الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين
أما بعد :
فيتسائل بعض الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟ ، و مقتضى العدل أن الله لا يعاقب امرأة عفيفة صالحة بفساد و جرم أحد محارمها إذ كيف يبتلي الله المجرم بأن ينتهك عرض أحد محارمه التي لا علاقة لها بالزنى ،و الجواب أن الله عدل يأمر بالعدل قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[2] ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله »[3] .
و مقولة من يزني لا بد أن يزنى بأحد محارمه لا دليل عليها بل يتنافى مع الأصل المقرر في القرآن أن لا أحد يؤخذ بذنب غيره قال تعالى : ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾[4] و عليه فلم يقدر الله أن من يزني يزنى بأهله .
و لعل الملاحدة أخذوا بحديث : « من زنى زني به و لو بحيطان داره » ، و هذا الحديث لا يصح فقد ذكره السيوطي في جامع الأحاديث ، و قال : ( أخرجه الديلمي ، و ابن النجار ، ووهاه عن أنس ، و فيه الحارث بن عبد المختلط واه )[5] و قال الألباني : موضوع[6] ، و على التسليم بصحته تنزلا معهم فيكون الحديث معناه أن الرجل الذي يقع في الزنا ويصر عليه يكون من أهل الفسق والفساد ، فيسري هذا الفساد إلى أهله ، لأن المخالطة تؤثر فالمرء على دين صاحبه و على هذا يكون لا تعارض بين الحديث و الآية ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ .
و حتى لو سلمنا جدلا و تنزلا بأن الزاني يزنى بأهله عقابا فيكون زنى أهله ابتلاءا لهم و اختبارا فلا ظلم لهم و عليه يحمل الحديث الضعيف : « عُفوا تعف نساؤكم »[7] و الدنيا ليست دار سعادة و فرح بل دار ابتلاء و اختبار ،و للرب أن يمتحن عباده بما يشاء و هو ليس ظالما لهم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
[1] - النحل الآية 90
[2] - الكهف من الآية 49
[3] - متفق عليه
[4] - الأنعام من الآية 164
[5] - جامع الأحاديث للسيوطي حديث رقم 22319
[6] - السلسة الضعيفة 2 / 154
[7]- رواه الحاكم في المستدرك و ضعفه الذهبي و أبو حاتم العلل 1/412