المصارف الإسلامية بين الاستغلال والجشع
الجمعة 11, مارس 2011


د محمد بن صالح العلي
لجينيات ـ (رؤية نقدية)
لا شك أن المصرفية الإسلامية تعيش حالة ازدهار وانتشار، ولا شك أنّ جهوداً جبارة بذلت للوصول بالمصارف الإسلامية إلى هذا المستوى، ولكن هناك عدة انتقادات لهذه المصارف ، ينبغي الوقوف عندها ، وعلى القائمين على المصارف أن يستمعوا لها.

فلا يصح أن يُختزل هذا العنوان العريض:(بنك إسلامي) بمجرد تحويل المعاملة المحرمة إلى معاملة مشروعة, كلا, فالبنك أو المصرف الإسلامي ينبغي أن يكون له دوره الإستراتيجي الهام في تقديم النموذج الإسلامي بمعناه العريض والواسع, سواء أكان ذلك من خلال إشراك المواطن في تعاملات إسلامية حقيقية, تجني له أرباحاً مجدية- غير مضمونة- بأسلوب المضاربة, أو الاستصناع..., فترفع من مستوى دخله, وتخفّف عليه من لهيب الغلاء, أو كان ذلك من خلال بناء أوقاف خيرية يستفيد منها أصحاب الدخل المحدود, أو من خلال بناء مراكز طبية يستفيد منها مرضى الكلى, أو السرطان, أو التوحّد...الخ، أو حتى من خلال تقديم قروض حسنة لمن ظهرت حاجته الملحة بالأمارات والقرائن, أو من خلال توسيع دائرة (الإسلامي) لتشمل المنفعة والتنمية كل أفراد المجتمع, وذلك ببناء مراكز علمية أو بحثية..الخ, وبهذا تستطيع هذه البنوك الإسلامية أن تفخر بانتمائها الإسلامي وهي مرفوعة الرأس, وأن تقدم نموذجاً حسناً, يُقتدى به في سائر أقطار العالم, لا أن تقدم نموذجاً مادياً صرفاً, أو أن تقدم نموذجاً تقليدياً وتكسوه لباساً إسلامياً.

وهناك تساؤلات عديدة حول هذه البنوك:

هل البنوك الإسلامية تهدف للربح حتى ولو كان هذا الربح فاحشاً؟ هل البنوك الإسلامية تعلن عن مشاريع خيرية أو إسهامات اجتماعية نفاقاً؟ هل البنوك الإسلامية تراعي الاحتياجات التمويلية للفقراء أم أنها بنوك متاحة فقط لمن هو مقتدر؟ هل البنوك الإسلامية تراوغ القوانين التي تحد من قدرتها فتذهب وتؤسس فروعا أو أعمالا لها في البلدان ذات القوانين المتراخية مثل جزر الكيمان أو جزيرة لوبان الماليزية؟ هل كبار المديرين في البنوك الإسلامية لا يلهثون وراء مكافآت نهاية العام؟ هل مكافآتهم كانت أقل من مكافآت مديري البنوك التقليدية؟ هل البنوك الإسلامية تلتزم بالفتوى التي تتعارض مع القانون؟ هل البنوك الإسلامية تكيف وتطوع الفتوى مثلما تريد؟ هل البنوك الإسلامية تخرج منتجات مشتقة من رغبة السوق حتى لو كانت الرغبة تتعارض مع المقاصد الشرعية؟ هل المنتجات المالية الإسلامية أعلى سعراً من المنتجات التقليدية؟ هل الفتوى تحكم الصفقات الكبيرة أم أن الصفقات الكبيرة هي التي تحكم الفتوى؟ هل تستخدم البنوك الإسلامية أسماء المشايخ في عملياتها التسويقية؟ هل البنوك الإسلامية شركات ذات مسؤولية محدودة: أي أن ملاكها لا يتحملون مسؤولية شخصية عن أفعالهم وأفعال مديريهم؟ (بالمناسبة: الشركات ذات المسؤولية المحدودة من أبرز سمات الشركات الرأسمالية، وقد روعي هذا الأمر في معيار الشركات في معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية). هل المديرون في البنوك الإسلامية مؤمنون بالعمل المالي الإسلامي أم أنهم قدموا إليه لأنه مربح؟؟

أسئلة عديدة تحتاج إلى إجابات شافية.

من أبرز الاتهامات للبنوك الإسلامية : أن منتجاتها ابتعدت عن تحقيق مقاصد الشريعة الأمر الذي أفقدها المصداقية. ويشير بعض الخبراء الاقتصاديين أن دخول المؤسسات العالمية (الرأسمالية) مجال الصيرفة الإسلامية فرّغ هذه الصناعة من قيمها وحولها إلى هياكل إسلامية بعيداً عن مقاصدها الشرعية، وأصبحت صناعة مالية رأسمالية بثوبٍ إسلامي.

ومن الانتقادات الموجهة أن البنوك الإسلامية تتسابق نحو تحقيق الأربح الفاحشة مستغلة حاجة الناس إلى مؤسسات شرعية تضمن لهم عدم الوقوع في المعاملات المحرمة، وهناك تضجر من كثير من عملاء هذه البنوك من هذا الاستغلال الفاحش، بحسث إذا قارنّا بين ما تأخذه البنوك التقليدية وما تأخذه البنوك الإسلامية نجد الفرق كبيراً، فهل هذا يتفق مع مقاصد الشريعة من الرحمة والتوسيع والتخفيف على الناس؟؟

ومن المآخذ أيضاً أن هذه البنوك تركّز على التمويل الاستهلاكي الفردي مبتعدة عن تمويل المشاريع التي تنفع المجتمع والمشاريع الحضارية التي تساهم في تنمية وتقدم المجتمع .

هذه بعض المآخذ نعرضها من باب النصح وحب الخير للبنوك الإسلامية ، ومن أجل تقويم وإصلاح أداء مؤسساتنا الإسلامية والله من وراء القصد.
د/ محمد بن صالح العلي / الأحساء

(نقلا عن موقع لجينيات)