تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: التوكل على الله وحده. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله تعالى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    191

    افتراضي التوكل على الله وحده. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله تعالى

    التوكل على الله وحده
    لاعلى الأموال والأولاد والمناصب والأولياء
    الحمدلله
    كثير منالناس من يعتمد على قوته وأعوانه، وكثرةِ ممتلكاته، كفرعون الذي قال الله عنه: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ * فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُ مْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ}.(الزخرف 51-56).
    فلم تنفعْهأموالٌ ولا ممتلكات، ولم ينصرْه أعوانٌ ولا أتباع، {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ}(الأعراف: 137).
    أو يعتمدعلى أمواله وكثرة ثرواته، كقارون الذي أخبر الله عنه: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}.(القصص: 78).
    وتمنَّىكثيرٌ من قومه الجهلاء أن يكونوا أثرياء مثله: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.(القصص: 79).
    فما كانمصيرُه، ومصيرُ ثرواتِه التي اعتمد عليها، وخزنها في قصر وداره؟ قال سبحانه: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِين َ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.(القصص: 81، 82).

    أو يعتمدعلى كثرة أولاده مع أمواله كمن قال الله عنهم: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}.(سبأ: 35).
    فماذا كانتنتيجةُ اعتمادهم هذا؟ يقال لهم يوم القيامة: {فَالْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}.(سبأ: 42).
    أو يعتمدعلى صحته وعافيته، وقوة عضلاته، مثل قوم عاد؛ {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}.(فصلت: 15)، والنتيجة؛ {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ}.(فصلت: 16).
    ومنهم منيعتمد على حَسَبِه ونسبِه شرفِه، ومنصبِه وجاهِه وهو لا يساوي عند الله شيئا! (... مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَلرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: "مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟"فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ؛ هَذَا وَاللَّهِ! حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْيُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ. قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِالْمُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْلاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ. فَقال رسول الله صلىالله عليه وسلم: "هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا".البخاري مع شرحه فتح الباري (11/ 273) (6447) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ.
    ومن الناسمن يعتمد على عدوه من شياطين الجن ويلجأ إليهم كالسحرة والمشعوذين {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون فزادوهم رهقا}. الجن
    ومنهم منيعتمد على شياطين الإنس؛ كالجواسيس والعملاء، ومن باعوا دينهم وأوطانهم وأعراضَهملأعدائهم.
    والقليل منالناس من يتوكل على الله جلَّ جلاله، ويتقيه في اكتساب أمواله، وحفظ أهله وأولاده،والنصرِ على أعدائه.
    فبالتقوىوالتوكل ينال المؤمنُ ما يريد من هدوء البال، وراحة النفس، وجلاء الصدر، قالسبحانه: {... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}.(الطلاق: 2، 3).
    وإذا خفناعلى أولادنا وأهلينا وأموالنا من الحسد؛ فما علينا إلا أن نأخذ بالأسباب ونتوكل علىالله سبحانه، اقتداء بنبي الله يعقوب عليه السلام: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُو نَ}.(يوسف: 67).
    والنصر علىالأعداء نطلبه بالأخذ أسباب القوة المادية، والعددية والمعنوية، بعد التوكل علىالله سبحانه، قال سبحانه: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}. (آل عمران: 160).
    وفي حالالضعف الماديِّ والعدديّ لا بد من التوكل على الله سبحانه، وذلك اقتداءً برسل اللهسبحانه، الذي آذاهم قومهم فماذا قالوا لهم: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُو نَ}.إبراهيم: 11، 12).
    ويقوى توكلالمؤمنين عند الأمراض، والتحسب من وقوع الأذى والأضرار: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.(التوبة: 51).
    ولا يتوكلونعلى سواه سبحانه، لأن ما سواه لا يملك شيئا، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُو نَ}.(الزمر: 38).
    فالمؤمنالموحد يعلم أن الأمور كلَّها من عند الله وبإذنه ومشيئته، {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.(التغابن: 11- 13).
    يا عبد اللهأيها المؤمن! وعند التناجي، وعندما يتركك خلانك وأصحابك، يتحدثون بأمر لا يريدونكتعلمه أو تسمعه؛ فلا تحزن وتوكل على الله، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.(المجادلة: 9،10).
    توكل على الله سبحانه عند فشوِّ الأمراض؛ فلا تخشَ العدوى، فكلما قوي التوكل قل الخوف منوقوع الأذى، فقد قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ عَدْوَى، وَلاَ صَفَرَ وَلاَ هَامَةَ". فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُول اللهِ! فَمَا بَالُ إِبِلِي تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأنَّهَا الظِّبَاءُ؛ فَيَأْتِيالْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا؟! فَقَالَ: "فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟!". البخاريفي: 76 كتاب الطب: 25 باب لا صفر وهو داء يأخذ البطن عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهعنه
    الْعَدْوَى: مَا يُعْدِي مِنْ جَرَبٍ وَغَيْرِهِ.
    الطِّيَرَةُ: التَّشَاؤُمُ، يُقَالُ: تَطَيَّرْتَ مِنَالشَّيْءِ وَبِالشَّيْءِ تَشَاءَمْتَ بِهِ.
    وَالصَّفَرُ: دَوَابُّ الْبَطْنِ تُؤْذِي الإِنْسَانَإِذَا جَاعَ، فِيمَا تَزْعُمُ الْعَرَبُ، وَمِنْهُ لاَ صَفَرَ.
    وَالْهَامَّةُ: وَاحِدَةُ الْهَوَامِّ؛ وَهِيَ دَوَابُّ الأَرْضِالْمُؤْذِيَةِ، وَهِيَ فَاعِلَةٌ مِنْ هَمَّ إِذَاقَصَدَ.
    فإذا قويالإيمان والتوكل؛ فلا بأس من المخالطة بين المرضى وغيرهم، فإن هذه المخالطة تحدث فيالمستشفيات والبيوت والمدارس وغيرها، فلا يصاب إلا من كتب الله عليهذلك.
    أمَّا إن خَفَّ التوكلوضعف؛ فيكون احتمال وقوع الأذى والضرر أكبر، ولهذاعلاجه عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ".أخرجه البخاري في: 76 كتاب الطب: 53باب لا هامة عن أَبِي هُرَيْرَةَ.
    وعندما يخافالمؤمنون الموحدون من أذى أعدائهم من الجن والشياطينفإنهميستعيذون بالله، ويتوكلون عليه وحده، قال سبحانه: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}. (النحل: 98- 100).
    ورد في المطالبالعالية للحافظ ابن حجر العسقلاني قال: وقال أبو يعلى: حدثنا محمد بن بكار، حدثنا ابن أبي الزناد، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه أم علقمةمولاة عائشة، قالت: أتيت عائشة بغلام صبي تدعو له، فرفعوا وسادةً كان عليها الصبي،فرأت عائشة رضي الله عنها تحتها موسى، فقالت: (ما هذه؟!) قال: نجعلها من الجنوالفزع، قال: فأخذتها عائشة رضي الله عنها فرمت بها، وقالت: (إن رسول الله صلى اللهعليه وسلم كان يبغض ([1]) الطيرة ([2]) ويكرهها).
    أيها المؤمن! التوكل على تعالى يجعلك قويًّا، تعيش في دنياك مطمئنا إلى قدر الله تعالى،راضيا بما قسم لك وإن كان قليلا، المصائب تستقبلها بصبر وانشراح صدر، والنعم عندكتحتاج إلى الحمد والشكر.
    هذا في الحياة الدنيا؛ أما في الآخرة فأنت عند ربك مرْضيًّا، ومن بين خلقه إليه مقرباً،ترى الثواب والعقاب، والجنة والنار؛ وكأنه لا شيء جديد على معلوماتك، فأنت مؤمنمصدق بالله الذي أخبرك عن ذلك في كتابه، ومصدق برسوله صلى الله عليه وسلم الذيأخبرك فيما ثبت في أخباره، فما أُخبرت عنه، وتوكلت على الله أن يكون معك؛ ها أنتتراه في يومك هذا، فما الغريب عليك أيها المتوكل على ربك؟! وما هو الجديد عليك أيهاالمؤمن بخالقك؟! فهذا هو اليوم الذي كنت ترجوه، وهذه هي اللحظة التي تنتظرها، {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} إنك كنت تعلم بأن {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.(المائدة: 119، 120).
    عن ابْنِعَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فَقِيلَ هذَا مُوسى وَقَوْمُهُ؛ ثُمَّ قِيلَ لي انْظُرْ، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ لِي انْظُرْ هكَذَا وَهكَذَا، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ هؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بَغَيْرِ حِسَابٍ"، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ؛ فَتَذَاكَرَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنا فِيالشِّرْكِ، وَلكِنَّا آمَنَّا بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَلكِنَّ هؤُلاَءِ هُمْأَبْنَاؤُنَا فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ". فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: "نَعَمْ!" فَقَامَآخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَالَ: "سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ". أخرجه البخاري في 76 كتاب الطب 42 باب من لم يَرْقِ ج1ص86.
    أبو المنذر فؤاد
    الزعفران غزة فلسطين
    25 محرم 1432 هجرية
    وفق آخر يوم من سنة 2010رومية

    ملاحظة: تابعوا كافة مقالات ومؤلفات وخطب الشيخ: فؤاد أبو سعيد عبر موقعه الرسمي تحفة الزعفران.


    ([1]) البغض: عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت.

    ([2]) الطيرة: التشاؤم بالطير، فقد كان أحدهم إذا كان له أمر فرأى طيرا طار يمنة استبشر واستمربأمره، وإن رآه طار يسرة تشاءم به ورجع، وتطلق على التشاؤممطلقا.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    41

    افتراضي رد: التوكل على الله وحده. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله تعالى

    يعطيك العافية

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •