تفسيران الأول: أي لا تأمن أن تصيبك أيضًا هذه المصيبة ، إن كنت في عافية الآن ونظرت إلي غيرك وهو يرزح تحت أعباء المصيبة ، فلا تأمن أيضًا أن ينيخ عليك الدهر بكلكله وأن تصاب أيضًا مثله ، ثم أنك وغيرك وكل ما علي الأرض لله - عز وجل - ملكه ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ (مريم: 40) أنظر إلي غني ربنا - عز وجل - ﴿ نَرِثُ الأرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا ﴾ إنك تري الآن لو رجل عنده بقعة أرض أو قطعة أرض بحجم هذا المسجد يمشي كالطاووس رجل غني معه مائة ألف أو يزيدون ، رجل عنده قطعة أرض ويحسده كثير من الناس علي هذه النعمة , فلو نظرت إلي هذا الرجل وتري العباد يتزلفون , أنه يعطيه بعض المال ، أو أنه يأخذه في ركاب شرف أنظر إلي فعل هؤلاء العباد مع هذا الفقير الذي يلبس ثوب الغني ، وأنظر إلي فعلهم مع الذي له ملك السماوات والأرض ! ملك السماوات والأرض كلها الأراضون السبع ملكه، والسماوات السبع ملكه ، وكل ما علي الأرض وفوقها وتحتها ملكه ، وهو الغني الحميد ، ومع ذلك لا يلجأون إليه ، بل يعاملونه معاملة التجار إذا أصابتهم نعمة كفروا ، وأعرضوا ، ولووا رؤوسهم أعرض ونأي بجانبه إذا أصابته النعمة ، وإذا أصابته المصيبة رجع إلي الله أدراجه معاملة التاجر له ملك السماوات والأرض - تبارك وتعالي - فإليه الملجأ جل وعلا . فأنت تنظر إلي هذه الأرض ومن عليها لله فكأنك عندما تقول: " إنا لله " أي إننا (ملك الله )- عز وجل - السيد المطاع الذي يفعل في ماله ما يشاء ، فلا يجوز أن تعترض هذا وجه .
التفسير الثاني:" إنا لله " أي نطمع فيما عند الله إذا صبرنا علي المعصية ، أو أننا عند الله أفضل مما يوجد الآن بين أيدينا ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ (البلد:4) في معاناة ومشقة ، فإذا رجعت إلي الله - عز وجل - رجوع العبد المطيع فلك عند الله - تبارك وتعالي - أجلّ بكثير جدًا ممن هو بين يديك الآن " إنا لله وإنا إليه راجعون " أي مآلنا ومنقلبنا إلي الله - تبارك وتعالي - ، فما ينبغي لك أن تجزع ، وأن تظن أن هذه المصيبة آخر الأرض . " إنا لله وإنا إليه راجعون "
من الشريط الثالث من حادثة الإفك للشيخ أبي إسحاق الحويني