَكُمْ عَنِ التَّعَرِّي، أَلَمْ أَنْهَكُمْ عَنِ التَّعَرِّي، إِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ فِي نَوْمٍ وَلَا يَقَظَةٍ، إِلَّا حِينَ يَأْتِيَ أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، أَوْ حِينَ يَأْتِيَ خَلَاهُ، أَلَا فَاسْتَحْيُوهُم ْ، أَلَا فَأَكْرِمُوهُمْ». اهـ.
سندٍ فيه الحسن بن أبي جعفر الجفري "ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته" كذا قال الحافظ في التقريب.
- مرسل عبد الملك بن حبيب الإلبيري القرطبي أبو مروان (المتوفى: 238هـ) في أدب النساء (1/169) :
قال عبد الملك [بن حبيب] : وحدثني بعض أشياخنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أصاب أحدكم أهله فليستتر ولا ينخر كالبعير)) .
قال عبد الملك [بن حبيب] : يمشي إليها عرياناً ". اهـ.
-شرح الحديث
قال المناوي في فيض القدير :
(إذا أتى أحدكم أهله) أي أراد جماع حليلته (فليستتر) أي فليتغط هو وإياها بثوب يسترهما ندبا وخاطبه بالستر دونها لأنه يعلوها وإذا استتر الأعلى استتر الأسفل (ولا يتجردان) خبر بمعنى النهي أي ينزعان الثياب عن عورتيهما فيصيران متجردين عما يسترهما (تجرد العيرين) تشبيه حذفت أداته وهو بفتح العين تثنية عير وهو الحمار الأهلي وغلب على الوحشي وذلك حياء من الله تعالى وأدبا مع الملائكة وحذرا من حضور الشيطان فإن فعل أحدهما ذلك كره تنزيها لا تحريما إلا إن كان ثم من ينظر إلى شيء من عورته فيحرم وجزم الشافعية بحل نظر الزوج إلى جميع عورة زوجته حتى الفرج بل حتى ما لا يحل له التمتع به كحلقة دبرها وخص ضرب المثل بالحمار زيادة في التنفير والتقريع واستهجانا لذلك الأمر الشنيع ولأنه أبلد الحيوان وأعدمه فهما وأقبحه فعلا وفي حديث الطبراني والبزار تعليل الأمر بالستر بأنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة فخرجت فإذا كان بينهما ولد كان للشيطان فيه نصيب هذا لفظه قال الهيتمي: وفي إسناد الطبراني مجهول وبقية رجاله ثقات وكما يندب الستر يندب تغطية رأسه وخفض صوته لما في خبر يأتي أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يفعله ". اهـ.
ثم قال :
فرمز المؤلف لحسه إنما هو لاعتضاده وتقويه بكثرة طرقه وإلا فقد جزم الحافظ العراقي بضعف أسانيده ووجهه ما تقرر ". اهـ.
والله أعلم.