المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الموحد السلفي
أقول : هذا الإطلاق ليس بسديد لان الله سبحانه وتعالى قد أبطل هذا القيد في سياق إثبات الكفر لمن يتولى الكفار وذلك بقوله سبحانه وتعالى :"فترى كثيرا منهم يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "
ففي هذه الآية بيان صريح أن ما حملهم على الموالاة للكفار إلا خشية أن تصيبهم دائرة ... يعني يحتاجون اليهم في وقت ضيق فيمدونهم بالميرة وغيرها مما يحتاجون مقابل توليهم لهم ...وهذا دليل صريح في إبطال هذا المعنى
جزاك الله خيرا ، واسمح لي بإيضاح الفرق ، وهو مهم في نظري ، الآية التي استشهدت بها هي في المنافقين ، وهي وصف لحالهم الذي كانوا عليه ، وليست بوصف لحال أناس مسلمين من الصحابة انتقلوا إلى الكفر بسبب أنهم خافوا أن تصيبهم دائرة ، إنما هي في المنافقين وهم كفار من الأصل ، والآية إنما هي مقررة واصفة لحال من نزلت في حقهم. أما حاطب (ومن في حكمه) فلم يكن به نفاق ، ولذلك لما اتهمه عمر بالنفاق لما رأى أنه فعل ما فعل ، منعه مانع الإسلام المستقر في قلبه ، وعلى أنه فعل ما فعل لغرض دنيوي ، أما المنافق فلم يقم به وصف يمنعه من الخروج من الإسلام أصلاً ، ولذلك فطلبهم للغرض الدنيوي إنما مبعثه ودافعه الكفر ذاته. أما حاطب (ومن في حكمه) فليس دافعه الكفر ذاته وإنما الغرض الدنيوي ذاته.
أما قولك :
ولقد جائت الكثير من الآيات التي توضح أن ما حمل الكفار على كفرهم غلا الأغراض الدنيوية وتبكتهم على ذلك وتذكرهم بما عند الله سبحانه وتعالى من نعيم مقيم وأن ما بأيديهم مما حملهم على الكفر والبغي إلى زوال...
وقال تعالى : " وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ "
فهذا الذي شرح بالكفر صدره ما فعله إلا لأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة فكيف يكون نفس استحباب ا لدنيا على الآخرة عذر ينفي الكفر ويجعله معصية ؟
فهنا فرق جلي يشكل على ماذكرت ، وهو أن الآية فيمن شرح صدره بالكفر ، وسببه تفضيل الدنيا على الآخرة تفضيلاً تاماً أو كبيراً ، وهذا شأن الكفار فقط ، وليس شأن المسلمين ، كما في قوله تعالى (
زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا). أما المسلم فقد يؤثر بعض الدنيا على الآخرة ولكنه مريد للآخرة أكثر من الدنيا بلا ريب ، فلا يلزم من ذلك كفر صاحبه بإطلاق ، قال تعالى عن أصحاب محمد
(
منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) ، حتى أن بعض كبار الصحابة قال: ما كنت أدري أن من أصحاب محمد
من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية. ففرق - أيها الحبيب - بين استحباب الدنيا على الآخرة ، ذلك الاستحباب الذي لا يكون نتيجته إلا انشراح الصدر بالكفر ، فهؤلاء هم الذي رضوا بالدنيا الغافلون عن الله الذين قال عنهم تعالى (
إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ) ، أما إرادة بعض الدنيا مع قيام أصل مانع هو الإسلام و مع التفضيل للدار الآخرة أكثر من تفضيل الدنيا ، فهذا لا يصلح أن يكون مثالاً للآية التي أوردتها. هذه فروقات دقيقة مؤثرة بلا شك في الحكم ، وخاصة في مسائل العقيدة التي هي في غاية الخطر.