استدلال لطيف لشيخ الاسلام في بيان حال (عمار القبور وعُبّادها) من قوله تعالى: (إنما يعمر مساجد الله.....)
قال رحمه الله في الرد على البكري (ص305):
و جمهور هؤلاء المشركين بالقبور يجدون عند عبادة القبور من الرقة والخشوع و الدعاء و حضور القلب ما لا يجده أحدهم في مساجد الله تعالى التي أذن أن ترفع و يذكر فيها اسمه.
إلى أن قال (ص 308):
وهؤلاء وأمثالهم صلاتهم ونسكهم لغير الله رب العالمين؛ فليسوا على ملة إبراهيم إمام الحنفاء، وليسوا من عمار مساجد الله الذين قال الله فيهم: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتي الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)؛
فعمار مساجد الله لا يخشون إلا الله، وعمار مساجد المقابر يخشون غير الله ويرجون غير الله، حتى إن طائفة من أصحاب الكبائر الذين لا يتحاشون فيما يفعلونه من القبائح كان إذا رأى قبة الميت أو الهلال الذي على رأس القبة خشي من فعل الفواحش، ويقول أحدهم لصاحبه: ويحك هذا هلال القبة؛ فيخشون المدفون تحت الهلال ولا يخشون الذي خلق السماوات والأرض وجعل أهلة السماء مواقيت للناس والحج.