خزانة العلامة الشيخ أحمد بن الحاج العياشي سكيرج بمدينة فاس:

التعريف بالعلامة الشيخ أحمد بن الحاج العياشي سكيرج الأنصاري:

هو العلامة الشيخ أحمد بن الحاج العياشي سكيرج بن الحاج أحمد الأنصاري الخزرجي ، من مواليد مدينة فاس، خلال منتصف شهر ربيع الثاني، عام 1295هـ، الموافق لأبريل 1878م، وبها نشأ داخل أسرة فاضلة، ذات مآثر جليلة، ومزايا جمة وقد أنجبت هذه الأسرة نخبة من الأدباء والعلماء، والمؤرخين الكبار، وقد رفع نسبه رحمه الله للصحابي الجليل سيدنا حسان بن ثابت في الكثير من المناسبات، منها في مسامرته كرامة الأولياء أمام عجائب المخترعات.
أما والده فهو الفقيه الفاضل الحاج العياشي بن سيدي عبد الرحمن سكيرج، ولد بمدينة فاس سنة 1259هـ - 1841م، وبها حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة برواية ورش عن نافع، ثم تعاطى لحفظ المتون العلمية مع دراستها على أعلام كبار، من ذوي المقامات العلية، كالعلامة سيدي محمد بن الهاشمي الكتامي، ونظيره العلامة البركة سيدي محمد بن المدني كنون، والفقيه سيدي التهامي كنون، والعلامة الشريف مولاي إبراهيم اليزيدي العلوي.
اهتم العلامة سكيرج اهتماما بالغا بتراجم شيوخه الذين أخذ عنهم العلم والمعرفة منذ صباه، فاعتنى بجمع أخبارهم وأقوالهم، وذكر مقاماتهم وأحوالهم، مع ما يضاف إلى ذلك من مواعظهم الحميدة، ونصائحهم السديدة، وكتابه قدم الرسوخ فيما لمؤلفه من الشيوخ خير شاهد على هذا الإعتناء الكبير، فقد ضم بين طياته عشرات من الإجازات والأسانيد الموثوقة العالية، وقد استعمل رحمه الله أسلوبا بديعا في تنسيقها وترتيبها وفق الأسلوب الحميد اللائق، وأول ما أبتدئ به في هذا الباب ذكر بعض شيوخه الذين أخذ عنهم القرآن العظيم، فمنهم الفقيه الجليل سيدي محمد بن الهاشمي الكتامي، وهو عمدته في استظهار كتاب الله وحفظه وتجويده، وعلى يديه ختم السلكة أكثر من مرة، فخلص له بذلك نفع عظيم، وتوالت عليه بركات الذكر الحكيم، وبعد ذلك أخذ رحمه الله الفاتحة بالقراءات السبع وكان ذلك عن سبعين شيخا من خيرة أساتذة هذا العلم الجليل.
ومن هؤلاء الشيوخ العلامة سيدي محمد بن عبد الله، الفاسي موطنا، الشاوني أصلا، وهو عمدته في هذه القراءة وقد أجازه فيها بسنده المبارك العالي ...
وأخذ العلامة سكيرج سورة الفاتحة بالقراءات السبع كذلك عن الفقيه سيدي محمد بن الجيلاني السجداني، والفقيه الطيبي بن الحاج بن الطيبي، والفقيه علي بن المعلم محمد الفاتحي الدكالي، والفقيه محمد التهامي بن المقدم علي الودراسي، والفقيه سيدي عبد الكريم بن محمد العلوي، والفقيه الحاج محمد بن التباع الشرقاوي، والفقيه محمد بن المهدي الزفري، والفقيه الحاج أحمد بن الطيب الوادراسي، والفقيه قاسم بن العربي الهلالي، والفقيه محمد بن دحمان الدكالي البوعزاوي، والفقيه العربي بن عبد الله البوعزاوي، والفقيه أحمد بن بوبكر العوني، والفقيه محمد بن هاشم المسكيني السالمي الشيخاوي، والفقيه محمد بن عبد الرحمان الزيراوي الشيلحي، والفقيه محمد بن أحمد الجبلي المرني، والفقيه العلامة المهدي بن عبد السلام بن المعطي متجينوش الأندلسي الرباطي وغيرهم.
لعلامة سكيرج رحمه الله دور كبير في نشر العلم والحض عليه، وتحفيز الشباب على تعاطيه من منهله الصافي، ومورده الكامل الوافي، وذلك عنده السبيل الوحيد لمواكبة تطور العالم الغربي ونهضته العارمة، وهو في نفس الوقت نهج لابد من سلوكه لدا المحبين للسمو والترقي المحمود، بالإضافة لكونه السلاح الفعال المجدي لمحاربة الأمية والجهل.

وللعلامة سكيرج مؤلفات كثيرة تزيد عن مائة وستين تصنيفا، مما يدل على غزارة علمه ورصيده المعرفي الواسع. وتعود تأليفاته إلى حبه الكبير للكتب. وتعلقه بها. وإقباله على مطالعتها. فقد كان يمضي جل أوقاته منشغلا بها. ولوعا بمحتوياتها.

وفاته رحمه الله

كان العلامة سكيرج رحمه الله مصابا بداء السكري، وكان يعاني منه كثيرا في بعض الأحيان، وغالبا ما كان يتابع مراحل علاجه بإحدى المصحات المختصة بالدار البيضاء.
ولم يكن يخطر ببال أحد أن العلامة سكيرج سيتوفى ويدفن بمراكش، لكن المشيئة الإلاهية فوق كل تقدير وحساب.
وقبل وفاته رحمه الله بثلاثة أيام، عاوده المرض واشتد عليه، فحمل فورا لمراكش من أجل العلاج في إحدى المصحات هناك، فأجريت له بها عملية جراحية توفي بعدها بقليل، وذلك يوم السبت 23 شعبان عام 1363هـ الموافق 12 غشت سنة 1944م.
وكان يوم جنازته يوما رهيبا، اهتزت فيه المدينة المذكورة، وحضر تشييع جنازته جم غفير من العلماء والفقهاء والأفاضل من كل ناحية وصوب، ودفن رحمه الله بضريح الولي الصالح العلامة القاضي أبي الفيض عياض بن موسى اليحصبي.
المصدر: إحقاق الحق في دفع الهراء في مناظرة جرت بيني وبين بعض الوزراء، "للشيخ العلامة أحمد
سكيرج رحمه الله
حديقة أنسي للتعريف بنفسي،
الغنيمة الباردة في تعريف سيدنا الوالد وسيدتنا الوالدة.
الموقع الالكتروني للشيخ أحمد بن الحاج العياشي سكيرج

المكتبة :

من الغرائب التي حق لأسرة العلامة سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه الوقوف عندها والإستغراب لها والتأمل فيها أَنَّهُ أوصى رحمه الله قبل وفاته بعض أبنائه وحفدته بالاحتفاظ على خزانة كتبه وصيانتها والإهتمام بها، وأخبرهم أنه سيظهر بعد خمسين عامًا مِن وفاته من سيُخرج هذه الكتب من مكانها ويحييها.
ومما يذكر في هذا الصدد أن العلامة الأستاذ سيدي محمد الراضي كنون رأى ذات ليلة في منامه فضيلة العلامة المرحوم سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه، قائلا له من باب التواضع: أنا لست بشيء، فأجابه مترجمنا بقوله : لا يا سيدي أنت شيء وأي شيء، وكُتُبُك شاهدة عليك إلى يوم لقاء الله تعالى، فرد عليه العلامة سكيرج في تلك الرؤيا العجيبة بقوله : اذهب لمنزلي حيث ولدي سيدي محمد الكبير، وخذ منه الكتب [يعني الخزانة]
وتراءى العلامة سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه في الليلة ذاتها لحفيده سيدي محمد الكبير رحمه الله، وذلك في المنام أيضا، وقال له : سيأتي عندك رجل من الشرفاء، فاستقبله جيدا، وامنحه ما أراده من كتبي، فاستيقظ سيدي محمد الكبير وصلى الفجر، وبقي قائما على غير عادته في ساعة باكرة من الصباح، إلى أن دق باب داره الشريف سيدي محمد الراضي كنون، فاستقبله بالحضن وقال له : منذ وفاة جدي العلامة سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه لم أراه في النوم إلى غاية هذه الليلة. وقد قال لي : كيت وكيت، ثم مكنه بعد ذلك من خزانة الكتب، وسلمه كافة ما أراده منها، مع العلم أن سيدي محمد الكبير كان بخيلا بهذه الخزانة لا يترك أحدا ليقترب منها ولا ليراها، فضلا على أن يتصفح كتبها أو يستعيرها منه، ولو ورقة واحدة.
ثم تعرف بعد ذلك بِعَدَدٍ من أفراد الأسرة السكيرجية ، فأحبوه محبة عظيمة، واعتبروه فردا من أسرتهم، يحضر في مناسباتهم، ويجتمع معهم على طاولة واحدة، ويكنون له أصفى عبارات المودة والمحبة ، وفي مقدمة هؤلاء السيدة للا مريم كريمة العلامة سيدي أحمد سكيرج، والسيد محمد البشير سكيرج، والسيد عبد الحي سكيرج، والسيد عثمان سكيرج، والسيد الحاج أبو بكر سكيرج، والسيد عبد الهادي سكيرج، وكاتب هذه الترجمة الدكتور أحمد بن عبد الله سكيرج وآخرون .

***منقول***