"إن الكون ليس في حاجة إلى خلق الله…!!".
هكذا يقول عالم الفيزياء الفلكية البريطاني" ستيفن هوكينغ " في كتاب جديد صدر له ، وفقاً لمقتطفات من أخبار نشرتها في سبتمبر الماضي صحيفة التايمز.
"هل كان الكون في حاجة إلى الخالق!!؟ "
يجيب اكبر علماء الفيزياء البريطاني الذي يعتبر واحدا ًمن ألمع علماء عصره :" لا .. الكون تشكل فعلاً من تلقاء نفسه من الناحية المنطقية لقوانين الفيزياء ". ويضيف قائلا :" إنه ليس من الضروري استحضار الله لتنشيط الكون ".؛ "وبناء على قوانين الجاذبية ، يمكن أن يخلق الكون نفسه من لا شيء ، والخلق العفوي هو السبب في وجود شيء ما ، ومن اجله يوجد الكون ، ومن اجله نوجد نحن " ؛ ويقرر في نهاية حديثه أن :" الضرورة لاتستدعي استحضار الله لتنشيط الكون ".
والملاحظ أن هذه التصريحات للعالم البريطاني تتناقض مع اعترافاته سابقا ، والتي تفيد بان اعتبار الله كخالق للكون لا يتعارض مع العلم .
إن فكرة كتابه الجديد " التصميم الأكبر " الذي صدر في التاسع من شهر سبتمبر الماضي ستعمل على تقويض نظرية" اسحق نيوتن "التي تقول بــ " أن الكون ما كان له ان يوجد لولا أن خلقه الله ".
ورداً على الجدل الذي تصاعد إثر ما ورد في كتابه الأخير ، حول أن الله لم يخلق الكون ، قال عالم الفيزياء البريطاني الشهير؛ ستيفن هوكينغ بداية أكتوبر الحالي :" إن علم اللاهوت غير ضروري".
رغم أن بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر ، امتدح العلم وتطوره ، إلا أنه أكد :" أن الله هو خالق الكون وليس الأمر مجرد مسألة فيزيائية " ،في إشارة سلبية إلى نظرية العالم البريطاني"ستيفن هوكينغ" .ولم يذكر البابا العالم البريطاني الشهير بالاسم ،والذي كان أكد في كتاب نشره الشهر الماضي أن قوانين الفيزياء تظهر أنه ليست هناك حاجة لقوة خارقة من أجل خلق الكون . وأشاد البابا ،وعلى وجه التحديد "بارك " العلم والعلماء في خطاب ألقاه أمام الأكاديمية البابوية للعلوم ، لكنه أوضح أن جزءاً من دور العلم هو "الكشف عن تجليات الله في الكون." وقال البابا "العلماء لم يخلقوا العالم ، بل تعلموا ماهي هو حاولوا تقليد ما فيه .. تجربة العالم تكمن في فهمه وإدراكه لما هو ثابت في الطبيعة ،فهو لم يخلق ، وإنما أن لديه القدرة على الملاحظة والتعلم ."
ومضى البابا ،وهو أعلى مرجع كاثوليكي مسيحي ، يقول إن "هذا التصور ، بدوره ؛ يقودنا إلى الاعتراف بوجود السبب بكل قوة ،وهو بخلاف الإنسان ، القوة التي تحافظ على العالم ."
والشهر الماضي ؛قال هوكينغ ؛البالغ من العمر 68 عاماً ، في كتابه "التصميم العظيم ~ " The Grand Design ،إنه نظرا ًلوجود الجاذبية ، فإن الكون كان وسيظل قادراً على خلق ذاته من العدم ، مضيفا ًأن "الخلق التلقائي " هوالسبب في وجود الكون والبشرية .وأشار هوكينغ في كتابه إلى أنه محاولة لتقديم صورة واسعة حول كيفية عمل الكون وموقعنا منه ، وهي رغبة بشرية أساسية ، كما أنه يضع مخاوفنا في مكانها الصحيح ."وأوضح هوكينغ أن الفكرة وراء ذلك هي "نظرية م ~ " M-theory، والتي تسمح بوجود العديد من الأكوان التي انبثقت من العدم ، لم يحتاج أي منها لتدخل من الخالق . ومن هنا جاء استنتاج هوكينغ بعدم وجود ضرورة لخالق ليلعب دوراً في هذا الأمر ، أي خلق الكون .
وكشف أن هذه المسألة هي محور كتابه فالعلم " يمكنه تفسير الكون وأننا نحن البشر لا نحتاج إلى خالق لتفسير سبب وجود شيء بدلاً من عدم وجود شيء ، أو سبب كون قوانين الطبيعة على ما هي عليه."
ولاحقا ،وفي مقابلة مع CNN ضمن برنامج "لاري كينغ لايف " بثتها الشبكة الجمعة الأول من أكتوبر ، عاد هوكينغ للقول إن "الله قد يكون موجوداً ،ولكن العلم يمكن أن يفسرا لكون دون الحاجة إلى وجود الخالق ."
ورداً على سؤال من كينغ حول سبب رد الفعل العنيف من الناس تجاه كتابه ، قال هوكينغ : "أصبح العلم وعلى نحو متزايد يجيب على أسئلة جرت العادة أن تكون ضمن سلطة الدين .. إن الرواية العلمية للمسألة كاملة ، و لم يعد اللاهوت ضرورياً ."
إلا أن العالم الفيزيائي البريطاني المقعد ، والذي لا يمكنه الحديث إلا بواسطة جهاز كمبيوتر ، يقول إنه يفهم مشاعر العالم الإنجليزي " اسحق نيوتن " بأن الله خلق الكون ووضع نظامه .
وخرج هوكينغ بفكرة الأكوان المتعددة قائلاً إنه إذا كان هناك أكثر من كون ، العديد منها ، فإن واحداً منها سيحتوي على قوانين فيزيائية مثل الكون الذي نعيش فيه ، وعلى أحدها يجب أن يظهر شيء من العدم ، وبالتالي فلا ضرورة لأن يكون هناك خالق لتبرير ذلك .
على أن بعض زملاء هوكينغ يجادلون بأن الخالق الذي يتحدث عنه هوكينغ ليس الله الوارد ذكره في الأديان السماوية ، والذي هو التفسير النهائي لوجود شيء ما في الكون ، كما يقول "دينيس ألكساندر".
ويقول :" إله هوكينغ هو إله الفجوات المستخدمة لسد الفجوات في معرفتنا العلمية .. إن العلم يوفر لنا حكاية جميلة عن كيفية حدوث الوجود ، لكن الدين يخاطب معنى الحكاية ."
ومن جانبه ؛ قال كبير الأساقفة في الكنيسة الإنجليزية الدكتور روان ويليامز ، لمجلة التايمز :" الفيزياء لوحدها لا يمكن أن تشرح أسباب وجود الكون أو عدم وجوده." وأضاف بالقول :" الاعتقاد بالله لا يتعلق بشرح الترابط الذي يجمع بين مختلف عناصر الكون .. الأمر يتعلق بالاعتقاد بوجود قوة خارقة عظمى يعتمد عليها خلق الكون بأكمله."
وقد دعم عدد من القادة الدينيين في بريطانيا هذا الرأي الأخير ، فقد قال أحد الكهنة اليهود :"العلم يتعلق بالشرح ، أما الدين فهو التفسير ، والتوراة لم يكن مهتماً بكيفية خلق الكون ."
أما الإمام إبراهيم موغرا ؛ من المجلس الإسلامي البريطاني ، فقد قال :" إذا نظرنا إلى الكون وكل ما فيه لتأكدنا أن هناك قوة خلقته ؛ وهو الله."
والكاتب يتسأل :" هل نحن في إحتياج لبحث مثل هذه المسائل ؛ وما هي الحدود التي تجمع بين العلم والدين وبالتالي ما هي الحدود التي تفرق بينهما !!؟ " أم أنها مسألة لا تهم غير الغرب وأهله وبالتالي رد نيافة بابا الفاتيكان والسادة العلماء المذكورين تجعلنا نطوي صفحة لن تفيد " .
بيْد أن المسألة فعلاً لم تنتهي بعد ، وبماذا سيرد السادة " أهل العلم ... الشرعي .. والمدني " على هذه المسألة .
31 أكتوبر 2010م