سكينة النفس أمنية يتمناها الحكماء..

منذ أعوام في مجلة المختار كلمة ناضرة لأحد الأطباء اللامعين في أمريكة , قال فيها :

وضعت مرة وأنا شاب جدولا لطيبات الحياة المعترف بها , فكتبت هذا البيان بالرغائب الدنيوية ؟ ( الصحة والحب والموهبة والقوة والثراء والشهرة ) ثم تقدمت بها في زهو إلى شيخ حكيم ..
فقال صديقي الشيخ : " جدول بديع , وهو موضوع على ترتيب لا بأس به , ولكن يبدو لي أنك أغفلت العنصر المهم الذي يعود جدولك بدونه عبثا لا يطاق " , وضرب بالقلم على الجدول كله , وكتب كلمتين : ( سكينة النفس ) .
وقال : " هذه هي الهبة التي يدخرها الله لأصفيائه , وإنه ليعطي الكثيرين الذكاء والصحة , والمال مبتذل , وليست الشهرة بنادرة , أما سكينة القلب فإنه يمنحها بقدر " ...
وقال على سبيل الإيضاح : ليس هذا برأي خاص لي , فما أنا إلا ناقل من المزامير , ومن أوريليوس , ومن لادنس , هؤلاء الحكماء يقولون : " خل يارب نعم الحياة الدنيا تحت أقدام الحمقى وأعطني قلبا غير مضطرب " .
وقد وجدت يومئذ أن من الصعب أن أتقيل هذا , ولكن الآن بعد نصف قرن من التجربة الخاصة والملاحظة الدقيقة , أصبحت أدرك أن سكينة النفس هي الغاية المثلى للحياة الرشيدة , وأنا أعرف الآن أن جملة المزايا الأخرى ليس من الضروري أن تفيد المرء السكينة , وقد رأيت هذه السكينة تزهر بغير عون من المال , بل بغير مدد من الصحة , وفي طاقة السكينة أن تحول الكوخ إلى قصر رحب , أما الحرمان فإنه يحيل قصر الملك قفصا وسجنا .
من كتاب هل فات الأوان ؟ ص 99