هل يقول لأخيه : ادعُ لي ؟
ص
(79) الفائدة الرابعة عشرة : وأ
ما سؤاله لغيره أن يدعو له: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: {لا تنسنا من دعائك} (وقال في موضع - إن صح الحديث - فبعضهم يضعِّفه ) وقال: {
إذا سمعتم المؤذن: فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي مرة بصلى الله عليه عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي يوم القيامة}
وقد يقال في هذا: هو طلب من الأمة الدعاء له
لأنهم إذا دعوا له حصل لهم من الأجر أكثر مما لو كان الدعاء لأنفسهم كما قال للذي قال: أجعل صلاتي كلها عليك؟ فقال: {
إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك} فطلبه منهم الدعاء له
لمصلحتهم كسائر أمره إياهم بما أمر به وذلك لما في ذلك من المصلحة لهم فإنه قد صح عنه أنه قال: {
ما من رجل يدعو لأخيه بظهر الغيب بدعوة: إلا وكل الله به ملكا كلما دعا دعوة قال الملك الموكل به: آمين ولك مثله} .
وقال (النبي صلى الله عليه وسلم قد طلب من أمته أن يدعوا له؛ ولكن ليس ذلك من باب سؤالهم، بل أمره بذلك لهم كأمره لهم بسائر الطاعات التي يثابون عليها مع أنه صلى الله عليه وسلم له مثل أجورهم في كل ما يعملونه فإنه قد صح عنه أنه قال: {
من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا}
وقال ( 133 ) الدعاء للغير ينتفع به الداعي والمدعو له وإن كان الداعي دون المدعو له فدعاء المؤمن لأخيه ينتفع به الداعي والمدعو له.
فمن قال لغيره ادع لي
وقصد انتفاعهما جميعا بذلك كان هو وأخوه متعاونين على البر والتقوى فهو نبه المسئول وأشار عليه بما ينفعهما، والمسئول فعل ما ينفعهما بمنزلة من يأمر غيره ببر وتقوى؛ فيثاب المأمور على فعله والآمر أيضا يثاب مثل ثوابه؛ لكونه دعا إليه لا سيما ومن الأدعية ما يؤمر بها العبد كما قال تعالى: {
واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}
فأمره بالاستغفار ثم قال: {
ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} .
وقال (والمقصود هنا:
أن الله لم يأمر مخلوقا أن يسأل مخلوقا إلا ما كان مصلحة لذلك المخلوق إما واجب أو مستحب. فإنه سبحانه لا يطلب من العبد إلا ذلك فكيف يأمر غيره أن يطلب منه غير ذلك؟ بل قد حرم على العبد أن يسأل العبد ماله إلا عند الضرورة ) .
حكمٌ النذرِ ، وهل فيه كفارة إن نذر لمعصية ؟
(81) الفائدة الخامسة عشرة : والنذر أعظم من الحلف ولهذا لو نذر لغير الله فلا يجب الوفاء به باتفاق المسلمين.
مثل أن ينذر لغير الله صلاة أو صوما أو حجا أو عمرة أو صدقة.
ولو حلف (
ليفعلن شيئا )
لم يجب عليه أن يفعله ، قيل يجوز له أن يكفر عن اليمين ولا يفعل المحلوف عليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {
من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه} وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه نهى عن النذر وقال: {
إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل} فإذا كان النذر لا يأتي بخير فكيف بالنذر للمخلوق ولكن
النذر لله يجب الوفاء به إذا كان في طاعة ، وإذا
كان معصية لم يجز الوفاء باتفاق العلماء .
وإنما تنازعوا هل فيه بدل أو كفارة يمين أم لا؟ لما رواه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {
من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه} . فمن ظن أن النذر للمخلوقين يجلب له منفعة أو يدفع عنه مضرة فهو من الضالين كالذين يظنون أن عبادة المخلوقين تجلب لهم منفعة أو تدفع عنهم مضرة.
الفرق بين ( الولي ) و( الشيطانيِّ الكاذب ) بإقامة حدود الله .
(82) الفائدة السادسة عشرة : وهؤلاء (
أي: المشركون) إذا أظهر أحدهم شيئا خارقا للعادة لم يخرج عن أن يكون حالا
شيطانيا أو حالا
بهتانيا فخواصهم تقترن بهم الشياطين كما يقع لبعض العقلاء منهم وقد يحصل ذلك لغير هؤلاء لكن لا تقترن بهم الشياطين إلا مع نوع من البدعة إما كفر وإما فسق وإما جهل بالشرع.
فإن
الشيطان قصده إغواء بحسب قدرته
فإن قدر على أن يجعلهم كفارا جعلهم كفارا وإن لم يقدر إلا على جعلهم فساقا أو عصاة
وإن لم يقدر إلا على نقص عملهم ودينهم ببدعة يرتكبونها يخالفون بها الشريعة التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فينتفع منهم بذلك.
لهذا قال الأئمة: لو
رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهي.
ولهذا يوجد كثير من الناس يطير في الهواء
وتكون الشياطين هي التي تحمله لا يكون من كرامات أولياء الله المتقين.
ومن هؤلاء: من يحمله الشيطان إلى عرفات فيقف مع الناس ثم يحمله فيرده إلى مدينته تلك الليلة ويظن هذا الجاهل أن هذا من أولياء الله ولا يعرف أنه يجب عليه أن يتوب من هذا وإن اعتقد أن هذا طاعة وقربة إليه فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
لأن الحج الذي أمر الله به ورسوله لا بد فيه من الإحرام والوقوف بعرفة ولا بد فيه من أن يطوف بعد ذلك طواف الإفاضة فإنه ركن لا يتم الحج إلا به بل عليه أن يقف بمزدلفة ويرمي الجمار ويطوف للوداع وعليه اجتناب المحظورات والإحرام من الميقات. إلى غير ذلك من واجبات الحج.
وهؤلاء الضالون الذين يضلهم الشيطان يحملهم في الهواء يحمل أحدهم بثيابه فيقف بعرفة ويرجع من تلك الليلة. حتى يرى في اليوم الواحد ببلده ويرى بعرفة.
ومنهم من يتصور الشيطان بصورته ويقف بعرفة فيراه من يعرفه واقفا فيظن أنه ذلك الرجل وقف بعرفة. فإذا قال له ذلك الشيخ أنا لم أذهب العام إلى عرفة ظن أنه ملك خلق على صورة ذلك الشيخ وإنما هو شيطان تمثل على صورته ومثل هذا وأمثاله يقع كثيرا وهي أحوال شيطانية قال تعالى: {ومن
يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين} .
(( وسيأتي مزيدٌ من الكلام على هذه المسألة في آخر الكتاب - إن شاء الله - )) .
شركٌ في الألوهية ، وشركٌ في الربويبة ، وشركٌ خفي
(91) الفائدة السابعةَ عشرةَ : هذا فالشرك إن كان شركا يكفر به صاحبه.
وهو نوعان:
-(1) شركٌ في الإلهية (2) وشرك في الربوبية.
فأما الشرك في الإلهية فهو: أن
يجعل لله ندا - أي: مثلا في عبادته أو محبته أو خوفه أو رجائه أو إنابته فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه.
وأما النوع الثاني: فالشرك في الربوبية فإن الرب سبحانه هو المالك المدبر المعطي المانع الضار النافع الخافض الرافع المعز المذل فمن شهد أن المعطي أو المانع أو الضار أو النافع أو المعز أو المذل غيره فقد أشرك بربوبيته.
ولكن إذا أراد التخلص من هذا الشرك
فلينظر إلى المعطي الأول مثلا فيشكره على ما أولاه من النعم وينظر إلى من أسدى إليه المعروف فيكافئه عليه لقوله عليه السلام {
من أسدى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه}
وأما الشرك الخفي : فهو الذي لا يكاد أحد أن يسلم منه
مثل أن يحب مع الله غيره. فإن كانت محبته لله
مثل حب النبيين والصالحين والأعمال الصالحة فليست من هذا الباب لأن هذه تدل على
حقيقة المحبة لأن حقيقة المحبة أن يحب المحبوب وما أحبه ويكره ما يكرهه ومن صحت محبته امتنعت مخالفته لأن المخالفة إنما تقع لنقص المتابعة ويدل على نقص المحبة قول الله تعالى {
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} الآية. فليس الكلام في هذا.
محرِّكاتُ القلوب !
(95) الفائدة الثامنةَ عشرةَ : اعلم أن محركات القلوب إلى الله عز وجل ثلاثة: المحبة والخوف والرجاء.
وأقواها
المحبة وهي مقصودة تراد لذاتها لأنها تراد في الدنيا والآخرة بخلاف الخوف فإنه
يزول في الآخرة قال الله تعالى {
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
والخوف المقصود منه الزجر والمنع من الخروج عن الطريق فالمحبة تلقى العبد في السير إلى محبوبه وعلى قدر ضعفها وقوتها يكون سيره إليه والخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوب والرجاء يقوده
فهذا أصل عظيم يجب على كل عبد أن يتنبه له فإنه لا تحصل له العبودية بدونه وكل أحد يجب أن يكون عبدا لله لا لغيره.
فإن قيل فالعبد في بعض الأحيان قد لا يكون عنده محبة تبعثه على طلب محبوبه فأي شيء يحرك القلوب؟ قلنا يحركها شيئان –
أحدهما : كثرة الذكر للمحبوب لأن كثرة ذكره تعلق القلوب به ولهذا أمر الله عز وجل بالذكر الكثير فقال تعالى {
يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا} {
وسبحوه بكرة وأصيلا} الآية.
والثاني: مطالعة آلائه ونعمائه قال الله تعالى {
فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون} وقال تعالى {
وما بكم من نعمة فمن الله} .
شركُ الطاعةِ
(98) الفائدة التاسعةَ عشرةَ : كثير من المتفقهة وأجناد الملوك وأتباع القضاة والعامة المتبعة لهؤلاء يشركون
شرك الطاعة وقد {قال النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما قرأ {
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم} فقال يا رسول الله ما عبدوهم فقال ما عبدوهم ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم} . فتجد أحد المنحرفين يجعل الواجب ما أوجبه متبوعه والحرام ما حرمه والحلال ما حلله والدين ما شرعه إما دينا وإما دنيا وإما دنيا ودينا.
ثبوتُ الشفاعة ، وأن المعتزلة لم ينكروا إلا شفاعة واحدة .
(108) الفائدة العشرون : ثبت بالسنة المستفيضة بل المتواترة واتفاق الأمة: أن نبينا صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع وأنه يشفع في الخلائق يوم القيامة وأن الناس يستشفعون به يطلبون منه أن يشفع لهم إلى ربهم وأنه يشفع لهم.
ثم اتفق أهل السنة والجماعة أنه يشفع في أهل الكبائر وأنه لا يخلد في النار من أهل التوحيد أحد.
وأما الخوارج والمعتزلة فأنكروا شفاعته لأهل الكبائر ولم ينكروا شفاعته للمؤمنين؛(
وقال في موضع آخر : ولم ينفوا الشفاعة لأهل الثواب في زيادة الثواب) وهؤلاء مبتدعة ضلال وفي تكفيرهم نزاع وتفصيل.
أما من أنكر ما ثبت بالتواتر والإجماع
فهو كافر بعد قيام الحجة وسواء سمى هذا المعنى استغاثة أو لم يسمه.
حكمُ المخالفِ للكتابِ والسنَّة
(113) الفائدة الإحدى والعشرون : من خالف ما ثبت بالكتاب والسنة: فإنه يكون إما كافرا وإما فاسقا وإما عاصيا إلا أن يكون مؤمنا مجتهدا مخطئا فيثاب على اجتهاده ويغفر له خطؤه وكذلك إن كان لم يبلغه العلم الذي تقوم عليه به الحجة فإن الله يقول: {
وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} . و
أما إذا قامت عليه الحجة الثابتة بالكتاب والسنة فخالفها: فإنه يعاقب بحسب ذلك
إما بالقتل وإما بدونه والله أعلم.
نفي الله الملكَ والشراكةَ والظهور والشفاعة إلا بإذنه عن الأرباب
(114) الفائدة الثانية والعشرون : جمع بين الشرك والشفاعة في قوله: {
قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} . فهذه الأربعة هي التي يمكن أن يكون لهم بها تعلق.
الأول: ملك شيء ولو قل
الثاني: شركهم في شيء من الملك. فلا ملك ولا شركة
الثالث : ولا معاونة يصير بها ندا.
فإذا انتفت الثلاثة: بقيت الشفاعة فعلقها بالمشيئة.
الشفاعةُ لا تكونُ إلا بإذنه .
(118) الفائدة الثالثة والعشرون : الشفاعة المنفية هي الشفاعة المعروفة عند الناس عند الإطلاق وهي أن يشفع الشفيع إلى غيره ابتداء فيقبل شفاعته .... (
وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون )
فأما إذا أذن له في أن يشفع فشفع؛
لم يكن مستقلا بالشفاعة بل يكون مطيعا له أي تابعا له في الشفاعة وتكون شفاعته مقبولة ويكون الأمر كله للآمر المسئول.
وقد ثبت بنص القرآن في غير آية: أن أحدا لا يشفع عنده إلا بإذنه. كما قال تعالى: {
من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}
ثم قال (ومعلوم أنه إنما نفى الخلة المعروفة ونفعها المعروف كما ينفع الصديق الصديق في الدنيا كما قال: {
وما أدراك ما يوم الدين} {
ثم ما أدراك ما يوم الدين} {
يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ) .
فقال بعدها (
لم ينف أن يكون في الآخرة خلة نافعة بإذنه فإنه قد قال: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) .
(فتعين أن الأمر كله عائد إلى
تحقيق التوحيد وأنه لا ينفع أحد ولا يضر إلا بإذن الله وأنه لا يجوز أن يعبد أحد غير الله ولا يستعان به من دون الله وأنه يوم القيامة يظهر لجميع الخلق أن الأمر كله لله ويتبرأ كل مدع من عواه الباطلة فلا يبقى من يدعي لنفسه معه شركا في ربوبيته أو إلهيته ولا من يدعي ذلك لغيره بخلاف الدنيا؛ فإنه وإن لم يكن رب ولا إله إلا هو فقد اتخذ غيره ربا وإلها وادعى ذلك مدعون.
الالتفاتُ إلى الأسباب شرح،ومحوها نقصٌ في العقل ، والإعراض عنها قدح
(131) الفائدة الرابعة والعشرون : كل داع شافع دعا الله - سبحانه وتعالى - وشفع: فلا يكون دعاؤه وشفاعته إلا بقضاء الله وقدره ومشيئته وهو الذي يجيب الدعاء ويقبل الشفاعة فهو الذي خلق السبب والمسبب،
والدعاء من جملة الأسباب التي قدرها الله - سبحانه وتعالى -.
وإذا كان كذلك: فالالتفات إلى الأسباب
شرك في التوحيد ومحو الأسباب أن تكون أسبابا
نقص في العقل والإعراض عن الأسباب بالكلية
قدح في الشرع؛ بل العبد يجب أن يكون توكله ودعاؤه وسؤاله ورغبته إلى الله - سبحانه وتعالى - والله يقدر له من الأسباب - من دعاء الخلق وغيرهم - ما شاء.
تنبيهاتٌ ثلاثة لمن أخذ بالأسباب!!
(137) الفائدة الخامسة والعشرون : قال : لكن ينبغي أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور:
أحدها: أن السبب المعين لا يستقل بالمطلوب بل لا بد معه من أسباب أخر ومع هذا فلها موانع. فإن لم يكمل الله الأسباب ويدفع الموانع: لم يحصل المقصود وهو - سبحانه - ما شاء كان - وإن لم يشأ الناس - وما شاء الناس لا يكون إلا أن يشاء الله.
الثاني: أن لا يجوز أن يعتقد أن الشيء سبب إلا بعلم فمن أثبت شيئا سببا بلا علم أو يخالف الشرع: كان مبطلا مثل من يظن أن النذر سبب في دفع البلاء وحصول النعماء. وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم {:
أنه نهى عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل} .
الثالث: أن
الأعمال الدينية لا يجوز أن يتخذ منها شيء سببا إلا أن تكون مشروعة؛
فإن العبادات مبناها على التوقيف؛ فلا يجوز للإنسان أن يشرك بالله فيدعو غيره - وإن ظن أن ذلك سبب في حصول بعض أغراضه -.