بسم الله الرحمن الرحيم
-> اللطائف الأصولية القيمة لابن القيم <-
- > 1 < -
قال ابن القيم:
" الصلاة باقية على مسماها في اللغة ، وهو الدعاء ، والدعاء : دعاء عبادة ، ودعاء مسألة ، والمصلي من حين تكبيره إلى سلامه بين دعاء العبادة ودعاء المسألة ؛ فهو في صلاة حقيقية ، لا مجازا ولا منقولة ، لكن خص اسم الصلاة بهذه العبادة المخصوصة كسائر الألفاظ التي يخصها أهل اللغة والعرف ببعض مسماها كالدابة والرأس ، ونحوهما ، فهذا غايته تخصيص اللفظ وقصره على بعض موضوعه ، ولهذا لا يوجب نقلا ولا خروجا عن موضوعه الأصلي ، والله أعلم "
/ جلاء الأفهام /
ـــــــ
قال السرخسي:
" وبيان هذا في اسم الصلاة فإنها للدعاء حقيقة، قال القائل: وصلي على دنها وارتسم وهي مجاز للعبادة المشروعة بأركانها، سميت به لانها شرعت للذكر، قال تعالى: * (وأقم الصلاة لذكري) * وفي الدعاء ذكر وإن كان يشوبه سؤال، ثم عند الاطلاق ينصرف إلى العبادة المعلومة بأركانها سواء كان فيها دعاء أو لم يكن كصلاة الاخرس وإنما تركت الحقيقة للاستعمال عرفا."
/ أصول السرخسي /
قال الآمدي:
"والصلاة في اللغة بمعنى الدعاء، وفي الشرع عبارة عن الافعال المخصوصة، وعلى قوله تعالى: (وآتوا الزكاة) "
مسمى الصلاة في اللغة هو الدعاء.
وقال الآمدي:
"وقد يطلق اسم الصلاة على الافعال التي لا دعاء فيها.
كصلاة الاخرس الذي لا يفهم الدعاء في الصلاة حتى يأتي به.
وبتقدير أن يكون الدعاء متحققا، فليس هو المسمى بالصلاة وحده.
ودليله أنه يصح أن يقال إنه في الصلاة حالة كونه غير داع، ولم كان هو المسمى بالصلاة لا غير، لصح عند فراغه من الدعاء أن يقال: خرج من الصلاة.
وإذا عاد إليه، يقال: عاد إلى الصلاة.
وأن لا يسمى الشخص مصليا حالة عدم الدعاء مع تلبسه بباقي الافعال."
/ الاحكام /
وقال ابن حزم:
" كما نقل تعالى اسم الصلاة عن موضوعها في اللغة، عن الدعاء إلى استقبال الكعبة، ووقوف وركوع وسجود وجلوس، بصفات محدودة لا تتعدى "
وقال:
" والوجه الثاني نقل الاسم عن موضوعه في اللغة بالكلية، وإطلاقه على شئ آخر، كنقل الله تعالى اسم الصلاة عن الدعاء فقط، إلى حركات محدودة من قيام وركوع وسجود وجلوس وقراءة ما، وذكر ما، لا يتعدى شئ من ذلك إلى غيره ".
/ الإحكام في أصول الأحكام /
قال الغزالي:
" قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ حَدَثَ فِي الشَّرِيعَةِ عِبَادَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا اسْمٌ فِي اللُّغَةِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَالصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ لَيْسَتْ عِبَارَةً عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا الْحَجُّ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ .
قُلْنَا عَنْهُ جَوَابَانِ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ لَيْسَ الصَّلَاةُ فِي الشَّرْعِ أَيْضًا عِبَارَةً عَنْهُ بَلْ الصَّلَاةُ عِبَارَةٌ عَنْ الدُّعَاءِ كَمَا فِي اللُّغَةِ...
الثَّانِي : أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : سُمِّيَتْ جَمِيعُ الْأَفْعَالِ صَلَاةً لِكَوْنِهَا مُتَّبِعًا بِهَا فِعْلُ الْإِمَامِ ، فَإِنَّ التَّالِيَ لِلسَّابِقِ فِي الْخَيْلِ يُسَمَّى مُصَلِّيًا لِكَوْنِهِ مُتَّبِعًا ، هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى إنْكَارِ تَصَرُّفِالشَّر ْعِ فِي هَذِهِ الْأَسَامِي ، وَلَا سَبِيلَ إلَى دَعْوَى كَوْنِهَا مَنْقُولَةً عَنْ اللُّغَةِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا ظَنَّهُ قَوْمٌ ، وَلَكِنَّ عُرْفَ اللُّغَةِ تَصَرَّفَ فِي الْأَسَامِي مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : التَّخْصِيصُ بِبَعْضِ الْمُسَمَّيَاتِ كَمَا فِي الدَّابَّةِ فَتَصَرُّفُ الشَّرْعِ فِي الْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَالْإِيمَانِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ إذْ لِلشَّرْعِ عُرْفٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَمَا لِلْعَرَبِ وَالثَّانِي : فِي إطْلَاقِهِمْ الِاسْمَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الشَّيْءُ وَيَتَّصِلُ بِهِ ، كَتَسْمِيَتِهِم ْ الْخَمْرَ مُحَرَّمَةً وَالْمُحَرَّمُ شُرْبُهَا وَالْأُمَّ مُحَرَّمَةً وَالْمُحَرَّمُ وَطْؤُهَا فَتَصَرُّفُهُ فِي الصَّلَاةِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ شَرَطَهُ الشَّرْعُ فِي تَمَامِ الصَّلَاةِ فَشَمَلَهُ الِاسْمُ بِعُرْفِ اسْتِعْمَالِ الشَّرْعِ ، إذْ إنْكَارُ كَوْنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ رُكْنَ الصَّلَاةِ وَمِنْ نَفْسِهَا بَعِيدٌ ."
/ المستصفى /