P

اسم صاحب البحث : محمد حمدي سيد صالح


عنوان البحث : أسباب التعارض بين العقل والنقل

الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا.

إن الله خلق العقل وحد له حدود لا يتعدها وهذا الحد محصور في عالم الشهادة الذي هو عبارة عن الحواس الخمس

فلا يستطيع العقل أن يدرك أمر الغيبيات لأنه خارج عن مدرك العقل بل يدرك عالم الغيب بالنقل

الذي يتمثل في القران وصحيح السنة والعقل يكون تبع للنقل ويؤيده لان العقل الصريح لا يعارض

النقل الصحيح بل يشهد له ويؤيده لان المصدر واحد فإن الذي خلق العقل هو الذي انزل إليه النقل

فمن المحال أن يرسل إليه ما يفسده

قال بن تيمية

"كل ما يدل عليه الكتاب والسنة فإنه موافق لصريح المعقول، والعقل الصريح لا يخالف النقل

الصحيح ولكن كثيرا من الناس يغلطون إما في هذا وإما في هذا، فمن عرف قول الرسول ومراده


به كان عارفا بالأدلة الشرعية، وليس في المعقول ما يخالف المنقول"

وقال أيضا

"من قال بموجب نصوص القرآن والسنة أمكنه أن يناظر الفلاسفة مناظرة عقلية يقطعهم بها

ويتبين له أن العقل الصريح مطابق للسمع الصحيح"[1]

فإن الله جعل هداية الخلق في اتبعهم للنقل قال الله تعالي

] قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا

يَشْقَى (123)[[طه]

] وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ

يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)[[الكهف]

فاتبع النقل يكون سبب لهداية الخلق ومخالفة النقل يكون سبب في ضلال الخلق

إذا العقل لا يتعارض مع النقل بل يشهد له ويؤيده وإذا نعارض العقل مع النقل فإنما هو لسببين

1- عدم ثبوت النقل

2- عدم فهم العقل النقل [2]

وهذا هو بحثنا وسنضرب امثلا لسببين التعارض

عناصر البحث

1- السبب الأول للتعارض عدم ثبوت النقل وأمثلة على ذلك

2- السبب الثاني للتعارض هو عدم فهم العقل للنقل وأمثلة على ذلك

البحث


1- السبب الأول للتعارض عدم ثبوت النقل وأمثلة على ذلك

مثل أن نرى أحاديث مشتملة على مجازفات لا يقول مثلها رسول الله rوهي كثيرة جدا
1- كقوله في الحديث المكذوب:

"من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائرا له سبعون ألف لسان لكل لسان سبعون ألف لغة يستغفرون الله له"

2- "ومن فعل كذا وكذا أعطي في الجنة سبعين ألف مدينة في كل مدينة سبعين ألف قصر في كل قصر سبعين ألف حورية".

3- حديث
"الباذنجان لما أكل له".

4- حديث
"والباذنجان شفاء من كل داء"

5- حديث:
"إذا عطس الرجل عند الحديث فهو دليل صدقة"
قال بن القيم
" ولو عطس مئة ألف رجل عند حديث يروى عن النبي rلم يحكم بصحته بالعطاس، ولو عطسوا عند شهادة رجل لم يحكم بصدقه" (2)

6- حديث:
"عليكم بالعدس فإنه مبارك يرقق القلب ويكثر الدمعة قدس فيه سبعون نبيا"
وقد سئل عبد الله بن المبارك عن هذا الحديث وقيل له إنه يروى عنك فقال: وعني؟!
ما أرفع شيئا في العدس، إنه شهوة اليهود ولو قدس فيه نبي واحد لكان شفاء من الأدواء فكيف بسبعين نبيا وقد سماه الله أدنى البقرة وذم من اختاره على المن والسلوى وجعله قرين الثوم والبصل

7- حديث
"اشربوا على الطعام تشبعوا فإن الشرب على الطعام يفسده ويمنع من استقراره في المعدة ومن كمال نضجه".

8 – حديث
"لو كان الأرز رجلا لكان حليما، ما أكله جائع إلا أشبعه) فهذا يصان عنه كلام العقلاء فضلا عن كلام سيد الأنبياء"
.
9- حديث
"لو يعلم الناس ما في الحلبة لاشتروها بوزنها ذهبا"

10- حديث
"بئس البقلة الجرجير من أكل منها ليلا بات ونفسه تنازعه، كلوها نهارا وكفوا عنها ليلا".

11- حديث:
"فضل الكراث على سائر البقول كفضل البر على الحبوب" .

12- حديث:
"إن للقلب فرحة عند أكل اللحم" .

13- حديث
"ربيع أمتي العنب والبطيخ"

14- حديث
"من أكل فوله بقشرها أخرج الله منه من الداء مثلها".

15- وحديث
"لا تسبوا الديك فإنه صديق، ولو يعلم بنو آدم ما في صوته لاشتروا ريشه ولحمه بالذهب"

16- حديث
"من اتخذ ديكا أبيض لم يقربه الشيطان ولا سحر"

17- حديث
"إن لله ديكا عنقه مطوية تحت العرش ورجلاه في التخوم"

18- حديث
"إذا غضب الله تعالى أنزل الوحي بالفارسية وإذا رضي أنزله بالعربية".

19 – حديث
"من ولد له مولودا فسماه محمدا تبركا كان هو والولد في الجنة"

20- حديث
"ما من مسلم دنا من زوجته وهو ينوي إن حبلت منه يسميه محمدا إلا رزقه الله ولدا ذكرا".

21 –حديث
"من عشق فكتم وعف فمات فهو شهيد"

21- حديث:
(إن الناس يوم القيامة يدعون بأمهاتهم لا بآبائهم)
والأحاديث الصحيحة بخلافه قال البخاري في صحيحة باب يدعى الناس يوم القيامة بآبائهم ثم ذكر حديث ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته يقال هذه غدرة فلان بن فلان وفي الباب أحاديث أخرى غير ذلك

22- حديث
"من عشق فكتم وعف فمات فهو شهيد"

23- حديث
" الدين هو العقل ، و من لا دين له لا عقل له "

24 - حديث
" أكرموا البقرة فإنها سيدة البهائم.ما رفعت رأسها إلى السماء حياء منذ عبد العجل" هذا حديث موضوع

25- حديث:
" لا تسبوا الديك فإنه صديقي وأنا صديقه، وعدوه عدوى، والذي بعثني بالحق لو يعلم بنو آدم ما في صوته لا شتروا ريشه ولحمه بالذهب والفضة، وإنه ليطرد مدى صوته من الجن ".هذا حديث موضوع.

26- حديث
" عند رأس المائة سنة يبعث الله ريحا باردة طيبة يقبض فيها روح كل مؤمن ".

27- حديث
" أما أنا في القيامة فعلى البراق، وجهها كوجه الإنسان وخدها كخد الفرس، وعرفها من لؤلؤ ممشوط، وأذناها زبر جدتان خضراوان، وعيناها مثل كوكب الزهرة، تتقدان مثل النجمين المضيئين، لها شعاع مثل شعاع الشمس، بلقاء محجلة يضئ مرة وينمى أخرى، ينحدر من نحرها مثل الجمان، مضطربة الخلق، أدنى ذنبها مثل ذنب البقرة، طويلة اليدين والرجلين، أظلافها كأظلاف الهر من زبر جد أخضر، تجد في سيرها ممرها كالريح و - هل - [ هي ] مثل السحابة، لها نفس كنفس الآدميين، تسمع الكلام وتفهمه، وهى فوق الحمار ودون البغل "هذا حديث لا صحة له،

28- حديث
" إنما سمى الدرهم لأنه دارهم، وإنما سمى الدينار لأنه دار نار ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم

29- حديث
" لولا النساء لعبد الله حقا حقا ". هذا حديث لا أصل له
هذا حديث لا أصل له.

30- حديث
" إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن فيقول: من أبكى هذا اليتيم الذي واريت والدية تحت الثرى ؟ من أسكته فله الجنة ".
قال الخطيب: هذا حديث منكر جدا
وهذه الأحاديث كلها تسبب تعارض العقل مع النقل لان هذه الأحاديث ما أنزل الله بها من سلطان.
2- أما السبب الثاني للتعارض هو عدم فهم العقل للنقل وأمثلة على ذلك

وهو ورد النص الصحيح ولكن بعض الناس عجزوا على أن يفهموا بعقلهم فاتهموا النقل ولم يتهموا عقلهم بأنها قاصرة عن فهم النقل فنسب الخطأ إلي النقل فحرف بعض الآيات أو أولها وأنكر بعض الأحاديث لأنها لا توفق عقلهم وأمثل ذلك

1-الجمع بين نصوص المعية والاستواء وكونه في السماء:
]هُوَ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ يَعْلمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[ (الحديد:4) .

قال أبو الحسن الأشعري
"إن قال قائل:ما تقولون في الاستواء ؟
قيل له نقول:

إن الله U يستوي على عرشه استواء يليق به .. فالسماوات فوقها العرش فلما كان العرش فوق السماوات قال:(أأمنتم من في السماء)
لأنه مستو على العرش الذي فوق السماوات وكل ما علا فهو سماء، والعرش أعلى السماوات وليس إذا قال:
(أأمنتم من في السماء) من يعني جميع السماوات، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات ألا ترى الله تعالى ذكر السماوات فقال تعالى:
(وجعل القمر فيهن نورا)

ولم يرد أن القمر يملأهن جميعا وأنه فيهن جميعا، ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله تعالى مستو على العرش الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض"([3]3)

2- حديث أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُول اللهِ r قَال:"
إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَليَغْمِسْهُ كُلهُ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الآخَرِ دَاءً)[4]

الطبية التي يجب أن يسجلها له تاريخ الطب بأحرف ذهبية ، ذكره لعامل

المرض وعامل الشفاء محمولين على جناحي الذبابة قبل اكتشافهما بأربعة عشر قرنا ، وذكره لتطهير الماء إذا وقع الذباب فيه وتلوث بالجراثيم الموجودة في أحد جناحيه ، فما علينا إلا أن نغمس الذبابة في الماء لإدخال عامل الشفاء الذي يوجد في الجناح الآخر الأمر الذي يؤدي إلى إبادة الجراثيم الموجودة بالماء ، أثبتت التجارب العلمية الحديثة الأسرار الغامضة التي في هذا الحديث ،فهناك خاصية في أحد جناحي الذباب هي أنه يحول البكتريا إلى ناحية منه ، وعلى هذا فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب أو الطعام فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم وأول واحد منها هو مبيد البكتريا ،

يحمله الذباب في جوفه قريبا من أحد جناحيه ، فإذا كان هناك داء فدواؤه قريب منه ، ولذا فإن غمس الذباب كله وطرحه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة به وكاف في إبطال عملها
3- ادعاؤهم التعارض في الهداية :

]إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلمُ بِالمُهْتَدِينَ [ (القصص:56)
]وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِليْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلا الأِيمَانُ وَلكِنْ جَعَلنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لتَهْدِي إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[ (الشورى:52)
كيف ندفع هذا التعارض ؟.

أما الآية الأولى فيخاطب الله U نبيه ويقول له إنك لا تهدي من أحببت أي الهداية الكونية وليست الهداية الشرعية وهذه الآية نزلت في عم النبي r كما قال بعض المفسرون
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ (56) (

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد r:( إِنَّكَ ( يا محمد
) لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ( هدايته
) وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ( أن يهديه من خلقه، بتوفيقه للإيمان به وبرسوله. ولو قيل: معناه: إنك لا تهدي من أحببته لقرابته منك، ولكن الله
يهدي من يشاء، كان مذهبا

) وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ ( يقول جل ثناؤه: والله أعلم من سبق له في علمه أنه يهتدي للرشاد، ذلك الذي يهديه الله فيسدده ويوفقه
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل امتناع أبي طالب عمه من إجابته، إذ دعاه إلى الإيمان بالله، إلى ما دعاه إليه من ذلك[5](5) تفسير الطبري

وقيل أيضا : إنك يا محمد ) إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ (

أي: ليس إليك ذلك، إنما عليك البلاغ، والله يهدي من يشاء، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة،
كما قال تعالى: ) ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء(
وقال: ) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ( [ يوسف : 103 ].
وهذه الآية أخص من هذا كله؛ فإنه قال:

) إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ
وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ (أي: هو أعلم بِمَنْ يستحق الهداية بِمَنْ يستحق الغِوَاية،
وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عَمّ رسول r، وقد كان يَحوطُه وينصره، ويقوم في صفه ويحبه حبًّا[6](6)

أما الهداية الثانية التي ذكرت في الآية التي تليه إنما هي هداية شرعية
وقيل في تفسير الآية
وقوله: ) وَإِنَّكَ ( (أي) يا محمد) لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (
وهو الخلق القويم.
ثم فسره بقوله: ) صِرَاطِ اللَّهِ (
أي: شرعه الذي أمر به الله،
) الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ (
أي: ربهما ومالكهما، والمتصرف فيهما، الحاكم الذي لا معقب لحكمه،
) أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ ( ،
أي: ترجع الأمور، فيفصلها ويحكم فيها(7) [7]
وقيل أيضا: ) وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد r: وإنك يا محمد لتهدي إلى صراط مستقيم عبادنا، بالدعاء إلى الله، والبيان لهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
) وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (
قال تبارك وتعالى
) وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(داع يدعوهم إلى الله U.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة
) وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( قال: لكل قوم هاد الطبري.
) وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (

أي: تبينه لهم وتوضحه، وتنيره وترغبهم فيه، وتنهاهم عن ضده، وترهبهم منه، ثم فسر الصراط المستقيم فقال:

) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ (
أي: الصراط الذي نصبه الله لعباده، وأخبرهم أنه موصل إليه وإلى دار كرامته، ) أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ ( أي: ترجع جميع أمور الخير والشر، فيجازي كُلا بحسب عمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر [8]
4- ادعاؤهم التعارض في ضرب الأمثال لله
)فَلا تَضْرِبُوا لِلهِ الأَمْثَال إِنَّ اللهَ يَعْلمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلمُونَ( (النحل:74)
)فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَل لكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيهِ ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ( (الشورى:11)
)لِلذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلهِ المَثَلُ الأَعْلى وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ(
)وَهُوَ الذِي يَبْدأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَليْهِ وَلهُ المَثَلُ الأَعْلى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ(
كيف ندفع هذا التعارض ؟.
أما المثل الأول : فهو أن لا نضرب لله الأمثال علي سبيل التمثيل والتكييف كما فعلوا أهل البدعة والضلال كذلك حذرنا الله من ذلك فقال
) فَلا تَضْرِبُوا لِلهِ الأَمْثَال إِنَّ اللهَ يَعْلمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلمُونَ( (النحل:74)
سبحانه وتعالى . فنفى عن نفسه المماثلة ، ثم أثبت لنفسه السمع والبصر ،
فدل ذلك على : أن صفاته وأسماءه لا شبيه له فيها ، ولا مثيل له فيها ، بل هو جل وعلا الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، فهو المستحق لأن يعبد ويعظم جل وعلا
أما المخلوقون فصفاتهم ضعيفة وناقصة ، أما هو جل وعلا فهو الكامل في كل شيء ، فعلمه كامل وصفاته كاملة كلها ولا شك أن صفات المخلوقين لا تماثل صفاته أبدا بوجه من الوجوه ، ولهذا قال سبحانه : )فَلا تَضْرِبُوا لِلهِ الأَمْثَال إِنَّ اللهَ يَعْلمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلمُونَ([9](9)
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : ] فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ [؛
فَهُوَ نَهْيٌ لَهُمْ أَنْ يُشَبِّهُوهُ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى الَّذِي لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ مَخْلُوقٌ [10].(10)
قوله تعالى : فَلَا تَضْرِبُوا لله الْأَمْثَالَ
واعلم أن كل ما وصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به وكل ما نزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزه لقوله تعالى. وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى . والله أعلم[11](11)
أما الآية الثانية هي تدل على أن نضرب لله المثل الأعلى من باب أولى
فقال : ]لِلذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلهِ المَثَلُ الأَعْلى وَهُوَ العَزِيزُ الحكيم[
وهذا هو تعارض العقل مع النقل وإبطال التعارض بينهم


خاتمة البحث

لو اتخذ العقل سبب لتعارض مع النقل لا يزيد الإنسان إلا ضلال بل خلق الله العقل ليكون متبع للنقل وليكون
لان العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح بل يشهد له ويؤيده لان المصدر واحد فإن الذي خلق العقل هو الذي انزل إليه النقل فمن المحال أن يرسل إليه ما يفسده
قال ابن قيم
"العقل الصريح موافق للنقل الصحيح والشرعة مطابقة للفطرة يتصادقان ولا يتعارضان خلافا لمن قال: إذا تعارض العقل والوحي قدمنا العقل على الوحي فقبحا لعقل ينقض الوحي حكمه: ويشهد حقا أنه هو كاذب"[12]
فإذا تعارض العقل مع النقل قدمنا النقل وهذا لا يقدح في النقل لان العقل أصل بالعلم بالنقل وليس أصل في ثبوت النقل
لو كذب الناس جمعيا بالنقل لا يضر النقل شيء إنما سيضل الناس جمعيا
فهداية الناس في اتبعهم للنقل وليس في العقل وإنما العقل يكون تبعا للنقل



والحمد لله رب العالمين





- [1] مجموع الفتاوى 7/665
[2] - أصول العقيدة الدكتور الرضواني
[3] - الإبانة عن أصول الديانة
[4]- البخاري 5782 احمد 9157
[5]- تفسير الطبري
[6] - بن كثير
[7] - بن كثير
[8] - تفسير السعدي
[9] - بيان التوحيد
[10] - شرح العقيدة الواسطية
[11] - انظر « الكاشف الجلية عن معاني الوسطية »
[12] - شفاء العليل بن قيم