بسم الله الرحمن الرحيم


يبدو أننا أكثر الأمم طوباوية !
وينتج عن هذا أننا أكثر الأمم محبة للتنظير والتقعير وكرها للعمل والانخراط في العمل الاجتماعي...

ما فائدة علمك أيها "المثقف" ويا أيها "المتفقه" ويا "حارس العقيدة" ويا أيها "المهندس الملتزم" إن لم نر لعلمك أثرا على أرض الواقع ينتشل محيطك من التخلف إلى الرقي؟!

إنني لا أراك انتفعت بعلمك إذا درست العقيدة ولم تتعلم أن بذل الخير ليس منحصرا في 20 ريال تقدمها لمحتاج = بل ينبغي أن يكون الخير أكثر تطورا ونفعا كتعليم أمي ، وإنشاء جمعية ، ومحاسبة مخل بالقوانين ، و...

ولا أراك أيها المثقف قد انتفعت بثقافتك إن ضللت ليلك ونهارك تنظر في أمر التوازنات العالمية والجو حولك "خربان" : لدرجة أن أفراد عائلتك وجيرانك لم يتعلموا منك ولو مبدأ واحدا ( مثل : إلقاء الأزبال في الرطيق مناف للحضارة والشريعة! ما أبسطه ولكن من اهتم به!!)

وأنت أيها المتفقه : تقضي سحابة يومك في تحرير تعريف السياسة الشرعية ، وتقرأ تحفة الترك مرة بعد أخرى ، وتلعن الديموقراطية صباح مساء ، وتزدري أولئك السياسيين "المميعين لشرع الله" ثم لا نرى لك أثرا في واقع مجتمعك "لأنك تهتم بالسياسة في المريخ"! ، ولا يهمك أن تتدهور أوضاع حيك ومدينتك ووطنك!

ثم نراكم جميعا تدعون لنشر الخير : ومن منكم أسس جمعية لمحاربة الأمية = وسافر إلىالقى ليعلم الناس والكتابة ، وتعرف على أطباء فأسس معهم اتحادا آخر لتقديم الاسشارات للناس (لا أقول الخدمات)...

تعرفون جميعا (بالتأكيد) أن تطور الأمة رهين بمستوى تعليم جيد ، ومنظمات مجتمعية فاعلة : فأين أنتم من هذا كله ؟...

إن كنتَ متقنا للإنجليزية = ألا تستطيع أن تعلمها لعشرة تلاميذ لا إمكانية عندهم لتعلمها؟
إن كنتَ متقنا للرياضيات = ألا تستطيع أن ....
إن كنت متقنا للإعلاميات = ألا تستطيع...
إن كنت متقنا للنحو = ألا...

بلى تستطيعون جميعا :

ولكن قاتل الله الأبراج العاجية....

وقاتل الله الإغراق في التنظير...( من حقك أن تنظر ولكن لا تغلق عقولنا بالكلام الله يخليك)

وقاتل الله انتكاس الفطرة ...(مثقف يرى الأميين بينه صباح مساء ولا يهتز قلبه إلا لأهل روسيا ونواحيها!) (وآخر يرى مزبلة تنمو في آخر الحي = وكله عادي )...

وقاتل الله وقاتل الله وقاتل الله.....

وقاتل الله الثقافة المزيفة ، والعلم المحنط ، والمعرفة الجامدة.

إنه ليحزنني جدا أن أرى هنديا مبدعا في الرياضيات قد جمع أبناء قريتك المائة ، وعقد لهم مجالس يومية لتدريس الرياضيات ، ثم يختار المتفوقين منهم لدروس ليلية مكثفة (دون مقابل!)

ويسوؤني أن أرى معلمة فرنسية (معلمة وليست سيدة أعمال) قد اشترت شاحنة وجهزتها بطاولات وأقلام ودفاتر ثم انطلقت إلى المحرومين تعلمهم القراءة والكتابة (بدافع الانسانية فقط)

ولا أرى من المسلم إلا الرقابة على الأفكار والعكوف على النت ، والغرق بين الكتب حتى يدركه الأجل والمجتمع بألف خير (أقصد في أقرف حال).

تحياتي لكم.