- الرد على فكرة "اليهود الجدد":
إن هذا الطرح الجديد عما يسميه المسيري «اليهود الجدد» خاصة في أمريكا والذي يكثر من استخدامه في كثير من استنتاجاته حول مختلف الموضوعات التي يتعاطف فيها مع اليهود، ستسغربون للغاية إذا علمتم أن المسيري يعترف بحقائق علمية في مواضع مخصصة من الموسوعة تطيح بكل هذا الطرح وبكل ما بنى عليه من استنتاجات ملأ بها الموسوعة ليدفع القارئ للتعاطف مع اليهود.
أولا: بالنسبة لليهود الملحدين والمرتدين:
يقول المسيري في: م5/ ج1/ ب1/ مظاهر ونتائج تحــول اليهــودية إلى تركـيب جيولوجــي تراكمــي:
" ومن الملاحَظ أن نصْف يهود العالم لا يلتزمون الحد الأدنى من الإيمان، ومن ذلك الإيمان بالإله. ومع هذا، فإننا نجدهم مستمرين في إطلاق عبارة «يهود إثنيون» على أنفسهم، ورغم ذلك فقد قبلتهم المؤسسات الدينية اليهودية التي عرَّفت اليهودي بأنه من وُلد لأم يهودية".
وفي: م5/ج1/ ب1/ (اليهـــودية: بعض الإشـكاليات) يقول:
" فمن الممكن، حسب الشريعة اليهودية، أن يكون المرء ملحداً ويهودياً معاً في الوقت نفسه نظراً لأن الشريعة ترى أن اليهودي هو من وُلد لأم يهودية، وهذا أمر لا يوجد في المسيحية ولا في الإسلام، حيث تنتفي صفة الانتماء للدين إذا أنكر الإنسان وجود الإله، حتى ولو وُلد لأبوين مسيحيين أو مسلمين".
وفي: م5/ج1/ب1/ العقــائد (بمعنى أصـول الدين وأركانـه):
" وقد ظلت اليهودية، رغم هذا التناقض، نسقاً دينياً يتعايش داخله هذا التناقض وتترسب فيه أفكار دينية أخرى (بالطريقة الجيولوجية التكاملية). وظلت مجموعة من الممارسات الدينية، مثل الأوامر والنواهي، تستند إلى فتاوى الحاخامات أو إلى قرارات السلطة الدينية المركزية دون أن تكون هناك أركان واضحة للإيمان تنبع منها الممارسات. وظلت اليهودية عبر تاريخها مجموعة من الشعائر والممارسات، ودون تحديد للعقائد. وقد عرَّف المشرعُ اليهوديَ بأنه كل من وُلد لأم يهودية، فكأنه لا يحتاج للإيمان بعقيدة. وجاء في كتاب السنهدرين 44أ "حتى حينما يرتكب الإثم فهو يظل يهودياً"".
وأيضاً يتحدث عن فرقة الصدوقيين اليهودية في: م5/ج3/ ب1/ (الصدوقيون):
" وارتباط الصدوقيين بالعناصر الحلولية البدائية في التركيب الجيولوجي التراكمي اليهودي واضح، فهم لا يؤمنون بالعالم الآخر ويرون أنه لا توجد سوى الحياة الدنيا وينكرون مقولات الروح والآخرة والبعث والثواب العقاب. ومن المهم أن نشير إلى أنهم، برغم رؤيتهم المادية الإلحادية، كانوا يُعتبَرون يهوداً، بل كانوا يشكلون أهم شريحة في النخبة الدينية القائدة. وقد اعترف بيهوديتهم الفريسيون، وكذلك الفرق اليهودية الأخرى كافة رغم رفضهم بعض العقائد الأساسية التي تشكل الحد الأدنى بين الديانات التوحيدية.
ولعل هذا يعود إلى طبيعة العقيدة اليهودية التي تشبه التركيب الجيولوجي التراكمي، وإلى أن الشريعة اليهودية تُعرِّف اليهودي بأنه من يؤمن باليهودية، أو من وُلد لأم يهودية حتى ولو لم يؤمن بالعقيدة. وحينما كان فيلسوف العلمانية باروخ إسبينوزا يؤسِّس نسقه الفلسفي المادي، أشار إلى الصدوقيين ليبرهن على أن الإيمان بالعالم الآخر ليس أمراً ضرورياً في العقيدة اليهودية، وأنه لا توجد أية إشارة إليه في العهد القديم".
ويقول في: م5/ج3/ب3/ الارتداد (خصوصاً التنصر):
" 3- عرَّفت الشريعة اليهودية اليهودي بأنه « من وُلد لأم يهودية »، وإن ارتد اليهودي عن دينه فإنه يظل يهودياً".
ثانيا: بالنسبة للطوائف اليهودية الجديدة:
في النصوص التالية من موسوعة المسيري سنرى أنه ليس فقط اليهودية الأرثوذكسية (9%) يهود فعليون كما يقول في النصوص السابقة، بل أيضا اليهودية المحافظة (33%) يهود هم أيضا يهود فعليون، بل هم أقرب إلى الأرثوذكسية وليس إلى الإصلاحية كما يحاول تصنيفهم في النصوص السابقة، وهناك (26%) ليس لهم علاقة بأي فرقة دينية، وهؤلاء غالباً يهود لأنهم حتى لو كانوا ملحدين فهم يهود كما أثبت في البند السابق، أما التجديدون فهم فقط (2%) وهم شبيهون بالمحافظين، ويبقى حوالي (30%) يهودية إصلاحية فقدوا جوهر يهوديتهم حسب ما يورد وأعتقد أنه مخطئ، ولكن حتى لو أخذنا بكلامه سيكون المجموع حوالي (70%) من اليهود في هذا العصر فعلاً يهود.
1- اليهودية الأرثوذكسية:
م5 / ج3/ ب6/ اليهودية الأرثوذكسية: تاريـخ Orthodox Judaism History:
" «اليهودية الأرثوذكسية» ويشار إليها باعتبارها «الأصولية اليهودية» حينما تطبق داخل الدولة الصهيونية، واليهودية الأرثوذكسية فرقة دينية يهودية حديثة ظهرت في أوائل القرن التاسع عشر، وجاءت كرد فعل للتيارت التنويرية والإصلاحية بين اليهود. وتُعتبر الأرثوذكسية الامتداد الحديث لليهودية الحاخامية التلمودية. ...
ويُلاحَظ أن عدد اليهود الأرثوذكس في الولايات المتحدة ضئيل للغاية، إذ لا يزيد على 9% من يهود أمريكا (مقابل 65% إصلاحيون ومحافظون وتجديديون، و26% لا علاقة لهم بأية فرقة يهودية) حسب ما جاء في الكتاب اليهودي الأمريكي السنوي لعام 1992... والأرثوذكس لا يؤمنون بالتبشير بين الأغيار. ولكن عددهم، مع هذا، لا يتناقص (على خلاف الإصلاحيين والمحافظين) بسبب خصوبتهم المرتفعة، وبسبب انخفاض معدلات الزواج المُختلَط بينهم وإقبالهم على الزواج في سن مبكرة".
2- اليهودية الإصلاحية:
م5/ج3/ ب5/ اليهودية الإصلاحية: تـاريخ Reform Judaism: History :
" «اليهودية الإصلاحية» فرقة دينية يهودية حديثة ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر في ألمانيا، وانتشرت منها إلى بقية أنحاء العالم، وخصوصاً الولايات المتحدة...
…ويشكل الإصلاحيون 30% من كل يهود أمريكا المنتمين إلى إحدى الفرق اليهودية (مقابل 33% محافظين و9% و26% لا علاقة بهم أى فرقة دينية أرثوذكس) ومع هذا تذكر أحد المراجع أن عدد اليهود الإصلاحيين مليون و300 ألف".
ويقول في: م5/ج3/ب5/ اليهــودية الإصــلاحية: الفــكر الديني
Reform Judaism: Religious Thought:
"… وبالنسبة لليهودية الإصلاحية، فهي توسع نطاق نقطة الحلول بحيث يصبح المطلق (روح العصر) إطاراً يضم كلاًّ من اليهود والأغيار. وبذلك تكون اليهودية الإصلاحية قد وصلت إلى صيغة معاصرة لليهودية تلائم العصر، وتتخلص من آثار الحلولية الحادة والجامدة التي كانت تدور في فلكها اليهودية الحــاخامية والتي عــزلت اليهـود عن مجتمعاتهم وجعلت معتقــداتهم الدينيـة عبئاً ينوءون بحمله، وجعلت تعايشهم مع المطلــق الجديد (الدولــة العلمانية الحديثة) مسـتحيلاً...
... وقـد عَـدَّل الإصلاحيون بعـض الأفكار الأساسـية في الديانة اليهودية، فمثلاً نادى جايجر بحذف جميع الإشارات إلى خصوصية الشعب اليهودي من كل طقوس الدين وعقيدته وأخلاقه وأدبه، مطالباً بالتخلي عن الفكرة الحلولية الخاصة بالشعب المختار كلية. وقد حاولوا الإبقاء على هذه الفكرة، مع إعطائها دلالة أخلاقية عالمية جديدة، فجعلوا الشعب اليهودي شعباً يحمل رسالته الأخلاقية لينشرها في العالم حتى يستطيع من يشاء أن يؤمن بها. كما يؤكد الإصلاحيون أيضاً أن اليهود شُتتوا في أطراف الأرض ليحققوا رسالتهم بين البشر، وأن النفي وسيلة لتقريبهم من الآخرين وليس لعزلهم عنهم.
وأضفى الإصلاحيون على فكرة العودة والماشيَّح طابعاً إنسانياً إذ رَفَض ممثلوهم، في مؤتمر بتسبرج، فكرة العودة الشخصية للماشيَّح المخلِّص، وأحلوا محلها فكرة العصر المشيحاني، وهي فكرة تربط بين العقيدة المشيحانية وروح العصر. فالعصر المشيحاني هو العصر الذي سيحل فيه السلام والكمال ويأتي الخلاص إلى كل الجنس البشري وينتشر العمران والإصلاح ويتم كل هذا من خلال التقدم العلمي والحضاري. فالفكرة المشيحانية هنا فُصلَت تماماً عن الشعب اليهودي وعن شخص الماشيَّح وارتبطت بكل البشر وبالعلم الحديث".
قلت: رغم أن اليهودية الإصلاحية قد تخلت عن عقيدة الشعب المختار إلا أنه لا يمكن عمليا الوثوق بها بهذه بسهولة، لأن اليهود لديهم فكرة التخفي والتقية التي تبيح لهم الكذب من أجل تحقيق أهدافهم، كما أن الإصلاحيين أيضاً لا يختلفون عن باقي اليهود في دعم إسرائيل وحتى الهجرة إليها، ثم لاحظ كلامه "فجعلوا الشعب اليهودي شعباً يحمل رسالته الأخلاقية لينشرها في العالم حتى يستطيع من يشاء أن يؤمن بها"، إذن هذا التغيير قد يكون حقيقة وقد يكون خديعة، ولاحظ أيضاً قوله "وأحلوا محلها فكرة العصر المشيحاني"، أي عصر مسيح اليهود الدجال، فإذا كانوا قد تخلوا عن شخص المسيح فهم لم يتخلوا عن فكرة عصر المسيح. وعلى كل حال حتى لو تغير هؤلاء تغييراً حقيقاً، فهذا لا يعني الكثير لأن نسبتهم لا تزيد عن (30%).
3- اليهودية المحافظة:
م5/ج3/ب7/ اليهـــودية المحافظــة: تـــاريخ
Conservative Judaism: History:
" «اليهودية المحافظة» فرقة دينية يهودية حديثة نشأت في الولايات المتحدة، أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كمحاولة من جانب اليهودية للاستجابة لوضع اليهود في العصر الحديث في العالم الجديد وهي أهم وأكبر حركة دينية يهودية في العـالم، وأهـم مفكريها سولومون شـختر... وترى اليهودية المحافظة أن هدفها الأساسي هو الحفاظ على استمرارية التراث اليهودي، باعتباره الجوهر، أما ما عدا ذلك من العبادات والعقائد فهو يظهر بشكل عضوي وتلقائي متجدد...
.. .وقد تزايد عدد اليهود المحافظين في أنحاء العالم، وخصوصاً في أمريكا اللاتينية. ولكنها، مع هذا، تظل أساساً حركة أمريكية، ويبلغ عددهم الآن 33% من كل يهود الولايات المتحدة (مقابل 30% إصلاحيون و9% أرثوذكـس و26% لا علاقة لهم بأية فرقة دينية) ومع هذا تذهـب إحدى المراجـع إلى أن العدد هو 2 مليون ويبلغ عدد الأبراشيات المحافظة 800 أبراشية."
ويقول: م5 / ج3/ ب7/ اليهوديـــة المحافظــــة: الفكـــر الدينـــي
Conservative Judaism: Religious Thought:
" ...المحافظون إذن يودون إحداث تغيير دون الإخلال بروح الفولك اليهودي، فهذا هو الجوهر اليهودي أو المطلق موضع الحلول الذي ينبغي الحفاظ عليه. وهذه الرغبة في التغيير مع الميل إلى المحافظة تسمان كل أفكارهم. فهم يؤمنون على اختلاف اتجاهاتهم بأن الشعب اليهودي قد تطوَّر عبر تاريخه، وبأن اليهودية لم تتجمد أبداً، وأنها كانت قادرة على التكيف مع اللحظة التاريخية ومع روح العصر، ولهذا فهي ليست مجموعة ثابتة من العقائد وإنما هي تراث آخذ في التطور التاريخي الدائم...
...وتطبيقاً لهـذا الموقف الوسـط بين اليهودية الإصلاحية والأرثوذكسية، يؤمن المحافظون بأن الأمل في العودة إلى صهيون فكرة أثيرة لدى اليهودي لابد من المحافظة عليها. ومع هذا، لا يتنافى هذا الأمل، بأية حال، مع الولاء للوطن الذي يعيش فيه اليهودي.وهم لا يؤمنون بالعودة الفعلية والشخصية للماشيَّح، ويطرحون بدلاً منها فكر العصر المشيحاني الذي سيتحقق بالتدريج. ويصبح تأسيس الدولة اليهودية، داخل هذا الإطار، خطوةً أولى نحو تحقيق هذا العصر. ...
ورغم تماثُل الجذور الفكرية لليهودية الإصلاحية والمحافظة، فإن تشابه اليهودية المحافظة بنيوياً مع اليهودية الأرثوذكسية واضح وقوي. بل إن الفروق بينهما طفيفة وغير جوهرية، فكلتاهما تدور في إطار الحلولية التقليدية دون أن توسع نطاقها لتضم غير اليهود (كما فعلت اليهودية الإصلاحية). ولذا، نجد أن كلاًّ من اليهودية المحافظة واليهودية الأرثوذكسية تؤمنان بالثالوث الحلولي: الإله (أو التوراة)، والشعب، والأرض."
قلت: يظهر لنا أن فكرة المسيري "اليهود الجدد" تناقض الحقائق التي يذكرها هنا عن اليهودية المحافظة، ويبدو أنه لم يتوقع أن قارئاً سيقرأ مثل هكذا نصوص المتباعدة، أو أن أحداً سيحاول الربط بينها ليكتشف تناقضها مع رؤيته. وهكذا يتبين لنا أن المسيري فعلاً يتعمد التعاطف مع اليهود، وذلك باستنتاجه آراءً تناقض الحقائق الواقعية حتى تلك التي يذكرها!!، فتنبه أخي القارئ واحذر من القول بعدم خطورة اليهود، فهم أخطر الخطر، وأخطر منهم من يتستر على خطرهم.
4- قيادات الحركة الصهيونية وهرتزل والجيل اليهودي الجديد في إسرائيل هم أيضاً يهود غير يهود!!:
حيث يقول في: م6/ ج2/ ب5/ الصهيوني اليهودي غير اليهودي
Non-Jewish Jewish Zionist:
" «الصهيوني اليهودي غير اليهودي» مصطلح قمنا بصياغته لوصف بعض زعماء الحركة الصهيونية في مرحلة تأسيسها، كما يمكن استخدامه لوصف كثير من جماهير الصهيونية في الوقت الحالي. و«اليهودي غير اليهودي» هو يهودي فقد الإيمان الديني، ومن ثم فإنه لا يمارس شعائر دينه، كما أنه اندمج تماماً في مجتمعه بحيث لم يَعُد يتسم بأية سمات إثنية يمكن أن يُطلَق عليها «يهودية» إذ لم يبق من هذه الهوية إلا قشرة رقيقة لا أهمية لها، ولكنه رغم ذلك يُصنَّف باعتباره يهودياً إما لأن الآخرين يقومون بتصنيفه كذلك رغماً عنه أو لأنه يدَّعي ذلك.
ونحن نذهب إلى أن مؤسسي الحركة الصهيونية من ذوي الخلفية الألمانية (هرتزل ونوردو ونوسيج) هم يهود غير يهود فقدوا كل ما يربطهم باليهودية، ولكنهم وجدوا أنفسهم، بسبب هجرة يهود اليديشية، قد أُعيد تصنيفهم كيهود …
... وبعد تأسيس الدولة، وبعد استيلاء الصهيونية على مقاليد الأمور بالنسبة للجماعات اليهودية والغرب، حَدَث تطوُّر من نوع آخر إذ ظهر في الغرب اليهودي غير اليهودي مدَّعي اليهودية. وقد انضمت أعداد كبيرة من هؤلاء للحركة الصهيونية للحفاظ على بقايا هويتهم. وقد قبلتهم الحركة الصهيونية حتى يمكنها الاستمرار في ابتزازهم مالياً وتوظيفهم في دعم المُستوطَن الصهيوني وفي الضغط السياسي من أجله... ولذا، يمكن القول بأن صهيونية اليهود غير اليهود (رغم اختلاف جذور اليهودية المزعومة من القسر الخارجي إلى الادعاء الذاتي) لم تتغيَّر، وهي امتداد غربي داخل اليهود واليهودية وليست امتداداً يهودياً داخل الحضارة الغربية".
قلت: إذا كان هؤلاء يهوداً ويدعون أنهم يهود وتقبلهم الشريعة اليهودية والحركة الصهيونية، وإذا كان دعمهم لإسرائيل بالمال والضغط ضروري لوجود إسرائيل، فكيف يعتبرهم امتداداً غربياً داخل اليهودية وهم يهود وليسوا مسيحيين؟؟، أليس هذا من أعجب الأعاجيب في المبالغة بالتعاطف مع اليهود وقلب الحقيقة لصالحهم؟
ويقول أيضاً في :م6/ ج2/ ب8/ هرتزل: حياته (1860-1904)
Theodor Herzl: Biography:
" هو مؤسِّس الحـركة الصهـيونية... ... فهو يهودي غربي مندمج لم يبق من يهوديته سوى قشرة، أي أنه يهودي غير يهودي. ومع هذا، فهو يصنف على أنه يهــودي... ...وفي عام 1889، تزوج هرتزل من جولي نتشاور وكانت من أسرة ثرية كان يأمل هرتزل أن يحل من خلالها بعض مشاكله المالية. ولكن الزواج لم يكن موفقاً بسبب ارتباط هرتزل الشديد بأمه التي غذت أحلامه، فقد قامت نشأته على تصوُّر من ينتدب نفسه لتحقيق عظائم الأمور ويحلم بأنه صاحب رسالة في الحياة. ويبدو أن مما عقَّد الأمور، عدم حماس الزوجة للتطلعات الصهيونية لدى زوجها...
... أما تَصوُّره للإله، فلم يكن يستند إلى العقيدة اليهودية بقدر استناده إلى فلسفة إسبينوزا بنزعته الحلولية التي توحِّد الإله والطبيعة، فهي حلولية وحدة الوجود أو حلولية بدون إله (وقد طُرد إسبينوزا نفسه من حظيرة اليهودية ولم يَتبنَّ ديناً آخر، ولهذا فإنه يُعَدُّ أول يهودي إثني في العصر الحديث). وقد تأثر هرتزل بتعاليم شبتاي تسفي الماشيَّح الدجال وظل مشغولاً به وبأحداث حياته. ...
ولكن، ورغم ابتعاده عن الثقافة اليهودية، نجده متأثراً بعقيدة الماشيَّح المخلّص، ونجد أن ذكرها يتواتر في مراسلاته ومذكراته بأسلوب ينم عن الإيمان بها وإن كان الأمر لا يخلو من السخرية منها في آن واحد. وكان اهتمامه ينصب على الماشيَّح الدجال شبتاي تسفي. وقد اسـتخدم هرتزل كلمـة «الخروج» التوراتية ليشـير إلى مشروعه الاستيطاني، الأمر الذي يدل على أن الأسطورة التوراتية كانت تشكل جزءاً من إطاره الإدراكي".
قلت: في هذا النص نجد أن المسيري يرى أن قادة الحركة الصهيونية وخاصة هرتزل لم ينطلقوا من العقيدة اليهودية، ولكن يبدو أن استنتاجه يناقض الحقائق التي تلى ذكرها، مثل تربية والدته على حلم تحقيق عظائم الأمور، وتأثره بعقيدة المسيح اليهودي المخلص (الماشيّح) وغير ذلك. ولا شك أن هرتزل قام بحركته لإنشاء الدولة اليهودية انطلاقا من التوراة التي تريد أرض فلسطين نقطة انطلاق لبقية أرض ما بين الفرات والنيل. واقرأ أيضا النصوص التالية لترى المزيد من الحقائق التي ترد عليه:
م5/ج3 / ب6/ اليهودية الأرثوذكسية والصهيونية
Orthodox Judaism and Zionism:
" وتستمدُّ اليهودية الأرثوذكسية قوتها من قوة اليهودية الأرثوذكسية في إسرائيل ومؤسساتها، فهم الفريق الوحيد المُعترَف به في الدولة الصهيونية. ومعظم اليهود الأرثوذكس أعضاء في جمعية أجودات إسرائيل، أو في حركة مزراحي. والأولى لا تؤيد الصهيونية وغير مُمثَّلة في المنظمة الصهيونية العالمية، ومع هذا فلها أحزابها في إسرائيل، وممثلوها في الكنيست. أما حركة المزراحي، فقد ساهمت منذ البداية في النشاط الصهيوني. وقد كُشف النقاب مؤخراً عن أن هرتزل (اللاديني) كان وراء تأسيس حركة المزراحي، وأنه دفع نفقات مؤتمر المزراحي الأول من جيبه".
قلت: لاحظ، هرتزل (اللاديني بحسب تصوره) أسس حركة المزراحي الدينية الأرثوذكسية المتطرفة!!.
ويقول أيضاً في: م7/ ج1/ ب2/ الدولة الصهيونية الوظيفية: التعاقدية والنفع والحياد:
" وحينما نشر هرتزل كتابه دولة اليهود، اتهمه بعض اليهود بأنه تقاضى مبلغاً ضخماً من شركة أراض بريطانية كانت تود القيام بأعمال تجارية في فلسطين فتم تفسير الحلم القومي على أنه مشـروع تجـاري. وعلـَّق هو على هذا الاتهـام بقوله: "إن اليهـود لا يصـدقون أن أي شـخص يمكن أن يتصرف مدفوعـاً باقتنـاع أخلاقي".
قلت: إذن حتى هرتزل يعترف أنه يعمل لإقامة دولة لليهود بدافع أخلاقي، أو بالأحرى عقيدي يهودي، والمسيري يرى رغم ذلك أنه مدفوع بدافع المصالح الغربية!!.
أما عن (الصابرا) أول جيل يهودي تربى في إسرائيل فيقول في:
م7/ج5/ب1/ أزمــة الهويــة اليهوديـة:
"(د) ومما يزيد مسألة الهوية تعقيداً، ظهور هوية إسرائيلية جديدة بين جيل الصابرا من الإشكناز تتسم بسمات عديدة من بينها احتقار عميق ليهود العالم (وعقلية المنفى) وعدم الاكتراث بالقيم التي يُقال لها «يهودية» في القول الصهيوني. ومن هنا، كان وصف عالم الاجتماع الفرنسي جورج فريدمان للصابرا بأنهم "أغيار يتحدثون العبرية"، ويجد البعض صعوبة بالغة في تصنيف هوية هؤلاء على أنها "يهودية". هذا وتشهد الدولة الصهيونية تصاعداً حاداً في مستويات التهويد والعلمنة الأمر الذي يعمق من حدة التناقضات".
م7/ج5/ ب3/ما بعد الصهيونية: تعريـــف:
"... وعلى مستوى التطور التاريخي لوحظ أن جيل الصابرا كان قد بدأ يبتعد عما يُسمَّى «التراث اليهودي» مما دعا جورج فريدمان إلى الإشارة لهم بأنهم «أغيار يتحدثون العبرية»".
قلت: إذا كان أول جيل ولد وتربى في إسرائيل ليس يهودياً!! إذن فماذا يكونون، هل أصبحوا عرباً؟ ولماذا لا زالوا يقتلوننا بنفس وحشية آبائهم؟؟!!، أليس كلام المسيري هذا من أعجب مشاهد التعاطف مع اليهود و حتى الإسرائيليين.
الباب الثامن: إدعاء أنه لا توجد علاقة مباشرة بين دين اليهود وسلوكهم:
حيث يقول في:م1/ ج1/ ب1/ ثلاثة نماذج أساسية: الحلولية - العلمانية الشاملة - الجماعة الوظيفية:
" وأوضحنا كذلك أن من المستحيل أن نفهم سلوك اليهود، وآلامهم وأشواقهم وخيرهم وشرهم، من الداخل، أي بالعودة إلى كتبهم المقدَّسة (التوراة والتلمود) أو شبه المقدَّسة (القبَّالاه) أو غير المقدَّسة (البروتوكولات كما يزعم المعادون لليهودية) أو بالعودة إلى تصريحات الصهاينة وغيرهم".
قلت: لماذا مستحيل؟؟، هل لأن هذا سيقودنا لمعرفة ان حقيقتهم هي الخبث والمكر والتآمر؟؟، تماما كما تقودنا إلى ذلك أيضا المرجعية الإسلامية في القرآن الكريم في وصفه لليهود.
م4/ج1/ب1/الرؤية الصهيونية للتاريخ:
" والحديث عن التاريخ اليهودي، مثل الحديث عن «الأدب اليهودي» و«الشخصية اليهودية» وغير ذلك، يفترض أن العنصر الأساسي الذي يحرك اليهودي ويشكل شخصيته هو أساساً إيمانه بالدين اليهودي أو انتماؤه إلى التراث اليهودي. وفي هذا تقليل من شـأن اليهود، وتضـييق لإنسـانيتهم ومسـاهمتهم في الحضـارة البشرية".
قلت: الأصل فيمن يريد الحكم على الفرق أو الأفراد بداية أن يأخذ بعين الاعتبار دراسة عقيدة الفرقة الفلانية أو الفرد الفلاني. وطالما أن سلوك اليهود يتفق مع عقائدهم التي في كتبهم، فلماذا يريد أن يفسر المسيري سلوكهم بأسباب أخرى؟، في حين لو كان سلوكهم يختلف عن عقيدتهم فهنا يجب البحث عن أسباب أخرى شخصية لتفسير ذلك، أليس هذا قمة التعاطف مع اليهود!!؟
ويقول أيضاً: م6/ ج2/ب6/ التلمــود وأعضــاء الجماعــات اليهوديـــة:
" يفترض المعادون لليهود الذين يهاجمون أعضاء الجماعات اليهودية بسبب ما جاء في التلمود، أن كل يهودي قد درس التلمود بعناية فائقة، وأنه يُخْضع كل حركاته وسكناته لما ورد فيه من تعاليم سلبية. لكن هذا تصوُّر ساذج وتبسيط آلي، فما يحدد سلوك فرد ما، يهودي أو غير يهودي، ليس كتبه الدينية ومُثُله العليا وحسب وإنما مركب هائل من الأسباب التاريخية (الاقتصادية والاجتماعية) التي تختلف باختلاف الزمان والمكان".
قلت: أثبت الواقع إن العقائد والأيديولوجيا هي المحدد الرئيس للسلوك، أما تأثير العوامل الأخرى فهو ثانوي، لا كما يقول المسيري، إضافة إلى أنه ليس من الضروري أن يدرس كل يهودي التلمود الضخم بعناية، بل يكفي إطلاعهم على المبادئ الأساسية التي يمكن تلخيصها بوريقات قليلة عن العقيدة اليهودية.
ويقول أيضاً: م2 / ج1/ ب4/ العزلة اليهودية:
" «الانعزالية اليهودية» عبارة تفترض أن اليهود يعيشون في حالة عزلة عن الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها... ولا يمكن، بطبيعة الحال، إنكار أهمية بعض جـوانب النسـق الديني اليهودي مثل عقيدة الشــعب المختـار، وكذلك كثرة الشـعائر الدينية، في تشجيع اليهود على العزلة. وقد وصل هذا الاتجاه في النسق الديني اليهودي إلى ذروته في القبَّالاه اللوريانية الدينية، حيث تُطرح فكرة أن اليهود خُلقوا من طينة مغايرة للطينة التي خُلق منها البشر. ولكن علاقة الأفكار الدينية، وأية أفكار، بسلوك الإنسان ليست علاقة سببية بسيطة. فالأفكار لا تحدد سلوك الإنسان أبداً ولكنها تخلق لديه استعداداً كامناً أو قابلية ليسلك سلوكاً معيَّناً ويبتعد عن أنماط معينة من السلوك. كما أن من الصعب بمكان تحديد ما إذا كانت فكرة مثل فكرة الشعب المختار هي التي أدَّت إلى عزلة اليهود أو أن الفكـرة هي نتيجة هذه العزلة، أو أن العلاقة هي علاقة تأثير وتأثر، وما مدى التأثير وما عمق التأثر".
قلت: إذا كان سلوك اليهود الإنعزالي أمر نتفق عليه مع المسيري، وإذا كان وجود العقائد والشعائر الدينية الداعية إلى ذلك أيضاً أمر نتفق عليه معه أيضاً، فلماذا يرفض أن تكون العقائد هي سبب العزلة، لماذا يصر على أسباب أخرى؟!
- من أكبر الأدلة على بطلان كلامه هو اهتمام إسرائيل بالتلمود وطباعته ونشره وتعليمه:
م5/ ج2/ ب6/ التلمود: تاريخ:
" وقد صدرت في إسرائيل موسوعة تلمودية ضخمة تُسهِّل عملية الوصول إلى الأحكام الفقهية. ورغم ذلك، ففي إحصاء أُجري عام 1987، قرر 84% من الإسرائيليين أنهم لم يقرأوا التلمود قط ولم يطلعوا على أي جزء منه.
وأثر التلمود والشرع التلمودي واضح في قوانين الأحوال الشخصية في إسرائيل، فالتشريعات التي تضبط قضايا الزواج والطلاق فيها لا تختلف عن الأحكام التلمودية الواردة في أسفار سدر ناشيم. وفي شئون الطلاق، لا يزال سفر جيطين المصدر الأساسي للأحكام المتعلقة بوثيقة الطلاق (جيط) التي يكتبها الزوج. وفي مسائل الزواج وتسجيل المواليد، لا تزال أحكام الشريعة التي حددها التلمود هي الشريعة السائدة، فاليهودي هو المولود لأم يهودية، أو من اعتنق اليهودية على يد حاخام أرثوذكسي. وعملية التهود ليست هينة، إذ يصر الحاخام على التقيد بالشعائر التلمودية، ومن بينها الحمام الطقوسي الذي يجب أن تخضع له الأنثى التي تريد التهود، فتدخل الحمام عارية تماماً، بحضور ثلاثة من الحاخامات وتحت أنظارهم.
وكذلك تُطبَّق في إسرائيل الشرائع التلمودية الخاصة بقوانين الطعام والقـوانين الزراعية التي وردت في سـفر براخوت من سـدر زراعيم. ويُدرَّس التلمود في إسرائيل، وتقتصر الدراسة في المدارس والمعاهد الدينية على دراسته، كما أن جامعة بار إيلان تشترط على طلابها تحصيل معرفة تمهيدية بالتلمود".