تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 86

الموضوع: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    بــــلاد الشــــام
    المشاركات
    298

    Arrow أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام


    أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام


    ===================



    مَحَبّةُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم
    بَيْنَ
    زَيْفِ الادّعَاءِ وَحَقِيْقَةِ الاقْتِدَاْءِ


    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد :

    فإنه مما لاشك فيه أن إسلام العبد إنما يصح ويقبل بشهادة أن لاإله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فالشهادة تنبني على هذين الركنين الأساسيين، وهما في الحقيقة يتضمنان إخلاص التوحيد لله وهذا في الشق الأول من الشهادة، وإفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع والطاعة، وهذا في الشق الثاني منها . فكما أنه لامستحق للعبادة سوى الله، فكذلك لامستحق للاتباع سوى محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا هو تحقيق معنى الشهادتين :
    [ لاإله إلا الله : إفراد الله تعالى بالعبادة ( الإخلاص ) ]، [ محمد رسول الله : إفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع ] .

    وهناك أمور كثيرة يُلزَم بها من نطق بهاتين الشهادتين، ليس هذا موضع تفصيلها وبيانها . ما أصبوا إليه في هذا المقام هو مايتعلّق بجناب النبي صلوات ربي وسلامه عليه، فإن من لوزام شهادة المسلم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، محبته ـــ أي محبة النبي صلى الله عليه وسلم ـــ بل إن محبّة المصطفى مقدّمة على جميع المحابّ، ولايكون العبد من أهل الإيمان إلا إن كان يحب المصطفى عليه السلام أكثر من أهله ونفسه وماله، دلّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين )) رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
    وعن عبد الله بن هشام قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر : يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء، إلا من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك )) فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( الآن يا عمر )) رواه البخاري .

    ولهذا فمما عُلم من دين الله بالضرورة هو كفر من كان في قلبه شيئ من بغض المصطفى أو التنقص من قدره الشريف، أو بُغض شيئ مما جاء به أو أمر به أو نهى عنه، إذ لايُعقل ادّعاء الإسلام ومن ثَمّ بغض من جاء به .

    والمحبة الحقيقة الحقّة إنما تكون بالاتباع والاقتداء، لا بالتمني والادعاء، فليس كل مدّع للمحبة مُحب، وليس كل مُظهر للمحبة محبّ .
    وضابط ذلك : هو مقدار طاعة المحبوب والتأسّي به والعمل بمنهجه وسيرته، فمُحالٌ أن تدّعي محبة شخص ثم تَعمَد إلى مخالفة أمره أو فعل مانهى عنه أو أمر باجتنباه،،، فيا من تدّعي محبّته، أين أنت من سنّته، فآية المحبة الانقياد للمحبوب وطاعته في جميع أمره واجتناب جميع مانهى عنه .

    تَعْصِي [الرسول] وَأَنْتَ تَزْعُمُ حُبَّهُ * * * هَذَا لَعَمْرِي فِي الْقِيَاسِ بَدِيعُ
    لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ * * * إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ



    ومصداق ذلك قول ربي جل في علاه : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))، فقد جعل الله تبارك وتعالى مغفرته متعلّقة باتّباع النبي صلى الله عليه وسلم، بل ودليل على صدق محبة العبد لربّه،،، فتأمّل .
    يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ " ولهذا قال : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )) أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض الحكماء العلماء : ليس الشأن أن تُحِبّ، إنما الشأن أن تُحَبّ وقال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )) . . . ثم قال: (( وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) أي : باتباعكم للرسول صلى الله عليه وسلم يحصل لكم هذا كله ببركة سفارته .
    ثم قال آمرًا لكل أحد من خاص وعام : (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا )) أي : خالفوا عن أمره (( فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ )) فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه يحب لله ويتقرب إليه، حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل، ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس الذي لو كان الأنبياء ـــ بل المرسلون، بل أولو العزم منهم ـــ في زمانه لما وسعهم إلا اتباعه، والدخول في طاعته، واتباع شريعته، كما سيأتي تقريره عند قوله : (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ )) إن شاء الله تعالى "

    بل إن العبد لايجد الإيمان وحلاوته إلا إن كان الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما . . . )) رواه البخاري ومسلم .

    هذه هي عقيدتنا في وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم، وكفر من أبغضه صلى الله عليه وسلم، أو أبغض شيئا من شرعه، أو انتقص شيئا من قدره، وهذا الذي ندين الله به ونُشهده عليه .


    ===================


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    بــــلاد الشــــام
    المشاركات
    298

    Arrow رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام




    أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام


    روى الإمام مسلم في صحيحه :
    عن أنس، أن رجلا قال : يا رسول الله ! أين أبي ؟ قال : " في النار " فلما قفى دعاه فقال : " إن أبي وأباك في النار " ورواه غيره .
    بوّب الإمام النووي للحديث بقوله :
    " باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تناله شفاعة ولا تنفعه قرابة المقربين "
    ثم قال : " فِيهِ : أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْر فَهُوَ فِي النَّار ، وَلَا تَنْفَعهُ قَرَابَة الْمُقَرَّبِينَ ، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَة عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَرَب مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان فَهُوَ مِنْ أَهْل النَّار ، وَلَيْسَ هَذَا مُؤَاخَذَة قَبْل بُلُوغ الدَّعْوَة ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَة إِبْرَاهِيم وَغَيْره مِنْ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِمْ . وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّار ) هُوَ مِنْ حُسْن الْعِشْرَة لِلتَّسْلِيَةِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْمُصِيبَة "
    وروى الإمام مسلم أيضا في صحيحه :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    " اِسْتَأْذَنْت رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِر لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَن لِي ، وَاسْتَأْذَنْته أَنْ أَزُور قَبْرهَا فَأَذِنَ لِي "
    قال الإمام النووي في تعليقه على حديث الاستئذان :
    " فِيهِ جَوَاز زِيَارَة الْمُشْرِكِينَ فِي الْحَيَاة ، وَقُبُورهمْ بَعْد الْوَفَاة ؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَتْ زِيَارَتهمْ بَعْد الْوَفَاة فَفِي الْحَيَاة أَوْلَى ، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : (( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) وَفِيهِ : النَّهْي عَنْ الِاسْتِغْفَار لِلْكُفَّارِ . . . ثم قال : قَالَ الْقَاضِي : بُكَاؤُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا فَاتَهَا مِنْ إِدْرَاك أَيَّامه ، وَالْإِيمَان بِهِ ."

    وتأمّل قوله صلى الله عليه وسلم، الذي سبق ذكره في حديث الاستئذان، وفيه : " اِسْتَأْذَنْت رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِر لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَن لِي " ، تأمّل في هذا الحديث وقوله تبارك وتعالى
    (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ))
    فعدم الإذن بالاستغفار لها، لهو دليل واضح وصريح على أنها لم تكن على الحنيفية الخالصة والتوحيد، ولهذا نُهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لها .

    وروى الإمام البخاري في صحيحه وبوّب لمثله بقوله :
    باب إذا قال المشرك عند الموت : لا إله إلا الله :
    أن أبا طالب لما حضرته الوفاة ، دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل ، فقال : " أي عم ، قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله " فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ، ترغب عن ملة عبد المطلب ، فلم يزالا يكلمانه ، حتى قال آخر شيء كلمهم به : على ملة عبد المطلب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأستغفرن لك ، ما لم أنه عنه " فنزلت : ((
    مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )) . ونزلت : (( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ))
    قال الشيخ المفسّر محمد رشيد رضا في تفسيره المنار، في معرض رده على السيوطي :
    " وَفِي حَدِيثِ عَرْضِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ عَلَى أَبِي طَالِبٍ مَا يُبْطِلُ دَعْوَاهُ [ أي السيوطي ] إِيمَانَ جَمِيعِ آبَاءِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَنَّ آخَرَ مَا قَالَهُ أَبُو طَالِبٍ أَنَّهُ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِلَّةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تُنَافِي كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ الَّتِي هِيَ عُنْوَانُ الْإِسْلَامِ "

    وقد أجاد صاحب المنار وأفاد، وأطال النفس في الرّد على السيوطي، فمن شاء الاستزادة فليرجع لأصل التفسير، ليجد ردّاً رصيناً متيناً، رحم الله الجميع .

    إضافة لما سبق، فهذا سرد لأقوال كبار العلماء في المسألة :
    وبداية أقول : ليست العبرة بقولبالقول وقائله، بل إنما العبرة بالدليل ومادلّ عليه، إذ أن الأصل في أقوال العلماء أنه يُستدلّ لها لاأن يُستدل بها، فنصوص الشرع هي التي أُمرنا بالتحاكم لها وإليها حين الخلاف، وهي الحجة عند التنازع والنزاع، لاكما يتوهم البعض حين يجعل أقوال العلماء حاكمة وقاضية على نصوص الشريعة،،، فتأمّل .
    الإمام البيهقي :
    وهذا الإمام البيهقي بعد أن ساق حديث (( إن أبي وأباك في النار )) في كتابه دلائل النبوة، يقول :
    " وكيف لا يكون أبواه وجده بهذه الصفة في الآخرة وكانوا يعبدون الوثن حتى ماتوا ولم يدينوا دين عيسى بن مريم عليه السلام وأمرهم (( وكفرهم )) لا يقدح في نسب رسول الله لأن أنكحه الكفار صحيحة "
    وقال أيضا في سننه الكبرى : " وأبواه كانا مشركين بدليل ما أخبرنا . . . " فساق حديث (( إن أبي وأباك في النار ))
    الإمام ابن ماجه :

    حيث روى حديث الاستئذان، وبوّب له بقوله : " باب ماجاء في زيارة قبور المشركين "
    الإمام النسائي :
    حيث روى في سننه الكبرى والصغرى حديث الاستئذان، وبوّب عليه بقوله : " زيارة قبر المشرك "
    الإمام الطبري شيخ المفسّرين :
    يقول الإمام الطبري في تفسيره :
    " . . . أَنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ مِنْ أَهْلِ الْجَحِيمِ ، وَأَنَّ أَبَوَيْهِ كَانَا مِنْهُمْ . . . "
    الإمام ابن كثير :
    حيث قال في كتابه البداية والنهاية :
    " قلت: وإخباره صلى الله عليه وسلم عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لا ينافي الحديث الوارد عنه من طرق متعددة أن أهل الفترة والاطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة، كما بسطناه . . . "
    الإمام ابن الجوزي :
    حيث قال في معرض كلامه عن حديث إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وسلم، في كتابه الموضوعات :
    " هذا حديث موضوع بلا شك والذى وضعه قليل الفهم عديم العلم إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة لا بل لو آمن عند المعاينة لم ينتفع، ويكفى في رد هذا الحديث قوله تعالى: (( فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ )) وقوله في الصحيح : " استأذنت ربى أن أستغفر لامّي فلم يأذن لي " . . . "
    العلامة القاري :
    العلامة علي بن سلطان القاري، تـــ 1014هـ ، في كتابه أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ يقول في إثباته الإجماع على كفر أبوي النبي صلى الله عليه وسلم :
    " وأما الإجماع فقد اتفق السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وسائر المجتهدين على ذلك من غير إظهار خلاف لما هنالك والخلاف من اللاحق لا يقدح في الإجماع السابق سواء يكون من جنس المخالف أو صنف الموافق "

    فهذه نُقول عن جمع من أئمة السلف، النووي، والبيهقي، وابن ماجه، والنسائي، والطبري، وابن كثير، وابن الجوزي، والقارّي، كلّها تُثبت وبالدليل أن أبوي المصطفى صلى الله عليه وسلّم لم يكونا على الإسلام .
    ولاأدري لماذا لم تتحرّك تلك العواطف التي لم تنضبط بضابط الشرع تُجاه آزر والد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فقد قال الله فيه : ((
    وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ))، وقال أيضا : (( إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ )) .
    يقول الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني رحمه الله : " كثيراً ما تجمع المحبة ببعض الناس، فيتخطى الحجة ويحاربها، ومن وفق علم أن ذلك مناف للمحبة المشروعة، والله المستعان " نقلا عن تحقيقه للفوائد المجموعة للشوكاني .
    ويقول الشيخ الألباني رحمه الله : " و اعلم أيها المسلم . . . أن هذه الأحاديث و نحوها مما فيه الإخبار بكفر أشخاص أو إيمانهم، إنما هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها و تلقيها بالقبول، لقوله تعالى : (( ألم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ . . . )) وقوله : (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ . . . ))، فالإعراض عنها و عدم الإيمان بها يلزم منه أحد أمرين لا ثالث لهما - وأحلاهما مر - : إما تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم، وإما تكذيب رواتها الثقات كما تقدم . وأنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض الذين ينكرون هذه الأحاديث أو يتأولونها تأويلا باطلا كما فعل السيوطي - عفا الله عنا وعنه - في بعض رسائله، إنما يحملهم على ذلك غلوهم في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وحبهم إياه، فينكرون أن يكون أبواه صلى الله عليه وسلم كما أخبر هو نفسه عنهما، فكأنهم أشفق عليهما منه صلى الله عليه وسلم . . . " من السلسلة الصحيحة، تحت الحديث رقم 2592 .
    وقال أيضاً في نفس الموضع :
    و ممن جمحت به المحبة السيوطي عفا الله عنه، فإنه مال إلى تصحيح حديث الإحياء الباطل عند كبار العلماء كما تقدم، و حاول في كتابه " اللآلىء " ( 1 / 265 - 268 ) التوفيق بينه و بين حديث الاستئذان و ما في معناه، بأنه منسوخ، وهو يعلم من علم الأصول أن النسخ لايقع في الأخبار وإنما في الأحكام ! وذلك أنه لا يعقل أن يخبر الصادق المصدوق عن شخص أنه في النار ثم ينسخ ذلك بقوله : إنه في الجنة ! كما هو ظاهر معروف لدى العلماء .

    هذا يسير من كثير، وقليل من غزير، فمن شاء الاستزادة فعليه
    بــــــــــ


    " نقض مسالك السيوطي في والدي النبي صلى الله عليه وسلم "
    للشيخ الدكتور أحمد بن صالح الزهراني






    ما صحة حديث إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ؟

    والدا النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة أو في النار ؟

    هل أسلم والدا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟


    وقبل أن أختم مقالتي هذه أقول : قد قلتُ قولي هذا ونقلتُه عن أولئك الأعلام إحقاقاً للحقّ وإبطالاً للباطل، وإسكاتاً وتبكيتاً لمن يطمس الحقائق فيرمي أهل السنة بما ليس فيهم ويدّعي زوراً وبُهتاناً أنهم يقولون بقولهم هذا دونما حجّة أو دليل، وقد نسي أو تناسى أن أهل السنة هم أسعدُ الناس بالدليل وأولاهم به،،، ولن نخشى في الله لومة لائم، والله وحده المستعان .
    " وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون َ "

    وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


    الفَقِيْرُ إلَىْ رَحْمَةِ رَبِّهِ وَعَفْوِهِ

    .:: اَلْأَثَرِيُّ اَلْفُرَاْتِيُّ ::.






  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    393

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأثري الفراتي مشاهدة المشاركة

    الإمام البيهقي :

    وهذا الإمام البيهقي بعد أن ساق حديث (( إن أبي وأباك في النار )) في كتابه دلائل النبوة، يقول :
    " وكيف لا يكون أبواه وجده بهذه الصفة في الآخرة وكانوا يعبدون الوثن حتى ماتوا ولم يدينوا دين عيسى بن مريم عليه السلام وأمرهم (( وكفرهم )) لا يقدح في نسب رسول الله لأن أنكحه الكفار صحيحة "


    قال أبو بكر المكي :
    فيه بيانُ النفع العظيم إذا تكلم في مسائل الشرع أهل الحديث والفقهاء - رحمهم الله -، لا ما تتحدث به - كذبًا - أتباع الطرق والخرافة والوثنية !!
    نحن في ذي الحياة ركب سفار-يصل اللاحقين بالماضينا = قد هدانا السبيل من سبقونا-وعلينا هداية الآتينا
    عبد الوهاب عزام-ديوان المثاني ص149
    اللهم اكفني شر كل ذي شر لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

  4. #4

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    ما فائدة إثارة هذا الموضوع؟
    هل تحب لو كان والداك على الكفر الخوض في هذا الموضوع وإشهاره بين الناس؟
    هذا لو كان كفر والدي المصطفى قطعيا، فكيف الحال والمسألة ظنية خلافية؟
    الله المستعان
    قال يونس الصدفي : ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة ؟!

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    بــــلاد الشــــام
    المشاركات
    298

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عائشة المغربي مشاهدة المشاركة
    ما فائدة إثارة هذا الموضوع؟
    هل تحب لو كان والداك على الكفر الخوض في هذا الموضوع وإشهاره بين الناس؟
    هذا لو كان كفر والدي المصطفى قطعيا، فكيف الحال والمسألة ظنية خلافية؟
    الله المستعان
    وقبل أن أختم مقالتي هذه أقول : قد قلتُ قولي هذا ونقلتُه عن أولئك الأعلام إحقاقاً للحقّ وإبطالاً للباطل، وإسكاتاً وتبكيتاً لمن يطمس الحقائق فيرمي أهل السنة بما ليس فيهم ويدّعي زوراً وبُهتاناً أنهم يقولون بقولهم هذا دونما حجّة أو دليل، وقد نسي أو تناسى أن أهل السنة هم أسعدُ الناس بالدليل وأولاهم به،،، ولن نخشى في الله لومة لائم، والله وحده المستعان .
    " وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون َ "

  6. #6

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    هداك الله يا أخي، تعظيم جناب المصطفى وعدم الخوض فيما يؤذيه أعظم من هذه المقاصد المدعاة، ثم أصلا المسألة خلاف بين أهل السنة فلم جعلتها معركة وإحقاق حق وإبطال باطل، أم أننا لا نرتاح نفسيا إلا إذا اخترعنا الخصوم والمعارك، ثم هل انتهت المواضيع ولم يبق إلا خوض في والدي سيد الخلق؟
    الله المستعان
    قال يونس الصدفي : ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة ؟!

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    496

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    انا اؤيدك في كلامك يا ابو عائشة

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,858

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    بارك الله فيكم.
    وإن كنت لا أحب الحديث في هذا الموضوع، إلا أن الإنكار على من تحدث فيه.. إنكار لا وجه له.
    نظرًا لأن الشرع تحدث عن هذه المسألة. فيدخل من ضمن المباحث العلمية المباح تناولها ومناقشتها.
    وكذلك لأن المتصوفة اخترعوا أشياء عجيبة في هذا الموضوع، ولهم مؤلفات ساقطة في هذه المسألة.
    وإن وجد خلاف، فالخلاف على درجات، ولا يثبت الخلاف لمجرد وجوده، بل ينظر إلى درجته.
    والقول في هذه المسألة باختصار:
    - القول بنجاتهما. (وهو قول ساقط لا وجه له)
    - الجزم بأنهما قد هلكا -لا محالة-. (وهو جزم عليه اعتراضات، ولكنه أحد الأقوال القوية التي يعضدها ظاهر الأحاديث)
    - القول بأنهما من أهل الفترة. (وله وجهان)
    الوجه الأول: أنهما من أهل الفترة وأحكام أهل الفترة تسري عليهما كما تسري على غيرهما. وقد تكتب لهما النجاة. (وهو قول ضعيف بالمقارنة مع الوجه الثاني)
    والوجه الثاني: أنهما من أهل الفترة ولكن لا تكتب لهما النجاة لما أخبر به الصادق الذي لا ينطق عن الهوى. (وهو أقوى الأقوال لأنه استوعب جميع الأدلة التي في الباب)
    والله أعلم.

    وأما القول بإسلامهما (كما في عنوان الأخ الكريم صاحب الموضوع) فهو قول أحد المغيبة، ولا عبرة به، ولا يعتد به أصلا.
    وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا
    ـــــــــــــــ ـــــــــــ( سورة النساء: الآية 83 )ــــــــــــــ

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    296

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    روى الإمام مسلم في صحيحه :
    عن أنس، أن رجلا قال : يا رسول الله ! أين أبي ؟ قال : " في النار " فلما قفى دعاه فقال : " إن أبي وأباك في النار " ورواه غيره .
    وروى الإمام مسلم أيضا في صحيحه :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    " اِسْتَأْذَنْت رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِر لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَن لِي ، وَاسْتَأْذَنْته أَنْ أَزُور قَبْرهَا فَأَذِنَ لِي "
    وروى الإمام البخاري في صحيحه وبوّب لمثله بقوله : باب إذا قال المشرك عند الموت : لا إله إلا الله :
    أن أبا طالب لما حضرته الوفاة ، دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل ، فقال : " أي عم ، قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله " فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ، ترغب عن ملة عبد المطلب ، فلم يزالا يكلمانه ، حتى قال آخر شيء كلمهم به : على ملة عبد المطلب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأستغفرن لك ، ما لم أنه عنه " فنزلت : ((
    مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )) . ونزلت : (( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ))
    قال الله تعالى ((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) ، هنا نفي الإيمان.

    قال الله تعالى ((
    فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)).

    التعقيب على خير الخلق صلى الله عليه وسلم ، وتخطئته بحجة الغيرة على والديه صلى الله عليه وسلم أمر خطير جدا ، فليحذر منه.

  10. #10

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    أول من يفشل في الاختبار هم الصوفية ! فلهم منهج خاص بهم في عبادة من يعبدون (سواء اكان الله عز وجل أو الاموات ! )
    المهم : جزاك الله خيرا أخي الفراتي وزادك الله علما وعملا ونفع بك

    شهادة أهل البيت في عدم نجاة والدي النبي صلى الله عليه وسلم
    بسم الله

    جاء في الأربعين في إرشاد السائرين أو الأربعين الطائية - من طريق شبابة بن سوار الفزاري ، حدثنا الفضيل بن مرزوق، قال:
    سمعت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم يقول لرجل ممن يغلو فيهم: " ويحكم أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا "
    قال: فقال له الرجل: إنكم ذو قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته
    فقال: "ويحكم لو كان الله نافعا بقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا: أباه وأمه، والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي، من العذاب ضعفين، والله إني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين "

    وقد أخرجه ابن سعد في الطبقات بأطول مما هنا ، وكذلك أخرجه الزبيري في نسب قريش وابن أبي خيثمة في التاريخ وغيرهم
    ولابأس بسنده ، والله أعلم .

    فهذا رجل من آل البيت يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينفع أباه وأمه ، ومعنى هذا يوافق ما جاء في الأحاديث الصحيحة من كونهم ماتوا على الشرك.


    الكاتب : عبد الرحمن الفقيه .. مشاركة رقم : #73
    ما صحة حديث احياء والدي الرسول صلى الله عليه وسلم

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,858

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو نسيبة مشاهدة المشاركة
    سمعت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم يقول لرجل ممن يغلو فيهم: " ويحكم أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا "
    وبنحو قريب منه:
    قال علي "زين العابدين" بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم-: يا أهل العراق، أحبونا حب الإسلام، ولا تحبونا حب الأصنام، فما زال بنا حبكم حتى صار علينا شينا.
    رواه ابن عساكر في تاريخه، والذهبي في السير، وأبو نعيم في الحلية، وابن سعد في الطبقات.
    وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا
    ـــــــــــــــ ـــــــــــ( سورة النساء: الآية 83 )ــــــــــــــ

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    496

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    لماذا الاصرار على الخوض في هذا الموضوع رغم حساسيته؟ورغم الاختلاف فيه؟

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    296

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    قال تعالى (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ)

    قال تعالى ((قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَن َّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ))

    هل بدا لأحد خلاف في والد النبي إبراهيم عليه السلام بعد هذه الآيات ، أم الغيرة المزيفة مشغولة بوالدي الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

    قال الله تعالى ((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا))

    هل حُكّم قول النبي صلى الله عليه وسلم أم الغيرة المزيفة ؟

  14. #14

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صادق صادق صادق مشاهدة المشاركة
    لماذا الاصرار على الخوض في هذا الموضوع رغم حساسيته؟ورغم الاختلاف فيه؟
    لم يوجد إصرار إلا بوجود إصرار ! وهكذا الحق والباطل.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    496

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    اتعرف يا استاذ لوازم كلامك ما هي؟ام اقول لك؟

  16. #16

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صادق صادق صادق مشاهدة المشاركة
    اتعرف يا استاذ لوازم كلامك ما هي؟ام اقول لك؟
    إن كلامه يقتضى أنه صدق رسول الله فيما أخبر وكلام من أنكر موتهما على غير الإسلام يقتضى أنه كذب الله ورسوله
    فالسؤال الآن إلى متى سيظل تقديم أفهام العقول التى تخطئ وتصيب على الوحى الذى لا يعرف عنه إلا الصواب
    وهل كل خلاف معتبر ؟
    الإجابة لا وهى إجابة يعرفها أدنى طلاب العلم لأن هناك خلافات غير معتبرة خاصة هذه التى تصادم أدلة فى أعلى درجات الصحة
    وإن كانت الغيرة أخذتكم بشدة على أبوى النبى فكان الأحرى أن تأخذكم بشدة أكبر على تصديق قوله
    وقد مات أبو سيدنا إبراهيم على الكفر فالأمر لا يخالف النقل ولا العقل فلما الزمجرة والصيحات التى لا تأتى إلا بالضر لصحابها وعدم الخوض فى هذه المسألة متوقف على عدم خوض غيرنا .

  17. #17

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    ومن الوهم بمكان إدعاء أنهم من أهل الفترة المعذورين بالجهل
    مسألة هل أهل الفترة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم مشركون كفار من جهة أنهم لم يعذروا بالجهل في الكفر والشرك الذي كانوا فيه ؟ فألخص الرد على ذلك في ثلاث نقاط رئيسية :
    أولا : تعريف الفترة :

    الفترة هي السكون ، وفترة من الرسل : هي انقطاع بين النبيين كما حكاه القرطبي في التفسير .
    ثانيا : أهل الفترة قسمان :
    القسم الأول : هم أهل الفترة من جهة انقطاع الرسل ، أو تباعد الزمان بينهم وبين من أرسل إلى الذين قبلهم .
    القسم الثاني : هم أهل الفترة من جهة عدم بلوغهم النذارة من الرسل .
    فالقسم الأول لا يعذرون بالجهل ؛ لوصول النذارة إليهم ، وإن كانوا على فترة من بعث الرسل .
    والقسم الثاني يعذرون بالجهل ، وإن لم يكن بينهم وبين إرسال الرسل فترة طويلة .
    ـ وهاهنا ملاحظة مهمة أنه لا اعتبار لطول الزمن على إرسال الرسل في إقرار العذر بالجهل لأهل الفترات ، وإنما الاعتبار لوصول وبلوغ النذارة والحجة الرسالية ، فلو كان للزمن اعتبار لاعتُبِرنا نحن من أهل الفترة ؛ حيث أنه بيننا وبين بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ألف وأربعمئة سنة ، في حين أنه بين ميلاد نبي الله عيسى وبين نبينا عليهما أفضل الصلاة وأتم التسليم خمسمئة وتسع وستون سنة كما ذكره القرطبي عند شرحه الآية 19 من سورة المائدة ، فَمَن أولى بأن يكون من أهل الفترة إذا كان الاعتبار في ذلك هو لزمن إرسال الرسل ؟
    ـ قال الله تعالى : " وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَاحُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " ، قال ابن كثير في التفسير : " كانوا على شفا حفرة من النار بسبب كفرهم فأنقذهم الله منها أن هداهم للإيمان " ، أي أنقذهم منها ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى يقول : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا " ، إذاً الحجة والنذارة من جهة الرسل كانت قد وصلتهم قبل بعثة النبي ، والتي من أجلها كانوا سيدخلون النار ، إلا أن الله تعالى منّ عليهم ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا دليل على وصول النذارة إليهم .
    ـ وفي الصحيح أيضاً ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : " قلت يا رسول الله ، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين ، فهل ذلك نافعه ؟ " ، قال : " لا ينفعه ، إنه لم يقل يوماً : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " ، فهو غير معذور أولا رغم أنه من أهل الفترة بالنسبة لانقطاع الرسل ، وثانيا أن هذا الدعاء لا يمكن أن يعرف بالفطرة أو غيرها إلا من جهة نذارة الرسل ، والحجة التي يقيمها الرسل فقط .
    ـ وفي الحديث الذي يرويه جابر قال : " دخل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوماً نخلاً لبني النجار ، فسمع أصوات رجال من بني النجار ماتوا في الجاهلية يعذبون في قبورهم ، فخرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فزعاً ، فأمر أصحابه أن تعوذوا من عذاب القبر " ، وفي رواية أخرى في مسند الإمام أحمد : " أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بنخل لبني النجار ، فسمع صوتاً ، فقال : ( ما هذا ؟ ) قالوا : قبر رجل دفن في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا أن تدافنوا لدعوت الله عز وجل أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمعني " ، قال الشيخ الألباني رحمه الله من جملة الفوائد المستنبطة من الحديث : " 5 ـ إن أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل بعثته عليه الصلاة والسلام معذبون بشركهم وكفرهم ، وذلك يدل على أنهم ليسوا من أهل الفترة الذين لم تبلغهم دعوة نبي ؛ خلافاً لما يظنه بعض المتأخرين ، إذ لو كانوا كذلك ؛ لم يستحقوا العذاب ؛ لقوله تعالى: ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) " السلسلة الصحيحة:1/297 .
    وقال النووي رحمه الله : " فيه أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة المقربين ، وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم " ، شرح صحيح مسلم : 7/45.
    ثالثا : حال المشركين قبل البعثة :
    وبعد هذا يتبين لنا أن أهل الفترة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فترتهم من جهة انقطاع بعث الرسل ، وليس من جهة عدم وصول النذارة الرسالية إليهم ، وبالتالي هم كفار للإعراض والاستكبار .. وليس أنهم مشركون عن جهلٍ لا يعذرون به .
    ونشير هنا إلى أنه قد يوجد في أهل الفترة ما قبل البعثة من هم معذورون حقا لعدم بلوغهم النذير ، إلا أن كلامنا السابق يحمل على العموم لا التعيين ، والله تعالى أعلم .
    ولا بد من التنويه أخيرا إلى أن مسألة عذر أهل الفترة هي محل نزاع أهل الأصول ، ولا شك في ذلك ، إلا أننا نتعبد الله بما يصحُّ لدينا من أدلة الكتاب والسنة ؛ الأمر الذي يجعلنا نُرجّحُ وبقوة ما قلناه واستدللنا به آنفا .

    والله تعالى أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

  18. #18

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    ونشير هنا إلى أنه قد يوجد في أهل الفترة ما قبل البعثة من هم معذورون حقا لعدم بلوغهم النذير ، إلا أن كلامنا السابق يحمل على العموم لا التعيين ، والله تعالى أعلم .
    تنبيه
    على هذا القول


    قولى على العموم وليس على التعيين ليس محكماً لأن الحكم على العموم وعلى التعيين ولكن قد يكون بين المعينين من يعذر كالمجنون والأصم الأحمق .

  19. #19

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام


    تنبيه
    على هذا القول
    ونشير هنا إلى أنه قد يوجد في أهل الفترة ما قبل البعثة من هم معذورون حقا لعدم بلوغهم النذير ، إلا أن كلامنا السابق يحمل على العموم لا التعيين ، والله تعالى أعلم .
    أعنى المجنون وما شابهه

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,858

    افتراضي رد: أقوال أئمة السلف في إثبات أنّ والدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يموتا على الإسلام

    جزاكم الله خيرا.

    مجالس الشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي -رحمه الله- [ص: 40] :
    ومجلس في بيت
    سماحة الشيخ عبد الله الزاحم

    وكانت حلقة الشيخ محمد الأمين في المسجد النبوي تكاد تكون الوحيدة بها؛ ذلك أنَّ أكثر المدرسين بالمسجد إذا جلس الشيخ في حلقته التحقوا بها للاستفادة، وكان الشيخ قد ذكر في بعض الدروس أنَّ والديْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل الفترة، وذكر ما يقوله أهل العلم في أهل الفترة.
    وحدثني -عليه رحمة الله- أنه استدعاه سماحة الشيخ عبد الله الزاحم إلى منزله، فلما حضر رحَّب به وأوسع له في المجلس إلى جنبه، وكان مجلسه ذلك الوقت ليس به إلا المنتسبون للعلم، وكان بين أيديهم كتاب فيه مرجع.
    قال الشيخ محمد الأمين: فلما انتهى ناولني الشيخ عبد الله الزاحم الكتاب، فإذا هو شرح النووي على صحيح مسلم والمرجع فيه عند حديث: ((إنَّ أبي وأباك في النار)).
    فقلتُ: هذا الحديث كنتُ أعرفه!
    قال سماحة الشيخ عبد الله الزاحم: إنَّك قبل أيام قلتَ في الدرس كذا، لِما قرر من أنهما أهل فترة.
    قال شيخنا: قلتُ: نعم، قلتُ ما قلتُ اعتمادًا على نص من كتاب الله قطعي المتن وقطعي الدلالة، وما كنتُ لأرد نصًا قطعي المتن قطعي الدلالة بنص ظني المتن وظني الدلالة عند الترجيح بينهما؛ فهذا الحديث خبر آحاد، ومثله حديث أبي هريرة عند مسلم: ((استأذنت ربي أنَّ أزور أمي فأذن لي، واستأذنته أن أستفغر لها فلم يأذن لي))، ولكن أخبار الآحاد ظنية المتن فلا يردُّ بها نص قرآني قطعي المتن، وهو قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: 15]؛ أي: ولا مُثيبين.
    وهذا النص قطعي الدلالة لا يحتمل غير ما يدل عليه لفظه بالمطابقة، بخلاف حديث: ((إن أبي وأباك في النار))؛ فإنه ظني الدلالة؛ يحتمل أنه يعني بقوله: ((إن أبي)) عمه أبا طالب؛ لأن العرب تسمي العم: أبًا، وجاء بذلك الاستعمال كتاب الله العزيز في موضعين:
    أحدهما: قطعي المتن قطعي الدلالة، وهو قوله تعالى في البقرة: قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ [البقرة: 133]، وإسماعيل عمه قطعًا، فهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
    والموضع الثاني: قطعي المتن لكنه ظني الدلالة، فهو قوله تعالى: وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ إلى أن قال: وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا [الأنعام: 84 - 86]؛ فهو نص قرآني على أن إبراهيم يطلق عليه أنه أب للوط، وهو عمه على ما وردت به الأخبار، إلا أن هذا النص ظني الدلالة لأنه يحتمل أن يكون الضمير من قوله تعالى: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ يرجع إلى نوح، لأنه قال في الآية من قبل ذلك: وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ، ولكنه احتمال مرجوح؛ لأن الكلام عن إبراهيم.
    وإذا فإنه يحتمل أنه -صلى الله عليه وسلم- لما سأله الأعرابي بقوله: ((أين أبي؟)) وقال له: ((إن أباك في النار))، وولى والحزن باد عليه، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((ردوه عليَّ))، فلما رجع قال له: ((إن أبي وأباك في النار)).
    يحتمل أنه يعني بأبيه: أبا طالب؛ لأن العرب تسمي العم أبا لا سيما إذا انضم إلى العمومة التربية، والعطف، والدفاع عنه.
    ثم قال: والتحقيق في أبوي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهما من أهل الفترة؛ لأن تعريف أهل الفترة أنهم القوم الذين لم يدركوا النذارة قبلهم، ولم تدركهم الرسالة التي من بعدهم، فإذا كان ذلك كذلك، فإنَّ والد النبي -صلى الله عليه وسلم- التحقيق أنه مات والنبي -بأبي وأمي هو- حمل في بطن أمه، وأمه -صلى الله عليه وسلم- ماتت وهو ابن ستة أعوام بلا خلاف؛ وإذا فإنهما من أهل الفترة.
    فقال أحد الحضور: العرب كانوا على دين إسماعيل فعندهم نذارة أدركوها.
    فقال له الشيخ الأمين: هل أنت على بصيرة مما تقول؟ فقال: نعم.
    فقال له الشيخ محمد الأمين: أين أنت من قوله تعالى في سورة يس: لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ الآية [يس: 6]، وما هنا نافية على التحقيق بدليل الفاء في قوله:
    فَهُمْ غَافِلُونَ؛ أي: لعلة عدم إنذارهم.
    وأين أنت من قوله تعالى في سورة القصص: وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ الآية [القصص: 46].
    وأين أنت من قوله تعالى في سورة سبأ: وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ الآية [سبأ: 44].
    وأين أنت من قوله تعالى في سورة السجدة: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ الآية [السجدة: 3].
    قال شيخنا: إن التحقيق في أهل الفترة، والبله، وأولاد المشركين الذين ماتوا صغارًا أنهم تشب لهم نار يوم القيامة في عرصات المحشر فيؤمرون باقتحامها، والله تعالى يعلم من خلقه منهم للجنة فيقتحمونها فتكون عليهم بردًا ويذهب بهم ذات اليمين، ويعلم من خلقه منهم للنار فيمتنعون من دخولها فيذهب بهم ذات الشمال، ذكر ذلك ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا الآية [الإسراء: 15].
    وقال: إنه جاءت بذلك أحاديث؛ منها الصحيح، ومنها الحسن، ومنها ما هو ضعيف يتقوى بالصحيح والحسن؛ وإذا كانت أحاديث الباب متعاضدة على هذا النمط أفادت الحجة عند الناظر فيها.
    فقال أحد الحضور: هذا تكليف والآخرة دار جزاء فهي يوم الدين.
    فقال له شيخنا: هل أنت على بصيرة من قولك هذا؟ قال: نعم.
    قال الشيخ محمد الأمين: قال تعالى في سورة القلم: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ الآية [القلم: 42]، أي يوم هذا يا معشر الحضور؟ وهل كان هذا تكليفًا في عرصات القيامة بنص كتاب الله؟
    وأيضًا، قد ثبت في الصحيح أن المؤمن يسجد لله يوم القيامة، وأن المنافق لا يستطيع السجود، وتكون ظهور المنافقين مثل صياصي البقر، أليس هذا بتكليف في عرصات القيامة؟
    قال أحد الحضور: أليس بافمكان حمل الخاص على العام؟ لأن الخاص يقضي على العام عند الجمهور؛ فقوله تعاى:
    وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: 15] دليل عام، والأحاديث الواردة في أشخاص معينين دليل خاص، فما أخرجه دليل خاص خرج من العموم، وما لم يخرجه بقي على عمومه داخلا فيه.
    قال شيخنا: إن هذا التخصيص لو قلنا به لأبطل ذلك حكمة العام؛ لن الله تعالى تمدَّح بكمال الإنصاف، وأنه لا يعذب أحدًا حتى يقطع حجة المعذب بإنذار الرسل له في دار الدنيا، فلو عذَّب أحدًا من غير إنذار لاختلت تلك الحكمة التي تمدَّح الله بها، ولثبتت لذلك المعَّب الحجة على الله التي أرسل الرسل لقطعها كما بينه تعالى في سورة النساء: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ الآية [النساء: 165].
    وهذه الحجة التي أرسل الرسل لقطعها بينَّها في آخر سورة طه بقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى [طه: 134]، وقال تعالى في سورة القصص: وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [القصص: 47].
    فيتعين بكل هذه الحجج عذر أهل الفترة بفترتهم في الدنيا، وأنهم ممتحنون يوم القيامة، ولا يعلم من يقتحم منهم النار ممن يمتنع إلا الله الذي خلقهم، والعام عند الله تعالى هو حسبنا ونعم الوكيل.
    ثم إن الشيخ عبد الله الزاحم قد نصح بعض الحضور لهذه الجلسة قائلا: إن من نصيحتي لك أن لا تتكلم في مجلس فيه هذا الرجل الذيت تسلح بآيات كتاب الله، ينظر إليها كأنها بين عينيه، فلا يؤمن على أحد عارضه أن يرميه بآية تخرجه من الملة، نسأل الله السلامة والعافية.

    وهذا جزء من رسالة وصلتني من الشيخ أبي بكر الذيب، أرسلها لي منذ فترة، حين كنا نتباحث هذه المسألة سويًّا، ومضمونها:
    وقال الحافظ ابن كثير في سيرة النبي :
    وقد قال البيهقي بعد روايته هذه الأحاديث في كتابه دلائل النبوة :
    وَكَيْفَ لَا يَكُونُ أَبَوَاهُ وَجَدُّهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الْوَثَنَ حَتَّى مَاتُوا، وَلَمْ يَدِينُوا دين عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمْرُهُمْ لَا يَقْدَحُ فِي نَسَبِ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ، أَلَا تَرَاهُمْ يُسْلِمُونَ مع زَوْجَاتِهِمْ فَلَا يَلزَمُهُمْ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ، وَلَا مُفَارَقَتُهُنّ َ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ يَجُوزُ فِي الْإِسْلَامِ. [وبالله التوفيق]
    قلت: وإخباره عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار؛ لا ينافي الحديث الوارد من طرق متعددة أن أهل الفترة الأطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة، كما بسطناه سندا ومتنا في تفسيرنا عند قوله تعالى:
    وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: 15] فيكون منهم من يجيب، ومنهم من لا يجيب، فيكون هؤلاء من جملة من لا يجيب، فلا منافاة، ولله الحمد والمنة . اهــ
    علق العلامة الألباني بقوله:
    قلت: وهذا جمع جيد جدا؛ لأنه وإن كان من الممكن افتراض أن بعض من كان في الجاهلية قد بلغته الدعوة، وأقيمت عليه الحجة ـ على ما جرينا عليه في تعليقنا السابق، وعليه يدل كلام البيهقي الذي نقله المؤلف، فإن من الممكن أيضا أن نفترض أن بعضهم لم تبلغه الدعوة، وحينئذ فأمامه الامتحان في عرصات القيامة، فمن نجح فقد نجا، وإلا فقد هلك، وعلى هذا النوع من الهالكين تحمل الأحاديث التي صرحت بعذاب بعض من مات في الجاهلية كما تقدم والله أعلم .
    اهـ

    ـــــــــــــــ ـــــــــــــ

    رجاء من الإخوة:
    عدم التحدث في مسألة قبل الوقوف على أقوال أهل العلم فيها بشكل جيد، وتحرير المسألة وتحري الصحة في الحكم.
    حيث أن التهويل، كالذي يقول: فلان يكذِّب النبي. (وهذا كفر مخرج من الملة)، وكالذي يقول: فلان يستدرك على الله. (ولا حول ولا قوة إلا بالله)، فهذا الكلام لا يصدر من شخص ينتمي للعلم قط من قريب ولا من بعيد. وهو تهويل لا يمكن لهذا المدعي أن يحتمل إلزماته من التكفير ونحوه.
    فمن أراد نقاش مسألة علمية، فليزم الطرق العلمية الصحيحة، وإلا فلا.

    وسبقت الإشارة إلى الأقوال في هذه المسألة، ومن أقوى الأقوال والتي جمعت بين الأدلة، هو قول العلامة الشنقيطي -رحمه الله-، وكلام الحافظ ابن كثير -رحمه الله-.
    وهي أكثر الأقوال المعتبرة، لأنها لا تتعارض مع أدلة أخرى، وأما الأخذ بدليل والإعراض عن غيره من الأدلة، فهذا من شيم المبتدعة الضلال، لا طلاب العلم الفضلاء.
    فيرجى عدم التهويل واستخدام أساليب هابطة غير علمية، وهذا هو الظن بكم.
    بارك الله فيكم.
    وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا
    ـــــــــــــــ ـــــــــــ( سورة النساء: الآية 83 )ــــــــــــــ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •