تشييع جنازة غير المسلم في الجملة لا تجوز .
أما إن كان غير المسلم قريب لأحد المسلمين ، فهل يجوز تشييع جنازته ، اختلف العلماء في جواز ذلك ، لا في استحبابه.
فالقول الأول : للجمهور وهو الأصح : وهو انه يجوز للمسلم اتباع جنازة قريبه الكافر ، إذا لم يكن كفره بارتداد ، وهذا قول الحناف والشافعية والحنابلة ، وابن حزم الظاهري.
والقول الثاني : لمالك رحمه الله : وهو انه لا يجوز للمسلم أن يشيع جنازة الكافر أو ان يقبره ، ولو كان أباه ، إلا أن يخاف ضياعه فيواريه.
واستدل لمالك رحمه الله بما يلي :
جَاءَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَحْضُرَهَا , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْكَبْ دَابَّتَكَ وَسِرْ أَمَامَهَا فَإِنَّكَ إِذَا كُنْتَ أَمَامَهَا لَمْ تَكُنْ مَعَهَا» رواه الدارقطني وسنده ضعيف.
واحتج الجمهور بما يلي :
قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)(الع نكبوت8)
وجه الاستدلال : أن الله تعالى لم ينه الابن عن البر بأبويه الكافرين ، بل أمره بصاحبتهما بالمعروف في الدنيا ، ومن المصاحبة بالمعروف والبر بهما في الدنيا : القيام على غسلهما وتكفينهما وتشييع جنازتهما ودفنهما.
واحتجوا بحديث رواه أبو داود والنسائي عن علي بن أبي طالب ، أنه لما مات أبو طالب قال علي للنبي صلى الله عليه وسلم : إن عمك الشيخ الضال قد مات ، قال : (اذهب فوار أباك ، ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني) وهو حديث ضعيف.
وثبت بسند صحيح عن ابن عباس.
فعن سعيد بن جبير قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال إن أبي مات نصرانيا فقال اغسله وكفنه وحنطه ثم ادفنه قال ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى الآية.