تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: اشتباه المحرم بالمباح ـ عند ابن تيمية ـ رحمه الله ـ

  1. #1

    افتراضي اشتباه المحرم بالمباح ـ عند ابن تيمية ـ رحمه الله ـ

    اشتباه المحرم بالمباح:

    تكلم شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ على حكم المحرم إذا اشتبه و اختلط بالمباح، من حيث وجوب اجتنابهما، أو عدم ذلك، و أنه ليس كل اشتباه و اختلاط بينهما يوجب اجتنابهما، بل إن في ذلك تفصيلا و تقسيما.

    و ذلك أن المحرم إذا ختلط و اشتبه بالمباح فهو على نوعين:

    النوع الأول: أن يكون تحريم المرحم لعينه.
    النوع الثاني: أن يكون تحريمه لكسبه.

    أما النوع الأول: فيؤخذ من كلام الشيخ ـ رحمه الله ـ عند بيانه لأحكام هذه النوعع أنه ينقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: أن يختلط المحرم بالمباح على وجه لا يمكن تميزه؛ و ذلك بتداخل أجزائهما، كالنجاسة إذا خالطت الماء، و غيره من الطهارات.

    فهذا القسم إن ظهر أثر المحرم في المباح، كما لو غيرت النجاسة طعم الماء، أو لونه، أو ريحه، وجب اجتناب المباح و حرم استعماله و تناوله؛ و ذلك لأنه إذا استعمله لزم استعمال المحرم قطعا، و ذلك لا يجوز.

    و إن لم يظهر أثر المحرم في المباح، كما لو وقعت نجاسة في ماء و لم تغير أحد أوصافه السابقة. فلا يجب اجتناب المباح، و لا يحكم بنجاسته.

    القسم الثاني: أن يختلط المحرم بالمباح على وجه الاشتباه و الخفاء؛ و ذلك بأن تكون أجزاؤهما غير متداخلة، و لكن يحصل اشتباه، والتباس أحدهما بالآخر، فلا تعلم العين المحرمة من العين المباحة.
    كما لو اشتبهت الأخت من الرضاع بالأجنبية، أو المذكاة بالميتة.

    و هذا القسم ذكر فيه شيخ الإسلام التفصيل الآتي:


    أنه إن اشتبه المحرم بما لا ينحصر من المباح، فهنا يسقط حكم المحرم حينئذ، كما لو اشتبهت أخت الإنسان بنساء بلدة كبيرة، فلا يحرم عليه نساء تلك البلدة.
    و إن اشتبه المحرم بما ينحصر، حرم الجميع، و وجب الكف عنه.
    فلو اشتبهت ميتة بمذكاة حرم على الإنسان الأكل منهما. و لو اشتبهت الأخت بالأجنبية حرم عليه نكاحهما.

    قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ مبينا أحكام هذا القسم: ”الحرام إذا اختلط بالحلال فهذا نوعان:

    أحدهما: أن يكون محرما لعينه؛ كالميتة، و الأخت من الرضاعة.
    فهذا إذا اشتبه بم لا يحصر لم يحرم، مثل أن يعلم أن في البلدة الفلانية أختا له من الرضاعة و لا يعلم عينها. أو فيها من يبيع ميتة لا يعلم عينها. فهذا لا يحرم عليه النساء، و لا اللحم.
    و أما إذا اشبتهت أخته بأجنبية، أو المذكى بالميت، حرما جميعا“ [الفتاوى 276/29]

    و قال أيضا ـ رحمه الله ـ مبينا علة وجوب الاجتناب فيما إذا اشتبه الحرام بما ينحصر من المباح: ” لو اشتبه الحلال بالحرام، كاشتباه أخته بأجنبية، أو الميتة بالمذكاة، اجتنبهما جميعا..؛ لأنه إذا استعملهما لزم استعمال الحرام قطعا و ذلك لا يجوز، فهو بمنزلة اختلاط الحلال بالحرام على وجه لا يمكن تمييزه، كالنجاسة إذا ظهرت في الماء، و إن استعمل أحدهما من غير دليل شرعي كان ترجيحا بلا مرجح، و هما مستويان في الحكم، فليس هذا بأولى من هذا فيجتنبان جميعا“ [الفتاوى 76/21]

    و قد ذكر شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ أنه فيما إذا اشتبه المحرم بما ينحصر، كالميتة بالمذكاة، فالمحرم حقيقة، و باطنا، إحداهما. أما الآخرى فهي محرمة ظاهرا لا باطنا؛ و ذلك لأنه لا يتم ترك المحرم في الباطن إلا بذلك فحرم.

    و لهذا لو خالف و أكل الميتة و المذكاة لم يعاقب على أكل ميتتين، بل يعاقب عقوبة من أكل ميتة و احدة.

    قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ ”إذا اشتبهت الميتة بالمذكى، فإن المحرم الذي يعاقب على فعله إحداهما، بحيث إذا أكلهما جميعا لم يعاقب عقوبة من اكل ميتتين، بل عقوبة من أكل ميتة واحدة، و الأخرى وجب تركها وجوب الوسائل“ [الفتاوى 533/10]

    و في موضع آخر بيَّن شيخ الإسلام ـ رحمه لله ـ أنه يعاقب كذلك على المخاطرة و الإقدام بلا علم على تناول الأخرى؛ فيعاقب عقوبتين لمعينيين مختلفين.

    و أما النوع الثاني: من أنواع المحرم؛ وهو: المحرم لكسبه.

    فهذا النوع من المحرمات الأعيان فيه غير محرمة في الأصل، و لكن التحريم يكون بسبب ما إذا كسبها الإنسان بطريق محرم؛ كالغصب، و السرقة، أو بعقد محرم؛ كالربا، و الميسر.

    و قد بيَّن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ حكم هذا النوع من المحرمات فيما إذا اشتبه و اختلط الحرام بالحلال، كما لو غصب الإنسان شيئا و خلطه بماله، و أن ذلك لا يوجب تحريم الجميع، بل الواجب أن يخرج من ماله بقدر المحرم، و يصرفه لمستحقه، و يكون باقي المال لصاحبه.

    قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: ”لو اختلطت الأعيان التي يملكها بالأثمان التي غصبها و أخذها حراما، ... فإن هذا الاختلاط لا يوجب تحريم ماله عليه؛ لأن المحرمات نوعان:

    محرم لوصفه و عينه..

    و محرم لكسبه، كالنقدين، و الحبوب، و الثمار، و أمثال ذلك، فهذه لا تحرم أعيانها مطلقا بحال، و لكن تحرم على من أخذها ظلما، أو بوجه محرم.
    فإذا أخذ الرجل منها شيئا و خلطه بماله، فالواجب أن يخرج من ذلك القَدْرَ المحرمَ، و قدرُ مالِهِ حلال له“ [الفتاوى 261/29]


    المصدر: حصول المأمول من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في علم الأصول
    تأليف: عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الأمير
    دار الوطن للنشر
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,082

    افتراضي رد: اشتباه المحرم بالمباح ـ عند ابن تيمية ـ رحمه الله ـ

    جزاك الله خير وزادكم علما

  3. #3

    افتراضي رد: اشتباه المحرم بالمباح ـ عند ابن تيمية ـ رحمه الله ـ

    جزاني و إياك خير الجزاء أختي الكريم، و لك بالمثل.
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •