ثورة 25يناير2011م


أبَى الشعبُ إلا أنْ يعيشَ مُحَرَّرا *** أبِيًّا عزيزًا ، فامتطَى الصَّعْبَ وانبرَى
وهبَّ ، كما لو أنَّ في الصورِ نفخةً *** يقومُ بها الأمواتُ زُمْرًا من الثَّرَى
رجالٌ إذا ما استعْرَضَ الظلمُ نابَهُ *** رَمَوْهُ بِسّهْمِ العَدْلِ حتَّى تَكَسَّرا
إذا شعبُ مصرٍ قالَ ذَلَّتْ لقولِهِ *** أُنوفٌ رأتْ في الظلمِ جاهًا ومَفْخَرا
إرادةُ رَبِّ الكونِ شاءتْ فآزَرَتْ *** إرادةَ شعبٍ في المدائنِ والقُرَى
تعاظَمَ إيماني وذُلِّي لوجهِه *** فسبحانَ من أرسَى جبالاً وأبحُرا
يُذلُّ عزيزًا عاثَ بغيًا بعزِّهِ *** ويَرْفَعُ مَنْ للهِ جاءَ وأدبرا
فيا مالكَ الملكِ اقتدارًا وعِزَّةً *** رضيتُ بكَ اللهمَّ ربًّا مقدِّرا
مناراتُ ظلمٍ شيَّدوها لمجدِهمْ *** ورَبُّ العُلا فوقَ السماواتِ أبصرا
وظنّوا عروشَ الظلمِ تبقَى لظالمٍ *** فأمْسَوا كجِرْذانِ الفَلاةِ تحيُّرا
يتيهونَ ما بينَ الجُحورِ كأنَّهمْ *** يَرَونَ عُقابًا جائعًا قد تصدَّرا
وقَسَّمَ أربابُ الضلالِ حقوقَنا *** فكادَ يباعُ الفردُ منا ويُشْتَرَى
فذورٌ ، وتدْليسٌ ، وكِذْبٌ ، وتُهمةٌ *** لكلِّ بريءٍ كان في الحقِّ فكَّرَا
ويُدْفَنُ في قبرِ السُّجونِ مَهانةً *** وإنْ يَحْظَ عَفْوًا ، يلقَ نهرًا مكدَّرا
فباتتْ قلوبُ الناسِ حُبْلَى من الأسَى *** تَئِزُّ أزيزَ القِدْرِ حتََّى تفجَّرَا
أيا شعبَ مصرٍ قد كساكمْ شبابُكمْ *** لباسًا من المجدِ الثمينِ مُجَوْهَرَا
وأشبعَ أجْدابًا بِرَيِّ دمائِهِ *** فصونوا دَمًا قد حوَّلَ الجدْبَ أخضَرَا
شبابٌ رأَى في السَّابقين مَذَلًّةً *** وصمتًا على مَنْ في الحياةِ قدْ افترَى
وظلمًا ، وإجْحافًا ، وبَيْعَ ضمائرٍ *** وفقرًا كَلَهْبٍ في الهشيم تسعَّرا
فعاشوا برغمِ الظلمِ عيشةَ ميِّتٍ *** يعيشُ مع الأحياءِ شكلاً ومنظرَا
فأنْعِمْ بفتيانٍ كأنَّ صمودَهمْ *** صمودُ الجبالِ الراسياتِ كما ترَى
شبابٌ أبَى ثوبَ الحياةِ مرقَّعًا *** فعدَّلَ في التاريخِ عهْدًا وغيَّرا
شبابٌ محا من دفترِ العُمْرِ ذُلَّهُ *** وفوقَ نجومِ الليلِ أزهَى ونوَّرا
وكم ظنَّ فيه الغَرْبُ هَوْنًا ونَكْسَةً *** فخيَّبَ آمالَ العِدَى وتغيَّرا
كأشجارِ رُمَّانٍ ، تَظُنُّ جفافَها *** فإذْ هي روضٌ بالفواكِهِ أثْمَرا
شبابٌ تجلَّى فوقَ قُدْراتِ أهلِهِ *** ورشَّ بماء الورد (مصرًا) وعطرا
وقامَ يريدُ النورَ في صَفْحَةِ الدُّجَى *** فأملى عليها ما أراد وسطرا
وصاح يَدُكُّ الأرضَ ؛ يُعلِنُ فوقها *** (ينايرَ) تاريخ القيامِ من الكَرَى
سلمتمْ شبابَ اليَومِ والغَدِ إنَّكمْ *** فتحتمْ لنا فتحًا مبينًا مُؤزَّرا
رفعتمْ عن الأجيالِ خوفًا ورَهْبَةً *** فصرتمْ كغَيْثٍ في ظما القلبِ أمطرا
فأنْبَتَ آمالاً وحُبًّا وعِزَّةً *** وقد كانَ من أسمَى المعانىَ مُقْفِرا
فككتمْ قُيودًا في اللِّسانِ تَحَجَّرَتْ *** ولم نرضَ يومًا أنْ نعودَ إلى الورا
فلا باركَ الرحمنُ في صَمْتِ ذِلَّةٍ *** ويا شعبُ قلْ ، لا تخشَ كِسْرَى وقَيْصَرا
فما صارَ (فرعونٌ) إلهًا بوهْمِهِ *** ولكنْ بصنعِ الناسِ ، حتَّى تجبَّرا
فأمسى إلهًا ، هُمْ بَنَوْهُ بقولهمْ : *** سَمِعْنا ، أطَعْنَا ، لنْ ترَى لكَ مُنْكِرا
أيا شعبُ قد طالَ الرُّقادُ ، فإنْ تَعُدْ *** لسابقِِ عَهْدٍ لم تَجِدْ لَكَ مِنْبَرا
ثلاثونَ عامًا أو يزيدُ شهدتَها *** بصمتٍ كئيبٍ ، آنَ أنْ تتحرَّرا
ومَنْ يرضَ ظلمًا وامتهانًا وذِلَّةً *** يعشْ بينَ أجداثِ الحياةِ مُنكَّرا
فيا ساكتًا والحَقُّ كالشَّمسِ في العُلا *** لأنتَ قسيمُ الظالمين إذا جَرَى
إذا كنتَ بالأمسِ القريبِ مُقَيْدًا *** فقد صِرْتَ مِنْ ذا اليوم حُرًّا مخيَّرا
نداءٌ إلى أهْلِ العروبةِ والتُّقَى *** أعيدوا لدرْبِ العُرْبِ مَجْدًا مُنَوّرا
رسمنا لكم من (مصرَ) أرْوعَ مشهدٍ *** فخُطُّوا خُطانا ؛ يصبحِ اللَّيْلُ نيِّرا
ويا مصرُ عيشي حرةً وأبيَّةً *** ويا شعبَها ، فانْعَمْ ، سَمَوْتَ إلَى الذُّرا
طه متولي العواجي