تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: نص عن المجاز ( يوحنا الدمشقي )

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    88

    افتراضي نص عن المجاز ( يوحنا الدمشقي )

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ،

    جو النص :

    يوحنا الدمشقي ( توفي من 130 إلى 133 هـ تقريبا ) ( قبل 754 م قطعا كما في المصادر المسيحية ) هو ذلك الكاهن الذي درج في بلاط الأمويين بدمشق ، وكان متقنا للعربية والسريانية واليونانية ، والذي يعتبر قديسا وأبا معتبرا في علم الأبائيات ( الباترولوجي ) المسيحي ، وأبرز مؤلفاته ( ينبوع المعرفة ) وينقسم إلى ثلاثة أقسام ( مقدمة فلسفية : تشتمل على تحديدات وتعريفات لاهوتية كالأقنوم والطبيعة .. ) و ( مقدمة تاريخية ) و ( خلاصة لاهوتية ) .

    وما يعنينا من ذلك الكتاب هاهنا ( المقدمة التاريخية ) أو ما تسمى في الدرس الكريستولوجي عندهم ب( مقدمة الهرطقات المائة ) لأن يوحنا عمد إلى نص قديم لإبيفانيوس ( ت بعد 403 م ) عنوانه ( باناريون ) وهو نص تاريخي مفقود مشهور في علم التاريخ الكنسي المسيحي ، ومعنى ( باناريون ) علبة الأدوية ، رد فيه على ثمانين هرطقة وبدعة ، فنقله يوحنا الدمشقي في مقدمة الهرطقات و زاد عليه عشرين هرطقة .

    وقد ألف كتابه هذا باليونانية ـ رغم أنه ألف بدمشق ـ وذلك لما فيه من طعن على الإسلام ..

    وفي الجملة فكتاب ينبوع المعرفة ليس موجودا برمته إلا في موسوعة الآباء اليونانية ( 160 مجلدا ) ، وليس له ترجمة عربية كاملة مطلقا ، فقط طبع جزؤه الثالث في الخلاصة اللاهوتية المعروف ب( الإيمان الأرثوذوكسي ) مختصرا باسم ( المائة مقال ) ـ لأن الخلاصة اللاهوتية كانت في مائة فصل ـ طبعة مكتبة المحبة المصرية ، باختصار د ميخائيل ماكسي إسكندر ـ و قد أفسده كما هي سائر اختصاراته المخلة التجارية ـ واقتصر فيه على خمس وسبعين مقالة ، وطبعته المكتبة البوليسية كاملا بلا اختصار ، تعريب الأرشمندريت أدريانوس شكور .

    ثم طبع منه جزء صغير ( 80 صفحة ) من جزئه الثاني ( الهرطقات المائة ) بعنوان ( الهرطقة المائة ) 1997 دون دار نشر ، ويقصد بالهرطقة المائة التي اقتصر عليها من كتاب يوحنا الدمشقي ( الإسلام ) ، الذي يسميه تعمية بالإسماعيليين أو الهاجريين أو الساريين نسبة لسارة وهاجر ، خوفا من الملاحقة ربما .

    و ( الهرطقة المائة ) يشتمل نقدا توهميا للإسلام في صورة مناظرة بين مسيحي ومسلم ، ثم أتبعه بنقد لأربع سور من القرآن ، ثم أتبعه بتسعة نقاشات صغيرة بين مسلم ومسيحي ( مفترضة ) حول موضوعات مختلفة منها حرية الاختيار والعدل الإلهي وخلق الخير والشر ( مشكلة القدر التي كانت ذائعة آنذاك في هذا العصر ) ومنها حول طبيعة المسيح والكلمة والروح .

    النص :

    يقول في المحاورة ( 6 ) ص 71 ـ 73 :

    ( عندما يسألك المسلم قائلا " أقوال الله هل هي مخلوقة أم غير مخلوقة ؟ " المسلمون يطرحون علينا هذا السؤال الصعب جدا حتى يبرهنوا أن " كلمة الله " مخلوق ، وهذا خطأ ـ فإن قلت " مخلوقة " ، يقول لك : ها إنك تثبت بأن كلمة الله مخلوق " . أما إذا قلت : " غير مخلوقة " ، يقول " كل أقوال الله الموجودة إنما هي غير مخلوقة ، ولكنها ليست آلهة مع ذلك ، ها إنك توافقني على أن المسيح الذي هو كلمة الله ليس هو الله " .
    لأجل هذا السبب لن تجيبه بأنها مخلقة ، كما ولن تجيبه بأنها غير مخلوقة ، بل ستجيبه بهذا : " إنني أعترف بأن في الله " كلمة " واحدة أقنومية غير مخلوقة ، كما اعترفت أنت بذلك ، ولكنني لا أدعو كتابي بجملته أقوالا أو كلمات إلهية ، بل أفعال أو بلاغات إلهية " ، فإن قال لك المسلم " كيف حصل إذن أن قال داود :" كلام الرب كلام نقي " مز 12 :7 ، ولم يقل " فعل الرب فعل نقي " ، فقل إن النبي قد تكلم بالمعنى المجازي لا بالمعنى الحقيقي .
    فإن قال لك " ماذا تقصد بالمعنى المجازي والمعنى الحقيقي ؟ " فقل له : " المعنى الحقيقي هو البينة المؤكدة للشيء ما ، أما المعنى المجازي فبينة غير مؤكدة " ، وإن قال لك المسلم " أويمكن للنبي أن يستعمل بينة غير مؤكدة ؟" ، فقل له : " من عادة الأنبياء أن يشخصوا الجوامد ناسبين إليها عيونا وأفواها ، مثلا : " البحر رأى فهرب " مز4 11 :3 ، ليس للبحر عيون في الواقع ، لأنه من الجوامد ، ويسأله النبي من جديد على أنه كائن حي ، فيقول : " مالك أيها البحر قد هربت .. " مز4 11:5 ، وأيضا :"يأكل سيفي لحما " تث 32:42 ، يقول الكتاب .
    والحال أن فعل الأكل يطبق على فم يأكل ويشرب ، وإذا استطاع سيف أن يقطع شيئا ما فلا يستطيع أن يشرب . وهكذا سمى النبي الأفعال كلاما بالمعنى المجازي ، في حين أنها لم تكن أقوالا بالضبط بل أفعالا " .

    الملاحظ :

    1 ـ رغم كون النص يونانيا من حيث التأليف في الأصل ، لكنه دال دلالة قطعية على وجود المعرفة بالمجاز المنقولة عن أرسطو كما هو ثابت في كتابه الخطابة و فن الشعر ، دال على وجودها في قلب العاصمة الأموية في النصف الأول من القرن الثاني الهجري ، أي قبل ولادة حنين بن إسحق العبادي بنحو نصف القرن الكاملة ( 194 ـ 260 هـ ) ، ومن بعده ابنه إسحق بن حنين ( 215 ـ 298 ه ) ، ويصعب جدا أن توجد تلك المعارف عند يوحنا الدمشقي بتأثيره المعرفي في ذلك الوقت واستخدامه في النقض على المسلمين دون انتقاله لغيره من تلاميذه والمتأثرين به ومن قامت بينه وبينهم حوارات .
    ومن المعروف أن هذا أمر مترجح عند جل الباحثين ، أن ثمة معارف وترجمات يونانية ( قبلية ) على حنين وإسحق ، وإن ظل ذلك ترجيحا جمليا أو يستند إلى إحالات ترجع إلى وجادات قديمة مفقودة بدورها لترجمات أو نقولات قبل حنين ، لكن ذلك النص بمثابة التدليل اليقيني على هذا الاتجاه .


    2 ـ استخدام يوحنا للمجاز هاهنا هو بالمعنى الاصطلاحي عند المتأخرين ، فهو بذلك سابق على من يذكرهم المتخصصون في أسبقية من ذكر المجاز من العرب ـ مع ملاحظة أنه كتب ماكتب باليونانية لكن يراعى ما ذكرته في النقطة الأولى من الكفاية في دلالته على وجود المفهوم في ذلك الوقت في دوائر علمية معينة في العالم العربي والإسلامي ـ .

    3 ـ إنكار يوحنا في كلامه هذا أن يكون الكتاب ( كلمات لله ) ، هو الاتجاه المعروف بالوحي الروحي ، وهو ما يخالف الاتجاه المعروف بالوحي اللفظي أو الإملائي ، ويوجد اتجاه آخر هو الاتجاه الميكانيكي في الوحي ، وقوله هاهنا بكون الوحي بلاغا عن الله هو من إرهاصات الاتجاه الميكانيكي في الوحي ، وهو ـ في نفسه ـ هرطقة عندهم .

    4 ـ استعمل يوحنا ضروبا من التأويل والجدل ، استعمل المعتزلة والأشعرية ضروبا من جنسها تماما ! ، فكلامه عن أن الكتاب ( بلاغات إلهية ) هو تعبير ركيك لقول الأشعرية بعدُ ، إن الكتاب ( عبارة أو حكاية ) عن كلام الله ! ، واستعمال المسلم المتوهم في الاعتراض عليه لنص داود المزموري ( كلام الرب كلام نقي ) ، هو من جنس استدلال أهل السنة بقوله تعالى ( حتى يسمع كلام الله ) وما يشبهه !.

    5 ـ وهذا النص تدليل بيَّن على صحة كلام شيخ الإسلام ، وسائر الاتجاه المعروف عند أهل العلم بتأثر المبتدعة عموما بالفلسفات والأديان السابقة ، بل هو الذي يقوله الحديث المعروف عن اتباع سنن من قبلنا ، ويدلل على بطلان رأي النشار ـ وما أكثرها ـ : " أما مشكلة خلق القرآن ونفي الصفات فقد تأثر فيهما أوائل المعتزلة بصاحبي منهج التأويل ـ الجعد بن درهم وجهم بن صفوان ـ . وقد اتُهم الجعد بن درهم بأنه تأثر بالمانوية عند ابن النديم ، وبالصابئة والمسيحية عند ابن تيمية وغيره من المفكرين ، وأن الجهم بن صفوان أخذ عن الجعد بن درهم وبالتالي قد تأثر بكل هذه المؤثرات الأجنبية ، ونحن نعلم أن الرواقية كانت منتشرة لدى الكنائس الديصانية والمسيحية ، فهل حدث تلاق في الأفكار ؟ ليس هناك ما يثبت هذا على الإطلاق في العصر الأول ، وليس هناك ما يصل جبرية الجهم بجبرية الرواقية ، وليس ثم مشابهة بين فكرتي خلق القرآن ونفي الصفات ، وبين أية عقيدة رواقية ، إن محاولات تحقيق الصلات وتوكيدها من الصعوبة بمكان في هذا العهد المبكر . وقد لاحظنا من قبل أن جهم بن صفوان كان " خارجيا " بمعنى ، وكان يشتعل حماسة للإسلام . ولا شك أن نسقه الفكري كان مختلفا عن مفكرين معاصرين ، ولكن هل لنا أن نقول إنه على اتصال فكري بالمسيحيين أو الصابئة فلا يوجد ثمة دليل واحد " النشار 1/408
    أقول : قتل الجعد سنة 124 هـ ، وقتل الجهم سنة 128 هـ ، ومات واصل سنة 131 هـ ، ومات عمرو بن عبيد سنة 143 هـ ، فكما ترى أن عُتَق المعتزلة والجهمية كانوا في النصف الأول من القرن الثاني كذلك ، فوجود مثل تلك النقاشات والأساليب التي استخدمها يوحنا الدمشقي ومن بعده تلميذه يوسفيذورس ( أبو قرة ) ، تؤكد حصول ذلك التأثير .

    6 ـ يعزى إلى يوحنا أنه من المتوسعين في ( التأويل ) و ( المجاز ) هو من الشرقيين ومن قبله ( إيكليمنت السكندري ) و ( أوريجانوس ) و ( أوغاسطين ) من الغربيين ، انظر ( ابن تيمية وموقفه من التأويل للجلنيد 202 وما بعدها ، ودائرة المعارف الكتابية مادة تأويل ) .

    والله أعلم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    846

    افتراضي رد: نص عن المجاز ( يوحنا الدمشقي )

    شكرا عل هذه الدرة البسيونية
    بارك الله فيك
    صفحة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
    www.saaid.net/Doat/almubarak/k.htm - 24k -

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,858

    افتراضي رد: نص عن المجاز ( يوحنا الدمشقي )

    جزاك الله خيرًا يا شيخ عمرو على هذا الموضوع المهم.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمرو بسيوني مشاهدة المشاركة
    فكلامه عن أن الكتاب ( بلاغات إلهية ) هو تعبير ركيك لقول الأشعرية بعدُ ، إن الكتاب ( عبارة أو حكاية ) عن كلام الله !
    قول وجيه جدًا.
    وبالرغم من أن الموضوع فيه فوائد جمة، إلا أن هذه بألف.
    وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا
    ـــــــــــــــ ـــــــــــ( سورة النساء: الآية 83 )ــــــــــــــ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    88

    افتراضي رد: نص عن المجاز ( يوحنا الدمشقي )

    أخي الفاضل محمد المبارك ، جزاك الله خيرا

    شرفني مرورك ...

    أخي الفاضل أسامة ، جزاك الله خيرا

    شرفني مرورك ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •