خزانة الزاوية الحمزية العياشية بإقليم الرشيدية:


مكتبة الزاوية الحمزية العياشية
الأستاذ العلامة محمد المنوني –رحمه الله-

مقدمة :

زاوية سيدي حمزة التي تنتسب لها هذه المكتبة ، جنوب مدينة مدلت من إقليم تافلالت ، و تبعد عنها ب60كم ، تمتد 53كلم من هذه المسافة في الطريق الرابطة بين مدلت و مركز قصر السوق ، بينما ينحرف باقي الطريق في منعرجات و منحدرات ، تفضي إلى بسيط صغير مكتنف بين جبل العياشي و بعض هضاب أخرى ، و في هذا البسيط توجد قرية صغيرة ، مبنية على الشكل القديم لمباني الإقليم ، و هي التي صارت تعرف بزاوية سيدي حمزة ، بعدما كانت تعرف بالزاوية العياشية ، و بزاوية أبي سالم ، وزاوية سيدي محمد بن أبي بكر ، و هذا الأخير هو مؤسس الزاوية و الجد الأعلى لكثير من سكانها ، و قد سلف لهذه الزاوية ماض علمي مشرق ، شع في الربع الخير من القرن الحادي عشر الهجري ، و امتد نحو قرن من الزمن ، و لا تزال بقايا من هذا العصر الذهبي تلمع في بقعة مدفونة وسط زاوية سيدي حمزة ، و تقع على مقربة من دار أبي سالم العياشي ، و ترتفع عنها قليلا في مرتقى صعب ، يؤدي إلى حجرة صغيرة توجد بها ست خزائن خشبية مختلفة الأحجام ، و مملوءة بالكتب التي تتكون منها مكتبة الزاوية الحمزية ، أو بأدق تعبير بقايا هذه المكتبة التي تقتضب هذه الرسالة الحديث عنها ، ....

مكونات المكتبة :

إن المكونات الأولى لهذه المكتبة ، يصعد تاريخها إلى أيام الشيخ سيدي محمد بن ابي بكر العياشي الآنف الذكر ، فقد أوقف هو وأخوه سيدي عبد الجبار بن أبي بكر المتوفى سنة 1082 ه جميع كتبهما على بنيهما الذكور ، و سجلا هذ الوقف في وثيقة كتبت على الصفحة الأولى من مخطوط بالمكتبة يحمل رقم : 517 ، و هذا نص وثيقة الوقفية.

الحمد لله ، حبس المرابط سيدي محمد بن أبي بكر العياشي ، و أخوه سيدي عبد الجبار ، جميع كتبهما ، التي من جملتها هذا التأليف المبرك ، و هو سيرة سيد البشر عليه الصلاة و السلام ، تأليف ابن سيد الناس اليعمري على بنيهما الذكور دون الإناث ، حبسا مؤبدا ، لا يورث و لا يوهب .حتى يرث الله الأرض و من عليها ، و تولى حيازة ذلك طالب الخير ، سيدي عبد الكريم بن محمد المذكور ، و سيدي محمد بن عبد الجبار المذكور أيضا ، حوزا تاما ، و قبلا ذلك منهما قبولا تاما ، و شهد بذلك من عرفهما ، فيما سلف عن تاريخه بنحو عام ، و تأخر الوضع لأواخر جمادى الثانية ، عام ثمانية و خمسين و ألف ، عبيد ربه تعالى ، و عبد الله تعالى : محمد بن عبد الله الصنهاجي ، لطف الله به ، و أبو زيان بن محمد بن الحاج الندي ، لطف الله به."
و إلأى جانب هذه الوثيقة ، تمدنا كتابات على مخطوطات من المكتبة ببعض الوثائق و النصوص ، و هي تفيد أن أبناء الواقفين الأولين و أحفادهما تابعوا عمل سلفهم ، و أول مثال لهذا ، نجده في المخطوط الذي يحمل رقم : 405 و هو بضعة أجزاء من شرح صحيح البخاري للقسطلاني ، فقد كتب على الجزئين الأول و الثالث : أنهما مع بقية أجزاء الكتاب ، مما اتفق على تحبيسه أولاد سيدي محمد بن أبي بكر ، و أولاد أخيه سيدي عبد الجبار ، على من فيه قابلية علم ، و له تصرف و بحث في لفنون ، من أهل زاوية سيدي محمد بن بوبكر ، و حررت هذه الوثيقة سنة 1103ه ، و كتبها شاهدا بما فيها عمر بن عبد الكريم بن محمد العياشي .
و لا ننسى بعد هذا أن نخص بالذكر واحدا من أبناء سيدي محمد بن أبي بكر ، و هو أبو سالم عبد الله العياشي الآنف الذكر ، فقد كان له ولوع خاص باقتناء الكتب بالانتساخ و بالشراء ، من المغرب و من المشرق ، و يوجد بالمكتبة ضمن ملف يحمل رقم : 253 لائحة للكتب التي اشتراها من الشرق، سنة 1065ه.
كما يوجد على بعض المخطوطات تحبيسها من طرف أبي سالم ، فقد كتب علي المجلد الثاني من تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، رقم : 540.
الحمد لله ، ينتفع بهذ الكتاب ، من فيه أهلية من سكان زاوية سيدي محمد بن أبي بكر العياشي من غير ملك له ، و كتب أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر، كان الله له ، و يوجد على أوائل السفر الأول من صحيح البخاري قابلية للانتفاع بها من أقاربه ، سنة 1087ه.
ثم جاء بعد أبي سالم ابنه سيدي حمزة مار الذكر ، و الذي سجل له محمد بن الطيب القادري في نشر المثاني ج2 ص117 ف: اعتناءه بجمع الكتب ، و يمكن أن يقال : إن أكثر الباقي من كتب هذه المكتبة ، عليه ملكية حمزة هذا ، مما اشتراه من الشرق ، و مما تملكه من المغرب ، من فاس و غيرها ، و مما نسخه أو استنسخه.
و في بعض الأحيان كان يشتري مكتبة بكاملها ، يدل لهذا ملكيتان على المخطوط الذي يحمل رقم :290، نص أولهما.
تملك هذا المجلد بالشراء الصحيح عبيد ربه تعالى محمد بن الحسن بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن الحسن الملقب (أحرطين) الجيري ثم المجري..
و نص الثانية ..ثم تملكه مع سائر كتبه سيدنا حمزة بن عبد الله ، لطف الله به آمين ، و يظهر أن أحمد بن أبي سالم العياشي كان يشارك أخاه حمزة في الاعتناء بالكتب ، فإنه يوجد ضمن الملف الآنف الذكر لائحة للكتب التي في ملك أحمد و أخيه حمزة .
و إذا كان هذا الأخير قد ضرب الرقم القياسي في جمع الكتب و حفظها ، فإن أبناءه و أحفاده ، و أقاربه ..ساهموا و لو بنصيب قليل في تضخيم مكتبة لزاوية ، و نذكر من بين هؤلاء محمد بن حمزة بن أبي سالم العياشي ، فتوجد ملكيته على عدد من كتب المكتبة، و ابن الخير عبد الله بن محمد بن حمزة ، كتب ملكيته على كتب غالبها في التوقيت و التعديل و الطب ، ثم عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله (أبي سالم العياشي) ، الذي جلب من الشرق سنة 1138 كتبا كثيرة ، يحتفظ بأسمائها الملف المتكرر الذكر و الذي يحمل رقم : 253.
و ممن ساهم في عمارة المكتبة من متأخريهم ..عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حمزة بن أبي سالم العياشي المتوفى سنة 1235ه ، فتوجد ملكيته على المجلد الأول من شرح المختصر الخليلي لأبي علي بن رحال الذي يحمل رقم : 373 ، و على حلية الأولياء ، لأبي نعيم ...السفر الأول رقم : 514.
* * *
و حسب ما أشير له سابقا ، فإن النساخة كانت عنصرا قويا في مقومات المكتبة ، و قد كان يضطلع بأكبر قسط منها أعلام من البيت العياشي ، الذين نورد فيما يلي أسماء زمرة منهم مقرونة بأرقام بعض منتسخاتهم .
1-أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر : المخطوط رقم : 182
2-ابنه حمزة : المخطوط رقم : 519
3-ابنه الثاني أحمد المخطوط رقم : 330
4-عمر بن محمد بن أبي بكر : المجموع رقم : 271
5-عمر بن عبد الكريم بن محمد بن أبي بكر : المجموع رقم : 191
6-محمد بن حمزة بن أبي سالم : المجموع رقم : 279
7-أحمد بن محمد بن عبد الجبار : المجموع رقم : 260
8-محمد بن محمد بن محمد بن عبد الجبار : المجموع رقم : 318
9-محمد بن يوسف بن موسى : المجموع رقم : 266.
و مما يدل لاهتمامهم بالنساخة و تعاونهم عليها ..ما جاء في خاتمة المخطوط الذي يحمل رقم : 505..
انتهى على أيد ثلاثة عشر ، آخرهم كاتب الحروف : عمر بن محمد بن أبي بكر ، ضحوة يوم السبت ، الرابعه و العشرين من ربيع الثاني ،عام ثمانين و ألف ..و يبدو أن من آخر من اشتغل من العياشيين بالنساخة :
10- محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حمزة بن أبي سالم العياشي ، الذي يوجد بخطه نسخة من الأنيس المطرب لمحمد بن الطيب العلمي ، و قد فرغ من تعليقها ضحوة السبت 16 جمادى الأولى سنة 1242ه.
و إلى جانب هؤلاء يوجد أفراد كانوا يقومون بالنساخة للعياشيين وزاويتهم ، و نذكر من نماذجهم :
11-بلقاسم بن عبد الرحمن بن عبد العزيز التزروفتي ، تحتفظ المكتبة بمخطوطة من انتساخه و مقابلة أبي سالم له ، وقع الفراغ من انتساخه سنة 1068ه ، و يحمل رقم : 488.
12-أحمد بن عيسى البويزمي التزروفتي ، كتب برسم الزاوية نسخة من القاموس المحيط للفيروزآبادي ، و فرغ منها في جمادى الآخرة سنة 1073ه.
13-علي بن عبد الله بن محمد المنصوري الجبلي ..انتسخ مخطوطا برسم أستاذه و صديقه محمد بن حمزة بن أبي سالم العياشي ، و المخطوط هو نسخة من : تشنيف المسامع لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد الفاسي ، فرغ من انتساخه سنة 1120ه.
14- عبد الله بن طاهر بن الطيب ، كتب نسخة من : المغني لابن هشام برسم أبي زيد عبد الرحمن بن محمد بن حمزة بن أبي سالم العياشي سنة 1150ه.
15-محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الوكيلي ، كتب نسخة من : جواهر المعاني .لصديقه عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حمزة بن أبي سالم العياشي السالف الذكر .
و فوق هذا فقد كان هؤلاء العياشيون يستكتبون المؤلفات من خارج الزاوية من فاس و غيرها ، و يوجد ضمن الملف الذي يحمل رقم 319 رسالة م الشيخ أبي العباس أحمد بن محمد ابن ناصر إلى أهل الزاوية ، في شأن انتساخ حاشية الطيبي على الكشاف برسم الزاوية .
و هكذا نشطت حركة النساخة في زاوية سيدي حمزة و لها ، و كانت من أقوى موارد مكتبتها.
و كان لهذه المكتبة مورد ثالث يضعف عن سابقيه ، و هو إهداء الكتب لها ، و من أمثلة هذا ما كتب على الصفحة الأولى من المخطوط الذي يحمل رقم 311، و هو خط الأمير عبد الملك بن السلطان إسماعيل العلوي .بتحبيسه شرح فريدة السيوطي لابن زكري على زاوية أبي سالم العياشي ، بتاريخ جمادى الأخيرة ، سنة 1128ه.
و يوجد بين لائحة المخطوطات مجموعة تحمل رقم : 169، و تشتمل على ثلاث رسائل للملا إبراهيم الكوراني ، عليها إهداؤها و إرسالها من طرف مؤلفها إلى أبي سالم العياشي .
و أخيرا نذكر أنه يوجد بين محتويات الملف رقم : 253 لائحة المؤلفات التي صارت للمكتبة من كتب سيدي علي بن عبد الله الحمودي الجبلي ، فهل هذه صارت للمكتبة بطريق التحبيس من صاحبها ، أو إنما دخلت لها بطريق الشراء؟و سيدي على هذا هو المذكور آنفا في عداد النساخين للمكتبة تحت رقم :13، و قد كان بقيد الحياة سنة 1158ه استنادا لخاتمة مؤلف ضمن مجموع يحمل رقم 171.

العناية بكتب المكتبة :

إن أول مظهر لهذه العناية نجده في منتسخات المكتبة ، فإن عددا منها يمتاز بإتقان النسخ ، و الاهتمام بتلمقابلة ، التي كان أبو سالم العياشي وولده حمزة مجليين في ميدانها ، فكم عارضا من كتب ، و صححا من منتسخات
و يليها في هذا الصدد محمد بن حمزة بن أبي سالم العياشي ، و سنرى نماذج لهذا أثناء استعراض مخطوطات المكتبة ، و نورد هنا أمثلة أخرى لعنايتهم بالتصحيح ، فقد جاء في نهاية السفر الثاني من الأحياء للغزالي رقم 488، بخط أبي سالم على هامش الصفحة الخيرة .
بلغت المقابلة جهد الاستطاعة من الأصل المنتسخ منه ، و هو أصل صحيح ، بخط الفقيه سيدي علي بن مرشيش رضي الله عنه أمين ، قال ذلك و كتبه الفقير إلى الله تعالى ، أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر كان الله له ، آمين.
و نحو هذا كتبه أبو سالم في نفس الموضع من السفر الثالث من الأحياء التابع للسفر الثاني المذكور ، و في آخر أحد شروح الحكم العطائية للشيخ أحمد زروق رقم :271 يوجد بخط أبي سالم أيضا.
بلغت المقابلة ...بالأصل المنتسخ منه و غيره ، و انتهى ذلك عصر الجمعة ، الواحد و العشرين من صفر ، سنة ست و ثمانين و ألف ..و كتب ...أبو سالم ..عبد الله بن محمد بن أبي بكر ، كان الله له ، آمين ...
و يوجد تحت رقم :266 مجموعة تبتدئ برسالة (صرف الهمة إلى شرح الذمة) لمحمد بن أحمد المسناوي ، و هي مكتوبة بخط محمد بن حمزة بن أبي سالم الذي ذكر في خاتمة المنتسخ ..إنه عرضه على مؤلفه شيخه ، في ثلاثة مجالس ، عرضا من التحقيق و التدقيق بمكان ، و فرغ من هذا العرض بعد صلاة الظهر يوم الثلاثاء ، منسلخ صفر عام 1124ه بمدينة فاس .
و من ملحقات هذا ما ذيل به محمد بن حمزة المذكور ، نسخة من الشمائل للترمذي كتبها بخطه ، و التي تحمل رقم : 539 ، و قد ختمها بالتعليق التالي :
أنهيت سماع شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم بلفظي ، على شيخنا الفقيه ، سيدي أحمد الجرندي في مقام مولانا مولاي إدريس ، قبل طلوع الشمس من يوم الاثنين الخامس و العشرين من شهر ربيع النبوي ن سنة 1125ه.
و إلى جانب العناية بالتصحيح ، نذكر أن أحد النساخين العياشيين كان يعاني تزويق بعض الكتب ، تزويقا تزدوج فيه البساطة بالملاحة ، و يمكن أن نجد بعض نماذج لهذا آخر أحد مخطوطات المكتبة ، و هو النصف الثاني من (القاموس للفيروزآبادي) .
أما اسم المباشر للتزويق فهو محمد بن يوسف بن موسى العياشي ، و قد مر ذكره ضمن النساخين بالزاوية تحت رقم : 9.
و يظهر أنه كان يوجد أيضا بالزاوية بعض أفراد يقومون بتسفير الكتب ، فإنه لا تزال بها بقايا من أجهزة التسفير موضوعة بالمكتبة .
و كانت لهم عناية بتتميم الناقص من كتبها ، بكتابة الصفحات أو الأجزاء المفقودة ، و تقدم بعض مخطوطات المكتبة أمثلة لهذا ، و منها المخطوط الذي يحمل رقم : 399، و هو نسخة من صحيح البخاري عشارية الأجزاء ، ضاع منها الجزآن التاسع و العاشر ، فجددت كتابتهما ، مع التصريح بأنهما كتبا بالزاوية العياشية ، برسم سيدي عبد الوهاب بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حمزة بن أ[ي سالم العياشي ، القائم بأمر الزاوية آنذاك.
و كان الذي تولى كتابتهما بخطه سيدي عبد النبي بن عبد الرحمان المجذوف بن عبد الحخفيظ بن أبي مدين بن أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي الفهري ، و قد فرغ من كتابة الجزء التاسع عصر الجمعة 26محرم سنة 1252ه و من كتابة الجزء العاشر ، زوال يوم الجمعة عاشر صفر الخير عام 1352ه.
و في قريب من هذا التاريخ ، تمم مخطوطا ثانيا بالمكتبة يحمل رقم : 409، و هو نسخة أخرى من صحيح البخاري في عشرين جزءا ، ضاع منها الجزء العشرون فجددت كتابته بخط عبد النبي الفاسي ، و برسم عبد الوهاب العياشي أنف الذكر ، ووقع الفراغ من انتساخه في 19 صفر الخير سنة 1252ه
* * *
و شيء آخر كان محط عنايتهم ، و هو المحافظة على ثروة المكتبة ، فقد كان للقائمين بأمر الزاوية اهتمام بالمحافظة على كتبها من الضياع ، وولوع بتعاهدها ، و اعتناء بصيانتها من الحشرات و الأمطار ، و بهذا استطاعت أن تتوفر لحد الآن على مجموعة لا بأس بها من النوادر و الذخائر نظيفة سليمة في الجملة .
و في حال ما إذا أعاروا بعض الكتب ، كانوا يسجلون اسم الكتاب و المستعير ، و يكاتبون هذا الأخير إن اقتضى الحال مطالبته بإرجاع ما استعاره ، و تحتوي بعض ملفات المكتبة على أمثلة لهذا ، و منها رسالة ضمن الملف رقم : 388و هي صادرة عن محمد أطلحة أهوش إلى محمد بن عبد الله العياشي ، في الأعذار عن الإبطاء بمخطوط استعاره من المكتبة محرر الرسالة التي تحمل تاريخ 21رمضان سنة 1230ه.
و لتنظيم هذه المحافظة ، كان من تقاليد شيوخ الزاوية نصب قيم خاص للمكتبة ، و لا تزال هذه العادة جارية إلى الآن
و لم ينسوا شأن تسجيل كتبها في دفتر على حدة ، و قد قام المؤسسون الأولون للمكتبة في تاريخ غير محدد بوضع فهرس لها يوجد ضمن الملف الذي يحمل رقم : 253، و لعل هذا هو الوارد في الفهرس الأخير للمكتبة ص143 بعنوان : (مجموع فيه أسماء الكتب) ، و يوجد لها فهرس ثان ، كتبه سيدي عبد النبي بن المجذوب الفاسي الآنف الذكر بتاريخ رجب ، سنة 1268ه و هو مخطوط بالمكتبة تحت رقم : 245 ، و موصوف ضمن لائحة المخطوطات التي ستستعرضها هذه الرسالة ، و نذكر هنا أنه صنفت فيه المخطوطات حسب الترتيب التالي :
المصاحف ، التفسير ، أحكام القرآن، التصوف ، الحديث ، جوامع الحديث، السير ، الفقه ، النحو، التصريف ، البيان ، اللغة ، دواوين الشعر ، المقامات ، الأصول ، التوحيد ، و المنطق ، المجامع ، كتب التعديل و التوقيت و الهندسة و الحساب ، كتب الطب ، كتب التاريخ و الجغرافيا و الطبقات والرحلات .
و هذا الفهرس هو الذي صار معمولا به دون سواه ، و هو عمدة المحافظين على المكتبة في معرفة أسماء كتبها ، و حتى أماكن وضعها ، حيث إن ترتيب الكتب في الخزائن الخشبية الموضوعة بالمكتبة ، كان يحتذي ترتيبها في هذا الفهرس ، و هذا مما يزيد في أهميته ، وهو فوق هذا يفيذنا بأسماء الكتب التي ضاعت من المكتبة ، و يقدم لقرائه أنموذجا لشكل فهارس المكاتب الإسلامية قبل تنظيمها تنظيما حديثا ، و مع هذا يؤخذ عليه ما يقع فيه من الالتباس عند تصنيف كتب بعض الفنون .
قلت : لقد أعيد تنظيم كتب هذه المكتبة ، و أعد لها فهرس جديد يتفق و المواصفات الحديثة في فهرسة الكتب ، طبعته وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية المغربية سنة 2010 في أربعة أجزاء

قيمـة الـمكتبـة:

لقد حظيت هذه المكتبة أثناء القرن الثاني عشر الهجري بوصف عالمين مغربيين ، الأول أبو العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي الصنهاجي السجلماسي ، المتوفى سنة 1175ه ّكرها في طالعة ماله من الشرح على المختصر الخليلي المجلد 2 الصفحة 2 و قال لدى حديثه عن الزاوية الحمزية "شعر" .
وجدت بها ما يملأ العين قرة "" و يسلي عن الأوطان كل غريب
دواوين في جل الفنون جليلة "" يـنال بهـا الآمـال كل أريب
الثاني : محمد بن الطيب القادري الفاسي المتوفى : سنة 1187ه ، نوه بها في نشر المثاني انظر النسخة المخطوطة بالمكتبة رقم : 2253بالخزانة العامة بالرباط في الجزء 2 الصففحة 220 ، فقد قال في الترجمة الوجيزة التي عقدها لحمزة بن أبي سالم العياشي .
"و له اعتناء بزاوية أبيه في بلادهم : آيت عياش ، و اعتنى بجمع الكتب ، إذ فيها ما لا يوجد في غيرها اليوم في سائر المغرب ـ و قريب من هذا ، يوجد في النسخة المطبوعة من (النشر الجزء2 الصفحة 117) و هكذا يسجل عالم كبير ، و مؤرخ ثبت ، عظمة هذه المكتبة في القرن الثاني عشر ، بما تحفل به من دواوين عظيمة في جل الفنون ، و بما تشتمل عليه من نوادر الكتب التي لا توجد في سواها بسائر المغرب .
و إن هذه الميزة الأخيرة هي سر عظمة المكتبة ، التي جعلتها في هذا القرن تتفوق بنوادرها و ذخائرها ، و هذا أيضا ما جعل غير واحد من العلماء و الباحثين يعتمدون هذه الخزانة للاستفاذة من كتبها و من هؤلاء : أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الحريشي الفاسي ، المتوفى سنة 1143ه فقد كتب على مخطوط بالمكتبة يحمل رقم 485 ما يستشف منه أنه زار الزاوية ، و لا شك أنه اطلع خلال هذه الزيارة على ما يهمه من كتبها.
الثاني : أبو العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي الآنف الذكر ، زيادة على ماتقدم عنه ، يعترف أثر ذلك بأنه علق من هذه الخزانة ، ما كتبه على المختصر الخليلي.
الثالث : أبو مدين بن أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي الفهري ، المتوفى سنة 1181ه ، أفاد في خطبة (شرحه لتائية الشريشي ) في التصوف : أنه ألفه بالزاوية الحمزية ، و اختصر فيه هذه القصيدة لأبي العباس أحمد بن أبي المحاسن الفاسي ، الذي لم يكن يعرف وجوده حتى أوقفه عليه بالزاوية شيخه أبو سالم الثاني : عبد الله بن حمزة بن أبي سالم العياشي ، توجد نسخة من (شرح أبي مدين على القصيدة الشريشية ) ضمن مجموع محفوظ بالخزانة العامة بالرباط ، تحت رقم : 930ك.
الرابع : عبد الكبير بن عبد الرحمن المجذوب بن عبد الحفيظ بن أبي مدين الفاسي الفهري المتوفى سنة 1295ه ، زار الزاوية الحمزية خلال سنة 1284ه، و انتسخ من مكتبتها الأجزاء الثلاثة الأولى من نسخة سداسية الأجزاء من سنن ابن ماجة ، و فرغ من كتابة السدس الأول زوال الإثنين 6 رجب سنة 1284ه ، ومن الثاني ....عند أذان العشاء ليلة اثنين 12 شعبان سنة 1284ه ، و من الثالث ......عشية الثلاثاء 17 شوال سنة 1284ه، مع تصريحه في ختام كل واحد من الأجزاء الثلاثة ...أنه كتبه بالزاوية العياشية .
أما الأجزاء الثلاثة الباقية فقد تمم كتابتها بفاس ، و النسخة بتمامها آلت ملكيتها إلى قاضي زرهون السابق ، الشريف المرحوم المولى سعيد بن عبد السلام الأمراني ، و بعد وفاته بيعت ضمن كتبه فكانت من نصيب مكتبة بالرباط .
أولائك الذين وقفت على أسمائهم من المستفيدين من المكتبة و الراحلين للزاوية خلال القرنين : الثاني و الثالث عشر للهجرة ، و هم بدون شك لا يعدون أن يكونوا أمثلة قليلة للرحلات التي كان يشدها لهذه المكتبة جلة العلماء و الباحثين .من مختلف جهات المغرب ، مما يدل على ما كان لها من قيمة .
و من ملحقات هذا الموضوع : أنه يوجد على شرح المقامات الحريرية لابن ظفر ، رقم : 46..كتابة تحمل اسم أبي مروان الشريف ، ابن الشريف ، بن السلطان إسماعيل العلوي ، و فيها يطلب من السادات العياشيين ، جمع ما عندهم من طرر أبي العباس أحمد الهلالي المتكرر الذكر ، على شرح عبد الباقي الزرقاني ، للمختصر الخليلي.
و نعلق أخيرا بأنه تبين من هذا العرض....أن التنويه بالمكتبة و جل الرحلات لها ، إنما وقع ذلك خلال القرن الثاني عشر ، و هذا يفيد أنه بعد هذا التاريخ أخذت قيمة المكتبة في التراجع ، و من أسباب هذا فتور الحركة العلمية بالزاوية ، و ضآلة الكتب الجديدة الداخلة للمكتبة ، و أيضا يظهر أنه أصابها شيء من التفريط في بعض الفترات فأضاع عددا من كتبها ، و مع هذا فإنه لا يزال بالمكتبة لحد الآن مجموعة لا بأس بها من النوادر و الذخائر ، و هي التي ستستعرض هذه الرسالة طائفة منها.
بعـثـتان للـمكتـبة : إن قيمة هذه المكتبة اجتذبت اهتمام إدارة الجامعة المغربية و إدارة الخزانة العامة ، فأوفدتا لزاوية سيدي حمزة بعثتين اثنتين :
الأولـى : توجهت في سنة 1961 م ، و تتركب من ثلاثة أعضاء : السيد رئيس قسم المخطوطات بالخزانة ، و السيد محافظ مكتبة القرويين ، و كاتب السطور الذي لم يكن آنذاك التحق للعمل بالخزانة العامة ، و قد مكثت البعثة في مهمتها أسبوعا كاملا ، يبتدئ من يوم الأربعاء 15جمادى الأولى 1381ه الموافق 25 أكتوبر 1961م.
و خلال هذا الأسبوع ، وقف أفراد البعثة على مخطوطات مكتبة الزاوية و تم ترقيم 250 مخطوطا ، كما وضع للمخطوطات ثلاث لوائح استخرج منها بعد قائمة مطولة تشتمل على قسمين : الأول : للمخطوطات التي تم ترقيمها و تسجيلها ، و عددها 250، و الثاني : للمخطوطات التي وقع تسجيلها و لم ترقم ، و عددها 356 ، ثم أرجئ استكمال العمل إلى رحلة أخرى .
أما البعثة الثانية : فقد توجهت للمكتبة في سنة 1962م ن و لبثت في مهمتها شهرا كاملا يبتدئ من يوم الخميس 14 ربيع النبوي 1382ه الموافق 16غشت 1962م ، و قد كان فيها هيئة تصوير مخطوطات من المكتبة الحمزية ، مع كاتب السطور الذي كانت مهمته انتقاء الكتب الصالحة لتصويرها كلا أو بعضا ، و متابعة تنظيم هذه المكتبة .
و قد تم في هذه المرة تسجيل كتب أخرى ، و ترقيم 334 مخطوطا ، و بهذا ارتفع عدد المخطوطات المنظمة من 250إلى 584 ر، و هي تعادل 864 مجلدا و ضعت في خمس خزائن بالمكتبة كما يلي :
الخزانة رقم 1/ 179
الخزانة رقم 2/ 215
الخزانة رقم 3 /70
الخزانة رقم 4/83
الخزانة رقم 5/ 317
كذلك تم إحصاء مجموع مجلدات المكتبة البالغة 1201، منها 337 مجلدا لا تزال بدون ترقيم ، و ضمنها كتب مطبوعة قليلة.
أما هيئة التصوير فقد قامت بتصوير 221 مخطوطا تعادل 249 مجلدا .
* * * *
إن هذه الزيارة المتكررة للمكتبة ، تركت في نفس كاتب السطور ارتسامات عنها و عن الزاوية ، و تتولى هذه الرسالة تسجيل انطباعات عن المكتبة ، مشفوعة بالتوضيحات و التعاليق اللازمة ، و هكذا سيتبع هذه المقدمة استعراض 188 من مخطوطات المكتبة ، في قسمين ، الأول يتناول الكتب المفردة ، و المجاميع المتحدة المادة ، مرتبة حسب العناوين التالية :
المصاحف و القراءات ، تفسير القرآن العظيم / الحديث الشريف و ملحقاته ، التوحيد و التصوف ، الفقه و ملحقاته ، النحو و التصريف ، اللغة ، الأدب ، التراجم ، و الأنساب ، الجغرافيا و الرحلات ، المنطق ، الرياضيات و الفلك و الطب.
أما القسم الثاني فهو خاص بالمجموعات الأخرى ، و قد صنفت حسب الأرقام الترتيبية لتسجيلها.

د. حـميـد لحمـر
الفهرس الوصفي لمخطوطات خزانة الزاوية الحمزية العياشية بإقليم الرشيدية – مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية 2009 (في أربعة أجزاء)

قائمة مخطوطات الزاوية الحمزاوية - المغرب

للتحميل:

http://wadod.net/bookshelf/book/1649