قولك : "ولا يتعطل عن الفعل فما هو الدليل على ان هذا الفعل هو الخلق؟ لماذا لا نقول يفعل فعلا (قد يكون الخلق او الكلام او غيره) بدل يخلق خلقا "
وأصل هذه المسألة هو الرد على الفلاسفة
فالناس كانوا منقسمين في مسألة العالم الى قسمين :
الاول : يرى انه لا يوجد اله في هذا الكون و لا خالق فيعتقدون قدم العالم و هم الدهرية
و الثاني : يرى ان الله تعالى موجود و هو الخالق و هو الذي خلق العالم و هم الرسل الكرام و اتباعهم
فأتي جماعة من الفلاسفة المتأخرين و أحدثوا قولا ثالثا و هو ان هناك اله في هذا الكون و ان العالم قديم ملازم لذاته لا ينفك عنه
فلما أتت بعض الفرق المخالفة - كالاشاعرة و غيرهم - لترد عليهم لم تستطع الا ان تمنع حوادث لا اول لها خوفا من استلزام القول بقدم العالم فعطلوا الله تعالى عن صفة الخلق فرأوا انهم بهذا ردوا على الفلاسفة
و لكن شيخ الاسلام ابن تيمية رأى ان هذا مخالف لصريح القرآن و السنة و انه ليست بهذه الطريقة يُرد على الفلاسفة سيما وان القول بجواز حوادث لا اول لها – و هو الذي قرره – لا محذور فيه بل لو قارن منصف بين هذا القول و قول من منعه لعلم ان قول من اجازه أقرب الى المنقول و المعقول ممن منعه
هذه الحكاية بإختصار
و قولك :
قد قلتُ سابقا :
فأنا لم انكر وجود مخلوق أول و لكن ذكرت لك كل مخلوق يسبقه مخلوق في الماضي كما ان كل مخلوق يعقبه مخلوق في المستقبل و لم يمنع هذا ان يكون الله تعالى هو الآخر الذي لا شيء بعده
فالمقصود بحوادث لا اول لها نوعها لا آحادها و لهذا فإن بعض الجهلة من المبتدعة ظن ان لازم قول شيخ الاسلام هو القول بقدم العالم ! وهذا جهل من هؤلاء
فشيخ الاسلام لا ينازع أصلا في كون الحادث المعين له أول , فلا معنى لإلزامه بما لا يلتزمه أصلا بل له اقوال صريحة في الرد على معتقدي قدم العالم
قولك :
ملاحظة مهمه :
هناك فرق بين مسألة قيام الافعال الاختيارية بذاته تعالى و التي يسميها المبتدعة حلول حوادث و يقصدون بها صفات الله تعالى الفعلية كالاستواء على العرش و النزول و غيرها
و بين مسألة حوادث لا اول لها
فالمسألة الاولى عن صفات الله الفعلية تعالى
و المسألة الثانية عن المفعولات و هي المخلوقات
و الحادث هو ما كان بعد ان لم يكن و لا يلزم ان يكون الحادث مخلوقا
فإستواء الله تعالى على عرشه كان بعد خلق العرش و لا يقول عاقل انه منذ الازل !!
و مع ذلك فالاستواء ليس مخلوقا بل هو صفة فعل لله تعالى
و ان اردت خلاصة الموضوع في مسألة حوادث لا اول لها فهي كالآتي :
و هو ان يقال : هل كان الله تعالى في الأزل قادراً على ان يخلق أم لا؟
فإن قيل : " إنه غير قادر على ان يخلق ثم خلق " كان ذلك تعطيلاً لله سبحانه و تعالى من الفعل. و انتهى النقاش مع مثل هذا الشخص
وإن قيل :"إن الفعل كان ممكناً ولكن تأخر" قيل له : هل التأخر واجب أم جائز؟
فإن كان واجباً : فمن الذي أوجبه؟!
وإن كان جائزاً فهذا قول بحوادث لا أول لها لأن الرب أزلي ومنذ كان خالقاً أمكن إن يخلق فهذا هو القول بحوادث لا أول لها
و الله أعلم