تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 82

الموضوع: جامع الردود على بعض مزاعم الملاحدة سلسلة متجددة

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة باستحالة الحياة الآخرة و بقاء الروح بعد الموت

    الرد على زعم الملاحدة باستحالة الحياة الآخرة و بقاء الروح بعد الموت







    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

    أما بعد :
    فيزعم الملاحدة هداهم الله باستحالة الحياة الآخرة و بقاء الروح بعد الموت و برروا ذلك أن الخلود لو كان هو المصير الذي تنتصر فيه النفس بعد الموت ، فما السبب في عجز النفس عن أن تشغل لها حيزاً إلى جانب الجسد في هذه الحياة الدنيا ؟

    و الجواب أن لا علاقة بين استقلال الروح عن الجسد في الحياة الدنيا و بين بقاء الروح بعد الموت و قد اقتضت حكمة الله أن تكون الروح بداخل الجسد لا مفارقة له في الحياة الدنيا ، وليس معنى عدم وجود الروح منفصلة عن الجسد في الحياة الدنيا أن الروح لا يمكن أن توجد بعد موت الشخص فالذي خلق الروح في الجسد قادر أن يبقي الروح بعد موت الجسد .

    و إن قالوا لا نتصور بقاء الروح بعد الموت و الحكم على الشيء فرع عن تصوره فالجواب عدم تصوركم بقاء الروح بعد الموت لا يعني امتناعه في نفسه، فقد تعجز العقول عن تصور أمور كثيرة كعجزها عن تصور حقيقة العقل رغم أنه داخلنا ولا يمكن أن نفكر بلا عقل و عجزها عن تصور حقيقة الروح رغم أنها بداخلنا ، فإذا كان هذا الشأن في معرفة أقرب الأشياء من الإنسان وألصقها به، فهل يطمع الإنسان أن يخضع بعقله أفعال الله سبحانه لقوانين البشر وقدراتهم و الشيء الذي لا نشاهده في الواقع الحسي لا يلزم عقلاً أن يكون غير ممكن الوجود ، فعدم الوجود لا يدل على استحالة الوجود .




    و إنكارهم الحياة الآخرة و البعث باطل فمن بدأ الخلق من العدم فهو قادر على إعادة الخلق بعد أن يكونوا ترابا و بداهة من قدر على الإبداء قدر على الإعادة من باب أولى ، و لو كان الله عاجزاً عن الإعادة بعد الموت لكان عن الإبداء أعجز وأعجز قال تعالى : ﴿ و َضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾[1] فاحتج تعالى بالإبداء على الإعادة ، و بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة .

    و قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾[2] و قوله : (أهون) هذا بالنسبة للبشر فالآية متوجهة لجميع المخاطبين على حسب فهمهم ، فيكون الهون بالنسبة للبشر لا لله ؛ لأن الإعادة أسهل عندهم من الإبتداء أما بالنسبة لله تعالى فإن كلا الأمرين هين عليه تعالىلا؛ فلا فرق بين الأمرين .

    و من أدلة البعث أن من يقدر على إحياء الأرض بعد موتها , يقدر أيضاً على بعث الأجساد بعد موتها قال تعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير[3] أي : ومن علامات وحدانية الله وقدرته : أنك ترى الأرض يابسة لا نبات فيها، فإذا أنزلنا عليها المطر دبَّت فيها الحياة , و تحركت بالنبات, و انتفخت و علت , إن الذي أحيا هذه الأرض بعد همودها, قادر على إحياء الخلق بعد موتهم, إنه على كل شيء قدير, فكما لا تعجز قدرته عن إحياء الأرض بعد موتها, فكذلك لا تعجز عن إحياء الموتى[4] .

    و من أدلة البعث أن من قدر على خلق السموات و الأرض و هما في غاية العظم قادر من باب أولى على إعادة خلق الإنسان قال تعالى : ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[5] فمن قدر أن يخلق هذه السموات على ارتفاعها وعظمتها, وهذه الأرض على اتساعها و تنوعها كان أقدر على أن يحيي عظاماً قد صارت رميماً ، فيردها إلى حالتها الأولى .

    و إن قال الملاحدة كيف يحيى الله الإنسان من جديد بعد أن يضمحل و يتلاشى بدنه فيستحيل إعادة الإنسان بعد أن يصير عدما ؟ و الجواب أن الملاحدة هداهم الله يعتقدون بأن حقيقة الإنسان هي عبارة عن هذا البدن المادي الذي يتلاشى وينعدم بالموت، وإذا ردت له الحياة من جديد بعد الموت، فهو إنسان آخر لا هو عين الأول ، لأن إعادة المعدوم أمر محال .

    و هذا لجهل الملاحدة أن المعاد ليس من باب إعادة للمعدوم ، بل عودة الروح الموجودة إلى الجسد المادي مره أخرى فالبعث إعادة و ليس تجديدًا إعادة لما زال و تحول ؛ فإن الجسد يتحول إلى تراب ، و العظام تكون رميما ؛ يجمع الله تعالى هذا المتفرق ، حتى يتكون الجسد ، فتعاد الأرواح إلى أجسادها ، و أما من زعم بأن الأجساد تخلق من جديد ؛ فإن هذا زعم باطل بنص القرآن قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾[6] .

    الملاحدة جهلوا حقيقة الإنسان أنها من روح وبدن , و أن الروح باقية لا تنعدم , و إنما كانت متلبسة بالبدن ثم تفارقه عند الموت , و أما البدن فأنه لا ينعدم و إنما يتحلل إلى عناصره بعد أن كان مركباً والتحلل إلى العناصر الأصلية لا يسمى عدماً. فلو فرضنا أن هناك مهندس فكك السيارة بصورة تامة إلى أجزائها الأولية ثم أعاد تركيبها فهل هذا يسمى عدماً للسيارة ؟! فتحصل لدينا أن الموت لا يعني عدم الإنسان أما الروح فهي باقية,وأما البدن فهو يتحلل إلى عناصره ولا تنعدم هذه العناصر.

    و إذا قيل : ربما تأكل السباع الإنسان ، و يتحول جسمه الذي أكله السبع إلى تغذية لهذا الآكل تختلط بدمه ولحمه وعظمه وتخرج في روثه وبوله فكيف يعاد هذا الجسد ؟ و الجواب : أن الأمر هين على الله ؛ يقول للشيء كن فيكون ، و يتخلص هذا الجسم الذي سيبعث من كل هذه الأشياء التي اختلط بها ، وقدرة الله عز وجل فوق ما نتصوره ؛ فالله على كل شيء قدير .

    و إذا قيل البدن الذي يتلاشى و يضمحل يفقد قابليته و استعداده للحياة و وقوع العودة فعلا و خارجا مشروط بقابلية البدن لتلك العودة و الجواب أن النظام الذي نشاهده في عالم الدنيا، ليس هو النظام الوحيد الممكن ، والشروط والأسباب التي نعرفها من خلال مشاهداتنا وتجاربنا ليست هي الأسباب والعلل الوحيدة و الإيمان بالبعث إيمان بأمر غيبي و الأمور الغيبية لا تخضع للتجارب التي نخضع لها ظواهر هذا الكون المادّية .

    و سر إنكار الملاحدة البعث الجهل و القول بغير علم مما أوقعهم في قياس عالم الغيب على عالم الشهادة و إخضاع عالم الغيب للتجارب و قياس فعل رب الخلق على فعل الخلق و قد قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾[7] .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



    [1] - يس الآية 78 - 79
    [2] - الروم من الآية 27
    [3] - فصلت الآية 39
    [4] - التفسير الميسر
    [5] - الأحقاف الآية 33
    [6] - الروم من الآية 27
    [7] - الإسراء الآية 36

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة باستحالة إثبات وجود الله

    الرد على زعم الملاحدة باستحالة إثبات وجود الله




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة هداهم الله أن وجود الله حتى يثبت واقعاً لابد أن يثبت بدليل تركيبي ،و القضايا التركيبية فقط هي التي تصف الحقيقة و القضايا التركيبية تحتاجإلى معرفة بالعالم و تعتمد علي المشاهدة و التجربة فقط و لأنه لايوجد ظاهرةفوق طبيعية أو غير مادية في العالم تثبت وجود الله فإن إثبات وجود الله مستحيل هكذا سولت لهم عقولهم المريضة .


    و القضايا التركيبية عبارة عن قـضـايـا يـضـيـف مـحـمـولـهـا ( ما نخبر به عن الشيء ) إلـى مـوضـوعـهـا ( الشيء الذي نخبر عنه ) شـيـئـا جـديـدا غـيـر مـتـضـمـن فـيـه مثل (طـول الـسـبـورة أربـعـة أمـتـار) و ( الـكـتـاب قـديـم ) ... فـالأربـعـة أمـتـار فـي الـمـثـال الأول لـيـسـت صـفـة جـوهـريـة لـلـسـبـورة، بـل هـي صـفـة زائـدة إذ قـد تـكـون الـسـبـورة أقّـل أو أكـثـر طـولا و مـع ذلـك تـبـقـى سـبـورة و قديم في المثال الثاني ليست صفة جوهرية للكتاب فقد يكون الكتاب جديدا و مع ذلك يبقى كتابا .

    و الجواب وجود الله أمر بديهي لا يحتاج إلى إثبات و أوضح من أن يُبَرهن كما أن دلالة الفعل على الفاعل لا تحتاج أن تبرهن أو يدلل عليها و كما أن دلالة الأثر على المؤثر لا تحتاج أن تبرهن أو يدلل عليها .

    و الدليل يُطلب في المسائل التي لا تدرك بداهة، أمّا الأمور التي تدرك بداهة فلا نحتاج فيها إلى دليل، بل الدليل ينتهي عند الأمور البدهية، ولولا البدهيات لما أمكن تقديم الدليل، لأنّ الدليل يتسلسل حتى يستقرّ مستنداً إلى بدهية .

    و هذا الكون وجد بعد أن لم يكن فلابد أن يكون له موجد أوجده .

    و الحياة في المخلوقات الحية دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحياة للمخلوقات الحية ؟

    و العقل في المخلوقات العاقلة دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب العقل لهذه المخلوقات ؟

    و الحكمة في المخلوقات الحكيمة دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحكمة لهذه المخلوقات ؟

    و البصر في المخلوقات ذي البصر دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب البصر لهذه المخلوقات ؟

    و السمع في المخلوقات التي تسمع دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب السمع لهذه المخلوقات ؟

    و الضحك في المخلوقات التي تضحك و تبكي دليل على وجود خالق له فمن الذي وهبه لهذه المخلوقات ؟

    و لا يصح القول بأن المادة أو الطبيعة هي الخالقة فهي ليست حية و ليست عاقلة و ليست حكيمة و ليست سميعة و ليست بصيرة .

    و كل أثر فهو بحاجة إلى مؤثر و احتياج الأثر إلى مؤثر يمثل محمول قضية : كل أثر فهو بحاجة إلى مؤثر و هذا المحمول يدركه العقل بنحو تلقائي من تحليل مفهوم الموضوع وهو كلمة ( الأثر). فالأثر يعني الشيء الذي يحتاج الى مؤثر و احتياج الكون لخالق من هذا الباب .

    و إن قيل هذا الكلام مبني على التشابه بين الكائنات الطبيعية و المصنوعات البشرية ، لكن هذا التشابه بمجرده لا يكفي لسحب و تعْدِيَة حكم أحدهما إلى الآخرلاختلافهما ، فإن مصنوعات البشر موجودات صناعية ، بينما الكون موجود طبيعي ، فهما صنفان لا تناسب بينهما ، فكيف يمكن أن نستكشف من أحدهما حكم الآخر وصحيح أننا جربنا مصنوعات البشر فوجدناها لا توجد الا بصانع عاقل، ولكننا لم نجرب ذلك في الكون ؟ والجواب أن لا فارق بين الأحداث التي تكون في الطبيعة أو التي يفعلها الانسان من حيث السببو العلة .


    و دليل السببية دليل عقلي لا يخضع للتجربة و عليه فيصح فيه قياس الشاهد على الغائب .

    و محل الدليل هو وجود أثر و الأثر يفتقر إلى مؤثر و هو متحقق في جميع المخلوقات كما أنه متحقق في المصنوعات البشرية فلا يجوز التفريق بينهما وهما متماثلان في هذه الوجهة و إنما اختلفا فيغير محل الدليل أي وجه التشابه أو الربط الذي سوغ القياس بين الكائنات الطبيعية و المصنوعات البشرية هو البديهة العقلية القاضية بأن الأثر لا بد أن يكون له مؤثر و الفعل لا بد له من فاعل و لا يلغي البديهة العقلية التي بيناها أن هذا طبيعي و هذا صناعي ، فالفارق الذي ذكر غير مؤثر في الحكم .

    و إذا كان أصغر شيء مصنوع في الكون يستحيل أن يكون بلا صانع فكيف يصح أن يقال هذا الكون بأكمله بلا خالق ؟!!!


    و هناك أسئلة تدور في ذهن الإنسان و تلح على الإنسان في داخله لا يستطيع دفعها عن أصل الوجود و نهايته وسببه، وعن الموت وأسراره، وعن الروح وأسرارها مما يدل على وجود فطرة كافية في النفوس تبرز هذه الأسئلة عن الإله والوجود فمن الذي فطر النفوس على إبراز هذه الأسئلة عن الإله ؟!

    وقد لاحظ العلماء أن جميع الأمم التي درس علماء تاريخ الأديان تاريخها اتخذت معبودات تتجه إليها وتقدَّسها، و لا يوجد عَلَى الإطلاق في أي عصر من العصور ، و لا في أي أمة من الأمم مجتمع بلا دين و لا بلا إله معبود ، حقاً كَانَ أو باطلاً فهناك اتجاه فطري إِلَى أن يكون هناك دين ، و إله معبود فمن الذي فطر البشر على الإيمان بوجود إله ؟!

    و كم من شخص دعى الله فاستجيبت دعوته و هذا الأمر مشهود في كل الأزمان و كل العصور فمن الذي استجاب دعاء الشخص ؟!!

    و كم من شخص مريض شفي من مرضه و آخر مريض بنفس المرض لم يشف من مرضه رغم أنه أخف من الأول فمن الذي شفى هذا و لم يشف هذا ؟!!

    و قولنا الله موجود لا تدل على أكثر من الإخبار عن أمر بديهي و إنكار وجود الله يؤدي إلى تناقض لذلك فهي من جنس القضايا التحليلية لا القضايا التركيبية و القضايا التحليلية هـي الـتـي يـكـون مـحـمـولـهـا ( ما يخبر به ) تـكـرارًا أو تـحـلـيـلا لـموضـوعـهـا ( ما يخبر عنه ) ، ولا يـضـيـف إلـيـه شـيـئـا جـديـدا كـقـولـنـا :
    (الأب رجـل لـه ابـن ) أو ( الـمـثـلـث شـكـل هـنـدسـي ) أو (الـجـسـم مــتـدّ ) أو( 5 = 3 + 2 ) أو = ( أ + ب ) ( أ - ب ) .

    و القرءان الكريمالذي بين أيدينا يثبت وبدون شك عند تفحصه و مقارنته بكلام البشر أنه ليس من كلامهم و في الوقت ذاته فهو رسالة من خالق هذا الكون لنا يبلغنا فيه أنه خالقنا ويبلغنا فيهعن صفاته فإن لم يكن هناك خالق فمن أرسل بهذه الرسالة ؟ وإذا كان هناك خالق آخرفلماذا لم يتفضل بإبلاغنا عن وجوده؟!


    و إن قيل لو كان وجود الله بديهيا لما أنكر وجوده أحد ؟
    و الجواب رغم أن وجود الله أمرا بديهيا إلا أن البعض أنكر وجوده بسبب شبهات و مؤثرات خارجية تجعله يغفل أو ينكر هذه البديهة فقد تختلج شبهة في الذهن تسبب مشكلة للإنسان، فيظن أنَّ هذا الضروري الواضح ليس بضروريٍ ، مثلاً استحالة اجتماع النقيضين من البديهيات الأوليَّة، بل هي أساس جميع البديهيّات - كما سيتَّضح - ولكن ربَّ شبهة تشكك في هذا البديهي، فيتصوَّر البعض أنّه من الممكن اجتماع النقيضين كما لو توهَّم أنَّ بين النور والظلمة حالةً ليست من الظلمة وليست من النور! و و البديهي بديهيٌ على أي حال .

    و من أثر عنه إنكار و جود الله في البشر قليلون جداً على مرّ التاريخ مقارنة مع من يثبت وجوده ، و هذه القلة على قسمين :
    أحدهما : قسم ينكر وجود الله ظاهراً فقط ، مع إيمانه بخلاف ذلك في قرارة قلبه و أشهر هؤلاء : فرعون موسى وأمثاله .
    قال الله تعالى في حقهم : ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْ َا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً [1] .
    الثاني : قسم آخر هو في الحقيقة معترف بوجود صانع مدبر خالق ظاهراً و باطناً ، غير أنه يحيل ذلك إلى الطبيعة أو غيرها، مما يدل على وجود علوم أولية بديهية مشوبة بالشبهات و المؤثرات الخارجية .

    و إن قيل نفوس العقلاء تتطلع إلى الاستدلال على وجود الله فلو كان أمرا بديهيا لما تطلع للاستدلال عليه :
    و الجواب الاستدلال على وجود الله رغم بداهته من باب تعدد الأدلة ،وتعدد الأدلةيزيد في التصديق، واليقين، والمعرفة .
    .

    و الإقرار والاعتراف بالخالق فطري و ضروري في نفوس الناس، وإن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته و ما يجعله يغفل عن الأمور البديهة حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة .

    و زعم الملاحدة أن وجود الله حتى يثبت واقعاً لابد أن يثبت بدليل تركيبي و القضايا التركيبية هي فقط التي تصف الحقائق نتيجة عدم اعترافهم بمعارف عقلية ضرورية سابقة على التجربة و اعتبارهم التجربة الأساس الوحيد للحكم الصحيح و لذلك حددوا طاقة الفكر البشري بحدود الميدان التجريبي ، و أصبح من العبث كلّ بحث ميتافيزيقي أو دراسة لمسائل ما وراء الطبيعة ، على عكس المذهب العقلي تماماً .

    و الجواب عن هذه الشبه أن مقولتكم : أن أساس المعرفة القضايا التركيبية و للحكم على الأشياء لابد من التجربة إن كانت خطأ سقط المذهب التجريبي بانهيار قاعدته الرئيسية ، وإن كانت صواباً صحّ لنا أن نتساءل عن السبب الذي جعلكم تؤمنون بصواب هذه القاعدة ، فإن كنتم قد تأكّدتم من صوابها بلا تجربة فهذا يعني : أنّها قضية بديهية وأنّ الإنسان يملك حقائق وراء عالم التجربة ، وإن كنتم قد تأكّدتم من صوابها بتجربة سابقة فهو أمر مستحيل ; لأنّ التجربة لا تؤكّد قيمة نفسها .

    و بمقولتكم : أن أساس المعرفة القضايا التركيبية و للحكم على الأشياء لابد من التجربة لن تستطيعوا الحكم باستحالة شيء أو بالضرورة شيء آخر ومع سقوط مفهوم الإستحالة يكون التناقض ممكناً ومع إمكانه تنهار العلوم .

    و هناك عدّة أشياء لم تكشف التجربة عن وجودها ، بل دلّت على عدمها في نطاقها الخاصّ ، ومع ذلك فنحن لا نعتبرها مستحيلة ، ولا نسلب عنها إمكان الوجود كما نسلبه عن الأشياء المستحيلة ، فكم يبدو الفرق جليّاً بين اصطدام القمر بالأرض ، أو وجود بشر في المرّيخ ، أو وجود إنسان يتمكّن من الطيران لمرونة خاصّة في عضلاته من ناحية ، وبين وجود مثلّث له أربعة أضلاع ، ووجود جزء أكبر من الكلّ ، ووجود القمر حال انعدامه من ناحية اُخرى . فإنّ هذه القضايا جميعاً لم تتحقّق ولم تقم عليها تجربة ، فلو كانت التجربة هي المصدر الرئيسي الوحيد للمعارف لماصحّ لنا أن نفرّق بين الطائفتين ; لأنّ كلمة التجربة فيهما معاً على حدّ سواء ، وبالرغم من ذلك فنحن جميعاً نجد الفرق الواضح بين الطائفتين : فالطائفة الاُولى لم تقع ولكنّها جائزة ذاتياً ، وأمّا الطائفة الثانية فهي ليست معدومة فحسب ، بل لا يمكن أن توجد مطلقاً ، فالمثلّث لا يمكن أن يكون له أضلاع أربعة سواءٌ اصطدم القمر بالأرض أم لا . وهذا الحكم بالاستحالة لا يمكن تفسيره إلاّ على ضوء المذهب العقلي بأن يكون من المعارف العقلية المستقلّة عن التجربة .

    و مبدأ العلّية لا يمكن إثباته عن طريق التجربة ، و التجربة لا يمكنها أن توضّح لنا إلاّ التعاقب بين ظواهر معيّنة ، فنعرف عن طريقها أنّ الماء يغلي إذا صار حارّاً بدرجة مئة ، أو أّنه يتجمّد حين تنخفض درجة حرارته إلى الصفر ، وأمّا سببية إحدى الظاهرتين للاُخرى والضرورة القائمة بينهما فهي ممّا لا تكشفها وسائل التجربة مهما كانت دقيقة ومهما كرّرنا استعمالها و إذا انهار مبدأ العلّية انهارت جميع العلوم الطبيعية .

    و الخلاصة أن زعم الملاحدة باستحالة إثبات وجود الله لأن الله لا يثبت إلا بالقضايا التركيبية و القضايا التركيبية تقوم على التجربة والمشاهدة و هذا غير ممكن زعم باطل مبني على أساس أن أساس العلوم هو التجربة و هذا قول فاسد لا أساس له من الصحة و وجود الله أمر بديهي لا يحتاج إلى إثبات .

    هذاوالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






    [1]- النمل الآية 14

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن قانون السببية يؤدي بنا أن نبحث عن سبب وجود الله

    الرد على زعم الملاحدة أن قانون السببية يؤدي بنا أن نبحث عن سبب وجود الله




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة هداهم أن التمسك بقانون السببية , و أن كل موجود له سبب يستلزم السير في القانون إلى نهايته وهو البحث عن سبب لوجود اللهو يقولون إذا كان لا بد لنا من البحث عن علة لكل شيء لوجب إذن أن نبحث عن علة للإله نفسه .


    و الجواب ليس كل شيء محتاج إلى سبب ، بل كل ما هو حادث يحتاج إلى سبب، و لا يحتاج الله إلى سبب ، لأنه تعالىلا ينفكُّ عن الوجود أصلاً ، و لأنهأزلي قديم غير مسبوق بالعدم ، و الحاجة إلى الإيجاد من خصائص الشيء المسبوقبالعدم ، أما لو كان الشيء موجودا في الأزل فلا يحتاج إلى الإيجاد .


    و زعمهم أن البحث عن علة لكل شيء في هذا الكون ، يجرّ إلى البحث عن علة لله نفسه زعم باطل فهو قائم على قياس الله على الكون و الله أزلي و الكون حادث فالقياس فاسد أي هم قاسوا الأبدي واجب الوجود لذاته ، ويستحيل في العقل عدمه ، على الكون الحادث الممكن في العقل عدمه و الممكن في العقل عدمه ووجد بعد أن لم يكن لا بد من البحثِ عن علة انتقاله من العدم إلى الوجود .

    و قاعدة الشيء لا يتحقق بلا علّة تختص بالموجودات الإمكانية التي لا تقتضي في ذاتها وجوداً ولا عدماً؛ إذ الحاجة إلى العلّة، ليس من خصائص الموجود بما هو موجود، بل هي من خصائص الموجود الممكن، فإنه حيث لا يقتضي في حدِّ ذاته الوجود ولا العدم، لا بدّ من علّة توجده، ويجب إنتهاء أمر الإيجاد إلى ما يكون الوجود عين ذاته ولا يحتاج إلى غيره، لامتناع التسلسل إذ التسلسل يقتضي ألا يكون هناك سبب إذ عند التسلسل يتوقف وجود السبب على السبب الذي قبله و الذي قبله على الذي قبله إلى ما لا نهاية فيلزم من هذا التسلسل اللانهائي أن لا سبب للكون ، و هذا مستحيل للظواهر الكونية الدالة على وجود الله مسبب الأسباب و علة العلل ، و الإشتباه نشأ من الغفلة عن وجه الحاجة إلى العلّة وهو الإمكان لا الوجود .

    و كون الله سبب الموجودات لا يستلزم أن يكون له سبب إذ كما لا يتطلّب المعلول دائماً معلولا ينشأ منه فقد تتولّد ظاهرة من سبب ولا يتولّد عن الظاهرة شيء جديد كذلك العلّة لا تتطلّب علّة فوقها ، وإنّما تتطلّب معلولا لها ، و قياس رب الخلق على الخلق قياس فاسد .

    و إذا كان الموجود فى ذاته غنياً عن غيره فى الوجود، فلا معني لإحتياجهِ الى علة تفيضعليه الوجود ما دام غنياً عما سواه فى ذلك إذ الوجود بالنسبة اليه متحقق، و هذا من قبيل عدم احتياج الملح الى ملح حتى يكونمالحاً فما دام هو مالحاً لا معنى لاحتياجه الى الملح، اذ ان امراً كهذا يكون لغواً .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


    __________________

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن المؤمنين بالله هم المطالبون بإثبات وجود الله لا النفاة لوجود

    الرد على زعم الملاحدة أن المؤمنين بالله هم المطالبون بإثبات وجود الله لا النفاة لوجوده





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن المؤمنين بالله هم المطالبون بإثبات وجود الله لا النفاة لوجوده و يعتبرون أن المؤمنين مسئولون عن التدليل على معتقدهم ; لأنّ المؤمنين هم أصحاب الموقف الإيجابي ، أي : يدعون الثبوت ، فيجب عليهم أن يبرّروا موقفهم ويبرهنوا على وجود ما يدّعوه .

    و الجواب أننا لا نسلم أن وجود الله دعوى بل هو أمر فطري و بديهي ، و الله قد فطر الناس على الإيمان بوجوده و لا ينكر وجوده إلا من تدنست فطرته و قد شهد التاريخ على أن الإنسان مخلوق متديّن، ذو ميول طبيعية دينية، حتى أنه لم يوجد شعب في عصر أو مكان بدون ديانة ما، ولا وُجدت لغة في العالم خالية من اسم الله أو ممَّن هو في مقام الله . و بما أن اللغة تعبّر عن أفكار الإنسان وإحساساته يكون ذلك دليلاً على أن شعور الإنسان بوجود الله عميق في قلب الجميع ولا ينقض ذلك أن البعض ينكرون وجود الله، لأن الإنسان يقدر أن يناقض طبيعته إذا أراد ، و ينكر ما هو مغروس فيه من الله لشبهات عنده أو هوى .


    و لو افترضنا إنساناً يولد في الصحراءبعيداً عن تعليم الأهل والمجتمع، ثُمّ يكبر هذا الإنسان حتى يبلغ سنّ الرشد ، فإنّهكما يعرف غرائزه وأحاسيسه، فسيعرف أنّ له ربّاً وخالقاً، خلقه وأوجده من العدم . وكما يعرف أنّه يحتاج إلى الطعام لسدّ جوعه ، وإلى الشراب لإرواء عطشه ، وإلى الجنسلإطفاء شهوته ، وغيرها من الغرائز في ذاته، فإنّه ليعرف كذلك من خلال فطرته بأنّهبحاجة إلى خالق لخلقه، وموجد له يوجده من العدم. أنّه يبحث بذاته ويتساءل: من أينجاء؟ والى أين سيذهب ؟ ، ولماذا هو في هذه الدنيا؟ ولابدّ أن يكون له خالقاً خلقهوكوّنه وأبدعه. فهو يؤمن بوجود خالق يتوجه إليه في حاجاته- وخصوصاًعند الشدائد- بدون حاجة إلى من يعلمه ذلك .

    و فطرية الإيمان باللّه لا تعني بالضرورة أن يكون الإنسان متوجهاً إلى اللّه دائماً ملتفتاً إليه مرتكزاً إيّاه في جميع حالاته وآونة حياته اليومية ، إذ رب عوامل تتسبب في إخفاء هذا الإحساس في خبايا النفس وحناياها وتمنع من تجليه ، وظهوره على سطح الذهن ، وفي مجال الوعي والشعور. و أمّا عند ما يرتفع ذلك الحجاب المانع عن الفطرة فالإنسان يسمع نداء فطرته بوضوح .

    و الإنسان إذا وقع في محنة شديدة لا يبقى في ظنه رجاء المعاونة من أحد ، فهو بأصل خلقته يتضرع إلى من يخلصهمنها ، وما ذاك إلا شهادة الفطرة بالافتقار إلى الصانع المدبر .

    و من أوضح الأدلة على فطرية المعرفةب الله عز وجل والإيمان بوجوده ذلك الدافع القوي الذي يُلجئ الإنسان عند المصائب والمخاطر إلى نداء الله تعالى ، والاستغاثة به كائناً من كان ذلك الإنسان مؤمناً أوغير مؤمن
    ففي الشدة تبدو فطرة الناس جميعاً كما هي في أصلها الذي خلقها اللهعليه ، وعندما تمر المحنة وتأتي العافية والنعمة يعودون إلى مخالفة فطرتهم من جديد، ويندر أن لا يذكر إنسان أمثلة من حياته عاش فيها هذا المعنىقال تعالى :﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّمَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ إِلَى ٱلْبَرّ أَعْرَضْتُمْوَكَانَ ٱلإِنْسَـانُ كَفُورًا .


    ووجود الله أمر بديهي لا يحتاج إلى إثبات و أوضح من أن يُبَرهن كما أن دلالة الفعل على الفاعل لا تحتاج أن تبرهن أو يدلل عليها و كما أن دلالة الأثر على المؤثر لا تحتاج أن تبرهن أو يدلل عليها .

    و الدليل يُطلب في المسائل التي لا تدرك بداهة، أمّا الأمور التي تدرك بداهة فلا نحتاج فيها إلى دليل، بل الدليل ينتهي عند الأمور البدهية، ولولا البدهيات لما أمكن تقديم الدليل، لأنّ الدليل يتسلسل حتى يستقرّ مستنداً إلى بدهية .

    و هذا الكون وجد بعد أن لم يكن فلابد أن يكون له موجد أوجده .
    و الحياة في المخلوقات الحية دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحياة للمخلوقات الحية ؟
    و العقل في المخلوقات العاقلة دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب العقل لهذه المخلوقات ؟
    و الحكمة في المخلوقات الحكيمة دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحكمة لهذه المخلوقات ؟
    و البصر في المخلوقات ذي البصر دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب البصر لهذه المخلوقات ؟
    و السمع في المخلوقات التي تسمع دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب السمع لهذه المخلوقات ؟
    و الضحك في المخلوقات التي تضحك و تبكي دليل على وجود خالق له فمن الذي وهبه لهذه المخلوقات ؟
    و لا يصح القول بأن المادة أو الطبيعة هي الخالقة فهي ليست حية و ليست عاقلة و ليست حكيمة و ليست سميعة و ليست بصيرة .

    و بما أن وجود الله فطريا فلا يحتاج وجود الله إلى دليل فضلا عن إنكار و هل نحتاج دليل على وجود حياتنا ؟!! و هل نحتاج دليل إلى حاجتنا إلى الطعام أو الشراب ؟!! و هل نحتاج دليل على حب العدل و بغض الظالم ؟!!

    و بما أن وجود الله بديهيا فلا يحتاج وجود الله إلى دليل فضلا عن إنكار و هل نحتاج دليل لإثبات أن للقصر باني و لو لم الباني و أن للكتابة كاتب و لو لم نر الكتب و أن للفعل فاعل و لو لم نر الفاعل و أن للصورة مصور و لو لم نر المصور ؟!!

    و على هذا فالملحد غير محق في إنكاره لوجود الله ؛ لأنه يخالف المعلوم بداهة و المعلوم فطرة فكيف يعترض على عدم وجود الله وهو مخالف المعلوم بداهة و المعلوم فطرة ؟!!

    و البينة على المدعي ادعاء يستوجب الدليل إذ الواجب البقاء على الأصل حتى يرد الناقل و من ينقلنا عن الأصل المتقرر بديهة أو عقلا أو فطرة فهو المطالب بالدليل على هذا النقل ولا يحق له مطالبتنا بالدليل المبقي على الأصل ، ولذلك القاعدة : ( الأصل أن الدليل يطلب من الناقل عن الأصل لا من الثابت عليه ) ، فلو لم نعرف الأصل لما عرفنا من الذي يطالب بالدليل ، فإن جاء الناقل ببينة قبلنا قوله وإلا فقوله مردود عليه وهذه من أعظم الفوائد .

    و الملحد خالف الدليل البديهي على وجود الله و الدليل الفطري على وجود الله فهو المطالب بالدليل و ليس من آمن بالله .

    و لو سلمنا جدلا بأن المؤمن بالله مطالب بالدليل على وجود الله ؛ لأنه مثبت فالنافي لوجود الله في الوجود مطالب بالدليل على نفيه من باب أولى ؛ لأنّه لم يجعل وجود الله عنده موضع شكّ ، و إنّما نفى وجود الله نفياً قاطعاً ، والنفي القاطع كالإثبات القاطع يفتقر إلى الدليل و الملحد حين زعم أنّ الله لا وجود له ، ادّعى في هذا الزعم ضمناً أنّه أحاط بالوجود كلّه ، ولم يجد فيه موضعاً لوجود الله ، فلابدّ أن يقدّم دليلا على هذه الإحاطة العامّة ، وتبريراً للنفي المطلق .

    و كيف للملاحدة أن يثبوا خلو الوجود من إله فمن هذا الباب الملاحدة مطالبون ببرهنة صدق نفيهم الذي هو في الحقيقة إثباتٌ وفقالمعاييرهم التي تعتمد على الحواس و لا ترى في الوجود إلا الوجودالحسي المادي .

    و مَثَل الذي يقول أن ليس في الكون إله كمَثَل الذي يقول – بمعايير الملاحدة -: "لا يوجد فيالمدينة المجاورة لنا رجل اسمه فلان " فقوله هذا يثبت في الحقيقة أنه فتشتلك المدينة ركنا ركنا ودخلها بيتا بيتا وجاب كل شوارعها مستفسرا عن أسماء كل منفيها فعرف حينها أنه لا يوجد فيها رجل اسمه فلان و إذا زعم أحد مثل هذاالزعم فإنه بلا شك مطالب بإثبات دعواه .

    و إن قال الملحد لا يوجد شيء فوق الزمان و المكان و فوق الكون و الجواب عدم الوجدان لا يعني بالضرورة عدم الوجود و الجزم بعدم وجود شيء فوق الزمان و المكان و فوق الكون لابد له من دليل و أنى له ذلك و هل لو لم تجد شيء في المكان الفلاني معناه يقينا أن هذا الشيء غير موجود أم قد يكون موجودا و أنت لم تجده ؟ .

    و إذا أراد الملحد أن ينفي وجود الله و أنى له فيجب أن يكون دليله هو العقل ، لا التجربة المباشرة ، خلافاً للمادّية التي درجت على اعتبار التجربة دليلا على مفهومها الخاصّ ، زاعمة أنّ القضايا الغيبية بصورة عامّة لا يمكن إثباتها بالتجربة ، وأنّ التجربة هي التي تردّ على تلك المزاعم ; لأنّها تحلّل الإنسان و الطبيعة ، و تدلّل على عدم وجود أشياء مجرّدة فيهما ; ذلك أنّ التجارب و الحقائق العلمية إذا صحّ للمادّية ما تزعمه : من أنّها لا تقوم دليلا على الاعتقاد الغيبي فهي أيضاً لا تصلح دليلا للنفي المطلق الذي يحدّد الاتّجاه المادّي ومن الواضح : أنّ التجربة لا يمكن أن تعتبر برهاناً على نفي حقيقة خارج حدودها . فالعالِم الطبيعي إذا لم يجد السبب المجرّد في مختبره ، لم يكن هذا دليلا إلاّ على عدم وجوده في ميدان التجربة ، وأمّا نفي وجوده في مجال فوق مجالات التجربة ، فلا يمكن أن يستنتج من التجربة ذاتها .

    نخلص من هذا أن الملاحدة يخالفون الأصل المعلوم بداهة و فطرة بوجود خالق إله و هم المطالبون بالدليل لا غيرهم و قد جزموا بعدم وجود الله وهم لم يحيطوا علما بأنفسهم فضلا عن الكون فضلا عمن فوق الكون و قد قال تعالى :﴿ و َلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [1] .

    هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - الإسراء الآية 36
    __________________

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن العلة الأولى فاعل بالطبع

    الرد على زعم الملاحدة أن العلة الأولى فاعل بالطبع




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


    أما بعد :
    يزعم الملاحدة أن العلة الأولى لايمكن أن تكون إلا فاعل بالطبع و هو ما يعبر عنه العلماء في الوقت الحاضر بأنه الطبيعة أو قوى الطبيعة .

    و الجواب أن وجود مخلوقات عالمة في هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير عالم ؛ لأن من ليس عنده علم لا يهب العلم ففاقد الشيء لا يعطيه .

    ووجود مخلوقات حكيمة في هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير حكيم ؛ لأن من ليس عنده حكمة لا يهب الحكمة ففاقد الشيء لا يعطيه .

    و الكون منتظم لأنه يظهر فيه حسن النظام والتركيب والقصد في كل شيء، فيستلزم وجود كائن ذي علم و إرادة قد نظمه وهو الله لا الطبيعة غير العاقلة و غير العالمة و غير الحكيمة .

    و زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الكون غير صحيح فالطبيعة هي حقيقة هذه الأشياء المخلوقة الموجودة ، فهم بهذا ينسبون هذا الشيء إِلَى نفسه مثل الذي يقول: الإِنسَان خلق الإِنسَان، والطبيعة خلقت الطبيعة و كيف يكون الشيء خالق و مخلوق في نفس الوقت و إنما هي اسم يطلق عَلَى المخلوقات، فمن الذي يخلق المخلوقات؟ .

    و كيف يأتي من الميت الذي يسمونه الطبيعة ، و هي الجبال و الأشجار و ما إِلَى ذلك إيجاد الحياة ، و كيف يتأتي منها الفعل أو التدبير؟[1]

    و الشيء الحادث لا يخلق نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً ؟

    و الشيء المرئي لا يكون منه إلا شيئاً مرئياً لذا المادة لا يمكنها أن تخلق الشيء اللامرئي ، و لا يجوز أن نجعل اللامرئي انعكاساً إلى الشيء المرئي إذ شتان بينهما. و عليه فإن المادة تكون ناقصة قاصرة وعاجزة عن الخلق، و بما أن اللامرئي من الأشياء الحادثة لا يمكنه أن يخلق المرئيات من الأشياء إذن و وفق الاستدلال المنطقي نصل إلى أن الشيء اللامرئي برهان قاطع على وجود الخالق .

    والشيء لا يخلق شيئاً أرقى منه ، فالطبيعة من سماء وأرض ونجوم وشموس وأقمار لا تملك عقلاً ولا سمعاً ولا بصراً، فكيف تخلق إنساناً سميعاً عليماً بصيراً! هذا لا يكون [2].

    سبحان ربي هل الطبيعة اللاعاقلة و اللامريدة أوجدت هذا الانسان العاقلو المريد ؟!!

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



    [1]- شرح العقيدة الطحاوية
    [2]- العقيدة في الله ص 29

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن السببية لا تطبق على الوجود ككل لكن تطبق داخله فقط

    الرد على زعم الملاحدة أن السببية لا تطبق على الوجود ككل لكن تطبق داخله فقط




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


    أما بعد :

    فقد زعم الملاحدة هداهم الله أن السببية لا تطبق على الوجود ككل لكن تطبق داخله فقط فلا يمكن استقراء أن لكل حادث علة و الجواب إن قصدوا بالوجود الوجود المحسوس و هو الكون الذي نعيش فيه فهذا باطل فإذا كان أصغر جزء في الكون يستحيل أن يكون بلا صانع فكيف يصح أن يقال هذا الكون بأكمله بلا خالق ؟!!!

    و إن قصدوابالوجود الوجود المطلق فالوجود المطلق يوجد في الأذهان لا في الأعيان ،و لم يعين الوجود المطلق ولم يخصص، و يتحول هذا الوجود المطلق إلى الحقيقة إذا عين بآحاده فنقول وجود الله ووجود الكون ووجود الإنسان ووجود الطبيعة و مثل لفظ الوجود لفظ الإنسان من الألفاظ المطلقة و لا يوجد هذا اللفظ مطلقا إلا في الذهن أما خارجه فلا يوجد مسمى الإنسان إلا معينا و مقيدا مثلا خالد , محمد ، عمر , عثمان إلخ .

    و قانون العلية قانون عقلي لا قانون حسي نابع من الاستقراء و ليس قانون العلية قاصرا على الكون فحسب فما مادام هناك فعل لابد أن يكون له فاعل سواء في عالمنا أو في غير عالمنا و تخصيص العلية بالكون الذي نعيش فيه فقط تخصيص بلا مخصص و تشذ العوالم الأخرى غير المادية عن قانون العلية، ويبقى هذا القانون سارياً في جميع العوالم .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن السببية لا تصح دليلا على وجود الله لعدم وجودها في الحقيقة

    الرد على زعم الملاحدة أن السببية لا تصح دليلا على وجود الله لعدم وجودها في الحقيقة


    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن السببية لا تصح دليلا على وجود الله لعدم وجودها في الحقيقة فالسببية عندهم عادة ذهنية ترسخت في الذهن عن طريق التكرار ، و ليس لها أصل حسي ، و لا تثبتها التجربة الحسية و ما نسميه بالعلية ماهو إلا اقتران ظاهرتين زمانا ومكانا و هذا الكلام يغني فساده عن إفساده و بطلانه عن إبطاله و الناس منذ أن خلقوا على خلافه حتى الحيوانات على خلافه و القوانين الفيزيائية على خلافه .


    و السببية قانون عقلي لا قانون تجريبي يزاوله الناس في حياتهم أي هذا القانون يطبقه الناس في دنيا الواقع فالناس عندهم الأكل سبب للشبع و شرب الماء سب للإرتواء و النكاح و الجماع سبب لإنجاب الولد و العمل سبب في الحصول على المال و تناول الدواء سبب في حصول الشفاء بإذن الله و النار سبب للحرارة و لو لم يكن هناك ضرورة بين الأكل و الشبع ما أكل الناس ليشبعوا و لو لم يكن هناك ضرورة بين الشرب و الإرتواء ما شرب الناس ليرتووا و من ينكر علاقة الضرورة و السببية بين الأكل و الشبع و الشرب و الإرتواء و غير ذلك عد من المجانيين .

    و جميع العلوم الكونية مبنية على السببية و لذلك لا يمكن للعلوم الاستغناء عن السببية ، و بسقوط السببية تنهار جميع العلوم .

    و عدم اعتبار أصل السببية يؤدي الى عدم الاستدلال، لأن الإثبات والدليل عامل مهم من عوامل قبول النتائج، واذا لم يرتبط الإثبات بالنتائج ، فلا يؤدي الإثبات إلى نتيجة .

    و مبدأ العلية مبدأ ضروري لا يمكن الاستدلال على رده، وذلك لأن الدليل علة للعلم بالشيء المستدل عليه ، و إذن محاولة الاستدلال على رد مبدأ العلية تنطوي على الاعتراف بمبدأ العلية و تطبيقه .

    و لو لم تكن السببية موجودة في الواقع لما أمكن التفكير، ولا تناول الطعام، ولا المشي أيضا و لا الشرب و غير ذلك من أمور الحياة .

    و لو لم تكن السببية موجودة في الواقع لما تمكن العلماء من تفسير الظواهر الكونية .

    و لو لم تكن السببية وجودة في الواقع لما تمكن الأطباء من علاج الأمراض و الوقاية منها .

    و قولهم السببية عادة ذهنية ترسخت في الذهن عن طريق التكرار يبطله الواقع فمن يرى كتابة يعرف أن لها كاتب و لو كانت أول كتابة يراها و من يرى كرسي يعرف أن له صانع و لو كان أول كرسي يراه و لو من يرى لوحة فنية يعرف أن لها فنان و كانت أول لوحة فنية يراها في حياته و حتى الطفل الصغير إذا سمع صوتا انتبه إلي مكانه ليعرف سببه و إذا جاع طلب الطعام .

    و إن قالوا ما نسميه بالعلية ماهو إلا اقتران ظاهرتين زمانا ومكانا فالجواب أن هذا الاقتران لظاهرتين اقتران واقعي فعلي ضروري و ليس مجرد عادة ذهنية فهناك ترابط و عدم انفكاك بين السبب و النتيجة و العلة و المعلول و كلما حدث السبب حدثت النتجة و كلما حدثت العلة حدث المعلول و دون حدوث السبب لا تحدث النتيجة .

    ووجود هذا الكون بعد أن لم يكن لدليل بديهي على وجود مسببه موجده ولا ينكر هذا إلا عديم العقل و منتكس الفطرة هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن الإلتزام بالدين يجعل الإنسان لا يستطيع أن ينظم حياته

    الرد على زعم الملاحدة أن الإلتزام بالدين يجعل الإنسان لا يستطيع أن ينظم حياته



    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن الإلتزام بالدين يجعل الإنسان لا يستطيع أن ينظم حياته ،و إن قصدوا بهذه المقولة كل الأديان ما عدا الإسلام فحق أما إن قصدوا كل الأديان بما فيها دين الإسلام فقد كذبوا و ضلوا و كل من يعرف الإسلام حق المعرفة يعرف أن الإسلام دين النظام و الصلاح و الإصلاح ، وقد نظم حياة المسلم في جميع جوانبها .

    و المسلم الحق يسلم كيانه كله لله و يسلم جميع أموره لخالقه و يجعل حياته كلها لله قال تعالى :﴿ قلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [1] أي كل أعمالي ومقاصدي محصورة في طاعة الله ورضوانه، ، و بينت الآية أن المسلم يجب أن يكون قصده وعمله وكل ما يقدمه من عمل هو لوجه الله تعالى، سواء في أثناء حياته، أو ما يعقبه من عمل صالح بعد مماته، هو لله، وإلى الله، وفي سبيل الله، ولطاعة الله تعالى مما يجعل المسلم لا يعمل إلا العمل النافع .



    والمسلم يمكنه أن يجعل كل حياته لله حتى الأمور الدنيوية البحتة؛ من طعام وشراب وملبس، ولعب ومزاح، وعمل وزواج، وما يلحق به من تعلُّمٍ وغيره من أمور الحياة بأن يحول العادة إلى عبادة؛ بابتغاء وجه الله - تعالى - في كل عمل، على أن يكون هذا العمل مشروعًا، فهو يأكل بنيَّة التقوِّي على عبادة الله، ويلعب بنيَّة الترويح المشروع عن النفس، ويتزوَّج بنيَّة تكوين ذريَّة صالحة تعبد الله من بعده ويعمل، بل يجتهد ويكد في العمل بنيَّة تقدُّم ورقي أُّمَّته، وبناء وطنه، ويتعلم ويعلم الناس، ويفقههم بنيَّة أن يعبدوا الله على بصيرة، فينجوا من عذاب الله يوم القيامة، ويتصدق وينفق قربة إلى الله - تعالى - ويلتزم بحُسن الأخلاق وجميلها، ويبتعد عن المذموم منها بنيَّة الاقتداء بسيِّد البشرية محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو إذا نظر في أي جانب من جوانب حياته، يجد الإسلام قد نظم له هذا الجانب بما يتلاءم مع الشرع الحكيم، فها هو أحد النصارى يتعجب قائلاً لسلمان الفارسي - رضي الله عنه -: عجبت من نبيِّكم هذا! يعلمكم كل شيء حتى الخراءة، كما يعلمكم الآية من القرآن[2].


    و قد نظم الإسلام العلاقات بين الأفراد بعضهم بعضًا، وبين الأفراد وحكوماتهم، وبين الحكومات والحكومات الأخرى، وبين الدول والدول الأخرى حتى آداب ذبح الحيوان و آداب قضاء الحاجة .


    و قد جاء الإسلام ليحكم الحياة من جميع نواحيها دينا و دنيا لا يزيد في جانبٍ على حساب آخر و كما أمر بتزكية الروح و إصلاحها و تهذيبها أمر بنظافة البدن و تجميله و الحفاظ عليه و كما نظم حياة المسلم الدينية نظم له حياته الدنيوية .

    و كما أمر الإسلام بالالتزام بالدين أمر بعدم نسيان الإنسان حظه من الدنيا قال تعالى : ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [3] أي : ولا تترك حظك من لذات الدنيا فى مآكلها، ومشاربها وملابسها فإن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا[4] و من هداية الآية : حلّية الأكل من الطيب والشرب من الطيب واللبس والركوب والسكن من غير إسراف ولا خيلاء ولا كبر[5]

    وليس من الدين الزهد في الدنيا حتى تتركها وتعيش عالة على غيرك، بل الدين يطالبك بالعمل والجد والغنى من طريق الحلال، فإذا جمعت المال فأعط حق الله فيه، ولا تنس نصيبك من الدنيا، أى: تمتع ببعضه بلا إسراف ولا تقتير[6] .

    و قد مر أبو بكر الصديق رضي الله عنه بحنظلة رضي الله عنه فوجده يجلس جنبحائط يبكي .. قال ما يبكيك؟ قال نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذكرناالجنة والنار فكأنا رأي عين فإذا خرجنا من عنده عافسنا الزوجات[7] وعالجنا الضيعات[8] ولاعبنا الأولاد ونسيناكثيرا ثم قال نافق حنظلة فبكي أبو بكر وقال والله إني لأجد الذي تجد انطلق بنا إلىرسول الله صلي الله عليه وسلم أكبر مصيبة أصبنا بها هي فقد رسول الله بابي أنت وأمييا رسول الله لكن عزاؤوك أن بين يديك سنته قال فأتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم: فقلنا : نكون عندك يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين، فإذاخرجنا من عندك عافَسْنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيرا .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «و الذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكرلصافحتكم الملائكة على فرشكم و في طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة و ساعة – وكررها ثلاثا »[9] أي هذه ساعة طاعة و هذه ساعة لترويح عن النفس بفعل شيء من المباحات .




    وفي نظام الأسرة بيَّن الإسلام الأسس التي بها تختار بها المرأة زوجة، وهي: المال والجمال والحسب والدين، ومن يظفر بذات الدين، يكون قد ربح؛ لأن الدين يبقى وينتفع منه المؤمن بالعمل الصالح في الآخرة، أما الأمور الأخرى فتفنى، بل إن الدنيا كلها ستفنى، وبيَّن الإسلام كيف يفرح المسلم بزواجه؛ من لهوٍ مباح وغيره، بعيدًا عن الصخب ولهو الحديث، وبعيدًا عن المظاهر الخليعة والماجنة.

    وحتى لا يظلم الرجل زوجته، ولا تقصِّر المرأة تجاه زوجها، بيَّن الإسلام حقوق كل منهما تجاه الآخر، ولكي يخرج النشء المسلم ذا تربية عالية، وأخلاق رفيعة ورجولة، وضَّح الإسلام وسائل التربية الإسلامية التي يجب اتباعها مع النشء من حين إتيان الرجل زوجته إلى خروج المولود إلى الحياة، ثم كيفية تربيته إلى أن يبلغ أشده بالرعاية والنصيحة، واهتم بالفرد اهتمامًا واسعًا، فبيَّن كيفية إعداد رجال الغد والمستقبل أبناء الأمة الإسلامية، ومن سيحملون لواء الدعوة والجهاد في سبيل الله؛ من خلال المنهج النبوي الذي اتبعه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع هذا الصنف، وفي مجال التعامل مع غير المسلمين أرشدنا الإسلام إلى كيفية التعامل مع الذميين والمعاهدين وغيرهم، ومالهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وما هو النظام الذي يطبق عليهم إذا أخل أحدهم بأحد الواجبات المفروضة عليه، أو ارتكب جريمة ما؟ وما هي الحدود الشرعية في المعاملات بينهم وبين المسلمين في مجال الزواج، والبيع والشراء، والطعام والشراب، وغير ذلك؟[10]



    و* في مجال العمل قال تعالى : ﴿ و َقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون َ [11] أي : فسيرى الله عملكم خيرا كان أو شرا ، فيجب عليكم أن تراقبوه تعالى في أعمالكم ، و تتذكروا أنه ناظر إليكم ، عليم بمقاصدكم ونياتكم لا تخفى عليه منكم خافية، وجدير بمن يؤمن برؤية الله لعمله أن يتقنه، وأن يخلص له النية فيه، فيقف فيه عند حدود شرعه، ويتحرى به تزكية نفسه والخير لخلقه، ولا يكتفي فيه بترك معاصيه، واجتناب مناهيه[12] و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه »[13] .

    و في استغلال الوقت في المفيد النافع قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة، والفراغ »[14] و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال : عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه»[15] .

    و في مجال الاقتصاد يقوم النظام الاقتصادي الإسلامي على منهج عقائدي أخلاقي مبعثه الحلال والطيبات و الأمانة و الصدق و الطهارة و التكافل و التعاون و المحبة و الأخوة مع الإيمان بأن العمل ( و منه المعاملات الاقتصادية) عبادة ، و أساس ذلك قول الله عز وجل : ﴿ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباًوَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ [16][17] , و حث الإسلام على العمل قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده »[18] ، و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي الجبل فيجيء بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه »[19] .

    و عندما طبق المسلمون الشريعة في صدر الإسلام ، تقدم المجتمع باتباع شرعالله و أحكامه بما فيها التعاليم الاقتصادية و خير دليل على ذلك ما شهدته الدولةالإسلامية من رخاء اقتصادي في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ، حيث بلغتالدولة الإسلامية من الغنى ما زاد عن حاجات المسلمين حتى أعطوا منه أهل الذمة .

    و في المجال الاجتماعي فالنظام الاجتماعي في الإسلام يقوم على التكامل بين الأفراد الذكر و الأنثى كل له رسالة محددة يكمل بعضهم بعضاً. و الناس بمجموعهم تقوم حياتهم على التكامل لا على الصراع ، تقوم على أن يحب الفرد المسلم لأخيه ما يحب لنفسه فهم كالبنيان وكالجسد الواحد يكمل بعضهم بعضاً. الغني مع الفقير تقوم حياتهم على التكامل والتكافل لا على الحسد والتباغض والصراع الطبقي المقيت. الذي يظهر في المجتمعات الرأسمالية المعاصرة. وأيضاً التكامل في المهمات المتعددة والمناشط والمواهب الإنسانية التي يكمل بعضها بعضاً، فلا يمكن للفرد أن يصنع لنفسه كل حاجاته ولكن الجماعة في الإسلام يتحقق في رحابها جميع معاني التكامل في الحياة والتكافل الذي يحقق مصالح الدنيا والآخرة.

    و التكامل في هذا الجانب يميز النظام الاجتماعي في الإسلام ويحقق قوة الترابط بين أفراد المجتمع على أساس من التقوى التي تزكى علاقة المسلم بربه وتنمى علاقة المسلم بأخيه المسلم وبمجتمعه و أمته.

    ومن هذه الخاصية تتحقق الأخوة التي هي رابطة المؤمنين الوثيقة كما قال جل وعلا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[20] وفضل الأخوة و التفصيل فيه مبسوط في كتاب "فقه الأخوة في الإسلام" للدكتور علي عبد الحليم محمود ، و الأخوة في الله هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في تأسيس المجتمع المسلم في المدينة المنورة، وهي الطريق الواضح لبناء المجتمع المسلم في المدينة المنورة وهي الطريق الواضح لبناء المجتمع المسلم في كل وقت وحين، الإخوة الإيمانية التي لا يعرف لذاتها إلا من عايشها ولا يعرف أبعادها إلا من سابق فيها كيف لا وهي تقوم على الحب في الله بجماله وعاطفته وبهائه مع سمو القصد فيه، الحب القائم على الإيمان بالله ما أجمله وما أصفاه [21]

    و في المجال السياسي يحدد النظام الإسلامي العلاقة بين الإمام والرعية من ناحية تحديد سلطة ولي الأمر وبيان حقوقه وواجباته، وحقوق الرعية وواجباتها، و علاقة الدولة المسلمة بغيرها من الدول فيحالتي السلم والحرب، و تنظيم موارد الدولة ونفقاتها وكيفية استثمارالمال ,و نظم الإسلام القضاء ، والعقوبات ، والجنايات .

    و الكلمة العليا في النظام السياسي في الإسلام إنما هي لله تبارك وتعالى فالله وحده هو الذي له حق التشريع، وحق تنظيم أمور عبادهقال تعالى :﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [22]،ومظهر ذلك و دليله في الواقع : القبول و الإقرار و التقيد بالشرع المنزل كتاباً وسنة ،والانصياع له ، والدوران في فلكه، وعدم الخروج عليه. قال تعالى : ﴿وَمَاكَانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنيَكُونَ لَهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ[23] .

    و النظام السياسي في الإسلام قائم على العدل والمساواة والشورى و النصيحة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .


    و من كمال نظام الإسلام وتمام تناسقه وعظمة شموله شرع الإحسان في ذبح الحيوان حتى لا يتألم الحيوان و هو يذبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ، وَ إِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ »[24] .


    و من كمال نظام الإسلام و تمام تناسقه وعظمة شموله أن الإسلام وضع آدابا لقضاء الحاجة ومنها قضاء الحاجة والتبول في المكان المخصص فيجتنب المسلم قضاء الحاجة و التبول في موارد الماء، أو في مكان تجمع الناس أو في ظلهم، أو في الطرقات أو الشوارع على مرأى من الناس و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا اللَّعَّانين ». قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: « الذي يتخلَّى[25] في طريق الناس أو في ظلهم »[26] .
    وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب لقضاء حاجته يسير حتى لا يكاد يُرىابتعاداً عن أعين الناس، وهذا هو المقصود من قول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب المذهب أبعد » [27] ، ولذلك لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع ثوبه إلا بعد الدنو من الأرض .


    و آداب تمنع من تعلّق النجاسة بالثياب أوالجسم، وتسهم في الحماية من وسوسة الطهارةكالأمر بالتبوّل جلوساً كي لا تتلوث الملابس، و كان أغلب حال النبي صلى اللهعليه وسلم أن يقضي حاجته وهو جالس .

    وجاء النهي عن مس الذكر باليد اليمنى حال قضاء الحاجة، أو استخدامها في إزالة الأذىصيانةً وإكراماً لها، لحديث : «إذا بال أحدكم فلا يأخذنّ ذكره بيمينه، ولا يستنجبيمين»[28] ، فإن الشريعة قد جعلت لليمين كل الأعمال الحميدة، وجعلت مباشرةالأذى والنجاسات باليد الأخرى .

    و من كمال نظام الإسلام و تمام تناسقه وعظمة شموله أن الإسلام وضع آدابا للجماع و منها الجماع في القبل موضع الحرث قال تعالى : ﴿ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ [29] أي : نساؤكم موضع زرع لكم, تضعون النطفة في أرحامهن, فَيَخْرج منها الأولاد بمشيئة الله, فجامعوهن في محل الجماع فقط, وهو القبل بأي كيفية شئتم, وقَدِّموا لأنفسكم أعمالا صالحة بمراعاة أوامر الله[30] .

    و على المسلم أن يقدِّم بين يدي الجماع بالملاطفة والمداعبة والملاعبة والتقبيل، فقدكانالنبي
    صلى الله عليه وسلم يلاعب أهله و يقبلها و المداعبات التى تتم قبل المعاشرة الزوجية مفيدة و هي أهم عملية تتم قبل الشروع بالوصال الجنسي إذ يوجد بعض الغددالتناسلية التى تفرز سائلأ مخاطيأ لزجا يساعد على إتمام اللقاء الجنسى بلاألم بترطيب مهبل الزوجة ، و لتحسين الرغبة الجنسية عند المرأة لابد من المداعبه قبل المباشرة .

    و نهى الإسلام عن الجماع وقت الحيض فقد قال تعالى :﴿َيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ [31] و جماعه المرأة وقت الحيض يؤدي إلى اشتداد النزف الطمثي، لأن عروق الرحم تكون محتقنة وسهلة التمزق، وجدار المهبل سهل الخدش، وتصبح إمكانية حدوث الالتهابات كبيرةمما يؤدي إلى التهاب الرحم أيضاً أو يحدث التهاب في عضو الرجل بسبب الخدوش التيتحصل أثناء الانتصاب والاحتكاك، كما أن جماع الحائض يسبب اشتمئزازاً لدى الرجلوزوجه على السواء بسبب وجود الدم ورائحته، وبالتالي قد يؤثر على الزوج فيصاب بالبرود الجنسي و مقاومة المهبل لغزو البكتيريا تكون في أدنى مستواها أثناءالحيض، إذ يقل إفراز المهبل للحامض الذي يقتل الميكروبات، ويصبح الإفراز أقل حموضةإن لم يكن قلوي التفاعل، كما تقل المواد المطهرة الموجودة بالمهبل أثناء الحيض إلىأدنى مستوى لها،و جدار المهبل المكون من عدة طبقات من الخلايايرق أثناء الحيض، ويصبح رقيقاً ومكوناً من طبقة من الخلايا بدلاً من الطبقاتالعديدة التي نراها في أوقات الطهر، وخاصة في وسط الدورة الشهرية حيث يستعد الجسمبأكمله للقاء الزوج.
    لهذا فإن إدخال القضيب إلى الفرج والمهبل في أثناء الحيضليس إلا إدخالاً للميكروبات في وقت لا تستطيع فيه أجهزة الدفاع أن تقاوم، كما أنوجود الدم في المهبل والرحم يساعد على نمو تلك الميكروبات وتكاثرها ..


    و قد شرع الإسلام الصلاة خمس مرات و في ذلك تمرين على النظام فى الحياة العامة، بما فيها من ضبط لأوقات الصلاة وتنسيق لأداء أركانها ، وترتيب الإنسان لمواعيد نومه ، ويقظته واعماله الأخرى .

    و الفرق شاسع بين نظم الإسلام و النظم الوضعية فنظم الإسلام مصدرها الله الخالق سبحانه وتعالى، علَّمَها البشر عن طريق الوحي الإلهي و الوحي لا يخطيء لأن صاحبه هو خالق البشر فشريعة الإسلام صالحة لكل زمانومكانأما النظم الوضعية فمصدرها الفكر البشري و هي عرضة للخطأ إذ ليست المصلحة هي كل ما يراه الناس مصلحة بل المصلحة ما رآها الشرع مصلحة فالإنسان قد يرى الشيء الضار نافعا ، ويرى النافع ضارا متأثرا بشهواته و تتطلعه للنفع العاجل اليسير دون النظر للضرر الآجل الجسيم و لذلك تعجز النظم الوضعية عن حل كثير من القضايا العصرية و المستجدات التي تحدث في المجتمع ، بل و يفاجأالواضعون لها بظهور أنواع من الخلل فيها ، و لذلك نجدها دائماً تتغير في كل بضعسنوات ، و شريعة الإسلام فيها من المرونة و الحيوية ما يجعلها دائماً صالحة لكل زمانو مكان .

    و نظم الإسلام حكمت بها دول وشعوب مختلفة على مدى ثلاثة عشر قرنا ، فكان فيها لكل مشكلة حل ،حتى في عهد التقليد والجمود أما النظم الوضعية رغم أنها لم تطل في البلاد الإسلامية إلا قرنا ، ومعهذا فقد ضاقت بها النفوس ، ولم يبق متعلقا به إلا شرذمة ترى أن حياتها مرتبطة بحياتها، وسعة أرزاقها منوطة ببقائها . ولكن الله سيظهر دينه ولو كره المشركون .


    و نظم الإسلامتربط دائما بين الجزاءالدنيوي والجزاء الأخروي . فليس معنى انفلات الشخص من الجزاء الدنيوي انفلاته منالجزاء الأخروي . ولذا رأينا المتدينين لايهمهم أن يكسبوا قضية أمام القضاء إلا إذا ارتاحت ضمائرهم أن هذا الحق الذي أثبتهلهم القضاء حق مشروع ، بينما المشتغلون بالفقه الوضعي لا يهمهم إلا الحكم لدنيويحتى ولو رفضه الشرع ، ولذا يتفننون في الحيل التي يكسبون بها هذا الحق الدنيوي فالقوانيين الوضعية عرضة للخرقة و التحايل بخلاف القوانيين و النظم الإلهية .


    و نظم الإسلام تهتم بالجانب الجسدس والروحي معا بخلافالنظم الوضعية إذ النظم الوضعية لا تهتم بالجانب الروحي للإنسان ولا تعامله كآدمي لهروح، ولذلك لا نجد أي عناية للآداب والأخلاق والمكارم في هذهالقوانين.

    و نظم الإسلام تهتم بالحقوق والواجبات التي على الإنسان لغيره مثل بر الوالدين وتربيةالأبناء وصلة الأرحام و النظم الوضعية لا تهتم بالحقوق والواجبات التي على الإنسان لغيره .

    و من هنا نخلص أن الالتزام بالإسلام تمام الالتزام يجعل المسلم منظما في جميع جوانب حياته الدينية و الدنيوية بخلاف الالتزام بالقوانيين البشرية و الأعراف البشرية .

    هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


    [1] - الأنعام الآية 162
    [2]- من مقال الإسلام هو الحياة للدكتور . عبدالله بن محمد الطيار
    [3]- القصص من الآية 77
    [4]- تفسير المراغي 20/94
    [5]- أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 4/100
    [6]- التفسير الواضح للحجازي 2/889
    [7] - عاسف الزوجة يداعب أو يجامعزوجته
    [8] - عالجنا الضيعات أي أصلحنا أموالنا كأن يباشر عمله أو وظيفته مثلا
    [9] - رواه مسلم
    [10]- من مقال الإسلام هو الحياة للدكتور . عبدالله بن محمد الطيار
    [11] - التوبة من الآية 105
    [12] - تفسير المنار 11/98
    [13] - حديث حسن كما في صحيح الجامع الصغير للألباني حديث رقم 1880
    [14] - رواه البخاري
    [15] - رواه الترمذي وحسنه الألباني
    [16] - المائدة من الآية 88
    [17] - الفروق الأساسية بين النظام الاقتصادي الإسلامي والنظم الاقتصادية الوضعية للدكتور حسين شحاتة
    [18] - حديث صحيح كما في صحيح الجامع الصغير للألباني حديث رقم 5546
    [19] - حديث صحيح كما في صحيح الجامع الصغير للألباني حديث رقم 5041
    [20]- الحجرات من الآية 10
    [21] - من مقال خصائص وأهداف النظام الاجتماعي في الإسلام للدكتور عبد المحسن الصويِّغ شبكة الألوكة
    [22] - الأعراف 54
    [23]- الأحزاب من الآية 36
    [24] - رَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه رقم 1955
    [25] - يتخلَّى أي يقضي حاجته
    [26] - رَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه
    [27]- رواه النسائي في سننه
    [28] - رواه البخاري
    [29] - البقرة من الآية 223
    [30] - التفسير الميسر
    [31] - البقرة الآية 222

  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن الاعتقاد بوجود الله يجمّد مبدأ العلّية في دنيا الطبيعة





    الرد على زعم الملاحدة أن الاعتقاد بوجود الله يجمّد مبدأ العلّية في دنيا الطبيعة ، ويلغي قوانينها







    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

    أما بعد :
    فيزعم الملاحدة هداهم الله أن الاعتقاد بوجود الله و أنه مسبب الأسباب يجمّد مبدأ العلّية في دنيا الطبيعة ، و يلغي قوانينها ونواميسها التي يكتشفها العلم ، و يربط كلّ ظاهرة وكلّ وجود بالإله و يضع السبب المعقول لما يشاهده الإنسان من ظواهر الطبيعة وحوادثها ، ومحاولة لتبرير وجودها ، فتزول الحاجة إلي اكتشاف أسباب الظواهر الطبيعية .
    و الجواب ليس مسألة الاعتقاد بوجود الله و أنه مسبب الأسباب مسألة أصابع تمتدّ من وراء الغيب ، فتقطر الماء في الفضاء تقطيراً ، أو تحجب الشمس عنّا ، أو تحول بيننا وبين القمر ، فيوجد بذلك المطر والكسوف والخسوف ، فإذا كشف العلم عن أسباب المطر وعوامل التبخير فيه ، وإذا كشف عن سبب الكسوف ، و الخسوف يخيّل لهؤلاء الملاحدة أنّ الإيمان بوجود الله لم يبقَ له موضوع ، وأنّ الأصابع الغيبية التي تحجب الشمس أو القمر عنّا ، عوَّض عنها العلم بالتعليلات الطبيعية ، وليس هذا إلاّ لسوء فهم الإيمان بالله ، وعدم تمييز لموضع السبب الإلهي من سلسلة الأسباب .

    و الاعتقاد بوجود الله و أنه مسبب الأسباب لا يعني الاستغناء عن الأسباب الطبيعية ، أو التمرّد على شيء من حقائق العلم الصحيح ، وإنّما هو اعتقاد بأن الله هو المسبب لهذه الأسباب الطبيعية ، ويحتّم على تسلسل العلل والأسباب أن يتصاعد إلى قوّة فوق الطبيعة و فوق الكون. و بهذا يزول التعارض بينه وبين كلّ حقيقة علمية تماماً .
    و العلم إنما يفسر كيف تحدث الظواهر الطبيعية و لكن لا يفسر لماذا تحدث هذه الظواهر و لا يفسر السر ورء حدوث هذه الظواهر ، والمؤمنون يؤمنون بأن كل الظواهر الكونية ترجع في النهاية إلى سبب خارج عنها فوق الكون و فوق الطبيعة ألا وهو الله سبحانه .
    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم اللادينيين بعدم الحاجة إلى تشريعات أخلاقية بدعوى أن إرادة الإنسان تغنيه

    الرد على زعم اللادينيين بعدم الحاجة إلى تشريعات أخلاقية بدعوى أن إرادة الإنسان تغنيه عنها






    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


    أما بعد :

    فيزعم اللادينيون بعدم الحاجة إلى تشريعات أخلاقية لأن الإنسان عنده إرادة حرة تدفعه إلى أن يقيم لنفسه في الحياة مثلاً عليا ، يطمح بها إلى تحقيق حياة خيرة ، تسير على هدى المعرفة والمحبة الإنسانية ، ومن شأن حرية الاختيار هذه أن تغني الإنسان عن البحث عن نظريات أخلاقية لا طائل وراءها .


    و الجواب أن الناس قد ترى بهواها النافع ضارا والضار نافعا متأثرين بشهواتهم وتطلعهم للنفع العاجل اليسير دون التفات إلى الضرر الآجل الجسيم و لذلك حرية الاختيار لا تغني عن الحاجة إلى تشريعات أخلاقية .

    و العقول متفاوتة فقد يكون الحسن عند أحدهم قبيح عند الآخر ، و القبيح عند أحدهم حسن عند الآخر و لذلك لو فعل كل شخص ما يراه من حسن لأدى ذلك إلى فوضى مما يدل أن حرية الاختيار لا تغني عن الحاجة إلى تشريعات أخلاقية تلزم الجميع .

    و القوانيين البشرية عرضة لأن تخترق فلا سبيل لتهذيب البشر بالعلوم المادية الكسبية وحدها بل لابد من الإيمان بالغيب ليكون باعث على اتباع الحق وترك الظلم و إقامة العدل ففرق بين قانون بشري يمكن أن يخترقه الشخص سرا و بين قانون سماوي ، و شرع إلهي يعرف الإنسان أن هناك خالق بصير به سميع له رقيب عليه يراه في السر والعلن ،و هناك آخرة و جنة و نار فيعمل الإنسان الصالحات كي يدخل الجنة و يجتنب المعاصي كي لا يدخل النار و بهذا تهذب النفس ، ويصلح المجتمع ، وهذا يدل أن حرية الاختيار لا تغني عن الحاجة إلى تشريعات أخلاقية .

    والمشهور أن أرقى البشر عقلا و رأيا في شئون العالم رجال السياسة الدولية في الغرب و إنك لتجد غاية سياستهم أن يسخروا ثروة شعوبهم ونتائج علومها و فنونها لعداوة بعضهم لبعض و إعدادها للتقتيل و التدمير [1] فهل صلحة البشرية بعقول البشر أم صلاح البشرية باتباع تعاليم خالق السماء والأرض فهو الذي يعلم ما يصلحها و ما يفسدها ،و صدق الله القائل في القرآن : ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾[2] .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص 45

    [2] - الملك الآية 14

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان

    الرد على زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن الطبيعة هي من خلق الإنسان ، و أن الطبيعة خلقت خلية واحدة حيّة بالصدفة و تطورت هذه الخلية وتكاثرت عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان والإنسان و استدلوا على ذلك بأدلة لا علاقة لها بالتطور فضلا عن إثباتها صحة التطور و هي :
    اختلاف الأعراق . إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ ولادة أطفال مشوهين ، معاقين ، أو غير محددي الجنس . اجتياح طوفان زمن النبي نوح عليه السلام الأرض و يستحيل أن يضع نوح عليه السلام جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي فيها فإذا لم يكن على زمن النبي نوح هذا العدد الهائل من الحيوانات فهذا يدل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح مما يثبت صحة نظرية التطور . الإنسان البدائي كان يعيش في الأدغال ويتواصل بالإشارات والرموز والأصوات تماماً مثل الحيوانات وقبل إختراع الكلام واللغة، بينما الإنسان المعاصر يعيش في المباني الشاهقة ويركب الطائرات ويتواصل بملايين اللغات منها التواصل عبر الإنترنت مما يدل على تطور عقل الإنسان وعاداته وتقاليده وسلوكه عبر الزمن . وجود بعض الحيوانات الذكية مثل الدولفين والشيمبانزي، وحيوانات ناطقة مثل الببغاء، وحيوانات تملك أجسام و أعضاء مشابهة للإنسان مثل الشيمبانزي، وحيوانات تملك الحواس الخمسة للإنسان كالنظر واللمس والشم والسمع والتذوق، مما يدل على تقارب كبير بين الإنسان والحيوان . استطاع العلماء خلق خلية حية باستخدام مواد أولية طبيعية وتركيبها باستخدام الكمبيوتر وفعلاً بدأت هذه الخلية بالتكاثر إلى ملايين الخلايا مما حل معضلة خلق الكائنات الحية وأثبت العلماء إمكانية أن الطبيعة تستطيع أن تخلق خلية حيّة بالصدفة .

    و الجواب أن قولهم دعوى بلا برهان و رجم بالغيب فهل شهدوا خلق الإنسان على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأته و هل شهدوا خلق الكائنات الحية على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأة الكائنات الحية على الأرض ، و لا يوجد أي دليل قاطع يحوي ظروف الأرض قديماً قبل الحياة فكلامهم مبني على ظنون و تخمينات .


    و الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن بعض عناصر الطبيعة و هي شيء مادي كان سببا في نشأة الحياة و هي شيء غير مادي ؟!!!

    و القائلون بأن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان يفترضون أن مركبات عضوية قد تكونت مع الزمن من مركبات غير عضوية ، و كونت مراحل ما قبل حياتية ،و لأن بعض العلماء قاموا بتكوين سلسلة من جزيء الـ آر إن ايه RNA تمكنت بنفسها من إعادة استنساخ ذاتها مما جعل البعض يزعم أن الـ آر إن ايه RNA الاحتمال الافضل لبداية الحياة ., و أن جزيء RNA آر إن آيه هو الذي قام بلعب دور نشط في الخلية الحية ، فكان بداية النسخ أو التكاثر الذاتي ، و أدى التكاثر الذاتي لجزيء آر إن آي RNA إلى وجود اختلافات في الأجناس، و إن جزيء الـ دي إن آيه DNA لم يظهر إلا بعد نشأة الحياة ، لأنه حتى يكون قادرا على التكاثر أو النسخ لا بد من وجود ميكنة خاصة تمكنه من ذلك.


    و هذه الميكنة لا توجد إلا في الخلية الحية التي لا بد من وجودها قبل تكاثر أي كائن حي و لهذا جزيء دي إن آيه DNA لا بد من أنه وجد مع نشأة الحياة، و مع نشأة الحياة خلقت الأجناس والأنواع ، و تأقلمت على الظروف البيئية المحيطة بها .

    و افتراضهم أن جزيئات غير
    DNA تكونت بالصدفة قامت بعملية التكاثر أو النسخ ، و أنتجت بواسطة الخيار الطبيعي جماعة من جنس ما ، أو نتيجة أخطاء عشوائية في النسخ أجناس أخرى لا يكفي أن يفسر مسيرة حياة منظمة و دورات حياة طبيعية لكل هذه التشكيلات العديدة و المختلفة من الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض التي يوجد منها حوالي 30 مليون جنس حي تقريبا .




    و لا يوجد علاقة بين اختلاف الأعراق و بين التطور إذ اختلاف الأعراق إنما هو اختلاف الإنسان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، و هو كاختلاف النبات الواحد و الحيوان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، مع دخول جميع الأفراد تحت نوعية واحدة ،و ليس تطور نوع من نوع و تعدد الألوان في "بني آدم" لا يتعلق بالضرورة بأبنائه المباشرين بل قد يعنى سلالته التالية بعد تفرقها إلى أجناس عدة .

    و المناخ له علاقة بتطور السمات الرئيسية بعد آلاف السنين من العزلة و عدم الاختلاط ؛ ففي أفريقيا مثلا تساعد الأنوف العريضة على تبريد و سحب أكبر قدر من الهواء الحار و الخفيف بطبعه أما الشعر المجعد فيعمل كعنصر (تكييف) يساعد على تغلغل الهواء و تبخر العرق و انطلاق الحرارة.. و في المقابل يعيش شعب الاسكيمو و سكان روسيا في ظروف باردة تجعل أجسادهم مكتنزة وقصيرة نسبيا للحد من فقد الحرارة.. كما تبدو وجوههم منتفخة وجفونهم ممتلئة بسبب غطاء شحمي يحمي الوجه والعينين من البرودة القارصة ... و هكذا...

    و القول أن اختلاف الأعراق دليل على التطور كالقول أن الطين كما يمكن أن يُصنع منه الآجر و الخزف و الطوب، كذلك يمكن أن يُصنع منه الحديد و العاج و الماء .

    و سؤال الملاحدة إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ سؤال لا علاقة له بالتطور و ينم عن عدم معرفة بالعلوم الكونية فالأرض كانت موصولة فيما بينها وفصلت على مر الزمن بالمحيطات والبحار و مما يدل على ذلك تطابق حواف القارات شكلا كأنها مكملة لبعضها كأرض واحدة منبسطة منذ ملايين السنين و لذا التنقل بينها كان سهلا ،و لقد وجد العالم فاجنر أن هناك تطابقاً كاملاً تقريباً في حواف القارات الحالية وقد حاول تركيب القارات على بعضها بناءً على ما سبق وقد تطابقت أمريكا الجنوبية على أفريقيا مثلاً تطابقا ً كاملاً وفي نهاية الأمر حصل على قارة واحدة اسماها بنجايا وكان هذا قبل 200 مليون سنة ثم حصل بعد ذلك الانجراف القاري .

    ووجد العلماء أن القارتين أمريكا الجنوبية و أفريقيا بعيدتان عن بعضهما و يوجد بينهما المحيط الأطلسي و مياه عميقة مالحة و أحفورة الحيوان الميزوسورس موجودة في أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية و من المعروف أن هذا الحيوان يعيش في بيئة انتقالية ( أي يعيش في المياه الحلوة ) و هو زاحف لا يستطيع عبور مياه المحيط الأطلسي المالحة سباحة ولهذا فلا يوجد تفسير لوجوده و انتشاره في القارتين معاً إلا تفسير واحد وهو أن القارتان كانتا في السابق قارة واحدة متصلتان معاً ولم يكن يوجد بينهما المحيط ولا البحر وقد كان هذا قبل 200 مليون سنة ثم يعد ذلك انجراف قارة أفريقيا باتجاه الشرق وانجراف أمريكا الجنوبية باتجاه الغرب وتكون المحيط الأطلسي بينهما .
    و قولهم أن ولادة أطفال مشوهين أو غير محددي الجنس تدل على تطور و تغير الصفات الوراثية و الجينية عبر الأجيال غير صحيح ، و لا علاقة بين ولادة أطفال مشوهين أو معاقين أو غير محددي الجنس بالتطور فولادة أطفال مشوهين ما هو إلا تشوه في بعض أفراد النوع الواحد ، و ليس تشوه بتحول بعض أفراد الإنسان إلى نوع آخر ، و تشوهات الجنين ليست فقط بسبب العوامل الوراثية فلها أسباب عديدة أخرى مثل : إصابة الطفل بالداء السكري ، و إدمان الأم الحامل للكحول أو التبغ ، و اختلاف فئات الدم بين الأب و الأم ، و الاضطرابات الصبغية و إصابة الحامل ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية و التوكسوبلازما و تعرض الأم للأشعة السينية قبل الشهر السادس من الحمل و تناول الحامل بعض الأدوية .

    و معنى قولنا أن مرض من الأمراض مرض وراثي أي مرض تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما , عن طريق مورثات مصابة ( جينات مصابة ) بخللٍ ما بحيث يؤدي هذا الخلل الى حدوث تظاهرات المرض , و بعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال , ثم تظهر عند زواج أم و أب حاملين للمورثات المسببة .

    و قولهم أن الطوفان الذي حدث في زمن النبي نوح عليه السلام اجتاح كل الأرض غير مسلم ؛ لأن العذاب وقع على من كذب نوح عليه السلام فقط ، و ليس كل من عاصره ممن ليس من قومه قال تعالى : ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ فِي الفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِيْنَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِيْنَ ﴾[1] ، و لاشك أن الطوفان الذي حدث عم منطقة كبيرة من الأرض بدليل أمر الله لنوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين من الحيوانات و أمره بصنع السفينة ، و ليس معنى هذا أن الطوفان عم جميع الأرض .

    و نوح عليه السلام أرسل إلى قومه فقط و ليس إلى جميع الناس قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾[2] و الله لا يهلك قوماً لم يبعث فيهم رسولاً قال تعالى : ﴿ و َمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾[3] ، ونوح عليه السلام جاء إلى قومه نذيراً ، لذلك لم يهلك الله الأقوام الأخرى التي لم يُبْعَثْ فيها نذير في زمن نوح عليه السلام .

    و لا نسلم لهم أن نوحا عليه السلام وضع جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي في السفينة و عليه فلا دليل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح .

    و قوله تعالى : ﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾[4] يدل أن الله أمر نوح عليه السلام أن يأخذ مما كان موجودا في المنطقة التي كان بها من كل زوجين اثنين و ليس المراد أن يأخذ زوجين اثنين من كل بقاع الأرض لاستحالة ذلك و لأن ذلك فوق طاقته فالآية مخصصة بالعقل كقوله تعالى : ﴿ ُتدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾[5] أي تدمِّر كل شيء تمر به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته أو تدمر كل شيء قابل للتدمير مما أُرسلت بهلاكه ,و كقوله تعالى : ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾[6] أي خالق كل ما سواه و قوله تعالى :﴿ أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾[7] أي أوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا .

    و التخصيص بالعقل وارد في القرآن و السنة ووارد في كلام البشر بعضهم لبعض كقول الأستاذ لتلميذه ذاكر كل شيء أي ذاكر كل شيء في منهجك الداراسي و مقررك الدراسي ، و كقول الأم لابنتها اعملي كل شيء أي اعملي كل شيء أمرتك بها .

    و على التسليم باصطحاب نوح عليه السلام جميع الحيوانات من كل بقاع الأرض فلم يصطحب نوح عليه السلام سوى الكائنات البرية و الطيور التي لا تستطيع النجاة من الطوفان و لم يصطحب النباتات و الكائنات البحرية و التي تشكل قطاعا كبيرا من إجمالي الأنواع في العالم و كذلك لم يصطحب كل الكائنات المعروفة بقدرتها على النجاة من الطوفان مثل الحشرات و الديدان .

    و الظاهر أن نوح عليه السلام اصطحب من كل زوجين اثنين من الكائنات التي بالبقعة من الأرض التي كان يسكنها قومه أما الكائنات التي توجد في بقاع أخرى من الأرض فلا ضرورة لحملها لعدم احتمال انقراضها بالطوفان .

    و على التسليم بظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح فهذا لا دليل فيه على التطور بل دليل على أن الله خلق كائنات جديدة لاستحالة إيجاد هذه الكائنات بدون موجد و استحالة أن تكون هذه الكائنات متولدة من كائنات ليست من نوعها ، و لم يشاهد أحد أن نوع من الكائنات نشأ من نوع بخلاف نوعه ، و المشاهد أن أي كائن حي ينشأ من كائن حي يماثله في النوع و القول بالتطور مخالف للحس و المشاهدة .

    و لا دليل معتبر على أن الإنسان في الماضي بخلاف الإنسان الحالي و كل ما يقولونه من أن الإنسان في الماضي كان شبه عاري و كان لا يعرف الكتابة و كان و كان لا أثارة عليه من علم إن يتبعون إلا الظن الخالي من دليل يرجحه فهل شاهدوا الإنسان البدائي و هل كانوا معه و هل عاشروه و لو سلمنا جدلا بمشاهدتهم بعض الناس القدامى فهذا البعض ليس دليلا جازما أنه ينطبق على الكل .

    و لو سلمنا جدلا بوجود إنسان في الماضي يخالف الإنسان الحالي في بعض الأمور فهذا لا يستلزم أن يكون الإنسان الحالي متطورا عن الإنسان في الماضي .

    و التشابه بين الكائنات الحية لا دليل فيه على التطور إذ من البدهي أن التشابه في الأنواع المختلفة لا يقتضي النسب بينها، ولا يستلزمه عقلا و التشابه لا يستلزم أن يكون أحد المتشابهين أصلاً والآخر فرعاً. فلو كان إنسان يشبه إنساناً أو طير يشبه طيراً، فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل، والآخر فرع؟
    و التشابه التشريحي لبعض الكائنات لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة , وإنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على أن خالقها جميعا واحد و خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .

    و هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه الماكينات كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الادعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء .

    و زعمهم أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية زعم باطل فكل ما قام به العلماء هو تخليق ( و ليس خلق ) خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فالعلماء لم يوجدوا شيئاً أصلاً ؛ لأنّ الخلية أصلاً حيّة و الحياة ليست بشيء مادي يمكن أن يخلق في المعمل و مازال العلماء غير قادرين على خلق الخلية نفسها، و الخلية هي الوعاء الذى تتم داخله جميع العمليات الحيوية ؛ لأنه لا يمكن وضع الجينوم الجديد فى طبق و انتظار أن يصنع خلية مخلقة .


    و فكرة عمل الخلية المصنعة كالتالي :

    انتقى فريق من العلماء - مكون من 19 عالما من جنسيات مختلفة برئاسة د فينتر - كائنا بكتيريا وحيد الخلية و هو المايكوبلازما، و انتزعوا تركيبة الحمض النووي الخاصة به خارجا، وتم حفظ ما تبقى من الخلية بكامل تكوينها الداخلي جانبا ثم ركبوا نسخة مطابقة للحمض النووي صناعيا، وأخيرا زراعوا هذا الحمض النووي المصنع داخل الخلية البكتيرية، حيث كانت النتيجة عودة الخلية البكتيرية إلى العمل والتناسخ بشكل طبيعي. ورغم بساطة الفكرة لكن تطبيقها استهلك ما يقارب 40 مليونا من الدولارات .

    و الخلاصة أن الذي تم فى التجربة هو إدخال الجينوم الاصطناعى فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى ، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء ولكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

    و د. فنتر نفسه بعد انتقاد صياغة خبر هذا الإنجاز قال : لقد خلقنا أول خلية صناعية قطعا نحن لم نخلق حياة من العدم ؛ لأننا استخدمنا خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية .



    و من هنا ندرك أن كل زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان زعم باطل لا أثارة عليه من علم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - الأعراف الآية 64

    [2] - هود الآية 25

    [3] - الإسراء من الآية 15

    [4] - هود الآية 40

    [5] - الأحقاف الآية 25

    [6] - الزمر الآية 62

    [7] - النمل من الآية 23

  12. #52
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان

    الرد على زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن الطبيعة هي من خلق الإنسان ، و أن الطبيعة خلقت خلية واحدة حيّة بالصدفة و تطورت هذه الخلية وتكاثرت عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان والإنسان و استدلوا على ذلك بأدلة لا علاقة لها بالتطور فضلا عن إثباتها صحة التطور و هي :
    اختلاف الأعراق . إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ ولادة أطفال مشوهين ، معاقين ، أو غير محددي الجنس . اجتياح طوفان زمن النبي نوح عليه السلام الأرض و يستحيل أن يضع نوح عليه السلام جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي فيها فإذا لم يكن على زمن النبي نوح هذا العدد الهائل من الحيوانات فهذا يدل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح مما يثبت صحة نظرية التطور . الإنسان البدائي كان يعيش في الأدغال ويتواصل بالإشارات والرموز والأصوات تماماً مثل الحيوانات وقبل إختراع الكلام واللغة، بينما الإنسان المعاصر يعيش في المباني الشاهقة ويركب الطائرات ويتواصل بملايين اللغات منها التواصل عبر الإنترنت مما يدل على تطور عقل الإنسان وعاداته وتقاليده وسلوكه عبر الزمن . وجود بعض الحيوانات الذكية مثل الدولفين والشيمبانزي، وحيوانات ناطقة مثل الببغاء، وحيوانات تملك أجسام و أعضاء مشابهة للإنسان مثل الشيمبانزي، وحيوانات تملك الحواس الخمسة للإنسان كالنظر واللمس والشم والسمع والتذوق، مما يدل على تقارب كبير بين الإنسان والحيوان . استطاع العلماء خلق خلية حية باستخدام مواد أولية طبيعية وتركيبها باستخدام الكمبيوتر وفعلاً بدأت هذه الخلية بالتكاثر إلى ملايين الخلايا مما حل معضلة خلق الكائنات الحية وأثبت العلماء إمكانية أن الطبيعة تستطيع أن تخلق خلية حيّة بالصدفة .

    و الجواب أن قولهم دعوى بلا برهان و رجم بالغيب فهل شهدوا خلق الإنسان على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأته و هل شهدوا خلق الكائنات الحية على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأة الكائنات الحية على الأرض ، و لا يوجد أي دليل قاطع يحوي ظروف الأرض قديماً قبل الحياة فكلامهم مبني على ظنون و تخمينات .


    و الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن بعض عناصر الطبيعة و هي شيء مادي كان سببا في نشأة الحياة و هي شيء غير مادي ؟!!!

    و القائلون بأن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان يفترضون أن مركبات عضوية قد تكونت مع الزمن من مركبات غير عضوية ، و كونت مراحل ما قبل حياتية ،و لأن بعض العلماء قاموا بتكوين سلسلة من جزيء الـ آر إن ايه RNA تمكنت بنفسها من إعادة استنساخ ذاتها مما جعل البعض يزعم أن الـ آر إن ايه RNA الاحتمال الافضل لبداية الحياة ., و أن جزيء RNA آر إن آيه هو الذي قام بلعب دور نشط في الخلية الحية ، فكان بداية النسخ أو التكاثر الذاتي ، و أدى التكاثر الذاتي لجزيء آر إن آي RNA إلى وجود اختلافات في الأجناس، و إن جزيء الـ دي إن آيه DNA لم يظهر إلا بعد نشأة الحياة ، لأنه حتى يكون قادرا على التكاثر أو النسخ لا بد من وجود ميكنة خاصة تمكنه من ذلك.


    و هذه الميكنة لا توجد إلا في الخلية الحية التي لا بد من وجودها قبل تكاثر أي كائن حي و لهذا جزيء دي إن آيه DNA لا بد من أنه وجد مع نشأة الحياة، و مع نشأة الحياة خلقت الأجناس والأنواع ، و تأقلمت على الظروف البيئية المحيطة بها .

    و افتراضهم أن جزيئات غير DNA تكونت بالصدفة قامت بعملية التكاثر أو النسخ ، و أنتجت بواسطة الخيار الطبيعي جماعة من جنس ما ، أو نتيجة أخطاء عشوائية في النسخ أجناس أخرى لا يكفي أن يفسر مسيرة حياة منظمة و دورات حياة طبيعية لكل هذه التشكيلات العديدة و المختلفة من الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض التي يوجد منها حوالي 30 مليون جنس حي تقريبا .




    و لا يوجد علاقة بين اختلاف الأعراق و بين التطور إذ اختلاف الأعراق إنما هو اختلاف الإنسان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، و هو كاختلاف النبات الواحد و الحيوان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، مع دخول جميع الأفراد تحت نوعية واحدة ،و ليس تطور نوع من نوع و تعدد الألوان في "بني آدم" لا يتعلق بالضرورة بأبنائه المباشرين بل قد يعنى سلالته التالية بعد تفرقها إلى أجناس عدة .

    و المناخ له علاقة بتطور السمات الرئيسية بعد آلاف السنين من العزلة و عدم الاختلاط ؛ ففي أفريقيا مثلا تساعد الأنوف العريضة على تبريد و سحب أكبر قدر من الهواء الحار و الخفيف بطبعه أما الشعر المجعد فيعمل كعنصر (تكييف) يساعد على تغلغل الهواء و تبخر العرق و انطلاق الحرارة.. و في المقابل يعيش شعب الاسكيمو و سكان روسيا في ظروف باردة تجعل أجسادهم مكتنزة وقصيرة نسبيا للحد من فقد الحرارة.. كما تبدو وجوههم منتفخة وجفونهم ممتلئة بسبب غطاء شحمي يحمي الوجه والعينين من البرودة القارصة ... و هكذا...

    و القول أن اختلاف الأعراق دليل على التطور كالقول أن الطين كما يمكن أن يُصنع منه الآجر و الخزف و الطوب، كذلك يمكن أن يُصنع منه الحديد و العاج و الماء .

    و سؤال الملاحدة إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ سؤال لا علاقة له بالتطور و ينم عن عدم معرفة بالعلوم الكونية فالأرض كانت موصولة فيما بينها وفصلت على مر الزمن بالمحيطات والبحار و مما يدل على ذلك تطابق حواف القارات شكلا كأنها مكملة لبعضها كأرض واحدة منبسطة منذ ملايين السنين و لذا التنقل بينها كان سهلا ،و لقد وجد العالم فاجنر أن هناك تطابقاً كاملاً تقريباً في حواف القارات الحالية وقد حاول تركيب القارات على بعضها بناءً على ما سبق وقد تطابقت أمريكا الجنوبية على أفريقيا مثلاً تطابقا ً كاملاً وفي نهاية الأمر حصل على قارة واحدة اسماها بنجايا وكان هذا قبل 200 مليون سنة ثم حصل بعد ذلك الانجراف القاري .

    ووجد العلماء أن القارتين أمريكا الجنوبية و أفريقيا بعيدتان عن بعضهما و يوجد بينهما المحيط الأطلسي و مياه عميقة مالحة و أحفورة الحيوان الميزوسورس موجودة في أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية و من المعروف أن هذا الحيوان يعيش في بيئة انتقالية ( أي يعيش في المياه الحلوة ) و هو زاحف لا يستطيع عبور مياه المحيط الأطلسي المالحة سباحة ولهذا فلا يوجد تفسير لوجوده و انتشاره في القارتين معاً إلا تفسير واحد وهو أن القارتان كانتا في السابق قارة واحدة متصلتان معاً ولم يكن يوجد بينهما المحيط ولا البحر وقد كان هذا قبل 200 مليون سنة ثم يعد ذلك انجراف قارة أفريقيا باتجاه الشرق وانجراف أمريكا الجنوبية باتجاه الغرب وتكون المحيط الأطلسي بينهما .
    و قولهم أن ولادة أطفال مشوهين أو غير محددي الجنس تدل على تطور و تغير الصفات الوراثية و الجينية عبر الأجيال غير صحيح ، و لا علاقة بين ولادة أطفال مشوهين أو معاقين أو غير محددي الجنس بالتطور فولادة أطفال مشوهين ما هو إلا تشوه في بعض أفراد النوع الواحد ، و ليس تشوه بتحول بعض أفراد الإنسان إلى نوع آخر ، و تشوهات الجنين ليست فقط بسبب العوامل الوراثية فلها أسباب عديدة أخرى مثل : إصابة الطفل بالداء السكري ، و إدمان الأم الحامل للكحول أو التبغ ، و اختلاف فئات الدم بين الأب و الأم ، و الاضطرابات الصبغية و إصابة الحامل ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية و التوكسوبلازما و تعرض الأم للأشعة السينية قبل الشهر السادس من الحمل و تناول الحامل بعض الأدوية .

    و معنى قولنا أن مرض من الأمراض مرض وراثي أي مرض تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما , عن طريق مورثات مصابة ( جينات مصابة ) بخللٍ ما بحيث يؤدي هذا الخلل الى حدوث تظاهرات المرض , و بعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال , ثم تظهر عند زواج أم و أب حاملين للمورثات المسببة .

    و قولهم أن الطوفان الذي حدث في زمن النبي نوح عليه السلام اجتاح كل الأرض غير مسلم ؛ لأن العذاب وقع على من كذب نوح عليه السلام فقط ، و ليس كل من عاصره ممن ليس من قومه قال تعالى : ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ فِي الفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِيْنَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِيْنَ ﴾[1] ، و لاشك أن الطوفان الذي حدث عم منطقة كبيرة من الأرض بدليل أمر الله لنوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين من الحيوانات و أمره بصنع السفينة ، و ليس معنى هذا أن الطوفان عم جميع الأرض .

    و نوح عليه السلام أرسل إلى قومه فقط و ليس إلى جميع الناس قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾[2] و الله لا يهلك قوماً لم يبعث فيهم رسولاً قال تعالى : ﴿ و َمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾[3] ، ونوح عليه السلام جاء إلى قومه نذيراً ، لذلك لم يهلك الله الأقوام الأخرى التي لم يُبْعَثْ فيها نذير في زمن نوح عليه السلام .

    و لا نسلم لهم أن نوحا عليه السلام وضع جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي في السفينة و عليه فلا دليل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح .

    و قوله تعالى : ﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾[4] يدل أن الله أمر نوح عليه السلام أن يأخذ مما كان موجودا في المنطقة التي كان بها من كل زوجين اثنين و ليس المراد أن يأخذ زوجين اثنين من كل بقاع الأرض لاستحالة ذلك و لأن ذلك فوق طاقته فالآية مخصصة بالعقل كقوله تعالى : ﴿ ُتدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾[5] أي تدمِّر كل شيء تمر به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته أو تدمر كل شيء قابل للتدمير مما أُرسلت بهلاكه ,و كقوله تعالى : ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾[6] أي خالق كل ما سواه و قوله تعالى :﴿ أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾[7] أي أوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا .

    و التخصيص بالعقل وارد في القرآن و السنة ووارد في كلام البشر بعضهم لبعض كقول الأستاذ لتلميذه ذاكر كل شيء أي ذاكر كل شيء في منهجك الداراسي و مقررك الدراسي ، و كقول الأم لابنتها اعملي كل شيء أي اعملي كل شيء أمرتك بها .

    و على التسليم باصطحاب نوح عليه السلام جميع الحيوانات من كل بقاع الأرض فلم يصطحب نوح عليه السلام سوى الكائنات البرية و الطيور التي لا تستطيع النجاة من الطوفان و لم يصطحب النباتات و الكائنات البحرية و التي تشكل قطاعا كبيرا من إجمالي الأنواع في العالم و كذلك لم يصطحب كل الكائنات المعروفة بقدرتها على النجاة من الطوفان مثل الحشرات و الديدان .

    و الظاهر أن نوح عليه السلام اصطحب من كل زوجين اثنين من الكائنات التي بالبقعة من الأرض التي كان يسكنها قومه أما الكائنات التي توجد في بقاع أخرى من الأرض فلا ضرورة لحملها لعدم احتمال انقراضها بالطوفان .

    و على التسليم بظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح فهذا لا دليل فيه على التطور بل دليل على أن الله خلق كائنات جديدة لاستحالة إيجاد هذه الكائنات بدون موجد و استحالة أن تكون هذه الكائنات متولدة من كائنات ليست من نوعها ، و لم يشاهد أحد أن نوع من الكائنات نشأ من نوع بخلاف نوعه ، و المشاهد أن أي كائن حي ينشأ من كائن حي يماثله في النوع و القول بالتطور مخالف للحس و المشاهدة .

    و لا دليل معتبر على أن الإنسان في الماضي بخلاف الإنسان الحالي و كل ما يقولونه من أن الإنسان في الماضي كان شبه عاري و كان لا يعرف الكتابة و كان و كان لا أثارة عليه من علم إن يتبعون إلا الظن الخالي من دليل يرجحه فهل شاهدوا الإنسان البدائي و هل كانوا معه و هل عاشروه و لو سلمنا جدلا بمشاهدتهم بعض الناس القدامى فهذا البعض ليس دليلا جازما أنه ينطبق على الكل .

    و لو سلمنا جدلا بوجود إنسان في الماضي يخالف الإنسان الحالي في بعض الأمور فهذا لا يستلزم أن يكون الإنسان الحالي متطورا عن الإنسان في الماضي .

    و التشابه بين الكائنات الحية لا دليل فيه على التطور إذ من البدهي أن التشابه في الأنواع المختلفة لا يقتضي النسب بينها، ولا يستلزمه عقلا و التشابه لا يستلزم أن يكون أحد المتشابهين أصلاً والآخر فرعاً. فلو كان إنسان يشبه إنساناً أو طير يشبه طيراً، فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل، والآخر فرع؟
    و التشابه التشريحي لبعض الكائنات لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة , وإنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على أن خالقها جميعا واحد و خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .

    و هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه الماكينات كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الادعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء .

    و زعمهم أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية زعم باطل فكل ما قام به العلماء هو تخليق ( و ليس خلق ) خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فالعلماء لم يوجدوا شيئاً أصلاً ؛ لأنّ الخلية أصلاً حيّة و الحياة ليست بشيء مادي يمكن أن يخلق في المعمل و مازال العلماء غير قادرين على خلق الخلية نفسها، و الخلية هي الوعاء الذى تتم داخله جميع العمليات الحيوية ؛ لأنه لا يمكن وضع الجينوم الجديد فى طبق و انتظار أن يصنع خلية مخلقة .


    و فكرة عمل الخلية المصنعة كالتالي :
    انتقى فريق من العلماء - مكون من 19 عالما من جنسيات مختلفة برئاسة د فينتر - كائنا بكتيريا وحيد الخلية و هو المايكوبلازما، و انتزعوا تركيبة الحمض النووي الخاصة به خارجا، وتم حفظ ما تبقى من الخلية بكامل تكوينها الداخلي جانبا ثم ركبوا نسخة مطابقة للحمض النووي صناعيا، وأخيرا زراعوا هذا الحمض النووي المصنع داخل الخلية البكتيرية، حيث كانت النتيجة عودة الخلية البكتيرية إلى العمل والتناسخ بشكل طبيعي. ورغم بساطة الفكرة لكن تطبيقها استهلك ما يقارب 40 مليونا من الدولارات .

    و الخلاصة أن الذي تم فى التجربة هو إدخال الجينوم الاصطناعى فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى ، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء ولكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

    و د. فنتر نفسه بعد انتقاد صياغة خبر هذا الإنجاز قال : لقد خلقنا أول خلية صناعية قطعا نحن لم نخلق حياة من العدم ؛ لأننا استخدمنا خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية .



    و من هنا ندرك أن زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان زعم باطل لا أثارة عليه من علم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




    [1] - الأعراف الآية 64
    [2] - هود الآية 25
    [3] - الإسراء من الآية 15
    [4] - هود الآية 40
    [5] - الأحقاف الآية 25
    [6] - الزمر الآية 62
    [7] - النمل من الآية 23

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية

    الرد على زعم الملاحدة أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية و هذا باطل فهم قد جهلوا أن الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعون أن العلماء أستطاعوا صنع الحياة من مواد مادية ؟!!

    و كل ما قام به العلماء هو تخليق ( و ليس خلق ) خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فالعلماء لم يوجدوا شيئاً أصلاً ؛ لأنّ الخلية أصلاً حيّة و الحياة ليست بشيء مادي يمكن أن يخلق في المعمل و مازال العلماء غير قادرين على خلق الخلية نفسها، و الخلية هي الوعاء الذى تتم داخله جميع العمليات الحيوية ؛ لأنه لا يمكن وضع الجينوم الجديد فى طبق و انتظار أن يصنع خلية مخلقة .


    و فكرة عمل الخلية المصنعة كالتالي :

    انتقى فريق من العلماء - مكون من 19 عالما من جنسيات مختلفة برئاسة فينتر - كائنا بكتيريا وحيد الخلية و هو المايكوبلازما، و انتزعوا تركيبة الحمض النووي[1] الخاصة به خارجا، وتم حفظ ما تبقى من الخلية بكامل تكوينها الداخلي جانبا ثم ركبوا نسخة مطابقة للحمض النووي صناعيا، وأخيرا زراعوا هذا الحمض النووي المصنع داخل الخلية البكتيرية ، حيث كانت النتيجة عودة الخلية البكتيرية إلى العمل والتناسخ بشكل طبيعي. ورغم بساطة الفكرة لكن تطبيقها استهلك ما يقارب 40 مليونا من الدولارات .

    والخلاصة أن الذي تم فى التجربة هو إدخال الجينوم الاصطناعى[2] فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى ، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء ولكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

    و د. فنتر نفسه بعد انتقاد صياغة خبر هذا الإنجاز قال : لقد خلقنا أول خلية صناعية قطعا نحن لم نخلق حياة من العدم ؛ لأننا استخدمنا خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية .



    و من هنا يتبين أن زعم الملاحدة أن العلماء خلقوا خلية حية زعم غير صحيح ؛لأن ما فعله العلماء ليس خلقا ، إذ إن الخلق هو الإيجاد من العدم. والتجربة قائمة على محاكاة ونسخ تركيب داخلي في خلية ما زالت حية و ليس خلية ليس فيها حياة ، و عمل فنتر إنجاز كبير ، و لكنه ليس خلقا لحياة صناعية إذ خلق حياة صناعية يتطلب تصنيع خلية كاملة من مواد كيمائية و هذا مستحيل ؛ لأن الحياة ليست بشيء مادي يخلق من مواد مادية هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
    .



    [1] - الحمض النووي أي الحمض الريبوزي النووي المنزوع الأوكسجين , و هو مركب من سلسلة متارصة من الأحماض النووية المسماه النيوكليدات( (Nucleotides ، و كل نيوكليديت يتركب من ثلاث قطع :فسفات( Phosphate) و سكر ( Sugar ) و قاعدة نيتروجينية (Nitrogenous base) و هذه النيوكليدات تصطف جنبا الى جنب لتكون سلك طويل و مترابط و ذلك عن طريق رابطة فوسفاتية تربط السكر الذي قبلها بالسطر الذي بعدها و بالتحديد تربط الكربون رقم 5 في السكر الاول بالكربون رقم 3 في السكر الذي يليها و هكذا يستمر هذا الخيط الطويل من النيوكليدات. و ال دي ان ايه هو عبارة عن خيطين من تلك النيوكليدات متلاصقين و مجدولين كما تجدل ضفيرة الشعر و ذلك بشكل محكم و دقيق و يحافظ على ذلك النظام الروابط التي بين هذه المركبات خاصة الروابط الفسفورية و الروابط التي بين القواعد النيتروجينية.و لذلك فانه يطلق على ال دي ان ايه سلسلة ال دي ان ايه(DNA CHAIN ) كما هو شائع بين المختصين.و و يتواجد ال دي ان ايه أ في النواة بشكل رئيسي و قسم ضئيل منه في جزء من الخلية يسمى الميتوكوندريا , و كل خلية من خلايا الإنسان تحتوي على نفس الحمض النووي الريبي , و اختلاف ترتيب الأحماض النووية يعطي كل من الأحماض النووية الريبوزية ميزاتها الخاصة .

    [2] - مصطلح جينوم genome هو مصطلح جديد في علم الوراثة يجمع بين جزئي كلمتين إنجليزيتين هما gen وهي الأحرف الثلاثة الأولى لكلمة gene التي تعني باللغة العربية المورث (الجين)، والجزء الثاني هو الأحرف الثلاثة الأخيرة من كلمة chromosome وهي ome وهي تعني باللغة العربية الصبغيات (الكروموزومات)،و الجينوم هو كامل المعلومات الوراثية المشفرة ضمن ال دي إن آيه DNA و أحيانا ضمن الـ آر إن آيه RNA كما في حالة الفيروسات و يحوي الجينوم مجموعة جينات أو ما يدعى أيضا بالمورثات إضافة لتسلسلات غير مكودة من الدنا نفسه و تم صياغة هذا المصطلح عام 1920 من قبل هانس وينكلر Hans Winkler بروفسور علم النبات في جامعة هامبورغ ، ألمانيا كدمج لكلمتي gene و chromosome .

  14. #54
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة أن الحياة على الأرض نشأة صدفة

    الرد على زعم الملاحدة أن الحياة على الأرض نشأة صدفة




    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن الحياة نشأة على الأرض صدفة حيث الذرات التي لا حياة فيها و غير الواعية قد تجمعت مع بعضها البعض لتكوّن الخلية ، و من ثم و بطريقة ما شكلت الذرات أشياء حية أخرى ، بما فيها الإنسان و قد ظهرت الحية أولا في الماء ثم تدرجت منها إلي اليابس فالكائنات الحية الأولى أخذت غذاءها من البحار من ما يسمى الحساء البدائي التي يعتقد أن عناصر كيميائية كونتها ، و عندما استهلكت هذه الكائنات الأولية الطاقة نتج عن ذلك أزمة حقيقية في الطاقة ، مما أدى إلى ظهور كائنات حية جديدة أخذت طاقتها من الشمس وذلك قبل حوالي 4 بليون سنة تقريبا .

    و الجواب أن قولهم دعوى بلا برهان و رجم بالغيب فهل شهدوا خلق الكائنات الحية على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأة الكائنات الحية على الأرض ،و لا يوجد أي دليل قاطع يحوي ظروف الأرض قديماً قبل الحياة ، و كلامهم مبني على ظنون و تخمينات .


    و إذا استحال أن يتكون قصر في غاية الجمال صدفة فكيف بمئات القصور و القصر من الجمادات لا حياة فيه فكيف بالكائنات الحية في غاية الجمال و الروعة يقال أنها نشأة صدفة فإن استحال هذا الأمر في الجماد فيستحيل بالنسبة للكائن الحي من باب أولى .

    و من صفات الحياة للكائنات الحية القدرة على الحركة و التكاثر و الحصول على الغذاء و النمو فهل تستطيع الصدفة أن تخلق الحركة في كائن لا حركة به ؟!! و هل تستطيع الصدفة أن تخلق القدرة على التكاثر في كائن لا يتكاثر ؟!! و هل تستطيع الصدفة أن تخلق القدرة على الغذاء في كائن لا يتغذى ؟!! و هل تستطيع الصدفة أن تخلق القدرة على النمو في كائن لا ينمو ؟!!

    و القائلون بالصدفة يفترضون أن مركبات عضوية قد تكونت مع الزمن من مركبات غير عضوية ، و كونت مراحل ما قبل حياتية ،و لأن بعض العلماء قاموا بتكوين سلسلة من جزيء الـ آر إن ايه rna تمكنت بنفسها من إعادة استنساخ ذاتها مما جعل البعض يزعم أن الـ آر إن ايه rna الاحتمال الافضل لبداية الحياة ., و أن جزيء rna آر إن آيه هو الذي قام بلعب دور نشط في الخلية الحية ، فكان بداية النسخ أو التكاثر الذاتي ، و أدى التكاثر الذاتي لجزيء آر إن آي rna إلى وجود اختلافات في الأجناس، و إن جزيء الـ دي إن آيه dna لم يظهر إلا بعد نشأة الحياة ، لأنه حتى يكون قادرا على التكاثر أو النسخ لا بد من وجود ميكنة خاصة تمكنه من ذلك.


    و هذه الميكنة لا توجد إلا في الخلية الحية التي لا بد من وجودها قبل تكاثر أي كائن حي و لهذا جزيء دي إن آيه dna لا بد من أنه وجد مع نشأة الحياة، و مع نشأة الحياة خلقت الأجناس والأنواع ، و تأقلمت على الظروف البيئية المحيطة بها .

    و افتراضهم أن جزيئات غير
    dna تكونت بالصدفة قامت بعملية التكاثر أو النسخ ، و أنتجت بواسطة الخيار الطبيعي جماعة من جنس ما ، أو نتيجة أخطاء عشوائية في النسخ أجناس أخرى لا يكفي أن يفسر مسيرة حياة منظمة و دورات حياة طبيعية لكل هذه التشكيلات العديدة و المختلفة من الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض التي يوجد منها حوالي 30 مليون جنس حي تقريبا .
    أضف إلى ذلك أن العلامة المميزة للمصادفة هي الفوضى وعدم الإطراد و عدم النظام بينما الذي يسود في الكائنات الحية نظام مطرد متنوع لا توجد فوضى فيه إذ لكل كائن حي نظامه الخاص و لكل كائن حي تكوينه الخاص و لكل كائن حي طريقة حصول على الغذاء خاصة و لكل كائن حي غذاء معين و لكل كائن حي طريقة تكاثر خاصة و لكل كائن حي طريقة نمو خاصة و لكل كائن حي طريقة إخراج خاصة و لكل كائن حي ظروف حياتية خاصة .

    و على التسليم أن بلايين من السنين تكون كافية لإنتاج مركبات كيميائية قادرة على أن تكوَن أجسام فقرية أو أجسام حشرية ، غير أنه من المستحيل إنتاج أجسام حية من عناصر كيميائية لا حياة فيها ، حتى لو أنها كانت قادرة على مضاعفة نفسها ، غير أن هذه الأجسام غير قادرة على مضاعفة نفسها لأنها تنقصها الحياة .

    أضف إلى ذلك أن جزيء ال دي إن آيه dna خارج الخلية الحية غير قادر على الحفاظ على مركبه الكيميائي، وخاصة تحت تأثير عوامل طبيعية قاسية كعوامل البرق والرعد والإشعاعات فوق البنفسجية (uv ) كالتي كانت تسيطر على الكرة الأرضية في ذلك الوقت الذي يفترض فيه نشأة الحياة .

    و لا يمكن للعلماء البرهنة أن جزيء dna قد أوجد الحياة ، و جزيء dna لا يوجد إلا في خلية حية ولا يتكاثر إلا في خلية حية ، و الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن شيء مادي كان سببا في نشأة شيء غير مادي ؟!!!


    و إذا كان شيء مادي لا حياة فيه أنشأ الحياة مصادفة كما يزعمون فكيف تخلق المصادفة كل نوع و أنثاه تخلق مثلا الحمار و أنثى الحمار و الرجل و أنثى الرجل و الكلب و أنثى الكلب ؟!!!!

    و إذا كان شيء مادي لا حياة فيه أنشأ الحياة مصادفة كما يزعمون فكيف تخلق المصادفة كل هذه الحيوانات و النباتات على اختلافها و جمالها و روعتها كيف تخلق المصادفة النمور و الأسود و الحشرات و الورود و الطيور على أشكالها المعروفة و الحيتان و الخيول و شجر الموز والزيتون و الليمون و جميع الكائنات الحية الأخرى ؟!!!! .

    و اعتقادهم أن الكائنات الحية الأولى التي تكونت بالصدفة كما يزعمون أخذت غذاءها من البحار من ما يسمى الحساء البدائي التي يعتقد أن عناصر كيميائية كونتها ، و عندما استهلكت هذه الكائنات الأولية الطاقة نتج عن ذلك أزمة حقيقية في الطاقة ، مما أدى إلى ظهور كائنات حية جديدة أخذت طاقتها من الشمس و ذلك قبل حوالي 4 بليون سنة تقريبا ، و هذا رجم بالغيب و قول بلا برهان صحيح ،و عمر الأرض كما قدره الفلكيون لا يربو على ثلاثة بلايين سنة ، بينما يُقدر علماء الحياة أن المدة اللازمة لتطور الأحياء على الأرض إلى حين عصور الحياة القديمة تزيد على سبعة بلايين سنة ، بمعنى أن عمر الأرض لا بد أن يكون عشرة بلايين سنة أي ضعف عمر الشمس ، و هذا باطل .


    و زعمهم بأن الكائنات الحية جاءت من البحر و استقرت في اليابسة رجم بالغيب ، و لا يصح علميا إذ من المستحيل لكائن بحري أن يخرج من البحر ليعيش على اليابسة لأن الكائن لا يمكنه تغيير مواصفاته من تلقاء نفسه إلى كائن مختلف تماما بتغيير وزن جسمه ودرجة حرارته وطريقة جسمه في استخدام الماء و عملية الإخراج و التنفس و نظام الحياة بشكل عام .


    و الكائنات الحية الوحيدة التي تستطيع نقل وتحويل الطاقة من شكل إلى آخر هي النباتات، فبواسطة التمثيل الضوئي تتحول أشعة الشمس إلى طاقة تنتقل إلى كل ما هو حي ، لهذا فإن النباتات مصدر الغذاء الأول لكل الكائنات الحية الأخرى ، حيث لا بد و أن يسبق وجود النباتات وجود أي كائن حي آخر ، وهذا مما يتنافى مع زعمهم أن الحياة تكونت في البحار و من عناصر كيميائية مجردة .

    و بعض المعادن التي يرجع عمرها إلى حوالي 4 بليون سنة ، وهو الوقت الفرضي لظهور الحياة على الأرض ذكر الجولوجيون أن هذه المعادن تحتوي على بعض الأكاسيد مثل أكسيد الحديد و هذا معناه أن الغلاف الجوي للأرض في هذا الوقت كان يحتوي على نسبة كبيرة من الأكسجين و هذا يدمر جميع الفرضيات التي تقول أنّ الحياة أنشأت نفسها من مركبات غير حية ؛ لأن وجود الأوكسجين على الأرض قبل نشوء الحياة يمنع بصورة قطعية تكوين أي مركبات عضوية و يمنع وجود أي مركبات عضوية ففي وجود الأوكسجين يحدث للمركبات العضوية عملية أكسدة و بذلك تتكسر جميع المركبات العضوية .

    و على التسليم بوجود مركبات عضوية في هذا الوقت فهذا لا يستلزم خلق الحياة وخلق الكائنات الحية فالحياة ليست مادة حتى تتكون من مادة .

    و على التسليم بخلق خلية حية - رغم أن ذلك مستحيل - فهذا لا يفسر أن تقوم خلية حية بتكوين كل الأنسجة و الأعضاء المختلفة التي يتكون منها الكائن الحي مصادفة و من الذي يبرمج الخلايا على أن تقوم بأعمالها المتخصصة وتتحول إلى أعضاء وأنسجة ؟ و كيف تقوم خلية حية بخلق القدرة على الحصول على الغذاء و القدرة على الإخراج و القدرة التنفس في الكائن الحي من الذي خلق هذه القدرات في الكائن الحي ؟ ، و كيف تقوم خلية حية بخلق أنثى للكائن الحي الذكر من الذي خلق لكل ذكر أنثى تناسبه ؟!!

    و على التسليم بخلق خلية حية فمن الذي حافظ على الخلية الحية حتى تكونت و من الذي أعد هذا الكون لها .

    و الخلاصة أن الحياة لا يمكن أن تنشأ صدفة و على التسليم بنشأة الحياة صدفة فهذا لا يغني عن وجود خالق مدبر خلق الذكر و الأنثى خلق لكل كائن ما يناسبه خلق أعضاء الكائنات الحية خلق أنسجة الكائنات الحية خلق السمع خلق البصر خلق العقل .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

  15. #55
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على سؤال الملاحدة لما انقرضت بعض المخلوقات قبل ظهور الإنسان

    الرد على سؤال الملاحدة لما انقرضت بعض المخلوقات قبل ظهور الإنسان







    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل الملاحدة هداهم الله إذا كان هذا الكون معد للإنسان و هذه المخلوقات معدة للإنسان فلما وجدت بعض المخلوقات و انقرضت .

    و الجواب أن الله هو الخالق و الخالق يفعل في خلقه ما يشاء و لا يصح أن نقول لما لم يفعل الله كذا فالله عز وجل ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[1] و الخلق خلقه و الكون ملكه وَ بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَلَا شريك مَعَه فِي ملكه فلا يعترض أحد عليه بتصرفه في ملكه .

    و الله حكيم في أفعاله فكل فعل يفعله له حكمة و الله لا يخلق شيئا عبثا حتى الذبابة يذل الله بها أنوف الجبابرة و كل أمر يأمر به له حكمة و كل نهي ينهي عنه له حكمة عرفناها أو لم نعرفها قال تعالى : ﴿ و َاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [2] و قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾[3] و قال تعالى : ﴿ و َإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[4] .

    و من حكم انقراض بعض الحيوانات أن يكون في انقراضها أمان لباقي الكائنات الحية فاقتضت حكمة الله أن تنقرض هذه الحيوانات حتى لا تضر غيرها من الكائنات الحية .

    و من حكم انقراض بعض الحيوانات أن يكون في انقراضها عبرة للطغاة فرغم عظم هذه الحيوانات و ضخامتها و قوتها إلا أنها لم تصمد أمام مشيئة الله بانقراضها و رغم ضعف كائنات أخرى و صغرها إلا أنها بقيت لأن الله أراد لها البقاء .

    و من حكم انقراض بعض الحيوانات انتفاع الإنسان بانقراضها كتكوين طبقة بترولية يستعمله الإنسان في أغراض كثيرة و البترول يعتبر مصدر هام للطاقة , و يدخل في العديد من الصناعات مثل الصناعات الكيماوية والأسمدة والمطاط والألياف الصناعية , و يكرر فنحصل على مشتقات عديدة مثل البنزين والمازوت والكيروسين و تدار به مصانع الأسلحة والمعدات الحربية .

    هذه بعض الحكم من انقراض بعض الحيوانات قبل خلق الإنسان هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات







    [1] - الأنبياء الآية 23
    [2] - النساء من الآية 26
    [3] - الأنعام الآية 18
    [4] - العمران الآية 62

  16. #56
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم بعض الملاحدة أن ميلاد النعجة دوللي أعظم من ميلاد المسيح

    الرد على زعم بعض الملاحدة أن ميلاد النعجة دوللي أعظم من ميلاد المسيح






    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم بعض الملاحدة أن البشر استطاعوا خلق نعجة من غير أب ، و هذا أعظم من خلق المسيح عليه السلام عند المؤمنين و هذا الكلام ينم عن عدم معرفة بمعنى الاستنساخ في لغة العلم فالاستنساخ هو الحصول على عدد من النسخ طبق الأصل من نبات أو حيوان أو إنسان بدون حاجة إلى تلاقح خلايا جنسية ذكرية أو أنثوية باستخدام خلايا جسمية[1] , و هذا الكائن المتكون يكون مطابقا من حيث الجينات للحيوان المأخوذ منه الخلية الجسمية أو الاستنساخ هو استعمال لمواد خلقها الله بوجه مخالف لما سنه الله من اتخاذ الجماع بين الذكر و الأنثى طريقةً للتناسل البشريّ أو الحيواني أو الاستنساخ عبارة عن توليد كائن حي بنقل النواة من خلية جسدية إلى بييضة منزوعة النواة ، و من التعريف يتضح أن الاستنساخ ليس إخراج حي من ميت ، فضلاً أن يكون إحياء من عدم و أصل الخلق الإيجاد من العدم ،و إذا بنيت على موجود لا يقال خلقت .

    و بالنسبة للنعجة دوللي فهي أول حيوان ثدي يتم استنساخه بنجاح من خلية جسمية. تم استنساخها في مؤسسة أدنبره Edinburgh في أسكتلندا ،و النعجة دولي ولدت عام 1996ميلاديا نفقت النعجة دولي التي اشتهرت بكونها أول حيوان ثديي يتم استنساخه من خلايا حيوان آخر بالغ , و قد أكد النبأ معهد الأبحاث الاسكتلندي الذي قام بعملية الاستنساخ .
    وقد مرضت هذه النعجة و اتخذ المعهد قرار إنهاء حياة النعجة المريضة، التي بلغ عمرها ست سنوات، بأسلوب القتل الرحيم بعد أن أظهرت الفحوص البيطرية أنها مصابة بمرض صدري في حالة متدهورة ، و هذا المرض عادة ما يصيب النعاج المتقدمة في العمر، و بعدها بدأ جدال آخر حول كيفية قياس العمر الحقيقي للنعجة ، و مخاطر الإصابة بالشيخوخة المبكرة لدى الكائنات المستنسخة .

    و عن استنساخ النعجة دوللي بإيجاز أنه تم أخذ خلية من ثدي شاة عمرها ست سنوات. ثم نزعت نواة هذه الخلية. ثم غرسوا هذه النواة في بييضة من شاة أخرى مفرغة من نواتها. وبعد ذلك زرعت هذه البييضة بالنواة الجديدة في رحم شاة ثالثة بعد أن مرت بعملية حضانة مخبرية .


    و مما سبق يتضح أن استنساخ النعجة دوللي ليس خلقا جديدا ، و العالم الاسكتلندي لم يخلق خلية. ولكن هذا العالم وفريقه، عرفوا كيف يدخلون على الخلية عوامل من خلق الله وصنعه ، والاستنساخ ما هو إلا نقل الصفات و المميزات من مخلوق إلى آخر فهو عملية إنتاج نسخ مطابقة وراثياً للخلية أو المخلوق الأصلي و ما عملية الاستنساخ إلا صورة فوتوغرافية للأصل فهل نستطيع الحصول على هذه الصورة بدون الأصل ؟

    أما ميلاد المسيح عليه السلام فلم يكن للمسيح أب و لم تكن ولادة المسيح بالاستنساخ بل كانت ولادة المسيح من غير تناسل أو استنساخ فقد نفخ جبريل عليه السلام في السيدة مريم - حين تمثل لها بشراً سوياً ليهب لها غلاماً زكياً - فوصل النفخ إلى فرجها فوقع الحمل بسبب ذلك، كما قال: ﴿ و َمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ [2] أي : وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم بنت عمران التي حفظت فرجها, وصانته عن الزنى, فأمر الله تعالى جبريل عليه السلام أن ينفخ في جيب قميصها , فوصلت النفخة إلى رحمها, فحملت بعيسى عليه السلام [3] ، و قد أضاف الروح إِليه تعلى على جهة التشريف [4]

    و قبل الختام نعقد مقارنة بسيطة بين ولادة المسيح عليه السلام وولادة النعجة دوللي التي تشدق بها بعض الملاحدة لنرى البون الشاسع بينهما إذ المسيح عليه السلام ولد من غير أب بأن نفخ الملك في السيدة مريم بينما النعجة دوللي ولدت من غير أب بالاستنساخ فما فعله العلماء ما هو إلا نسخ صورة طبق الأصل من الخلية الأم و لولا وجود هذه الخلية لما استطاع العلماء استنساخ هذه النعجة ، و المسيح عليه السلام عاش أكثر من ثلاثين عاما قويا فتيا ثم رفع إلى السماء أما النعجة دوللي فلم تعش إلا عدت سنوات ، و تم إعدامها لإصابتها بالعديد من الأمراض قبل أن يتم إعدامها و الكائنات المستنسخة تكون مصابة بالضعف و المرض في الغالب و من هنا يتضح أن ولادة السيد المسيح أعظم من ولادة النعجة دوللي التي تشدق بها هؤلاء الملاحدة لقلة علمهم و عظم جهلهم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات








    [1] - الجسم يحتوي على خلايا جسمية وجنسية الخلايا الجسمية لبناء الجسم أما الجنسية فهي إما حيوانات منوية عند الذكر أو بويضات عند الأنثى
    [2] - التحريم الآية 12
    [3] - التفسير الميسر
    [4] - صفوة التفاسير 2/251

  17. #57
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على زعم الملاحدة بصحة نظرية التطور

    الرد على زعم الملاحدة بصحة نظرية التطور





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيزعم الملاحدة أن نظرية التطور هي التفسير العلمي الأمثل للحياة و أنها تبطل عقيدة الخلق عند المؤمنين و أخذوا يستدلون على دعواهم بأدلة أوهى من بيت العنكبوت فانخدع بها من لا يفقه في العلم و لا الدين شيئا و قد حان وقت بيان فساد هذه النظرية التي بنيت على أوهام .

    و باديء ذي بدء نعلم القاريء أن نظرية التطور قامت على فرض باطل ، فنطرية التطور قامت على فرض أن الطبيعة خلقت خلية واحدة بالصدفة ،و هذه الخلية تطورت و تكاثرت عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان و الإنسان و هذا الفرض باطل إذ يستحيل خلق الحياة من مواد مادية لأن الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن بعض عناصر الطبيعة ، و هي شيء مادي كان سببا في نشأة الحياة ، و هي شيء غير مادي ؟!!! و ما بني على باطل فهو باطل فنظرية التطور باطلة .

    و قد يستند دعاة التطور إلى تخليق العلماء خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فتوهموا أن مادام العلماء قد قاموا بتخليق خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فبإمكان الطبيعة خلق خلية حية و تتطور هذه الخلية و تتكاثر عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان والإنسان و الملاحدة قد جهلوا أن ما فعله العلماء ليس خلقا بل استخدام خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية ، و الذي تم فى تجربة العلماء هو إدخال المادة الوراثية الصناعية فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتكون وعاء استقبال للمادة الوراثية الصناعية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء و لكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية ، و لكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

    و قد جهل الملاحدة أن تخليق العلماء خليّة صناعيّة من خليّة حيّة دليل عليهم و ليس لهم فإذا كانت هذه التجربة استغرقت العديد من السنين و الذي أجرى التجربة العديد من العلماء في أرقى المعامل في العالم و تكلفت التجربة ملايين الدولارات و كل ما فعله العلماء فقط هو صنع مادة وراثية توضع بدل المادة الوراثية التي في الخلية فهل تستطيع الطبيعة غير العاقلة أن تنشيء مادة وراثية صناعية فضلا عن أن تنشيء خلية حية مع العلم أن ظروف الماضي ليست مثل ظروف الحاضر و تخليق المادة الوراثية العضوية يحتاج عدم وجود أكسجين و الغلاف الجوي في الماضي كان يحتوي على الأكسجين بدليل وجود بعض المواد المؤكسدة و المادة الوراثية كي يمكن وضعها في خلية حية تحتاج ترتيب الجينات بطريقة معينة و عدم عقل الطبيعة يستلزم عدم قدرتها على صنع هذا الترتيب ؟!!!

    و استند دعاة التطور إلى علم الحفريات فقالوا مادام الحيوان الأرقى جاء و ظهر إلى الوجود بعد الحيوان الأدنى فهذا يدل أن الحيوان الأرقى تطور من الحيوان الأدنى ، و علم الحفريات على التسليم بصحة وثبات الترتيب الذي فيه لا دلالة فيه على التطور فلا تلازم بين ظهور الحيوان الأرقى بعد الحيوان الأدنى و بين تطور الحيوان الأرقى من الحيوان الأدنى و ظهور الحيوان الأرقى بعد الحيوان الأدنى دليل على ترتيب وجود هذه الكائنات فقط عند ملاءمة البيئة لوجودها على أي صورة كان هذا الوجود .

    و ما استند إليه دعاة التطور دليل عليهم لا لهم فكون الإنسان أرقى الكائنات الحية وجد متأخرًا ، و الكائنات الأدنى كالنبات وجدت أولًا فهذا دليل على أن هناك قوة و إرادة نظمت و أعدت هذا الكون لهذا الإنسان فخلقت كل ما يحتاجه الإنسان ليحيي على هذه الأرض ثم بعد ذلك خلقت الإنسان ، و تستحيل أن تكون هذه القوة هي الطبيعة مما يؤيد عقيدة الخلق لا نظرية التطور .


    و سجل الحفريات بالذات يحوى هزيمة ساحقة لنظرية التطور فلم يوجد في كل الحفريات التي اكتشفت أي أثر لأي كائنات انتقالية (أشكال وسيطة ) لا بد من توافرها لو كانت الكائنات الحية قد تطورت من طور إلى آخر من أنواع بسيطة إلى كائنات أكثر تعقيدا، كما تدعي نظرية التطور ، و لو كانت هذه الكائنات قد وُجدت في الحقيقة لكانت هناك الملايين منها .

    إن سجل الحفريات يدل على أن الأنواع المختلفة وُجِدَت فجأة بتراكيب مختلفة تماما, و ظلت كما هي تماما على مدار الفترات الجيولوجية المختلفة و لم تتطور من أشكال بدائية إلى أشكال متقدمة كما تدعي نظرية التطور ، و هذا ما يعترف به ستيفنجاي جولد Stephen Jay Gould عالم الحفريات المؤيد للتطور في جامعة هارفارد في أواخر السبعينات: إن تاريخ معظم الحفريات يحتوي على صفتين لا تتماشيان مع التدرج في إيجاد الكائنات الحية :
    الأولى هي الاتزان و الاستقرار, حيث لا تتغير طبيعة الكائنات طوال مدة بقائها على الأرض. فالكائنات الموجودة في سِجِلّ الحفريات تظهر و تختفي كما هي دون حدوث تغيرات عليها, و إن حدثت تغيرات فإنها تكون تغيرات طفيفة و في الشكل الخارجي و ليست باتجاه أي تطور .
    الصفة الثانية هي الظهور المفاجئ, ففي أي منطقة لا تنشأ الأنواع الجديدة تدريجيا منحدرة من كائنات أخرى, و إنما تظهر فجأة و بتركيب مكتمل تماما .

    وقال روبرتكارول Robert Carroll العالم المؤيد للدارونية في سنة 1997 قال : ( إن معظم المجموعات الكبيرة من الكائنات تنشأ و تتنوع في مدة جيولوجية قصيرة جدا , و بعد ذلك تستقر على ما هي عليه بدون أي تغير كبير شكليّ أو غذائي يعني في نمط الحياة . (


    و زعم دعاة التطور أن تطور الحصان قد أثبتته آثار الحفريات فمنذ عشرات السنين وصف تطور الحصان على أنه من الدلائل الأكثر إبرازا لنظرية التطور. ثدييات ذوات أربع قوائم قد عاشت في عصور مختلفة، تصف صفا واحدا من الأصغر إلى الأكبر. و"سلالة الحصان" هذه معروضة في متاحف العلوم الطبيعية. ولكن البحث العلمي قد بين هذه السنين الأخيرة أن المخلوقات المذكورة في هذه السلالة ليست بعضها لبعض وأن الترتيب هذا مغلوط جدا وأن هذه المخلوقات المذكورة على أنها أسلاف للحصان قد ظهرت في الحقيقة بعد الحصان[1] .




    و إن قالوا عدم اكتمال السجل الأحفوري لا ينقض نظرية التطور وإن كان اكتماله قد يدعمها فالجواب أن نظرية التطور منقوضة من حيث الأصل فقد قامت على أدلة باطلة و اكتمال سجل الحفريات لا يثبتها لأن غاية ما سوف يقدمه ظهور كائن أرقى بعد كائن أدنى و ليس نشوء كائن أرقى من كائن أدنى و شتان بينهما .

    و هذه الكائنات الانتقالية ( الحلقات المفقودة ) لا تظهر في سجل الحفريات و عدم وجودها رغم أن وجودها المفترض أن يكون بالملايين و وجود الكائنات الأسبق لها وعدم وجودها لدليل واضح على عدم وجودها أصلا لكن الملاحدة ينكرون الأمور الواضحة لشبه أوهي من بيت العنكبوت .

    إنّ الحلقات المفقودة ناقصة بين طبقات الأحياء، وليست بالناقصة بين الإنسان وما دونه فقط ، فلا توجد حلقات بين الحيوانات الأولية ذات الخلية الوحيدة والحيوانات ذوات الخلايا المتعددة، ولا بين الحيوانات الرخوية وبين الحيوانات المفصلية ، و لا بين الحيوانات اللافقرية و بين الأسماك و الحيوانات البرمائية ، و لا بين الأخير و بين الزحافات و الطيور .

    و من أحدث الأدلة الحفرية التي ساهمت في نسف نظرية التطور بشأن أصل الإنسان حفرية ساحلنثروباس تشادينسيز Sahelanthropus tchadensisالتي اكتشفت في التشاد بوسط إفريقيا في صيف 2002 ميلاديا إذ هذه الحفرية عمرها 7 ملايين سنة، و لها بنية تشبه بنية الإنسان أكثر من بنية قردة الأوسترالوبثيكو س Australopithecus التي يبلغ عمرها 5 ملايين سنة و التي يُزعم دعاة التطور أنها أقدم سلف للبشرية .

    إن دعاة التطور يعتمدون على بعض الحفريات و يدعون أنها حلقات انتقالية بين الإنسان و القرد و هذا لا يصح إذ كيف يعتمد على البقايا الصلبة من الجسم لتشييد و تشكيل الجسم الأصلي دون مشاهدة الجسم الأصلى نفسه ، و إذا أعطينا جمجمة واحدة وقدمناها لعدة باحثين لا يرى بعضهم بعضاً، فإن تصورهم لتشكيل وتغليف الجمجمة سيختلف حتماً الواحد عن الآخر و قد كان الشكل النظري المقترح لسمكة السيلاكانت بعيد كل البعد عن حقيقة أمرها و يستحيل معرفة أن للكنغر كيس بطني فقط من خلال هيكله العظمي، وأن المشاهدة المباشرة هي الوحيدة الكفيلة بإعطاء معالم الجسم التامة، فالهيكل العظمي للكنغر يشابه الهيكل عند الديناصور أو الكومودو .

    و كان Dart أول من اكتشف ما أطلق عليه اسم Australopithecus أسترالوبيثكس سنة 1924 وأشار إلى عدة أوجه شبه لهذه الجمجمة مع هيئة وقسمات القرود، وسجل في الوقت نفسه اعتقاده أن أسنان هذه الجمجمة تشبه أسنان الإنسان، كان حجم الدماغ يبلغ ثلث حجم دماغ الإنسان المعاصر، أما طول هذا المخلوق فقد يبلغ 4 أقدام فقط.

    وقد قام Rchard leaky بنشر مقالة تشير إلى أن Australopithecus لم يكن سوى قرداً بأيد طويلة وأرجل قصيرة مشابهة للقرود الإفريقية: أي أن هذا المخلوق لم يكن سوى قرداً كبيراً Ape.

    و بالنسبة لإنسان (جاوا) فقد استدل عليه عند العثور على عظمة فخذ مع قحف وثلاثة أضراس، وقد اكتشفت هذه العظام ضمن مسافة 50 قدم وفي فترة امتداد سنة كاملة، وقد كتم Dr.Dobois لمدة ثلاثين عاماً حقيقة هامة وهي أنه وجد بالقرب من هذه العظام وفي نفس المستوى من الطبقة الأرضية جماجم بشرية عادية، وقبيل وفاته أعلن عن الحقيقة وقرر أن إنسان (جاوا) ربما كان قرد Gibbon وليس مخلوقاً شبيهاً للإنسان على الإطلاق.

    أما ما يسمى (بإنسان بيكن) فيعتبره العلماء الأنتروبولوجيون البارزون أنه لم يكن إلا قرداً ضخما .

    و قد زعم دعاة التطور أن الأركيوبتيريكس Archéoptéryx هو السلسلة المفقودة بين الزواحف والطيور
    فمنذ القرن التاسع عشر، اعتبرت بقايا طير يعود تاريخه إلى 150 مليون سنة والمعروف باسم أركيوبتيريكس Archéoptéryx على أنه "المستحث ( الحفرية ) الأقوى دليلا على نظرية التطور" وهذا المستحث على حسب هذا الزعم يملك خصائص الزواحف مما يجعله "الرابطة المفقودة" بين الزواحف والطيور. ولكن يفند هذا القول اكتشافات حديثة تبين أن الأركيوبتريكسArch éoptéryx قد كان طائرا يطير تماما، وكذلك ما يزعمونه كزواحف أسلاف للطيور وهم الديناصوراتذوات الأقدام théropodes قد وجدوا أحدث من الأركيوبتيريكسAr chéoptéryx على حسب تواريخ ظهورهم في سجل المستحثات، الأمر الذي يريد القائلون بنظرية التطور إخفاءه. [2]



    و نظرية التطور تفترض أن الحياة قد نشأت عن سلف واحد مشترك ، و من ثم إتخذت كل أشكالها المتنوعة من خلال سلسلة من التغييرات الطفيفة ، و عليه فالمفترض أن تكون الحياة قد نشأت أولا في أشكال متشابهة و بسيطة للغاية وفقا لنظرية التطور ، لا بد أن تكون الإختلافات بين الكائنات الحية و التعقيدات المتزايدة فيها قد حدثت بالتوازي مع مرور الوقت كأن الكائنات الحية مثل الشجرة لها جذر مشترك يتفرع إلى فروع مختلفة .

    و قد كانت الكائنات الحية شديدة الإختلاف و التعقيد منذ اللحظة الأولى لنشأتها إذ ظهرت كل شعب الكائنات الحية في نفس الوقت في منتصف العصر الكمبري و قبل ذلك لم يكن هناك أي أثر في سجل الحفريات لأي شيء باستثناء الكائنات وحيدة الخلية و بضع كائنات بدائية للغاية من متعددات الخلايا ، و من ثم نشأت كل الشعب الحيوانية في أكمل شكل ، و على نحو فجائي خلال فترة زمنية قصيرة للغاية تعرف بالانفجار الكمبري ، و هذا النشوء المفاجئ للكائنات الحية الشديدة الاختلاف و هي في أكمل شكل إنما يعني الخلق لا التطور المزعوم .

    و التشابه بين الكائنات الحية لا دليل فيه على التطور إذ من البدهي أن التشابه في الأنواع المختلفة لا يقتضي النسب بينها، ولا يستلزمه عقلا و التشابه لا يستلزم أن يكون أحد المتشابهين أصلاً والآخر فرعاً. فلو كان إنسان يشبه إنساناً أو طير يشبه طيراً، فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل ، و الآخر فرع ؟ و التشابه التشريحي لبعض الكائنات لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة , و إنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على أن خالقها جميعا واحد و خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .

    و هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه الماكينات كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الأدعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء .

    ووجود التشابهات بين مختلف أنواع الكائنات الحية يدل على مصمم مشترك، لا أصل مشترك. فلو نظرنا مثلا للغواصة و الطائرة البرمائية و طائرة الركاب .. كل هذه الوسائط تمتلك عناصر مشتركة من محركات و ما شابه .. لكننا لن نستنتج أبدا من ذلك، أن للوسائط الثلاثة أصلا مشتركا .

    و ما يدعيه حماة التطور من أن التماثل في الجزيئات (Molecular Homology) دليل على صحة نظريتهم هو زعم باطل لا على مستوى الأعضاء فحسب، ولكن على مستوى الجزيئات أيضا. فهم يقولون إن شفرات الـ DNA أو بِنى وتراكيب البروتين لدى مختلف أجناس الكائنات الحية متماثلة، وإن هذا التماثل دليل على أنها قد ارتقت من جدود مشتركة عُليا أو ارتقت من بعضها البعچ. فعلى سبيل المثال، كثيراً ما تنشر وسائل إعلامهم ما يلي: يوجد تشابه كبير بين شفرة الـ DNA الخاصة بالإنسان وشفرة الـ DNA الخاصة بالقردة، ويتم تقديم هذا التشابه بوصفه دليلاً على ما يزعمونه من وجود علاقة ارتقاء بين الإنسان والقردة.
    وأكثر الأمثلة الفجة لهذا النمط من الجدل يتعلق بوجود ستة و أربعين كرموزوماً لدى الإنسان وثمانية و أربعين كرموزوماً لدى بعچ أنواع القرود مثل الشمبانزي . و يعتبِر دعاة التطور أن التقارب في عدد الكرموزومات بين الأجناپ المختلفة دليل على علاقة ارتقائية. ولكن إذا صح هذا المنطق، فإن هناك مَن هو أكثر قرباً للإنسان من القردة: وهو البطاطا! ذلك أن عدد كرموزومات البطاطا أقرب إلى عددها في الإنسان من الشمبانزي والغوريلا؛ فهو ستة وأربعون! وبعبارة أخرى، فإن لكل من الإنسان والبطاطا نفچ عدد الكرموزومات. وهذا مثال صارخ (وإن كان مضحكاً) يبين أن التشابه في شفرات الـ DNA لا يمكن أن يعتبر دليلاً على علاقة ارتقائية [3].

    و لا دليل معتبر على أن الإنسان في الماضي بخلاف الإنسان الحالي كما يدعي بعض دعاة التطور و كل ما يقولونه من أن الإنسان في الماضي كان شبه عاري و كان لا يعرف الكتابة و كان و كان لا أثارة عليه من علم إن يتبعون إلا الظن الخالي من دليل يرجحه فهل شاهدوا الإنسان البدائي و هل كانوا معه و هل عاشروه و لو سلمنا جدلا بمشاهدتهم بعض الناس القدامى فهذا البعض ليس دليلا جازما أنه ينطبق على الكل .

    و لو سلمنا جدلا بوجود إنسان في الماضي يخالف الإنسان الحالي في بعض الأمور فهذا لا يستلزم أن يكون الإنسان الحالي متطورا عن الإنسان في الماضي .

    و يستدل دعاة التطور بوجود أجناس بشريّة مختلفة فيقولون إذا كان أصل البشر هو آدم فكيف وجدت هذه الأجناس ؟ و سؤالهم لا علاقة له بالتطور ، و اختلاف الأجناس إنما هو اختلاف الإنسان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، و هو كاختلاف النبات الواحد و الحيوان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، مع دخول جميع الأفراد تحت نوعية واحدة ،و ليس تطور نوع من نوع و تعدد الألوان في "بني آدم" لا يتعلق بالضرورة بأبنائه المباشرين بل قد يعنى سلالته التالية بعد تفرقها إلى أجناس عدة .

    و المناخ له علاقة بتطور السمات الرئيسية بعد آلاف السنين من العزلة و عدم الاختلاط ؛ ففي أفريقيا مثلا تساعد الأنوف العريضة على تبريد و سحب أكبر قدر من الهواء الحار و الخفيف بطبعه أما الشعر المجعد فيعمل كعنصر (تكييف) يساعد على تغلغل الهواء و تبخر العرق و انطلاق الحرارة.. و في المقابل يعيش شعب الاسكيمو و سكان روسيا في ظروف باردة تجعل أجسادهم مكتنزة وقصيرة نسبيا للحد من فقد الحرارة.. كما تبدو وجوههم منتفخة وجفونهم ممتلئة بسبب غطاء شحمي يحمي الوجه والعينين من البرودة القارصة ... و هكذا...
    و القول أن اختلاف الأجناس دليل على التطور كالقول أن الطين كما يمكن أن يُصنع منه الآجر و الخزف و الطوب، كذلك يمكن أن يُصنع منه الحديد و العاج و الماء .
    و يستدل دعاة التطور بولادة أطفال مشوهين أو غير محددي الجنس ، و لا علاقة بين ولادة أطفال مشوهين أو معاقين أو غير محددي الجنس بالتطور فولادة أطفال مشوهين ما هو إلا تشوه في بعض أفراد النوع الواحد ، و ليس تشوه بتحول بعض أفراد الإنسان إلى نوع آخر ، و تشوهات الجنين ليست فقط بسبب العوامل الوراثية فلها أسباب عديدة أخرى مثل : إصابة الطفل بالداء السكري ، و إدمان الأم الحامل للكحول أو التبغ ، و اختلاف فئات الدم بين الأب و الأم ، و الاضطرابات الصبغية و إصابة الحامل ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية و التوكسوبلازما و تعرض الأم للأشعة السينية قبل الشهر السادس من الحمل و تناول الحامل بعض الأدوية .

    و معنى قولنا أن مرض من الأمراض مرض وراثي أي مرض تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما , عن طريق مورثات مصابة ( جينات مصابة ) بخللٍ ما بحيث يؤدي هذا الخلل الى حدوث تظاهرات المرض , و بعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال , ثم تظهر عند زواج أم و أب حاملين للمورثات المسببة .

    و يستدل دعاة التطور بالانتخاب الطبيعي أو البقاء للأصلح ، و هو على قولهم عبارة عن قيام عوامل الفناء بإهلاك الكائنات الضعيفة الهزيلة ، و الإبقاء على الكائنات القوية ، فيبقى الكائن القوي السليم الذي يورث صفاته القوية لذريته، و تنقرض الأحياء الضعيفة التي لا تستطيع أن تواجه ظروف البيئة و عدم توارث صفاتها و الأحياء ذات الصفات الملائمة لظروف البيئة تبقى و تزدهر و تورث صفاتها لأجيالها و استمرار الانتخاب الطبيعي فتنشأ أنواع مختلفة عن الأنواع القديمة تمتاز بقدرتها الكبيرة على التكيف و الملاءمة لظروف البيئة المتغيرة أي يبقى في صراع الحياة أصلح الأفراد فالبقاء للأصلح و استدلال دعاة التطوربالانتخاب الطبيعي غير كاف لزوال الأنواع و لا
    يعم كل الكائنات و لو تغذى حيوان مفترس على حيوان يؤدي ذلك إلى قلة الحيوان لا انقراض هذا الحيوان ؛ لأن الحيوان المفترس سيبحث على نوع آخر من الحيوانات مما يتيح للنوع الأول فرصة للتكاثر و العودة إلى الوضع الطبيعي فيما يسمى بالتوازن الحيوي .

    و لو كان البقاء للأصلح ، فلماذا بقيت النباتات والحيوانات البدائية؟ ولماذا بقيت القرود؟ ولِمَ لم تبدّل إلى الأفضل؟و لماذا نرى غير الأصلح يسطو على الأصلح فنجد الأسد يفترس الإنسان ، و نجد الحيوانات السامة كالعقرب والحية تلدغ الإنسان أو الحيوان الأفضل فتقتله ؟ و نجد الميكروبات تفتك بالإنسان الذي هو أصلح و تفتك بالحيوانات النافعة و التي هي أصلح منها ؟

    و تنازع البقاء لا يفسر الاختفاء الفجائي للزواحف الضخمة التي سادت في العصر الترياسي في حقب الحياة الوسطى و بقاء الخنفساء والنمل والبراغيث وما أشبهها فالواقع الذي نشاهده يتنافى مع ما دعواهم بالبقاء للأصلح فالأرض على مر العصور تعج بالأصلح وغير الصالح من شتى أصناف الحيوانات .

    و لو سلمنا جدلا أنّ الظروف الطبيعية و الانتخاب الطبيعي ؛ قد طورت قرداً إلى رجل – مثلاً – فإنّا لن نسلم أبداً بأن هذه الظروف قد قرّرت أيضاً أن تكون امرأة لذلك الرجل ، ليستمرا في التناسل و البقاء مع الموازنة بينهما لأن ذلك الرجل – مثلاً – الذي تطور إلى قرد سيموت ولن يكون له نسل لأنه لا يمكن أن يتزوج قردة، ولو تزوج قردة لما أنجبت له و هكذا يموت ولا يبقى و الألفة بين الذكور والإناث تنقص بقدر التباعد والاختلاف بينهما في الشكل .

    و إذا كان التطور يتجه دائماً نحو الأصلح، فلماذا لا نجد القوى العاقلة في كثير من الحيوانات أكثر تطوراً وارتقاءً من غيرها، ما دام هذا الارتقاء ذا فائدة لمجموعها ؟ ولماذا لم تكتسب القردة العليا من القوى العاقلة بمقدار ما اكتسبه الإنسان مثلاً ؟ فالحمار منذ أن عرف إلى الآن ما زال حماراً .

    و من المستحيل تصور أي عملية تطورية تؤدي إلى تكاثر جنسي. فالأجهزة التناسلية للذكر و الأنثى، لابد أن تتطور في نفس التوقيت و نفس المكان، في كل مرحلة من مراحل التطور. و لابد لملايين العمليات الكيميائية و الميكانيكية، بالإضافة إلى الخصائص الفيزيائية و السلوكية لدى الطرفين، أن تتطور في كل مرحلة بما يلائم الطرف الآخر لذا نرى أنه حتى أكبر أنصار التطور قد اعترفوا بعجزهم عن تفسير الكيفية التى حدث بها ذلك.


    و على التسليم بالإنتخاب الطبيعي الذي يكون به الميل في التناسل بين الأفراد القوية مما يسبب اندثار الأفراد الضعاف و بقاء الأقوى فهذا ليس بدليل على حدوث تطور في النوع ، بل يُفهم منه بقاء النوع الأقوى من نفس النوع و اندثار النوع الضعيف .

    وقد حاول بعض علماء الأجنة مجاراة نظرية التطور فزعموا أن جنين الإنسان مزود بفتحات خياشيمية زائدة و أنها تمثل مرحلة تطور الإنسان من الحيوانات المائية مثل الأسماك ـ إلا أنه أخيرًا في عام 1959م استطاع العالم 'راندل شورت' Rendle short الذي قضى حياته في دراسة تشريح جسم الإنسان ـ أن يثبت خطأ هذا التفسير وأثبت أن ما يسمى بفتحات خياشيمية ليست زائدة بل هي عبارة عن ثنيات في الأنسجة لازمة لتثبيت الأوعية الدموية في جنين الإنسان، وقد كان هذا التفنيد قاطعًا حتى إن 'جوليان هاكسلي' في كتابه عن التطور في صورته الجديدة قد اضطر للتسليم بما أثبته عالم التشريح 'راندل شورت' .

    و من المعروف الآن أن ما كان يُعتقد أنه خياشيم تظهر في المراحل الأولى من تكون الجنين البشري ليس في الحقيقة سوى المراحل الأولية لتكون قناة الأذن الوسطى والغدة الجاردرقية وغدة التيموپ، كما اتضح أن ذلك الجزء من الجنين الذي كان يشبه كيچ المح هو كيس يُنتج ما يحتاجه الجنين من الدم، أما الجزء الذي أطلق عليه هيكل وأتباعه اسم الذيل فهو في الحقيقة العمود الفقري في الإنسان، الذي يبدو كالذيل لا لشيء إلا لأن تكوينه يسبق تكوين الساقين[4] .

    و إرنست هيكل الذي زعم أن نمو الجنين في الرحم يمثل عملية تطورية ، قد تعمد تزوير رسوماته ليصل إلى هذا الاستنتاج المزيف و قد اعترف هيكل بذلك بعد انتقاد علماء الأجنة له ، و قال فى أحد المجلات الألمانية :( لست وحدى , فمئات من علماء الحيوان قد ارتكبوا نفس الخطيئة ) ،و على الرغم من ذلك لم تزل مراجع الأحياء تستخدم نفس الرسومات .


    و بعض دعاة التطور قدم الطفرة[5] كآلية للتطور و قال دي فريز أن الطفرة سبب حدوث تغيرات كبيرة خلال العصور الجولوجية بين أفراد قليلة حيث تمكنت من البقاء و إنتاج النوع الجديد و مثال لذلك تراكم الطفرات في الزراف العادي على مر الأجيال و ظهرت أفراد من الزراف طويلة العنق فاستطاعت الوصول إلى أوراق الأشجار العالية و تمكنت من التناسل و البقاء بينما هلكت الزراف العادية قصيرة العنق بسبب الجوع فانقرضت و نظرية الطفرة لا تفسر التنوع الكبير في الأحياء و معنى جعلهم الطفرة آلية للتطور أنه قد حدث بلايين الطفرات و هذا لادليل عليه علميا و معظم الطفرات ضارة و القليل منها نافع فعملية التطفر دائما عملية هدم و ليست عملية بناء و معظم الطفرات متنحية و النادر منها هو السائد ،و لم يحدث من قبل أن قام العلماء بتسجيل أي حالة تطفر أدت لظهور صفة مفيدة قادرة على الاستمرار ، و كل الطفرات المعروفة تؤدي إلى كائنات مريضة أو ضعيفة أو مُشَوَّهة أو حتى تؤدي مباشرة إلى موت هذا الكائن الحي ... و هذا مثبت علميا.



    و الطفرة ما هي إلا تغير عشوائي في جسد الكائن الحي ، و مثل هذا التغير العشوائي في النظام الكيمائي للكائن الحي ، لابد و أن يفسده حتما كما أن تلاعبا عشوائيا في الوصلات داخل جهاز التليفزيون ، لا نتوقع منه أن يؤدي إلى تحسن في الصورة .


    و إذا كانت الطفرة هي التي تتحكم فيما يطرأ على الكائن الحي من تغير وتطور، فأي موجب يبقى لافتراض نشأة الكائنات الحية من أصل واحد، إذ من المعلوم أن هذا الافتراض إنما لاقى القبول من أصحابه بناء على ما لاحظوه من التشابه التصاعدي الملموس بين أصناف الأحياء، وعندئذ لا يبقى لافتراض وحدة الأصل الحيواني أي وجه مقبول وهكذا فإن القول بالطفرة يحمل في طواياه عوامل التدمير لفكرة التطور من أساسها.


    و لكل نوع من الكائنات الحية نباتية أو حيوانية عدد ثابت من الصبغيات[6] مثلا عند الإنسان
    46 صبغ كرموسومي ، أما في القرد 48 صبغ كرموسومي ولا يعتمد عدد الصبغيات على حجم الكائن الحي، فالفيل مثلا عنده 56 صبغيا في كل خلية جسمية بينما تمتلك الفراشة 380 صبغيا في كل خلية جسمية ، و في البصل 16 وفي الذبابة 12 ، و في البعوض 6صبغ كرموسومي و هذا العدد الثابت للصبغيات عند جميع الأحياء لا يسمح بأي تطور من كائن حي إلى آخر و أي تغيير في المادة الوراثية ( الصبغيات) يؤدي إلى تغيير الملايين من البروتينات المتدخلة في تكوين الجسم ، و الجسم لا يتطور إلى جسم آخر بل يتعرض للتشوه .


    و استدل دعاة التطور بوجود الزائدة الدودية في الإنسان و غيره ،و قالوا الزائدة الدودية ليس لها الآن عمل في الإنسان مما يوحي بأنّها أثر بقي من القرود لم يتطور ، وهذا غير صحيح إذ لا علاقة بين وجود الزائدة الدودية و بين التطور ، و عدم معرفة فائدة الشيء لا تستلزم عدم وجود فائدة له وهل وجود الثدي عند الرجل يجعل أصل الذكور إناثاً ؟ وإن كان شعر الصدر عن الرجل من بقايا الحيوان، فلماذا لم يوجد عند الإناث ؟ لعل أنصاره يقولون بخروج الرجل إلى الصيد، وبقاء المرأة في الكهف، ويعود الرد من جديد: ولماذا بقي الشعر في الرأس والعانة عند المرأة؟

    ووجود الزائدة الدودية في الإنسان ليس دليلاً على تطور الإنسان من القرد، فسبب وجودها هو وراثتها من الإنسان الجدّ الذي كان اعتماده على النباتات، فخلقت لمساعدته في هضم تلك النباتات و الدراسات الحديثة أثبتت أن الزائدة الدودية ماهي الإ مكان تعيش فيه أنواع من البكتيريا المفيدة في عملية الهضم ، و إن لها وظيفة مرتبطة بمكانها و بتنظيم كم البكتيريا التي يجب أن تكون في جهاز هضم الإنسان، و كونها تمد جهاز الهضم بهذه البكتيريا بعد الإصابة بالأمراض الطفيلية والكوليرا والزحار والإسهالات ، بعد أن تكون هذه الإصابات ومعالجتها قد قلًصت أعداد البكتيريا في الأمعاء[7] .

    و على التسليم الجدلي بعدم توصل العلم في الوقت الحالي إلى معرفة أهمية الزائدة الدودية فهذا ليس دليلا على عدم وجود فائدة فيها، فلعل فيها فوائد عظيمة تُكتشف في المستقبل ،و الجزم بعد وجود فائدة لها لمجرد عدم معرفة العلماء في الوقت الحالي لأهميتها كمثل أن يرى شخص ساعة، ثم يعرف جميع آلاتها وأجهزتها ولا يعرف فائدة آلة وحكمتها، فيدعي أن هذه الآلة التي لا يعرف فائدتها زائدة و لا أهمية لها .

    و يدّعي دعاة التطور أن ما تبديه بعض أنواع البكتيريا من مقاومة ضد المضادات الحيوية و المناعة التي تكتسبها بعض الحشرات ضد مادة الـDDT دليل على الارتقاء ، و يزعمون أنها أمثلة للمقاومة و المناعة المكتسبة أتت بها طفرات تمّت في الكائنات الحية التي تعرضت لهذه المواد.

    هذه الخواص التي تتمتع بها البكتيريا و الحشرات ليست مميزات تم اكتسابها لاحقاً عن طريق التحور ضد هذه المادة و ضد المضادات الحيوية ؛ فقد كانت بعض تنوعات هذه الكائنات الحية لديها هذه الخواص قبل تعرض البكتيريا كلها للمضاد الحيوي و قبل تعرض الحشرات كلها للمبيدات الحشرية . و ها هي مجلة المعرفة الأمريكية (Scientific American) في عدد آذار (مارس) 1998 تعترف بهذا الموضوع رغم كونها من المنشورات الداعية للتطور و تقول: كثير من البكتيريا كانت لديها معلومات وراثية للمقاومة قبل استخدام المضادات الحيوية التجارية . و لا يعرف العلماء سبب وجود هذه المعلومات الوراثية ، كما لا يعرفون لماذا تم الحفاظ عليها وإبقاؤها!

    ... و وجود البكتيريا المقاوِمة قبل اكتشاف المضاد الحيوي بسنين طويلة تصفه مجلة Medical Tribune ( و هي من المطبوعات العلمية المرموقة ) في عدد 29 كانون الأول ( ديسمبر ) , 1988 ، و المقال يتناول حدثاً مثيراً : ففي دراسة أُجريت عام 1986 تم العثور على جثث بعض البحّارة ( الذين أصابهم المرض وماتوا أثناء رحلة قطبية استكشافية عام 1845 محفوظة في حالة تجمد ، كما عُثر في أجسامهم على نوع من البكتيريا كان منتشراً في القرن التاسع عشر ، و عندما أُجريت على هذه البكتيريا فحوص معملية وُجِد أنها تحمل خواص مقاومة ضد كثير من المضادات الحيوية التي لم يتم إنتاجها إلا في القرن العشرين !

    ووجود مثل هذه الأنواع من المقاومة قبل اكتشاف البنسلين حقيقة معروفة في الدوائر الطبية، وبالتالي فإن تقديم مثل هذه المقاومة على أنها إحدى المراحل الارتقائية هو زعم خادع إلى أبعد الحدود [8].

    و من المعلوم أن النظرية العلمية تظل مقبولة طالما استطاعت تفسير جميع الظواهر القائمة و المستجدة المتعلقة بموضوعها ، و إذا عجزت عن تفسير بعض الظواهر تسقط أو على الأقل تعدل و نظرية التطور لا تفسر نشوء الحياة على الأرض تفسيرا صحيحا فكيف تقبل ؟!! .

    و كيف يمكن لنظرية التطور أن تشرح وجود أعضاء معقدة مثل : العين , الأذن, أو حتى الأجنحة ؟ كيف يمكن التصديق بأن هذه الأعضاء تكونت بالتدريج على مدى أجيال من الكائنات المتوسطة حيث يزيد جزء جزء من تركيبها بالتدريج , مع العلم بأن كل عضو من هذه الأعضاء يفشل في أداء مهمته لو نقص منه جزء صغير جدا ،و تحول خليه بسيطه الى اخرى أكثر تعقيداً منها و بحساب الاحتمالات يحتاج الى ملايين السنين هذا هو حال خليه واحدة فكيف حال تحول حيوان الى آخر ؟!! فانه يحتاج الى مليارات السنين .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير الانتقالات الفجائية في بعض الكائنات في كل طور من أطوار حياتها فما العلاقة بين دودة القز التي تكون على الأرض و بين انتقالها الفجائي إلى فراشة تطير بأجنحتها محلقة في الهواء فهذا الانتقال الفجائي يدل على أنها خلقت ابتداءا هكذا ، و ليس في البيئة دور في خلقها .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير وسائل الدفاع عند الكائنات بل تحرم الكائنات من وسائل الدفاع عندها فالمعروف أن لكل حيوان حتى الحيوان الضعيف له وسيلة دفاع عن النفس و وسيلة الدفاع عند الطيور مثلا الأجنحة و لولا هذه الوسيلة لتمكنت أغلب الحيوانات المتوحشة من القضاء على الطيور فإذا أرادت نظرية التطور أن تطور الحيوان الزاحف إلى طير أو تطور الطير إلى حيوان زاحف بصورة تدريجية فمعنى ذلك أنها تحرمه من وسيلة الدفاع عن نفسه و في هذا هلاكه .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير وجود كل هذه الأنواع المتباينة من الكائنات الحية فكل هذه الحيوانات و النباتات على اختلافها و جمالها و روعتها و كل هذه النمور و الأسود و الحشرات و الورود و الطيور على أشكالها المعروفة و الحيتان و الخيول و شجر الموز والزيتون و الليمون و جميع الكائنات الحية الأخرى يستحيل أن تكون قد نشأت من خلية حية واحدة بل كل كائن من هذه الكائنات نشأ على حدة و لو كانت نظرية التطور صحيحة لما شاهدنا هذه الأنواع المتباينة من الكائنات ؟!!!! .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير الأنظمة الفسيولوجية المعقدة في الكائنات الحية إذ هناك الكثير من الكائنات الحية تمتلك من "الامكانيات" المتقدمة ما لا يمكن استنساخه بأعقد النظم التقنية كنظم السونار الدقيق الذي تمتلكه الدلافين و الحيتان و خنازير البحر و نظم الرادار و التمييز عند الوطاويط و امكانيات الديناميكا الهوائية و كفاءة الطائر الطنان و نظم التحكم و المقذوفات الداخلية و غرفة الاحتراق عند الخنفساء القاذفة (الفاسية) و نظم الملاحة الدقيقة و المتعددة عند خطاف البحر القطبي و نظام الصيانة الذاتية عند جميع الكائنات الحية .

    و نظرية التطور تعجز عن تفسير كيفية التكاثر جنسي بين الكائنات فالأجهزة التناسلية للذكر و الأنثى، لابد أن تتطور في نفس التوقيت و نفس المكان، في كل مرحلة من مراحل التطور. و لابد لملايين العمليات الكيميائية و الميكانيكية ، بالإضافة إلى الخصائص الفيزيائية و السلوكية لدى الطرفين، أن تتطور في كل مرحلة بما يلائم الطرف الآخر .


    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





    [1]- عشرة أكذوبات داروينية كبرى لهارون يحيي
    [2]- عشرة أكذوبات داروينية كبرى لهارون يحيي
    [3] - خديعة التطور لهارون يحيي
    [4] - خديعة التطور لهارون يحيي
    [5] - الطفرة هي حدوث خطأ في نسخ المورثات عند قيام الخلية بإعادة استنساخ نفسها و بصيغة أخرى هي أي تغيير مفاجئ يصيب المادة الوراثية أو الطفرة هي حدوث خلل في ترتيب الأحماض النووية في المورث .
    [6]- الصبغيات هي خيوط رفيعة توجد في أنوية الخلايا ، و هي قابلة للتلوين لذا تدعى الصبغيات
    [7]- The function of the appendix seems related to the massive amount of bacteria populating the human digestive system, according to the study in the Journal of Theoretical Biology.
    [8] - خديعة التطور لهارون يحيي

  18. #58
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟

    الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟



    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل اللادينيين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد و مادام الإسلام صحيحا فلما يرتد الناس بعد دخولهم فيه ، و الجواب أن الاتداد عن الدين بعد الدخول فيه خيانة عظمى للدين و للدولة الإسلامية لذلك شرع الله قتل المرتد فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من بدل دينه فاقتلوه »[1] .

    و ما شرعه الإسلام في شأن المرتد ما هو إلا تحقيق لأهم مقاصد الشريعة ، و هو حفظ الدين و صيانة الدين و لتعظيم شعائر الله وللتفريق بين الإسلام و الكفر و الحق و الباطل ، و إذا كانت قوانين البشر رغم ما فيها من القصور و التناقض و الاضطراب يوجب أصحابها عند مخالفتها الجزاءات و العقوبات ؛ فكيف بمناقضة شرع الله تعالى و الله خير الحاكمين ؟!!


    و من اختار الضلالة بعد الهدى ، و ارتد بعد إسلام و كان قدوة سيئة في مجتمعه في الاتداد - سواء قصد ذلك أو لم يقصد - كان القصاص منه بالقتل درءا لمفسدته إذ تحول الإنسان من دين إلى دين كفيل بفتنة عظيمة لا يعلم مداها إلا الله ،و إذا كانت أي دولة من الدول توجب القتل لمن يخونها حماية لها و لأبنائها فلما يشنعون على الإسلام أنه يأمر بقتل من خانه و ارتد عنه فكل نظام في العالم يُعَاقِبُ مَن خَرَجَ على قوانينه بالإعدام ، أوِ السّجْن المؤبَّد ،و يعتبرونه خيانة عظمى فكيف يُحْتَجُّ على الإسلام بقَتْل المُرْتَدِّ عنه ، و هو دِين الله الخاتم ؟!!!

    و في قتل المرتد كف شره ، وقطع أذاه، فالمرتد لا يكتفي بردته وحده في الغالب بل يبث شره و سمومه على الآخرين ، فكان في قتله قطعاً لإفساده في الأرض .

    و في قتل المرتد تعظيم للدين الذي هو أغلي ما يملك ، و عدم اتخاذ الارتداد مطية لتحقيق بعض المآرب الدنيوية فبعض ضعاف النفوس قد تحمله المغريات المادية و المصالح المادية و الشخصية على ترك دينه استجابة لداعي الإغراء و المصلحة الذاتية ، و في ظِلِّ امتلاك الكفار المال، فإنهم من الممكن أَن يَستَغِلُّوا ضِعافَ النفوس منَ الفُقَراءِ المسلمين، وَيَتِمّ إغراؤُهُم بالمال لتَغييرِ دينهم و كم حدث هذا في البلاد الفقيرة .

    و في قتل المرتدحماية لجناب الدين من التلاعب به فحتى لا يفكر أي منافق بالدخول في الإسلام ثم الخروج منه تشجيعا لحركة الاتداد و إثارة للفتنة في الدولة الإسلامية .

    و في قتل المرتدحماية للدولة الإسلامية فحتى لا تقوى شوكة الكفر و الإلحاد في الدول الإسلامية فتشكل الخطر الأكبر على عقيدة المسلمين فالكفار عندما تقوى شوكتهم يعملون على إبادة المسلمين و التاريخ خير شاهد على ذلك و ما خبر التتار و ما فعلوه ببلاد المسلمين منا ببعيد فقد عملوا على إبادة المسلمين و الشيوعيون عندما تمكنوا من المسلمين في يوغوسلافيا عملوا على إبادتهم .

    و في قتل المرتدحفظ دين المسلم الذي هو أعز ما يملك ، والإنسان قد تعتريه الغفلة في بعض الأحيان فإذا لم يكن هناك وازع يردعه فقد ينجرف وراء الشبهات التي يقذفها الشيطان في قلبه فيخسر دنياه وأخراه و حد الردة يجعل الشخص يفكر كثيرا قبل الإقدام على الاتداد .

    و ما يروج له البعض من حرية الارتداد عن الدين غير صحيح للفارق بين الكافر الأصلي و الذي كفر بعد إسلام فالذي كفر بعد إسلام قد فارق جماعة المسلمين أما الكافر الأصلي فلم يدخل في جماعة المسلمين في الأصل ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني و النفس بالنفس و التارك لدينه المفارق للجماعة »[2] ،و فرق بين حرية اختيار الدِّين و حرية الارتداد عن الدين فالارتداد عن الدين فيه إهانة للدين و تشجيع الخروج عليه و خيانة الدولة الإسلامية و إثارة الفتنة في الدولة الإسلامية أما عدم الدخول في الدين من الأصل فلا تضير الدين شيئا .

    و المسلم الحق قد اجتَمعت فيه أسبابُ الهِدايَة ودَوَاعيها من وِلادَتِه على الفِطْرَة، ونَشْأَتِه بين المسلمين، ومعرفتِه بعظمةِ الإسلام؛ فلا يَرتد عن الإسلام إلا لِخُبْثِ نفسِه، و سفه عقله ؛ فهو نبتة فاسدة ، لا خيرَ في بقائها,و بقائها يثير البلبة و يشجع على الفساد و يقلل من هيبة الدين و يكون سببا للتلاعب بالدين .

    و الردة بعد إسلام ليست عيب في الإسلام بل عيب في من ضل بعد هدى و عمي بعد إبصار و كفر بعد إسلام و العين العمياء لا تبصر الضوء ، و العين المغمضة لا تبصر الضوء فهل المشكلة في الضوء أم المشكلة في العين التي لا تبصر الضوء ؟ و الأذن التي أصيبت بالصمم لاتسمع مع أن الصوت موجود فهل المشكلة في الأذن أم المشكلة في الأذن التي لا تسمع ؟

    و سبب انتشار الردة سوء فهم الإسلام و عدم تعلمه و ضعف الإيمان و خبث النفس و ما انتشار الردة إلا كانتشار السرقة و الزنا و غير ذلك من الفواحش و سبب هذه الشرور خبث النفس و عدم الوازع الديني ، و الناس تهوى التحرر و الانفلات ، سواء كان في الأخلاق ، أو الأفكار ، لذلك شرع الإسلام حدودا منيعة ضد هذه الشرور إذ الحدود حائلة بين الناس وبين انفلاتهم ، ومانعة لهم من التمرد على القيم والفضائل .

    و الخلاصة أن أمن المسلمين فكريا بقتل المرتدين أولى بالتشريع و المحافظة ، من المحافظة على أملاكهم العامة
    و كل أمة من الأمم، وكل حضارة من الحضارات، لها مرجعها الذي تقدسه وتحترمه، وتعاقب من يخالف تعاليمه بالقتل أو التعذيب فلما يعترض على الإسلام و هو يحافظ على جنابه و أبنائه و دولته بقتل المرتد ؟!!هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات










    [1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6411
    [2] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6270 و رواه مسلم في صحيحه رقم 3175

  19. #59
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على سؤال اللادينين لماذا نعبد الله و هو غني عن عبادتنا ؟

    الرد على سؤال اللادينين لماذا نعبد الله و هو غني عن عبادتنا ؟



    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل اللادينيين في عجب إذا كان الله غني عن عبادتنا فلماذا نعبده ؟!! و الجواب أن الله غني عنا و ليس بحاجة لعبادتنا قال تعالى : ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾[1] أي : إن تكفروا بالله أنتم وجميع أهل الأرض فلن تضروا الله شيئًا; فإن الله لغني عن خلقه, مستحق للحمد والثناء, محمود في كل حال[2] ،و قال تعالى : ﴿ َإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً ﴾[3] أي : إن تجحدوا وحدانية الله تعالى وشرعه فإنه سبحانه غني عنكم; لأن له جميع ما في السموات والأرض. وكان الله غنيّاً عن خلقه, حميدًا في صفاته وأفعاله[4] .

    و قال تعالى : ﴿ إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنكُمْ ﴾ أي إنه تعالى ما كلف المكلفين ليجرّ إلى نفسه منفعةً أو ليَدْفَع عن نفسه مضرَّة لأنه تعالى غني على الإطلاق فيمتنع في حقه جر المنفعة ودفع المضرة، لأنه واجب الوجود لذاته وواجب الودود لذاته في جميع صفاته يكون غنياَ على الإطلاق و أيضاً فالقادر على خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسيّ والعناصر الأربعة والمواليد الثلاثة ممتنع أن ينتفع بصلاة «زَيْدٍ» وصيامِ «عَمْرٍو» وأن يستضر بعدم صلاة هذا وعدم صيام ذلك[5].

    وفي الحديث القدسي قال الله عز وجل : « يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم و جنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر »[6] .


    و ليس معنى أن الله غني عن عبادة البشر ألا يعبده البشر فالله قد خلق الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[7] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[8] .

    و قال ابن عثيمين في قوله تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[9] أي : ما أوجدتهم بعد العدم إلا لهذه الحكمة العظيمة، وهي عبادة الله تبارك وتعالى، وحده لا شريك له، واللام في قوله ﴿ ليعبدون ﴾ للتعليل ، لكن هذا التعليل تعليل شرعي، أي لأجل أن يعبدون ، حيث آمرهم فيمتثلوا أمري، وليست اللام هنا تعليلاً قدريا ، لأنه لو كان تعليلاً قدرياً للزم أن يعبده جميع الجن والإنس[10] .

    وقال أبو بكر الجزائري :قوله تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[11] أي لم يخلقهما للهو ،و لا للعب و لا لشيء وإنهما خلقهما ليعبدوه بالإذعان له والتسليم لأمره و نهيه[12] .

    و ليس معنى أن الله خلقنا لنعبده أن الله تعالى يحتاج لعبادتنا بل نحن الذين نحتاج أن نعبده لنشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى قال تعالى : ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ[13] فإذا فعل شخص فيك العديد من الخير ينبغي عليك أن تشكره فكيف بالله الذي وهبك كل خير ألا تشكره قال تعالى : ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾[14] و شكر الله لا يكون إلا بعبادته سبحانه دون من سواه ؟!!! و ما يعمله الإنسان من الصالحات إنما هو شكر لله عز وجل على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وقد قال تعالى : ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾[15] أي : ومن شكر ففائدة الشكر إليه، لأنه يجلب دوام النعمة، ومن جحد ولم يشكر فإن الله غنى عن العباد وعبادتهم، كريم بالإنعام عليهم وإن لم يعبدوه [16].

    و الأعمال الصالحة التي يعملها الإنسان إنما تنفع صاحبها، وكذلك الأعمال السيئة لا تضر إلا صاحبها، وأما الله تعالى فغني عن العالمين فالخلق هم المستفيدون من الطاعة والمتضررون من المعصية قال تعالى : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾[17]

    و نحن نحتاج أن نعبد الله لأننا فقراء إليه نحتاج إليه في كل أمورنا فالله بيده كل الأمور قال تعالى : ﴿ أمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[18] .

    و في هذه الآيات ما يتعلق عموما باحتياج الخلق إلى الله تعالى : ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ، وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ، أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ﴾ أي أتلك الآلهة الجمادات الصماء خير أم من يجيب المضطر إذا دعاه وهو الذي أحوجه المرض أو الفقر أو المحنة إلى التضرع إلى الله تعالى، ويرفع عنه السوء أو الضرر الذي أصابه من فقر أو مرض أو خوف أو غيره ، و يجعلكم ورثة من قبلكم من الأمم في سكنى الأرض والديار والتصرف فيها، فيخلف قرنا لقرن وخلفا لسلف، كما قال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ﴾[19] أيعقل وجود إله مع الله بعد هذا؟ وهل يقدر أحد على ذلك غير الله المتفرد بهذه الأفعال؟ ولكن ما أقل تذكركم نعم الله عليكم، ومن يرشدكم إلى الحق ويهديكم إلى الصراط المستقيم .

    و في هذه الآيات ما يتصل باحتياج الخلق إلى الله تعالى في وقت خاص: ﴿ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي أتلك الآلهة التائهة خير أم من يرشدكم في أثناء الظلمات البرية أو البحرية إذا ضللتم الطريق بما خلق من الدلائل السماوية والأرضية، كما قال تعالى: ﴿وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾[20] ، و قال سبحانه: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾[21] و من يرسل الرياح مبشرات أمام نزول الغيث الذي يحيي به الأرض بعد موتها، أيكون هناك إله مع الله فعل هذا ؟ تنزه الله المتفرد بالألوهية المتصف بصفات الكمال عن شرك المشركين الذين يعبدون مع الله إلها آخر ؟! [22]
    إن ما نراه في هذا الخلق من الحكم و الإبداع لدليل ساطع على أن الله حكيم و الله الحكيم لا يخلق الإنسان إلا لحكمة و عبادته سبحانه من أعظم حكم خلق الإنسان و من حكم خلق الإنسان أيضا ابتلاء الناس قال تعالى : ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾[23].

    و من حكم خلق الإنسان تشريف الإنسان وتكريمه بإظهار كمال عبوديته لله تعالى، فلا شيء أشرف للإنسان من أن يكون عبدا محضاً لله تعالى وحده، يأتمر بأمره، وينتهي بنهيه، ويتوجه بتوجيهاته، ويسير على صراطه المستقيم، لا نصيب لغير الله تعالى فيه قال تعالى : ﴿ و َلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾[24] .

    و من حكم خلق الإنسان إظهار أسماء الله الحسنى وصفاته العلا ، فمن عمل لما خلق له جازاه الله بالحسنى ، وتفضل عليه، وغفر له زلاته، وعفا عن هفواته ، و أسكنه فسيح جناته بعد مماته، فيظهر بذلك أثر كرم الله تعالى وتفضله وإحسانه وعفوه ومغفرته سبحانه وتعالى ، و من أعرض عما خلق له استحق عقاب الله تعالى، وانتقامه منه، لتنكره لخالقه ورازقه، والمنعم عليه، ولإعراضه عما خلقه له، فإذا انتقم منه لذلك وعاقبه، ظهر أنه الجبار المنتقم شديد العقاب .

    و من فضل الله علينا و رحمته بنا أن أمرنا بعبادته و نهانا عن معصيته و لا يرضى لنا الكفر و يرضى لنا العبادة و الشكر قال تعالى : ﴿ِ إن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾[25] ، و قوله تعالى : ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ﴾ أي : لا يضره كفركم ، كما لا ينتفع بطاعتكم ، و لكن أمره و نهيه لكم محض فضله و إحسانه عليكم و قوله تعالى : ﴿ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْر َ﴾ لكمال إحسانه بهم ، و علمه أن الكفر يشقيهم شقاوة لا يسعدون بعدها ، و لأنه خلقهم لعبادته ، فهي الغاية التي خلق لها الخلق ، فلا يرضى أن يدعوا ما خلقهم لأجله[26] ، و الله سبحانه و تعالى لرحمته بعباده لا يرضى لهم الكفر لما يسببه لهم من شقاء وخسران ، كما أنهم إن آمنوا وشكروا يرضه لهم فيثيبهم أحسن ثواب ويجزيهم أحسن جزاء[27].

    و نختم بقول قتادة و غيره من السلف: « إنَّ الله سبحانه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عنه بخلاً منه ، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم »[28].

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






    [1] - إبراهيم الآية 8
    [2] - التفسير الميسر
    [3] - النساء الآية 131
    [4] - التفسير الميسر
    [5] - اللباب في تفسير الكتاب 16/477
    [6]- رواه مسلم في كتاب البر والصلة رقم (2577) .
    [7] - الذاريات الآية 56
    [8] - تفسير السعدي ص 813
    [9] - الذاريات الآية 56
    [10] - تفسير الحجرات – الحديد لابن عثيمين ص 166
    [11] - الذاريات الآية 56
    [12] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 5/17
    [13] - إبراهيم من الآية 34
    [14] - النحل الآية 53
    [15] - النمل الآية 40
    [16] - تفسير المراغي 19/141
    [17] - فصلت الآية 46
    [18] - النمل الآية 62 -64
    [19] - الأنعام الآية 165
    [20] - النحل الآية 16
    [21] - الأنعام من الآية 97
    [22] - التفسير المنير 20/14
    [23] - العنكبوت الآية 2
    [24]- الإسراء الآية 70
    [25] - الزمر من الآية 7
    [26] - تفسير السعدي ص 719
    [27] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 4/469
    [28]- قاعدة في المحبة لابن تيمية ص 255

  20. #60
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي الرد على سؤال الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟

    الرد على سؤال الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟






    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

    أما بعد :

    فيتسائل الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟ و الجواب أن الله لا يسوي بين من يعبده و من يعبد غيره فقد قال سبحانه : ﴿ أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات أَن نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾[1] أي : أظنَّ الذين اكتسبوا السيئات , و كذَّبوا رسل الله , و خالفوا أمر ربهم , و عبدوا غيره , أن نجعلهم كالذين آمنوا بالله , و صدقوا رسله و عملوا الصالحات , و أخلصوا له العبادة دون سواه, ونساويَهم بهم في الدنيا والآخرة؟ ساء حكمهم بالمساواة بين الفجار والأبرار في الآخرة[2] ، و قال بن جبرين في صدد هذه الآية : هل حسبوا ذلك؟ فهذا حسبان باطل! كيف يعتقدون و يحسبون أن نجعلهم – و هم قد اجترحوا السيئات- أن نجعلهم مثل أهل الحسنات؟! ومثل أهل الأعمال الصالحة؟! لقد أخطئوا في هذا الحسبان[3] .


    وَ قال سبحانه : ﴿ أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار ﴾[4] وَ هَذَا الاستفهام الذي في الآية استفهام إِنْكَاري على من يظنّ ذَلِك ، و هذا يدل أَن التَّسْوِيَة بَين أهل الطَّاعَة وَ أهل الْكفْر مِمَّا يعلم بُطْلَانه وَإِن ذَلِك من الحكم السيء الَّذِي تنزه الله عَنهُ .

    و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[5]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[6] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[7] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة [8] .

    و تأبى حكمة الله سبحانه وتعالى أن يُضيع أعمال العباد سُدى، وأن يسوِّي بين المؤمن والكافر والمطيع والعاصي ، تأبى حكمة أحكم الحاكمين أن تتّصف بذلك، فلولا أنّ هناك بعثاً يحاسَب فيه العباد ويجزى كلُّ عامل بعمله للزم العبث وللزم الجور والظُّلم من الله، تعالى الله عن ذلك[9] .

    و من سمع بالإسلام و بلغته الحجة ولم يسلم فقد ظلم نفسه ظلما كبيرا لا يغفره الله إلا بالتوبة والإسلام، فإذا مات على ذلك استحق الخلود في نار جهنم قَالَ تَعَالَى : ﴿ ِإنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[10] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَا تِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾[11] .


    و إن كان الأب كافرا وله زوجة مؤمنة وأولاد فلن يجمع الله بينهم ، إذ ليس من العدل الجمع بين من آمن وأطاع، وبين من كفر وعاند قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[12] ،و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[13] و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار ﴾[14] ،و هذه الآيات تستلزم عدم التسوية بين المؤمنين و الكافرين و عدم التسوية بين أهل الجنة وأهل النار في الدنيا و في الآخرة .


    و ليس في الجنة حزن قال تعالى : ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [15] أي ويقولون حينئذ: الحمد لله الذي أذهب عنا الخوف من كل ما نحذر، وأراحنا مما كنا نتخوف من هموم الدنيا والآخرة[16] ،و قال الزجاج: أَذْهَبَ الله عن أهل الجنة كُلَّ الأحزان ما كان منها لمعاشٍ أو معادٍ[17] و قال السعدي : وهذا يشمل كل حزن، فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم، ولا في طعامهم وشرابهم، ولا في لذاتهم ولا في أجسادهم، ولا في دوام لبثهم، فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا، وهو في تزايد أبد الآباد[18] و قال الطنطاوي : والحزن: غم يعترى الإنسان لخوفه من زوال نعمة هو فيها. و المراد به هنا: جنس الحزن الشامل لجميع أحزان الدين والدنيا والآخرة أى: وقالوا عند دخولهم الجنات الدائمة، وشعورهم بالأمان والسعادة والاطمئنان : الحمد لله الذي أذهب عنا جميع ما يحزننا من أمور الدنيا أو الآخرة[19] و قال أبو بكر الجزائري : قوله تعالى : ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [20] أي كل الحزن فلا حزن يصيبهم إذ لا موت في الجنة ولا فراق ولا خوف ولا همَّ ولا كرب فمِن أين يأتي الحزن[21] .

    و لا يقاس أحوال الناس يوم القيامة على أحوال الناس في الدنيا ، ففي الدنيا يتألم المسلم إذا رأى أمه أو أباه يرفضون الإسلام لعلمه بعاقبتهم عند الله، ولكنه يسلم لأمر الله ولا يضره هذا في الآخرة ولا يحزنه إذا دخل الجنة ، فأهل الجنة لا يحزنون قال تعالى : ﴿ ِإنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾[22].

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





    [1] - الجاثية من الآية 21
    [2] - التفسير الميسر
    [3] - شرح الطحاوية لابن جبرين
    [4] - ص الآية 28
    [5] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
    [6] - القلم الآية 35 - 36
    [7] - السجدة الآية 18
    [8] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/23
    [9] - إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للفوزان 2/172
    [10] - النساء الآية 48
    [11] - التوبة الآية 68
    [12] - القلم الآية 35 - 36
    [13] - السجدة الآية 18
    [14] - ص الآية 28
    [15] - فاطر الآية 34
    [16] - تفسير المراغي 22/131
    [17] - اللباب في علوم الكتاب 16/143
    [18] - تفسير السعدي ص 689
    [19] - التفسير الوسيط للطنطاوي 11/350
    [20] - فاطر الآية 34
    [21] - أيسر التفاسير 4/356

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •