تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 82

الموضوع: جامع الردود على بعض مزاعم الملاحدة سلسلة متجددة

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب اهله

    الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل بعض الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟ ، و مقتضى العدل أن الله لا يعاقب امرأة عفيفة صالحة بفساد و جرم أحد محارمها إذ كيف يبتلي الله المجرم بأن ينتهك عرض أحد محارمه التي لا علاقة لها بالزنى ،و الجواب أن الله عدل يأمر بالعدل قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[2] ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله »[3] .


    و مقولة من يزني لا بد أن يزنى بأحد محارمه لا دليل عليها بل يتنافى مع الأصل المقرر في القرآن أن لا أحد يؤخذ بذنب غيره قال تعالى : ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [4] و عليه فلم يقدر الله أن من يزني يزنى بأهله .

    و لعل الملاحدة أخذوا بحديث : « من زنى زني به و لو بحيطان داره » ، و هذا الحديث لا يصح فقد ذكره السيوطي في جامع الأحاديث ، و قال : ( أخرجه الديلمي ، و ابن النجار ، ووهاه عن أنس ، و فيه الحارث بن عبد المختلط واه )[5] و قال الألباني : موضوع[6] ، و على التسليم بصحته تنزلا معهم فيكون الحديث معناه أن الرجل الذي يقع في الزنا ويصر عليه يكون من أهل الفسق والفساد ، فيسري هذا الفساد إلى أهله ، لأن المخالطة تؤثر فالمرء على دين صاحبه و على هذا يكون لا تعارض بين الحديث و الآية ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى .

    و حتى لو سلمنا جدلا و تنزلا بأن الزاني يزنى بأهله عقابا فيكون زنى أهله ابتلاءا لهم و اختبارا فلا ظلم لهم و عليه يحمل الحديث الضعيف : « عُفوا تعف نساؤكم »[7] و الدنيا ليست دار سعادة و فرح بل دار ابتلاء و اختبار ،و للرب أن يمتحن عباده بما يشاء و هو ليس ظالما لهم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - النحل الآية 90
    [2] - الكهف من الآية 49
    [3] - متفق عليه
    [4] - الأنعام من الآية 164
    [5] - جامع الأحاديث للسيوطي حديث رقم 22319
    [6] - السلسة الضعيفة 2 / 154
    [7]- رواه الحاكم في المستدرك و ضعفه الذهبي و أبو حاتم العلل 1/412

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟

    الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار ؟ و يقولون أن خلود الكافر في النار - رغم أن كفره كان مدة قليلة - كفيل بأن يجعل أي إنسان لادينيا لو تفكر به بصدق و تعمق ،و كيف يكون العدل في الإسلام أن يخلد الكافر في النار لأنه عصى الله لمدة قصيرة وهي عمره (60 عاما مثلا)؟ و هذا الكلام ناجم عن عدم تقدير الملاحدة لله حق قدره و سوء أدبهم مع الله قال تعالى : ﴿ و َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[1] .

    و هؤلاء الكفار قد اقترفوا ظلما عظيما قال تعالى : ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[2] وقد دلت الآية، وشهد به الشرع والعقل السليم، أن الشرك أقبح العيوب، وما زال الناس يعتبرون إساءة الأدب مع كبرائهم وسادتهم أكبر عيب وأعظم خرق، فلما كان تبارك وتعالى أكبر من كل كبير، كانت إساءة الأدب إليه، والإشراك معه عيبا ليس فوقه عيب، وخرقا لا يفوقه خرق[3] .
    و الله الذي خلق الإنسان وأعده إعدادا كاملا بكل مصالحه وأمده بما يحتاج إليه ورغم ذلك يترك الشخص عبادته أليس هذا ظلما عظيما و إساءة أدب ليس فوقها إساءة ؟!! ، و قد قال تعالى : ﴿ وَ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[4] ،و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : « أن تدعو لله نداً وهو خلقك »[5] و لا فرق بين من كفر بالله و من أشرك مع الله أحدا .


    وفي الكفر بالله و الشرك بالله تنقص من الله و القدح في ألوهيته و ربوبيته و مناقضة للمقصود بالخلق فقد خلق الله الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[6] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[7] .


    و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[8]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[9] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[10] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة[11] .


    و قد أخبر الله أن من مات على الشرك -و يقاس عليه الكفر - يكون مخلدا في نار جهنم، فقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾[12] ، و فائدة ذكر الله خُلُود أهل النَّار فِي النَّار كفهم عَن الْكفْر وَالْفساد والعناد والشقاق والنفاق[13] ، و من لم يعبأ بوعيد الله فلا يلومن إلا نفسه .

    و قد غفل الملاحدة أن استمرار العذاب و انقطاعه يرجع إلى المعصية نفسها لا إلى زمن المعصية فكم رأينا معصية قد وقعت في مدة قصيرة، كانت عقوبتها تحتاج إلى أضعاف تلك المدة كعبد شتم سيده، فاستحق من الاَدب على ذلك أضعاف ما يستحقه إذا شتم عبداً مثله، وإن كان زمان الشتمين متماثلاً ،و كم رأينا الأب يعاقب أياما كثيرة ولده على فعل وقع في ساعة واحدة منه و المشركون و الكفار قد عصوا الملك الجبار و لم يعبدوه و في هذا استهانة بالله و سوء أدب مع الله و قد أرسل اللهم لهم الرسل و أنزل عليهم الكتب فأبوا الهداية فلا يليق بهم إلا العذاب السرمدي .


    و إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ ؛ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ أَبَداً ، وَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ أَبَداً ، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ و أيضا خلد الكفار لأن صفة الكفر ملازمة لهم فلو رجعوا لدنيا لعادوا لكفرهم قال تعالى : ﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون ﴾[14] أي :بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا , وكنا من المؤمنين[15] فالله يعلم أن هؤلاء المكذبين الذين يتمنون في يوم القيامة الرجعة إلى الدنيا أنهم لو عادوا إليها لرجعوا إلى تكذيبهم وضلالهم[16] .

    قال الشيخ محمد رشيد رضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الشرك والكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي، لأن مقتضى ذلك من أنفسهم ثابت فيها، وما دامت العلة ثابتة فإن أثرها وهو المعلول لا يتخلف عنها (وإنهم لكاذبون) فيما تضمنه تمنيهم من الوعد بترك التكذيب بآيات الله، وبالكون من المؤمنين بالله ورسوله سواء علموا حين تمنوا ووعدوا أنهم كاذبون في هذا الوعد أم لم يعلموا، فلو ردوا إلى الدنيا لرد المعاند المستكبر منهم مشتملا بكبره وعناده، وكل من الماكر والمنافق مرتديا بمكره ونفاقه، والمقلد مقيدا بتقليده لغيره وعدم ثقته بفهمه وعلمه، والشهواني ملوثا بشهواته المالكة لرقه [17].

    و قال أيضا سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين، أما إذا كان لازما كالكفر والشرك فإن أثره لا يزول كما لا يزول السبب، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى بعينه في مواضع من كتابه، منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ فهذا إخبار بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك وأنها غير قابلة للإيمان أصلا. ومنها قوله تعالى : ﴿ وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ فأخبر سبحانه أن ضلالهم وعماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل، وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم فإن موجبه وأثره، ومقتضاه لا يفارقهم ، و منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ وهذا يدل على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة، ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره، ويدل على أنهم لا خير فيهم هناك أيضا قوله : « أخرجوا من النار كل من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من خير » فلو كان عند هؤلاء أدنى مثقال ذرة من خير لخرجوا منها مع الخارجين[18] .

    و قال المراغي : لو ردوا – أي الكفار - لعادوا لما كانوا فيه لفقد استعدادهم للإيمان، وأن حالهم بلغ مبلغا لا يؤثّر فيه كشف الغطاء و رؤية الفزع و الأهوال[19] ، و قال أيضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي فإن ذلك من أنفسهم، ثابت فيها لخبث طينتهم وسوء استعدادهم، ومن ثم لا ينفعهم مشاهدة ما شاهدوا ولا سوء ما رأوا [20] .

    و قال الحجازي : ولو ردوا – أي الكفار - إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والعناد وعدم الإيمان، وإنهم لقوم طبعهم الكذب وديدنهم العناد، ولو ردوا إلى الدنيا لقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا فقط وليست لنا حياة أخروية أبدا، وما نحن بمبعوثين وهكذا القوم الماديون لا يؤمنون بالغيب، ولا يرجى منهم خير أبدا [21].

    و قال الشنقيطي في شأن استمرار الكافر في النار : سبب هذا الاستمرار هو ملازمة الخبث لذلك الكافر دائما ، وعدم مفارقته له في أيّ حال من الأحوال؛ فهو منطو عليه لا يزول، وباستمرار السبب الذي هو الخبث استمر المسبب الذي هو العذاب. والدليل على استمرار خبثه: قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾؛ فبديمومة السبب الذي هو الكفر دام المسبب الذي هو العذاب[22] .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


    [1] - الزمر الآية 67
    [2] - لقمان من الآية 13
    [3] - رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان للدهلوي ص 90
    [4] - النساء من الآية 48
    [5] - متفق عليه
    [6] - الذاريات الآية 56
    [7] - تفسير السعدي ص 813
    [8] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
    [9] - القلم الآية 35 - 36
    [10] - السجدة الآية 18
    [11] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/238
    [12] - المائدة من الآية 72
    [13] - غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص 231
    [14] - الأنعام الآية 28
    [15] - التفسير الميسر
    [16] - القضاء والقدر لعمر الأشقر ص 27
    [17] - تفسير المنار 7/296
    [18] - تفسير المنار 8/72
    [19] - تفسير المراغي 7/100
    [20] - تفسير المراغي 7/102
    [21] - التفسير الواضح ص 602
    [22] - معارج الصعود للشنقيطي ص258

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟

    الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار ؟ و يقولون أن خلود الكافر في النار - رغم أن كفره كان مدة قليلة - كفيل بأن يجعل أي إنسان لادينيا لو تفكر به بصدق و تعمق ،و كيف يكون العدل في الإسلام أن يخلد الكافر في النار لأنه عصى الله لمدة قصيرة وهي عمره (60 عاما مثلا)؟ و هذا الكلام ناجم عن عدم تقدير الملاحدة لله حق قدره و سوء أدبهم مع الله قال تعالى : ﴿ و َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[1] .

    و هؤلاء الكفار قد اقترفوا ظلما عظيما قال تعالى : ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[2] وقد دلت الآية، وشهد به الشرع والعقل السليم، أن الشرك أقبح العيوب، وما زال الناس يعتبرون إساءة الأدب مع كبرائهم وسادتهم أكبر عيب وأعظم خرق، فلما كان تبارك وتعالى أكبر من كل كبير، كانت إساءة الأدب إليه، والإشراك معه عيبا ليس فوقه عيب، وخرقا لا يفوقه خرق[3] .
    و الله الذي خلق الإنسان وأعده إعدادا كاملا بكل مصالحه وأمده بما يحتاج إليه ورغم ذلك يترك الشخص عبادته أليس هذا ظلما عظيما و إساءة أدب ليس فوقها إساءة ؟!! ، و قد قال تعالى : ﴿ وَ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[4] ،و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : « أن تدعو لله نداً وهو خلقك »[5] و لا فرق بين من كفر بالله و من أشرك مع الله أحدا .


    وفي الكفر بالله و الشرك بالله تنقص من الله و القدح في ألوهيته و ربوبيته و مناقضة للمقصود بالخلق فقد خلق الله الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[6] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[7] .


    و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[8]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[9] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[10] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة[11] .


    و قد أخبر الله أن من مات على الشرك -و يقاس عليه الكفر - يكون مخلدا في نار جهنم، فقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾[12] ، و فائدة ذكر الله خُلُود أهل النَّار فِي النَّار كفهم عَن الْكفْر وَالْفساد والعناد والشقاق والنفاق[13] ، و من لم يعبأ بوعيد الله فلا يلومن إلا نفسه .

    و قد غفل الملاحدة أن استمرار العذاب و انقطاعه يرجع إلى المعصية نفسها لا إلى زمن المعصية فكم رأينا معصية قد وقعت في مدة قصيرة، كانت عقوبتها تحتاج إلى أضعاف تلك المدة كعبد شتم سيده، فاستحق من الاَدب على ذلك أضعاف ما يستحقه إذا شتم عبداً مثله، وإن كان زمان الشتمين متماثلاً ،و كم رأينا الأب يعاقب أياما كثيرة ولده على فعل وقع في ساعة واحدة منه و المشركون و الكفار قد عصوا الملك الجبار و لم يعبدوه و في هذا استهانة بالله و سوء أدب مع الله و قد أرسل اللهم لهم الرسل و أنزل عليهم الكتب فأبوا الهداية فلا يليق بهم إلا العذاب السرمدي .


    و إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ ؛ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ أَبَداً ، وَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ أَبَداً ، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ و أيضا خلد الكفار لأن صفة الكفر ملازمة لهم فلو رجعوا لدنيا لعادوا لكفرهم قال تعالى : ﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون ﴾[14] أي :بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا , وكنا من المؤمنين[15] فالله يعلم أن هؤلاء المكذبين الذين يتمنون في يوم القيامة الرجعة إلى الدنيا أنهم لو عادوا إليها لرجعوا إلى تكذيبهم وضلالهم[16] .

    قال الشيخ محمد رشيد رضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الشرك والكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي، لأن مقتضى ذلك من أنفسهم ثابت فيها، وما دامت العلة ثابتة فإن أثرها وهو المعلول لا يتخلف عنها (وإنهم لكاذبون) فيما تضمنه تمنيهم من الوعد بترك التكذيب بآيات الله، وبالكون من المؤمنين بالله ورسوله سواء علموا حين تمنوا ووعدوا أنهم كاذبون في هذا الوعد أم لم يعلموا، فلو ردوا إلى الدنيا لرد المعاند المستكبر منهم مشتملا بكبره وعناده، وكل من الماكر والمنافق مرتديا بمكره ونفاقه، والمقلد مقيدا بتقليده لغيره وعدم ثقته بفهمه وعلمه، والشهواني ملوثا بشهواته المالكة لرقه [17].

    و قال أيضا سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين، أما إذا كان لازما كالكفر والشرك فإن أثره لا يزول كما لا يزول السبب، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى بعينه في مواضع من كتابه، منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ فهذا إخبار بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك وأنها غير قابلة للإيمان أصلا. ومنها قوله تعالى : ﴿ وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ فأخبر سبحانه أن ضلالهم وعماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل، وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم فإن موجبه وأثره، ومقتضاه لا يفارقهم ، و منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ وهذا يدل على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة، ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره، ويدل على أنهم لا خير فيهم هناك أيضا قوله : « أخرجوا من النار كل من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من خير » فلو كان عند هؤلاء أدنى مثقال ذرة من خير لخرجوا منها مع الخارجين[18] .

    و قال المراغي : لو ردوا – أي الكفار - لعادوا لما كانوا فيه لفقد استعدادهم للإيمان، وأن حالهم بلغ مبلغا لا يؤثّر فيه كشف الغطاء و رؤية الفزع و الأهوال[19] ، و قال أيضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي فإن ذلك من أنفسهم، ثابت فيها لخبث طينتهم وسوء استعدادهم، ومن ثم لا ينفعهم مشاهدة ما شاهدوا ولا سوء ما رأوا [20] .

    و قال الحجازي : ولو ردوا – أي الكفار - إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والعناد وعدم الإيمان، وإنهم لقوم طبعهم الكذب وديدنهم العناد، ولو ردوا إلى الدنيا لقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا فقط وليست لنا حياة أخروية أبدا، وما نحن بمبعوثين وهكذا القوم الماديون لا يؤمنون بالغيب، ولا يرجى منهم خير أبدا [21].

    و قال الشنقيطي في شأن استمرار الكافر في النار : سبب هذا الاستمرار هو ملازمة الخبث لذلك الكافر دائما ، وعدم مفارقته له في أيّ حال من الأحوال؛ فهو منطو عليه لا يزول، وباستمرار السبب الذي هو الخبث استمر المسبب الذي هو العذاب. والدليل على استمرار خبثه: قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾؛ فبديمومة السبب الذي هو الكفر دام المسبب الذي هو العذاب[22] .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


    [1] - الزمر الآية 67
    [2] - لقمان من الآية 13
    [3] - رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان للدهلوي ص 90
    [4] - النساء من الآية 48
    [5] - متفق عليه
    [6] - الذاريات الآية 56
    [7] - تفسير السعدي ص 813
    [8] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
    [9] - القلم الآية 35 -6 3
    [10] - السجدة الآية 18
    [11] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/238
    [12] - المائدة من الآية 72
    [13] - غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص 231
    [14] - الأنعام الآية 28
    [15] - التفسير الميسر
    [16] - القضاء والقدر لعمر الأشقر ص 27
    [17] - تفسير المنار 7/296
    [18] - تفسير المنار 8/72
    [19] - تفسير المراغي 7/100
    [20] - تفسير المراغي 7/102
    [21] - التفسير الواضح ص 602
    [22] - معارج الصعود للشنقيطي ص258



  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي

    الرد على زعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي فيها من الملذات الجنسية و الخمور و الحور مالم يخطر على قلب بشر ، و هذا الكلام فيه سوء أدب مع الله و ليس بعد الكفر ذنب و إذا لم يستح العبد فإنه يفعل ما يشاء ، و لسوء فهم الملاحدة للنصوص الواردة في نعيم أهل الجنة توهموا أن العلاقة بين من دخل الجنة من الرجال و بين الحور العين علاقة محرمة لعدم تفريقهم بين ما أباحه الله من الزواج و بين ما حرمه من الزنا .

    و كل من يدخل الجنة من الرجال يزوجه الله تعالى من الحور العين ، قال تعالى : ﴿ َكذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾[2] .


    و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، و ما في الجنة أعزب ؟ »[3] ، و قد بين الحديث بعدم وجود أعزب في الجنة فلا يوجد رجل أو امرأة في الجنة لم يتزوج مما يبعد شبهة الوقوع في العلاقات المحرمة تمام البعد .

    و ليس نعيم الجنة قاصرا على المتع الجنسية كما يدعي الملاحدة فالجنة فيها كل ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين قال تعالى : ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ﴾[4] ، و قال تعالى : ﴿ و َلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[5] أى : و في الجنة التي دخلوها كل ما تشتهيه الأنفس من أنواع المشتهيات ، و كل ما تتلذذ بين الأعين وتسر برؤيته[6] .

    و المشتهيات ليست قاصرة على النكاح بل هناك مشتهيات أخرى كالذهب و الفضة و الأنعام و الخيل و الزرع و البحار و الأنهار و الطيور ، و عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من خيل ؟ قال : إنِ اللهُ أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت ، قال : و سأله رجل فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه ، قال : إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك و لذت عينك[7] .

    و ليس المقصد من الزواج قضاء الوتر وحسب كما يصور الملاحدة فالزوجة بها يحصل الأنس و السكن ، و تحصل المودة و الفرحة ، و يكون التمتع الروحي بالإضافة إلى التمتع الجنسي .

    و ليس في الجنة شيء محرم كما يدعي الملاحدة بل كل ما فيها حلال و كل ما يريده المؤمن في الجنة يعطى قال تعالى : ﴿ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[8] أي : لهؤلاء المؤمنين في الجنة ما يريدون, ولدينا على ما أعطيناهم زيادة نعيم, أعظَمُه النظر إلى وجه الله الكريم[9] ، و أكل الجنة و شرب الجنة بعيدا عن كل أذى قال تعالى : ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾[10] أي : يقال لهم : كلوا أكلا و اشربوا شربًا بعيدًا عن كل أذى, سالمين من كل مكروه؛ بسبب ما قدَّمتم من الأعمال الصالحة في أيام الدنيا الماضية[11] .

    أما تحريم الخمر في الدنيا و تحليلها في الآخرة فلأن الآخرة دار جزاء و ليست دار تكليف و لأن خمر الآخرة ليست كخمر الدنيا و الله سبحانه و تعالى حرم الخمر في الدنيا ؛ لأن خمر الدنيا رجس من عمل الشيطان ، تذهب عقل شاربها، فتشغله عن طاعة الله تعالى ، و توقعه في معصيته ، و تورث العداوات و البغضاء في قلوب المؤمنين، قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ﴾[12] .

    و خمر الآخرة لونها مشرق حسن بهيّ لا كخمر الدنيا ذات المنظر البشع ، و خمر الآخرة لذيذة الطعم كما هى طيبة اللون و طيبة الريح بخلاف خمر الدنيا خبيثة الطعم و خمر الآخرة لا تؤثر في الأجسام كما تؤثر خمور الدنيا ، فلا تصدّع الرأس ، و لا تفسد العقل بالسكر كما يكون في خمر الدنيا[13] قال تعالى : ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ﴾[14] قال السعدي : و تلك الخمر تخالف خمر الدنيا من كل وجه، فإنها في لونها ﴿ بَيْضَاءَ﴾ من أحسن الألوان، وفي طعمها ﴿ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ﴾ يتلذذ شاربها بها وقت شربها وبعده، وأنها سالمة من غول العقل وذهابه، ونزفه، ونزف مال صاحبها، وليس فيها صداع ولا كدر [15] .

    و كون الله وعد المؤمنين بالزواج من الحور عين فهذا فيه احترام للمتع الجسدية لدى الإنسان ،و الإنسان جسد و روح و ليس روح فقط و بالتالي فالمنطق يقتضي أن يكون النعيم للروح و للجسد أيضا و من أبلغ ما تشتهيه النفوس الزواج و عليه فلا إشكال في وعد المؤمنين بالحور العين و لكن الإشكال عند الملاحدة الذين أباحوا التبرج و السفور و الزنا و العلاقات اللا أخلاقية ،و لماذا لا يشنعوا على من يخرج لرؤية ملكات الجمال و المغنيات و عارضات الأزياء ينظرون إليهن و يمتعون أنظارهم بالنظرات المحرمة!! ،و لماذا لا يشنعوا على من يعري جسده و يمشي في الشارع عاريا كيوم ولدته أمه ، و لماذا لا يشنعون على الزناة و من يمارس البغاء و لماذا لا يشنعون على شاربي الخمر هدى الله الملاحدة هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - الدخان الآية 54
    [2] - الطور الآية 20
    [3] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2834
    [4] - الزخرف من الآية 71
    [5] - فصلت من الآية 31
    [6] - التفسير الوسيط للطنطاوي 13/99
    [7] - حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب
    [8] - قـ الآية 35
    [9] - التفسير الميسر
    [10] - الحاقة الآية 24
    [11] - التفسير الميسر
    [12] - المائدة الآية 90 - 91
    [13] - تفسير المراغي 23/57 بتصرف
    [14] - الصافات الآيات 45- 47
    [15] - تفسير السعدي ص 702

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي زعم الملاحدة أن عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة

    الرد على زعم الملاحدة أن عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيقول الملاحدة هداهم الله أن عقيدة اليوم الآخر عند المسلمين تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة و هذا الكلام دعوى بلا برهان و يغني فساده عن إفساده إذ عقيدة اليوم الآخر مستمدة من الشرع لا من العرب ، و لو كانت عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب لوافقت ما كان عليه العرب و هذا ظاهر البطلان .



    و قد كان العرب قبل الاسلام أمة بدوية أمية ، لايهمهم إلا تربية الابل و الشاة و شاع فيهم ، القتل و الزنا و شرب الخمر والكبر، والتجبر و المفاخرة بالأنساب و قد نهى الإسلام عن هذه الأفعال الجاهلية .

    و كانت السمة العامة للعرب قبل الإسلام الفوضى و الاضطراب في جميع نواحي الحياة سواء الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو غير ذلك و قد بددت العصبيات القبلية العرب قبل الإسلام، فلم يكن لهم شريعة تجمعهم ولا نظام يحكمهم، فنالوا بالإسلام العزة و السيادة ، و السعادة .

    و كانت الوثنية هي الديانة السائدة في بلاد العرب قبل الإسلام و فشى عقوق الوالدين و سوء الجوار و الكبر و التفاخر فنهى الإسلام عن ذلك قال تعالى : ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ﴾[1] و حول الإسلام العرب من وثنيين يعبدون الأصنام إلى مؤمنين و صديقين يعبدون رب الأصنام و رب الناس و رب الأرباب و تحولوا إلى رهبان بالليل و فرسان بالنهار .

    و قد فشى في العرب قبل الإسلام القمار، والميسر و الخمر و قد نهى الإسلام عن ذلك قال تعالى : ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾[2] .

    و كان العرب يتشأمون بالأيام أو الشهور، أو ببعض الأشخاص، أو الحيوانات، أو الأحداث، أو غير ذلك من المسموعات أو المرئيات، و قد نهى الإسلام عن ذلك و جعله من الشرك الذي يذهب الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الطيرة شرك الطيرة شرك »[3] ، و ‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏: « ‏لا ‏ ‏طيرة ‏ ‏وخيرها الفأل قال وما الفأل يا رسول الله قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم »[4] وفي هذا إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم ، و ضد الطيرة الفأل هو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة ، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: «و يعجبني الفأل » قالوا: يا رسول الله و ما الفأل ؟ قال : « الكلمة الطيبة » .

    و كانت المراة قبل الإسلام ، لا ترث و ليس لها حق المطالبة بالإرث ؛ لأنها لا تذود عن الحمى في الحرب ، و زواجها يرجع إلى أمر وليها ، و ليس لها حق الاعتراض على من يتزوجها ، و الولد كان يمنع أرملة أبيه من الزواج حتى تعطيه جميع ما أخذت من ميراث أبيه ، و قد يضع ثوبه عليها قائلاً : ورثتها كما ورثت مال أبي ، وكان الرجل العربي قبل الإسلام يصاب بضيق صدر ، وهمّ بالغ ، إذا قيل له إن زوجته وضعت أنثىبل يؤدي الحال إلى وأدها ، أي دفنها حية أو قذفها في بئر بصورة تذيب القلوب الميتة ، و هذه العادة القبيحة ، اللإنسانية ، كانت واسعة الانتشار في أيام الجاهلية ، في الجزيرة العربية عند أهل البادية في الصحراء و في المدن المتحضرة .

    و عندما جاء الإسلام جعل للمرأة مكانة عظيمة و مرتبة جليلة ، و جعلها في منزلة واحدة مع الرجل من حيث قبول الأعمال الصالحة قال تعالى : ﴿ و َمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾[5] ، و قال تعالى : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾[6] .

    و حرم الإسلام وأد البنات قال تعالى : ﴿ و َإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْبِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾[7] .

    و حث الإسلام على الإحسان إلى البنات قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ‏من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار »[8] ، و عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهن تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار »[9] ، و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو , وضم أصابعه »[10] ، و ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏قال ‏ : ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : « ‏ ‏من عال ثلاث ‏ بنات ‏ فأدبهن و زوجهن و أحسن إليهن فله الجنة »[11] .

    و أمر الإسلام بحسن عشرة الزوجة و عدم الإساءة إليها أو إلى أبويها قال تعالى : ﴿ و عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾[12] ، و نهى الإسلام عن ضرب الوجه أو التقبيح قالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي »[13] ، و عن عمرو بن الأحوص أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حجة الوداع : « أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ»[14]، و عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حق الزوجة: « وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلاَ تُقَبِّحْ وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ»[15].

    و الخلاصة أن الإسلام صاحبه هو الله و غير مستمد من العرب و قد نهى عن أفعال العرب الجاهلية و كرم المرأة أحسن تكريم بخلاف ما كان عليه العرب قبل الإسلام من إزدراء المرأة .

    و الجنة ونعيمها لكل من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و ليست حكرا على الرجال دون النساء كما يزعم الملاحدة قال تعالى : ﴿ و َمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾[16] .

    و لا يوجد في الجنة امرأة لم تتزوج إذ لا يوجد في الجنة أعزب قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، و ما في الجنة أعزب ؟ »[17] .

    و للمرأة في الجنة ما ترغب من النعيم : ﴿ لهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَ لَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[18] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[19] .
    و من طبيعة المرأة الحياء لذا لم يذكر الله للنساء نعيما جسديا أو متع جسدية فالله لا يشوق النساء للجنة بما يستحين منه .

    و المرأة المؤمنة في الجنة خير في الجمال و المنزلة من الحور العين ؛ لأن الحور العين لم تعِش في الدنيا لتعاني من الفتن ووساوس الشيطان ورفقاء السوء وأجهزة الإعلام و غير ذلك فإذا كانت الحور العين أجمل من أجمل امرأة في الدنيا فكيف بالمرأة المؤمنة في الجنة ؟!!

    و عليه فلا إذدراء للمرأة في الإسلام بل التكريم و الاحترام هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - النساء الآية 36
    [2] - المائدة الآية 90
    [3] - رواه أحمد في مسنده و أبو داود في سننه
    [4] - رواه البخاري في صحيحه
    [5] - النساء الآية 124
    [6] - النحل الآية 97
    [7] - التكوير 8 - 9
    [8] - رواه الترمذي في سنننه
    [9] -رواه مسلم في صحيحه
    [10] -رواه مسلم في صحيحه
    [11] - رواه أبو داود في سننه
    [12] - النساء الآية 19
    [13]- رواه الترمذي، وصححه الألباني
    [14]­- رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني
    [15]- رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني
    [16] - النساء الآية 124
    [17] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2834
    [18] - قـ الآية 35
    [19] - فصلت من الآية 31

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا و يحاسب الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه

    الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا و يحاسب الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه ؟






    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فيتسائل بعض الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، و يحاسب الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه ؟ و هذا الكلام ناجم عن عدم تقدير الملاحدة لله حق قدره و سوء أدبهم مع الله قال تعالى : ﴿ و َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[1] .


    و الله عدل يأمر بالعدل قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴾[2] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[3] ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله »[4] ..


    و بالنسبة لسؤالهم كيف يحاسب الله الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه فهذا لجهلهم بعقيدة القضاء و القدر ، و تقدير الله المعصية على الإنسان لا يستلزم جبر الإنسان على المعصية فتقدير الله المعصية على الإنسان بمعنى أن الله علم في الأزل أن هذا الإنسان الذي سيخلقه سيقع منه هذه المعصية التي صدرت عن إرادته فكتب ذلك في اللوح المحفوظ و شاء أن تقع من هذا الإنسان هذه المعصية فلما خلق الله هذا الإنسان وقعت هذه المعصية كما علم الله و شاء فلا يكون في ملك الله إلا ما أراد الله و شاء .

    و ليس في تقدير الله المعصية على الإنسان جبر الإنسان على فعل المعصية إذ تقدير الله المعصية بمعنى أن الله علم علم غيب بوقوع المعصية من الإنسان فكتب ذلك و أراد ذلك ففعل هذا الإنسان المعصية باختياره و إرادته و لم يجبره أحد على فعلها ؛ لأن الله قد خلق فيه القدرة على فعل الطاعة و على فعل المعصية و بين له طريق الطاعة و طريق المعصية قال تعالى : ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾[5] ، و قال تعالى : ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾[6] ، و قال تعالى : ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾[7] و هذا الإنسان قد اختار المعصية و ترك الطاعة .


    و الله لم يظلم هذا الإنسان حين قدر عليه المعصية ، بل أعطى الإنسان المهلة والقدرة والاختيار ، و أرسل له الرسل وأنزل معهم الكتب ، وذكّره وأنذره بأنواع من المذكّرات ، كالمصائب والابتلاءات ، ليتوب إليه ، ويقبل عليه ، فاختار طريق المعصية ، وسلك سبيل المجرمين خلافا لما أمره الله و قد قال تعالى : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾[8] أي قد أفلح من زكى نَفسه بِطَاعَة الله وطهرها من الْأَخْلَاق الدنيئة والرذائل القبيحة و خاب من قذرها بِالْجَهْلِ والغفلة، و الْمعْاصي وَلم يحملهَا و يجاهدها على طَاعَة الله فالله قد أمر الإنسان أن يتبع أوامره و ينتهي عن معاصيه لا أن يعلق الأمور على مشيئته لأنه لا يعرفها .


    و الإنسان حين أقدم على المعصية لم يكن لديه العلم بأنها مقدرة عليه ؛ لأن الإنسان لا يعلم بالمقدر إلا بعد وقوع الشيء ، فلماذا لم يقدر هذا الشخص قبل أن يفعل المعصية أن الله قدر له الطاعة فيقوم بطاعته ؟!


    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الله قد قدر على أناس أخر الطاعة و أثابهم عليها و أخبر أن من يطيعه يدخل الجنة و من يعصه يدخل النار و لو كان الناس مجبورون على ما يفعلونه لما أثاب هؤلاء و عذب هؤء و كيف يكلف الله المجبر ؟!! و قال تعالى : ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[9] و قال تعالى : ﴿ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾[10] و قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[11] .

    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الله قد أرسل الرسل و أنزل الكتب ليفعل الناس الخير و يجتنب الناس الشر ، و لو كان الناس مجبورون على أفعالهم لكان إرسال الرسل و إنزال الكتب عبث لا فائدة منه و هذا باطل قال تعالى : ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾[12].


    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الإنسان في الدنيا يفعل السبب ليحصل على النتيجة فيأكل ليدفع الجوع و يشرب ليدفع الظمأ و ينكح ليقضى و تره و ينجب الولد فلما لا يفعل الطاعة ليدخل الجنة و يترك المعصية ليجتنب النار فالتفريق بين الأسباب الدنيوية - لتحصيل الأغراض البشرية - و الأسباب الموصلة للآخرة تفريق بلا مفرق إذ لما في أمور الدنيا لا يحتج بالقدر و في أسباب الآخرة يحتج بالقدر ؟!! و لما يفرق بين السعي للدنيا و السعي في طاعة الله ؟!! لماذا يجعل القدر حجة له على ترك الطاعة ؛ و لا يجعله حجة له على ترك العمل للدنيا ؟.


    و من المعلوم أن الإنسان لو عرض عليه من أعمال الدنيا مشروعان أحدهما يرى لنفسه الخير فيه ، والثاني يرى لنفسه الشر فيه ، من المعلوم أنه يختار المشروع الأول الذي هو مشروع الخير و لا يمكن أبداً بأي حال من الأحوال أن يختار المشروع الثاني ، و هو مشروع الشر ، فلماذا لا يعامل الإنسان نفسه هذه المعاملة في عمل الآخرة ؟


    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن كل إنسان يعلم من نفسه أن عمله من خير وشر ، وطاعة ومعصية يفعلها باختياره ، ولا يشعر بسلطة تجبره على فعلها ، فيستطيع الإنسان أن يضرب بيده ، ويسرق ويزوّر ويخون ، ويستطيع أن يساعد المحتاج ، ويبذل الخير ، ويقدم المعروف بيده . وكل إنسان يؤدي شيئا من هذه الأعمال ، لا يشعر بالجبر ولا بالقهر ، بل يفعلها باختياره وإرادته ، ومن ثم فإنه سيحاسب عليها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .


    و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الإنسان إذا أكره على الفعل ولو كان كفراً أو على القول ولو كان كفراً فإنه لا يعاقب عليه لأنه بغير اختيارٍ منه كما أن النائم قد يتكلم وهو نائم بالكفر وقد يرى نفسه ساجداً لصنم وهو نائم ولا يؤاخذ بهذا لأن ذلك بغير اختياره و القول بالجبر يجعل التفريق بين فعل المعصية طوعا و كرها و فعلها اختيارا لا معنى له و هذا باطل .

    و اختم بما اعترض به سارق عَلَى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقال السارق: كيف تقطع يدي يا أمير المؤمنين وما سرقت إلا بقدر الله وقضاءه؟! واحتج بالقدر عَلَى فعل المعاصي فأجاب أمير المؤمنين بجواب الموحدين. فقَالَ: أنت سرقت بقدر الله وأنا أقطع يدك بقدر الله فقطع يده فعلمنا أن الله قدر أن تقطع يده، ولو لم يشأ الله أن تقطع يده ، لما قطعها عُمَر .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


    [1] - الزمر الآية 67
    [2] - النحل الآية 90
    [3] - الكهف من الآية 49
    [4] - متفق عليه
    [5] - البلد الآية10
    [6] - الإنسان الآية 3
    [7] - الشمس الآية 8
    [8] - الشمس الآية 9 - 10
    [9] - البقرة الآية 25
    [10] - النساء الآية 14
    [11] - البقرة الآية 39
    [12] - الكهف من الآية 29

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي لتحميل جميع هذه الردود

    لتحميل جميع الردود على شبه الملاحدة تابعوا على هذا الرابط :

    حقيبة من يرد على الملاحدة متجدد

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على سؤال الملاحدة ما فائدة أن يباهي الرب ببعض خلقه أمام الملائكة و هم من خلقه ؟

    الرد على سؤال الملاحدة ما فائدة أن يباهي الرب ببعض خلقه أمام الملائكة و هم من خلقه ؟



    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل الملاحدة إذا كان الله هو الخالق فما فائدة أن يباهي ببعض خلقه أمام الملائكة ، وهم من خلقه ؟! فكيف يتباهى الخالق أمام خلقه وهو خالقهم ؟ !!!و سر هذا الكلام جهلهم بحكمة الله و سوء أدبهم مع الله و الجهل بحكمة الشيء لا تستلزم عدم حكمة الشيء .


    و إذا سلمنا بأن الله هو الخالق فالخالق يفعل ما يشاء قال تعالى : ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَ الأَمْرُ ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[2] فلا يحق لأحد أن يعترض ، و يقول لما يفعل الله كذا فهذا سوء أدب مع الله و إن كان سائلا فليقل ما الحكمة من فعل الله كذا فأفعال الله لا تخلوا من حكمة .

    وقد ثبتت مباهاة الله بأهل عرفة أمام الملائكة فعن عَائِشَةُ أِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ »[3]
    و ثبتت مباهاة الله بأهل الذكر أمام الملائكة فعن أبي سعيد الخدري قال: خرج معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله أقل حديثا مني وإن رسول الله خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنّ به علينا، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال : « أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة »[4] .

    و الحكمة من مباهاة الله بأهل الطاعة أمام الملائكة ما يلي :
    - إظهار فضل بني آدم ، و بيان استحقاقهم للمدح حيث غلبت همتهم في العبادة دواعي الأهواء والنفوس و الشياطين وجنودهم إلى الكسل والبطالة والولوغ في الشهوات .
    - شهادة الملائكة لبني آدم بالخير .
    - أن يبين للملائكة أن هذا الإنسان الذي استخلفه الله في الأرض يذكر الله و يسبحه و يحمده فهم قد قالوا مستفهمين : ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾[5] .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





    [1] - الأعراف من الآية 54
    [2]- الأنبياء الآية 23
    [3] - رواه مسلم في صحيحه
    [4] - رواه مسلم في صحيحه
    [5] - البقرة من الآية 30

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    14

    افتراضي رد: جامع الردود على بعض مزاعم الملاحدة سلسلة متجددة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    من الردود المطروحة على دعاوى الملاحدة بشكل عام ..انهم يستندون في طرح مبررات الحادهم الى العقل وما يطويه من احكام .. متناسين ( بقصد او دون قصد ) انهم يفكرون بشكل متناقض وغير مقبول اذا ما قيس على نفس الاسس التي يستندون اليها في تفكيرهم .. فالعقل عندهم عمل الدماغ وراشح من رواشحه ، والدماغ جهاز محدود وبدرجات كدرجات تطور اجهزة الحاسوب وخاضع الى قوانين التطور الطبيعية . وان ما يخرجه من ( افكار ونظريات) واقع في الحدود المحكومة بحركة وتطور هذا الجهاز (الدماغ) ، ولا يمكن مع هذا الفرض اطلاق احكام اوطرح افكار على انها احكام مطلقة وصورة مطابقة لصورة الوجود الواقع خارج دائرة سلم التطور ( تطور الدماغ) ..
    وان عليهم القول اذا ما ارادوا الصدق في ابداء الراي انهم لايعلمون شيئا ..وليس هناك من امل ما دام للحياة مستقبل وللزمن امتداد مفتوح ..
    بارك الله فيكم وزاد من معارفكم ونور قلوبنا جميعا بنور الايمان به سبحانه ومعرفة سنة نبيه والاقتداء به

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    2

    Post رد: جامع الردود على بعض مزاعم الملاحدة سلسلة متجددة

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    و بعد
    فإنني أدعوا كل غيور على هذا الدين أن يتصدى إلى هذه الحملات سواءاً من الملحدين أو غيرهم، يجب أن نكون قدوة في أفعالنا قبل أقفوالنا حتى نقنع غير المسلمين و يجب أن نغير من أوضاعنا التي لا تدل على أننا من أمة العلم و بالمقابل يجب أن نتحاور مع الأخر ليس من باب الضعف و لكن من باب أن الأخر لا يعلم شيء عن هذا الدين و واقعنا لا يصر

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي رد: جامع الردود على بعض مزاعم الملاحدة سلسلة متجددة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فارس كمال مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    من الردود المطروحة على دعاوى الملاحدة بشكل عام ..انهم يستندون في طرح مبررات الحادهم الى العقل وما يطويه من احكام .. متناسين ( بقصد او دون قصد ) انهم يفكرون بشكل متناقض وغير مقبول اذا ما قيس على نفس الاسس التي يستندون اليها في تفكيرهم .. فالعقل عندهم عمل الدماغ وراشح من رواشحه ، والدماغ جهاز محدود وبدرجات كدرجات تطور اجهزة الحاسوب وخاضع الى قوانين التطور الطبيعية . وان ما يخرجه من ( افكار ونظريات) واقع في الحدود المحكومة بحركة وتطور هذا الجهاز (الدماغ) ، ولا يمكن مع هذا الفرض اطلاق احكام اوطرح افكار على انها احكام مطلقة وصورة مطابقة لصورة الوجود الواقع خارج دائرة سلم التطور ( تطور الدماغ) ..
    وان عليهم القول اذا ما ارادوا الصدق في ابداء الراي انهم لايعلمون شيئا ..وليس هناك من امل ما دام للحياة مستقبل وللزمن امتداد مفتوح ..
    بارك الله فيكم وزاد من معارفكم ونور قلوبنا جميعا بنور الايمان به سبحانه ومعرفة سنة نبيه والاقتداء به

    جزاكم الله خيرا على الإضافة فهؤلاء الملاحدة ممن أتبع هواه و من أتبع هواه أصمه الهوى و أعماه

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي رد: جامع الردود على بعض مزاعم الملاحدة سلسلة متجددة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كمال بن عميرة مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    و بعد
    فإنني أدعوا كل غيور على هذا الدين أن يتصدى إلى هذه الحملات سواءاً من الملحدين أو غيرهم، يجب أن نكون قدوة في أفعالنا قبل أقفوالنا حتى نقنع غير المسلمين و يجب أن نغير من أوضاعنا التي لا تدل على أننا من أمة العلم و بالمقابل يجب أن نتحاور مع الأخر ليس من باب الضعف و لكن من باب أن الأخر لا يعلم شيء عن هذا الدين و واقعنا لا يصر
    وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته جزاكم الله خيرا اللهم أصلح حالنا و حال المسلمين

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة بظلم الله للمرأة في الجنة و نسيانه لحقها ( تعالى الله عن ذلك )

    الرد على زعم الملاحدة بظلم الله للمرأة في الجنة و نسيانه لحقها ( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا )





    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :


    فيزعم الملاحدة هداهم الله أن الله ظلم المرأة في الجنة ، و نسي حقها - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - و يستدلون على ذلك بأن الرجل يتزوج في الجنة بأكثر من حورية علي زوجاته في الدنيا‏ ,‏ و المرأة تظل متزوجة من رجل واحد ، وإن لم يكن لديها زوج فإن الله يزوجها بأحد الصالحين و هذا الزوج – كما يزعمون - له حق في خيانتها مع عدد لانهائي من الحور و من هذا الغلط يستنج الملاحدة احتقار الإسلام للمرأة ،و هذا الكلام فيه سوء أدب مع الله و سوء فهم للإسلام و هذا دأب الملاحدة .


    و كلام الملاحدة يغني فساده عن إفساده إذ الظلم محال على الله قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[1] ، و الله أعلم بخلقه من علم الخلق بأنفسهم قال تعالى : ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير ُ﴾[2] .


    و اختلاف الجنس البشري إلى ذكر و أنثى ترتب عليه اختلاف في الطبائع ، و طبيعة المرأة غير طبيعة الرجل ، و من طبيعة المرأة الحياء لذا لم يذكر الله للنساء نعيما جسديا أو متع جسدية ،و لم يشوق النساء للجنة بما يستحين منه .


    و لم يشوق الله النساء بالأزواج بينما شوق الرجال بالزوجات ؛ لأن الرجل هو الطالب و هو الراغب في المرأة فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة ، و لم يذكر الأزواج للنساء لأنهن مطلوبات لا طالبات .


    و شهوة المرأة للرجل ليست كشهوة الرجل للمرأة فالرجل أعلى شهوة من المرأة ، و مما يدل على هذا أن الرجل إذا جامع امرأته أمكنه أن يجامع غيرها في الحال ، و المرأة إذا قضى الرجل وطره فترت شهوتها ، ولم تطلب قضاءها من غيره في ذلك الحين[3] .


    و المرأة العفيفة لا تقبل الجماع مع أكثر من رجل و طبيعة المرأة تأبى الانكشاف على أكثر من رجل ، و الرجل قد يقبل الجماع مع أكثر من امرأة حتى الخيانة الزوجية عند الرجال أكثر منها عند النساء في المجتمعات المنحلة .


    و للمرأة في الجنة ما ترغب من النعيم : ﴿ لهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَ لَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[4] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[5] .


    و المرأة المؤمنة في الجنة خير في الجمال و المنزلة من الحور العين ؛ لأن الحور العين لم تعِش في الدنيا لتعاني من الفتن ووساوس الشيطان ورفقاء السوء وأجهزة الإعلام و غير ذلك فإذا كانت الحور العين أجمل من أجمل امرأة في الدنيا فكيف بالمرأة المؤمنة في الجنة ؟!!


    و قياس حال المرأة في الآخرة على حال المرأة في الدنيا من كرهها لتعدد زوجات زوجها قياس عالم الغيب على عالم الشهادة و شتان بينهما فهناك أمور في الدنيا لا توجد في الآخرة فنساء الدنيا تتغوط و تحيض و غير ذلك من المنفرات و نساء الآخرة لا تتغوط و لا تحيض .



    و المرأة في الجنة تتزوج من زوجها في الدنيا إن كان من أهل الجنة ،و إذا لم يكُن للمرأة زوجٌ من أهل الدنيا في حياتها أو لم يكن من أهل الجنة فإنّ الله تعالى يزوّجها بمن تقرُّ به عينُها في الجنّة ، لأنّ الزواج من جملة النعيم الذي وُعد به أهل الجنّة ، وهو ممّا تشتهيه النفوس ، و تتطلّع إليه قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[6] .


    و المرأة في الجنة مقصورة على حب زوجها لا تتطلع إلى غيره، ولا تجد في نفسها حزناً من مشاركة غيرها له ، بخلاف ما عليه نساء الدنيا ؛ لأن الجنة لا حزن فيها ولا هم ولا غم و لا حقد و لا حسد قال تعالى : ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾[7] أي: نخرج من قلوبهم أسباب الحقد والحسد والعداوة، أو نطهّرها منها، حتى لا يكون بينهم إلا التوادّ والتعاطف. وصيغة الماضي للإيذان بتحققه وتقرره[8] أو و نزعنا ما كان في قلوبهم من حقد وضغن مما يكون من عداوة أو حسد في الدنيا، فلا يدخلون الجنة وفي قلوبهم أدنى لوثة مما لا يليق بتلك الدار وأهلها ، ويكون من أسباب تنغيص النعيم فيها[9] .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





    [1] - الكهف الآية 49
    [2] - الملك الآية 1
    [3] - انظر إعلام الموقعين عن رب العالمين 2/66
    [4] - قـ الآية 35
    [5] - فصلت من الآية 31
    [6] - فصلت من الآية 31
    [7] - الأعراف من الآية 43
    [8] - تفسير القاسمي 5/59
    [9] - تفسير المنار 8/374

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    73

    افتراضي رد: جامع الردود على بعض مزاعم الملاحدة سلسلة متجددة

    شكرا لك ... بارك الله فيك ...

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على شبهة الملاحدة إذا كان الله على كل شيء قدير فلما خلق السماوات و الأرض في ستة

    الرد على شبهة الملاحدة إذا كان الله على كل شيء قدير فلما خلق السماوات و الأرض في ستة أيام




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :


    فلا يزال الملاحدة هداهم الله يشككون في البديهيات بحجج واهية متوهمين أنهم على دراية و صواب و قد جعلوا من خلق السماوات و الأرض في ستة أيام مبررا لطعن في قدرة الله و لما جهلوا حكمة خلق السماوات و الأرض في ستة أيام طعنوا في قدرة الله بل طعنوا في خلق الله للسماوات و الأرض ، و تسائلوا ألم يكن ربكم أيها المؤمنون يستطيع أن يخلق السماوات والأرض في لحظة فلماذا خلقهن في ستة أيام إذن هذا دليل على عدم قدرة ربكم و على عدم وجوده تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .


    و بداية الجهل بالحكمة من فعل الشيء ليس دليلا على عدم فعل الشيء كما أنه ليس دليلا على عدم حكمة فعل الشيء ،و الله عند المؤمنين هو الخالق و الخالق يفعل في خلقه ما يشاء و لا يصح أن نقول لما لم يفعل الله كذا فالله عز وجل ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[1] و الخلق خلقه و الكون ملكه وَ بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَلَا شريك مَعَه فِي ملكه فلا يعترض أحد عليه بتصرفه في ملكه ، و قال تعالى : ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[2] ,و قال تعالى : ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾[3] .


    و علماء الإسلام قد ذكروا الحكم من خلق السماوات و الأرض في ستة أيام بدلا من خلقها في لحظة بما يقطع كل شبهة ،و بما يفحم كل مشكك ، و قد قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَادِرًا على خلق السموات وَالْأَرْضِ فِي لَمْحَةٍ وَلَحْظَةٍ، فَخَلَقَهُنَّ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ تَعْلِيمًا لِخَلْقِهِ التَّثَبُّتَ وَالتَّأَنِّي فِي الْأُمُورِ[4] .


    و قال ابن الجوزي : فان قيل: فهلاَّ خلقها في لحظة، فإنه قادر؟ فعنه خمسة أجوبة: أحدها: أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمراً تستعظمه الملائكة ومن يشاهده، ذكره ابن الانباري. والثاني: أن التثبُّت في تمهيد ما خُلق لآدم وذرّيّته قبل وجوده، أبلغُ في تعظيمه عند الملائكة. والثالث: أن التعجيل أبلغ في القدرة، والتثبيت أبلغ في الحكمة، فأراد إظهار حكمته في ذلك، كما يظهر قدرته في قول: كُنْ فَيَكُونُ. والرابع: انه علّم عباده التثبُّت، فاذا تثبت من لا يزلُّ، كان ذو الزّلل أولى بالتثبُّت. والخامس: أن ذلك الإمهال في خلق شيء بعد شيء، أبعد من أن يُظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق[5].



    و قال الرازي : الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إِيجَادِ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَكِنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ حَدًّا مَحْدُودًا وَوَقْتًا مُقَدَّرًا فَلَا يُدْخِلُهُ فِي الْوُجُودِ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إِيصَالِ الثَّوَابِ إِلَى الْمُطِيعِينَ فِي الْحَالِ وَعَلَى إِيصَالِ الْعِقَابِ إِلَى الْمُذْنِبِينَ فِي الْحَالِ إِلَّا انه يؤخر هما إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مُقَدَّرٍ فَهَذَا التَّأْخِيرُ لَيْسَ لِأَجْلِ أَنَّهُ تَعَالَى أَهْمَلَ الْعِبَادَ بَلْ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ خَصَّ كُلَّ شَيْءٍ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ لِسَابِقِ مَشِيئَتِهِ فَلَا يَفْتُرُ عَنْهُ [6] .


    و قال القرطبي : وَذَكَرَ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَلَوْ أَرَادَ خَلْقَهَا فِي لَحْظَةٍ لَفَعَلَ، إِذْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَقُولَ لَهَا كُونِي فَتَكُونُ. وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَ الْعِبَادَ الرِّفْقَ وَالتَّثَبُّتَ فِي الْأُمُورِ، وَلِتَظْهَرَ قُدْرَتُهُ لِلْمَلَائِكَةِ شَيْئًا بَعْدَ شيء. وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. وَحِكْمَةٌ أُخْرَى- خَلَقَهَا فِي ستة أيام لأن لكل شي عِنْدَهُ أَجَلًا. وَبَيَّنَ بِهَذَا تَرْكَ مُعَاجَلَةِ الْعُصَاةِ بالعقاب، لأن لكل شي عنده أجلا[7].


    و في تفسير الخازن : قيل إن الشيء إذا أحدث دفعة واحدة فلعله أن يخطر ببال بعضهم أن ذلك الشيء إنما وقع على سبيل الاتفاق فإذا أحدث شيئا بعد شيء على سبيل المصلحة والحكمة كان ذلك أبلغ في القدرة وأقوى في الدلالة و قيل: إن الله تعالى أراد أن يوقع في كل يوم أمرا من أمره حتى تستعظمه الملائكة وغيرهم ممن شاهده ، و قيل إن التعجيل في الخلق أبلغ في القدرة و أقوى في الدلالة و التثبت أبلغ في الحكمة فأراد الله تعالى إظهار حكمته في خلق الأشياء بالتثبت كما أظهر قدرته في خلق الأشياء بكن فيكون[8] .


    نخلص من هذا أن خلق الله السماوات و الأرض في ستة أيام كان لحكم بالغة منها : أن تترتب هذه المخلوقات بعضها على بعض و أن يكون هناك سبب و نتيجة و لتعليم عباده التؤدة والتأني, وأن الأهم إحكام الشيء لا الفراغ منه, حتى يتأنى الإنسان فيما يصنعه ، و لأن لكل شيء عند الله وقت معين ووقت خلق السماوات و الأرض قدر أن يكون في ستة أيام و لأن خلق السماوات و الأرض في ستة أيام أبلغ في الحكمة من خلقها في لحظة هذا و الله أعلم والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


    [1] - الأنبياء الآية 23
    [2] - آل عمران الآية 26
    [3] - الأعراف من الآية 54
    [4] - تفسير البغوي 3/235
    [5] - زاد المسير 2/197
    [6] - تفسير الرازي 14/527
    [7] - تفسير القرطبي 7/219
    [8] - تفسير الخازن 2/207

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على قول الملاحدة أن إجابة دعاء السائلين ليس دليلا على وجود الله

    الرد على قول الملاحدة أن إجابة دعاء السائلين ليس دليلا على وجود الله



    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


    أما بعد :


    فرغم أن إجابة دعاء السائلين دليل واضح على وجود الله إلا أن الملاحدة يشككون في وضوحه و يقولون لا دليل على وجود الله حتى بوقوع عين المدعو به مدعين أنه كما قد يحصل الشفاء بدعاء بوذا كذلك يحدث الشفاء بدعاء الله فيكون دعاء الله كدعاء بوذا ، و يقولون هب أنه قد حصل عين المدعو به فما الدليل على أن حصول عين المدعو به كان بسبب الله ،ويقولون لا دليل على أن وقوع عين المدعو به كان لسبب فلا سبيل إلى نُعَمِّم وجوب وجود سبب لكل تأثير , فنحن لا نستدل على هذا إلا بالإستقراء , أي ملاحظة بعض الأمثلة و تعميمها , و يبقى إحتمال وجود ما يشذ عن ما لاحظناه قائما .


    و الجواب على هذه الشبهات أن وجود الله لا شك فيه فهو أمر فطري بديهي و لكن هؤلاء الملاحدة قد تغيرت فطرتهم و انحرفت عن الحق بفعل مؤثرات خارجية ، وهذا الانحراف كان هو السبب في وجود الوثنيات و الشرك في الأمم السابقة ، وهو أيضا سبب الشرك و الضلال و الإلحاد في زمننا الحاضر ،و قد تختلج شبهة في الذهن تسبب مشكلة للإنسان، فيظن أنَّ هذا الضروري الواضح ليس بضروريٍ ، مثلاً استحالة اجتماع النقيضين من البديهيات الأوليَّة، بل هي أساس جميع البديهيّات ، و لكن ربَّ شبهة تشكك في هذا البديهي، فيتصوَّر البعض أنّه من الممكن اجتماع النقيضين كما لو توهَّم أنَّ بين النور والظلمة حالةً ليست من الظلمة و ليست من النور! و البديهي بديهيٌ على أي حال .


    و لا يصح اعتراضهم على أن إجابة الداعيين دليل على وجود الله فاعتراضهم لا يخلو من اعتراض خال من معارض معتبر فقولهم : ( لا دليل على وجود الله بوقوع عين المدعو به فكما قد يحصل الشفاء بدعاء بوذا كذلك يحدث الشفاء بدعاء الله فيكون دعاء الله كدعاء بوذا ) قول لايصح فشتان بين دعاء الله و دعاء بوذا فالأدلة قد قامت على ألوهية و ربوبية الله أما بوذا فلا يصح أن يكون إلها أو ربا فهو بشر و الخالق خلاف المخلوق ،و بوذا قد وجد بعد خلق الكون فكيف يكون خالقا ؟!! و بوذا كان ينام ويأكل و يتبول و الإله لاينبغي له أن ينام و بوذا كان في الأرض و الإله فوق خلقه ،و بوذا كان له مثيل فهناك ملايين البشر مثله و بوذا لم يرسل رسلا للناس ليعرفهم به و كل هذا ينافي أن يكون بوذا إلها و ربا فكيف يطلب من بوذا الشفا ؟!! و من الذي كان يستجيب دعاء الناس قبل بوذا و بعد وفاة بوذا ؟!!! و كيف يهب من يمرض ( بوذا ) الشفاء لمريض ؟!! و لم نسمع أن بوذا كان يسمع صوت من ليس في المكان الذي هو فيه في نفس المنطقة فضلا عن سماعه صوت من في بلد أخرى فكيف يقال بعد ذلك أن دعاء الله كدعاء بوذا ؟!!!


    و الله ليس فقط يستجيب دعاء المرضى بل يستجيب دعاء المظلومين و دعاء المضطرين و دعاء السائلين و هذا أمر مشاهد و محسوس أما استجابة بوذا للدعاء فهي استجابة موهومة لايشهد الحس عليها فلم نسمع و لم نشاهد أن فلانا دعا بوذا أن ينتقم من فلان فانتقم بوذا منه ، و لم نسمع أن الناس دعوا بوذا أن ينزل عليهم المطر فنزل المطر , و لم نسمع أن شخصا كان مكروبا فدعا بوذا ففرج بوذا كربته ، و لم نسمع و لم نر أن شخصا دعا بوذا قائلا لو فعلت كذا احرقني فحرق بخلاف استجابة الله للدعاء فهي متكررة سمعناها عن كثير من الأشخاص في كثير من الأماكن في كثير من البلدان في كل الأزمان و ما تقرر قر فكيف يقال بعد ذلك أن دعاء الله كدعاء بوذا ؟!!!
    .

    و لا مقارنة بين عدد من يحصل لهم الشفاء بدعاء الله و عدد من يصادفهم الشفاء إذا دعوا بوذا فكيف يقال بعد ذلك أن دعاء الله كدعاء بوذا ؟!!!



    و قول الملاحدة هب أنه قد حصل عين المدعو به فما الدليل على أن حصول عين المدعو به كان بسبب الله و الجواب أن لا أحد غير الله له القدرة على استجابة دعاء الداعيين مع اختلاف أماكنهم و تعدد مطالبهم ، و حصول عين المدعو به لكثير من الأشخاص في كثير من الأماكن في كثير من البلدان عبر التاريخ لدليل على وجود خالق مجيب للدعاء تجتمع فيه صفات الإله الحق و كل ما سوى الله لا يمكن أن يكون مجيبا للدعاء فمن الذي يستطيع أن يسمع دعاء جميع البشر - رغم اختلاف أماكنهم و اختلاف دعائهم – غير الله ؟!! و من الذي لا تأخذه سنة و لا نوم غير الله ؟!! و من الذي له ما في السماوات و الأرض غير الله ؟!! و من الذي يحيي و يميت غير الله ؟!!! و من الذي يشفي المرضى غير الله ؟!! و من الذي يقوم بنفسه و لا يحتاج لأحد غير الله ؟!!! و الله وحده هو الذي أرسل الرسل لتعريف الخلق به و لتعريف الخلق كيفية عبادته و ما يحب أن يفعلوه و ما يكره أن يفعلوه و قد أيد الله رسله بالمعجزات كأمارة على صدقهم فهل وجد إله غير الله فعل مثلما فعل الله ؟!!


    و قول الملاحدة : ( و لا دليل على أن وقوع عين المدعو به كان لسبب فلا سبيل إلى نُعَمِّم وجوب وجود سبب لكل تأثير , فنحن لا نستدل على هذا إلا بالإستقراء , أي ملاحظة بعض الأمثلة و تعميمها , و يبقى إحتمال وجود ما يشذ عن ما لاحظناه قائما ) قول لا يصح فهو قول يصادم العقل و يخالف الفطرة فعقلا و بداهة أن لكل أثر مؤثر و لكل مسبب سبب و قانون السببية قانون عقلي بديهي واقعي ضروري يزاوله الناس في حياتهم أي هذا القانون يطبقه الناس في دنيا الواقع فالناس عندهم الأكل سبب للشبع و شرب الماء سب للإرتواء و النكاح و الجماع سبب لإنجاب الولد ،و إذا وقع أي شيء يحاولون أن يعرفوا سببه .


    و لا يمكن رد قانون السببية على جزئية من جزئياته وفرع من فروعه و فرد من أفراده بدعوى أننا لم نلاحظ كل الأمثلة على السببية فمعرفة أن لكل معلول علة لا تحتاج استقراء كل الأمثلة بل هي أمر بديهي عقلي يفرض نفسه على الذهن بحيث لا يحتاج إلى برهان لإثباته ، و يجمع العقلاء على صحته و اعتماده كأصول ضرورية لازمة ، و يعتبر برهانا يبنى عليه باقي الأفكار ، و لو أن طفلا رمي بقطعة خشب فإنه يلتفت لينظر من الذي رماها عليه و من الذي فعل ذلك ،و لو لم يحدث له مثل هذا الأمر قبل ذلك .


    و لا يجوز القدح في البديهيات بالنظريات ، لأن البديهيات أصل للنظريات ، فلو جاز القدح بالنظريات في البديهيات ، و النظريات لا تصح إلا بصحة البديهيات ، كان ذلك قدحاً في أصل النظريات ، فلزم من القدح في البديهيات بالنظريات فساد النظريات ، و إذا فسدت لم يصح القدح بها ، و القدح في البديهيات بالنظريات يستلزم فساد النظريات و فساد العلوم .


    و إجابة دعاء كثير من الأشخاص في كثير من الأماكن في كثير من البلدان في كل الأزمان دليل بديهي على وجود مجيب لهذه الدعوات , و لا ينكر هذا إلا عديم العقل، و لو رأي شخص كتابة فقال لابد لها من كاتب و لابد لها من سبب فاعترض عليه آخر قائلا : ( أثبت لي أن هذه الكتابة تحتاج لكاتب ، و هل اختبرت كل الكتابات لتعرف هل تحتاج إلى كاتب أم لا ) لعده الناس مجنونا ، و لو رأى شخص نارا فقال أنها حارة لا تقترب منها حتى لا تحرقك فرددت عليه قائلا : أثبت لي أن النار حارة و من يقترب منها تحرقه ، و هل استقرأت كل النار التي في العالم حتى تقول لي أنها حارة و تحرق ؟!!! لاعتبرك الناس من المجانين .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي نقض شبهات عقيمة لملحد حول دليل الدعاء

    نقض شبهات عقيمة لملحد حول دليل الدعاء





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .



    أما بعد :



    فقد قرأت كلاما عقيما لأحد الملاحدة هداهم الله يتوهم فيه أن من السهل الاقتناع أن الله لا وجود له و من ضمن ما استدل به على عدم وجود الله هو عدم استجابة الله لدعاء المسلمين في أمور كثيرة فآلاف المسلمين يدعون الله ليلا نهارا بزوال إسرائيل و هي ما زالت موجودة ، و آلاف المسلمين يدعون الله ليلا نهارا بالانتصار على أمريكا و لم يحدث النصر بعد ، و آلاف المسلمين يدعون الله ليلا نهارا بتحرير فلسطين من دنس يهود و مازالت فلسطين محتلة ، و يدعي هذا الملحد أن شروط إجابة الدعاء شروط تعجيزية و يتوهم أنها و إن حقهها الشخص فلن يتقبلها الله بدليل أن فلسطين لم تتحرر و العرب مازالوا في هزيمة و من يدعو الله بانقاذ الجوعى في الصومال و غيرها لا يستجاب له بدليل وجود المجاعات في الصومال حتى الآن و من ثم فالله غير موجود على حد زعمه .


    و على نقيض كلام هذا الملحد هداه الله فإن وجود الله لا شك فيه بل هو وجود بديهي و ووجود منطقي عقلي ووجود فطري إذ هذا الكون دال عليه دلالة الصنعة على الصانع و هي دلالة فطرية بديهية فمن الذي أوجد هذه الجبال و هذه الأنهار و هذه البحار و هذه المحيطات و هذه الشمس و هذا القمر و هذه النجوم و هذه السماء من الذي أوجد هذه الطبيعة غير الله ؟!! الملحد لو رأى كومة من التراب ملقاه في جنب الطريق يعلم أن لها مسبب و عندما ينظر للطبيعة ينكر أن لها مسبب سبحان ربي لهذا الفكر المعكوس !


    و الحياة في كل كائن حي لابد أنها خلقت من إله حي و لا يمكن أن تنشأ حياة من لا حياة ، و الحياة ليست بشيء مادي يصنع[1] بل هي شيء يقوم بالكائن الحي ، و إذا انتزع من بالكائن الحي مات فمن الذي يقدر أن يخلق الحياة غير الله ؟!! و كل كائن حي دليل على وجود الخالق لذا دليل الحياة على وجود الخالق يشتمل على ملايين الأدلة على وجود الخالق و دلالة الحياة على وجود الله من دلالة الحادث على المحدِث و هي دلالة عقلية بديهية لكن الملحد يغفل عن الواضح الجلي بتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان فقد عميت عينه عن رؤية الحق و صمت أذنه عن سماع الحق و شل لسانه عن قول الحق و تحقق فيه قوله تعالى : ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾[2] .


    قال المراغي : ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ﴾ وصفهم الله بهذه الصفات مع سلامة مشاعرهم، من قبل أنهم فقدوا منفعة السمع، فلا يصغون لعظة واعظ ولا إرشاد مرشد، بل هم لا يفقهون إن سمعوا فكأنهم صمّ لا يسمعون، كما فقدوا منفعة الاسترشاد وطلب الحكمة، فلا يطلبون برهانا على قضية، ولا بيانا عن مسألة تخفى عليهم، فكأنهم بكم لا يتكلمون وفقدوا منافع الإبصار من النظر والاعتبار، فلا يرون ما يحلّ بهم من الفتن فينزجروا ، و لا يبصرون ما تتقلّب به أحوال الأمم فيعتبروا ﴿ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ أي فهم لا يعودون من الضلالة إلى الهدى الذي تركوه وأضاعوه، إذ من فقد حواسه لا يسمع صوتا يهتدى به، ولا يصيح لينقذ نفسه، ولا يرى بارقا من النور يتجه إليه ويقصده، ولا تزال هذه حاله، ظلمات بعضها فوق بعض حتى يتردّى فى مهاوى الهلاك [3].


    و جميع الأمم التي درس العلماء تاريخها تجدها اتخذت معبودات تتجه إليها وتقدَّسها، وما يحصل من ضلال أو انحراف أمر طارئ على هذه الفطرة السليمة فالإنسان قد تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف عن المعبود الحق ،و الإنسان لو ترك وذاته دون أن يلوث فطرته أحد ، فإنّه يشعر في أعماق نفسه ، وبما أودعه الله في خلقته بأنّ لهذا الكون خالقا خلقه ، ومكوناً كونه ، ومبدعاً أبدعه ، ومدبراً دبره. هذا الشعور نابع من فطرته وذاته وليس مما تعلمه من والديه وأهله. يولد معه، وينمو معه، ويبقى معه فمن الذي أودع هذا الشعور فيه غير الله ؟!!!!


    و عدم فعل الشيء في بعض الحالات لا تنفي فعل الشيء في حالات أخرى ،و لو لم يكلم شخص آخر يوما أو يومين أو شهرا لا يقال عليه أنه لا يتكلم بل يقال أنه لا يكلم فلان و لا نعمم أنه لا يكلم أحدا ، و لو أن رئيسا قبل طلب بعض العمال و لم يقبل طلب باقي العمال لا يقال أنه لا يقبل طلب العمال بل يقال أنه لم يقبل طلب البعض و لا نعمم أنه لا يقبل طلب العمال ، و كم من شخص دعا الله فاستجاب الله دعائه ، و كم من مضطر دعا الله فاستجاب الله له ،و كم من مكروب دعا الله فكشف الله كربته ، و هذا دليل واضح على وجود الله لكن الملحد يشكك في هذا الدليل الحسي و يدعي أن الدعاء دليل على عدم وجود الله بحجة أن الله إن كان موجودا لاستجاب دعاء المسلمين لتحرير فلسطين و هذا لم يحدث و من ثم فالله غير موجود على حد زعمه ، و تغافل عن استجابة الله لدعاء الآف الناس في آلاف الأماكن و هذا ليس من الأمانة في شيء .


    و كان من الأولى لهذا الملحد أن يتسائل لما لم يستجب الله لدعاء المسلمين بالنصر في زماننا مع أن النصر كان ملازما للمسلمين قرونا عديدة و السبب هو أن غالب المسلمين في زماننا لم يحققوا أسباب النصر و ركنوا إلى الدنيا و تفرقوا بعد أن كانوا يدا واحدة و ضيعوا دينهم لحطام الدنيا فخذلهم الله قال تعالى : ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾[4] فهذه المصائب التي حلت بالمسلمين إنما هي من أنفسهم و قال تعالى : ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِين ﴾[5] إذ طاعة الكافرين لا تقضي بمن أطاعهم إلا إلى الخيبة والخسران في الدنيا و الآخرة و المسلمون اليوم قد أطاعوا أهل الكفر فخذلهم الله و سلط عليهم عدوهم ،و قال تعالى : ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾[6] و كم انتصر المسلمون و هم قلة فالعبرة ليست بالكثرة و العدة لكن العبرة بالتقوى و التمسك بالشرع في المقام الأول و إذا رجع المسلمين لدينهم ستجد النصر حليفهم و لن تجد مجاعات و لن تجد فقراء و إذا وجدت فستجد الشذر اليسير .


    ألم يقرأ هذا الملحد ما حققه النبي صلى الله عليه وسلم من انتصارات ؟!!! ألم يقرأ هذا الملحد ما حققه الصحابة من انتصارات ؟!! ألم يقرأ هذا الملحد ما حققه أمراء المسلمين - عندما كانوا يلتزمون بشرع الله – من انتصارات ؟!! ألم يهزم المسلمون الفرس ؟! ألم يهزم المسلمون الروم ؟! ألم يهزم المسلمون الصليبيين ؟! ألم يهزم المسلمون التتار ؟!! هناك الكثير من الانتصارات التي حققها المسلمون عندما كانوا يلتزمون بشرع الله و يعظمون شعائره لكن الملحد ضرب عنها الصفح و ذكر صورا من خذلان الله للمسلمين عندما فرطوا في دين الله ليؤيد باطله و أنى له ذلك .


    و التاريخ يذكر عن غزوات سعد بن أبي وقاص رضي الله أنه كان يغزو الفرس فيفتح الله عليه بلادهم بلداً بعد بلد حتى وصل إلى نهر دجلة فلما وصل إلى النهر وجد أن الفرس قد أغرقوا السفن وكسروا الجسور وهربوا إلى الجانب الشرقي من النهر فتوقف سعد رضي الله عنه ماذا يصنع فدعا سلمان الفارسي رضي الله عنه وكان ذا خبرة في أحوال الفرس وما يصنعونه عند القتال فاستشاره أي أن سعداً استشار سلمان الفارسي ماذا يصنع فقال له يا سعد ليس هناك شيء يمكن أن نصنعه إلا أن ننظر في الجيش هل عندهم من الإيمان والتقوى ما يؤهلهم للنصر أو لا, فدعني أسبر القوم وأنظر حالهم فأمهله سعد فجعل يذهب إلى الجيش ويتفقد أحوالهم وينظر أعمالهم فوجدهم رضي الله عنهم بالليل يبيتون لربهم سجداً وقياماً وفي النهار يصلحون أحوالهم ويستعدون للقتال فرجع بعد ثلاثٍ إلى سعد بن أبي وقاص وأخبره الخبر وقال إن قوم موسى ليسوا أحق بالنصر منا فقد فلق الله لهم البحر وأنجاهم من فرعون وقومه ونحن سوف نعبر هذا النهر بإذن الله فأذّن سعدٌ رضي الله عنه بالرحيل والتقدم إلى النهر وقال إني مكبرٌ ثلاثاً فإذا كبرت الثالثة فسموا واعبروا ففعلوا فجعلوا يدخلون الماء كأنما يمشون على الصفا خيلهم ورجلهم وإبلهم حتى عبروا النهر وهو يجري يقذف بزبده فلما رآهم الفرس قال بعضهم لبعض إنكم لا تقاتلون إنساً وإنما تقاتلون جناً فهربوا من المدائن وهي عاصمتهم حتى دخلها المسلمون .

    و لو أعطى المسلمون ما عليهم من زكاة لما وجدت فقيرا بين المسلمين و ما وجدت مجاعات و ما وجدت فقراء و في زمن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز كان الرجل يعرض المال للصدقة فلا يجد من يقبله منه فلا مجاعات كما في زماننا ، و لا تفشي الفقر كما في زماننا لأن الأمة وقتها كانت تحكم بشرع الله و تؤدي فرائض الله .

    و قد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم جوابا شافيا لما أثاره هذا الملحد فقال : « والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليوشك الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعون فلا يستجاب لكم »[7] ، و قال صلى الله عليه وسلم : « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ قَوْمًا، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ »[8] و ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو ما حصل للأمة الإسلامية فلما بعدت الأمة عن شرع ربها سلط الله عليها المستعمرين فمن استعمار إلى استعمار و من تحرر من هذه البلاد من الاستعمار العسكري لم يتحرر من الاستعمار الاقتصادي ولا الاستعمار الفكري ولا الاستعمار السياسي .

    و دعوى هذا الملحد أن شروط إجابة الدعاء شروط تعجيزية دعوى بلا برهان و يغني فسادها عن إفسادها و هذه الشروط ما هي إلا آداب يرجى لمن جمعها أن يستجيب الله له ، و من هذه الآداب :
    1 - رد المظالم مع التوبة و البعد عن المعاصي[9] .
    2 - الوضوء قبل الدعاء إن تيسر .[10]
    3 - استقبال القبلة ورفع الأيدي حال الدعاء[11] .
    4- الإخلاص في الدعاء فلا يدعو إلا الله سبحانه و تعالى[12] .
    5 - افتتاح الدعاء بحمد الله تعالى والثناء عليه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم[13] .
    6- الصبر وعدم الاستعجال[14] .
    7 - الإلحاح في الدعاء والعزم في المسألة[15] .
    8 - خفض الصوت والإسرار بالدعاء [16].
    9 - عدم تكلف السجع[17] .
    10 - تحري الأوقات المستحبة للدعاء كأدبار الصلوات الخمس ، و عند الأذان ، و بين الأذان و الإقامة ، و الثلث الأخير من الليل ، و يوم الجمعة ، و يوم عرفة ، و حال نزول المطر ، و حال السجود ، و حال زحف الجيوش في سبيل الله ، و غير ذلك .
    11 - تجنب الدعاء على النفس والأهل والمال. [18]

    و إني أسأل أي عاقل هل في آداب الدعاء شرط تعجيزي أم هي آداب سهلة و ميسورة يمكن للصغير فعلها فضلا عن الكبير لكن الملاحدة دأبهم تشويه الحق .

    و كون هناك بلاد إسلامية لم تتحر بعد فهذا لا يقدح في كون نصر الله آتي فالحرب سجال يوم لك و يوم عليك و سنة الله في الأرض الصراع بين الحق و الباطل و الصراع بين الكفر و الإيمان و العبرة بالنهاية قال تعالى : ﴿ أمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ [19]
    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



    [1] - و إن قال الملاحدة لقد استطاع العلماء تخليق خلية حية خلال محاولات استغرقت عشرين عاما فلا نستبعد أن تخلق الصدفة خلية حية ،و الجواب أن العلماء لم يخلقوا خلية حية و أنى لهم ذلك بل كل ما فعلوه نزع المادة الوراثية لخلية حية ،و إدخال مادة وراثية صناعية بدلا منها فالخلية الحية كانت وعاء استقبال للمادة الوراثية الصناعية و الخلية الجديدة المصنعة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى من الخلية الأصلية الطبيعية و هذا يمكن تشبيهه بزرع الأعضاء فهل يسمى زرع العضو خلق العضو ؟!! و لولا وجود الحياة في الخلية الأصلية لما كان للمادة الوراثية الصناعية عمل ، و الحياة ليست مادة يمكن أن تصنع .
    [2] - البقرة الآية 18
    [3] - تفسير المراغي 1/59
    [4] - الشورى من الآية 30
    [5] - آل عمران الآية 149
    [6] - آل عمران الآية 160
    [7]- رواه الترمذي في سننه حديث رقم 2169 و حسنه الألباني
    [8] - رواه أحمد في مسنده حديث رقم 23328 و قال شعيب الأرناؤوط : حسن لغيره
    [9] - إذ كيف ترجو من تعصيه
    [10] - لأن الوضوء مستحب عند ذكر الله و الدعاء من الذكر
    [11] - فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فاستقبل القبلة ودعا ، و الله تعالى حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردّهما صفرا
    [12] - لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله » رواه الترمذي في سننه حديث رقم 2516 و حسنه الألباني
    [13] - لأن الله يحب أن يشكره عبده لذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله تعالى والثناء عليه بين يدي حاجته ثم يسأل حاجته ، و قد أرشدنا إلى ذلك ربنا سبحانه وتعالى في سورة الفاتحة، حيث بدأ بالحمد والثناء والتمجيد، ثم أتبعه بالدعاء والسؤال.
    [14] - لقوله صلى الله عليه وسلم: « يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي » متفق عليه رواه البخاري في صحيحه رقم 6340 و رواه مسلم في صحيحه رقم 2735
    [15] - لقوله صلى الله عليه وسلم : « ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ » رواه الترمذي في سننه حديث رقم 3479 و حسنه الألباني
    [16] - لقوله تعالى : ﴿ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ سورة الأعراف من الآية 55
    [17] - لأن حال الداعي حال متضرع, والتكلف في السجع لا يناسب التضرع
    [18] -لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم » رواه مسلم في صحيحه رقم 920
    [19]- البقرة الآية 214

  18. #78
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي فساد تشكيك الملاحدة في إعجاز القرآن بدعوى أنه احتجاج بالجهل

    فساد تشكيك الملاحدة في إعجاز القرآن بدعوى أنه احتجاج بالجهل









    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده، وعلى آله و صحبه ، أما بعد :





    فيشكك الملاحدة هداهم الله في إعجاز القرآن بدعوى أن إعجاز القرآن ما هو إلا تحدي يقوم على عجز الناس عن إثبات خطأ كلام الله عن طريق الإتيان بشيء بمثل بلاغته يريدون أن يقولوا أن دليل إعجاز القرآن ليس أن القرآن معجز و لكن لعدم إثبات الناس أنه غير معجز عن طريق الإتيان بشيء يماثله بمعنى أن دليل إعجاز القرآن هو الجهل بأن أحد يمكن أن يماثل القرآن بمعنى أن دليل إعجاز القرآن هو الاحتجاج بالجهل بمعنى أن دليل إعجاز القرآن هو الاحتجاج بعدم قدرة المتحدين على إثبات نقيض الإعجاز و من ثم فالقرآن غير معجز على حد زعمهم .


    و الجواب على هذا الكلام السقيم الذي يغني فساده عن إفساده و بطلانه عن إبطاله و ينم عن سطحية فكر قائله و عدم تفريقه بين التحدي بشيء معجز خارق للعادة و بين التحدي بشيء يعجز المتحدى عنه و ليس خارقا للعادة فالتحدي بشيء خارق للعادة أو خارق لقوانين الطبيعة السائدة مع الصلاح و دعوى النبوة لدليل ساطع على صدق الدعوى فلا يستطيع خرق العادة إلا من أيده خالق العادة المتحكم فيها ، و من عظيم حكمة الخالق أن جعل معجزات رسله من جنس ما أبدع فيه القوم المرسلإليهم ، إمعاناً في الحجة ، و قطعاً للعذر ، فلو جعلت معجزة الرسول في أمر يجهله منأرسل إليهم ، لكان لهم عذر في عدم إحسان ما يجهلونه أما التحدي بشيء يعجز المتحدى عنه و ليس خارقا للعادة فليس دليلا على النبوة إذ عجز المتحدى عنه لا يستلزم عجز غيره عنه و معجزات الأنبياء من قبيل الاحتجاج بأمور خارقة للعادة من جنس ما أبدع فيه القوم المرسلإليهم .
    و القرآن الكريم رغم أنه كلام عربي من جنس ما تكلم به العرب أهل الفصاحةوالبلاغـ ة، والشعر إلا أنه لم يستطع أي أحد من العرب أو غيرهم أن يؤلف كلاماً مثله في البيانو الحلاوة و الحسن و الكمال و العذوبة و أداء المعنى المرادقال تعالى : ﴿ أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [1] ، و عجز العرب عن معارضة القرآن مع توفر الدواعي عجز للغة العربية في ريعان شبابها، وعنفوان قوتها والإعجاز لسائر الأمم على مر العصور ظل ولا يزال في موقف التحدي شامخ الأنف ، فأسرار الكون التي يكشف عنها العلم الحديث ما هي إلا مظاهر للحقائق العليا التي ينطوي عليها سر هذا الوجود في خالقه ومدبره، وهذا ما أجمله القرآن، أو أشار إليه فصار القرآن بهذا معجزاً للإنسانية كافة[2] .


    و من لدن النبي صلى الله عليه و سلم إلى زماننا هذا لم يستطع أحد أن يأتيبسورة من مثل القرآن ، ومن عارض القرآن و أتى بما يدعي أنه مثل القرآن افتضح أمره وبان سخفه وجهله و أصبح أضحوكة بين العالمين مثل مسليمة الكذاب ، فمما قال مسليمة و يتوهم أنه يشبه سور القرآن : يا ضِفدع، نُقي كما تنُقين، لا الماء تدركين، ولا الشراب تمنعين ،و قال أيضا : والطاحنات طحنا , والعاجنات عجنا , والخابزات خبزا , و الثاردات ثردا ، و اللاقمات لقما , أهالة وسمنا .. لقد فضلتم على أهل الوبر , و ما سبقكم أهل المدر ، و قال أيضا : الفيل ما الفيل , وما أدراك ما الفيل , له ذنب وبيل وخرطوم طويل و قال أيضا : إنا أعطيناك الجماهر , فصل لربك وجاهر , إن شانئك هو الكافر .


    و الله قد تحدى كفار العرب أن يأتوا بسورة مثل سور القرآن فلم تخرجهم أنفة التحدي، وصبروا على نغص العجز مع شدة حميتهم ، وقوة أنفتهم وقد سفه أحلامهم وسبَّ أصنامهم، ولو وجدوا إلى المعارضة سبيلاً و كان في مقدورهم داخلاً، وقد جعله حجة لهم في رد رسالته لعارضوه، ولما عدلوا عنـه إلى بذل نفوسهـم في قتاله وسفك دمائهم في محاربته[3] .
    و من هنا يتبين أن معارضة القرآن فوق قدرة البشر إذا الله قد تحدى العرب وهم أهل البلاغة والفصاحة والبيان وقد عجزوا عن الإتيان بمثله و لذلك فغير العرب من أهل الأجناس الأخرى و من أتوا بعدهم أشد عجزاً من باب أولى ، و ليس هذا من باب الاحتجاج بالجهل بل من باب الاحتجاج بالأولى و الاحتجاج بالاستدلال العقلي إذ علمنا بعجز أهل اللغة و البلاغة و الشعر و النثر عن معارضة القرآن مع توفر الدواعي لذلك أدى إلى علمنا أنه ليس بمقدور أي إنسان آخر أن يأتي بمثل القرآن ، فالقرآن إذن من خالق البشر الذي هو على كل شيء قدير ، و أيضا الاحتجاج على أن القرآن معجز ؛ لأنه خارق للعادة السائدة فالعمل البشري عرضة للمحاكاة و المعارضة والتقليد فلو كان القرآن جهدا بشريا من محمد صلى الله عليه وسلم لأمكن أن يأتي أحد في زمانه أو بعد زمانه بما أتى به أو خيراً منه ، بحكم طبيعة البشر وسنن الحياة ، و هذا لم يحدث مع أرباب اللغة و البلاغة ، و لو حدث لنقل إلينا لتوافر الدواعي لنقله فلما لم يحدث مع أرباب اللغة و البلاغة دل ذلك على عجز غيرهم لا محالة .


    و إن قيل إذا كان القرآن معجزا في بيانه و أسلوبه و بلاغته وحسنه فكيف يكون معجزا لمن لا يدرك اللغة العربية فمن لا يدرك اللغة العربية لا يدرك أوجه الإعجاز في القرآن و الجواب أن القرآن معجز في بيانه و أسلوبه و بلاغته وحسنه و لا يلزم من عدم إدراك بعض الناس بيانه و أسلوبه و بلاغته وحسنه أنه غير معجز في بيانه و أسلوبه و بلاغته وحسنه إذ لا يلزم من عدم إدراك الشيء والإحساس به عدم وجوده فالكثير من الناس لا تدرك الجاذبية رغم أنها موجودة ، و كان الناس منذ زمن ليس ببعيد لا يدركون الاتصال من بعيد عبر الهاتف و أصبح الاتصال عبر الهاتف حقيقة و الذي يدرك حجة على من لم يدرك ، ولو اعتمادنا على إدراك جميع الأشخاص لشيء ليصح لما صح كثير من الأشياء .


    و الدلالة على أن القرآن معجز ليست بسبب الجهل بوجود من يستطيع الإتيان بمثله بل لعلمنا أن مشركي العرب رغم ما لديهم من فصاحة و بلاغة و بيان لم يستطيعوا الإتيان بمثل القرآن ، و لو استطاعوا الإتيان بمثل القرآن لفعلوا إذ هذا أوفر من القتل و التعذيب لصد الناس عن الإسلام و لو فعلوا لنقل إلينا لتوافر الهمم على نقله و لا يقال أن العرب لم يهتموا بالإتيان بمثل القرآن و لو اهتموا لفعلوا إذ الناظر لتاريخ مشركي العرب نجد أنهم كانوا يتربصون بالإسلام الدوائر و كانوا يحاربون الإسلام بكل وسيلة ممكنة لديهم و جزم الله أنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بمثل القرآن و النبي صلى الله عليه وسلم يتلوا آيات التحدى و هم يسمعون منه أو من غيره و رغم ذلك لم يأتوا بمثل القرآن بل حاربوا الإسلام بوسائل أخرى رغم أن معارضة القرآن أبلغ في صد الناس عن الإسلام لدليل واضح على عجزهم عن معارضة القرآن و ليس عدم اهتمامهم بمعارضة القرآن .

    و إعجاز القرآن ليس قاصرا على أسلوبه البلاغي و إيقاعه الجميل و نظمه الفريد فالإعجاز البلاغي و البياني و النظمي إنما هو أحد صور إعجاز القرآن فهناك الإعجاز التشريعي و هناك الإعجاز العلمي و هناك الإعجاز العددي و هناك الإعجاز الغيبي و غير ذلك

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





    [1] - يونس الآية 38
    [2] - مباحث في علوم القرآن ص 261
    [3] - أعلام النبوة ص 71 بتصرف يسير

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن الله لا يستطيع أن يثبت كلامه تعالى الله عن قول الملاحدة

    الرد على زعم الملاحدة أن الله لا يستطيع أن يثبت أن القران كلامه تعالى الله عن قول الملاحدة






    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


    أما بعد :



    فقد زعم الملاحدة هداهم الله أن الله لا يستطيع أن يثبت أن القرآن كلامه ولا يستطيع أن يثبت للناس أنه بالفعل أرسل رسول ،و أن القران صادر منه تعالى الله عن قول الملاحدة و هذا كلام باطل يصادم الواقع و يغني فساده عن إفساده إذ القرآن نفسه مليء بالآيات الدالة على أنه كلام الله و أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول من رسله و قد أيده الله بمعجزات كثيرة و على رأس هذه المعجزات معجزة القرآن .

    و الدلالة على أن القرآن كلام الله أنه معجز فلا يستطيع أحد أن يأتي بمثله إذ رغم أن القرآن من جنس ما تكلم به العرب و هم كانوا من أهل البلاغة و الفصاحة و الشعر و النثر إلا أنه لم يستطع أحد منهم أن يأتي بمثله في البيان و الحلاوة و الحسن و الكمال و العذوبة و أداء المعنى المراد رغم حرص العرب ، و غير العرب على معارضته فلما عجز العرب عن الإتيان بمثله ، و هم كانوا في قمة الفصاحة و البلاغة و كانوا يتربصون بالإسلام الدوائر و كانوا يحاربون الإسلام بشتى الطرق علم أن غيرهم أعجز عن معارضة القرآن و لا يستطيع بشر معارضته فهو ليس من قول البشر بل قول خالق البشر قال تعالى : ﴿ أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[1] يقول تعالى ذكره: أم يقول هؤلاء المشركون: افترى محمد هذا القرآن من نفسه فاختلقه وافتعله؟ قل يا محمد لهم: إن كان كما تقولون إني اختلقته وافتريته، فإنكم مثلي من العَرب، ولساني مثل لسانكم، وكلامي [مثل كلامكم] ، فجيئوا بسورة مثل هذا القرآن [2].

    و قد احتج الله علي مشركي العرب فِي إثبات نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما قطع عذرهم فقال: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا ﴾[3] أي: فِي شك من صدق هذا الكتاب الذي أنزلناه على محمد، وقلتم: لا ندري هل هو من عند الله أم لا؟ ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾[4] أي : من مثل القرآن ، كقوله : ﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ ﴾[5] ، و قوله : ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ﴾[6] ، و قوله : ﴿ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِه ِ﴾[7] كل ذلك يريد به مثل القرآن فالمعنى: فأتوا بمثل ما أتى به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإعجاز وحسن النظم والإخبار عما كان وعما يكون دون تعلم الكتاب و دراسة الأخبار [8] .

    و معنى الْآيَة : هُوَ الِاحْتِجَاج على الْكفَّار بمعجزة الْقُرْآن ؛ فَإِنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ : إِن مُحَمَّدًا قد افتراه ، فَقَالَ لَهُم : إِن كَانَ افتراه و أتى بِهِ من عِنْد نَفسه فَأتوا أَنْتُم بِمثلِهِ[9].

    و يقول تعالى : ﴿ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴾[10] أي : يقول : جلّ ثناؤه : فليأت قائلو ذلك له من المشركين بقرآن مثله، فإنهم من أهل لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، ولن يتعذر عليهم أن يأتوا من ذلك بمثل الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم إن كانوا صادقين في أن محمدا صلى الله عليه وسلم تقوّله وتخلَّقه [11] و يقول السمرقندي : يعني إن قلتم إن محمداً صلّى الله عليه وسلم يقول: من ذات نفسه، فأتوا بمثل هذا القرآن كما جاء به إِنْ كانُوا صادِقِينَ في قولهم [12].

    و القرآن مليء بالآيات الدالة على أن محمد صلى الله عليه و سلم رسول من رسل الله قال تعالى : ﴿ وَ مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾[13] ، و قال تعالى : ﴿ ّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾[14] و قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾[15]

    و الدلالة على أن محمد صلى الله عليه و سلم رسول من رسل الله تأييد الله له بالمعجزات الدالة على صدقه و على رأس هذه المعجزات معجزة القرآن .

    و من معجزات النبي صلى الله عليه و سلم غير القرآن الإخبار ببعض الغيبيات و تحققها فقد سمح الله لهذه الأخبار أن تقع ، تصديقاً وتأييداً لنبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، و لا سبيل إلى معرفة هـذه الغيوب إلا ممن هي في يده، وهو الله جل وعلا عالم الغيب والشهادة، مثل الإخبار عن أويس بن عامر فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( إن خير التابعين رجل يقال له أويس . وله والدة . وكان به بياض . فمروه فليستغفر لكم ))[16] .

    و كان عمر بن الخطاب ، إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن ، سألهم : أفيكم أويس بن عامر ؟ حتى أتى على أويس . فقال : أنت أويس بن عامر ؟ قال : نعم . قال : من مراد ثم من قرن ؟ قال : نعم . قال : فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم ؟ قال : نعم . قال : لك والدة ؟ قال : نعم . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ، ثم من قرن . كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم . له والدة هو بها بر . لو أقسم على الله لأبره . فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " . فاستغفر لي . فاستغفر له . فقال له عمر : أين تريد ؟ قال : الكوفة . قال : ألا أكتب لك إلى عاملها ؟ قال : أكون في غبراء الناس أحب إلي . قال : فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم . فوافق عمر . فسأله عن أويس . قال : تركته رث البيت قليل المتاع . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن . كان به برص فبرأ منه . إلا موضع درهم . له والدة هو بها بر . لو أقسم على الله لأبره . فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " فأتى أويسا فقال : استغفر لي . قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح . فاستغفر لي . قال : استغفر لي . قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح . فاستغفر لي . قال : لقيت عمر ؟ قال : نعم . فاستغفر له . ففطن له الناس . فانطلق على وجهه . قال أسير : وكسوته بردة . فكان كلما رآه إنسان قال : من أين لأويس هذه البردة ؟[17] .

    و من الإخبار بالغيب الإخبار عن قتال التتار فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( ‏بين يدي الساعة تقاتلون قوماً ينتعلون الشعر وتقاتلون قوما كأن وجوههم ‏‏ المجان المطرقة ))[18] ووجوه التتار كالمجان المطرقة أي وُجُوههمْ كالتُّرْسِ لِبَسْطِهَا وَتَدْوِيرهَا وَكالْمِطْرَقَة ِ لِغِلَظِهَا وَكَثْرَة لَحْمهَا .

    و من الإخبار بالغيب الإخبار عن شهادة عمر وعثمان رضي الله عنهما فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً، ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله، وقال : (( أثبت أحد، فإنما عليك نبي، وصِدّيق، وشهيدان)) [19] ، وقد قتل عمر و عثمان ، و من الإخبار بالغيب الإخبار بمقتل علي رضي الله عنه فعن أبي سنان الدؤلي رحمه الله تعالى، أنه عاد علياً رضي الله عنه في شكوى له شكاها، قال: فقلت له : لقد تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه، فقال: لكني ـ والله ـ ما تخوّفت على نفسي منه، لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق يقول: (( إنك ستُضرب ضربةً ههنا، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقرُ الناقة أشقى ثمود ))[20] .

    ومن الإخبار بالغيب إخباره عن مشاركة أم حرام فى أول غزو للبحر و وفاتها قبل غزو مدينة قيصر ففى خبر أم حرام بنت ملحان ، سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: (( أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا )). قالت أم حرام: قلتُ: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: (( أنتِ فيهم )). ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم )). فقلتُ: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: (( لا )) [21].

    و إن قيل الإخبار بالغيب ليس دليل على النبوة لاحتمال الكهانة فالجواب الإخبار بالغيب إذا اقترن بدعوى النبوة فهو دليل على النبوة لا الكهانة إذ الكهانة ليس فيها دعوى النبوة و شخصية النبي الصادق تختلف عن شخصية الكاهن الكاذاب ، والنبي الصادق خبره يطابق ما سيحدث أما الكاهن فخبره قد يوافق بعض الذي سيحدث أو لا يوافق الذي سيحدث ، و ما هدف النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- من إدعاء النبوة ؟فمن يقرأ سيرته يجده لا يرغب في سلطة ولا مال ولا جاه ،و لما يجازف النبي صلى الله عليه وسلم و يقول سيحدث كذا .

    و من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أيضا سماع تسبيح الطعام بين يدى رسول الله صلى الله عليه و سلم فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فقل الماء، فقال: اطلبوا فضلة من ماء، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حي على الطهور المبارك، والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل [22] .

    و من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أيضا سماع الصحابة بكاء جذع النخلة و صراخها لما فارقها رسول الله إلى المنبر فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار- أو رجل- يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إن شئتم.فجعلوا له منبراً فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه و سلم فضمه إليه، يئن أنين الصبي الذي يسكن قال: "كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها[23] .

    و من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أيضا انقياد الشجرة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فعن جابر ابن عبدالله قال : سرنا مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حتى نزلنا واديا ‏ ‏أفيح ‏ ‏فذهب رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقضي حاجته فاتبعته ‏ ‏بإداوة ‏ ‏من ماء فنظر رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلم ير شيئا يستتر به فإذا شجرتان بشاطئ الوادي فانطلق رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كالبعير ‏ ‏المخشوش ‏ ‏الذي ‏ ‏يصانع قائده ‏ ‏حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كذلك حتى إذا كان ‏ ‏بالمنصف ‏ ‏مما بينهما لأم بينهما ‏ ‏يعني جمعهما فقال ‏ ‏التئما ‏ ‏علي بإذن الله فالتأمتا قال ‏ ‏جابر ‏ ‏فخرجت ‏ ‏أحضر ‏ ‏مخافة أن يحس رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بقربي فيبتعد وقال ‏ ‏محمد بن عباد ‏ ‏فيتبعد فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة فإذا أنا برسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏مقبلا وإذا الشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق فرأيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وقف وقفة فقال برأسه هكذا وأشار ‏ ‏أبو إسمعيل ‏ ‏برأسه يمينا وشمالا [24] .

    و كل هذه المعجزات لدليل ساطع على صدق النبوة فكيف إذا اجتمعت مع حسن سيرته و اتصافه بالصدق والأمانة و دعواه النبوة في وقت البشرية بحاجة لنبي و تأييد الله له ونصره على أعدائه و إخباره بالغيب .

    و إن قيل هذه المعجزات ليست دليلا على صدق النبوة إذ هي من نقل المسلمين لا غيرهم فالجواب أن هذا القول غير صحيح فلكل قوم عربا وعجما أخبار يتناقلونها عبر الأزمنة و أحداث تنتقل من جيل إلى جيل، فهل يصح أن يقول أحد ما الدليل على صحة هذه الأخبار دون أن يدرسها ويناقشها بعد أن يلم بها إلمامًا واسعًا، فإذا كان كذلك مع أخبار الأمم والأقوام والتي لا يهتم عامة الناس بضبط أحداثها ودقة تفاصيلها، فما الشأن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله إلى قوم عرفوا بقوة الحافظة وسعة الذاكرة ودقة الملاحظة، فإن هذه الأخبار والوقائع التي ذكرنها منها ما هو في القرآن ومنها ما هو متواتر يعلمه العامة والخاصة ؛ والمتواتر هو ما نقله العدد الكثير من الناس الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب، وهو ما تناقلته الأمة المسلمة جيلاً بعد جيل وخلفًا عن سلف من أخبار معجزات النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ، وليس لأحد أن يشكك في شهادة هؤلاء الأخيار الأفاضل، أو يزعم أن هؤلاء الأفاضل إنما شهدوا لنبيهم فشهادتهم غير مقبولة، فإن هذا الزعم من شأنه أن يلغى جميع معجزات الأنبياء وجميع ما ورد عن أخبار السابقين لأنه يمكننا أن نقول أن ما ورد عن عيسي عليه السلام أو ورد عن موسي عليه السلام إنما ذكره أصحابهما والمقربون منهما، وكذلك الشأن مع بقية أخبار الأمم السابقة و المعاصرة ، و من البديهيات أن المروي بالتواتر لا يستطيع أحد إنكاره، ،و من المحال لدى أي عقل اتفاق رواة التواتر على كذب ، ومن ينكر وجود شخصية من الشخصيات كملك أو وزير كان موجودا يكذبه المؤرخون و يأتون له بكل سهولة بأكثر من نقل ورواية بأن هذه الشخصية كانت موجودة بالفعل وأن الأحداث التي حصلت لها مروية بأكثر من رواية وكذلك نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة و مروية بالتواتر من آلاف الصحابة و التابعين وحتى عصرنا هذا .



    و إن قيل القرآن من تأليف محمد ، و ليس من عند الله و لأنه أبلغ العرب فلا يستطيع أحد من العرب أن يماثل كلامه فالجواب هذه فرية يغني فسادها عن إفسادها فالقران بشكله وعباراته وحروفه وما احتوى عليه من علوم ومعارف وأسرار وجمال بلاغى ودقة لغوية هو مما لا يدخل فى قدرة بشر أن يؤلفه إذ عجز فصحاء اللغة عن الإتيان بمثله بالإضافة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميا، لا يقرأ ولا يكتب و لم يتعلم فى مدرسة و لم يختلط بحضارة، ولم يبرح شبه الجزيرة العربية، و كيف برجل أمي لا يستطيع القراءة ولا الكتابة ، وقد عرف عنه هذا في قومه واشتهر به ثم مع هذا الوصف إذا به يأتينا بهذا القرآن الذي يحوي من العلوم والمعارف ما لم يعلم به جميع البشر عبر كل الأزمنة ، فمن أين لـه ذلك إذا لم يكن نبياً مرسلاً من عند الله ؟ و صدق الله القائل في القرآن : ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾[25] أي : من معجزاتك البينة -أيها الرسول- أنك لم تقرأ كتابًا و لم تكتب حروفًا بيمينك قبل نزول القرآن عليك, وهم يعرفون ذلك, ولو كنت قارئًا أو كاتبًا من قبل أن يوحى إليك لشك في ذلك المبطلون, وقالوا: تعلَّمه من الكتب السابقة أو استنسخه منها[26]. ثم يؤكد الله جل وعلا على هذا المعنى ، فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يذكّر قومه بأنه أمي ، وهم يعرفون عنه ذلك ويعرفون نشأته بينهم في محيط البيئة الأمية وأنه قد لبث فيهم أربعين عاماً ما كان يأتيهم بمثل هذا وما كان يستطيع، فأنى له الآن معرفة هذا العلم العظيم من تلقاء نفسه قال تعالى : ﴿ قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [27] أي : قل لهم -أيها الرسول-: لو شاء الله ما تلوت هذا القرآن عليكم, ولا أعلمكم الله به, فاعلموا أنه الحق من الله فإنكم تعلمون أنني مكثت فيكم زمنًا طويلا من قبل أن يوحيه إليَّ ربي, ومن قبل أن أتلوه عليكم, أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر ؟[28] .


    و لو كان القرآن تأليف محمد صلى الله عليه وسلم و أنه شاعر أو كاهن أو تقول القرآن فالناس أمام أمرين إما أن يأتوا بمثله و من هنا جاء التحدي و إما أن يعجزوا عن ذلك ، وفي هذه الحالة يجب أن يعقلوا أنه معجز وأنه وحي من عند الله وأنه دليل على صدق النبوة .

    ولو كان القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم لوجدنا في القرآن حضورا لشخصيته و مشاعره فالقرآن ليس نص فيزياء و لا نص رياضيات يغرق فيالرموز بل هو نص يتحدث عن مشاعر و اعتقادات و حوادث و نظم مجتمعية . و مثل هذا النوع منالنصوص لابد أن نجد فيها ملامح مؤلفها خاصة اللحظات الصعبة التي مر بها في حياته كلحظة موت زوجته خديجة . حيث لا نجد أي ذكرلهذا الحدث في القرآن ، ولا حتى بضع كلمات يبث فيها محمد حزنه عليها ، وهو الذي كانمرهف الحس ، وهو الذي حتى بعد سنوات طوال بعد موتها كان يذكرها فتدمع عيناه!!! فلما لم نجد حضورا لشخصيته و مشاعره في أحلك الظروف دل على أنه ليس من تأليفه.

    وكيف يكون القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم، هناك آيات فيه معاتبة له قال تعالى : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَىوَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾[29] .

    و كيف يكون القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم و قد تنزل الآية فتنقض عملا من أعمال النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى : ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [30] أي : لا ينبغي لنبي أن يكون له أسرى مِن أعدائه حتى يبالغ في القتل; لإدخال الرعب في قلوبهم ويوطد دعائم الدين, تريدون -يا معشر المسلمين- بأخذكم الفداء من أسرى "بدر" متاع الدنيا, والله يريد إظهار دينه الذي به تدرك الآخرة. والله عزيز لا يُقْهر, حكيم في شرعه[31] .

    و مما ينفي أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم أن هناك آيات من القرآن يأمر الله فيها النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول لأتباعه ما لا يمكن أن يقوله لو أنه كان يؤلف القرآن من عند نفسه قال تعالى : ﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ [32] .


    و مما ينفي أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم أن هناك آيات من القرآن نزلت بعد طول انتظار ، ،و لو كان القرآن كلام محمد صلى الله عليه وسلم لما كان هذا الانتظار فعندما اتهم المنافقين عائشة رضي الله عنها بصفوان بن المعطل طال تأخر نزول الوحي ،و قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة : إنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه و نزلت الآيات التي تبرئ السيدة عائشة بعدها بشهر قال تعالى : ﴿ إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات ُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ إلى آخر الآيات.

    و مما ينفي أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم لما تصدُّرت الكثير من الآيات بفعل الأمر (قل) إشارةٌ إلى أن القرآن الكريم متلقى من عند الله تعالى وليس من عند النبي صلى الله عليه وسلم .


    و إن قيل إن القرآن ليس معجزا رغم عجز جميع البشر عن الإتيان بمثله ؛ لأن المعجزة يجب أن تكون صالحة ؛ لأن يتعرف جميع الناس علي جوانب التحدي فيها ؛ لأنّها دليل النبوة التي يراد بواسطتها إثبات النبوة لهم و الجواب أن هذا الكلام يتضمن الاعتراف بأن القرآن معجز إلا إنه يحاول التهرب من ذلك بإعطاء شرط للمعجزة ليس بلازم لها فلا يشترط فهم جميع الناس للشيء المعجز و إدراك جميع الناس للشيء المعجز كي يقال أنه معجز إذ لا يلزم من عدم إدراك الشيء والإحساس به عدم وجوده فالكثير من الناس لا تدرك الجاذبية رغم أنها موجودة ، و كان الناس منذ زمن ليس ببعيد لا يدركون الاتصال من بعيد عبر الهاتف و أصبح الاتصال عبر الهاتف حقيقة و الذي يدرك حجة على من لم يدرك ، و لو اعتمادنا على إدراك جميع الأشخاص لشيء ليصح لما صح كثير من الأشياء و يمكن أن نقول أن طريق إيمان الشخص بالمعجزة كطريق معرفة الشخص بحقائق الكون و سائر العلوم فلا تتوقف علي معرفة الشخص المباشرة بها بل يمكن أن يتحقق عن طريق معرفة ذوي الاختصاص والخبرة من الناس و حين يعجز كبار علماء اللغة عن معارضة القرآن فغيرهم أعجز .


    و إن قيل لا يوجد من هو أبلغ من محمد صلى الله عليه وسلم فيكون عدم وجود من يرد القرآن بلاغيّا راجع لكون القائل و هو محمد صلى الله عليه وسلم أبلغ العرب وليس لكون القرآن من الله تعالى و الجواب أن القرآن لو كان من كلامه صلى الله عليه وسلم لما وجدت آيات كثيرة تنص على أنه رسول و لما وجدت آيات كثيرة تتصدر بفعل الأمر قل و لما نزلت آيات كثيرة بعد طول انتظار و لما وجدت آيات كثيرة تعاتبه و عند مقارنة كلام النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن نجد اختلافا كبيرا و كلام النبي صلى الله عليه وسلم استطاع بعض الناس معارضة بعضه أما القرآن فلم يستطع أحد معارضته .


    و إن قيل لو كان الإتيان بكتاب ما معجزا لعجز البشر عن الإتيان بمثله لكان كتاب إقليدس معجزا و دليلا على نبوته و الجواب أن كتاب إقليدس لا يعجز البشر عن الإتيان بمثله ، ولا يصح فيه هذا التوهم و قد ألف غيره كتبا مثل كتابه أما القرآن فلم يؤلف أحدا كتابا مثله و كتاب إقليدس ليس كتابا خارقا للعادة و ليس المقصود من تأليفه التحدى و دعوى النبوة و عليه فليس كتاب إقليدس معجزا و ليس دليلا على نبوة إقليدس .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


    [1] - يونس الآية 38
    [2] - تفسير الطبري 15/91
    [3] - البقرة من الآية 23
    [4] - البقرة من الآية 23
    [5] - الطور من الآية 34
    [6] - يونس من الآية 38
    [7] - الإسراء من الآية 88
    [8] - تفسير الواحدي 1/102 بتصرف يسير
    [9] - تفسير السمعاني 2/384
    [10] - الطور الآيات 33 – 34 وَ التَّقَوُّلُ يُرَادُ بِهِ الْكَذِبُ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَعْنًى لَطِيفٍ وَهُوَ أَنَّ التَّفَعُّلَ لِلتَّكَلُّفِ وِإِرَاءَةِ الشَّيْءِ وَهُوَ لَيْسَ عَلَى مَا يُرَى يُقَالُ تَمَرَّضَ فُلَانٌ أَيْ لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا وَأَرَى مِنْ نَفْسِهِ الْمَرَضَ وَحِينَئِذٍ كَأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ كَذِبٌ تفسير الرازي 28/214
    [11] - تفسير الطبري 22/481
    [12] - بحر العلوم 3/354
    [13] - ال عمران من الآية 144
    [14] - الأحزاب الآية 40
    [15] - محمد الآية 2
    [16] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2542
    [17] - رواه مسلم في صحيحه رقم2542
    [18] - رواه البخاري في صحيحه
    [19] - رواه البخاري في صحيحه
    [20] - رواه أبو يعلى في مسنده و الطبراني في التاريخ الكبير و حسنه الهيثمي
    [21] - رواه البخاري في صحيحه
    [22] - رواه مسلم في صحيحه
    [23] - رواه البخاري في صحيحه
    [24] - رواه مسلم في صحيحه
    [25] - العنكبوت الآية 48
    [26] - التفسير الميسر
    [27] - يونس الآية 16
    [28] - التفسير الميسر
    [29] - عبس الآية 1 - 3
    [30] - الأنفال الآية 67
    [31] - التفسير الميسر
    [32] - الأحقاف الآية 9

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي فساد قول الملاحدة لا دليل على صدق الرسل

    فساد قول الملاحدة لا دليل على صدق الرسل







    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


    أما بعد :



    فيقول الملاحدة هداهم الله لا دليل على صدق الرسل فالمعجزات التي أتوا بها لا تستلزم أن تكون بتأييد من الله فشأنها شأن خوارق النفس البشرية كالقدرة على الرؤية من وراء حجاب أو من وراء حاجز، و الإخبار بما هو مكتوب في مكان ما دون علم سابق و خوارق التنويم المغناطسي .


    و كلام الملاحدة ينم عن جهلهم الفرق بين المعجزة و الأمر الخارق للعادة فالمعجزة هي أمر خارق لعادة غير الأنبياء سالم من المعارضة يظهر على يد مدعي النبوة على وجه يعجز المنكرون عن الإتيان بمثله ، و قلنا أمر خارق لعادة غير الأنبياء أي لم يعتد البشر أن يأتي مثله على يد رجل ليس بنبي[1] ، و قلنا سالم من المعارضة أي لا يستطيع أحد أن يعارضه بأن يأتي بمثله ولا تكون المعجزة مما يقدر أحد على معارضتها و قلنا على يد مدعي النبوة؛ لأن المعجزات لا تكون إلاّ للأنبياء ، فاختصاصها بالنبي وسلامتها عن المعارضة شرط فيها بل وفي كل دليل فإنه لا يكون دليلا حتى يكون مختصا بالمدلول عليه ولا يكون مختصا إلا إذا سلم عن المعارضة .


    و أي أمر خارق للعادة و يمكن أن يعارض و أن يؤتي بمثله فليس بمعجزة و أي أمر خارق للعادة يظهر على غير نبي فليس بمعجزة إذ يستحيل ظهور أمر خارق للعادة مع دعوى النبوة ،و يكون مدعيها كاذب فالتأييد بالمعجزة مع دعوى الرسالة إن لم يكن مدعيها نبي فهذا تأييد من الله لمدعيها الكاذب و هذا لايجوز في حق الله ،فتحتم أن يكون ظهور المعجزة مع دعوى الرسالة دليل على صدق النبوة .


    و جنس معجزات الأنبياء خارجة عن مقدور البشر وعن مقدور جنس الحيوان وأما خوارق غير الأنبياء فإنها من جنس أفعال البشر و الحيوان و الجن و يقدر بعض البشر على فعلها و على الإتيان بمثلها فسحر الساحر يمكن لغيره من السحرة أن يأتي بمثله و الطير في الهواء يمكن لكثير من الطيور فضلا عن أن بعض السحرة بالاستعانة بالجن يمكن أن يفعلوا ذلك[2] و التنويم المغناطيسي يمارسه كثير من الأشخاص فيمكن للممارس أن يأتي بمثل ما أتى به ممارس آخر و الإخبار بشيء من الغيب قد يكون من الكهانة و إلقاء الشياطين[3] أو يكون من الفراسة و التخمين فهناك أشخاص يخبرون بالكائنات قبل وقوعها فراسة و تخمينا و ليس إطلاعا على الغيب .


    و الدليل على صدق النبوة ليس محصورا في المعجزات فقط فمن أدلة صدق النبوة نصر الله مدعي النبوة فالله لا يؤيد مدعي الكذب و قد اتفقت الكتب والشرائع على أنّ الله جل وعلا لا يؤيّد الكذّاب عليه، بل لا بُدّ أن يظهر كذبه، وأن ينتقم منه، و لو أن حاجب الأمير قال للناس :إن الأمير قد أمركم بفعل كذا وكذا . فإن الناس يعلمون أنه لا يتعمد الكذب في مثل هذا وإن لم يكن بحضرته ، فكيف إذا كان بحضرته ، والله لا يغيب عنه شيء .


    و من أدلة صدق النبوة سيرة مدعي النبوة فشتان بين سيرة الصالح و سيرة الطالح و سيرة العابد و سيرة الفاسق و كل إناء بما فيه ينضح و مهما أخفى الشخص شخصيته في أوقات فلن يخفيها في أوقات أخرى و أخلاق الإنسان شاهدة عليه إذ الخُلق هيئة راسخة بالإنسان لا تنفك عنه فلا يستطيع من شيمته الكذب أن يكذب تارة ويصدق تارة، ومن اعتاد الصدق حتى اشتهر به بين الناس وصار علمًا عليه فلا يكذب على الله سبحانه وتعالى إذ كيف لا يكذب على الناس و يكذب على رب الناس، و الأخلاق الحسنة والفضائل العليا مع دعوى الرسالة لدليل على صدقها فالكاذب تفضحه أخلاقه وتكشفه جرائمه، أما النبي الصادق فتلوح عليه علامات الصدق وتزينه الأخلاق الحسنة ويجافيه سيئها،ومن المعلوم ضرورة أنه لا يمكن لرجل كاذب، مداوم على الكذب، ويدعي كل يوم أنه أتاه وحي جديد من الله تعالى، ومع هذا لم يستطع أحد أن يلاحظ ذلك عليه ويعرف حقيقته ، فإنه من كان في قلبه خلاف ما يبطن فلا بد أن يزل، وأن تعرف حقيقته بفلتات لسانه ولحن قوله والنبوة إنما يدعيها أصدق الصادقين، أو أكذب الكاذبين، ولا يلتبس هذا بهذا إلا على أجهل الجاهلين، بل قرائن أحوالهما تعرب عنهما، وتعرف بهما، والتمييز بين الصادق والكاذب له طرق كثيرة فيما دون دعوى النبوة، فكيف بدعوى النبوة .

    و من أدلة صدق النبوة و الرسالة ما جاء به النبي و الرسول من شرع شامل لكل جوانب الحياة يهذب النفس و البدن ، و من عرف ما جاء به الرسل من الشرائع وتفاصيل أحوالها، تبين له أنهم أعلم الخلق، وأنه لا يحصل مثل ذلك من كذاب جاهل، وأن فيما جاؤوا به من الرحمة والمصلحة والهدى والخير، ودلالة الخلق على ما ينفعهم ومنع ما يضرّهم، ما يبين أنه لا يصدر إلا عن راحم بر يقصد غاية الخير والمنفعة للخلق .

    و من أدلة صدق النبوة و الرسالة التبشير بالنبي و التبشير برسالته في الكتب السماوية السابقة لرسالته فالله كما يؤيد الرسل بالآيات و المعجزات يؤيدهم بالتبشير بهم بالبشارات السابقة على النبوة و تلك البشارات وحي من الله تعالى أنزله على الأنبياء السابقين لهم، بأوصاف محددة لتكون حجة على الناس أن يتبعوهم إذا بعثوا .

    و نخلص من هذا الكلام أن ظهور بعض الخوارق لبعض الناس ليس دليلا على عدم دلالة معجزات الأنبياء على صدق نبوتهم للفارق بين معجزات الأنبياء و خوارق العادات لغير الأنبياء فمعجزات الأنبياء لا تعارض و لا يمكن أن يأتي بها غير نبي أما خوارق العادات لغير الأنبياء فتعارض و ظهورها على يدي شخص لا يمنع أن تظهر على يد غيره أضف إلى ذلك أن أدلة صدق النبوة ليست محصورة في المعجزات فتأييد الله للرسل ليست فقط بظهور المعجزات على أيديهم فالله كما يؤيدهم بظهور المعجزات يؤيدهم بالنصر و يعينهم على نشر دينهم و حال الأنبياء و أتباعهم مخالف لحال غيرهم فشتان بين سيرة الأنبياء و أتباعهم و سيرة غيرهم و شتان بين ما يأمر به الأنبياء و أتباعهم و غيرهم ممن ليس نبيا و لا متبعا و الأنبياء و أتباعهم لا يأمرون إلا بالعدل وطلب الآخرة وعبادة الله وحده وأعمالهم البر والتقوى بخلاف غيرهم يأمرون بالشرك والظلم ويعظمون الدنيا وفي أعمالهم الإثم والعدوان و الأنبياء و الرسل تبشر بهم الكتب السماوية السابقة لهم .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - و إن كانت المعجزات معتادة للأنبياء فهي لا توجد لغيرهم فمعجزات الأنبياء غير معتادة لغيرهم، بل خاصة بهم, لأن ما يؤيد الله به رسله من المعجزات خارج عن السنن الكونية ومقدور الثقلين، والسحر والكهانة لا تخرج عن كونها مقدورة لهم، لأنها لا تخرج عن السنن الكونية، فلا يمكن أن يكون المقدور عليه من جنس غير المقدور عليه .
    [2] - الساحر يأتي بخوارق، لكن هل يعجز عنها مثله؟ لا، بل قد يأتي شخص آخر متعلم للسحر ويفعل أكثر مما فعل، فالسحرة يعرفون طرائق بعضهم، ويستطيع الساحر أن يبطل فعل الساحر أو أن يأتي بما يضاهيه، ولهذا ظن السحرة أن ما جاء به موسى -صلى الله عليه وسلم- من السحر فجاءوا بسحرٍ عظيم لإبطال معجزة موسى -صلى الله عليه وسلم- ( الإعجاز العلمي و العددي في القرآن للشخ خالد السبت )
    [3] - بأن يسترق الجني الكلمة من كلام الملائكة فيلقيها في أذن الكاهن ، فيكذب معها مائة كذبه ، فيصدقه الناس بسبب تلك الكلمة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •