تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

  1. #1

    افتراضي فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    بسم الله الرحمن الرحيم

    فن تخريج الفروع على الأصول

    "هو فن من فنون أصول الفقه لم يصنف في في الأصول المحضة ولا في الفروع المحضة،وإنما صنف ووضع لبيان أثر الأصول في الفروع، دون التعرض للقاعدة الأصولية من حيث الصحة والفساد، أو للفرع الفقهي من حيث الرجحان وعدمه"(1).

    وهذا الأمر يتطلب من الباحثين نظرة فاحصة لهذا العلم تهدف إلى محاولة إظهار جدواه العلمية !!

    فكيف يبنى علم على قاعدة لم ينظر إلى صحتها أو فسادها، ولم ينظر إلى فروعها الفقهية من حيث الرجحان وعدمه.

    وقد ظهر لي كباحث هذا الأمر جليا من خلال النظر في هذا العلم.

    وسأحاول أن أبين هذا الأمر بإذن الله تعالى فيما يلي:

    ـــــــــــــــ ــــ
    1- القواعد الأصولية عند القاضي عبد الوهاب البغدادي،محمد الشنتوف:36.
    {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
    ( اللهم بلغنا رمضان )

  2. #2

    افتراضي رد: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    مثال: 1

    الأمر المطلق المجرد من القرائن يقتضي الفور.

    * اختلف علماء الأصول في إفادة الأمر المطلق المجرد من القرائن ، أهو دال على الفور أو التراخي:

    - والمقصود أن الأمر المطلق يفيد الفور:

    هو أن المكلف عليه المبادرة بالامتثال دون تأخير عند سماع التكليف مع وجود الإمكان ، وإلا كان مؤاحذا إذا تأخر ولم يبادر.

    - والمقصود من إفادته التراخي : أن المكلف ليس عليه أن يبادر إلى أداء المكلف به ، فهو مخير إن شاء أداه بعد سماع التكليف ، أو أخره إلى وقت آخر مع ظنه القدرة على أدائه في ذلك الوقت.

    وأشار بعض أهل العلم:

    إلى أن التعبير بالتراخي فيه قصور عن إفادته المعنى المقصود :

    لأن مقتضى إفادته التراخي أنه لو فرض الامتثال على الفور لا يعتد به ،وليس هذا معتقد أحد.

    ومعنى ذلك:
    أنه ليس المقصود بالتراخي أن عليه أن يفعله في أحد أزمنة المستقبل ، ولا يحق له أن يؤديه على الفور.


    وقد نقل لنا أهل الفن أ للعلماء في هذه المسألة 4 مذاهب:


    1- أن الأمر المجرد من القرائن يقتضي الفور.
    2- أنه يدل على طلب افعل مجردا من عن تعلقه بزمان معين أي انه يقتضي التراخي.
    3- أنه مشترك بين اقتضاء الفور والتراخي فيتوقف إلى ظهور الدليل.
    4- أن الأمر المطلق المجرد من القرائن لايدل على الفور ولا على التراخي بل على طلب الفعل خاصة.



    والعجيب في الأمر أن قاعدة " الأمر المجرد من القرائن يقتضي الفور" نسبت إلى الشافعي ،مع أن المحققين من أهل العلم ينفون ذلك، بل الصحيح أن الشافعي وأصحابه يرون أن الأمر المطلق لايدل على الفور ولا على التراخي ،بل يدل على طلب الفعل.

    وقد نسب إلى أصحاب أبي حنيفة القول بأن الأمر المطلق المجرد يقتضي التراخي، مع أن أهل العلم يقولون بأن مذهب جمهور الحنفية يذهبون إلى ما ذهب إليه الشافعي من أن الأمر المطلق لايدل على الفور ولا على التراخي ،بل يدل على طلب الفعل.(1)

    والأعجب المذهب القائل بأن الأمر المطلق المجرد من القرائن مشترك بين اقتضاء الفور والتراخي فيتوقف إلى ظهور الدليل ، أليس الدليل قرينة ، والحديث هنا عن الأمر المطلق المجرد من القرائن.

    فيا ترى ماهي ثمرة الخلاف هنا ،وما هو العلم المستفاد.

    وإذا أتينا للفروع التي وضعها العلماء تحت هذه القاعدة نرى ما يثير الاستغراب:

    يتبع بإذن الله تعالى.
    {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
    ( اللهم بلغنا رمضان )

  3. #3

    افتراضي رد: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    فمن ذلك:

    وجوب المبادرة إلى أداء الحج:

    اختلف العلماء في هذه المسألة ومن ذلك:

    أن جمهور الحنفية ذهبوا إلى أن الحج واجب على الفور. مع أن المذهب المنسوب إليهم فيما يخص هذه القاعدة ،هو أن الأمر المجرد من القرائن يقتضي التراخي.

    وذهب الشافعية إلى أن الحج فرض على التراخي،مع أن المذهب المنسوب إليهم، أن الأمر المجرد يفيد الفور.

    والشافعية مع قولهم بالتراخي قالوا : إذا مات ولم يحج كان آثما.

    فهذه المسألة تدل على أن الخلاف في هذه المسألة وأمثالها ليس راجعا إلى اختلافهم في القاعدة الأصولية السابقة الذكر، وإنما هو راجع لاختلافهم في أمرور أخرى.

    وصدق من قال بأن:المختار في الأصول أن مطلق الأمر لا يقتضي الفور ولا التراخي بل مجرد طلب المأمور به .(2)
    {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
    ( اللهم بلغنا رمضان )

  4. #4

    افتراضي رد: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    مثال :2

    الزكاة هل هي مؤونة مالية ؟


    1- ذكر الزنجاني صاحب تخريج الفروع على الأصول بأن الشافعي ذهب إلى أن الزكاة مؤونة مالية ابتداء ،وجبت للفقراء على الأغنياء ،بقرابة الإسلام على سبيل المواساة ، ومعنى العبادة تبع فيها.

    2- وأشار إلى أن أبا حنيفة ذهب إلى أن الزكاة وجبت عبادة لله تعالى ابتداء ،وشرعت ارتياضا للنفس ؛لأن الاستغناء بالمال سبب للطغيان ، هو سبب من أسباب وقوع الإنسان في الفساد.

    ويتفرع على هذا الأصل كما ذكر مسائل منها :

    مسألة : هل تجب الزكاة على الصبي والمجنون.

    * ذهب الشافعية إلى أن الزكاة تجب على الصبي والمجنون ، كما تجب عليهما سائر المؤن المالية ،باعتبار أن الزكاة مؤونة مالية كما أشار الزنجاني.

    ** وذهب الأحناف إلى أن الزكاة لا تجب على الصبي والمجنون ، حيث لا عقاب ولا طغيان في حقهما،فالزكاة ستكون اضرارا فقط في حقهم.


    وبالنظر الفاحص لهذا الأمر:

    نجد أن النووي قال في كتابه المجموع،وهو من أعمدة الفقه الشافعي:

    " وقال امام الحرمين في (الاساليب) المعتمد في الدليل لاصحابنا ان الزكاة قربة لله تعالى وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه امر الله تعالي ولو قال إنسان لوكيله اشتر ثوبا وعلم الوكيل أن غرضه التجارة ولو وجد سلعة هي انفع لموكله لم يكن له مخالفته وإن رآه انفع فما يجب لله تعالي بامره أولي بالاتباع، (فان قالوا) هذا يناقض قولكم في زكاة الصبى أن مقصودها سد الخلة وهذا يقتضي أن المقصود سد الحاجة فلا تتبع الاعيان المنصوص عليها (قلنا) لاننكر أن المقصود الظاهر سد الحاجة ولكن الزكاة مع ذلك قربة فإذا كان المرء يخرج الزكاة بنفسه تعينت عليه النية فلا يعتد بما أخرج لتمكنه من الجمع بين الفرضين * ولو امتنع من أداء الزكاة والنية والاستنابة أخذها السلطان عملا بالفرض الاكبر ولهذا إذا أخرج باختياره لم يعتد به كما لو اخرج الزكاة بلا نية"

    .

    المهم :

    بحثت في كتاب الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين رحمه الله وجدت التالي:

    يقول ابن عثيمين عن مسألة زكاة الصبي والمجنون:

    "وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم.
    وسبب الخلاف :
    أن بعض العلماء جعلها من العبادات المحضة ،فقال: إن الصغير والمجنون ليسا من أهل العبادة كالصلاة، فإذا كانت الصلاة لا تجب على المجنون والصغير، فالزكاة من باب أولى.
    وبعض العلماء جعل الزكاة من حق المال، أي انها واجبة في المال لأهل الزكاة ...وقال الشيخ :وهذا القول أصح ، ودليل ذلك ما يلي
    :..."

    وتحرير الشيخ ابن عثيمين للمسألة أقرب للصواب في وجهة نظري. والله أعلم وأحكم.

    ويبقى السؤال:
    على أي أساس كان قولهم : هل الزكاة مؤونة مالية أصلا، وعلى أي أساس وضع تحته الفرع السابق الذكر ،وهو مسألة:هل تجب الزكاة على الصغير والمجنون ؟!!

    العمر قصير والعلم بحر ، اللهم علمني ماينفعني اللهم آمين.
    {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
    ( اللهم بلغنا رمضان )

  5. #5

    افتراضي رد: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    بسم الله الرحمن الرحيم

    المثال :3

    * النفي المضاف إلى جنس الفعل يجب العمل بمقتضاه،ولا يعد مجملا.


    أي أن: النفي إذا كان منصبا إلى أصل الفعل فإن المراد الحقيقة الشرعية وليس اللغوية.

    والقاعدة السابقة الذكر وضعها الزنجاني كأصل .

    وحاول أن يضرب مثالا يوضح القاعدة فقال:

    " الإمساك اللغوي الحقيقي ، لا يجوز أن يكون مرادا للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا لم يكن مرادا بطل أحد القسمين ،وإذا بطل أحد القسمين تعين الآخر ، وهو نفي الصوم الشرعي"

    ثم قال: " وذهب الحنفية .... إلى امتناع العمل به ،ودعوى الإجمال لتردده بين نفي الصوم الحقيقي الذي هو الإمساك ، وبين نفي الصوم الشرعي "

    وأضاف:
    " ويتفرع عن هذا الأصل:

    اعتبار التبييت في الصوم المفروض عندنا عملا بالحديث .

    وعدم الاعتبار عندهم."

    والمقصود هنا الحديث الذي أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما:

    " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له "

    وبالنظر إلى المعلومات السابقة:

    هل قصد الحنفية مخالفة هذه القاعدة !!؟

    الزنجاني نفسه يذكر أنهم خالفوا القاعدة عند مناقشتهم لمسألة تبييت النية للصوم المفروض.

    وبعد نظري في كتب الأصول: رأيت أن العلماء قاموا بنفس التصرف الذي قام به الزنجاني:

    1- قال الآمدي:
    " المسألة الرابعة ومن التأويلات البعيدة قول أصحاب أبي حنيفة في قوله : لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل إن المراد به صوم القضاء والنذر، من حيث (1) إن الصوم نكرة، وقد دخل عليه حرف النفي، فكان ظاهره العموم في كل صوم.
    والمتبادر إلى الفهم من لفظ الصوم إنما هو الصوم الاصلي المتخاطب به في اللغات، وهو الفرض والتطوع (2) دون ما وجوبه بعارض، ووقوعه نادر، وهو القضاء والنذر.
    ولا يخفى أن إطلاق ما هو قوي في العموم، وإرادة ما هو العارض البعيد النادر وإخراج الاصل الغالب منه، إلغاز في القول."

    2- وقال ابن حزم:
    " وأما من قال: لا صلاة لمن لم يقرأ و: لا صيام لمن لن يبيته من الليل إنما معناه لا صلاة كاملة، فهذه دعوى لا دليل عليها، وأيضا فلو صح قولهم لكان عليهم لا لهم، لان الصلاة إذا لم تكن كاملة فهي بعض صلاة، وبعض الصلاة لا تقبل إذا لم تتم، كما أن صيام بعض يوم لا يقبل حتى يتم اليوم، فإن قال: إنما معناه أنها صلاة كاملة، إلا أن غيرها أكمل منها، فهذا تمويه، لان الصلاة إذا تمت بجميع فرائضها فليس غيرها أكمل منها في أنها صلاة، ولكن زادت قراءته وتطويله الذي لو تركه لم يضر، ولا سميت صلاته دون ذلك ناقصة، وقد أمر تعالى بإتمام الصيام وإقامة الصلاة، فمن لم يقمها ولا أتم صيامه فلم يصل ولا صام، لانه لم يأت بما أمر به، وإنما فعل غير ما أمر به، والناقص غير التام.
    وقد قال : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وليس هذا مما يكتفى به في إقامة الصلاة وإتمام الصيام فقط، لكن كل ما جاءت به الشريعة زائد أبدا ضم إلى هذا."

    3-وقال الغزالي:
    " مَسْأَلَةٌ : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ } حَمَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الْقَضَاءِ ، وَالنَّذْرِ .
    فَقَالَ أَصْحَابُنَا : قَوْلُهُ : { لَا صِيَامَ } نَفْيٌ عَامٌّ لَا يَسْبِقُ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ إلَّا الصَّوْمُ الْأَصْلِيُّ الشَّرْعِيُّ ، وَهُوَ الْفَرْضُ ، وَالتَّطَوُّعُ ، ثُمَّ التَّطَوُّعُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلَا يَبْقَى إلَّا الْفَرْضُ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الدِّينِ ، وَهُوَ صَوْمُ رَمَضَانَ ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ ، وَالنَّذْرُ فَيَجِبُ بِأَسْبَابٍ عَارِضَةٍ ، وَلَا يُتَذَكَّرُ بِذِكْرِ الصَّوْمِ مُطْلَقًا ، وَلَا يَخْطِرُ بِالْبَالِ بَلْ يَجْرِي مَجْرَى النَّوَادِرِ كَالْمُكَاتَبَة ِ فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ ، إذْ لَيْسَ نُدُورُ الْقَضَاءِ ، وَالنَّذْرِ كَنُدُورِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ أَسْبَقَ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ ، فَيَحْتَاجُ مِثْلُ هَذَا التَّخْصِيصِ إلَى دَلِيلٍ قَوِيٍّ ، فَلَيْسَ يَظْهَرُ بُطْلَانُهُ كَظُهُورِ بُطْلَانِ التَّخْصِيصِ بِالْمُكَاتَبَة ِ ."

    وبالنظر لكلام العلماء السابق نجد انهم لم ينسبوا للحنفية مخالفة القاعدة السابقة الذكر.

    والحقيقة التي توصلت إليها أن الحنفية كانوا يحاولون الجمع بين الأحاديث ، ولم يتعرضوا للقاعدة السابقة بقصد مخالفتها،والدلي ل على ذلك:

    1- قال الطحاوي في شرح معاني الآثار:

    فَهَذَا الصِّيَامُ الَّذِي يُجْزِئُ فِيهِ النِّيَّةُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، الَّذِي جَاءَ فِيهِ الْحَدِيثُ ، الَّذِي ذَكَرْنَا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمِلَ بِهِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، هُوَ صَوْمُ التَّطَوُّعِ .
    وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا { أَنَّهُ أَمَرَ النَّاسَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ بَعْدَمَا أَصْبَحُوا أَنْ يَصُومُوا } ، وَهُوَ حِينَئِذٍ عَلَيْهِمْ صَوْمُهُ فَرْضٌ ، كَمَا صَارَ صَوْمُ رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَرْضًا ، وَرُوِيَتْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ آثَارٌ سَنَذْكُرُهَا فِي بَابِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، فِيمَا بَعْدَ هَذَا الْبَابِ ، مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
    فَلَمَّا جَاءَتْ هَذِهِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ بَعْضُهَا مُخَالِفًا لِبَعْضٍ ، فَتَنَافَيْ ، وَيَدْفَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، مَا وَجَدْنَا السَّبِيلَ إلَى تَصْحِيحِهَا ، وَتَخْرِيجِ وَجْهِهَا .
    فَكَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ ، فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ، فَكَذَلِكَ وَجْهُهُ عِنْدَنَا .
    وَكَانَ مَا رُوِيَ فِي عَاشُورَاءَ فِي الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي بِعَيْنِهِ .
    فَكَذَلِكَ حُكْمُ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ جَائِزُ أَنْ يُعْقَدَ لَهُ النِّيَّةُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ .
    وَمِنْ ذَلِكَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضٌ فِي أَيَّامٍ بِعَيْنِهَا كَيَوْمِ عَاشُورَاءَ إذَا كَانَ فَرْضًا فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ .
    فَكَمَا كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يُجْزِئُ مَنْ نَوَى صَوْمَهُ بَعْدَمَا أَصْبَحَ ، فَكَذَلِكَ شَهْرُ رَمَضَانَ يُجْزِئُ مَنْ نَوَى صَوْمَ يَوْمٍ مِنْهُ كَذَلِكَ .
    وَبَقِيَ بَعْدَ هَذَا مَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ - عِنْدَنَا - فِي الصَّوْمِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ هَذَيْنِ الصَّوْمَيْنِ ، مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَاتِ ، وَقَضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، حَتَّى لَا يُضَادَّ ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ .
    وَيَكُونُ حُكْمُ النِّيَّةِ الَّتِي يَدْخُلُ بِهَا فِي الصَّوْمِ ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ .
    فَمَا كَانَ مِنْهُ فَرْضًا فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ ، كَانَتْ تِلْكَ النِّيَّةُ مُجْزِئَةً قَبْلَ دُخُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي اللَّيْلِ ، وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَيْضًا وَمَا كَانَ مِنْهُ فَرْضًا لَا فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ ، كَانَتْ النِّيَّةُ الَّتِي يَدْخُلُ بِهَا فِيهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ ، وَلَمْ تَجُزْ بَعْدَ دُخُولِ الْيَوْمِ وَمَا كَانَ مِنْهُ تَطَوُّعًا كَانَتْ النِّيَّةُ الَّتِي يَدْخُلُ بِهَا فِيهِ فِي اللَّيْلِ الَّذِي قَبْلَهُ ، وَفِي النَّهَارِ الَّذِي بَعْدَ ذَلِكَ .
    فَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي يُخَرَّجُ عَلَيْهِ الْآثَارُ الَّتِي ذَكَرْنَا ، وَلَا تَتَضَادَّ ، فَهُوَ أُولَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ .
    وَإِلَى ذَلِكَ كَانَ يَذْهَبُ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ .
    إلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ ( مَا كَانَ مِنْهُ يُجْزِئُ النِّيَّةُ فِيهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، مِمَّا ذَكَرْنَا ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ فِي صَدْرِ النَّهَارِ الْأَوَّلِ ، وَلَا تُجْزِئُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ ) .

    2-وورد في فتح القدير:

    "وَالنِّيَّةُ مِنْ شَرْطِهِ وَسَنُبَيِّنُهُ وَتَفْسِيرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
    وَجْهُ قَوْلِهِ فِي الْخِلَافِيَّةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَنْوِ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ } وَلِأَنَّهُ لَمَّا فَسَدَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ لِفَقْدِ النِّيَّةِ فَسَدَ الثَّانِي ضَرُورَةً أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ بِخِلَافِ النَّفْلِ لِأَنَّهُ مُتَجَزِّئٌ عِنْدَهُ .
    وَلَنَا { قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا شَهِدَ الْأَعْرَابِيُّ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَلَا مَنْ أَكَلَ فَلَا يَأْكُلَنَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلْيَصُمْ } وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ وَالْكَمَالِ ، أَوْ مَعْنَاهُ لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ صَوْمٌ مِنْ اللَّيْلِ ، وَلِأَنَّهُ يَوْمُ صَوْمٍ فَيَتَوَقَّفُ الْإِمْسَاكُ فِي أَوَّلِهِ عَلَى النِّيَّةِ الْمُتَأَخِّرَة ِ الْمُقْتَرِنَةِ بِأَكْثَرِهِ كَالنَّفْلِ"

    والأعجب مما سبق ما قاله الكاساني في بدائع الصنائع:

    " وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ النَّفْيِ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ ؛ يُرَادُ بِهَا نَفْيُ الْجَوَازِ مِنْ الْأَصْلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صَلَاةَ إلَّا بِطَهُورٍ وَلَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ } وَنَحْوِ ذَلِكَ"

    فهل حاول الحنفية مخالفة قاعدة من قواعدهم بوضع قاعدة جديدة ضدها أم أن الأمر شيء آخر ؟!!
    الله تعالى أعلم وأحكم
    .
    {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
    ( اللهم بلغنا رمضان )

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    162

    افتراضي رد: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
    الشيخ الكريم أبو الأسود وفقني الله وإياك .
    لي مع ما ذكرته شيخنا وقفات أتمنى ان تنظر إليها وتتأملها :
    قولك أخي الكريم : ( فكيف يبنى علم على قاعدة لم ينظر إلى صحتها أو فسادها، ولم ينظر إلى فروعها الفقهية من حيث الرجحان وعدمه )
    أولاً : ليس من وظيفة من ألف في هذا الفن دراسة القاعدة لأن هذا الفن ليس هو أصول الفقه كما أن كتب الفقه لا تتكلم عن صحة القاعدة التي يستدلون بها في المسائل التي يذكرونها في متونهم فحينما يقول الفقهاء وهذا الحكم للوجوب لأن المر المجرد عن القرائن يقتضي الوجوب ثم لا يتعرضون لأدلة هذه القاعدة فهم يحيلوننا في ذلك إلى الكتب التي تختص بهذه المسائل وكذلك هنا في كتب تخريج الفروع على الأصول .

    ثانياً : ترجيح الفروع الفقهية ليس من وظيفة هذا الفن ايضاً فهذا مجاله كتب الفروع ( كتب الفقه ) كما أن الأصوليين يذكرون أمثلة ونماذج للمسائل الصولية للتقريب ولا يلتزمون بترجيح هذه الفروع .

    وقبل ان أذكر لك أخي الكريم وجه الخطأ فيما ذكرته من مسائل على التفصيل احب أن أبين اموراً :
    الأول : أن هذا الفن هو ألصق بعلم الخلاف وأسبابه ولذلك فهو يهتم بسبب الخلاف الذي هو أحد مباحث المسألة المتكلم فيها فنحن حينما نتكلم عن مسالة نحتاج إلى ذكر عنوانها وتصورها وتحرير محل النزاع فيها وذكر الأقوال والأدلة والترجيح وسببه وثمرة النزاع في المسألة ثم بيان سبب ومنشأ الخلاف فقد يكون عقديا وقد يكون لغويا وقد يكون أصولياً وقد ألف في أسباب الخلاف كتب مشهورة وأشار إليها بعض الأصوليين في كتبهم ايضاً واهتم به بعض الفقهاء كابن رشد في بداية المجتهد ومع هذا لم ينكر أحد على ابن رشد ذكره سبب الخلاف مجرداً دون ترجيح ؛ لأنه معلوم بداهة أن لهذه المسائل كتبها الخاصة بها .

    الثاني : لا بد من تحقيق نسبة الأقوال في المسائل الأصولية ليصح الاعتراض ومثل هذه المسائل المذكورة كالأمر على الفور أو التراخي ومسألة النفي المضاف إلى جنس الفعل وغيرها تحتاج إلى تحرير وتصحيح نسبة الأقوال ومن ثم تصحيح ما يندرج تحتها من فروع .

    الثالث : لا يخفى على كل من يطلع على كتب الفقهاء ان الخلاف في الفرع الفقهي قد يكون له اكثر من سبب فقد يكون مبنياً على مسألة أصولية لغيوة وعلى تعارض آيتين او آية وحديث أو حديث وحديث أو تعارض أقيسة او غير ذلك من السباب فيذكر بعض اصحاب القول سببا ويذكر غيرهم سببا آخر فقد نجد حنفيا يذكر سببا لترجيح هذا القول ونجد حنفيا آخر يذكر سببا آخر ولا يلزم منه انه السبب الوحيد عندهم وهذا يرجع إلى تخصص ذلك المؤلف فقد يكون أصولياً فيذكر مسائل اصولية وقد يكون محدثاً فيذكر حديثاً وهكذا فيمكن القولا إن هذه كلها من أسباب الخلاف في المسألة عند أصحاب المذهب .
    ونحن نرى أن الأسباب التي يذكرها ابن عبد البر وابن رشد والقرطبي والباجي مختلفة كما أن الأسباب التي يذكرها الطحاوي وابن الهمام وابن نجيم والزيلعي مختلفة ، والأسباب التي يذكرها ابو يعلى وابن قدامة وابن تيمية وابن القيم وابن رجب مختلفة ، والأسباب التي يذكرها البيهقي والنووي وابن حجر والزركشي والزنجاني والإسنوي مختلفة .
    فالفن له تأثير في هذا الباب فلا يقال الطحاوي لم يذكر السبب الأصولي في المسألة ؛ لأن الطحاوي غلب عليه علم الحديث والفقه لا علم الأصول وكذلك العكس عند الزنجاني والإسنوي وغيرهما .

    الرابع : لا يخفى كذلك على من درس أصول الفقه أن الخلاف فيه أوسع من الخلاف في الفروع فإنك تجد الشافعية يختلفون في المسألة الأصولية على اقوال عدة بعضهم يوافق المذاهب الخرى كالحنفية أو المالكية او الشافعية بل إنك تجد للغزالي قولا يخالف قول إمام الحريم وللآمدي قولاً ثالثاً يخالفهما فيه فالخلاف في مسائل الأصول كثير ومن ثم فتخريج الفروع عليها سيقع فيه اختلاف بناء على المعتمد في المذهب وتعيين المعتمد في المذهب في مسائل الأصول أصعب منه في مسائل الفروع لأن غالب مسائل الأصول في المذاهب استنباطية من أقوال الأئمة الأربعة فهي في الحقيقة تخريح أصول من فروع ثم تخريج الفروع على تلك الأصول ، وهذه الأصول أخذت من أقوال الأئمة إما نصاً أو إيماء أو إشارة أو تخريجاً ومعلوم أن ما ماكان هذا مسلكه أن أنظار أتباع المذهب ستختلف فإذا كان الشافعي رحمه الله الذي ألف في الصول وذكر مسائله اختلف اتباعه في توجيه كلامه المنصوص في كتابه الرسالة فما بالك بمن كان قوله مأخوذا استنباطاً عن طريق الإيماء والإشارة وانظر مثلا أقوال الشافعية في تحقيق مذهب الشافعي في المرسل مع أنه نص عليه في الرسالة .

    الخامس : قد يقول العالم بمسألة أصولية لكنه يخالفها في فرع فقهي لمدرك آخر وهذا لا يعني انه رجع عن قوله أو أنه لا يقول بتلك القاعدة فلا يصح هنا الاعتراض فقد يرى العالم حجية شرع من قبلنا أو المصلحة المرسلة أو قول الصحابي لكنه لا يعمل بقول الصحابي في مسألة ما ولا يأخذ به فربما يكون لوجود دليل أقوى منه في نظره وربما لم يبلغه القول وربما بلغه ورآه ضعيفاً وربما بلغه وحمله على محمل آخر .

    نأتي الآن لما ذكرته أخي الكريم في مسألة الأمر هل هو على الفور أولا وننظر أقوال أهل العلم فيها :
    القول الأول : ان الأمر يقتضي الفور هذا القول منسوب إلى الحنفية وهو قول أبي يوسف والكرخي من الحنفية وبهذا قال جمهور المالكية ونسب للشافعي واختاره المزني والصيرفي والقاضي أبو حامد المروروذي من الشافعية وحكي عن أبي الطيب الطبري وسليم الرازي من الشافعية ونسب هذا القول لأحمد وبه قال جمهور الحنابلة وبه قال الظاهرية كما ذكر ابن حزم .
    القول الثاني : أن الأمر للتراخي جوازا وهو رأي الحنفية على الصحيح وبه قال المغاربة من المالكية وينسب إلى الشافعية وإلى الشافعي نفسه وهو قول الباقلاني وذكره ابن عقيل رواية عن أحمد .
    القول الثالث : انه يدل على مطلق الطلب دون تعرض للوقت ونسب هذا القول للحنفية ونسب للباقلاني واختاره الغزالي في المستصفى والفخر الرازي والآمدي والبيضاوي من الشافعية وابن الحاجب من المالكية وأومأ على هذا أحمد في رواية .
    القول الرابع : التوقف وهو قول إمام الحرمين والغزالي في المنخول ونسب لبعض الشافعية وهؤلاء الواقفية أقسام :
    منهم من توقف بسبب الاشتراك .
    ومنهم من توقف للجهل بالمراد .
    ومنهم من توقف في الأمر اللغوي اما الأمر الشرعي فأجروه على الفور لقرينة الشرع .

    فتبين من هذا أن المسألة نقل فيها أقوال مختلفة في كل مذهب منها ما يصح ومنها ما حكي ونسب دون تحرير هذا من جهة ، ومن جهة أخرى وجدنا في كل مذهب من يقول بما يوافق المذاهب الأخرى فمن الشافعية من قال بالفور ومنهم من قال بالتراخي ومنهم من قال مطلق الطلب ومنهم من قال بالوقف ، والحنفية منهم من قال بالفور ومنهم من قال بالتراخي ومنهم من قال لمطلق الطلب ، وهذا الأقوال الثلاثة نقلت أيضاً عن أحمد .
    وهذا يفيدنا امراً أنه لا يصح تخطئة من فرع على قول في مسألة أصولية لمذهب لاحتمال أنه يعتمد ذلك القول أو يراه راجحا بل يصحح القول في تلك المسألة ونسبته لذلك المذهب وعليه فيكون الكلام على تصحيح المسألة الأصولية لا تصحيح تخريج الفروع على الأصول .

    وأما قولك اخي الكريم ( والأعجب المذهب القائل بأن الأمر المطلق المجرد من القرائن مشترك بين اقتضاء الفور والتراخي فيتوقف إلى ظهور الدليل ، أليس الدليل قرينة ، والحديث هنا عن الأمر المطلق المجرد من القرائن )
    نعم المراد به الأمر المجرد عن القرائن لكن المراد بالقرينة المرجحة هنا قرينة خارجية لم تقترن بالأمر بمعنى انها وردت في نص آخر أو قياس أو نحو ذلك .

    وأما مسألة النفي المضاف إلى جنس الفعل فهذه المسألة اختلف فيها على اقوال :
    القول الأول : أن هذا اللفظ لا يكون مجملاً وهو قول الجمهور ثم هؤلاء يختلفون في دلالة ذلك اللفظ :
    - فمنهم من يقول هو ظاهر في نفي الجواز مجاز في نفي الكمال وهو قول إمام الحرمين الجويني .
    - ومنهم من يقول هو عام في نفي الوجود ونفي الحكم لكن الحس والعق دلا على وجوده حساً فحمل على نفي الحكم من باب التخصيص بالحس ونقل هذا القول إمام الحرمين عن جمهور الفقهاء .
    - ومنهم من قال هو عام في نفي الجواز والكمال وهو اختيار أبي يعلى من الحنابلة .
    القول الثاني : أنه لفظ مجمل ونسب هذا القول للحنفية ونسب للباقلاني وهو قول بعض الشافعية .
    القول الثالث : التوقف وهو منسوب للباقلاني أيضاً .
    والصحيح من مذهب الحنفية انهم يوافقون الجمهور فلا يرونها مجملة وينظر : تيسير التحرير ( 1 / 169 ) فواتح الرحموت ( 2 / 38 )
    فرأينا هنا الاضطراب في نسبة هذا القول للحنفية فالموجود في كتب الحنفية هو موافقة الجمهور والذي نقله الزنجاني وابن مفلح في أصوله والطوفي أنهم يرونها مجملة وهو خلاف المشهور والمذكور في كتبهم الأصولية والفقهية .
    والمقصود أن هذا خطأ من الزنجاني في نسبة هذا القول للحنفية لا خطأ في التفريع فالتفريع صحيح عند من يقول بالإجمال .

  7. #7

    افتراضي رد: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    الشيخ الكريم: أبو حازم .

    جزاكم الله خيرا فقد أثريتم هذا الموضوع .

    وكلامك السابق يؤكد القول الذي نقلته وهو:

    أن علم تخريج الفروع على الأصول:

    "هو فن من فنون أصول الفقه لم يصنف في الأصول المحضة ولا في الفروع المحضة،وإنما صنف ووضع لبيان أثر الأصول في الفروع، دون التعرض للقاعدة الأصولية من حيث الصحة والفساد، أو للفرع الفقهي من حيث الرجحان وعدمه".

    * وإذا لخصنا بعضا من كلامك شيخنا الكريم، سنصل إلى ما يلي:

    1- ليس من وظيفة من ألف في هذا الفن دراسة القاعدة.
    2- ترجيح الفروع الفقهية ليس من وظيفة هذا الفن ايضاً.
    3- أن هذا الفن هو ألصق بعلم الخلاف وأسبابه ولذلك فهو يهتم بسبب الخلاف.


    ثم انك قلت:
    "لا بد من تحقيق نسبة الأقوال في المسائل الأصولية ليصح الاعتراض ومثل هذه المسائل المذكورة كالأمر على الفور أو التراخي ومسألة النفي المضاف إلى جنس الفعل وغيرها تحتاج إلى تحرير وتصحيح نسبة الأقوال ومن ثم تصحيح ما يندرج تحتها من فروع ."

    واستنتج من كلامك السابق:

    ان هذا العلم يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتنقيح.


    وأضفت أيضا:
    "واهتم به بعض الفقهاء كابن رشد في بداية المجتهد ومع هذا لم ينكر أحد على ابن رشد ذكره سبب الخلاف مجرداً دون ترجيح ؛ لأنه معلوم بداهة أن لهذه المسائل كتبها الخاصة بها"

    هنا هل يحق لي أن أتساءل فأقول، هل نستطيع أن نساوي عمل ابن رشد في بداية المجتهد الدقيق ، بعمل من كتب في هذا العلم ، ولا أقصد التقليل من جهد العلماء لكن حث الباحثين على حل هذه المشكلة ما أمكن.

    ثم قلت:
    "وأما قولك اخي الكريم) والأعجب المذهب القائل بأن الأمر المطلق المجرد من القرائن مشترك بين اقتضاء الفور والتراخي فيتوقف إلى ظهور الدليل ، أليس الدليل قرينة ، والحديث هنا عن الأمر المطلق المجرد من القرائن )
    نعم المراد به الأمر المجرد عن القرائن لكن المراد بالقرينة المرجحة هنا قرينة خارجية لم تقترن بالأمر بمعنى انها وردت في نص آخر أو قياس أو نحو ذلك
    "

    شيخنا الكريم جزاك الله خيرا على هذا التوضيح.

    وللتوضيح : أنا من طلاب العلم ولست شيخا.
    {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
    ( اللهم بلغنا رمضان )

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    162

    افتراضي رد: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    أخي الفاضل بارك الله فيكم
    الأمر كما قلتَ أخي الكريم تخريج الفروع على الأصول فن مستقل ولا يندرج تحت أصول الفقه بل هو ثمرة له كما أن الفقه ثمرة له والقواعد الفقهية ثمرة للفقه .


    تصويبات :

    لأن المر المجرد = الأمر المجرد
    للمسائل الصولية = الأصولية
    نتكلم عن مسالة = مسألة
    مسألة أصولية لغيوة = لغوية
    غير ذلك من السباب = الأسباب
    فيمكن القولا = القول
    يوافق المذاهب الخرى = الأخرى
    قول إمام الحريم = الحرمين
    ألف في الصول = الأصول
    وأومأ على هذا أحمد في رواية = إلى هذا
    لكن الحس والعق دلا = والعقل

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    147

    افتراضي رد: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    بارك الله فيكما

  10. #10

    افتراضي رد: فن تخريج الفروع على الأصول ( علم حقيقي أم خيالي )

    وبارك الله في الشيخين الفاضلين.
    {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
    ( اللهم بلغنا رمضان )

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •