◘ قال الإمام السمعانيُّ -رحمه الله- (489هـ) في كتابه (الانتصار لأصحاب الحديث):
«واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل؛ فإنهم أسَّسُوا دينَهم على المعقول، وجعلوا الاتباعَ والمأثورَ تبعا للمعقول.
وأما أهل السنة قالوا: الأصل الاتباع، والعقول تَبَعٌ، ولو كان أساس الدين على المعقول لَاسْتَغْنَى الخلقُ عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم، وَلَبَطَلَ معنى الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء!
ولو كان الدين بني على المعقول وجب ألا يجوز للمؤمين أن يقبلوا شيئا حتى يعقلوا!
ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين من ذكر صفات الله -عز وجل- وما تعبد الناس به من اعتقاده، وكذلك ما ظهر بين المسلمين وتداولوه بينهم ونقلوه عن سلفهم إلى أن أسندوه إلى رسول من ذكر عذاب القبر وسؤال الملكين والحوض والميزان والصراط وصفات الجنة وصفات النار وتخليد الفريقين فيهما؛
أمور لا ندرك حقائقها بعقولنا، وإنما ورد الأمر بقبولها والإيمان بها،
فإذا سمعنا شيئا من أمور الدين وعقلناه وفهمناه فلله الحمد في ذلك والشكر ومنه التوفيق،
وما لم يمكنا إدراكه وفهمه ولم تبلغه عقولنا آمنا به وصدقنا واعتقدنا أن هذا من قبل ربوبيته وقدرته واكتفينا في ذلك بعلمه ومشيئته،
وقال تعالى في مثل هذا ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
وقال الله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء
ثم نقول لهذا القائل الذي يقول بني ديننا على العقل وأمرنا باتباعه = أخبرْنا إذا أتاك أمرٌ من الله تعالى يخالفُ عقلَك فبأيِّهما تأخذ؟ بالذي تعقل أو بالذي تؤمر؟
- فإن قال بالذي أعقل فقد أخطأ وترك سبيل الإسلام،
- وإن قال إنما آخذ بالذي جاء من عند الله فقد ترك قوله
وإنما علينا أن نقبل ما عقلناه إيمانا وتصديقا، وما لم نعقله قبلناه وتسليما واستسلاما
وهذا معنى قول القائل من أهل السنة إن الإسلام قنطرة لا تعبر إلا بالتسليم
فنسأل الله التوفيق فيه والثبات عليه وأن يتوفانا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنه وفضله» اهـ آمين
◘ قال شيخ الإسلام ابنُ القيم-رحمه الله- (751 هـ): تبا لهاتـيك العقـول فإنـهـا ... والله قد مُسخت على الأبدان
تبا لمن أضحى يقدمها على الـ ... آثـار والأخبـار والـقـرآن
وقال أيضا:يا قـوم والله العظـيم أسأتـمُ ... بأئمــــــة الإسلام ظن الشاني
ما ذنبهمْ ونبيهمْ قد قال مــا ... قالـــوا، كــذاك مُنـزّل الفرقان
ما الذنب إلا النصوص لديـكمُ ... إذ جسّــمتْ بل شبّهتْ صـنـفان
ما ذنب من قد قال ما نطقتْ به ... مـن غيــر تحـريف ولا عـدوان