كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الصلاة
الحلقة (21)
صــــــــــ 157 الى صـــــــــــ166
[باب سجود التلاوة والشكر]
وقد ترجم سجود القرآن في اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - وفي اختلاف الحديث وفي اختلاف مالك والشافعي رحمهما الله تعالى مرتين.أما الأول ففيه أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي - رضي الله عنه - قال: عزائم السجود {الم - تنزيل} [السجدة: 1 - 2] {والنجم} [النجم: 1] ، و {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: 1] ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي - رضي الله عنه - قال كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا: ويروى عن عمر وابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن علي - رضي الله عنه -
يخالفونه أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي
قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا - رضي الله عنه - لما رمى بالمجدح خر ساجدا ونحن نقول: لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها، وعن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - وهم ينكرونها يكرهونها ونحن نقول لا بأس بالسجدة لله تعالى في الشكر
وأما الثاني: وهو الذي في اختلاف الحديث ففيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ بالنجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين قال أراد الشهرة» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن يزيد عن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن «زيد بن ثابت أنه قرأ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنجم فلم يسجد فيها» .
(قال الشافعي) :
وفي هذين الحديثين دليل على أن سجود القرآن ليس بحتم ولكنا نحب أن لا يترك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في النجم وترك.
(قال الشافعي) :
وفي النجم سجدة ولا أحب أن يدع شيئا من سجود القرآن وإن تركه كرهته له، وليس عليه قضاؤه؛ لأنه ليس بفرض فإن قال قائل: ما دل على أنه ليس بفرض؟ قيل: السجود صلاة قال الله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: 103] فكان الموقوت يحتمل مؤقتا بالعدد ومؤقتا بالوقت فأبان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أن الله عز وجل فرض خمس صلوات فقال رجل يا رسول الله هل علي غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع» فلما كان سجود القرآن خارجا من الصلوات المكتوبات كانت سنة اختيار فأحب إلينا أن لا يدعه ومن تركه ترك فضلا لا فرضا وإنما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النجم؛ لأن فيها سجودا في حديث أبي هريرة وفي سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - في النجم دليل على ما وصفت؛ لأن الناس سجدوا معه إلا رجلين، والرجلان لا يدعان الفرض إن شاء الله ولو تركاه أمرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإعادته.
(قال الشافعي) :
وأما حديث «زيد أنه قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد» فهو والله أعلم أن زيدا لم يسجد وهو القارئ فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن عليه فرضا فيأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - به.أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار «أن رجلا قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدة فسجد. فسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت عندك السجدة فلم تسجد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كنت إماما فلو سجدت سجدت معك» .
(قال الشافعي) :
إني لأحسبه زيد بن ثابت؛ لأنه يحكى أنه قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد وإنما روى الحديثين معا عطاء بن يسار.
(قال الشافعي) :
فأحب أن يبدأ الذي يقرأ السجدة فيسجد وأن يسجد من سمعه فإن قال قائل فلعل أحد هذين الحديثين نسخ الآخر قيل فلا يدعي أحد أن السجود في النجم منسوخ إلا جاز لأحد أن يدعي أن ترك السجود منسوخ والسجود ناسخ، ثم يكون، أولى؛ لأن السنة السجود لقول الله عز وجل {فاسجدوا لله واعبدوا} [النجم: 62] ولا يقال لواحد من هذا ناسخ ولا منسوخ، ولكن يقال هذا اختلاف من جهة المباح.وأما الثالث: وهو الذي في اختلاف الحديث مالك والشافعي - رضي الله عنهما - ففيه سألت الشافعي عن السجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] قال فيها سجدة فقلت له وما الحجة أن فيها سجدة فقال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن «أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قرأ لهم {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها» أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ " والنجم إذا هوى " فسجد فيها، ثم قام فقرأ سورة أخرى أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بعض أصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] أخبرنا الربيع سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين، أخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر سجد في الحج سجدتين، ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين فقلت للشافعي فإنا نقول اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء فقال الشافعي: إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا: نعم وكان أقل أقوالهم لك أن يقولوا لا نعلم من أهل العلم له مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه وأما أن تقولوا: اجتمع الناس وأهل العلم معكم يقولون: ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم بهما النظر لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذا كنتم إنما أنتم مقصورون على علم مالك رحمنا الله وإياه وكنتم تروون عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها وأنتم قد تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلا من أصول العلم فتقولون: كان لا يحلف الرجل المدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم بها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه؛ لقول عمر، ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] ومعه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأي أبي هريرة ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العمل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمانه، ثم أبو هريرة في الصحابة، ثم عمر بن عبد العزيز في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال كيف زعمتم أن أبا هريرة سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وأن عمر أمر بالسجود فيها وأن عمر بن الخطاب سجد في النجم، ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وهذا من علماء التابعين فقال: قولكم اجتمع الناس لما حكوا فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم، ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم، ثم لا تروون عن غيره خلافه، ثم رويتم عن عمر وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة، ثم تقولون أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون مأخوذا عليه فيه لما فيه مما لا يخفى عن أحد يعقل إذا سمعه أرأيتم إذا قيل لكم أي الناس اجتمع على أن لا سجود في المفصل وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم مثلهم خلافهم أليس أن تقولوا أجمع الناس أن في المفصل سجودا، أولى بكم من أن تقولوا اجتمع الناس على أن لا سجود في المفصل فإن قلتم لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول اجتمعوا فقد قلتم اجتمعوا ولم ترووا عن أحد من الأئمة قولكم ولا أدري من الناس عندكم أخلقا كانوا فما اسم واحد منهم وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم، ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه أخبرنا كذا كذا ولا تدعوا الإجماع فدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد يتثبت على علم أقبح من هذا.
(قلت)
للشافعي أفرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين؟ فقال الشافعي أرأيتم إن قال من يخالفكم ويذهب إلى قول من يخالفكم قول من أخذت بقوله اجتمع الناس أيكون صادقا؟ فإن كان صادقا وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما اجتمع الناس على قوله فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة.قلت هذا هو الصدق المحض فلا تفارقه ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف وهو لا يوجد بالمدينة إلا ويوجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا فيما اختلف فيه أهل المدينة بينهم.
(وقال لي الشافعي)
واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك لا على ما سواه إذا أردت أن تقول أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فقله وإن كانوا اختلفوا فلا تقله فإن الصدق في غيره.
(وترجم مرة أخرى في سجود القرآن)
وفيها سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال: فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك فقال: أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين، ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين.
(قال الشافعي) :
أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة ابن صفية أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين.
(قال الشافعي) :
أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين فقلت للشافعي فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة فقال الشافعي فقد خالفتم ما رويتم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عامة فكيف تتخذون قول ابن عمر وحده حجة وقول عمر حجة وحده حتى تردوا بكل واحد منهما السنة، وتبتنون عليها عددا من الفقه، ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمونه مستدركا على أحد قولا العورة فيه أبين منها فيما وصفنا من أقاويلكم.
[باب صلاة التطوع] وليس في التراجم وفيه نصوص وكلام منثور فمن ذلك اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح» .
(قال الشافعي) :
وهذا يخالف الحديث الأول يعني الذي رواه قبل هذا عن علي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة» وسنذكر هذا بتمامه في باب الساعات التي تكره فيها الصلاة، ومن ذلك في اختلاف علي وابن مسعود أيضا في سنة الجمعة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال ابن مهدي عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - قال: من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات، ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول يصلي أربعا ومن ذلك في اختلاف مالك والشافعي - رضي الله عنهما - في باب القراءة في العيدين والجمعة ردا على من قال لا نبالي بأي سورة قرأ.
(قال الشافعي) :
أورأيتم إذا استحببنا ركعتي الفجر والوتر وركعتين بعد المغرب لو قال قائل لا أبالي أن لا أفعل من هذا شيئا هل الحجة عليه إلا أن يقول: قولكم: لا أبالي جهالة وترك للسنة ينبغي أن تستحبوا ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكل حال.
[باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة]
ومن ذلك فيما يتعلق بالوتر، وقد ذكره في أبواب منها في اختلاف مالك والشافعي. باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي عن الوتر أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء فقال: نعم، والذي أختار أن صل عشر ركعات ثم أوتر بواحدة فقلت للشافعي فما الحجة في أن الوتر يجوز بواحدة؟ فقال: الحجة فيه السنة والآثار أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» أخبرنا مالك عن أبي شهاب عن عروة عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة» أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص كان يوتر بركعة أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يسلم من الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته.
(قال الشافعي)
وكان عثمان يحيي الليل بركعة وهي وتره، وأوتر معاوية بواحدة فقال ابن عباس أصاب فقلت للشافعي فإنا نقول لا نحب لأحد أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم من الركعتين،
والركعة من الوتر فقال الشافعي:
لست أعرف لما تقولون وجها، والله المستعان إن كنتم ذهبتم إلى أنكم تكرهون أن يصلي ركعة منفردة فأنتم إذا صلى ركعتين قبلها، ثم سلم تأمرونه بإفراد الركعة؛ لأن من سلم من صلاة فقد فصلها عما بعدها ألا ترى أن الرجل يصلي النافلة بركعات يسلم في كل ركعتين فيكون كل ركعتين يسلم بينهما منقطعتين من الركعتين اللتين قبلهما وبعدهما وأن السلام أفضل للفصل ألا ترى أن رجلا لو فاتته صلوات فقضاهن في مقام يفصل بينهن بسلام كانت كل صلاة غير الصلاة التي قبلها وبعدها؛ لخروجه من كل صلاة بالسلام، وإن كان إنما أردتم أنكم كرهتم أن يصلي واحدة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر منها وإنما يستحب أن يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، وإن كان أراد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال صلاة الليل مثنى مثنى فأقل مثنى مثنى أربع فصاعدا وواحدة غير مثنى وقد، أوتر بواحدة في الوتر كما أمر بمثنى وقد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن» ، فقلت للشافعي فما معنى هذا؟ فقال هذه نافلة تسع أن يوتر بواحدة وأكثر ونختار ما وصفت من غير أن نضيف غيره وقولكم: والله يغفر لنا ولكم لا يوافق سنة ولا أثرا ولا قياسا ولا معقولا قولكم خارج من كل شيء من هذا وأقاويل الناس إما أن تقولوا لا يوتر إلا بثلاث كما قال بعض الشرقيين ولا يسلم في واحدة منهن كي لا يكون الوتر واحدة وإما أن لا تكرهوا الوتر بواحدة وكيف تكرهون الوتر بواحدة وأنتم تأمرون بالسلام فيها؟ وإذا أمرتم به فهي واحدة وإن قلتم كرهناه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوتر بواحدة ليس قبلها شيء فلم يوتر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ليس فيهن شيء فقد استحسنتم أن توتروا بثلاث، ومنها في اختلاف مالك والشافعي.