قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( دعوني ما تركتكم ، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )). رواه البخاري .
دل الحديث على النهي عن السؤال عما لا يحتاج إليه مما يسوء السائل جوابه , فالذي على المسلم الاهتمام به أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر و اجتناب ما ينهى عنه ، وأن تكون همته مصروفه إلى ذلك لا إلى غيره ،فإن كانت همته مصروفه إلى فرض أمور قد تقع وقد لا تقع فإن هذا يدخل في النهي و يثبط عن الجد في متابعة الأمر .
فالعلاقة بين المأمورات والمنهيات وبين المسائل ، أن فعل المأمورات واجتناب المنهيات يجعله يترك المسائل .فالأسئلة المنهي عنها : التعنت والتعمق، وما لا فائدة منه ولا حاجة له، و الاستهزاء والسخريه ، والمسائل التي لم تقع ، والسؤال عن القضاء والقدر، وعن قيام الساعة ، فإن التفقه في الدين والسؤال عن العلم إنما يحمد إذا كان للعمل لا للجدل والمراء ، حرمة السؤال الذي ربما أوصل إلى تعقيد المسائل وفتح باب الشبهات المقضية إلى كثرة الاختلاف ،فإن كثرة وقوع الحوادث التي لا أصل لها في الكتاب والسنة إنما هي من ترك الاشتغال بامتثال أوامر الله ورسوله واجتناب نواهي الله ورسوله، فمن امتثل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم وانتهى عما نهى عنه حصل له النجاة في الدنيا والأخرة ،ومن خالف واشتغل بما يستحسنه وقع في المحذور كحال أهل الكتاب الذين هلكوا بعدم طاعتهم لرسلهم وكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم .