الرّافضة أقسام كثيرة لا كثّرهم الله تعالى، ومنهم:
"السَّبَئِيَّ ، أتباع عبد الله بن سبأ اليهوديّ قبّحه الله، وهم أعظمهم غلوًّا وأسوأهم قولا وأخبثهم اعتقادًا بل وأخبث من اليهود والنّصارى، فقد كانوا يعتقدون في عليّ رضي الله عنه الإلاهيّة كما يعتقد النّصارى في عيسى عليه السّلام، وهم الّذين أحرقهم عليّ رضي الله عنه بالنّار، وأنكر ذلك عليه ابن عبّاس رضي الله عنهما كما في صحيح البخاريّ والمسند وأبي داود والتّرمذيّ والنّسائيّ عن عكرمة رضي الله عنه قال: أُتِيَ عليٌّ بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابنَ عبّاس فقال: لو كُنْت أنا لم أُحْرِقْهُم لِنَهْيِ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم: ((لا تُعَذِّبُوا بِعَذاب الله)) وَلَقَتَلْتُهُم لِقَوْل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((مَنْ بدَّل دينَه فاقتلوه)).
وكان كبيرهم عبد الله بن سبأ يهوديّا ثمّ أظهر الإسلام وابتدع هذه المقالة وتفصيل ذلك ما ذكرَه في الفتح
(أي: ابن حَجَر في شرح صحيح البخاريّ) مِنْ طريق عبد الله بن شريك العامريّ عن أبيه قال: قيل لِعَليّ رضي الله عنه: إنّ هنا قوما على باب المسجد يزعمون أنّك ربُّهم فدعاهُم فقال لهم: ويلكم ما تقولون؟ قالوا: أنت ربُّنا وخالقُنا ورازقُنا. قال: وَيْلَكُم إنَّما أنا عبد مثلكم آكل الطّعام كما تأكلون وأشرب كما تشربون. إنْ أطعْتُ الله أثابني إنْ شاء وإنْ عصيْتُه خشيتُ أنْ يُعذِّبَني، فاتّقوا الله وارجِعُوا، فأبَوْا. فلمّا كان الغد غَدَوْا عليْه، فجاء قنبر فقال: قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام، فقال: أَدْخِلْهُم فقالوا كذلك، فلمّا كان الثّالث: قال: لَئِنْ قُلتُم ذلك لأقتُلَنّكم بأخبث قتلة فأبَوْا إلاّ ذلك، فأمَرَ عليٌّ رضي الله عنه أنْ يُخَدَّ لَهُمْ أُخْدُود بين المسجد والقصر، وأمَرَ بالحطب أنْ يُطْرَح في الأخدود ويُضْرَم بالنّار ثمّ قال لهم: إنّي طارِحُكُم فيها أو تَرْجِعُوا. فأبَوْا أنْ يَرْجِعُوا، فقذف بهم حتَّى إذا احتَرَقُوا قال:
إنِّي إذا رأيْتُ أمْرًا مُنكَرًا *** أوْقَدْتُ ناري ودَعَوْتُ قَنْبَرَا
قال الحافظ ابن حَجَر: إسنادُه صحيح."
[قَنْبَر: اسم رجل. والضّبط مِنْ لسان العَرَب ص: 3747.]
نقلاً مِنْ مختصر معارج القبول بشرح سلّم الوصول إلى علم الأصول في التّوحيد، للشّيخ حافظ حكميّ؛ اختصار الشّيخ هشام آل عقده. ص:397-398.