الموضوع: ترجمة احمد عبد الحميد الشاوي بخط محمود الالوسي رحمهم الله جميعا

بسم الله الرحمن الرحيم

ترجمة احمد عبد الحميد الشاوي بخط محمود الالوسي ( رحمهم الله جميعا )

ذكر الالوسي رحمه الله ترجمة الشاوي من كتابه القيم (الدر المنضود )- وهو مخطوط لم يطبع بعد -في الفائدة الرابعة فقال ما نصه :هو احمد بن عبد الحميد بن سليمان الشاوي ،وينتهي نسبه على ما ادعاه الى احد تبايعة حمير ،واباوءه كلهم خيار من خيار سما بعلومهم الى اوج الفخار، ولد رحمه الله تعالى سنة اربع واربعين ومائتين والف من الهجرة، ولم يزل منذ ميز بين يمينه وشماله يحتسي درر الشمائل ،ويتبع في تحصيل العلم من علماء مصره الاثافل حتى فاق الاقران في فنون الادب والعرقان حتى كان اذا كان اذا تكلم يود السامع ان لايقطع كلامه ،واذا ساله سائل نال بحسن تقريره مرارة نطقه له لطائف ولفظه نكات وطرائف :

احاديثه مثل زهر الرياض *** فهل كان ذاك روضا جميعا
لطيفا رفيق حواشي الطباع *** فلو جسمت لاستحالت نسيما

لهجته بدوية، واخلافه عربية يحفظ من شعر عرب الجاهلية واخبارهم وغريب لغتهم ما يفوق الاحصاء ،ولذلك اصبح في عصره مما يشار اليه بالنان من بين الادباء ،له شعر رائق ونثر فائق شعره مشتمل على نكات ادبية ،ولطائف فكاهية من ذلك قوله في رجل من اهل بلده يكنى بابن حجرين وقد تراس على قومه :

لما تريس ذو حجرين قد عجبت *** قوم ولاعجب من دهرنا النكد
انا نرى من لهم حجر قد ارتفعوا *** فكيف ينخفض ذو حجرين في بلد

وقوله في جواب من اهداه عدد من فحاص الدجاج وكان يميل الى الغلمان

ان فحاص الدجاج قد وصلت *** منك الينا من غير نقصان
عوضك الله مثلها عددا *** ذكورا ضان ذوات خصيان

وقوله لما عزل من تقليد منصب اعلى من منصبه بمساعي ارمني اسمه انطوان:

جلفت يمينا بالمسيح وامه *** وما دانه الارمنيون من دين
لئن صح ما قد قيل من ان عزلكم *** بتدبير ذي الراي المسدد انطوان
فنحن اذن لاشك في نصف ضرطة *** يصيرنا المومى اليه الى الصين

وكان يكره الاتراك المبغضين للعرب ومما قال فيهم :

الا ليت شعري والاماني ضلة *** وعيش الفتى ان عاش ما عاش للهلك
ومخترمي ريب المنون ولم اكن *** لادرك الاسلام ثارا من الشرك
فابرد من صهب العثامين غلتي *** واشفي واستشفي بسيفي من الترك

وكان حسن العقيدة يميل الى مذهب السلف في تفويض ايات الصفات واحاديثها(1)، ولايقول باقوال غلاة القبور وينصر الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، ويرجح اقواله ويذب عنه ومن ذلك قوله :

قل لقوم بزعمهم خطئوا الشيخ *** بلا حجة ولابرهان
واستدلوا بما رواه فلان *** عنه من غير صحة عن فلان
ثم قووا ورجحوا واهن القول *** بلا قوة ورجحان
غير ما قد تقولوه عليه *** شططا من وساوس الشيطان

الى اخر ما قاله مما يزري بعقود اللئالئ، وقد نصب مدرسا قبل وفاته بعدة سنين في البلدة المسماة بالجزيرة اسفل بغداد على دجلة ،وقد اصيب فيها بفاجعة عظيمة وهو غرق ولده الصغير وكان عمره نحو عشرين سنة ،فكتبت اليه اعزيه بعذه المصيبة واسليه فاجابني بهذا الكتاب وهو قوله :

بسم الله الرحمن الرحيم
روعت بالبين حتى ما اراع عليه *** وان تفرق احبابي وجيراني

قد وردتني نميقتكم وله حرقة وعويل ،ووافقتني الوكتكم فكانت دموعها من وقتها تسيل ،فصادفتني ارعى نجوم الليل البهيم وبي ما لايعلم سوى العزيز الحكيم ،وعلمت ان النار الموقدة بين ضلوعي لاتطفى ،والاواد الكامن في قلبي لايخفى ،واحزاني في كل ساعة تتضاعف واشجاني في كل وقت تترادف، ولاياتي على جين ويمرالا وهو من الصبر امر ولاينقضي زمن الا اخالني من شدة الوجدع اقضي، وبالجملة فحاليس لايوصف وسقمي لايعرف :

فمن لم يمت والخطب يصدح شمله *** لم يدر كيف تفتت الاكباد

فلااقسم بمواقع النجوم لئن قتلت نفسي وسكنت رمسي فما انا بملوم ،فعلى تقادم عهده لايمكن ان انساه وان انظم في لحده فقد انطبع في القلب رسمه ومعناه :

ساندبه ما دام في الجسم روحه *** وان مت لاتنساه (2) اعظمي
ولايشتفي جرح الفواد بغير ان *** ارى شخصه قد عاد وهو مكلمي
وقلت لنفسي لاتفكي من البكا *** واياك من طول الزمان فتسامي
وان كان ما راجو محالا لدى الورى *** فموعد لقياه القيامة فاعلمي

ولكن رسالتكم المبرهنة على اكمال مودتكم حققت بعض مما في الفواد ،وحلت محل الناظر من السواد، فجزاكم الله تعالى احسن الجزاء ،ولطف بنا وبكم فيما يجزي به القضاء ولا زلتم محروسي والسلام عليكم على الدوام >> احمد بن عبد الحميد الشاوي .

وبعد ايام نقل من تدريس الجزيرة الى منصب الافتاء في مدينة البصرة الفيحاء، وقرت به عيون الشريعة في هاتيك الانحاء، ولم يزل بعيشة راضية واحوال حالية ،غير ان المومن لم يزل مبتلى بالمصائب ،منغص العيش بالنوائب لايرى من زمانه ابتسام ثغر الا وقطب وجهه الف شهر ،وما عدل وجبر الا ورض العظام وكسر ،ولاتقشعشت غموم ساعة من الزمان الا وتراكمت دهرا طويلا سحب الهموم والاحزان ،فقد فجع هذا المترجم والامر لله الواحد القهار بما هو اعظم المصائب والاكدار وهو افول بدره بل حياة عمره وانهدام ركنه بل قضاء حياته وزوال نعيمه بل سبب جحيمه الا وهو فقد ولده الكبير ،وكوكب سعده المنير اديب العراق على الاطلاق ومزيد الاقران بالاتفاق وهو الشاعر الناثر مجمع الفائل والماثر ذو الراي السديد ابو المفاخر عبد الحميد ،فقامت قيامة والده بفقد من كان بعد الله اقوى ستعده فكتبت له ما جرت به العادة وطلبت له ما ينال به السعادة فكتب في الجواب اجزل الله الثواب ما نصه :

من البصرة الى بغداد وذكر العنوان وقال: ( وبالله المستعان وعليه التكلان وبه استعين وهو في كل شدة نعم المعين ولاملجاء الا اليه ولا معول الا عليه ،وله الحمد على كل حال واليه المرجع والمال وقد صرت للحوادث غرضا منصوبا، وللنوائب حملا ركوبا تتصل في ماضيات نصالها وتحمل على مثقلات احمالها فلله قلبي ما اصبره واقساه وجسمي ما اصلبه واقواه ،فلو كان قلبي حديدا لذاب ،او كان وجودي صخرا لتصدع من عظم المصائب ولعمري لقد قل المنون شبابي وافسد على حياتي واثكلني لذاتي فما هو الا قمص الصبر اتدرعها وغصص الموت اتجرعها وتاتي زفرات الحزن الاتصعدا وجمرات الوجد الا توقدا ولكن ما الحيلة وقد حل البلاء وفرض العزاء ،وكتب الرضى والتسليم عند حلول الامر الجسيم ،فلا تسخط لقدر الله وهو عدل ولا تكره لقاضاءه وهو فصل فانا لله وانا اليه راجعون تسليما لما مضاه ورضا بما قضاه ،ولقد تشرفت بكتابكم الكريم الشريف فتناولته بكف التكرم وانامل التبجيل والتعظيم ،وفضضت عن خط تسكب منه العبرات ،ولفظ تتجاوب من خلاله الحسرات بمشاركة مولاي اطال الله بقائه في هذه المصيبة مشاركة من لايتميز في محنة ولامنحة وسروره وحزنه ابقاك الله لعلم مدراسه وتجدد دارسه ،ولاخوان تكون لهو عون في حوادث الزمان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في 1من شهر ربيع الاخر سنة 1312 الداعي من البصرة احمد الشاوي ..

ثم انه لما يزل في البصرة منغص العيش بالمرة الى ان انتقل الى رحمة الله وذلك سنة تسع عشرة وثلاثمائة والف للهجرة ،ودفن في مقبرة الزبير ودفن معه علمه وادبه وكل خير واسف على فقده من كان عارفا بعلو قدره مطلع على حلوه ومره وقد رثاه صاحبه وخلفه في الافتاء الفاضل طه الشواف :

لانجدن ابا عبد الحميد وقد *** عن فردي تربك المطر
اذا رثيتك بالشعر البديع فمن *** بعد شخصك يدري ما الخبر
فاذهب عليك سلام الله من دعة *** فسوف يرثيك (3)اعين غزر

وكان رحمه الله اسمر اللون نحبف البدن معتدل القامة ربعه ،له شغف عظيم بكتب اللغة واثار السلف المرضية وقد ترجمته غير هذا الموضع بابسط مما ذكر والله ولي التوفيق ,....

_________
(1) يقصد الالوسي رحمه الله تفويض الكيف لا المعنى .
2) في الاصل كلمة لم اتمكن من تبان معناها
3- ربما اليه ومنه والله اعلم بالصواب

أحسنتم يا صديقنا الجليل، أحسن الله إليك

شكرا على هذا الموضوع الجيد

شكرا لك اخي المسلم لقد حاولت ان افتح مقالك عن ابن تيمية فلم افلح لا اعرف ما السبب !؟ حبذا لو نقلته هنا بارك الله فيك ....

شكرا لك أخي الكريم على هذه الفائدة ولكن لماذا لم يطبع مثل هذا الكتاب النادر وهل هو لازال مخطوط وهل أنت تملك نسخة منه يرجى أجابتي أخي الكريم انا مهتم بتراث الشيخ العلامة الآلوسي وتراث تلاميذه محمد بهجت الأثري وغيره وكلهم أعلام كبار

قمت بصفه على الكومبوتر وان كنت ترغب بطيعه او تحقيقه يمكنك نسخه وانا مقيم بالامارات ...

جزاك الله خيرًا شيخنا واستاذنا الفاضل تراث ثمين وأعلام كبار قمين بنا أن نعرف سيرهم وتراجمهم

رحمة الله عليهما.