تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

  1. #1

    افتراضي دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أحببت نقل لكم هذه الدروس النافعة للفائدة

    راجية من الله سبحانه ان يتقبل عملي هذا ويجعله في ميزان حسناتي

    اللهم آمين يارب
    ****************************** ****************
    نص الدرس
    شرح عمدة الأحكام ح 1 - في النية وما يتعلق بها

    حديث عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه .

    1= هذا حديث عظيم
    ولذا فإن العلماء يُصدّرون به مصنفاتهم كما فعل الإمام البخاري .
    وقيل في تعليل ذلك : لم يقصد البخاري بإيراده سوى بيان حسن نيته فيه في هذا التأليف .
    قال عبد الرحمن بن مهدي : لو صنفتُ كتابا في الأبواب لجعلت حديث عمر بن الخطاب في الأعمال بالنيات في كل باب . وقال : من أراد أن يصنف كتابا فليبدأ .
    قال ابن رجب : وهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها ، فرُويَ عن الشافعي أنه قال : هذا الحديث ثلث العلم ، ويدخل في سبعين بابا من الفقه . وعن الإمام أحمد رضي الله عنه قال : أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث :
    حديث عمر " إنما الأعمال بالنيات " ، وحديث عائشة " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، وحديث النعمان بن بشير " الحلال بيّن والحرام بيّن " .

    2= تعريف النية : النيّة في اللغة هي القصد والإرادة .

    3=فائدة النيّة :
    تمييز العبادات بعضها عن بعض
    وتمييز العبادات عن العادات

    فالأول مثل تمييز صلاة الظهر عن صلاة العصر ، وتمييز صلاة النافلة عن صلاة الفريضة .
    وكتمييز صوم رمضان عن صوم النافلة .

    والثاني مثل تمييز غُسل الجنابة عن غُسل التطهّر والتّبرّد .

    وقد قيل :
    بصلاح النيّات تُصبح العادات عبادات
    وبفساد النيّات تُصبح العبادات عادات
    فالعادات من أكل وشُرب ونوم ونحو ذلك إذا صلحت فيها النيّة أصبحت عبادات ، إذ الوسائل لها أحكام المقاصد .
    والعبادات إذا فسدت فيها النيّات أو غاب عن صاحبها استحضارها ولم يرد عليه الاحتساب كانت أعماله عادات أو كالعادات . لا قيمة لها ولا روح .

    4=وضابط حصول النيّة وترتّب الأجر عليها ما قاله ابن المُلقِّن حيث قال : والضابط لحصول النيّة أنه متى قصد بالعمل امتثال أمر الشرع ، وبتركه الانتهاء بنهي الشرع ، كانت حاصلة مُثاباً عليها ، وإلا فلا ، وإن لم يقصد ذلك كان عملاً بهيمياً ، ولذا قال بعض السلف : الأعمال البهيمية ما عُملت بغير نيّة . انتهى .

    5 =وضابط حصول الأجر من عدمِه أن تكون الحسنة أو السيئة همّـاً عند العبد ، كما في حديث ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى قال : إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بيّن ذلك ؛ فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، وإن هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة . متفق عليه .

    6 =وإذا صلحت النيّة فربما بلغ العبد منازل الأبرار ، وتَسَنّم المراتب العُلى بحسن نيّته .
    ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
    إنما الدنيا لأربعة نفر :
    عبد رزقه الله عز وجل مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله عز وجل فيه حقه . قال : فهذا بأفضل المنازل .
    قال : وعبد رزقه الله عز وجل علما ولم يرزقه مالا قال فهو يقول : لو كان لي مال عملت بعمل فلان قال فاجرهما سواء .
    قال : وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه عز وجل ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقه فهذا بأخبث المنازل .
    قال : وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول : لو كان لي مال لعملت بعمل فلان . قال : هي نيته فوزرهما فيه سواء . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وقال الترمذي حديث حسن صحيح .

    ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال : إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معـكم . قالوا : يا رسول الله وهم بالمدينة ؟ قال : وهم بالمدينة حبسهم العذر . رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه ، ورواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه .

    7= فائدة
    لا علاقة لورود هذا الحديث بحديث مهاجر أم قيس .
    وحديث أم قيس قال عنه الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح .
    وقال الذهبي - بعد أن ذكر رواية الطبراني - : إسناده صحيح .
    وقال ابن حجر - بعد أن ذكر رواية الطبراني - : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سِيق بسبب ذلك ، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك .

    وهناك عدة مباحث في النيّة ، كدخول الرياء في العمل وتفصيل ذلك ، وكتشريك النيّة ، وتغييرها ، وكنيّة ترك ما حـرّم الله ، ونحو ذلك ، ولكني أراني أطلت .

    =========================
    8 = تفصيل مسألة دخول الرياء على النيّة
    ينقسم العمل الذي يُخالطه أو يُصاحبه الرياء بالنسبة لقبول العمل من عدمه إلى أقسام :
    أن يُصاحبه الرياء من أصل العمل فيحبط العمل بالكليّة .
    أن يطرأ عليه الرياء خلال العمل دافعه فإنه لا يضرّه ، وإن لم يُدافع الرياء فَلَهُ حالات :
    إن كان العمل مما يتجزأ ، كالصدقة ونحوها ، فما دَخَلَه الرياء فهو حابط ، وما لم يدخل الرياء لم يحبط .
    وإن كان مما لا يتجـزأ كالصلاة ونحوها فإنها تحبط ، لعـدم مُدافعته للرياء .
    والنيّة أصل في صلاح الأعمال
    ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إنما الأعمال كالوعاء إذا طاب أسفله طاب أعلاه ، وإذا فسد أسفله فسد أعلاه . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .
    والمُراد بذلك النيّة .
    ========
    9 = الرياء في العمل يكون وبالاً وعذاباً وحسرةً على صاحبه يوم القيامة ، يوم يُشهّر بصاحبه على رؤوس الأشهاد ، وعندها تزداد حسرته وندامته .
    فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : من سمع سمع الله به ، ومن راءى راءى الله به . رواه مسلم عن ابن عباس ، وروى البخاري مثله عن جندب بن عبد الله .

    قال العز بن عبد السلام : الرياء أن يعمل لغير الله ، والسمعـة أن يخفي عمله لله ، ثم يحدث به الناس .
    قال الفضيل بن عياض : كانوا يقولون ترك العمل للناس رياء ، والعمل لهم شرك . عافانا الله وإياك .

    10 = إخلاص العمل لله سبب لسلامة القلب
    قال صلى الله عليه وسلم : ثلاث لا يَـغِـلّ عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر ، ولزوم الجماعة ؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم . رواه أحمد وأهل السنن .
    قال ابن عبد البر : معناه لا يكون القلب عليهن ومعهن غليلا أبـداً ، يعني لا يقوى فيه مرض ولا نفـاق إذا أخلص العمل لله ، ولزم الجماعـة ، وناصح أولي الأمر .
    وقال ابن رجب : هذه الثلاث الخصال تنفي الغل عن قلب المسلم . انتهى كلامه - رحمه الله - .
    فعدمُ الإخلاص يُورث القلبَ الأضغان والأحقاد .

    هذه نتف من الفوائد المتعلقة بهذا الحديث النبوي العظيم .

    وللحديث بقية عبارة عن أسئلة وردتني .

    =======
    ثم وردني هذا السؤال من إحدى الأخوات
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
    الشيخ الفاضل ..
    جزيت خيرا على طرحك لهذا الدرس المميز .. و نسأل الله العلي العظيم ان ينفعنا و إياكم به
    و يجعله في ميزان حسناتكم يوم نلقاه ...

    شيخي الفاضل .. لقد وفيت في شرحك و بخاصة عن الرياء و كنت على وشك سؤالك عنه

    فمن المعروف انه الرياء هو الشرك الأصغر
    و هو أخفى من دبيب النمل ...
    و أحيانا يكون الأصل في العمل وجه الله و القرب منه
    فما تشعر إلا و قد خالط نفسك شئ ... تحاول جاهدا ان تدفعه ...
    فأحيانا تجد ان الشيطان يقول لك لا تخاشع لأن الناس يرونك و أحيانا تخاشع لن الله يراك
    فتحتار .. و تخاف في عملك
    ما الذي تفعله حينها ...

    و إذا كان الرياء خفيا لا يستشعر .. كما علمت انه اخفى من النملة على صخرة سوداء في ليلة دهماء
    فكيف ادفعه عن نفسي ؟؟؟
    وهل هناك من دعاء أدعو به .. لأتقي هذا الشر

    و جزاك الله عني خيرا

    ------------
    الجواب :
    وشكر الله لك هذه الإفادة والإضافة
    أما إذا جاء الشيطان ليُدخل الرياء على المسلم ، فعلى المسلم مدافعة الرياء ولا يضرّه .
    فإذا جاء الشيطان أو ورد الوارد لتحسين العمل فعلى المسلم أن يتذكّر : أن الناس لا يملكون له نفعا ولا ضرا ، وبالتالي فليس هناك دافع للعمل لأجلهم .
    وقد نقل ابن القيم - رحمه الله – عن عبد القادر الكيلاني - رحمه الله - أنه قال : كُـن مع الحق بلا خلق ، ومع الخلق بلا نفس .
    ثم قال ابن القيم معلِّقاً : فتأمل ما أجلّ هاتين الكلمتين مع اختصارهما ، وما أجمعهما لقواعد السلوك ، ولكل خلق جميل .
    فإذا قام المسلم يُصلّي – مثلاً – جاءه الشيطان ليُحبط عمله ، فيقول : له فُلان ينظر إليك وإلى عملك فأحسن العمل
    فلا يلتفت إلى هذا ويبقى على ما كان عليه ولا يترك العمل لأجل ذلك ، كما تقدم في كلمة الفضيل بن عياض . [ والكلام يطول في تفصيل ذلك ]
    من أجل ذلك كان السلف يحرصون على إخفاء العمل ، وأن يجهد الإنسان أن يُخفي العمل ما استطاع .
    من أجل ذلك قال عليه الصلاة والسلام : فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل الفريضة على التطوع . رواه البيهقي ، وقال المنذري : إسناده جيّد ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب .
    وقال عليه الصلاة والسلام : فصلوا أيهـا الناس في بيوتكم ، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة . متفق عليه من حديث زيد بن ثابت
    ورواه أبو داود بلفظ : صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة .
    فصلاة الرجل النافلة حيث لا يراه أحد أفضل من صلاته في مسجده صلى الله عليه وسلم .

    وأما ما يُذهب الرياء
    فأسوق إليك هذا الحديث بطوله وقد تضمّن قصة
    روى البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : انطلقت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أبا بكر ، للشِّرك فيكم أخفى من دبيب النمل .
    فقال أبو بكر : وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلها آخر ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ، للشِّرك أخفى من دبيب النمل ، ألا أدلك على شيء إذا قـُـلتـه ذهب عنك قليله وكثيره ؟
    قال : قل : اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم .
    وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد .
    ==========
    وهذا سؤال آخر من أخت أخرى فاضلة :
    جزاك الله خير فضيلة الشيخ السحيم...
    بس عندي بعض الاستفسارات...
    - سمعت مرة من أحد الشيوخ ، إن لا يجب النطق بالنية، يكتفي الفعل... مثلاً: نية الصوم، القيام للسحور... فهل الأفعال تكفي عن النية اللفظية؟؟ إذا كان لا.. فهل هناك صيغة محددة أو محببة للنية؟؟
    و جزاك الله خير أخوي.. و جعله في ميزان حساناتك..
    ------------
    الجواب :
    بارك الله فيك أختي الفاضلة
    هذه مسألة مهمة فاتني التنبيه عليها

    فأقول :

    لا يجوز التـّـلفّـظ بالنية ، إذ التـّـلفّـظ من محدثات الأمور
    قال ابن عمر لما سَِمع رجلا عند إحرامه يقول : اللهم إني أريد الحج والعمرة . فقال له : أتُعلّم الناس ؟ أو ليس الله يعلم ما في نفسك ؟

    فلا يتلفّظ بالنية حتى عند إرادة الحج والعمرة
    فلا يقول عند إرادة عقد الإحرام : اللهم إني أريد الحج والعمرة .
    وإنما يُلبّي بالحج والعمرة معاً أو بأحدهما
    فيقول كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لبيك عمرة وحجة
    أو : لبيك عمرة
    وهذا ليس من التلفظ بالنية إنما هو بمنزلة التكبير عند دخول الصلاة .

    وكذلك إذا أراد الصلاة فلا يقول – كما يقول بعض الجهلة : - اللهم إني أريد أصلي صلاة الظهر أربع ركعات .
    فإن هذا لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم .

    وكذا الأمر بالنسبة لسائر العبادات ؛ لأن النيّة محلّها القلب .
    فيكفي فيها عقد العزم على الفعل .
    كما أن نيّة تبييت الصيام من الليل لصوم الفريضة تكفي من أول شهر رمضان إلا أن يقطع النية بسفر أو فطر لمرض وعذر .
    ويكفي في النية العزم على الفعل
    فإنه إذا عزم على صيام يوم غد ثم صامه أجزأته النية التي عقدها بقلبه .
    ويُقال نفس الكلام في نية الصلاة ، ولكن لا بد من تعيين النيّة لتلك الصلاة
    هل هو يُريد صلاة الظهر أو العصر مثلاً
    وكذلك الوضوء ، فإذا توضأ المسلم ، وهو ينوي رفع الحدث ارتفع حدثه
    ولو اغتسل ونوى بالغسل اندراج الوضوء تحته أجزأه

    وهكذا .
    فالنيّة محلّها القلب ولا يجوز التلفظ بها ، بل التلفظ بها بدعة محدَثة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
    والله أعلم

    =========
    وهذا سؤال ثالث من أخت فاضلة ثالثة :
    أول كلمة اقولها في هذه الزاوية ..
    أستاذي الحبيب ..جزاك الله خير الدنيا والاخرة ..وكتب لك بها الرضى والعافية والأجر في الدنيا والأخرة
    وسدد خطاك ..وحفظك وزادك من فضله في الدنيا والأخرة

    عندي سؤال بعد أذنك

    ألا تحتاج بعض الأعمال إلى إظهارها وعملها علنا أمام الخلق طمعا في اقتداء الناس بهذا العمل..كحفظ القرآن الكريم على سبيل المثال ..اتمنى أن اعرف الإجابة ..
    -------------
    الجواب :
    بورك فيك واحسن الله إليك
    بل أنا أشكر استجابتك وحضورك
    وحيّاك الله أختاً لنا مشاركة ومُفيدة في الوقت نفسه

    أخيّه :
    الأصل في الأعمال الإخفاء ( أن تُخفى )
    لقوله سبحانه : ( إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ )
    وفي حديث السبعة الذين يُظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظلّه قال صلى الله عليه وسلم فيهم : ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه . متفق عليه .
    وبوّب عليه الإمام البخاري : باب صدقة السر .
    وعقد قبله باباً : باب صدقة العلانية ، ثم ساق قوله تعالى : ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )
    وقد تقدّم أن إخفاء العمل الصالح أبلغ في الإخلاص
    وحال السلف يدل على ذلك ، وسأذكر بعض الأمثلة بعد ذلك إن شاء الله
    غير أنه إذا طمِع المسلم أو المسلمة في الاقتداء به بذلك العمل فله أن يُظهره شريطة أن يُجاهد نفسه ، لأن الشيطان سيُدخل عليه الرياء .
    ومن هنا فقد أظهر الصحابة رضي الله عنهم بعض أعمالهم لما احتاجوا إلى ذلك
    فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جرير رضي الله عنه أنه قال : كنا ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار قال فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر ، فتمعّـر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة ، فدخل ثم خرج ، فأمر بلالاً فأذّن وأقام فصلى ، ثم خطب فقال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَة ) إلى آخر الآية : ( إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) والآية التي في الحشر ( اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ ) تصدّق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال : ولو بشق تمرة . قال : فجاء رجل من الأنصار بِصُرّة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت . قال : ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة . الحديث .

    فهذا الأنصاري قد جاء بِصُرّة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت
    وكان هذا على مرأى ومسمع من الناس .

    فإذا اقتضت المصلحة إظهار العمل الصالح فإنه يُظهره لتلك المصلحة فحسب .
    والله أعلم .
    ================
    أخثراً :
    كنتُ قد وعدت أن أسوق شيئا من أحوال السلف في إخفاء العمل وحرصهم على ذلك واجتهادهم فيه ، وهذا أوان الشروع في المقصود :

    لما رأى ابن عمر رجلاً يُصلي ويُتابع قال له : ما هذا ؟ قال : إني لم أصل البارحة ، فقال ابن عمر : أتريد أن تخبرني الآن ! إنما هما ركعتان .
    ولما قال سعيد بن جبير لأصحابه : أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ قال حصين بن عبد الرحمن : قلت : أنا ، ثم قلت : أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت . فَذَكَرَ الحديث . رواه مسلم .
    فقوله – رحمه الله – : أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت ، لينفي عن نفسه حبّ السمعة والشهرة ، وليعلم جليسه أنه لم يكن في صلاة .
    وما ذلك إلا لحرصهم على الإخلاص .

    وقد كان عمل الربيع بن خثيم كله سِـرّاً ؛ إن كان ليجئ الرجـل وقد نَشَـرَ المصحف ، فيغطيه بثوبه .

    قال الأعمش : كنت عند إبراهيم النخعي وهو يقـرأ في المصحف ، فاستأذن عليه رجل فغطّى المصحف ، وقال : لا يراني هذا أني أقرأ فيه كل ساعة .

    قال عبدة بن سليمان : كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم فصادفنا العدو ، فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا إلى البِراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله ، ثم آخر فقتله ثم دعا إلى البِراز ، فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله ، فازدحم عليه الناس وكنت فيمن ازدحم عليه فإذا هو مُلَثّمٌ وجهه بكمـه ، فأخذت بطرف كمه فمددته ، فإذا هو عبد الله بن المبارك فقال : و أنت يا أبا عمرو ! ممن يشنع علينا .

    قال محمد بن القاسم : صحبت محمد بن أسلم أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي حيث أراه ركعتين من التطوع إلا يوم الجمعة ، وسمعته كذا وكذا مرة يحلف لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت خوفاً من الرياء ، وكان يدخل بيتا له ويُغلق بابه ، ولم أدرِ ما يصنع حتى سمعت ابناً لـه صغيرا يحكي بكاءه ، فنهته أمُّه ، فقلت لها : ما هذا ؟ قالت : إن أبا الحسن يدخل هذا البيت فيقرأ ويبكي فيسمعه الصبي فيحكيه ، وكان إذا
    أراد أن يخرج غسل وجهه واكتحل فلا يرى عليه أثر البكاء .

    وكان أيوب السختياني في مجلس فجاءته عَبْرَة ، فجعل يتمخّط ويقول : ما أشدّ الزكام .

    هذا نزر يسير من حرصهم على إخفاء أعمالهم حتى لا يدخلها الرياء ، ولا يجد الشيطان مدخلا إلى نفوسهم .
    فرحم الله سلف هذه الأمة ما أعظم فقههم وما أدق فهمهم .

    ==================
    وسألت أخت كريمة فاضلة ، فقالت :
    حديثين شيخنا الفاضل ... هل يمكن أن نعلم مدى صحتهما بارك الله فيك :
    ( نية المؤمن أبلغ من عمله ونية الفاجر شر من عمله )
    وفي رواية ( إن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته مالايعطيه على عمله ) لأن النية لارياء فيها والعمل يخالطه الرياء ....
    وبارك الله فيكم
    -----------
    الجواب :
    بورك فيك أختي الفاضلة ، وشكر الله سعيك وحيّاك معنا
    وزادك الله فقهاً وحرصا على طواعية الله ورسوله

    أما الحديث الأول فهو بلفظ : نية المؤمن خير من عمله ، وعمل المنافق خير من نيته ، وكل يعمل على نيته ، فإذا عمل المؤمن عملا ، ثار في قلبه نور .
    فهو حديث ضعيف المعنى والمبنى
    وقد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في ضعيف الجامع برقم 5977
    وقد تكون نيّة المؤمن خيرٌ من عمله كما تقدم في حديث : " إنما الدنيا لأربعة نفر "
    وكما في قوله عليه الصلاة والسلام : إن الله تعالى قد أوقع أجره على قدر نيته .
    وفيه قصة ، وذلك أن عبد الله بن ثابت كان قد تجهز للغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات قالت ابنته : والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيداً ، فإنك كنت قد قضيت جهازك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل قد أوقع أجره على قدر نيته . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
    وقد يكون العمل أبلغ ، خاصة إذا كان بعيداً عن أعين الناس ، أو كان نفعه مُتعدّياً .

    وأما الرواية الثانية التي أشرتِ إليها:
    " إن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته مالا يعطيه على عمله "
    فهي بقية الحديث الأول ، وأشار إلى ضعفها العجلوني في كشف الخفاء
    ولم أرها في شيء من كتب السنة إلا في مسند الفردوس بلفظ :
    نية المؤمن خير من عمله وإن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله وذلك إن النية لا رياء فيها والعمل يخالطه الرياء .
    ولا يصح .

    والله أعلم .

    فائــدة :

    لقي رجل يحيى بن أكثم وهو يومئذ على قضاء القضاة فقال له : أصلح الله القاضي كم آكل ؟
    قال : فوق الجوع ، ودون الشبع .
    قال : فكم أضحك ؟
    قال : حتى يُسفر وجهك ، ولا يعلوا صوتك .
    قال : فكم أبكي ؟
    قال : لا تمل البكاء من خشية الله .
    قال : فكم أخفي من عملي ؟
    قال : ما استطعت .
    قال : فكم أظهر منه ؟
    قال : ما يقتدي بك الحريص على الخير ، ويُؤمن عليك قول الناس .

    يتبع إن شاءالله في القريب
    شرحأحاديثعمدةالأحكامح 2 الوضوء شرط لصحة الصلاة


  2. #2

    افتراضي رد: دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

    نص الدرس

    شرحأحاديثعمدةالأحكامح 2 الوضوء شرط لصحة الصلاة

    الحديث الثاني :
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ . متفق عليه .

    في الحديث مسائل :

    1 = في رواية للبخاري : قال رجل من حضرموت : ما الحدث يا أبا هريرة ؟ قال : فساء أو ضراط .

    2 = " لا يقبل الله صلاة أحدكم "
    هذا لفظ يشمل الذكر والأنثى ، وإن كان الخطاب للرجال عامة إلا أن الخطاب في الشريعة يعمّ الرجال والنساء كما قال ابن القيّم - رحمه الله - .
    وهذا النفي نفيٌ للقبول ونفيٌ للصحة .
    وهذا النفي مختصٌ بمن ترك الوضوء ولا عذر له في تركه .
    وهذا الحديث نصٌّ في وجوب الطهارة وأنها شرط لصحة الصلاة ، وهو إجماع . كما قال ابن الملقِّن .
    والصلاة بغير طهارة من غير عُذر مُحرّمة .

    3 =والحدث حدَثان :
    حدث أكبر ، وهو الجنابة ، وسيُفرِد له المصنف باباً مستقلا .
    وحدث أصغر ، وهو ما دون ذلك .
    والحدث الأصغر نوعان :
    مُجمع عليه
    ومُختَلف فيه .

    4 = ونواقض الوضوء التي قام عليه الدليل هي :
    1 - الخارج من السبيلين القبل أو الدبر
    والخارج منهما عشرة أنواع هي :
    الغائط
    البول
    المني
    المذي
    الوَدْي
    الروائح
    دم الحيض
    دم الاستحاضة
    دم النفاس
    رطوبة فرج المرأة

    وهي تنقض الوضوء .
    وهي نجسة ما عدا :
    المني والروائح ورطوبة فرج المرأة .
    =======
    = فالأول دليله قوله تعالى : ( وَإِنكُنتُممَّرْضَىأَوْعَلَىسَفَرٍأَوْجَاءأَحَدٌمِّنكُممِّنالْغَآئِطِأَوْلاَمَسْتُمُالنِّسَاءفَلَمْتَجِدُواْمَاء فَتَيَمَّمُواْصَعِيدًاطَيِّبًافَامْسَحُواْبِوُجُوهِكُمْوَأَيْدِيكُمْ ) .
    ومن السُّنّة حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أن نمسح على خفافنا ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط وبول ونوم إلا من جنابة . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح .

    وهذا الدليل دلّ على ثلاثة نواقض من نواقض الوضوء :
    الغائط والبول والنوم .
    وما يتعلق بالمني سيأتي في باب الغسل .
    وما يتعلق بالمذي سيأتي في باب مستقل أيضا .
    ويأتي ما يتعلق بالودي ، والفرق بين هذه الأشياء .

    = وأما الروائح التي تخرج من الدبر ، فقد تقدّم فيها كلام أبي هريرة رضي الله عنه أنه الفساء أو الضراط .
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا . رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وهو متفق عليه من حديث عبد الله بن زيد – رضي الله عنه – وسيأتي شرحه إن شاء الله .
    وعن علي بن طلق قال : أتى أعرابيٌّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله الرجل منا يكون في الفلاة فتكون منه الرويحة ، ويكون في الماء قِـلّـة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا فسـا أحدكم فليتوضأ ، ولا تأتوا النساء في أعجازهـن ، فإن الله لا يستحي من الحق . رواه الترمذي وحسّنه .
    وأما الأربعة الأخيرة من الخارج من السبيلين فنؤجّلها إلى باب الحيض .
    وأما بقية نواقض الوضوء ، فهي بالإضافة إلى ما سبق :
    2 - زوال العقل ، فهو ناقض من نواقض الوضوء ، وهو يكون بأمور :
    أ - النوم المُستغرق ، وتقدّم دليله في حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه .
    والنوم مَظِنّة الحدث ، فإذا نام نوما عميقا لا يشعر بنفسه ولا بما حوله فإنه يتنقض وضوءه ، أما النوم الخفيف فإنه لا ينقض ، وعلى هذا يُحمل ما ورد عن الصحابة في عهده عليه الصلاة والسلام أنه ما صلّى عليه الصلاة والسلام يوما حتى نام القوم . كما في صحيح مسلم .
    وفي رواية لأبي داود : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون .
    فهذا يُحمل على النوم اليسير الذي لا يغيب فيه الوعي غيابا كاملا .
    ب – ويكون زوال العقل بالإغماء والجنون والسكر ونحو ذلك ، وهو يُوجب الوضوء لمن أراد الصلاة .
    بدليل قوله عليه الصلاة والسلام : رُفِع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل . رواه الإمام أحمد وأهل السُّنن .
    وبدليل أنه صلى الله عليه وسلم لما ثَقُل قال : أصلى الناس ؟ قالت عائشة : قلنا : لا ، وهم ينتظرونك يا رسول الله . قال : ضعوا لي ماء في المخضب ، ففعلنا ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء ، فأغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، وهم ينتظرونك يا رسول الله ، فقال : ضعوا لي ماء في المخضب ، قالت : ففعلنا ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، وهم ينتظرونك يا رسول الله ، فقال : ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ فقلنا : لا ، وهم ينتظرنك يا رسول الله . قالت : والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة . قالت : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس ... الحديث . متفق عليه .
    3- مس الفرج عموما من غير حائل يحول بين اليد والفرج ، ويُشترط لذلك شرطان :
    الأول : أن يكون المسّ بشهوة .
    الثاني : أن يكون من غير حائل ، يعني يمسه مباشرة .
    ودليله حديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مس ذكره فليتوضأ . رواه الإمام أحمد وأبوداود وغيرهما ، وهو حديث صحيح .
    ودليل التفريق بين المسٍّ بشهو والمسّ من غير شهوة
    حديث طلق بن علي رضي الله عنه قال : قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل كأنه بدوي ، فقال : يا نبي الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ ؟ فقال : هل هو إلا مضغة منه ، أو قال بضعة منه . رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما .
    وفي رواية : هل هو إلا بضعة منك .
    أي قطعة من جسدك .
    وعلى هذا فإذا مسّت المرأة فرج صبيّها أثناء تنظيفه فليس عليها وضوء .
    لأن مسّ النجاسة ليس من نواقض الوضوء ، ومس الفرج لا ينقض إلا بشهوة ، كما تقدّم .
    4- ومن نواقض الوضوء أكل لحم الجزور . يعني لحم الإبل .
    ودليله قوله عليه الصلاة والسلام لما سُئل : أأتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال : إن شئت فتوضأ ، وإن شئت فلا توضأ . قال : أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم ، فتوضأ من لحوم الإبل . رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه .
    وليس المقصود هو اللحم فحسب ، بل أطلق اللحم لأنه هو الغالب ، وإلا فإن الحُكم يشمل جميع أجزاء الإبل .
    بدليل قوله تعالى : ( حُرِّمَتْعَلَيْكُمُالْمَيْتَةُوَالْدَّمُوَلَحْمُالْخِنْزِيرِ ) .
    فالتعبير هنا بـ ( لحم الخنـزير ) وإن كان الحُكم يشمل جميع أجزاءه من لحم وشحم وعصب وغير ذلك .
    ولما ذكر الصنعاني - رحمه الله – الحديث المتقدم ذكر بعده حديث البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضئوا من لحوم الإبل ولا توضئوا من لحوم الغنم . قال ابن خزيمة لم أرَ خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه . ثم قال - رحمه الله - : والحديثان دليلان على نقض لحوم الإبل للوضوء ، وأن من أكلها انتقض وضوؤه . انتهى .
    ولعل السبب في ذلك أن الإبل فيها مادة شيطانية ، فلذا أُمِر من أكلها أن يتوضأ .
    وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : على ظهر كل بعير شيطان ، فإذا ركبتموها فسموا الله عز وجل ، ثم لا تقصروا عن حاجاتكم . رواه الإمام أحمد والدارمي ، وابن حبان ، والحاكم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .
    وقال : صلوا في مرابض الغنم ، ولا تُصلوا في أعطان الإبل ، فإنها خُلِقت من الشياطين . رواه ابن ماجه . وصححه الألباني في صحيح الجامع .
    وعدّ بعض العلماء الردة من نواقض الوضوء ؛ لأن الردة تُحبط العمل .
    5 = ومن الأشياء التي تشتهر عند بعض الناس أنها تنقض الوضوء ، ولم يدلّ عليها الدليل :
    القيء – الرّعاف – مس المرأة – خروج الدم من غير السبيلين .
    فهذه الأشياء لا تنقض الوضوء .
    وأما حمل الميت فالوضوء منه مُستحب للحديث الوارد في ذلك، والغسل من تغسيله سيأتي في باب الغسل .

    والله أعلم .
    يتبع إن شاءالله في القريب
    شرحأحاديثعمدةالأحكامح3 في إسباغ الوضوء


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    223

    افتراضي رد: دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

    بارك الله فيك أختي الفاضلة ، ولو كان الخط في المشاركة الثانية كما كان في المشاركة الأولى لكان أفضل ، وأرجو التنبه أختي الكريمة ان هناك خطأ في كتابة الاّيات الكريمة في المشاركة الثانية .

  4. #4

    افتراضي رد: دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل* مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك أختي الفاضلة ، ولو كان الخط في المشاركة الثانية كما كان في المشاركة الأولى لكان أفضل ، وأرجو التنبه أختي الكريمة ان هناك خطأ في كتابة الاّيات الكريمة في المشاركة الثانية .

    بارك الله فيكِ أختي الفاضلة وإن شاءالله سأعيد نص الدرس مرة ثانية
    درس
    شرحأحاديث عمدةالأحكامح 2 الوضوء شرط لصحة الصلاة

    هناك خطأ في كتابة الاّيات الكريمة في المشاركة الثانية .



    ارجو ان تأشري لي على هذه الاخطاء في الآيات الكريمة

    للتصحيح

    جزاكِ الله عني كل خيرآ ونفع بكِ

    آمين

    شكرآ لكِ
    الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) سورة البقرة

  5. #5

    افتراضي رد: دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

    اعادة الدرس الثاني

    نص الدرس

    شرحأحاديثعمدةالأحكامح 2 الوضوء شرط لصحة الصلاة
    الحديث الثاني :
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ . متفق عليه .

    في الحديث مسائل :

    1 = في رواية للبخاري : قال رجل من حضرموت : ما الحدث يا أبا هريرة ؟ قال : فساء أو ضراط .

    2 = " لا يقبل الله صلاة أحدكم "
    هذا لفظ يشمل الذكر والأنثى ، وإن كان الخطاب للرجال عامة إلا أن الخطاب في الشريعة يعمّ الرجال والنساء كما قال ابن القيّم - رحمه الله - .
    وهذا النفي نفيٌ للقبول ونفيٌ للصحة .
    وهذا النفي مختصٌ بمن ترك الوضوء ولا عذر له في تركه .
    وهذا الحديث نصٌّ في وجوب الطهارة وأنها شرط لصحة الصلاة ، وهو إجماع . كما قال ابن الملقِّن .
    والصلاة بغير طهارة من غير عُذر مُحرّمة .

    3 =والحدث حدَثان :
    حدث أكبر ، وهو الجنابة ، وسيُفرِد له المصنف باباً مستقلا .
    وحدث أصغر ، وهو ما دون ذلك .
    والحدث الأصغر نوعان :
    مُجمع عليه
    ومُختَلف فيه .

    4 = ونواقض الوضوء التي قام عليه الدليل هي :
    1 - الخارج من السبيلين القبل أو الدبر
    والخارج منهما عشرة أنواع هي :
    الغائط
    البول
    المني
    المذي
    الوَدْي
    الروائح
    دم الحيض
    دم الاستحاضة
    دم النفاس
    رطوبة فرج المرأة

    وهي تنقض الوضوء .
    وهي نجسة ما عدا :
    المني والروائح ورطوبة فرج المرأة .
    =======

    = فالأول دليله قوله تعالى : { وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ }
    ومن السُّنّة حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أن نمسح على خفافنا ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط وبول ونوم إلا من جنابة . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح .

    وهذا الدليل دلّ على ثلاثة نواقض من نواقض الوضوء :
    الغائط والبول والنوم .
    وما يتعلق بالمني سيأتي في باب الغسل .
    وما يتعلق بالمذي سيأتي في باب مستقل أيضا .
    ويأتي ما يتعلق بالودي ، والفرق بين هذه الأشياء .

    = وأما الروائح التي تخرج من الدبر ، فقد تقدّم فيها كلام أبي هريرة رضي الله عنه أنه الفساء أو الضراط .
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا . رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وهو متفق عليه من حديث عبد الله بن زيد – رضي الله عنه – وسيأتي شرحه إن شاء الله .
    وعن علي بن طلق قال : أتى أعرابيٌّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله الرجل منا يكون في الفلاة فتكون منه الرويحة ، ويكون في الماء قِـلّـة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا فسـا أحدكم فليتوضأ ، ولا تأتوا النساء في أعجازهـن ، فإن الله لا يستحي من الحق . رواه الترمذي وحسّنه .
    وأما الأربعة الأخيرة من الخارج من السبيلين فنؤجّلها إلى باب الحيض .
    وأما بقية نواقض الوضوء ، فهي بالإضافة إلى ما سبق :
    2 - زوال العقل ، فهو ناقض من نواقض الوضوء ، وهو يكون بأمور :
    أ - النوم المُستغرق ، وتقدّم دليله في حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه .
    والنوم مَظِنّة الحدث ، فإذا نام نوما عميقا لا يشعر بنفسه ولا بما حوله فإنه يتنقض وضوءه ، أما النوم الخفيف فإنه لا ينقض ، وعلى هذا يُحمل ما ورد عن الصحابة في عهده عليه الصلاة والسلام أنه ما صلّى عليه الصلاة والسلام يوما حتى نام القوم . كما في صحيح مسلم .
    وفي رواية لأبي داود : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون .
    فهذا يُحمل على النوم اليسير الذي لا يغيب فيه الوعي غيابا كاملا .
    ب – ويكون زوال العقل بالإغماء والجنون والسكر ونحو ذلك ، وهو يُوجب الوضوء لمن أراد الصلاة .
    بدليل قوله عليه الصلاة والسلام : رُفِع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل . رواه الإمام أحمد وأهل السُّنن .
    وبدليل أنه صلى الله عليه وسلم لما ثَقُل قال : أصلى الناس ؟ قالت عائشة : قلنا : لا ، وهم ينتظرونك يا رسول الله . قال : ضعوا لي ماء في المخضب ، ففعلنا ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء ، فأغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، وهم ينتظرونك يا رسول الله ، فقال : ضعوا لي ماء في المخضب ، قالت : ففعلنا ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، وهم ينتظرونك يا رسول الله ، فقال : ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ فقلنا : لا ، وهم ينتظرنك يا رسول الله . قالت : والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة . قالت : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس ... الحديث . متفق عليه .
    3- مس الفرج عموما من غير حائل يحول بين اليد والفرج ، ويُشترط لذلك شرطان :
    الأول : أن يكون المسّ بشهوة .
    الثاني : أن يكون من غير حائل ، يعني يمسه مباشرة .
    ودليله حديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مس ذكره فليتوضأ . رواه الإمام أحمد وأبوداود وغيرهما ، وهو حديث صحيح .
    ودليل التفريق بين المسٍّ بشهو والمسّ من غير شهوة
    حديث طلق بن علي رضي الله عنه قال : قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل كأنه بدوي ، فقال : يا نبي الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ ؟ فقال : هل هو إلا مضغة منه ، أو قال بضعة منه . رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما .
    وفي رواية : هل هو إلا بضعة منك .
    أي قطعة من جسدك .
    وعلى هذا فإذا مسّت المرأة فرج صبيّها أثناء تنظيفه فليس عليها وضوء .
    لأن مسّ النجاسة ليس من نواقض الوضوء ، ومس الفرج لا ينقض إلا بشهوة ، كما تقدّم .
    4- ومن نواقض الوضوء أكل لحم الجزور . يعني لحم الإبل .
    ودليله قوله عليه الصلاة والسلام لما سُئل : أأتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال : إن شئت فتوضأ ، وإن شئت فلا توضأ . قال : أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم ، فتوضأ من لحوم الإبل . رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه .
    وليس المقصود هو اللحم فحسب ، بل أطلق اللحم لأنه هو الغالب ، وإلا فإن الحُكم يشمل جميع أجزاء الإبل .
    بدليل قوله تعالى : ( حُرِّمَتْعَلَيْكُمُالْمَيْتَةُوَالْدَّمُوَلَحْمُالْخِنْزِيرِ ) .

    فالتعبير هنا بـ ( لحم الخنـزير ) وإن كان الحُكم يشمل جميع أجزاءه من لحم وشحم وعصب وغير ذلك .

    ولما ذكر الصنعاني - رحمه الله – الحديث المتقدم ذكر بعده حديث البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضئوا من لحوم الإبل ولا توضئوا من لحوم الغنم . قال ابن خزيمة لم أرَ خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه . ثم قال - رحمه الله - : والحديثان دليلان على نقض لحوم الإبل للوضوء ، وأن من أكلها انتقض وضوؤه . انتهى .

    ولعل السبب في ذلك أن الإبل فيها مادة شيطانية ، فلذا أُمِر من أكلها أن يتوضأ .

    وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : على ظهر كل بعير شيطان ، فإذا ركبتموها فسموا الله عز وجل ، ثم لا تقصروا عن حاجاتكم . رواه الإمام أحمد والدارمي ، وابن حبان ، والحاكم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .

    وقال : صلوا في مرابض الغنم ، ولا تُصلوا في أعطان الإبل ، فإنها خُلِقت من الشياطين . رواه ابن ماجه . وصححه الألباني في صحيح الجامع .

    وعدّ بعض العلماء الردة من نواقض الوضوء ؛ لأن الردة تُحبط العمل .

    5 = ومن الأشياء التي تشتهر عند بعض الناس أنها تنقض الوضوء ، ولم يدلّ عليها الدليل :

    القيء – الرّعاف – مس المرأة – خروج الدم من غير السبيلين .

    فهذه الأشياء لا تنقض الوضوء .

    وأما حمل الميت فالوضوء منه مُستحب للحديث الوارد في ذلك، والغسل من تغسيله سيأتي في باب الغسل .


    والله أعلم .

    يتبع إن شاءالله في القريب

    شرحأحاديث عمدةالأحكامح3 في إسباغ الوضوء

    قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا سورة النساء رقم الآية 43


    الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) سورة البقرة

  6. #6

    افتراضي رد: دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

    نص الدرس

    شرحأحاديثعمدةالأحكامح3 في إسباغ الوضوء

    عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله تعالى عنهم قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويلٌ للأعقاب من النار .

    1 = حديث عائشة رضي الله عنها رواه مسلم دون البخاري .

    2 = سبب ورود الحديث :
    ما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر سافرناه فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة صلاة العصر ، ونحن نتوضأ ، فجعلنا نمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته : ويل للأعقاب من النار . مرتين أو ثلاثا .

    وفي رواية قال : رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر فتوضؤوا وهم عجال ، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويل للأعقاب من النار .

    3 = اختُلِف في معنى كلمة " ويل "
    فقيل : واد في جهنم ، ولا دليل عليه .
    وقيل : الحزن . وقيل غير ذلك .
    والصحيح أنها تُقال لمن وقع في الهلاك أو تعرّض لأسبابه ، وقد تأتي للتعجّب كقوله عليه الصلاة والسلام : ويل أمِّه مسعر حرب .
    والمقصود ويل لأصحاب الأعقاب الذين يُهملون غسل أعقابهم في الوضوء ؛ لأن الأعقاب إذا عُذّبت تعذّب أصحابها .

    4 = الأعقاب : جمع عقِب ، وهو مؤخرة القدم .
    قيل : ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا *** ولكن على أقدامنا قطر الدّمـا
    يعني أنهم لا يفرّون فيقع الدم على مؤخرة أقدامهم ، بل يقع على أقدامهم لمواجهة العدو .
    وهذا الفرق بين التعبير بالعقِب وبالقدم .
    وقد جاء في رواية لمسلم : ويلٌ للعراقيب .

    5 = خص النبي صلى الله عليه وسلم الأعقاب بالذِّكر لأنها غالبا لا تُرى فيقصر عنها الغسل .

    6 = في الحديث دليل على وجوب غسل الأقدام إذا كانت مكشوفة ، وفيه رد على أهل البدع الذين يقولون بمسح الأقدام وإن كانت مكشوفة .

    أما إذا لم تكن مكشوفة كأن تكون مستورة بِخُفٍّ أو بجورب ونحوه فسيأتي الكلام عليها تحت باب المسح على الخفين .

    7 = ولهذا كان بعض السلف يقول بنزع الخاتم عند الوضوء ، فقد كان ابن سيرين يغسل موضع الخاتم إذا توضأ . علّقه عنه الإمام البخاري .

    8 = وهذا الوعيد على ترك غسل الأعقاب لا يمكن أن يكون على أمر مستحب أو مسنون ، بل على ترك واجب كما سيأتي في حديث ابن عباس " إنهما ليُعذّبان ... " .

    9 = فيه دليل على أن من ترك شيئاً من أعضاء الوضوء فإنه يأثم ، وبالتالي لا تصح صلاته ومن ثمّ يُعذّب على تفريطه .

    10 = ورد في رواية لمسلم : ويل للأعقاب من النار . أسبغوا الوضوء .
    والصحيح أن لفظة " أسبغوا الوضوء " مُدرجة من كلام الراوي .

    11 = إذا كان هذا الوعيد على من قصّر في الوضوء فكيف بمن قصّر في الصلاة ؟
    وكيف بمن لا يتوضأ ولا يُصلّي أصلا ؟
    نسأل الله السلامة والعافية .
    والله أعلم .

    يتبع إن شاءالله في القريب

    درس شرحأحاديثعمدةالأحكام ح4 في الاستنشاق والاستنثار قبل الوضوء
    الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) سورة البقرة

  7. #7

    افتراضي رد: دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

    الله يجزيك الخير

  8. #8

    افتراضي رد: دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو يعقوب العراقي مشاهدة المشاركة
    الله يجزيك الخير
    اللهم آمين ولك مثل ما دعوت وبارك الله فيك

    آمين

    شكرآ للمرور الكريم
    الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) سورة البقرة

  9. #9

    افتراضي رد: دروس الحديث المؤلف: عبد الرحمن السحيم حفظه الله المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدالله عدت
    لتكملة دروس الحديث لمؤلفه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظه

    شرح أحاديث عمدةالأحكام ح4 في الاستنشاق والاستنثار قبل الوضوء



    عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ، ثم لينـتـثر ، ومن استجمر فليوتر ، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في الإناء ثلاثا ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده .
    وفي لفظ لمسلم : فليستنشق بمنخريه من الماء .
    وفي لفظ : من توضأ فليستنشق .

    1 = قوله عليه الصلاة والسلام : إذا توضأ . يعني إذا أراد الوضوء ، لا أنه بعدما يفرغ من وضوئه
    كما في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ ) الآية . لا أنه حال القيام ولكن عند إرادة الصلاة .

    2 = ورد في روايات الحديث :
    " فليجعل في أنفه ماء "
    " فليستنشق "
    والمعنى واحد ، إذ لا يستطيع أن يجعل الماء في أنفه إلا عن طريق سحبه بواسطه الهواء ، وهو الاستنشاق .
    وسيأتي لاحقـاً تفصيل حُـكم المضمضة والاستنشاق والانتثار .

    3 = يجعل الماء في يده اليمنى ، ثم يستنشق .

    4 = الانتثار : هو دفع الماء ليخرج من الأنف ويخرج معه ما في الأنف من فضلات .
    ولا ينتثر بيده اليمنى بل بيده اليسرى .
    وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل اليمين لطعامه وصلاته ، ويساره لما سوى ذلك ، كما قالت عائشة رضي الله عنها .
    قال الأعمش : رآني إبراهيم وأنا أتمخط بيميني ، فنهاني وقال : عليك بيسارك ، ولا تعتادن تمتخط بيمينك .
    وقال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون أن يتمخّط الرجل بيمينه .

    5 = وفي الحديث أدب نبوي كريم
    وهو أن يتم تنظيف الأنف حال الوضوء ، لكي لايحتاج المسلم أن يتمخّط أمام الناس أو يُنظّف أنفه في بيوت الله كما يفعله بعض الناس ، فهذا خلاف أدب النبي صلى الله عليه وسلم ، وسوء أدب مع المصلّين بل مع رب العالمين .

    6 = العلّة في الاستنشاق والاستنثار منصوص عليها
    ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات ، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه .
    وأشكل هذا على بعض الناس : كيف يبيت الشيطان على الخياشيم ، مع أن من قرأ آية الكرسي لا يزال عليه من الله حافظ ، ولا يقربنّه شيطان .
    فالجواب – كما أشار إليه ابن حجر – :
    إما أن من قرأ آية الكرسي مخصوص بالحفظ دون غيره .
    أو أن الشيطان لا يقربه قربان وسواس ، فلا يقرب قلبه فيضرّه بالوسواس ، بل يبيت على خيشومه .

    7 =وفيه دليل على أن الشيطان يُحب الأماكن القذرة .
    ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إن هذه الحشوش محتضرة ، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .

    8 = تعريف الاستجمار
    مأخوذ من الجِمار ، وهي الحصى الصغيرة ، ومنه أُطلِق على الجمرات هذا الاسم ، لأنها تُرمى بالأحجار الصغيرة .
    والاستجمار مختص بالحجارة ، وما في حُكمها من المناديل ونحوها .
    وأما الاستنجاء فليس مختصا بالماء ، بل يُطلق الاستنجاء على استعمال الحجارة وعلى استعمال الماء ، لأن الاستنجاء مأخوذ من النجو ، وهو الغائط ، وقطعه وتنظيف محلّه .
    وقد جاء النهي الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار كما عند مسلم .
    قالت اليهود لسلمان رضي الله عنه : قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة ! قال : أجل ! لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو بعظم .

    فإذا أراد قطع الاستجمار فليقطع على وتر وإن زاد على الثلاث .

    9 = ولا شك أن استعمال الماء أفضل .
    ولذلك لما سال النبيُّ صلى الله عليه وسلم النبي أهل قباء فقال : أن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم ، فما هذا الطهور الذي تطهرون به ؟ قالوا : والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط ، فغسلنا كما غسلوا . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح بمجموع طُرقه .

    10 = وفيه دليل على فضل الوتر ، وأن يختم المسلم عمله على وتر .
    وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله وتر يحب الوتر .

    11 = مسألة :
    إذا قام من النوم فإنه لا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا .
    فإن كان يغسل يديه تحت مَصبِّ الماء فإنه يغسل يديه ثلاثا قبل الوضوء .
    وجرى الخلاف بين أهل العلم :
    هل المقصود بالنوم نوم الليل ، كما في رواية أبي داود وهي عند النسائي : إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات .
    والصحيح أن ذكر نوم الليل هنا قيد أغلبي ، لأن غالب النوم يكون في الليل .

    12 = واختلفوا في حُكم الماء فيما لو غمس القائم من النوم يده فيه قبل غسلها ثلاثا .
    هل ينجس أو لا ؟
    وهل يأثم أو لا ؟
    الصحيح أنه لا ينجس ، ولا يأثم ، ولكن يُكره له ذلك .
    لأنه لم يتعرض لمن غمس يده ، ولكنه ذَكَر الماء الذي غُمست فيه يد قائم من نوم .
    ولأن طهارة الماء يقين فلا يُنتقل من اليقين بالشكّ .
    والقاعدة : أن اليقين لا يزول بالشكّ .
    وهذه قاعدة عامة تنفع طالب العلم في جميع أموره التعبدية ، بل وفي المعاملات .
    وتدفع عنه الوسواس .


    والله تعالى أعلى وأعلم .


    يتبع إن شاءالله في القريب

    درس

    شرح عمدةالأحكامح 5 في النهي عن البول في الماء الدائم
    الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) سورة البقرة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •