قديما كانت العلوم الشرعية أربعة: العقيدة - الفقه - الحديث - التفسير
وكان من يجمع بينها جميعا يطلق عليه قديما ( شيخ الإسلام ) وآخر هؤلاء هو الإمام الشوكاني (1250هـ) وإذا تجوزنا قليلا فالألباني (2001م). وربما كان في الزوايا خبايا، لكن هذا عمن عرف واشتهر
ثم أضيف إليها في آخر الزمان بدعتان:
1- المفكر الإسلامي، والعامة ينخدعون بهذا اللقب الضخم، أما غيرهم فيعرفون أنه غالبا ما لايكون طالب علم فضلا عن أن يكون عالما يأخذ الناس عنه الفتوى، ولايمنع هذا أن يكون له لسان ذرب، وقلم سيال.
2- الداعية، وهذا ليس أحسن حالا من سابقه، إلا أن الفتنة به عظيمة، لا سيما إذا أوتي صوتا جهوريا، وفصاحة ولباقة، وشيئا من ثقافة عامة، وصوت رخيم، يفتتن الناس به كما يفتتنون بأصوات دعاة ورواديد الشيعة. وربما جمع إلى ذلك كله الأناقة في المظهر، و (القبول: الكاريزما).
وصدق من قال "يكفيك من شر سماعه" فلا تستريح نفسي، ولا أقبل كلاما في الدين من رجل حليق اللحية والشاربين، وليس عندي مانع أن يلبس البدلة - قياسا على جبة رسول الله الرومية - لكن بالله عليكم ما ضرورة الكرافتة؟ التي هي صورة للصليب النصراني لوكانوا يعلمون.
ثم يسقط عندي إذا كان قد جمع البنات من حوله بدعوى الجمهور، أو إذا كانت مضيفته مذيعة متبرجة سافرة، فضلا عما يبدو من صدرها وساقيها، أو حتى لو كانت ترتدي البنطلون، أو حتى لو كانت ترتدي الحجاب الشرعي ثم هي قد وضعت المكياج الخفيف زعمت.
ويفلق رأسي والله أن يصفها بالفاضلة
وقد نتسامح في ذلك إذا كان اتصالا هاتفيا بالصوت لا بالصورة.
مع أني لا أنفك أسأل نفسي: لماذا نجد رجال الدين اليهود ملتزمين؟ ونجد النصارى مثلا ملتزمين بالزي الرسمي للكنيسة (القفطان الأسود والقلنسوة) وطبعا اللحية الكثة الطويلة؟ أوليس المسلمون بهذا أولى وأولى؟ وهنا أوجه تحية لإخواننا الخليجيين والسودانيين، الذين ما زالوا محافظين على الزي العربي الأصيل.
ثم أسأل نفسي: لماذا لا نقرأ لصحفي يسخر من زي أولئك النصارى كما قرأنا وسمعنا ورأينا من يسخر من زي العروبة قبل الإسلام؟ لماذا شعائر الإسلام موضع التندر والنقد؟ وليست كذلك شعائر الأديان الأخرى التي يزعمون أنها سماوية.
ألم يقرأ هؤلاء قوله تعالى {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }الحج32
وقبل أن نذهب بعيدا، لا يجوز أن نربط بين الزي والعلم؛ فليست الكرافتة دليل الجهل، ولا اللحية والثوب دليل العلم، مهما بلغ طولها وعرضها. وإنما العبرة بالكلام والكتابة، لكن الظاهر عنوان الباطن.
وأضيف إلى ما سبق: أن العالم - فضلا عن المفكر والداعية - يسقط عندي إذا كثر لحنه في اللغة، قراءة أو كتابة.
فهل أنتم معي في ذلك؟