بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ﴾ ( سورة الطارق الآية: 11 ).
س: ماذا تعني كلمة الرجع في الآية الكريمة؟
ج:
قال المفسرون الأوائل: رجع السماء هو المطر
س:فلماذا قال الله تبارك وتعالى" : والسماء ذات الرجع" .. ولم يقل: والسماء ذات المطر؟.
ج: لان الرجع لها معان كثيرة جدا, نذكر منها:

·يتنفس الإنسان الأكسجين و يخرج ثاني أكسيد الكربون, و يقوم النبات بالعملية العكسية, يتنفس ثاني أكسيد الكربون و يخرج الأكسجين, وبهذا يتحقق الرجع, ولولا هذا النوع من الرجع لماتت كل الكائنات على الأرض.
·السحب هي التي ترد إلينا أكثر من تسعين في المائة من حرارة الشمس، ولولا ذلك لتشتت تلك الحرارة إلى طبقات الجو العليا، وتجمدت الحياة على الأرض بالليل، وهذه صورة من صور الرجع الحراري إلى الأرض، لم تكن معروفة من قبل.
·مذنب "هالي" زار الأرض عام 1912 و عاد مرة أخري عام 1986, أي أن دورته تستغرق 76 عاما, فالأرض تدور و ترجع, و القمر يدور و يرجع, و كل ما في السماء يدور, إما في فلك دائري, أو في فلك بيضاوي, أي انه لا يمكن أن يحدث الرجوع إلا بوجود مدارات, وهذا علم حديث, كان مجهولا إلى وقت قريب.﴿ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَ ﴾ ( سورة الأنبياء الآية: 33)
·طبقة الأوزون وهي التي تسمح بمرور ضوء الشمس الأبيض والموجات تحت الحمراء إلى الأرض وترد عنا ما يصاحب ذلك الضوء من الأشعة فوق البنفسجية " وهى أشعة مهلكة " فيما عدا جزءا يسيرا منها تحتاجه الحياة على الأرض.
·الطبقة المتأينة وهى طبقة مشحونة بالكهرباء، تردإلى الأرض الموجات الراديوية "الإذاعية والتلفازية وموجات الاتصال اللاسلكي" ، وهى صورمن الرجع ، لم تكن معروفة للإنسان وقت تنزيل القرآن الكريم ولا لقرون متطاولة من بعد ذلك.
·النطاق الخارجي من الغلاف الجوي للأرض يرد عن الأرض ويلات أغلب الأجسام السماوية الصلبة "النيازك"، فهي تحترق فيه قبل أن تصل إلى الإنسان.
الخلاصة:
ومن أجل ذلك وغيره ، مما لم يعرفه الإنسان إلا منذ عشرات قليلة من السنين,أقسم ربنا تبارك وتعالى ، وهو الغنى عن القسم ، بالسماء ذات الرجع ، ولم يقصر ذلك على المطر فقط كما فهم الأقدمون ، لأنه تعالى أعلم بخلقه من جميع خلقه ، وقد يرى القادمون بعدنا في لفظه " الرجع " في هذه الآية الكريمة من المعاني والدلالات أكثر مما عرفناه اليوم.
و الآن, هل أدركت معنى هاتين الآيتين:
﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُمِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَكَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾ ( سورة الكهف)
﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُيَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ ( سورة لقمان الآية: 27)

المصدر: كتاب آيات الله في الآفاق – للدكتور محمد راتب النابلسي